صفحة 1 من 1

توضيح ميزات الثقافة ..

مرسل: الاثنين ديسمبر 26, 2011 12:46 am
بواسطة صالح العرفج 1
الغاية من هذا الحديث هو توضيح ميزات الثقافة للشباب , لأختيار السبل الكفيلة التي تضعهم في تساؤلات استطلاعية طيلة حياتهم , مؤكدين لهم : ان الدرا سة تغير فيهم مجال المستقبل وتفتح لهم الأبواب التي تبقى موصدة امامهم لو لا هذه الدراسة .

فالجريدة والمجلة والكتاب في مقدمة الوسائل التي لا يجوز ان يخلو منها بيت متمدن .



ان كثير من العظماء الذين قادوا الامم في عالم السياسة او الأداب اوالعلوم , لم يحظوا على تعليم مدرسي او جامعي , انما حققوا اهدافهم العالية بفضل ما امتاز به مجتمعهم من شغف القراءة بمستوى مرموق , لأنه عرف قيمة الجريدة والمجلة والكتاب .

والمجتمع الراقي يحسن الأدارة الحسنة . وبهذا التنظيم يزيد من وقت الفراغ لكل انسان , حتى يستطيع ان يرصد منه وقتا كافيا لترقية ذهنه بالمعارف يجعله قادرا على الاستمتاع الثقافي بزيارة المعارض والمتاحف والمسارح والمكتبات العامة . ولكل واحد من هذه الاشياء لها قيمتها الثقافية الكبيرة في المجتمع المتطور , لكن هذه القيمة تنقص في المجتمع المتخلف .



ففي المجتمع المتخلف الذي تحدد السلطة الحكومية فيه من حرية الشعب تغدو الصحف المحلية نخالة ثقافية , بعد ان يستحوذ الرقيب عليها ويبدأ يالحذف والتعديل والتبديل , مما يدفع الكاتب الحر الى ان ينفر من كل التزام , فهو يمقت القيد والشرط اللذان يشلاّن حركته وابداعاته . مثل هذا المجتمع يكون غير قادراعلى ان يربي جيلا صالحا , يتخرج منه اعلام مثقفون , فضلا عن علماء مبتكرين .



فحرية الأنسان هي كالنبات الذي لا يزهو الا في هواء نقي وماء عذب ونور الشمس والتربة الصالحة التي عن طريقها يزدهر النبات ويثمر , اي يزدهر المجتمع ويتقدم .

ان المجتمع الراقي يعني بالمكتبة كما يعني بالمدرسة . ففي لندن كان قبل اكثر من مئة عام اكثر من مئتين مكتبة عامة للقراءة , وكانت الكتب تستعار بالمجان , الى جانب اكثر من مائة متحف , وكانت كافة ( المقاهي ) مزودة بخزانة للصحف اليومية و الكتب والمجلات كي يقرأها الجمهور وقت الفراغ .



اما الحكومة الامريكية فقد اباحت منذ اوائل القرن العشرين ان ينتسب السجناء الى الجامعات . و منذ عام 1870 تبعث السلطات المحلية لكل ولاية بشاحنات كبيرة تحمل الكتب الى الآرياف كي تعيرها الى الفلاحين بقدر ما يشاؤن . ثم تعود بعد اسابيع كي تستبدلها بكتب و مجلدات اخرى .

كما كان المسؤلون يقصدون الى القرى النائية فيضربون هناك خيامهم ويقدمون لجماهير الفلاحين المرطبات , يلقون عليهم المحاضرات الثقافية , و تأنسهم بعروض من انواع التسلية من رقص وغناء وموسيقى بهدف جذبهم الى الكتاب واثارة روح الشوق والرغبة في نفوسهم .



واذا نحن قارنا بين المدرسة والمجتمع من حيث اثرهما في التربية الثقافية , مع فرض ان الاثنين يستويان في الرقي فلا مفر من القول ان المجتمع يحسن التربية والمدرسة تحسن التعليم . والتربية اعم من التعليم . والثقافة في المدارس والجامعات اسلوبية تسير وفق قواعد جامدة , ولكن الشاب الذي يربي نفسه تربية ذاتية , يتجه اتجاها ابتكاريا في ثقافته وهو لهذا السبب يصبح اكثر حرية في تفكيره من طالب المدرسة . ثم ان القواعد الببغاوية في استظهار البرنامج تمنع الطالب من التوسع في الموضوع الذي يدرسه وتعيقه من الاستطراد الى دراسات اخرى , في الوقت الذي يكون الأختيار بالنسبة الى الطالب الحر متوفرا .



يعسر على الرجل المثقف ان يشرح للناس الاسباب التي يجب ان يتبعها الأفراد حتى ينشأوا مثقفين . خاصة وان لكلّ ظروفه , وهو في هذا الشرح قد يزجرهم في تخلفهم وتوحشهم على ما هم عليه من حال , يوضح لهم قيمة النظافة و التمدن . فالشباب المتخم بوقت الفراغ يجب عليه ان يقرأ حتى لا يفسد , وفي هذا الصدد قال امام المسلمين :

علي بن ابي طالب : الفراغ مفسدة .



كما يجب أن نعلم إن الحياة الناضجة تحتاج الى الثقافة , وان هناك من الناس من يصح ان نسميهم بقولا بشرية , اذ ليس لهم من سمات الحياة سوى النمو الجسمي , كأنهم خضرة الفجل , وسيبقون نفسبا وانسانيا يتراوحون في عداد البقول الى ان يثقفوا انفسهم . ان الحياة الخاوية تحدث سأما في النفوس , لا نتخلص منه الابالثقافة التي تحفز عقل الأنسان وتبسط افاق اهتماماته الذهنية .



وقد اشرت انفا على ان البيت و المدرسة وحدهما لا يكفيان للتربية المتوخاة , لآن المعارف اكبر من ان تحتويهما , ثم ان هذه المعارف ترتقي بأستمرار , فهي لا تفتأ تتجدد , ولهذا السبب ينبغي ان نكون في تماس ثقافي دائم طيلة حياتنا , لكي نسعد بالرقي العقلي .