- الاثنين ديسمبر 26, 2011 2:18 am
#46730
من المعلوم بداهة أن منصب الرئيس – الخليفة – هو أعلى وأجل منصب فى الدولة الإسلامية ، لذا كان حتماً على المسلمين أن يدققوا ويمعنوا فيمن يتولى هذا المنصب الخطير ، فيختارون أصلح الناس لتولى هذا المنصب ، وإلا كانوا مقصرين ." من ولى من أمر المسلمين شيئاً ، فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين " (1) .
فالمسلمون جميعاً – بوجه عام – وأهل الحل والعقد منهم – خاصة – مسئولون عن تولية أصلح الناس وأقواهم على تحمل عبء هذه الأمانة دون أى تهاون أو تقصير ، وإلا وقعوا تحت طائلة العقاب والوعيد المذكور . ومدار الصلاحية على القوة والأمانة . " قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ " ( القصص : 26 ) . القوة على تحمل أعباء هذا المنصب ، والأمانة التى تجعله يؤدى إلى كل ذى حق حقه ، وما أعظم وما أخطر شأن هذه الأمانة " إنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزى وندامة ، إلا من أخذها بحقها وأدى الذى عليه فيها " (2) .ولا شك أن ضياع هذه الأمانة من أهم علامات الساعة ، ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الساعة : " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " قيل : يا رسول الله ما إضاعتها ؟ قال : " إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " (3) .
من أجل هذا توسع فقهاء المسلمين فى بحث شروط الخلافة وتفننوا فى الشروط الواجب توافرها فيمن يلى أمراً من أمور المسلمين بوجه عام ، وفيمن يلى منصب الخلافة بوجه خاص ، حتى لا يتسلق طفيلى إلى هذه الذروة ، ولا يعتليها من ليس لها بأهل فيكون ضرره على المسلمين عاماً ، ومعظم هذه الشروط اجتهادية بمعنى أنها مستنبطة وغير منصوص عليها شرعاً .
وجدير بالذكر أن هذه الشروط فى معظمها لا ينبغى مراعاتها إلا فى الحال التى تكون صفة الاختيار متوافرة فيها للأمة ، أما إذا انتفت حالة الاختيار وألجئت الأمة إلى حال لا اختيار لها فيه كتغلب من لا يصلح أو من لم يستكمل الشروط ، وكان تغييره مؤدياً إلى فتنة وشر عظيم فيجوز للأمة فى هذه الحالة أن تتغاضى عن بعض هذه الشروط الواجبة وذلك درءاً للفتنة عن عدم طاعة هذا المتغلب ، بل يطاع فى طاعة الله ويعصى فى معصية الله كما بينا ذلك تفصيلاً من قبل ، ولكن إقرار المتغلب فاقد هذه الشروط ليس إلا حالة من حالات الاضطرار وليس أصلاٍ ثابتاً فى الولاية .
وإذا لم تتوافـر جميع هذه الشروط فى شخص واحد فينبغى مراعاة الأمثل فالأمثل بحسب حاجة المسلمين ومصلحتهم ، لأن الله تعالى لا يكلفنـا إلا بما نطيق " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " ( التغابن :16 ) ، " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " ( البقرة : 286 ) .
وإذا تكافأت هذه الشروط وتوازنت فى أكثر من شخص وجب تقديم الأصلح والأنسب لظروف المسلمين وأحوالهم بحسب الوقت الذى يعيشون فيه .
وهذه الشروط منها ما هو واجب فى كل ولاية كبيرة أو صغيرة ومنها ما هو خاص بالخلافة – الرئاسة - ، ومن هذه الشروط ما لا يمكن التغاضى عنه بحال ، ومنها ما يمكن التغاضى عنه عند عدم الإمكان ، ومن هذه الشروط ما لا خلاف عليه بين العلماء ، وهى الإسلام ، والعقل ، والذكورة ، والعدالة ، والعلم .
ومنها ما اختلف عليه العلماء وهى : البلوغ ، والحرية ، والكفاءة الجسيمة ، والقرشية .
وسوف نتكلم باختصار عن هذه الشروط .
أولاً : الإسلام : وهو شرط بدهى ، يشترط فى كل ولاية إسلامية كبيرة كانت أو صغيرة . والأدلة على اشتراط الإسلام كثيرة فى الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وسلف الأمة ، ففى القرآن نص على أن ولاة الأمر من المسلمين " أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ " ( النساء : 59 ) . بل إن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الأمراء والأئمة ، ونهى عن الخروج عليهم إلا أن يخرجُوا عن الإسلام ويظهروا الكفر البواح ، وقد أجمع المسلمون على عدم جواز تولى الكافر أمور المسلمين .
ثانياً : العقل : وهو أيضاً من الشروط البدهية ، فلا تنعقد الولاية لمن فقد عقله ، لأن فاقد العقل غير مكلف بما هو واجب على كل أحد ، فكيف يكلف بولاية على غيره .قال تعالى : " وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا " ( النساء : 5 ) .
ثالثاً : الذكورة : أجمع العلماء على عدم جواز تولى المرأة منصب الخلافة ، وذلك لحديث النبى صلى الله عليه وسلم حين بلغه أن الفرس قد ولوا ابنه كسرى : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " أخرجه البخارى فى صحيحه .
وقد قال الله عز وجل : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ " ( النساء : 34 ) .
والخلافة كولاية عامة تقتضى الدخول فى المحافل العامة ومخالطة الرجال وقيادة الجيوش ، وذلك لا يتماشى مع وضع المرأة فى الإسلام ، وما أراده الله لها من صيانة ورعاية " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى " ( الأحزاب : 33 ) .
ولهذا لا يوجب الشرع على المرأة بعض ما أوجبه على الرجل من التكاليف الشرعية كالجهاد ، والإنفاق على البيت ونحو ذلك .
رابعاً : العدالة : وهى شرط بدهى فى كل الولايات الدينية ، فضلاً عن منصب الخلافة .
والعدالة تعنى فى جملتها : الأخلاق الفاضلة ، والعدل : من تقبل شهادته تحملاً وأداءً ، وقد جعل الله العدالة شرطاً فى أصغر الولايات كحضانة الصغير ، والحكم فى جزاء الصيد ، وجعلها شرطاً لقبول الشهادة ، فكيف لا تكون شرطاً فى أعظم الولايات على الإطلاق . والفسق – وهو نقيض العدالة – يمنع من قبول الشهادة ، ومن كل ولاية دينية ، لأنه مدعاة للتساهل فى تطبيق أحكام الدين ، فكيف يتصور أن يتولى فاسق ولاية أمر المسلمين فيقيم شرع الله ويجاهد فى سبيل الله ؟! .
ولا نعنى أن العدالة قرين العصمة ، فالعصمة للأنبياء فقط ، ولا يستبعد على بنى آدم الوقوع فى الخطأ ، والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات .
خامساً : العلم : وهو شرط بدهى فى كل ولاية ، فينبغى على كل والٍ أن يعلم يقيناً ما يجب عليه ليقوم بأعباء منصبه على أكمل وجه . فلا يخرج بالولاية عما شرعت له من إقرار مصالح العباد .
وقد اختلف العلماء فى حد العلم الذى ينبغى أن يحصله شاغل منصب الخلافة ، ومذهب الجمهور وجوب تحصيل مرتبة الاجتهاد المطلق .
سادساً : البلوغ : فلا تنعقد الخلافة لصغير ، وذلك لأن الصغير غير مكلف فى نفسه ويحتاج إلى وصاية غيره ، فكيف يكلف بالولاية على غيره فضلاً عن الولاية على سائر المسلمين ؟!
سابعاً : الحرية . وهو شرط بدهى ، لأن العبد المملوك يخضع لغيره ولا يملك أمر نفسه ، فكيف تكون له ولاية على غيره وقد يرد على هذا الشرط قول النبى صلى الله عليه وسلم : " اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشى كأن رأسه زبيبة " أخرجه البخارى ، عن أنس ، ولكن جمهور العلماء تأولوا هذا النص وأمثاله بأنه فى حال التغلب ، أو أنه ورد على سبيل ضرب المثال بما لا يقع حقيقة ، وذلك مبالغة فى لزوم الطاعة .
ثامناً : الكفاءة الجسمية : ونعنى بها سلامة الأعضاء والحواس من كل نقص يؤثر فى كفاءة شاغل المنصب أو المرشح له ، وقد بينا من قبل أن القوة شرط أصيل فى كل ولاية لأنه بدونها لا يمكن تحمل أعباء المنصب .
وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى ذر : " إنك ضعيف وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزى وندامة ، إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذى عليه فيها " أخرجه مسلم .
أخيراً : القرشية : وقد أثار هذا الشرط جدلاً واسعاً بين مؤيد له ومعارض .
والدليل على اشتراطه قول النبى صلى الله عليه وسلم : " الأئمة من قريش " ( 4) .
فالمسلمون جميعاً – بوجه عام – وأهل الحل والعقد منهم – خاصة – مسئولون عن تولية أصلح الناس وأقواهم على تحمل عبء هذه الأمانة دون أى تهاون أو تقصير ، وإلا وقعوا تحت طائلة العقاب والوعيد المذكور . ومدار الصلاحية على القوة والأمانة . " قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ " ( القصص : 26 ) . القوة على تحمل أعباء هذا المنصب ، والأمانة التى تجعله يؤدى إلى كل ذى حق حقه ، وما أعظم وما أخطر شأن هذه الأمانة " إنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزى وندامة ، إلا من أخذها بحقها وأدى الذى عليه فيها " (2) .ولا شك أن ضياع هذه الأمانة من أهم علامات الساعة ، ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الساعة : " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " قيل : يا رسول الله ما إضاعتها ؟ قال : " إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " (3) .
من أجل هذا توسع فقهاء المسلمين فى بحث شروط الخلافة وتفننوا فى الشروط الواجب توافرها فيمن يلى أمراً من أمور المسلمين بوجه عام ، وفيمن يلى منصب الخلافة بوجه خاص ، حتى لا يتسلق طفيلى إلى هذه الذروة ، ولا يعتليها من ليس لها بأهل فيكون ضرره على المسلمين عاماً ، ومعظم هذه الشروط اجتهادية بمعنى أنها مستنبطة وغير منصوص عليها شرعاً .
وجدير بالذكر أن هذه الشروط فى معظمها لا ينبغى مراعاتها إلا فى الحال التى تكون صفة الاختيار متوافرة فيها للأمة ، أما إذا انتفت حالة الاختيار وألجئت الأمة إلى حال لا اختيار لها فيه كتغلب من لا يصلح أو من لم يستكمل الشروط ، وكان تغييره مؤدياً إلى فتنة وشر عظيم فيجوز للأمة فى هذه الحالة أن تتغاضى عن بعض هذه الشروط الواجبة وذلك درءاً للفتنة عن عدم طاعة هذا المتغلب ، بل يطاع فى طاعة الله ويعصى فى معصية الله كما بينا ذلك تفصيلاً من قبل ، ولكن إقرار المتغلب فاقد هذه الشروط ليس إلا حالة من حالات الاضطرار وليس أصلاٍ ثابتاً فى الولاية .
وإذا لم تتوافـر جميع هذه الشروط فى شخص واحد فينبغى مراعاة الأمثل فالأمثل بحسب حاجة المسلمين ومصلحتهم ، لأن الله تعالى لا يكلفنـا إلا بما نطيق " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " ( التغابن :16 ) ، " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " ( البقرة : 286 ) .
وإذا تكافأت هذه الشروط وتوازنت فى أكثر من شخص وجب تقديم الأصلح والأنسب لظروف المسلمين وأحوالهم بحسب الوقت الذى يعيشون فيه .
وهذه الشروط منها ما هو واجب فى كل ولاية كبيرة أو صغيرة ومنها ما هو خاص بالخلافة – الرئاسة - ، ومن هذه الشروط ما لا يمكن التغاضى عنه بحال ، ومنها ما يمكن التغاضى عنه عند عدم الإمكان ، ومن هذه الشروط ما لا خلاف عليه بين العلماء ، وهى الإسلام ، والعقل ، والذكورة ، والعدالة ، والعلم .
ومنها ما اختلف عليه العلماء وهى : البلوغ ، والحرية ، والكفاءة الجسيمة ، والقرشية .
وسوف نتكلم باختصار عن هذه الشروط .
أولاً : الإسلام : وهو شرط بدهى ، يشترط فى كل ولاية إسلامية كبيرة كانت أو صغيرة . والأدلة على اشتراط الإسلام كثيرة فى الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وسلف الأمة ، ففى القرآن نص على أن ولاة الأمر من المسلمين " أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ " ( النساء : 59 ) . بل إن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الأمراء والأئمة ، ونهى عن الخروج عليهم إلا أن يخرجُوا عن الإسلام ويظهروا الكفر البواح ، وقد أجمع المسلمون على عدم جواز تولى الكافر أمور المسلمين .
ثانياً : العقل : وهو أيضاً من الشروط البدهية ، فلا تنعقد الولاية لمن فقد عقله ، لأن فاقد العقل غير مكلف بما هو واجب على كل أحد ، فكيف يكلف بولاية على غيره .قال تعالى : " وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا " ( النساء : 5 ) .
ثالثاً : الذكورة : أجمع العلماء على عدم جواز تولى المرأة منصب الخلافة ، وذلك لحديث النبى صلى الله عليه وسلم حين بلغه أن الفرس قد ولوا ابنه كسرى : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " أخرجه البخارى فى صحيحه .
وقد قال الله عز وجل : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ " ( النساء : 34 ) .
والخلافة كولاية عامة تقتضى الدخول فى المحافل العامة ومخالطة الرجال وقيادة الجيوش ، وذلك لا يتماشى مع وضع المرأة فى الإسلام ، وما أراده الله لها من صيانة ورعاية " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى " ( الأحزاب : 33 ) .
ولهذا لا يوجب الشرع على المرأة بعض ما أوجبه على الرجل من التكاليف الشرعية كالجهاد ، والإنفاق على البيت ونحو ذلك .
رابعاً : العدالة : وهى شرط بدهى فى كل الولايات الدينية ، فضلاً عن منصب الخلافة .
والعدالة تعنى فى جملتها : الأخلاق الفاضلة ، والعدل : من تقبل شهادته تحملاً وأداءً ، وقد جعل الله العدالة شرطاً فى أصغر الولايات كحضانة الصغير ، والحكم فى جزاء الصيد ، وجعلها شرطاً لقبول الشهادة ، فكيف لا تكون شرطاً فى أعظم الولايات على الإطلاق . والفسق – وهو نقيض العدالة – يمنع من قبول الشهادة ، ومن كل ولاية دينية ، لأنه مدعاة للتساهل فى تطبيق أحكام الدين ، فكيف يتصور أن يتولى فاسق ولاية أمر المسلمين فيقيم شرع الله ويجاهد فى سبيل الله ؟! .
ولا نعنى أن العدالة قرين العصمة ، فالعصمة للأنبياء فقط ، ولا يستبعد على بنى آدم الوقوع فى الخطأ ، والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات .
خامساً : العلم : وهو شرط بدهى فى كل ولاية ، فينبغى على كل والٍ أن يعلم يقيناً ما يجب عليه ليقوم بأعباء منصبه على أكمل وجه . فلا يخرج بالولاية عما شرعت له من إقرار مصالح العباد .
وقد اختلف العلماء فى حد العلم الذى ينبغى أن يحصله شاغل منصب الخلافة ، ومذهب الجمهور وجوب تحصيل مرتبة الاجتهاد المطلق .
سادساً : البلوغ : فلا تنعقد الخلافة لصغير ، وذلك لأن الصغير غير مكلف فى نفسه ويحتاج إلى وصاية غيره ، فكيف يكلف بالولاية على غيره فضلاً عن الولاية على سائر المسلمين ؟!
سابعاً : الحرية . وهو شرط بدهى ، لأن العبد المملوك يخضع لغيره ولا يملك أمر نفسه ، فكيف تكون له ولاية على غيره وقد يرد على هذا الشرط قول النبى صلى الله عليه وسلم : " اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشى كأن رأسه زبيبة " أخرجه البخارى ، عن أنس ، ولكن جمهور العلماء تأولوا هذا النص وأمثاله بأنه فى حال التغلب ، أو أنه ورد على سبيل ضرب المثال بما لا يقع حقيقة ، وذلك مبالغة فى لزوم الطاعة .
ثامناً : الكفاءة الجسمية : ونعنى بها سلامة الأعضاء والحواس من كل نقص يؤثر فى كفاءة شاغل المنصب أو المرشح له ، وقد بينا من قبل أن القوة شرط أصيل فى كل ولاية لأنه بدونها لا يمكن تحمل أعباء المنصب .
وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى ذر : " إنك ضعيف وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزى وندامة ، إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذى عليه فيها " أخرجه مسلم .
أخيراً : القرشية : وقد أثار هذا الشرط جدلاً واسعاً بين مؤيد له ومعارض .
والدليل على اشتراطه قول النبى صلى الله عليه وسلم : " الأئمة من قريش " ( 4) .