مقال ساخر عن غلاء الأسعار بالسعودية
مرسل: الأربعاء ديسمبر 17, 2008 2:47 pm
مقال ساخر عن غلاء الاسعار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. تحية طيبة لكم جميعا ..
انقل لكم هذا المقال الساخر لكاتب عبد الله بن بخيت .. والذي وضح فيه حيثيات وتداعيات غلاء الاسعار على المجتمع السعودي واثر ذلك من خلال استعراض نموذج واحد فقط لصحن الرز (التبسي) .
هل غلاء الرز يعني نهاية (التباسي)؟ لم أتوقع في أي يوم من الأيام أن ينزل علي هذا السؤال بصورته الفاجعة، سؤال مثير للألم والحزن، كم من عائلة اجتمعت على تبسي، وكم إخوة تلاسنوا على تبسي، وكم عاشق مصمص مع حبيبته عظماً على تبسي، وكم شلة تلاقطوا آخر الليل على تبسي؟ كم إنسان تزوج على تبسي، وطلق على تبسي، وعزى على تبسي، واستقبل على تبسي، وودع على تبسي.
منذ زمن بعيد شاهدت فتاة صغيرة تجلس في عزيمة، لم يجتذبني جمالها، أخذني الإعجاب بحركاتها وخفة دمها وطريقتها في تقطيع اللحم ودسه في لقمتها، كانت يدها الصغيرة تمسح بطن التبسي، لقمتها ربع لقمة الإنسان العادي، كانت تعوض الفرق بالسرعة والخفة والذكاء، بعد أقل من ثلاث دقائق بدأت تظهر أرضية التبسي، شقت يدها خلال كومة الرز حتى دخلت بسرعة قياسية درب الذي يجلس أمامها، أستطيع أن أقول إنها أكلت نصف الكمية، راحت السنين وجاءت السنين، صدفة شاهدت امرأة متكورة تمشي كأنها (تتدربا)، ما كان يمكن أن أستعيدها في ذاكرتي لولا يدها التي بقيت على حالها، كيف آلت فتاتي الصغيرة. كرشتها العظيمة المتدلية في كل الاتجاهات تشي أنها ثابرت على ضرب التباسي ثلاثين سنة دون توقف حتى لالتقاط الأنفاس، حان وقت التأمل ومراجعة الإنجازات، سيتغير كل شيء، وزير التجارة يطلب منها أن تغير نمط حياتها، تضع حدا لبطش قبضتها العاصفة، تكف عن تنمية مسافط بطنها.
سيبقى التبسي الرقم الصعب في معادلة التغيير التي يطالب بها معالي الوزير، ذلك الإناء المسطح الجميل الذي ارتبط بأفراحنا وأتراحنا، كل منزل سعودي يحتوي على أكثر من عشرة تباسي بأحجام مختلفة، كيف سيتخلص الناس من هذه الثروة الوطنية التي تشكلت عبر سنين من العمل والحكمة والدربة، التبسي هو في الواقع كتاب، مرجع، موسوعة لم يكتب بإصبع أو إصبعين بل بالخمس كلها، بل تجد عليه أثر الأذرع والأكمام الراشحة بالدسم، سجل للحوارات والنقاشات والعواطف والتنهدات والغصات والشرقات، لكل عدد من الضيوف تبسي، ولكل نوع من الضيوف تبسي، ولكل مناسبة تبسي، مئات الألوف مخزنة في المنازل ومثلها في المطابخ العامة وأكثر منها في الاستراحات، لا يمكن أن نلقي بالسجل القومي في السكراب يا معالي الوزير، لا بد أن يعاد توظيفه من باب الشكر والامتنان أو على الأقل احتراماً لكروشنا التي تصل قبلنا أينما ذهبنا.
أقترح أن نعيد به الزمن الجميل؛ أيام الستينات، أن نجمع كل التباسي ونقطعها من الوسط ونحولها إلى جنوط سياكل ودنانات نهديها للجيل الجديد من أطفالنا.
إذا وافق معاليكم على إعادة توظيف التبسي فلن نضيق إن شاء الله بالملاس، الأمر سهل، لن نكيفه أو نعيد تصنيعه، يكفي توسيع المساحات الخضراء في المدن والقرى والهجر أيضاً، نهيئ مساحات كافية للقولف، لن نستورد مضارب للعب القولف، كل واحد يجيب ملاس من بيتهم ويلعب به، لعبة أرستقراطية عالمية بأدوات محلية، هذا رأيي والرأي الأول والأخير لمعاليكم!
مقال ساخر عن غلاء الاسعار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. تحية طيبة لكم جميعا ..
انقل لكم هذا المقال الساخر لكاتب عبد الله بن بخيت .. والذي وضح فيه حيثيات وتداعيات غلاء الاسعار على المجتمع السعودي واثر ذلك من خلال استعراض نموذج واحد فقط لصحن الرز (التبسي) .
هل غلاء الرز يعني نهاية (التباسي)؟ لم أتوقع في أي يوم من الأيام أن ينزل علي هذا السؤال بصورته الفاجعة، سؤال مثير للألم والحزن، كم من عائلة اجتمعت على تبسي، وكم إخوة تلاسنوا على تبسي، وكم عاشق مصمص مع حبيبته عظماً على تبسي، وكم شلة تلاقطوا آخر الليل على تبسي؟ كم إنسان تزوج على تبسي، وطلق على تبسي، وعزى على تبسي، واستقبل على تبسي، وودع على تبسي.
منذ زمن بعيد شاهدت فتاة صغيرة تجلس في عزيمة، لم يجتذبني جمالها، أخذني الإعجاب بحركاتها وخفة دمها وطريقتها في تقطيع اللحم ودسه في لقمتها، كانت يدها الصغيرة تمسح بطن التبسي، لقمتها ربع لقمة الإنسان العادي، كانت تعوض الفرق بالسرعة والخفة والذكاء، بعد أقل من ثلاث دقائق بدأت تظهر أرضية التبسي، شقت يدها خلال كومة الرز حتى دخلت بسرعة قياسية درب الذي يجلس أمامها، أستطيع أن أقول إنها أكلت نصف الكمية، راحت السنين وجاءت السنين، صدفة شاهدت امرأة متكورة تمشي كأنها (تتدربا)، ما كان يمكن أن أستعيدها في ذاكرتي لولا يدها التي بقيت على حالها، كيف آلت فتاتي الصغيرة. كرشتها العظيمة المتدلية في كل الاتجاهات تشي أنها ثابرت على ضرب التباسي ثلاثين سنة دون توقف حتى لالتقاط الأنفاس، حان وقت التأمل ومراجعة الإنجازات، سيتغير كل شيء، وزير التجارة يطلب منها أن تغير نمط حياتها، تضع حدا لبطش قبضتها العاصفة، تكف عن تنمية مسافط بطنها.
سيبقى التبسي الرقم الصعب في معادلة التغيير التي يطالب بها معالي الوزير، ذلك الإناء المسطح الجميل الذي ارتبط بأفراحنا وأتراحنا، كل منزل سعودي يحتوي على أكثر من عشرة تباسي بأحجام مختلفة، كيف سيتخلص الناس من هذه الثروة الوطنية التي تشكلت عبر سنين من العمل والحكمة والدربة، التبسي هو في الواقع كتاب، مرجع، موسوعة لم يكتب بإصبع أو إصبعين بل بالخمس كلها، بل تجد عليه أثر الأذرع والأكمام الراشحة بالدسم، سجل للحوارات والنقاشات والعواطف والتنهدات والغصات والشرقات، لكل عدد من الضيوف تبسي، ولكل نوع من الضيوف تبسي، ولكل مناسبة تبسي، مئات الألوف مخزنة في المنازل ومثلها في المطابخ العامة وأكثر منها في الاستراحات، لا يمكن أن نلقي بالسجل القومي في السكراب يا معالي الوزير، لا بد أن يعاد توظيفه من باب الشكر والامتنان أو على الأقل احتراماً لكروشنا التي تصل قبلنا أينما ذهبنا.
أقترح أن نعيد به الزمن الجميل؛ أيام الستينات، أن نجمع كل التباسي ونقطعها من الوسط ونحولها إلى جنوط سياكل ودنانات نهديها للجيل الجديد من أطفالنا.
إذا وافق معاليكم على إعادة توظيف التبسي فلن نضيق إن شاء الله بالملاس، الأمر سهل، لن نكيفه أو نعيد تصنيعه، يكفي توسيع المساحات الخضراء في المدن والقرى والهجر أيضاً، نهيئ مساحات كافية للقولف، لن نستورد مضارب للعب القولف، كل واحد يجيب ملاس من بيتهم ويلعب به، لعبة أرستقراطية عالمية بأدوات محلية، هذا رأيي والرأي الأول والأخير لمعاليكم!
مقال ساخر عن غلاء الاسعار