صفحة 1 من 1

مشكلة لواء الإسكندرونه

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 16, 2008 9:18 pm
بواسطة ساره فريد السيد

لواء الإسكندرونة أو ما يعرف بهاتاي التركية يبلغ من المساحة 4805 ميل2 و هو يقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وفي الجزء الغربي مما يعرف بالسرج السوري و هو ضمن الحدود الجغرافية لسوريا المحددة بجبال طوروس شمالاً و صحراء سيناء جنوباً و البحر الأبيض غرباً و الصحراء السورية شرقاً و في هذا اللواء يوجد ما يعرف بميناء الإسكندرون و يعتبر أحسن مرفأ طبيعي و على الساحل الشرقي للبحر المتوسط و مدينة أنطاكية القديمة و نهر العاصي و الجزء الجنوبي من سلسلة جبال الأمانوس .

كان احتلال العثمانيين للواء الإسكندرونة عام 1916 جزء من احتلالهم و سيطرتهم على سوريا [ باستثناء فترة حكم إبراهيم باشا لسوريا في الفترة من 1832 إلى 1840 ] إلى أن انهارت الدولة العثمانية عام 1918 فكان يعتبر اللواء جزء من ولاية حلب من الناحية الإدارية فكان سنجق حلب يضم : أقضية حلب و عينتاب و كلس و الإسكندرون و أدلب و حارم و جسر الشغور و المعرة و الباب-جبول و بيلان و جبل سمعان و الرقة . بانهيار الدولة العثمانية 1918 أصبح الجيش البريطاني هو المسيطر فعلياً على سوريا و بالرغم من الوعود البريطانية للعرب للحصول على الاستقلال ، التي كان على إثرها كان قد وصل الأمير فيصل إلي دمشق في 3 تشرين الأول / أكتوبر 1918 منتصراً ورفع العلم العربي ثم دخول قوات المشاة العربية و قوة الفرسان البريطانية في السادس و العشرين من الشهر نفسه حلب و احتلال أنطاكية و إعلان إبراهيم هنانو تأسيس حكومة الشريف ، إلا أنه بوصول القوات الفرنسية إلى الإسكندرون – التي وجدت الإسكندرون تحت سيطرة موظفي الشريف – و بموافقة الجنرال البريطاني اللينبي على تقدم القوات الفرنسية لاحتلال أنطاكية اصدر الجنرال أوامره لموظفي الشريف بالانسحاب الفوري من الإسكندرون و أنطاكيا و بمثولهم لهذا الأمر ومغادرتهم الإسكندرون و أنطاكيا في شباط /فبراير 1919 تكون قد انتهت السيطرة العربية عليهما إضافة إلى تسليم الجنرال اللينبي إدارة سوريا رسمياً للمندوب السامي الفرنسي الجنرال غورو .

عقد الحلفاء مع الدولة العثمانية في آب / أغسطس 1920 معاهدة صلح ( معاهدة سيفر ) و التي تنازلت بمقتضاها الدولة العثمانية عن الإسكندرون و اقتطعت من الأراضي السورية ( في المقابل ) كل من كيليكيا و أحواض نهر سيحون و جيجون و منحدرات المياه على طوروس ؛ و تأتي معاهدة أنقرة في 20 تشرين الأول / أكتوبر 1920 باعتراف فرنسي بحق تركيا في السيطرة على اللواء و ذلك في مقابل امتيازات في مناجم الحديد و الكروم و الفضة و المرافئ و الخطوط الحديدية ... الخ و تأتي معاهدة لوزان في 24 تموز / يوليو 1923 لتقر معاهدة أنقرة . قام الجنرال ويغان بحل الإتحاد السوري في 5 كانون الأول / ديسمبر 1924 و ضم دولة حلب إلى الشام لتكون دولة سورية واحدة و انفصال اللواء عن حلب و في المقابل قامت تركيا أو الحكومة التركية بمحو هوية اللواء العربية و تغير الخريطة الديمغرافية للواء خلال الفترة 1933-1939 تحت مرئي و مسمع سلطات الانتداب الفرنسي و كان لما سبق – أي ما قامت به الحكومة التركية – الأثر الأكبر على النزعة الانفصالية لأتراك اللواء حيث قويت شوكتهم الانفصالية و ليس ما قام به الجنرال ويغان .

بعد أن تم تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية بعد أن انهارت على غرار الحرب العالمية الأولي و إنشاء كمال أتاتورك للدولة التركية و حل الإتحاد السوري على يد الجنرال ويغان ( كما سبقت الإشارة ) الذي أقيمت على غراره الدولة السورية الجديدة دخلت الدولة حديثة المولد في علاقات مع تركيا اتسمت في معظمها بالتوتر و كان النزاع في حول تبعية لواء الإسكندرونة إحدى المشكلات التي شكلت تلك العلاقات و مر هذا النزاع بمراحل عده بين الدولتين الجارتين ، و بدأت أولى مراحل هذا النزاع عام 1936 الذي عرف " بعام اللواء " حيث طالبت فيه تركيا - و ذلك على غرار المعاهدة الفرنسية السورية التي عقدت في التاسع من حزيران / يونيو من العام نفسه - فرنسا بضرورة إعادة النظر في وضع اللواء و ضرورة منح سكانه الأتراك الاستقلال حيث يرى الجانب التركي أن منح سوريا الاستقلال يلزم فرنسا بذلك ؛ و في عام 1938 شكلت عصبة الأمم لجنة تابعة لها لدراسة الوضع القانوني للواء ذلك على إثر التهديد التركي بالانسحاب من العصبة إذا لم تحسم هذه المشكلة لمصلحتها و قدمت اللجنة تقريراً دُعيَ اتفاق جينيف ، في حين أن الجانب السوري [ الكتلة الوطنية السورية بقيادة سعد الله الجابر و جميل مردم بك ] لم يستطع التصدي للدعاية التركية لكن الذين استطاعوا التصدي لها هم عرب اللواء و ذلك من خلال تأسيس عصبة العمل القومي التي أصدرت جريدة العروبة ( أسسها زكي الأرسوزي ) و إنشاء نادي العروبة في أنطاكية ثم الإسكندرونة و في الخامس و العشرين من كانون الثاني / يناير من العام نفسه ( 1938 ) قدمت السورية عرضاً للحكومة التركية – خلال اجتماع عقد بين تركيا و فرنسا في جينيف – ذلك العرض الذي من شأنه حسم المشكلة بين البلدين ، من وجهة النظر السورية ، و ذلك من خلال تقسيم اللواء بين الجارتين بحيث تصبح مدينة الإسكندرون تابعة للأراضي التركية و مدينة أنطاكية تابعة للأراضي السورية و لكن رفض أتاتورك هذا العرض و أصر على ضم أنطاكية هي الأخرى للأراضي التركية .

توفي كمال أتاتورك في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 1983 و تولى عصمت إينونو الحكم في تركيا الذي أعتبر لواء الإسكندرون منفذاً حيوياً لتركيا على البحر المتوسط و بالتالي أصر هو الآخر على ضمه للأراضي التركية و في 23 تموز/ يوليو 1939 وقعت تركيا اتفاقية مع فرنسا لضم اللواء للأراضي التركية و جاء هذا الاتفاق كمحاولة لإنشاء حلف فرنسي بريطاني تركي – و ذلك قبيل الحرب العالمية الثانية – و عقد معاهدة تعاون مشترك بينهم و ذلك لضمان الحياد التركي و بالفعل ضم اللواء بعد شهر من عقد الاتفاق . أثناء الحرب العالمية الثانية ( التي اندلعت بعد شهر من ضم تركيا للواء ) وقعت كلا الحكومتين الفرنسية و التركية معاهدة صداقة و حسن جوار في 30 آذار/ مارس 1940 في أنقرة التي أقر فيها المسح والتحديد النهائي للحدود ، أثارت تلك المعاهدة مخاوف سوريا حيث بمقتضاها سيصبح لتركيا سيادة على المنطقة ( من وجهة النظر السورية ) بجانب فرنسا و بريطانيا تلك السيادة ستعطي الدولة التركية الحرية في توسيع حدودها كلما اقتضت الضرورة لذلك بما يتماشى مع مصالحها و ذلك على حساب سوريا .

و بعد حصول سوريا على استقلالها ( بعدما أعلن الجنرال كاترو في 28 شباط/ فبراير 1941 استقلال سوريا ) و على إثر انعقاد أول مؤتمر للأمم المتحدة بسان فرانسيسكو عام 1945 نشرت الصحف السورية برقية برقيه جاء فيها " لقد حان الوقت لمقاطعة الإسكندرون العربية التي انتزعت من سوريا أن تعاد إلى الوطن الأم ". و بعد المؤتمر أجريت مفاوضات بين تركيا و سوريا دارت حول الاعتراف التركي بالدولة السورية و لكنها باءت بالفشل حيث ربطت تركيا اعترافها بضمها للواء و لكن رفضت سوريا ذلك ، في عام 1949 بدأت مرحلة جديدة من العلاقات بين الجارتين اتسمت بطابع الصداقة أكثر منها توتر و ذلك بعد أول انقلاب عسكري في سوريا قاده الزعيم حسني الزعيم القائد العام للجيش السوري على حكم القوتلي في الحادي و الثلاثين من العام نفسه [ 1949 ] حيث صرح الزعيم عن رغبته في إقامة علاقات طيبة و صداقات مع تركيا من خلال إرسال صغار

الضباط بالجيش السوري إلى مدارس عسكرية بتركيا من أجل التدريب فيها و إدخال بعض الإصلاحات السياسية و الاجتماعية في سوريا إقتداءً بما قام به أتاتورك في تركيا و أعلن الزعيم عن انتهاء الخلاف السوري التركي القائم حول اللواء و كان لهذا الإعلان مردود إيجابي على الحكومة التركية ففي 17نيسان/ أبريل من العام نفسه أعلنت أنقره اعترافها بحكومة الزعيم إضافة لما أعلنه الوزير السوري في مؤتمر عقد بأنقرة في تموز/ يوليو من نفس العام بأن سوريا قد تنازلت فعلياً عن المطالبة بضم اللواء و أن حكومة الزعيم قد حلت الأحزاب السورية المطالبة بتحرير سوريا للواء ، ولكن بالإطاحة بحكومة الزعيم عادت العلاقات لتوترها مرة أخرى بين الجارتين .

بلغ التوتر بين البلدين مداه بدخول سوريا في مفاوضات مع البنك الدولي للإنشاء و التعمير لمنحها قرضاً من أجل تمويل مشروع الغاب الذي يهدف إلى توسيع مجرى نهر العاصي ذلك الذي بدأت العمل فيه في كانون الثاني/ يناير 1951 ذلك المشروع الذي واجه معارضة الجانب التركي الذي أدعي أن توسيع مجرى نهر العاصي ، الذي يمر بهاتاي التركية ، سوف يؤدي بدوره إلى نقصان المياه بهاتاي و لكن أكدت الصحف السورية أن هذه الإدعاءات منافية تماماً للحقائق التي حصل عليها على سوريا لكي تتنازل عن اللواء ، و زاد تولي العقيد أديب الشيشكلي الحكم في سوريا من توتر العلاقات بين البلدين حيث أبدى العقيد عداءه لتركيا حتى وصل التوتر إلى حد تبادل التهم بين حكومتي البلدين ، و جاءت الأزمة القبرصية لتلقي بظلالها على العلاقات بين الجارتين فقد زادت من توترها بعدما صوتت الدول العربية من بينها سوريا في الأمم المتحدة عام 1964 عندما أثيرت هذه الأزمة لصالح الحكومة القبرصية .
في عام 1967 بلغ التوتر بين الجارتين أدني مستوىً له و ذلك على إثر مبادرة تركيا بإدانة الاحتلال الإسرائيلي لكل من هضبة الجولان السورية و سيناء المصرية والضفة الغربية و مطالبتها في الأمم المتحدة بضرورة انسحاب إسرائيل من تلك الأراضي ، كان لإعداد رئاسة الأركان التركية تقريراً عام 1981 دور في عودة العلاقات مرة أخرى للتوتر فهذا التقرير نص على أن الخطر الذي يداهم الدولة التركية آتٍ من الجنوب و أن سوريا هي أكبر عدو لها و أزمة اللواء هي بؤرة الصراع بينهما فضلاً عن الدور السوري في إشعال الصراع بين الجماعات الإثنية الموجودة جنوب شرق الأناضول و اللواء و بين الحكومة التركية و بناءً عليه قامت رئاسة الأركان بإعداد تقارير عده في هذا الشأن و اتخذت إجراءات عملية تحت مسمى وثيقة التهديد الداخلي .

كان للإقتصاد التركي في الدول العربية عام 1981 دور كبير في تهدئة العلاقات بين الدول العربية* و لاسيما سوريا حيث بلغت حجوم المقاولات التركية مع البلدان العربية و منها سوريا 7مليار دولار بينما كانت عام 1980 4 مليار دولار و بلغ عدد العاملين الأتراك في هذه المقاولات حوالي 210 ألف كما أدى تطوير العلاقات و العمل في هذه المقاولات مع البلدان العربية إلى توسيع نطاق الصادرات التركية للدول العربية وهو ما يفوق صادراتها لدول السوق الأوروبية المشتركة مجتمعه و خلال سبعة أشهر من العام 1981 ارتفعت الصادرات بنسبة 35% حيث وصلت إلى 4 مليار دولار بينما كان المخطط له خلال عام 1981 بالكامل هو 3.5 مليار دولار .

و نشير في هذا الصدد إلى أن العلاقات التركية العربية بدأت في توترها على إثر الاعتراف التركي بدولة إسرائيل كأمر واقعي عام 1949 و شرعي عام 1950 و إقامة علاقات دبلوماسية و سياسية و اقتصادية بينهما و كان تفسير العرب لهذا الاعتراف بأنها خيانة لهم و قد فسر البعض هذا الاعتراف على أنه رد من الجانب التركي على الخيانة العربية لها خلال الحرب العالمية الأولى و هناك تفسير آخر يرى أنها صورة من صور العداء التركي للعرب .

عادت العلاقات مرة أخرى للتوتر بين الجارتين عام 1983 و ذلك على إثر قيام تركيا بحشد جيوشها على حدودها مع سوريا مبررة ذلك العمل بأن الصواريخ الموجودة بالأراضي السورية ( صواريخ سام – 5 ) تهدد الأمن التركي و قامت في هذا الصدد بعقد اتفاق مع الولايات المتحدة لنصب صواريخ بيرسينغ الأمريكية على حدودها مع سوريا في مواجهة الصواريخ السوفيتية الموجودة بالأراضي السورية ، في عام 1994 نظم معهد السلام بواشنطن مؤتمر حضرته سوريا ، تركيا و الولايات المتحدة و خلال المؤتمر أعلن الوفد السوري برغبة سوريا في المطالبة بلواء الإسكندرونة عن طريق الأمم المتحدة و كان لهذا الإعلان مردود كبير تركيا التي أعلنت هي الأخرى في المؤتمر نفسه أن سوريا تحتل مناطق حدودية مع تركيا تبلغ 50 كم2 .

وفي عام 1998 أعلن مجلس الأمن التركي انه لن يستبعد اللجوء إلى أية خيارات في حال عدم التوصل إلى حل للخلافات القائمة مع سوريا دبلوماسياً و في العام نفسه اتهم نائب رئيس الوزراء التركي بولند أجاويد سوريا بمساندة حزب العمال الكردستاني إضافة إلى دعواها بملكية اللواء و أعلن رئيس الوزراء التركي مسعود يلماز أن الجيش التركي ينتظر الأوامر للقيام بعمل عسكري محتمل ضد سوريا ، و كان قد صرح أجاويد أن سوريا ليس لديها القوة الكافية للرد على تركيا ، و وصف يلماز المناورات التي تقوم بها القوات المسلحة التركية على الحدود التركية السورية بالأولى من نوعها . و في تشرين الأول / أكتوبر من العام نفسه كان قد حذر الرئيس التركي سليمان ديميريل من لواء الإسكندرونة سوريا من المطالبة بضم اللواء لأراضيها و ذكرت مصادر وقتذاك بأن تركيا تسعى للحصول على تعهد سوري يعترف بالسيادة التركية على اللواء .

Re: مشكلة لواء الإسكندرونه

مرسل: السبت ديسمبر 20, 2008 12:10 am
بواسطة هيا الموسى
شكرا على جهودك
تقبلي مروري

Re: مشكلة لواء الإسكندرونه

مرسل: الأحد ديسمبر 21, 2008 5:24 pm
بواسطة أسما العويدي
رائع الله يعطيك العافيه
وننتظر منك المزيد
وشكرا..

Re: مشكلة لواء الإسكندرونه

مرسل: الجمعة يناير 09, 2009 8:52 pm
بواسطة ساره فريد السيد
:joker: شكراً على الإهتمام