مكة شرفها الله
مرسل: الأربعاء ديسمبر 28, 2011 9:06 am
مكة أو مكة المكرمة هي مدينة مقدسة لدى المسلمين، بها المسجد الحرام، والكعبة التي تعد قبلة المسلمين في صلاتهم. تقع مكة في الحجاز في المملكة العربية السعودية، وهي عاصمة منطقة مكة المكرمة، تبعد عن المدينة المنورة حوالي 400 كيلومتر في الاتجاه الجنوبي الغربي، وعن مدينة الطائف حوالي 120 كيلومترا في الاتجاه الشرقي،[1] وعلى بعد 72 كيلومترا من مدينة جدة وساحل البحر الأحمر، وأقرب الموانئ لها هو ميناء جدة الإسلامي، وأقرب المطارات الدولية لها هو مطار الملك عبد العزيز الدولي. تقع مكة المكرمة عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالا، والطول 49/39 شرقا،[2] ويُعتبر هذا الموقع من أصعب التكوينات الجيولوجية، فأغلب صخورها جرانيتية شديدة الصلابة. تبلغ مساحة مكة المكرمة حوالي 550 كم²،[2] منها 88 كم² مأهولة بالسكان، وتبلغ مساحة المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام حوالي 6 كم²،[2] ويبلغ ارتفاع مكة عن مستوى سطح البحر حوالي 330 مترًا.[2]
يرجع تاريخ تأسيس مكة إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد، وكانت في بدايتها عبارة عن قرية صغيرة تقع في واد جاف تحيط بها الجبال من كل جانب،[3] ثم بدأ الناس في التوافد عليها والاستقرار بها في عصر النبي إبراهيم والنبي إسماعيل،[4] وذلك بعدما ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وابنه إسماعيل في هذا الوادي الصحراوي الجاف، وذلك امتثالاً لأمر الله،[5] فبقيا في الوادي حتى تفّجر بئر زمزم، ثم وفدت بعد ذلك أولى القبائل التي سكنت مكة وهي قبيلة جرهم[4] إحدى القبائل اليمنية الرحّآلة، وقد بدأت خلال تلك الفترة رفع قواعد الكعبة على يد النبي إبراهيم وابنه إسماعيل.
يبلغ عدد سكان مكة بحسب إحصائيات عام 2007، حوالي 1700000 نسمة[6] موزعين على أحياء مكة القديمة والجديدة. تضم مكة العديد من المعالم الإسلامية المقدسة، لعل من أبرزها المسجد الحرام وهو أقدس الأماكن في الأرض بالنسبة للمسلمين، ذلك لأنه يضم الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في الصلاة، كما أنه أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، وذلك حسب قول النبي محمد: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى"،[7][8] بالإضافة إلى ذلك، تعد مكة مقصد المسلمين في موسم الحج والعمرة[9] إذ أنها تضم المناطق التي يقصدها المسلمون خلاله وهي مزدلفة، منى وعرفة.
التسمية
عُرفت مكة عبر العصور المختلفة بأكثر من خمسين اسماً وكنية،[10] وعلى هذا فإن أصل تسمية مكة مجهول تقريبا، لكن تعددت الفرضيات حول أصل التسمية، فقيل أنها سميت مكة لأنها تمكّ الجبارين أي تذهب نخوتهم،[11] ويقال أيضا أنها سميت مكة لازدحام الناس فيها.[11] يقال أن مكة عرفت بهذا الاسم لأن العرب في الجاهلية كانت تقول بأنه لا يتم حجهم حتى يأتوا الكعبة فيمكون فيها أي يصفّون صفير المكأو، وهو طائر يسكن الحدائق،[11] ويصفقون بأيديهم إذا طافوا حولها. ويرى آخرون أنها سميت بكة لأنه لا يفجر أحد بها أو يعتدي على حرماتها إلا وبكت عنقه. يقول البعض أنها سُميت مكة لأنها كانت مزاراً مقدساً يؤمه الناس من كل الأنحاء للتعبد فيه.[12] أما كلمة بك فتعني في اللغة السامية الوادي،[13][14] وقد ورد في بعض الكتابات القديمة مدينة تسمى مكربة، وذهب الباحثون إلى أن هذه المدينة هي مكة.
اسم مكة مذكور في القرآن عدة مرات،[15] فسميت مكة في سورة الفتح في الآية: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾،[16] وسميت بكة في سورة آل عمران في: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾،[17] سميت أم القرى في سورة الأنعام في: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾،[18] وسميت أيضا البلد الأمين في سورة التين في: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ﴾،[19] هذا بالإضافة إلى أسمائها الأخرى مثل البلدة والبيت العتيق والحاطمة وأم زحم وغيرها.
تاريخ مكة
العصور المبكرة
يرجع تاريخ تأسيس مكة إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد،[20][21][22] أي أنها كانت موجودة قبل قيام النبي إبراهيم والنبي إسماعيل برفع أساسات الكعبة، وكانت مكة في بدايتها عبارة عن بلدة صغيرة سكنها بنو آدم إلى أن دمرت، بحسب المعتقد الإسلامي، أثناء الطوفان الذي ضرب الأرض في عهد النبي نوح،[23] وأصبحت المنطقة بعد ذلك عبارة عن واد جاف تحيط بها الجبال من كل جانب،[24] ثم بدأ الناس في التوافد عيها والاستقرار بها في عصر النبي إبراهيم والنبي إسماعيل، وذلك عندما تفّجر بئر زمزم عند قدمي النبي إسماعيل،[25] بعدما ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وولده إسماعيل في هذا الوادي الجاف. وبعد ذلك جاء ركب من قبيلة جرهم فسكنوا مكة، وكانوا أول أناس يسكنوها،[26] وقامت قبيلة جرهم خلال فترة حكمهم لمكة بدفن بئر زمزم، وأكلوا مال الكعبة الذي يُهدى لها،[27] واستمرت قبيلة جرهم في مكة حتى نهاية القرن الثالث الميلادي عندما استطاعت قبيلة خزاعة السيطرة عليها وتولي أمرها وطرد قبيلة جرهم منها.[27] استمرت خزاعة في مكة ما يقارب ثلاثمائة سنة،[27] وقام سيدها عمرو بن لحي بعبادة الأوثان، فكان أول من غيّر دين النبي إبراهيم وعبد الأوثان في شبه الجزيرة العربية.[28]
انتقل أمر مكة بعد ذلك من يد خزاعة إلى قريش وهي إحدى القبائل العربية التي تنتسب إلى كنانة من مضر، تحت أمرة "قصي بن كلاب" جد النبي محمد الرابع،[29] وقام ببناء دار الندوة ليجتمع فيها مع رجال قريش، وقام قصي بن كلاب قبل وفاته بتقسيم أمور الحرم على أولاده الأربع، فكانت سقاية البيت والرفاة والقيادة من نصيب ولده "عبد مناف بن قصي" الجد الثالث للنبي محمد.[29] بعد وفاة "عبد مناف بن قصي" تولى قيادة قريش ابنه "هاشم بن عبد مناف"، وبعد وفاته تولى القيادة وسقاية الحرم "عبد المطلب بن هاشم" الذي قام بحفر بئر زمزم مرة أخرى.[30] في ذلك الوقت كان "ابرهة الحبشي" ملك اليمن قد بنى كنيسة القليس ليحج إليها الناس جميعاً،[31] فلما لم يجد إقبالاً على هذه الكنيسة، خرج بجيشه المصحوب بالفيلة يريد تدمير الكعبة ليجبر العرب على الحج إلى كنيسته،[31] وعندما وصل إلى مكة أبت الفيلة التقدم نحو الكعبة، وعندها أرسل الله طيوراً أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل فدمرت أبرهه وجيشه، وفق المعتقد الإسلامي،[31] وقد سُمي هذا العام بعام الفيل وهو العام الذي ولد فيه النبي محمد.
العصر النبوي
كانت الجزيرة العربية قبل الإسلام عبارة عن مجموعة من القبائل البدوية، وكانت أغلبها تدين بالوثنية مع أقلية تدين باليهودية والمسيحية. وُلد النبي محمد بمكة في عام الفيل الذي يوافق عام 570،[32] وفي القرن السابع الميلادي ظهر الإسلام في مكة على يد النبي محمد، وبدأ في دعوة الناس إلى الدين الجديد، فأسلم معه أبو بكر الصديق[33] وخديجة بنت خويلد وعلي بن أبي طالب. كانت الدعوة الإسلامية في بدايتها سرية لمدة ثلاثة سنوات،[34] وكانت الاجتماعات تتم في دار الأرقم حتى أمر الله النبي بالجهر بالدعوة بين الناس،[34] وكانت تلك الدعوة سبباً في أغضاب سادة قريش، فأعد المشركون كافة الأساليب لإحباط هذه الدعوة، فقاموا بتعذيب المسلمين وإيذاء النبي بكافة الوسائل،[34] فكان عم النبي أبو طالب بن عبد المطلب يؤازره ويدافع عنه. لما اشتد أذى المشركين للمسلمين الضعفاء،[35] أمر النبي المسلمين بالهجرة إلى الحبشة،[35] فهاجر بعضهم إلى هناك، حيث رحب بهم "النجاشي" ملك الحبشة ونصرهم. وبعد ازدياد الأذى بالمسلمين وبالنبي، أمرهم الأخير بالخروج إلى يثرب، ثم قام النبي بعد ذلك بالهجرة إلى هناك، وذلك بعدما اتفق مع وفد قبيلتي الأوس والخزرج على نصرته وحمايته.[36]
بعد هجرة النبي محمد إلى المدينة المنورة، حدثت بعض المعارك بين المسلمين وقريش، كانت أولها غزوة بدر عام 2هـ، الموافق 624م، والتي انتهت بانتصار المسلمين،[37] ثم غزوة أحد، وبعد ذلك غزوة الخندق عام 5هـ، حتى جاء شهر شوال عام 6هـ، الموافق 628م، فخرج النبي مع بعض المسلمين في اتجاه مكة لآداء العمرة،[38] وعندما وصلوا إلى منطقة الحديبية رفضت قريش دخول النبي محمد وأصحابة إلى المدينة،[38] وعقدوا بعد ذلك صلح الحديبية الذي نص على وقف القتال وعودة النبي وأصحابة للعمرة في السنة المقبلة،[38] وحرية القبائل في الدخول في تحالف إما مع النبي وإما مع قريش. بعد عقد الصلح اختارت قبيلة خزاعة التي تقطن مكة الانضمام إلى حلف النبي، فيما دخل بنو بكر في حلف قريش، وقد كانت بين القبيلتين حروب قديمة،[39] فأراد بنو بكر أن يأخذوا بثأرهم القديم من خزاعة، فأغاروا عليها ليلاً وقتلوا منهم الكثير وذلك بمساعدة قريش نفسها،[39] فلما علم النبي بذلك أمر بالاستعداد لفتح مكة وكان ذلك سنة 8هـ، ولما وصل النبي محمد إلى مكة بجيشه دخلها بدون أي قتال،[39] وهدم الأصنام، وعفا عن أهل مكة من المشركين.[39] وعيّن عتاب بن أسيد أميراً على مكة، وقد أقام النبي فيها تسعة عشر يوماً فقط، ثم غادرها عائداً إلى المدينة المنورة.
العصور الوسطى والحديثة
منذ فتح مكة وحتى بعد وفاة النبي محمد عام 11هـ، الموافق 634م،[40] تولى إدارة مكة زعماء قريش[41] ومرت مكة بمرحلة من الاستقرار منذ بداية خلافة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وانتهت باغتيال عثمان بن عفان عام 35هـ، الموافق سنة 655م،[41] وبدأت مرحلة عدم الاستقرار في خلافة علي بن أبي طالب مرت خلالها الدولة الإسلامية بالكثير من الفتن والحروب، أبرزها موقعة الجمل، موقعة صفين، ومعركة النهروان،[41] وخلال هذه المرحلة اغتيل علي بن أبي طالب، وتولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة عام 41هـ، الموافق سنة 661م.[41] ولما توفي معاوية كانت مكة مركزاً لانطلاق المعارضة لحكم الأمويين، وذلك عندما رفض الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير مبايعة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان للخلافة،[41] وقد انتهت هذه المعارضة بمقتل الحسين بن علي في معركة كربلاء، ومقتل عبد الله بن الزبير في مكة بعد هجوم الحجاج بن يوسف الثقفي عليها ومحاصرتها عام 73هـ، الموافق عام 692م. قام الأمويون خلال حكمهم لمكة بالعديد من الإصلاحات مثل شق الطرق، والاهتمام بالأمور الدينية والعلمية، ولعل أبرز هذه الإصلاحات كان عام 91هـ عندما تم توسعة المسجد الحرام وتسقيف أروقته على يد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.[42]
عاشت مكة تحت حكم الخلافة الأموية حتى عام 132هـ، الموافق سنة 750م، عندما قامت الخلافة العباسية على يد أبي العباس عبد الله السفاح،[43] وقد اهتم العباسيون بعمارة المسجد الحرام حيث تم توسعة المسجد في عهد أبي جعفر المنصور،[43] ولعل أبرز الأحداث التي مرت بها مكة في هذه الفترة استيلاء القرامطة عليها وسرقتهم للحجر الأسود عام 317هـ، الموافق عام 929م، ولكن تمت إعادته عام 330هـ، الموافق سنة 941م. بعد خروج مكة من نفوذ الدولة العباسية، خضعت المدينة لسيطرة الكثير من الدول مثل الدولة الإخشيدية، الدولة الفاطمية، الدولة الأيوبية،[43] والدولة العثمانية التي كان من أهم انجازاتها إنشاء سكة حديد الحجاز، إلى أن حكم الهاشميون الحجاز واستمروا فيه حتى عام 597هـ، الموافق سنة 1200م، عندما أجلاهم الأشراف من مكة وتولوا حكمها وإدارتها. بقي الأشراف حكاماً لمكة على أن يكون ولائهم للدولة التي تسيطر على منطقة الحجاز، وقد استمر حكم الأشراف لمنطقة الحجاز حتى قيام الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1351هـ، الموافق عام 1932م.[44]
المرحلة المعاصرة
في يونيو من عام 1916 اندلعت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين بن علي حاكم مكة[45] ضد الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على الحجاز، وبمساعدة من بريطانيا وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى،[45] وتمكن أفراد القبائل الذين انضموا إلى الثورة من تفجير خط سكة حديد الحجاز بمساعدة ضابط المخابرات البريطاني "إدوارد لورنس"،[46] وبهذا منعوا وصول الدعم العثماني إلى الحجاز، وانتهت هذه الحركة بطرد الجيش العثماني من الحجاز، بعد ذلك أعلن الشريف حسين بن علي عن قيام مملكة الحجاز.[45] واستمرت هذه المملكة قائمة حتى دخل الملك عبد العزيز آل سعود مكة في 17 ربيع الأول 1343هـ، الموافق 16 أكتوبر 1924، مع جيشه وجيوش حلفائه من الإخوان بقيادة فيصل الدويش أمير قبيلة مطير من نجد،[47] وذلك بعد انتصارهم على جيش الشريف حسين بن علي، وهرب الشريف حسين بعد ذلك إلى جدة ومنها إلى العقبة التي يحكمها ولده عبد الله الأول بن الحسين. بعد ذلك تولى الشريف علي بن الحسين حكم مكة لفترة استمرت عاماً واحداً،[48] ثم هرب إلى العراق، وتم تعيين الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود كأول أمير على مكة من أسرة آل سعود.
اهتم القادة السعوديون منذ عهد الملك عبد العزيز وحتى الآن بتطوير مكة وتوسعة وتحسين المسجد الحرام، فتمت توسعة المسجد في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود[49] عام 1375هـ، الموافق سنة 1955م، ثم في عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود، ونتجت عن هذه التوسعة زيادة الأماكن المخصصة للمصلين من 50 ألف مصل إلى 300 ألف مصل،[50] واستغرق إنجاز هذه التوسعة حوالي عشر سنوات. مرت مكة في العصر الحديث بالعديد من الأحداث البارزة مثل حادثة الحرم المكي حيث قامت جماعة التكفير والهجرة السلفية المتشددة بقيادة المدعو جهيمان العتيبي باقتحام المسجد الحرام في 1 محرم 1400هـ، الموافق 20 نوفمبر 1979م، ومعه 200 مسلح في محاولة منهم لقلب نظام الحكم في السعودية،[51] وسيطر المسلحون على إذاعة المسجد الداخلية وتحصنوا في المآذن وأغلقوا أبواب الحرم[52] واستمر الحصار لمدة أسبوعين كاملين[52] حتى اقتحمت قوات الأمن السعودية المسجد الحرام في 14 محرم 1400هـ، الموافق 4 ديسمبر 1979، بمساعدة فرقة قوات خاصة باكستانية وفريق استشاري فرنسي،[52] وتم استعادة السيطرة على المسجد، وأسفرت حصيلة العمليات عن مقتل 255 شخصاً وإصابة ما يقارب 560 آخرين.[52]
لم يكن استيلاء جهيمان وجماعته على المسجد الحرام الحادث البارز الوحيد في تاريخ مكة الحديث، ففي 31 يوليو 1987 قام بعض الحجاج الإيرانيين بمظاهرات عارمة أثناء موسم الحج منددة بالولايات المتحدة عُرفت بأحداث مكة 1987،[53] وقاموا بسد الطرقات وإحراق السيارات ومنع الحجاج الآخرين والأهالي من الذهاب إلى وجهاتهم،[53] فحاول بعض الحجاج التدخل لتهدئة الإيرانيين وفض المظاهرات لكنهم رفضوا هذا المطالب،[53] ثم بدأ المتظاهرين في التوجه إلى المسجد الحرام رافعين شعارات الثورة الإسلامية في إيران وصور مرشدها العام آية الله الخميني، فتدخلت قوات الأمن السعودية لإنهاء تلك التظاهرات،[53] وأسفرت هذه المواجهات بين قوات الأمن السعودية والمتظاهرين الإيرانيين عن مقتل 402 شخصاً (275 من الحجاج الإيرانيين، 85 من السعوديين، 45 حاجاً من بلدان أخرى)، وعن إصابة 649 شخصاً (303 من الحجاج الإيرانيين، 145 من السعوديين، 201 حاجاً من بلدان أخرى).[53]
الجغرافيا
الجبال
• جبل النور: من أبرز معالم مكة، إذ يضم غار حراء[57] وهو الغار الذي كان يتعبد به النبي محمد قبل البعثة، وفيه أيضاً نزل الوحي، يبلغ ارتفاع هذا الجبل 642 متراً[57] وتبلغ مساحته حوالي 5250م².
• جبل ثور: أحد جبال مكة ومن أبرز معالمها، يضم غار ثور الذي مكث فيه النبي محمد وصاحبه أبو بكر ثلاث ليال أثناء الهجرة إلى يثرب،[58] يبلغ ارتفاع قمته 728 متراً، ويمتد من الشمال إلى الجنوب على مسافة 4123 متراً.
• جبل عمر: أحد جبال مكة، يتم حالياً إزالة أجزاء واسعة منه لإقامة مشروع يضم العديد من الفنادق والواحدات السكنية، يسمى مشروع تطوير جبل عمر.
• جبل خندمة: أحد جبال مكة يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الحرام، يمتد في اتجاه طولي من الشمال إلى الجنوب بطول يتجاوز 3 كيلومترات، ويبلغ عرض الجبل بالأجزاء الوسطى حوالي 800 متراً.
• جبل عرفة: أحد جبال مكة يقع على بعد 20 كيلومتر شرق المدينة، ويعد من أهم معالم مكة، إذ تُقام عنده أهم مناسك الحج وهي يوم عرفة التي تكون في يوم التاسع من شهر ذو الحجة.
• جبل أبي قبيس: أحد جبال مكة، يقع في الجهة الشرقية من المسجد الحرام، سُمي بهذا الاسم لأن رجلاً يدعى "أبو قبيس" أول من قام بالبناء فوقه، ويبلغ ارتفاعه حوالي 420 متراً.
• جبل قعيقعان: يُسمى أيضاً "جبل قرن"، يقع في الجهة الغربية من المسجد الحرام، يمتد من حارة الباب إلى القرارة، ويبلغ ارتفاعه حوالي 430 متراً.
الأودية
تضم مكة الكثير من الأودية بحكم موقعها في شبه الجزيرة العربية، ومن أبرز هذه الأودية:
• وادي فاطمة
• وادي نعمان
• وادي عرنة
• وادي ضيم
• وادي عبقر
• وادي فخ
• وادي محسر
• وادي الجن
• وادي بكة
• وادي التنعيم
• وادي حنين
• وادي سرف
الاقتصاد
أفاد موقع مكة الاستراتيجي بوصفها محطة للقوافل بين الشمال والجنوب أيام الجاهلية في إمساكها بزمام التجارة بين أطراف شبه الجزيرة العربية وبين الطرفين المتنافسين، أي الفرس والروم،[61] كما أفادت مكة من الأسواق التي أقامتها للتجارة ولاتخاذها منتديات أدبية، وتمتعت مكة بظروف اقتصادية جيدة إلى حد ما من خلال مزاولتها للتجارة الداخلية والخارجية، وتمكن أهلها من تحقيق ثروات كبيرة من هذه التجارة عوضتهم عن فقر البيئة التي تحيط بالمدينة،[61] وقد استطاع تجار مكة إنشاء علاقات تجارية مع كل من الأحباش والمصريين مستفيدين من اقترابها من البحر الأحمر،[61] حيث استخدموا سفناً تجارية تعمل لحسابهم. استخدم أهل مكة في تجارتهم النقود المتداولة في تلك العصور وهي الدينار الدرهم.[61]
يعتمد اقتصاد مكة الحديث بشكل رئيسي على محورين أساسيين هما المواسم الدينية والإنفاق الحكومي،[62] يُشكل موسم الحج والعمرة مصدر دخل أساسي لأهل مكة، وتُعد السلع والخدمات التي توفرها مدينة مكة لزوار المسجد الحرام، بمثابة صادرات غير منظورة، إذ أن أغلب زوار مكة يحرصون على شراء بعض الذكريات أو الهدايا لأحبائهم. أما المحور الآخر في الاقتصاد المكي هو الإنفاق الحكومي. تُقدّر الميزانية السنوية التي تخصصها الحكومة السعودية لأمانة العاصمة المقدسة بحوالي 50 مليون دولار أمريكي،[63] يتم صرفها في الخدمات الأساسية من بنية تحتية، تطوير وتنفيذ المخططات التنموية، بناء المساكن، تشييد الطرق، فضلاً عن العناية بالمسجد الحرام والمشاعر المقدسة وما تتضمنه من توسعات وتجديدات وإصلاحات.
المدينة الحديثة
المساجد
تضم مكة الكثير من المساجد، منها ما هو قديم، ومنها ما هو حديث وفيما يلي بعض أبرز مساجد المدينة بخلاف المسجد الحرام:
• مسجد التنعيم: هو أحد مساجد مكة، يقع على حدود طريق المدينة المنورة، يُعتبر مسجد التنعيم أحد مواقيت الإحرام لأهل مكة، تُقدر المسافة بينه وبين المسجد الحرام بجوالي 6 كيلومترات.
• مسجد نمرة: أحد مساجد مكة، يقع في عرفة، وقد صلى في موضعه النبي محمد يوم عرفة في حجة الوداع، وتُقام فيه صلاتا الظهر والعصر جمعاً في يوم عرفه أثناء موسم الحج.
• مسجد الإجابة: أحد مساجد مكة، يقع في حي المعابدة بشعبة الأجابة على يسار المتجه إلى منى، ولقد صلى في موضعه النبي محمد، تم بناءه في القرن الثاني الهجري.
• مسجد البيعة: أو مسجد العقبة، أحد مساجد مكة، بناه أبو جعفر المنصور سنة 144هـ في موضع البيعة حيث قام النبي محمد بالاجتماع مع الأنصار عندما بايعوه بيعة العقبة.
• مسجد الراية: أحد مساجد مكة، هو من المساجد التي صلى بها النبي، بنى المسجد في المرة الأولى عبد الله بن عباس، ثم بناه بعد ذلك الخليفة العباسي "المستعصم بالله" سنة 640هـ.
معالم مكة
المسجد الحرام
هو أعظم مسجد في الإسلام، يقع في قلب مكة، تتوسطه الكعبة المشرفة التي هي أول بناء وضع على وجه الأرض وفق المعتقد الإسلامي،[81] وهذه هي أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين، والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم، سُمي بالمسجد الحرام لحرمه القتال فيه منذ فتح مكة على يد النبي محمد، والمسجد الحرام هو أول المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال.[7] يضم المسجد الحرام العديد من المعالم وهي: الكعبة،[82] حجر إسماعيل، بئر زمزم، مقام إبراهيم، الصفا والمروة، والحجر الأسود.
غار حراء
هو الغار الذي كان يتعبد فيه النبي محمد قبل أن يوحى إليه،[83] فغار حراء هو المكان الذي نزل الوحي فيه لأول مرة. يقع غار حراء في أعلى جبل النور الواقع شرق مكة، ويبعد مسافة 4 كيلومترات تقريبا عن المسجد الحرام. غار حراء هو عبارة عن فجوة في الجبل، بابها نحو الشمال، طولها أربعة أذرع وعرضها ذراع وثلاثة أرباع،[84] ويمكن لخمسة أشخاص فقط الجلوس فيها في آن واحد، والداخل لغار حراء يكون متجهاً نحو الكعبة المشرفة كما ويمكن للواقف على الجبل أن يرى مكة وأبنيتها.
غار ثور
هو غار يقع أعلى جبل ثور الواقع بجنوب مكة. ارتبط اسمه بهجرة النبي إلى المدينة المنورة، فهو الغار الذي دخله النبي أثناء الهجرة ومعه صاحبه أبو بكر الصديق، وعندما جاء كفّار مكة يبحثون عنهما، أوحى الله إلى العنكبوت بأن تنسج خيوطها على باب الغار،[85] وأوحى إلى حمامة بأن تصنع عشاً وتبيض فيه دليل على عدم وجود أي شخص في هذا الغار منذ وقت طويل، وبهذا لم تكتشف قريش وجود النبي وصاحبه داخل الغار، وفق المعتقد الإسلامي.
مقبرة المعلاة
هي مقبرة عامة لأهل مكة، تقع في بداية طريق الحجون على يمين المتوجه إلى المسجد الحرام من جهة حي المعابدة، تضمّ مقبرة المعلاة جثمان أمّ المؤمنين وزوجة النبي محمد خديجة بنت خويلد، وفيها أماكن مجهزة لتغسيل وتكفين الموتى كما يوجد بها سيارات إسعاف لنقل الموتى ضمن إدارة خاصة تتبع أمانة العاصمة المقدسة، وعادة ما يحمل الموتى لمقبرة المعلاة بعد الصلاة عليهم بالمسجد الحرام لدفنها، وتُعتبر المسافة بين المسجد الحرام وبين مقبرة المعلاة قريبة نسبيا.
أبراج البيت
هي مجموعة أبراج تحت الإنشاء تقع بجوار المسجد الحرام، وهي رابع أعلى ناطحة سحاب في العالم عند الاكتمال، حيث يبلغ ارتفاعها 595 متراً،[86] كما يُعتبر أضخم برج من حيث المساحة في العالم، يشتمل المشروع على ستة أبراج سكنية هي: برج الصفا، برج المروة، برج هاجر، برج سارة، برج زمزم، وبرج المقام، أما البرج السابع فهو برج الفندق والذي سيكون أعلى هذه الأبراج ارتفاعاً، وسيتم عليه بناء أعلى ساعة في العالم،[87][88] وسيبلغ ارتفاعها حوالي 545 متراً.
مسجد التنعيم
هو أحد مساجد مكة، يقع على حدود طريق المدينة المنورة. يُعتبر مسجد التنعيم أحد مواقيت الإحرام لأهل مكة.[89] حيث دعا النبي محمد "عبد الرحمن بن أبي بكر" فقال له: "اخرج بأختك من الحرم إلى التنعيم فلتهل بالعمرة ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا".[90][91] يقع المسجد في الجهة الشمالية الغربية من المسجد الحرام، وتُقدر المسافة بينه وبين الحرم حوالي 6148 متراً.
مسجد نمرة
أحد مساجد مكة، يقع في عرفة، وقد صلى في موضعه النبي محمد يوم عرفة في حجة الوداع، وتقام فيه صلاتا الظهر والعصر جمعا في يوم عرفه أثناء موسم الحج، ويستمع فيه الحجيج إلى خطبة عرفات، والمسجد الآن من المساجد الضخمة، وإن كان لا يكفي كل الحجاج الذين يصل عددهم الآن إلى مليونين حاج تقريباً، وهذا المسجد ليس كله من عرفات، فالجزء الغربي منه - وهو الجزء الذي به محرابه ومنبره - لا يدخل ضمن حدود عرفات، لكن الصلاة فيه جائزة.
منى
هي منطقة صحراوية تبعد عن شرق مكة حوالي 5 كيلومترات، تقع في الطريق بين مكة وجبل عرفة. تُعرف المنطقة لدورها الهام بالنسبة لمؤدي مناسك الحج، حيث يمكث فيها العديد من الحجاج سنوياً مؤقتاً في أيام التشريق الثلاثة، كما أنها موقع رمي الجمرات الذي يُؤدى بين شروق وغروب الشمس في آخر أيام الحج.
جسر الجمرات
هو جسر يوجد في منطقة منى في مكة وهو جسر مخصص لسير الحجاج لرمي جمرة العقبة أثناء موسم الحج، وهو يضم جمرة العقبة الصغرى، جمرة العقبة الوسطى، جمرة العقبة الكبرى، وقد شهد هذا الجسر العديد من حوادث التدافع بين الحجاج أدت إلى وفاة المئات. وقد تم هدم الجسر القديم ويتم الآن إنشاء جسر آخر بديل مكون من أربعة طوابق، وبتكلفة تصل إلى 1,7 مليار
النقل والمواصلات
المطارات
• مطار الملك عبد العزيز الدولي: هو مطار دولي يقع على بعد 19 كيلومتراً شمال مدينة جدة، الميناء الأول في السعودية. بدأ بناء المطار في عام 1974،[93] وتم افتتاحه رسمياً في إبريل من عام 1981. تبلغ مساحة أرض المطار حوالي 105 كم²، ويُعتبر مطار الملك عبد العزيز البوابة الجوية الرئيسية لمكة والتي عن طريقها يصل الحجاج والمعتمرين نظراً لعدم وجود مطار خاص بمكة.
• مطار الطائف الإقليمي: هو مطار إقليمي يبعد عن مدينة الطائف حوالي 30 كيلومتر، باتجاه الشرق، كما يبعد عن مكة مسافة 70 كيلومترا، وقد شهد المطار هبوط أول طائرة للملك عبد العزيز آل سعود،[94] وتزداد أهمية المطار بحكم قربه من مكة والمشاعر المقدسة، إضافة إلى أهمية مدينة الطائف كأحد مصائف السعودية.
الأنفاق والطرق السريعة
• الأنفاق
تمتلك مكة شبكة من الأنفاق المنتشرة في جميع أنحائها وذلك بحكم طبيعتها الجبلية، يبلغ عددها 50 نفقاً للسيارات[95] وعشرة أنفاق للمشاة، بطول 26 كيلومترا،[96] ومن أبرز هذه الأنفاق: أنفاق أجياد السد، مجموعة أنفاق شعب عامر، مجموعة أنفاق باب الملك، مجموعة أنفاق طريق المشاة المعيصم، مجموعة أنفاق جسر الملك خالد، مجموعة أنفاق الفيصلية، ومجموعة أنفاق السليمانية،[95] وغيرها الكثير.
• الطرق السريعة
بوابة مكة على طريق مكة - جدة السريع.
بالنسبة للطرق، تمتلك مكة شبكة من الطرق السريعة تربطها بباقي مدن منطقة مكة المكرمة أو بالمناطق الأخرى، فيما يلي أبرز هذه الطرق:[97]
• طريق الهدا (والمؤدي إلى مدينة الطائف)
• طريق السيل الكبير (والمؤدي إلى مدينة الطائف)
• طريق مكة - جدة السريع
• طريق مكة - المدينة المنورة السريع
• طريق مكة - جيزان السريع
• طريق مكة الدائري.
القطارات
مشاريع السكك الحديدية المستقبلية في السعودية.
• قطار الحرمين السريع: سيتم ربط مكة بالمدينة المنورة من خلال مشروع قطار الحرمين السريع، [98] وهو مشروع خط سكة حديدية كهربائي يربط بين منطقتي مكة والمدينة المنورة مروراً بمحافظتي جدة ورابغ بطول 450 كيلومترا،[98] وسيتم في المرحلة الأولى من المشروع بناء خمس محطات ركاب، منها محطتان في مكة، ومحطتان في مدينة جدة في كل من مطار الملك عبد العزيز الدولي ووسط المدينة،[99] والمحطة الخامسة ستكون في المدينة المنورة.
• قطار المشاعر المقدسة: هو مشروع خط سكة حديدية يربط مكة بالمشاعر المقدسة منى، عرفة، ومزدلفة، تبلغ كلفة المشروع نحو 6.7 مليارات ريال سعودي،[100][101] وبدأ تنفيذ المشروع منذ بداية عام 2009 من خلال الشركة الصينية لإنشاء السكك الحديدية.[102] تبدأ المحطات الأولى للقطار داخل مكة، ثم يمر القطار بثلاث محطات في مشعر عرفات ومثلها في مشعر مزدلفة ثم أول مشعر منى ووسطه وتكون المحطة الأخيرة عند جسر الجمرات.[103]
أعلام مكة
• محمد بن عبد الله، نبي الإسلام وخاتم الأنبياء، ولد في عام الفيل، نزل عليه الوحي وكلف بالرسالة في سن الأربعين.
• أبو بكر الصديق، صحابي ممن رافقوا النبي محمد منذ بدء الإسلام، ويعتبر الصديق المقرب له، أول الخلفاء الراشدين.
• بلال بن رباح، أحد الصحابه، كان عبدا من عبيد قريش أعلن إسلامه فعذبه سيده أمية بن خلف فابتاعه أبو بكر الصديق وأعتقه.
• عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أول من عمل بالتقويم الهجري.
• عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام.
• علي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد وصهره، رابع الخلفاء الراشدين، بويع بالخلافة سنة 35 هـ.
• عمرو بن العاص، أحد الصحابه، داهية من دهاة العرب، وصاحب رأي وفكر، دخل في الإسلام بعد غزوة الخندق.
• أسامة خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، وهو خلف لأبيه عبد الله خياط في إمامة الحرم، ولد في حي حارة الباب في فبراير 1956.
• عبد الباري الثبيتي، إمام المسجد الحرام سابقاً، وإمام المسجد النبوي حالياً، ولد في مكة عام 1960.
يرجع تاريخ تأسيس مكة إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد، وكانت في بدايتها عبارة عن قرية صغيرة تقع في واد جاف تحيط بها الجبال من كل جانب،[3] ثم بدأ الناس في التوافد عليها والاستقرار بها في عصر النبي إبراهيم والنبي إسماعيل،[4] وذلك بعدما ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وابنه إسماعيل في هذا الوادي الصحراوي الجاف، وذلك امتثالاً لأمر الله،[5] فبقيا في الوادي حتى تفّجر بئر زمزم، ثم وفدت بعد ذلك أولى القبائل التي سكنت مكة وهي قبيلة جرهم[4] إحدى القبائل اليمنية الرحّآلة، وقد بدأت خلال تلك الفترة رفع قواعد الكعبة على يد النبي إبراهيم وابنه إسماعيل.
يبلغ عدد سكان مكة بحسب إحصائيات عام 2007، حوالي 1700000 نسمة[6] موزعين على أحياء مكة القديمة والجديدة. تضم مكة العديد من المعالم الإسلامية المقدسة، لعل من أبرزها المسجد الحرام وهو أقدس الأماكن في الأرض بالنسبة للمسلمين، ذلك لأنه يضم الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في الصلاة، كما أنه أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، وذلك حسب قول النبي محمد: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى"،[7][8] بالإضافة إلى ذلك، تعد مكة مقصد المسلمين في موسم الحج والعمرة[9] إذ أنها تضم المناطق التي يقصدها المسلمون خلاله وهي مزدلفة، منى وعرفة.
التسمية
عُرفت مكة عبر العصور المختلفة بأكثر من خمسين اسماً وكنية،[10] وعلى هذا فإن أصل تسمية مكة مجهول تقريبا، لكن تعددت الفرضيات حول أصل التسمية، فقيل أنها سميت مكة لأنها تمكّ الجبارين أي تذهب نخوتهم،[11] ويقال أيضا أنها سميت مكة لازدحام الناس فيها.[11] يقال أن مكة عرفت بهذا الاسم لأن العرب في الجاهلية كانت تقول بأنه لا يتم حجهم حتى يأتوا الكعبة فيمكون فيها أي يصفّون صفير المكأو، وهو طائر يسكن الحدائق،[11] ويصفقون بأيديهم إذا طافوا حولها. ويرى آخرون أنها سميت بكة لأنه لا يفجر أحد بها أو يعتدي على حرماتها إلا وبكت عنقه. يقول البعض أنها سُميت مكة لأنها كانت مزاراً مقدساً يؤمه الناس من كل الأنحاء للتعبد فيه.[12] أما كلمة بك فتعني في اللغة السامية الوادي،[13][14] وقد ورد في بعض الكتابات القديمة مدينة تسمى مكربة، وذهب الباحثون إلى أن هذه المدينة هي مكة.
اسم مكة مذكور في القرآن عدة مرات،[15] فسميت مكة في سورة الفتح في الآية: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾،[16] وسميت بكة في سورة آل عمران في: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾،[17] سميت أم القرى في سورة الأنعام في: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾،[18] وسميت أيضا البلد الأمين في سورة التين في: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ﴾،[19] هذا بالإضافة إلى أسمائها الأخرى مثل البلدة والبيت العتيق والحاطمة وأم زحم وغيرها.
تاريخ مكة
العصور المبكرة
يرجع تاريخ تأسيس مكة إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد،[20][21][22] أي أنها كانت موجودة قبل قيام النبي إبراهيم والنبي إسماعيل برفع أساسات الكعبة، وكانت مكة في بدايتها عبارة عن بلدة صغيرة سكنها بنو آدم إلى أن دمرت، بحسب المعتقد الإسلامي، أثناء الطوفان الذي ضرب الأرض في عهد النبي نوح،[23] وأصبحت المنطقة بعد ذلك عبارة عن واد جاف تحيط بها الجبال من كل جانب،[24] ثم بدأ الناس في التوافد عيها والاستقرار بها في عصر النبي إبراهيم والنبي إسماعيل، وذلك عندما تفّجر بئر زمزم عند قدمي النبي إسماعيل،[25] بعدما ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وولده إسماعيل في هذا الوادي الجاف. وبعد ذلك جاء ركب من قبيلة جرهم فسكنوا مكة، وكانوا أول أناس يسكنوها،[26] وقامت قبيلة جرهم خلال فترة حكمهم لمكة بدفن بئر زمزم، وأكلوا مال الكعبة الذي يُهدى لها،[27] واستمرت قبيلة جرهم في مكة حتى نهاية القرن الثالث الميلادي عندما استطاعت قبيلة خزاعة السيطرة عليها وتولي أمرها وطرد قبيلة جرهم منها.[27] استمرت خزاعة في مكة ما يقارب ثلاثمائة سنة،[27] وقام سيدها عمرو بن لحي بعبادة الأوثان، فكان أول من غيّر دين النبي إبراهيم وعبد الأوثان في شبه الجزيرة العربية.[28]
انتقل أمر مكة بعد ذلك من يد خزاعة إلى قريش وهي إحدى القبائل العربية التي تنتسب إلى كنانة من مضر، تحت أمرة "قصي بن كلاب" جد النبي محمد الرابع،[29] وقام ببناء دار الندوة ليجتمع فيها مع رجال قريش، وقام قصي بن كلاب قبل وفاته بتقسيم أمور الحرم على أولاده الأربع، فكانت سقاية البيت والرفاة والقيادة من نصيب ولده "عبد مناف بن قصي" الجد الثالث للنبي محمد.[29] بعد وفاة "عبد مناف بن قصي" تولى قيادة قريش ابنه "هاشم بن عبد مناف"، وبعد وفاته تولى القيادة وسقاية الحرم "عبد المطلب بن هاشم" الذي قام بحفر بئر زمزم مرة أخرى.[30] في ذلك الوقت كان "ابرهة الحبشي" ملك اليمن قد بنى كنيسة القليس ليحج إليها الناس جميعاً،[31] فلما لم يجد إقبالاً على هذه الكنيسة، خرج بجيشه المصحوب بالفيلة يريد تدمير الكعبة ليجبر العرب على الحج إلى كنيسته،[31] وعندما وصل إلى مكة أبت الفيلة التقدم نحو الكعبة، وعندها أرسل الله طيوراً أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل فدمرت أبرهه وجيشه، وفق المعتقد الإسلامي،[31] وقد سُمي هذا العام بعام الفيل وهو العام الذي ولد فيه النبي محمد.
العصر النبوي
كانت الجزيرة العربية قبل الإسلام عبارة عن مجموعة من القبائل البدوية، وكانت أغلبها تدين بالوثنية مع أقلية تدين باليهودية والمسيحية. وُلد النبي محمد بمكة في عام الفيل الذي يوافق عام 570،[32] وفي القرن السابع الميلادي ظهر الإسلام في مكة على يد النبي محمد، وبدأ في دعوة الناس إلى الدين الجديد، فأسلم معه أبو بكر الصديق[33] وخديجة بنت خويلد وعلي بن أبي طالب. كانت الدعوة الإسلامية في بدايتها سرية لمدة ثلاثة سنوات،[34] وكانت الاجتماعات تتم في دار الأرقم حتى أمر الله النبي بالجهر بالدعوة بين الناس،[34] وكانت تلك الدعوة سبباً في أغضاب سادة قريش، فأعد المشركون كافة الأساليب لإحباط هذه الدعوة، فقاموا بتعذيب المسلمين وإيذاء النبي بكافة الوسائل،[34] فكان عم النبي أبو طالب بن عبد المطلب يؤازره ويدافع عنه. لما اشتد أذى المشركين للمسلمين الضعفاء،[35] أمر النبي المسلمين بالهجرة إلى الحبشة،[35] فهاجر بعضهم إلى هناك، حيث رحب بهم "النجاشي" ملك الحبشة ونصرهم. وبعد ازدياد الأذى بالمسلمين وبالنبي، أمرهم الأخير بالخروج إلى يثرب، ثم قام النبي بعد ذلك بالهجرة إلى هناك، وذلك بعدما اتفق مع وفد قبيلتي الأوس والخزرج على نصرته وحمايته.[36]
بعد هجرة النبي محمد إلى المدينة المنورة، حدثت بعض المعارك بين المسلمين وقريش، كانت أولها غزوة بدر عام 2هـ، الموافق 624م، والتي انتهت بانتصار المسلمين،[37] ثم غزوة أحد، وبعد ذلك غزوة الخندق عام 5هـ، حتى جاء شهر شوال عام 6هـ، الموافق 628م، فخرج النبي مع بعض المسلمين في اتجاه مكة لآداء العمرة،[38] وعندما وصلوا إلى منطقة الحديبية رفضت قريش دخول النبي محمد وأصحابة إلى المدينة،[38] وعقدوا بعد ذلك صلح الحديبية الذي نص على وقف القتال وعودة النبي وأصحابة للعمرة في السنة المقبلة،[38] وحرية القبائل في الدخول في تحالف إما مع النبي وإما مع قريش. بعد عقد الصلح اختارت قبيلة خزاعة التي تقطن مكة الانضمام إلى حلف النبي، فيما دخل بنو بكر في حلف قريش، وقد كانت بين القبيلتين حروب قديمة،[39] فأراد بنو بكر أن يأخذوا بثأرهم القديم من خزاعة، فأغاروا عليها ليلاً وقتلوا منهم الكثير وذلك بمساعدة قريش نفسها،[39] فلما علم النبي بذلك أمر بالاستعداد لفتح مكة وكان ذلك سنة 8هـ، ولما وصل النبي محمد إلى مكة بجيشه دخلها بدون أي قتال،[39] وهدم الأصنام، وعفا عن أهل مكة من المشركين.[39] وعيّن عتاب بن أسيد أميراً على مكة، وقد أقام النبي فيها تسعة عشر يوماً فقط، ثم غادرها عائداً إلى المدينة المنورة.
العصور الوسطى والحديثة
منذ فتح مكة وحتى بعد وفاة النبي محمد عام 11هـ، الموافق 634م،[40] تولى إدارة مكة زعماء قريش[41] ومرت مكة بمرحلة من الاستقرار منذ بداية خلافة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وانتهت باغتيال عثمان بن عفان عام 35هـ، الموافق سنة 655م،[41] وبدأت مرحلة عدم الاستقرار في خلافة علي بن أبي طالب مرت خلالها الدولة الإسلامية بالكثير من الفتن والحروب، أبرزها موقعة الجمل، موقعة صفين، ومعركة النهروان،[41] وخلال هذه المرحلة اغتيل علي بن أبي طالب، وتولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة عام 41هـ، الموافق سنة 661م.[41] ولما توفي معاوية كانت مكة مركزاً لانطلاق المعارضة لحكم الأمويين، وذلك عندما رفض الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير مبايعة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان للخلافة،[41] وقد انتهت هذه المعارضة بمقتل الحسين بن علي في معركة كربلاء، ومقتل عبد الله بن الزبير في مكة بعد هجوم الحجاج بن يوسف الثقفي عليها ومحاصرتها عام 73هـ، الموافق عام 692م. قام الأمويون خلال حكمهم لمكة بالعديد من الإصلاحات مثل شق الطرق، والاهتمام بالأمور الدينية والعلمية، ولعل أبرز هذه الإصلاحات كان عام 91هـ عندما تم توسعة المسجد الحرام وتسقيف أروقته على يد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.[42]
عاشت مكة تحت حكم الخلافة الأموية حتى عام 132هـ، الموافق سنة 750م، عندما قامت الخلافة العباسية على يد أبي العباس عبد الله السفاح،[43] وقد اهتم العباسيون بعمارة المسجد الحرام حيث تم توسعة المسجد في عهد أبي جعفر المنصور،[43] ولعل أبرز الأحداث التي مرت بها مكة في هذه الفترة استيلاء القرامطة عليها وسرقتهم للحجر الأسود عام 317هـ، الموافق عام 929م، ولكن تمت إعادته عام 330هـ، الموافق سنة 941م. بعد خروج مكة من نفوذ الدولة العباسية، خضعت المدينة لسيطرة الكثير من الدول مثل الدولة الإخشيدية، الدولة الفاطمية، الدولة الأيوبية،[43] والدولة العثمانية التي كان من أهم انجازاتها إنشاء سكة حديد الحجاز، إلى أن حكم الهاشميون الحجاز واستمروا فيه حتى عام 597هـ، الموافق سنة 1200م، عندما أجلاهم الأشراف من مكة وتولوا حكمها وإدارتها. بقي الأشراف حكاماً لمكة على أن يكون ولائهم للدولة التي تسيطر على منطقة الحجاز، وقد استمر حكم الأشراف لمنطقة الحجاز حتى قيام الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1351هـ، الموافق عام 1932م.[44]
المرحلة المعاصرة
في يونيو من عام 1916 اندلعت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين بن علي حاكم مكة[45] ضد الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على الحجاز، وبمساعدة من بريطانيا وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى،[45] وتمكن أفراد القبائل الذين انضموا إلى الثورة من تفجير خط سكة حديد الحجاز بمساعدة ضابط المخابرات البريطاني "إدوارد لورنس"،[46] وبهذا منعوا وصول الدعم العثماني إلى الحجاز، وانتهت هذه الحركة بطرد الجيش العثماني من الحجاز، بعد ذلك أعلن الشريف حسين بن علي عن قيام مملكة الحجاز.[45] واستمرت هذه المملكة قائمة حتى دخل الملك عبد العزيز آل سعود مكة في 17 ربيع الأول 1343هـ، الموافق 16 أكتوبر 1924، مع جيشه وجيوش حلفائه من الإخوان بقيادة فيصل الدويش أمير قبيلة مطير من نجد،[47] وذلك بعد انتصارهم على جيش الشريف حسين بن علي، وهرب الشريف حسين بعد ذلك إلى جدة ومنها إلى العقبة التي يحكمها ولده عبد الله الأول بن الحسين. بعد ذلك تولى الشريف علي بن الحسين حكم مكة لفترة استمرت عاماً واحداً،[48] ثم هرب إلى العراق، وتم تعيين الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود كأول أمير على مكة من أسرة آل سعود.
اهتم القادة السعوديون منذ عهد الملك عبد العزيز وحتى الآن بتطوير مكة وتوسعة وتحسين المسجد الحرام، فتمت توسعة المسجد في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود[49] عام 1375هـ، الموافق سنة 1955م، ثم في عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود، ونتجت عن هذه التوسعة زيادة الأماكن المخصصة للمصلين من 50 ألف مصل إلى 300 ألف مصل،[50] واستغرق إنجاز هذه التوسعة حوالي عشر سنوات. مرت مكة في العصر الحديث بالعديد من الأحداث البارزة مثل حادثة الحرم المكي حيث قامت جماعة التكفير والهجرة السلفية المتشددة بقيادة المدعو جهيمان العتيبي باقتحام المسجد الحرام في 1 محرم 1400هـ، الموافق 20 نوفمبر 1979م، ومعه 200 مسلح في محاولة منهم لقلب نظام الحكم في السعودية،[51] وسيطر المسلحون على إذاعة المسجد الداخلية وتحصنوا في المآذن وأغلقوا أبواب الحرم[52] واستمر الحصار لمدة أسبوعين كاملين[52] حتى اقتحمت قوات الأمن السعودية المسجد الحرام في 14 محرم 1400هـ، الموافق 4 ديسمبر 1979، بمساعدة فرقة قوات خاصة باكستانية وفريق استشاري فرنسي،[52] وتم استعادة السيطرة على المسجد، وأسفرت حصيلة العمليات عن مقتل 255 شخصاً وإصابة ما يقارب 560 آخرين.[52]
لم يكن استيلاء جهيمان وجماعته على المسجد الحرام الحادث البارز الوحيد في تاريخ مكة الحديث، ففي 31 يوليو 1987 قام بعض الحجاج الإيرانيين بمظاهرات عارمة أثناء موسم الحج منددة بالولايات المتحدة عُرفت بأحداث مكة 1987،[53] وقاموا بسد الطرقات وإحراق السيارات ومنع الحجاج الآخرين والأهالي من الذهاب إلى وجهاتهم،[53] فحاول بعض الحجاج التدخل لتهدئة الإيرانيين وفض المظاهرات لكنهم رفضوا هذا المطالب،[53] ثم بدأ المتظاهرين في التوجه إلى المسجد الحرام رافعين شعارات الثورة الإسلامية في إيران وصور مرشدها العام آية الله الخميني، فتدخلت قوات الأمن السعودية لإنهاء تلك التظاهرات،[53] وأسفرت هذه المواجهات بين قوات الأمن السعودية والمتظاهرين الإيرانيين عن مقتل 402 شخصاً (275 من الحجاج الإيرانيين، 85 من السعوديين، 45 حاجاً من بلدان أخرى)، وعن إصابة 649 شخصاً (303 من الحجاج الإيرانيين، 145 من السعوديين، 201 حاجاً من بلدان أخرى).[53]
الجغرافيا
الجبال
• جبل النور: من أبرز معالم مكة، إذ يضم غار حراء[57] وهو الغار الذي كان يتعبد به النبي محمد قبل البعثة، وفيه أيضاً نزل الوحي، يبلغ ارتفاع هذا الجبل 642 متراً[57] وتبلغ مساحته حوالي 5250م².
• جبل ثور: أحد جبال مكة ومن أبرز معالمها، يضم غار ثور الذي مكث فيه النبي محمد وصاحبه أبو بكر ثلاث ليال أثناء الهجرة إلى يثرب،[58] يبلغ ارتفاع قمته 728 متراً، ويمتد من الشمال إلى الجنوب على مسافة 4123 متراً.
• جبل عمر: أحد جبال مكة، يتم حالياً إزالة أجزاء واسعة منه لإقامة مشروع يضم العديد من الفنادق والواحدات السكنية، يسمى مشروع تطوير جبل عمر.
• جبل خندمة: أحد جبال مكة يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الحرام، يمتد في اتجاه طولي من الشمال إلى الجنوب بطول يتجاوز 3 كيلومترات، ويبلغ عرض الجبل بالأجزاء الوسطى حوالي 800 متراً.
• جبل عرفة: أحد جبال مكة يقع على بعد 20 كيلومتر شرق المدينة، ويعد من أهم معالم مكة، إذ تُقام عنده أهم مناسك الحج وهي يوم عرفة التي تكون في يوم التاسع من شهر ذو الحجة.
• جبل أبي قبيس: أحد جبال مكة، يقع في الجهة الشرقية من المسجد الحرام، سُمي بهذا الاسم لأن رجلاً يدعى "أبو قبيس" أول من قام بالبناء فوقه، ويبلغ ارتفاعه حوالي 420 متراً.
• جبل قعيقعان: يُسمى أيضاً "جبل قرن"، يقع في الجهة الغربية من المسجد الحرام، يمتد من حارة الباب إلى القرارة، ويبلغ ارتفاعه حوالي 430 متراً.
الأودية
تضم مكة الكثير من الأودية بحكم موقعها في شبه الجزيرة العربية، ومن أبرز هذه الأودية:
• وادي فاطمة
• وادي نعمان
• وادي عرنة
• وادي ضيم
• وادي عبقر
• وادي فخ
• وادي محسر
• وادي الجن
• وادي بكة
• وادي التنعيم
• وادي حنين
• وادي سرف
الاقتصاد
أفاد موقع مكة الاستراتيجي بوصفها محطة للقوافل بين الشمال والجنوب أيام الجاهلية في إمساكها بزمام التجارة بين أطراف شبه الجزيرة العربية وبين الطرفين المتنافسين، أي الفرس والروم،[61] كما أفادت مكة من الأسواق التي أقامتها للتجارة ولاتخاذها منتديات أدبية، وتمتعت مكة بظروف اقتصادية جيدة إلى حد ما من خلال مزاولتها للتجارة الداخلية والخارجية، وتمكن أهلها من تحقيق ثروات كبيرة من هذه التجارة عوضتهم عن فقر البيئة التي تحيط بالمدينة،[61] وقد استطاع تجار مكة إنشاء علاقات تجارية مع كل من الأحباش والمصريين مستفيدين من اقترابها من البحر الأحمر،[61] حيث استخدموا سفناً تجارية تعمل لحسابهم. استخدم أهل مكة في تجارتهم النقود المتداولة في تلك العصور وهي الدينار الدرهم.[61]
يعتمد اقتصاد مكة الحديث بشكل رئيسي على محورين أساسيين هما المواسم الدينية والإنفاق الحكومي،[62] يُشكل موسم الحج والعمرة مصدر دخل أساسي لأهل مكة، وتُعد السلع والخدمات التي توفرها مدينة مكة لزوار المسجد الحرام، بمثابة صادرات غير منظورة، إذ أن أغلب زوار مكة يحرصون على شراء بعض الذكريات أو الهدايا لأحبائهم. أما المحور الآخر في الاقتصاد المكي هو الإنفاق الحكومي. تُقدّر الميزانية السنوية التي تخصصها الحكومة السعودية لأمانة العاصمة المقدسة بحوالي 50 مليون دولار أمريكي،[63] يتم صرفها في الخدمات الأساسية من بنية تحتية، تطوير وتنفيذ المخططات التنموية، بناء المساكن، تشييد الطرق، فضلاً عن العناية بالمسجد الحرام والمشاعر المقدسة وما تتضمنه من توسعات وتجديدات وإصلاحات.
المدينة الحديثة
المساجد
تضم مكة الكثير من المساجد، منها ما هو قديم، ومنها ما هو حديث وفيما يلي بعض أبرز مساجد المدينة بخلاف المسجد الحرام:
• مسجد التنعيم: هو أحد مساجد مكة، يقع على حدود طريق المدينة المنورة، يُعتبر مسجد التنعيم أحد مواقيت الإحرام لأهل مكة، تُقدر المسافة بينه وبين المسجد الحرام بجوالي 6 كيلومترات.
• مسجد نمرة: أحد مساجد مكة، يقع في عرفة، وقد صلى في موضعه النبي محمد يوم عرفة في حجة الوداع، وتُقام فيه صلاتا الظهر والعصر جمعاً في يوم عرفه أثناء موسم الحج.
• مسجد الإجابة: أحد مساجد مكة، يقع في حي المعابدة بشعبة الأجابة على يسار المتجه إلى منى، ولقد صلى في موضعه النبي محمد، تم بناءه في القرن الثاني الهجري.
• مسجد البيعة: أو مسجد العقبة، أحد مساجد مكة، بناه أبو جعفر المنصور سنة 144هـ في موضع البيعة حيث قام النبي محمد بالاجتماع مع الأنصار عندما بايعوه بيعة العقبة.
• مسجد الراية: أحد مساجد مكة، هو من المساجد التي صلى بها النبي، بنى المسجد في المرة الأولى عبد الله بن عباس، ثم بناه بعد ذلك الخليفة العباسي "المستعصم بالله" سنة 640هـ.
معالم مكة
المسجد الحرام
هو أعظم مسجد في الإسلام، يقع في قلب مكة، تتوسطه الكعبة المشرفة التي هي أول بناء وضع على وجه الأرض وفق المعتقد الإسلامي،[81] وهذه هي أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين، والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم، سُمي بالمسجد الحرام لحرمه القتال فيه منذ فتح مكة على يد النبي محمد، والمسجد الحرام هو أول المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال.[7] يضم المسجد الحرام العديد من المعالم وهي: الكعبة،[82] حجر إسماعيل، بئر زمزم، مقام إبراهيم، الصفا والمروة، والحجر الأسود.
غار حراء
هو الغار الذي كان يتعبد فيه النبي محمد قبل أن يوحى إليه،[83] فغار حراء هو المكان الذي نزل الوحي فيه لأول مرة. يقع غار حراء في أعلى جبل النور الواقع شرق مكة، ويبعد مسافة 4 كيلومترات تقريبا عن المسجد الحرام. غار حراء هو عبارة عن فجوة في الجبل، بابها نحو الشمال، طولها أربعة أذرع وعرضها ذراع وثلاثة أرباع،[84] ويمكن لخمسة أشخاص فقط الجلوس فيها في آن واحد، والداخل لغار حراء يكون متجهاً نحو الكعبة المشرفة كما ويمكن للواقف على الجبل أن يرى مكة وأبنيتها.
غار ثور
هو غار يقع أعلى جبل ثور الواقع بجنوب مكة. ارتبط اسمه بهجرة النبي إلى المدينة المنورة، فهو الغار الذي دخله النبي أثناء الهجرة ومعه صاحبه أبو بكر الصديق، وعندما جاء كفّار مكة يبحثون عنهما، أوحى الله إلى العنكبوت بأن تنسج خيوطها على باب الغار،[85] وأوحى إلى حمامة بأن تصنع عشاً وتبيض فيه دليل على عدم وجود أي شخص في هذا الغار منذ وقت طويل، وبهذا لم تكتشف قريش وجود النبي وصاحبه داخل الغار، وفق المعتقد الإسلامي.
مقبرة المعلاة
هي مقبرة عامة لأهل مكة، تقع في بداية طريق الحجون على يمين المتوجه إلى المسجد الحرام من جهة حي المعابدة، تضمّ مقبرة المعلاة جثمان أمّ المؤمنين وزوجة النبي محمد خديجة بنت خويلد، وفيها أماكن مجهزة لتغسيل وتكفين الموتى كما يوجد بها سيارات إسعاف لنقل الموتى ضمن إدارة خاصة تتبع أمانة العاصمة المقدسة، وعادة ما يحمل الموتى لمقبرة المعلاة بعد الصلاة عليهم بالمسجد الحرام لدفنها، وتُعتبر المسافة بين المسجد الحرام وبين مقبرة المعلاة قريبة نسبيا.
أبراج البيت
هي مجموعة أبراج تحت الإنشاء تقع بجوار المسجد الحرام، وهي رابع أعلى ناطحة سحاب في العالم عند الاكتمال، حيث يبلغ ارتفاعها 595 متراً،[86] كما يُعتبر أضخم برج من حيث المساحة في العالم، يشتمل المشروع على ستة أبراج سكنية هي: برج الصفا، برج المروة، برج هاجر، برج سارة، برج زمزم، وبرج المقام، أما البرج السابع فهو برج الفندق والذي سيكون أعلى هذه الأبراج ارتفاعاً، وسيتم عليه بناء أعلى ساعة في العالم،[87][88] وسيبلغ ارتفاعها حوالي 545 متراً.
مسجد التنعيم
هو أحد مساجد مكة، يقع على حدود طريق المدينة المنورة. يُعتبر مسجد التنعيم أحد مواقيت الإحرام لأهل مكة.[89] حيث دعا النبي محمد "عبد الرحمن بن أبي بكر" فقال له: "اخرج بأختك من الحرم إلى التنعيم فلتهل بالعمرة ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا".[90][91] يقع المسجد في الجهة الشمالية الغربية من المسجد الحرام، وتُقدر المسافة بينه وبين الحرم حوالي 6148 متراً.
مسجد نمرة
أحد مساجد مكة، يقع في عرفة، وقد صلى في موضعه النبي محمد يوم عرفة في حجة الوداع، وتقام فيه صلاتا الظهر والعصر جمعا في يوم عرفه أثناء موسم الحج، ويستمع فيه الحجيج إلى خطبة عرفات، والمسجد الآن من المساجد الضخمة، وإن كان لا يكفي كل الحجاج الذين يصل عددهم الآن إلى مليونين حاج تقريباً، وهذا المسجد ليس كله من عرفات، فالجزء الغربي منه - وهو الجزء الذي به محرابه ومنبره - لا يدخل ضمن حدود عرفات، لكن الصلاة فيه جائزة.
منى
هي منطقة صحراوية تبعد عن شرق مكة حوالي 5 كيلومترات، تقع في الطريق بين مكة وجبل عرفة. تُعرف المنطقة لدورها الهام بالنسبة لمؤدي مناسك الحج، حيث يمكث فيها العديد من الحجاج سنوياً مؤقتاً في أيام التشريق الثلاثة، كما أنها موقع رمي الجمرات الذي يُؤدى بين شروق وغروب الشمس في آخر أيام الحج.
جسر الجمرات
هو جسر يوجد في منطقة منى في مكة وهو جسر مخصص لسير الحجاج لرمي جمرة العقبة أثناء موسم الحج، وهو يضم جمرة العقبة الصغرى، جمرة العقبة الوسطى، جمرة العقبة الكبرى، وقد شهد هذا الجسر العديد من حوادث التدافع بين الحجاج أدت إلى وفاة المئات. وقد تم هدم الجسر القديم ويتم الآن إنشاء جسر آخر بديل مكون من أربعة طوابق، وبتكلفة تصل إلى 1,7 مليار
النقل والمواصلات
المطارات
• مطار الملك عبد العزيز الدولي: هو مطار دولي يقع على بعد 19 كيلومتراً شمال مدينة جدة، الميناء الأول في السعودية. بدأ بناء المطار في عام 1974،[93] وتم افتتاحه رسمياً في إبريل من عام 1981. تبلغ مساحة أرض المطار حوالي 105 كم²، ويُعتبر مطار الملك عبد العزيز البوابة الجوية الرئيسية لمكة والتي عن طريقها يصل الحجاج والمعتمرين نظراً لعدم وجود مطار خاص بمكة.
• مطار الطائف الإقليمي: هو مطار إقليمي يبعد عن مدينة الطائف حوالي 30 كيلومتر، باتجاه الشرق، كما يبعد عن مكة مسافة 70 كيلومترا، وقد شهد المطار هبوط أول طائرة للملك عبد العزيز آل سعود،[94] وتزداد أهمية المطار بحكم قربه من مكة والمشاعر المقدسة، إضافة إلى أهمية مدينة الطائف كأحد مصائف السعودية.
الأنفاق والطرق السريعة
• الأنفاق
تمتلك مكة شبكة من الأنفاق المنتشرة في جميع أنحائها وذلك بحكم طبيعتها الجبلية، يبلغ عددها 50 نفقاً للسيارات[95] وعشرة أنفاق للمشاة، بطول 26 كيلومترا،[96] ومن أبرز هذه الأنفاق: أنفاق أجياد السد، مجموعة أنفاق شعب عامر، مجموعة أنفاق باب الملك، مجموعة أنفاق طريق المشاة المعيصم، مجموعة أنفاق جسر الملك خالد، مجموعة أنفاق الفيصلية، ومجموعة أنفاق السليمانية،[95] وغيرها الكثير.
• الطرق السريعة
بوابة مكة على طريق مكة - جدة السريع.
بالنسبة للطرق، تمتلك مكة شبكة من الطرق السريعة تربطها بباقي مدن منطقة مكة المكرمة أو بالمناطق الأخرى، فيما يلي أبرز هذه الطرق:[97]
• طريق الهدا (والمؤدي إلى مدينة الطائف)
• طريق السيل الكبير (والمؤدي إلى مدينة الطائف)
• طريق مكة - جدة السريع
• طريق مكة - المدينة المنورة السريع
• طريق مكة - جيزان السريع
• طريق مكة الدائري.
القطارات
مشاريع السكك الحديدية المستقبلية في السعودية.
• قطار الحرمين السريع: سيتم ربط مكة بالمدينة المنورة من خلال مشروع قطار الحرمين السريع، [98] وهو مشروع خط سكة حديدية كهربائي يربط بين منطقتي مكة والمدينة المنورة مروراً بمحافظتي جدة ورابغ بطول 450 كيلومترا،[98] وسيتم في المرحلة الأولى من المشروع بناء خمس محطات ركاب، منها محطتان في مكة، ومحطتان في مدينة جدة في كل من مطار الملك عبد العزيز الدولي ووسط المدينة،[99] والمحطة الخامسة ستكون في المدينة المنورة.
• قطار المشاعر المقدسة: هو مشروع خط سكة حديدية يربط مكة بالمشاعر المقدسة منى، عرفة، ومزدلفة، تبلغ كلفة المشروع نحو 6.7 مليارات ريال سعودي،[100][101] وبدأ تنفيذ المشروع منذ بداية عام 2009 من خلال الشركة الصينية لإنشاء السكك الحديدية.[102] تبدأ المحطات الأولى للقطار داخل مكة، ثم يمر القطار بثلاث محطات في مشعر عرفات ومثلها في مشعر مزدلفة ثم أول مشعر منى ووسطه وتكون المحطة الأخيرة عند جسر الجمرات.[103]
أعلام مكة
• محمد بن عبد الله، نبي الإسلام وخاتم الأنبياء، ولد في عام الفيل، نزل عليه الوحي وكلف بالرسالة في سن الأربعين.
• أبو بكر الصديق، صحابي ممن رافقوا النبي محمد منذ بدء الإسلام، ويعتبر الصديق المقرب له، أول الخلفاء الراشدين.
• بلال بن رباح، أحد الصحابه، كان عبدا من عبيد قريش أعلن إسلامه فعذبه سيده أمية بن خلف فابتاعه أبو بكر الصديق وأعتقه.
• عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أول من عمل بالتقويم الهجري.
• عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام.
• علي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد وصهره، رابع الخلفاء الراشدين، بويع بالخلافة سنة 35 هـ.
• عمرو بن العاص، أحد الصحابه، داهية من دهاة العرب، وصاحب رأي وفكر، دخل في الإسلام بعد غزوة الخندق.
• أسامة خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، وهو خلف لأبيه عبد الله خياط في إمامة الحرم، ولد في حي حارة الباب في فبراير 1956.
• عبد الباري الثبيتي، إمام المسجد الحرام سابقاً، وإمام المسجد النبوي حالياً، ولد في مكة عام 1960.