منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

By خالد ع الشهري1
#46876
(حيث أسهم الاستعمار الغربي على المستوى العالمي في تأطير النظرية الغربية للمفاهيم المكونة للحقوق الأساسية للإنسان وسعى في كثير من الدول إلى فرض قيمه ومنظوره عن الحياة عن طريق القهر الاستعماري والسيطرة الاستبدادية المادة في كافة مجالات الحياة.

وفي المجتمعات الإسلامية ترسخت المفاهيم الغربية عن حقوق الإنسان بسبب غياب المفاهيم الإسلامية المنظمة للحقوق الشرعية للأفراد والجماعات مما أدى إلى بناء تصور للحقوق الإنسانية عند المسلمين مستمد من التجربة الغربية لمعالجة الواقع ومحاولة الارتقاء بحقوق الأفراد والجماعات مما أدى إلى بناء تصور للحقوق الإنسانية عند المسلمين مستمد من التجربة الغربية لمعالجة الواقع .. ولذلك يمكن القول إن المفاهيم والمبادئ الغربية صارت المرجع الأساسي لبناء قواعد اجتماعية لتنظيم الحقوق الفردية في العالم أجمع.)

(ومن هذا الاعتقاد تنطلق حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية والتي يبرز الفرق واضحاً بينها وبين الفكر الغربي المنظر لحقوق الإنسان، فالإسلام يرى أن الإنسان مكرم لتكريم الله تعالى له ومنحه إياه ذلك، ويرتبط التكريم بعبودية الإنسان لربه، بينما يرى الفكر الغربي ذلك حقاً طبيعياً ينبع من السيادة المطلقة للإنسان التي لا تعلوها سيادة والتكريم في الإسلام حين ينطلق من كونه منحة ترتبط بالعبودية يعني أن هناك أحوالاً يرتكس فيها الإنسان ويتجرد فيها من ذلك التكريم بكفره وبعده عن المنهج الشرعي الحق الذي تزدان به إنسانيته بينما لا يقر الفكر الغربي ذلك حيث يرى أن الإنسان ذو حقوق طبيعية ثابتة ينالها مهما كان مرتكباً للسوء طافحاً بالإثم والرذيلة)

(يترتب على ما أكده الإسلام من ارتباط الحقوق الشرعية للإنسان بما يعتنقه من عقائد وأفكار وما يمارسه من أحكام وتصرفات أن صار بإمكان الإنسان أن يرتقي في حقوقه بقدر سمو عقيدته وتصرفاته، فمثلاً باعتناق الإسلام يحق للفرد ان يكون رئيساً للدولة وأن يتولى كافة المناصب والمراكز السياسية في المجتمع الإسلامي وبالردة عن الإسلام تسقط عن حقوق شرعية عديدة كما يفقد حقه في الحياة إذا لم يرجع عن ردته).

(إن منطلق حقوق الإنسان في الغرب هو الحق الطبيعي المرتبط بذاتية الإنسان من الناحية الطبيعية بغض النظر عن الفكر والمنهج بينما الحق الشرعي للإنسان في الإسلام يستند على التكريم الإلهي للإنسان وهو منحة من الله تعالى ويرتبط بعبودية الإنسان لله تعالى وانصياعه لشرعه واتباعه لهدي رسله وذلك بالإضافة إلى التضاد والاختلاف الكامل بين الحقوق الشرعية في الإسلام وحقوق الإنسان في الفكر الغربي من حيث التكييف القانوني والتفصيلات والمقاصد والآثــار المترتـبة عليهـا).

(بالنسبة للحقوق في التصور الشرعي فإننا نجد أن الشريعة لم تميز بين أنواع الحقوق بوصفها حقوقا للرجل أو المراة أو حقوقا شخصية أو عقيدية حيث إن الحقوق في الشريعة إنما هي أحكام شرعية مستنبطة من الكتاب والسنة

ولذلك ليس هناك فرق بين حق الإنسان في منع التصدي والعدوان والظلم وحقه في المحاسبة السياسية للحكام حيث إن كلا منهما أمر شرعي دل عليه الكتاب والسنة كذلك لا يوجد في الشريعة إهمال لنوع من أنواع الحقوق على حساب نوع آخر بخلاف ما حصل في التنظيم الغربي القانوني الذي على سبيل المثال يسمح بالحرية الاقتصادية دون تحديد وسائل الحيازة والتي لا ترتبط بأطر أخلاقية أو دينية مما ينجم عنه ضياع لحقوق الفرد في ذلك الجانب وإهدار الكرامة الإنسانية في نهاية الأمر حيث قد تصبح مراكز الدعارة والربا والقمار وسائل اقتصادية قانونية رغم ما يترتب عليها من فساد.)

(أضف إلى ذلك أن الشريعة الإسلامية جاءت بأحكام تفصيلية لضمان حرمة الفرد في المجتمع المسلم ومن ذلك تحريم التجسس على الرعية من قبل الدولة ومن قبل الأفراد بعضهم على بعض ومنح حرمة المساكين ومنع دخولها إلا بإذن أهلها وتحريم التعذيب المادي والمعنوي والإيذاء والسجن بغير حكم شرعي.)

(ومن هذا العرض لمصدر الحقوق السياسية في الغرب يتبين خطأ جعل الحرية السياسية قاعدة يبنى عليها السلوك السياسي في الدولة الإسلامية، فالسيادة في الدولة الإسلامية بيد الشرع والشعب ليس في يده صلاحية إقرار الحقوق والواجبات لأنها مقررة شرعاً، كما أن استعارة مفهوم الحرية السياسية الغربي يؤدي إلى خلط في المفاهيم،

حيث حدد الإسلام أطراً شرعية لممارسة الحقوق السابقة كالبيعة الشرعية مثلاً في حق اختيار الحاكم، كما أوجب الإسلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذلك يربط بين حق إبداء الرأي وبين ما يجب على المسلم القيام به حين يستشعر قيام أمر مخالف للشرع مما يؤكد المسؤولية الفردية ويدعم المواقف الفردية والجماعية المتصدية للانحراف عن المنهج الشرعي

وبناء على ذلك ميز الإسلام في حقوق تولية المناصب السياسية والاعمال السياسية بين الأفراد بقدر التزامهم بالعقائد والاحكام الشرعية ومن هنا لا يجيز الإسلام تولية الكافر أو المسلم الفاسق الإمارة كما جعل الشورى حقاً للمسلمين دون غيرهم لارتباط هذه الممارسة السياسية بالعقيدة الإسلاميــة.)

(لا يجوز الربط بين إبداء الرأي في الإسلام والحرية التي قد تدفع المرء إلى قول الحق أو عدمه وإلى تبني الخير أو رفضه من منطلقات فردية مصلحية، ويؤكد هذا المعنى أن الإسلام لم يأت مطلقاً بحكم الحرية السياسية وإنما أتى بأحكام ثابتة كالوجوب والحرمة والندب والإباحة تتعلق بالأطر والممارسات السياسية في المجامع المسلمة والأصل في الأفعال أنها مقيدة بالشرع قال تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).

ولذلك فإبداء الرأي الذي أباحه الشرع مقيد بالأطر الشرعية التي وضعها الإسلام والتي لا يجوز للمسلم تجاوزها وعليه فالحرية السياسية التي تبيح للمرء من منطلق الحرية الشخصية إبداء رأيه وفق معتقداته الذاتية مرفوض أصلاً لكن الإنسان في الإسلام مقيد بالشرعية ولا يسمح له مطلقاً بالمناداة بآراء كفر كالشيوعية والإلحاد وما شابهها من أحكام كفر ومن هذا المنطلق أيضاً لا يجيز الإسلام تكوين الجماعات والأحزاب السياسية التي تبنى على مفاهيم عقائدية مخالفة للشرع.)

(أن القاعدة التي تبنى عليها الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الدولة الإسلامية مقيدة بالشرع وليست منطلقة من فكرة الحرية السياسية وذلك لأن الحرية السياسية تفترض سيادة الشعب والتي يرفضها الإسلام حيث يجعل السيادة بيد الشرع.)

(تنطلق المعارضة في الفكر الغربي من قاعدة حفظ الحرية الفردية ومنع الاستبداد وتهدف في الغالب إلى إظهار خطأ الممارسات السياسية للحكومة والكشف عنا بهدف إضعافها أو إسقاطها أما الإسلام فقد جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسيلة للتأكد من التزام الحاكم بالشرع لحراسة الدين من الضياع ومنع تفشي الظلم والفساد ولذلك فهدف الأمر بالمعروف ليس حفظ حقوق وحريات الأفراد فقط وإنما التأكيد على إقامة أحكام الإسلام.)

(ظهور الانحراف يستلزم وجود المحاسبة للحاكم وقيام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإزالة المنكر والتأكد من حسن تطبيق الشريعة الإسلامية أما المعارضة السياسية في الفكر الغربي فتبنى على اعتبار السلطة السياسية ذات أثر سلبي على حرية الأفراد مما يستلزم تقييدها في أضيق الحدود).

(تقوم الحرية الدينية في الفكر الغربي على مرتكزات تناقض مفهوم حرية العقيدة في الفكر الإسلامي فالحرية الدينية في الغرب تنطلق من قاعدة كون التدين صلة روحية محضة بين الإنسان وخالقه لا شان لها بكيان الدولة السياسي ولا علاقة لها بالبناء التشريعي والاجتماعي والاقتصادي الداخلي منه والخارجي لارتكاز الدولة على المبدأ القومي والعلماني الذي يفصل الدين عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية. )

(تعمل الدولة جاهدة على تبيان الحق ونشره ولها في ذلك منع الدعوة إلى البدعة والتحذير من شرها وكذلك التشهير بمن يدعو إليها ويعمل على إغواء العوام بها وذلك دون اللجوء من الدولة إلى القوة المادية من قتل أو سجن ودون قتالهم أو قتلهم ودون سلبهم حقوقهم المادية من فيء أو غيره ما داموا مقيمين على الطاعة وأيديهم مع سائر المسلمين ولم يخرجوا ببدعتهم إلى الكفر الصريح أو يخرجوا على الدولــة.)
(أما إن كان الاجتهاد والفهم في الفروع وله تأويل سائغ في النصوص الشرعية كاجتهادات فقهاء المذاهب فإن الدولة في هذه الحالة ليس لها مطلقاً اجبار أحد على مذهب فقهي معين أو العمل بحكم شرعي معين فيما يختص بالأفراد فيما بينهم إذا لم يحتكموا إلى الدولة وليس لها فرض فهم أو اجتهاد فقهي على العامة أو إجبارهم على التقيد به.)

(ان الردة من الجرائم ذات الخطورة البالغة على المجتمع والدولة والأمة الإسلامية والحس الاسلامي يرفض أن يكون هناك تساهل فيها، وقد شرع الإسلام القتل لجرائم أخف ضرراً حيث أمر بقتل الزاني المحصن بأسلوب رادع زاجر لما يترتب على فعله من نشر الفحشاء بين المسلمين وأمر بالقصاص حفظاً لأمن الجماعة فلا يعفل أن يكون معالجة جريمة الردة وعقاب مرتكبها والتي يترتب عليها انهيار أركان المجتمع بمجملة دون ذلك.