صفحة 1 من 1

الحرب الأهلية الانكليزية

مرسل: الاثنين ديسمبر 26, 2011 11:37 am
بواسطة راشد خالد الجدوع 101
مجلة : ورلد أيك
الترجمة : عدنان توفيق
الحرب الأهلية الانكليزية عبارة تشير إلى سلسلة من الصراعات السياسية والمسلحة جرت بين أنصار البرلمان وأنصار الملكية ابتداء من عام 1642 وحتى نهاية 1651 وتنقسم إلى حقبتين هما الحرب الأهلية الاولى ، وأستمرت من 1642 ولغاية 1645 أما الثانية فقد أستمرت من 1648 ولغاية 1649 وكان الصراع فيهما يجري بين أنصار ملك بريطانيا تشارلز الأول وبين أنصار البرلمان الطويل .
وانتهت بالحملة الفاشلة لتشارلز الثاني وهزيمته في معركة ورجستر في الثالث من أيلول عام 1651 ، بعض المؤرخين المعاصرين يفضلون تسمية تلك الحروب بحروب الممالك الثلاثة لأنها: شملت أنكلترا واسكتلندا وأيرلندا التي كانت رغم مشاركتها في التاج البريطاني الا انها كانت ممالك مستقلة ولم تتوحد سوى مع مرسوم 1800 ، الحرب الأهلية الانكليزية أنتهت بمحاكمة الملك تشارلز ومن ثم أعدامه ونفي ابنه تشارلز الثاني وحل الكومنويلث محل الملك 1649 – 1653 وبعد ذلك تلت مرحلة الحامية 1653 – 1659 تحت الحكم المباشر لكرومويل كما أدت إلى أنتهاء أحتكار كنيسة أنكلترا للعبادة إلى جانب ظهور ارستقراطية جديدة في أيرلندا ولكن أهم سابقة زرعتها الحرب الأهلية أن لم يعد بأمكان الملك ان يحكم بدون موافقة البرلمان والشعب، وبعكس بقية الحروب الأهلية في انكلترا التي كانت بسبب من يحكم فأن هذه الحرب كانت ايضا بسبب كيف ينبغي حكم البلاد لذا يفضل بعض المؤرخين تسميتها بالثورة الانكليزية وخصوصا في الدوائر المتعاطفة مع الملكيين،بعد أربعين عاما على وفاة الملكة إليزابيث التي كانت لها شعبية واسعة ومع صعود الملك تشارلز الأول كانت انكلترا وسكوتلندا يسودهما السلام وكان تشارلز يحلم بتحقيق طموحات والده جيمس الأول بتوحيد الجزر البريطانية في مملكة واحدة وكان يشارك مشاعر والده بان الملك ليس سوى الاله الصغير على الأرض اوما يسمى في التعبير السياسي بالحق الالهي للملك ورغم تقواه فأن تشارلز كان يطالب مقابل الحكم العادل ولاء مطلقا من شعبه و يعتبر أي تهاون في تنفيذ أوامره اهانة شخصية له وهذا الموقف أدى إلى سلسلة من الأحداث أدت بدورها إلى تقاطع العلاقات بينه وبين البرلمان ومن ثم إلى الحرب بينهما ، قبل الحرب لم يكن البرلمان جزءا ثابتا من الحكومة البريطانية بل بالأحرى عبارة عن هيئة من المستشارين يستدعى من قبل الملك كلما كانت هناك حاجة لفرض ضرائب جديدة ولأن فرض الضرائب كان عملا يقتصر على نخبة من ممثلي الشعب كان تشارلز يحتاج إلى مساعدتهم لجعل واردات الخزينة تأتي بدون صعوبات وإذا رفضت هذه النخبة المصادقة على الضرائب المطالبة من قبل الملك فأنه غير قادر على أرغامهم وكان البرلمان يسمح باجتماع هذه النخبة التي ترسل بمقترحاتها إلى الملك على شكل لائحة قانون رغم أنهم لم يكونوا يمتلكون أية وسيلة لفرض إرادتهم على الملك ، الحادثة الأولى التي أدت إلى نشوب النزاع بين البرلمان والملك تشارلز الأول هي زواجه من الأميرة الفرنسية هنريتا ماريا وهي كاثوليكية وبعد فترة قصيرة من توليه العرش عام 1625 ، ومثل هذا النوع من الزواج بين الأسر الملكية كان شائعا في تلك الأيام ولكن لأختياره زوجة كاثوليكية أثار الاستياء بين البيورتان من اعضاء البرلمان ولكن أصرار تشارلز على المشاركة في الحرب الدائرة في اوربا التي كان يعتبرها اشبه بحرب صليبية مقدسة أدى إلى تفاقم الأمور ، عين تشارلز، جورج فيلاري دوق باكنكهام قائدا عاما للجيش الانكليزي في أوربا ووافق البرلمان على دعم المجهود الحربي ولكن تحت شرط أن يتم أستدعاء باكنكهام في حالة أخفاقه وبعد هجوم فاشل أصدر البرلمان قرارا بطرد باكنكهام من منصبه عام 1626 فأعتبر الملك هذا الأمر اهانة شخصية له فأصدر قرارا بحل البرلمان ، ولانه لا يستطيع فرض الضرائب بدون البرلمان لذا شكل برلمانا جديدا عام 1628 وكان من بين الأعضاء الجدد أوليفر كرومويل وفي نفس العام أصدر البرلمان لائحة الحقوقPetition of Right فوافق عليها تشارلز وأعتبر موافقته نوعا من التنازل في سبيل الحصول على الضرائب وكانت لائحة الحقوق تتضمن الأشارة إلى المكنا كارتا وفرضت الحقوق التالية : المواطن الإنكليزي ينبغي أن يتحرر من 1- الاعتقال والسجن الأعتباطي 2- من اية ضريبة غير مفروضة من قبل البرلمان 3- الأرغام على الأنضمام إلى الجيش 4- قانون الأحكام العرفية، وكان تشارلز مصمم أن يحكم من دون استدعاء برلمان أخر وهذا التصميم كان بحاجة إلى البحث عن وسائل أخرى لفرض ضرائب اضافية أو أستثنائية، من أهم الفقرات التي نشب حولها النزاع هي الضرائب المفروضة على السفن وكانت في العصور الوسطى تفرض على الموانئ فقط ولكن تشارلز وسع من نطاقها لتشمل بقية المدن غير الساحلية ولكن البرلمان رفض المصادقة على الضريبة الجديدة، استطاع تشارلز أن يحكم بدون البرلمان لأحد عشر عاما وكان تشارلز قد عين الأسقف وليم لود اسقفا على كانتربرري عام 1633 الذي بدا سلسلة من الإصلاحات الكنسية اعتبرها البيورتان محاولة لأعادة الكاثوليكية إلى انكلترا ولدى أعتراضهم قام لويد بأعتقالهم وبعد قيام جون باستويك وهنري بورتون ووليم براين بنشر كراريس تهاجم إصلاحات لود عوقبوا بقطع أذانهم وهو عقاب أثار الغضب بين الناس وفي نفس الوقت قامت حركة تمرد في اسكتلندا بسبب محاولة تشارلز فرض كتاب صلاة واحد في جميع أنحاء المملكة وكان بحاجة ماسة لتمويل الجيوش ضد المتمردين في أسكتلندا فأضطر إلى استدعاء البرلمان عام 1640 الذي وجد الفرصة المناسبة للأحتجاج ضد مظالم التاج أضافة إلى ذلك كانوا يعارضون الحل العسكري للمشكلة الأسكتلندية فحل تشارلز البرلمان ويسمى بالبرلمان القصير وبدأت جيوش تشارلز بمهاجمة معاقل المتمردين في اسكتلندا بدون موافقة البرلمان ولكنها أصيبت بهزيمة منكرة ، أضطر تشارلز لأستدعاء البرلمان للمرة الثانية في تشرين الثاني عام 1640 ويسمى بالبرلمان الطويل وقد حقق هذا البرلمان وتحت زعامة جون بايم وجون هامبدين أهم انجاز تشريعي في تاريخ أنكلترا وهو سن قانون يتضمن بأن البرلمان ينبغي تجديده كل ثلاثة أعوام كما رفض حق الملك في حل البرلمان وقانون أخر ينتزع الصفة الشرعية من أية ضريبة يفرضها الملك، في الرابع من كانون الثاني حاول تشارلز اعتقال خمسة من أعضاء البرلمان هم جون هامبدن ، جون بايم ، أرثر هيزلرج ، دينزل هوليز ووليم سترود وبتهمة الخيانة ولكن المحاولة فشلت بسبب تضامن بقية أعضاء البرلمان معهم ومساعدتهم على الأختباء، ومع وصول الصراع إلى هذا المستوى أضطر البرلمان إلى أنشاء جيش خاص به وعهد بقيادته إلى روبرت ديفرو إيرل أوف إيسكس وكانت مهمة هذا الجيش هي اولا الحاق الهزيمة بالغزو المرتقب من اسكتلندا وثانيا القضاء على محاولات الملك ومؤيديه لأستعادة سلطة الملك الذي اضطر لمغادرة لندن وجمع جيشه الخاص في نوتنغهام وفي اليوم الثاني خاطب قواته قرب قاعة أورلتون فيما سمي فيما بعد باعلان ويلنغتون وجاء فيه بأنه يتمسك بالديانة البروتستانتية والقوانين الأنكليزية وحرية البرلمان ، في عام 1642 أعلن الحاكم العسكري لمدينة كينغستون السير جون هوتهام المدينة موالية للبرلمان ورفض دخول الملك للمدينة فشعر تشارلز بأهانة كبيرة من هذا العمل وأعلن هوتهام خائنا، ثم قام بحصارفاشل للمدينة أدى إلى نشوب صرع علني بين البرلمان والملك، في بداية الصراع كان القسم الأكبر من المملكة على حياد رغم أن البحرية الملكية وعدد كبير من المدن كانوا يؤيدون قضية البرلمان بينما وجد الملك تأييدا واسعا في المناطق الريفية، ولكن وفي النهاية أنتشر الأنقسام على كافة المستويات الاجتماعية في الجزر البريطانية، كان الملك ومؤيديه يدافعون ويقاتلون في سبيل الحكومة التقليدية في الدولة والكنيسة بينما كان البرلمان ومناصروه يقاتلون من أجل تغييرات جذرية في المؤسسات الدينية والسياسة الأقتصادية وإصلاحات جذرية في مجال توزيع السلطات والفارق الرئيس بين القوتين أن البرلمان كان يتمتع بموارد أكبر بسبب دعم غالبية المدن الأنكليزية له وسارت المعارك حتى وصلت إلى حصار هول في تموز عام 1642 والذي حقق فيه البرلمان أنتصارا ساحقا، ، المعركة التالية كانت في إيديغهيل ولم تكن حاسمة وأعتبرها الملكيون أنتصارا لهم
كانت الجيوش الملكية تحت قيادة ابن شقيقه الأمير روبرت بينما تولى أحد الاعضاء السابقين البيوريتان في البرلمان وهو أوليفر كرومويل الذي جاء بنظام جديد للتعبئة لا تزال بعض آثاره ظاهرة في الجيوش الحديثة وتتميز ببنية موحد للقيادة والأحتراف العسكري ولعبت دورا كبيرا في تحقيق أنتصارات أنصار البرلمان، المرحلة الثانية من الحرب بدأت في تورنهام غرين والتي شهدت أنسحاب قوات تشارلز إلى أوكسفورد وبقيت فيها إلى نهاية الحرب ، عام 1643 في أدلتون وفي الميدلاند استولت قوات البرلمان على يوركشاير، وبينما كانت المعارك مستمرة بين الطرفين أنتهى كرومويل من أعداد قواته وكانت غينسبورو أول معركة ينتصر بها مع هذه القوات ، بعد تقلص موراده إلى درجة كبيرة هرب تشارلز إلى سكوتلندا طالبا اللجوء بعد تسريح قواته التي لم يعد يستطيع الانفاق عليها فطالب البرلمان تسليمه لقاء فدية وبعد اعادته إلى أنكلترا بقي سجينا في هلدن باي حتى جرت محكمته وأعدامه عام 1649، يقدر عدد القتلى في هذه الحرب بما يقارب 10% من سكان بريطانيا وبقيت الممالك الثلاثة انكلترا وسكوتلندا وأيرلندا بدون ملك وخضعت الممالك الثلاثة لنظام شبه جمهوري يطلق عليه المؤرخون بحكومة الكومينويلث من عام 1649 ولغاية 1653 والمرحلة الثانية من 1659 ولغاية 1660 وبسبب الصراعات بين مختلف الأطراف في البرلمان نجح كرومويل في بسط سيطرته بأسم اللورد بروتيكتر والذي كان في الواقع دكتاتورا عسكريا لحين وفاته، جرف أنتصار البرلمان الكثير من الافكار والمثل العليا وحقق سيادة البرلمان ولكن في الأفق الأنكليزي كان هناك تحولا أخر ينتظر النضوج والذي سيتحقق أخيرا فيما يسمى بالثورة الجليلة عام 1688 .