منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By صالح الشهراني2012
#46782
بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة وتقوية العظام

تمر العظام في جسم الإنسان بمرحلتين متعاقبتين باستمرار، مرحلة البناء تليها مرحلة الهدم ثم البناء وهكذا باستمرار، فإذا ما كان الإنسان في طور النمو والشباب يكون البناء أكثر فتزداد العظام طولا وقوة، وبعد مرحلة النضوج ومع تقدم العمر يتفوق الهدم وتأخذ كمية العظام في التناقص، وتصبح أكثر قابلية للكسر، كما يتقوس العمود الفقري بسبب انهيارات الفقرات ونقص طولها ومتانتها.
ويرجع نشاط العظام وقوتها بشكل عام إلى قوى الضغط والجذب التي تمارسها العضلات وأوتارها أثناء انقباضها وانبسا طها، حيث إن هذه العضلات والأوتار ملتصقة وملتحمة بالعظام.
وقد ثبت مؤخرا أنه يوجد داخل العظم تيار كهربي ذو قطبين مختلفين يؤثر في توزيع وظائف خلايا العظم حسب اختصاصها، خلايا بناء أو خلايا هدم، كما يحدد بشكـل كبير أوجه نشاط هذه الخلايا، وأثبتت التجارب أن في حالة الخمول والراحة يقل هذا التيار الكهربي مما يفقد العظام موادها المكونة لها فتصبح رقيقة ضعيفة، وحتى في السفر إلى الفضاء أثبتت التجارب أنه في الغياب التام للجاذبية تضعف العضلات وترق العظام نتيجة عدم مقاومتها لعبء الجاذبية الأرضية.
من هذا نستنتج أن الراحة التامة تصيب العظام بضمور عام، ذلك أن فقدان الحركة يؤدي إلى نشاط الخلايا الهدامة وضعف في خلايا البناء، مما يؤدي إلى نقص المادة العظمية.
وهنا يأتي سؤال: هل يمكن أن تمر بالمسلم أيام فيها راحة متصلة وخمول طويل لجسمه ؟ وهل يمكن أن يتوقف ذلك التيار الكهربي المجدد لنشاط العظام في جسده ؟
إن أداء سبع عشرة ركعة يوميا هي فرائض الصلاة، وعدد أكثر من هذا هي النوافل لا يمكن إلا أن يجعل الإنسان ملتزما بأداء حركي جسمي لا يقل زمنه عن ساعتين يوميا، وهكذا وطيلة حياة المسلم لأنه لا يترك الصلاة أبدا فإنها تكون سببا في تقويـة عظامه وجعلها متينة سليمة، وهذا يفسر ما نلاحظه في المجتمعات المحافظة على الصلاة - كما في الريف المصري مثلا - من انعدام التقوس الظهري تقريبا والذي يحدث مع تقدم العمر ، كما يفسر أيضا تميز أهل الإسلام الملتزمين بتعاليم دينهم صحيـا وبدنيا بشكل عام، وفي الفتوحات الإسلامية على مدار التاريخ والبطولات النادرة والقوة البدنية التي امتاز بها فرسان الإسلام ما يغني عن الحديث، ولن يعرف غير المسلم قيمة الصلاة إلا حيـن يصلي ويقف بين يدي الله خاشعا متواضعا يعترف له بالوحدانية ويعرف له فضله وعظمته، فتسري في قلبه وأوصاله طاقة نورانية تدفع العبد دائما للأمام على صراط الله المستقيم [ الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين]

الصلاة كعلاج نفسي

تساعد الصلاة الخاشعة على تهدئة النفس وإزالة التوتر لأسباب كثيرة، أهمها شعور الإنسان بضآلته وبالتالي ضآلة كل مشكلاته أمام قدرة وعظمة الخالق المدبر لهذا الكون الفسيح، فيخرج المسلم من صلاته وقد ألقى كل ما في جعبته من مشكلات وهموم، وترك علاجها وتصريفها إلى الرب الرحيم، وكذلك تؤدي الصلاة إلى إزالة التوتر بسبب عملية تغيير الحركة المستمر فيها، ومن المعلوم أن هذا التغيير الحركي يحدث استرخاء فسيولوجيا هاما في الجسم، وقد أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أي مسلم تنتابه حالة من الغضب، كما ثبت علميا أن للصلاة تأثيرا مباشرا على الجهاز العصبي، إذ أنها تهدئ من ثورته وتحافظ على اتزانه، كما تعتبر علاجا ناجعا للأرق الناتج عن الاضطراب العصبي.
ويقول الدكتور " توماس هايسلوب " : "إ ن من أهم مقومات النوم التي عرفتها في خلال سنين طويلة من الخبرة والبحث الصلاة، وأنا ألقي هذا القول بوصفي طبيبا، فإن الصلاة هي أهم وسيلة عرفها الإنسان تبث الطمأنينة في نفسه والهدوء في أعصابه."
أما الدكتور " إليكسيس كارليل" الحائز على جائزة نوبل في الطب فيقول عن الصلاة: " إنها تحدث نشاطا عجيبا في أجهزة الجسم وأعضائه ، بل هي أعظم مولد للنشاط عرف إلى يومنا هذا، وقد رأيت كثيرا من المرضى الذين أخفقت العقاقير في علاجهم كيف تدخلت الصلاة فأبرأتهم تماما من عللهم، إن الصلاة كمعدن الراديوم مصدر للإشعاع ومولد ذاتي للنشاط، ولقد شاهدت تأثير الصلاة في مداواة أمراض مختلفة مثل التدرن البريتوني والتهاب العظام والجروح المتقيحة والسرطان وغيره "
أيضا يعمل ترتيل القرآن الكريم في الصلاة حسب قواعد التجويد على تنظيم التنفس خلال تعاقب الشهيق والزفير، وهذا يؤدي بدوره إلى تخفيف التوتر بدرجة كبيرة، كما أن حركة عضلات الفم المصاحبة للترتيل تقلل من الشعور بالإرهاق وتكسب العقل نشاطا وحيوية كما ثبت في بعض الأبحاث الطبية الحديثة.
وللسجود دور عميق في إزالة القلق من نفس المسلم، حيث يشعر فيه بفيض من السكينة يغمره وطوفان من نور اليقين والتوحيد. وكثير من الناس في اليابان يخرون ساجدين بمجرد شعورهم بالإرهاق أو الضيق والاكتئاب دون أن يعرفوا أن هذا الفعل ركـن من أركان صلاة المسلمين.
*
تحكي لنا السيدة الفلبينية "جميلة لاما" قصتها مع الصلاة:
" لـم أكن أعرف لحياتي معنى ولا هدفا، سؤال ظل يطاردني ويصيبني بالرعب كل حيـن: لماذا أحيا ؟ وما آخر هذه الرواية الهزلية ؟ كان كل شيء من حولي يوحي بالسخف واللا معقول، فقد نشأت في أسرة كاثوليكية تعهدتني بتعليمي هذا المذهب بصرامة بالغة، وكانوا يحلمون أن أكون إحدى العاملات في مجال التبشير بهذا المذهب على مستوى العالم، وكنت في داخلي على يقين أن هذا أبدا لن يحدث.
" كنت أستيقظ كل يوم عند الفجر، شئ ما يحدثني أن أصلي كي أخرج من الضيق الشديد والاكتئاب الذي كان يلازمني في هذا الوقت ، وكان ذلك يحدث أيضا عند الغروب، وفعلا أخذت أصلي على الطريقة النصرانية، فهي الطريقة الوحيدة التي أعرفها، إلا أن إحساسي بالفراغ الروحي ظل يطاردني ويسيطر علي رغم صلواتي المتتابعة "
" كنت متعطشة لشيء آخر لم تكن لدي أي صورة واضحة عنه، كانت الدموع تنهمر من عيني كثيرا، وكنت أدعو الله أن يمنحني النور والبصيرة والصبر، وازددت هما وقلقا، وراح الفراغ يطاردني والحيرة تتملك حياتي بما فاض تماما عن قدرتي على الاستيعاب "
وتكمل جميلة: " وفي أحد الأيام ومع ازدياد حالة التوتر أحسست برغبة قوية تدفعني للبحث عن مكان للصلاة لا صور فيه، وبحثت عن ذلك المكان طويلا حتى وجدته أخيرا، مسجد صغير جميل في أطراف بلدتنا بين المروج الخضراء في وسط حقول الأرز، لأول وهلة عندما وضعت قدمي على أعتابه دق قلبي بعنف وانشرح صدري وأيقنت أنه المكان الذي حدثتني نفسي طويلا للبحث عنه "
وتكمل جميلة قصتها: " وعلمتني إحدى المسلمات كيف أتوضأ وكيف أصلي لله الواحد القهار، وشاركت المسلمين الصلاة لأول مرة في حياتي، وعندما بدأت الصلاة غمرتني السكينة ولفتني الطمأنينة كما لم يحدث لي من قبل، وعندما سجدت لله مع جموع المصلين فاضت روحي بسعادة لا حدود لها، لقد شعرت أني سأطير فرحا بعثوري على هذه الصلاة"
وفي النهاية تقول جميلة:
" الصلاة، هي تماما ما كنت أتعطش له، لقد أصبحت صديقتي المحببة، ورفيقتي الدائمة التي أتخلص معها من كل ضيق ومن أية معاناة، لقد ودعت الاكتئاب إلى الأبد فلم يعد له أي معنى في حياتي بعد أن هداني الله جل وعلا للإسلام وأكرمني بحب الصلاة، ولا أجد ما أقول تعليقا على هذا سوى: الحمد لله الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله"

فوائد طبية أخرى
ومن فوائد الصلاة أنها تقوي عضلات البطن لأنها تمنع تراكم الدهون التي تؤدي إلى البدانة و الترهل، فتمنع تشوهات الجسم وتزيد من رشاقته. والصلاة بحركاتها المتعددة تزيد من حركة الأمعاء فتقلل من حالات الإمساك وتقي منه، وتقوي كذلك من إفراز المرارة.
وضع الركوع والسجود وما يحدث فيه من ضغط على أطراف أصابع القدمين يؤدي إلى تقليل الضغط على الدماغ، وذلك كأثر تدليك أصابع الأقدام تماما، مما يشعر بالاسترخاء والهدوء. والسجود الطويل يؤدي إلى عودة ضغط الدم إلى معدلاته الطبيعية في الجسم كله، ويعمل على تدفق الدم إلى كل أجهزة الجسم.