منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#47105

قاومت المملكة العربية السعودية انقلاب حركة حماس في قطاع غزة وأخذ زمام الأمور بيدها، وحتى في خضم القصف الإسرائيلي الوحشي للقطاع لم تقدم المملكة يد العون لحركة حماس، التي تتهمها المملكة بأنها الطرف الذي أفشل جميع محاولات المصالحة مع حركة فتح وخاصة تلك التي رعتها المملكة السعودية على أرض مكة المكرمة. وسيمثل اعتماد مصر سياسة جديدة لا يقودها حسني مبارك -الذي كان الحليف الأقوى للسعودية- نقطة تحول خطيرة ستُحرج المملكة عربيًا وإسلاميًا، خاصة إذا ما أقدمت مصر الجديدة على رفع الحصار عن قطاع غزة المحاصر. ومن المعروف أن المملكة العربية السعودية تستفيد منذ نشأتها من الزخم الديني الكبير الذي يوفره لها وجود الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ حيث كان لهذا الزخم الديني دور مهم في صنع مكانة المملكة إقليميًا وإسلاميًا، وبالنتيجة لذلك دوليًا. ولذلك، ليس من مصلحة المملكة العربية السعودية أن تظهر بمظهر الفاقد لدورها إذا ما تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، وعلى رأس ذلك المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية، التي تمكنت مصر أخيرًا من إنجاحها -ولو نظريًا- بالإضافة إلى رفع الحصار عن قطاع غزة –ولو جزئيا-، وهو ما لم تستطع المملكة السعودية تحقيقه على مدى سنوات.

ومن جهة أخرى ترى المملكة العربية السعودية في ارتباط حركة حماس بإيران – أحد الداعمين الرئيسيين للحركة - سببًا يجعل القيادة المصرية الجديدة مطالبة بعدم التعمق كثيرًا في علاقاتها بإيران من جهة وعدم إفساح الكثير من الحرية لحركة حماس للتحرك في مصر وفي المحيط الإقليمي، من جهة أخرى. ومن وجهة نظر القيادة السعودية، فإن رفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة سيؤدي في نهاية المطاف إلى تقوية الدور الإيراني في مصر والمنطقة، وحتى لو اشتركت القيادة المصرية متمثلة بالمجلس العسكري مع المملكة السعودية في نفس الرؤية إلا أن المجلس العسكري يبدو أكثر انشغالاً بالضغط الشعبي المصري، فيما يتعلق بملف رفع الحصار عن قطاع غزة، وهو ضغط شعبي لا يخفى وقوف الإخوان المسلمين في صفوفه المتقدمة.

وهكذا فإن مصر تمثل الكثير من الهواجس والقلق على دور المملكة الإقليمي والدولي؛ فليست المسألة تتعلق فقط بالحراك السياسي السائد في مصر اليوم، والذي يمكن أن يؤثر على الوضع الداخلي السياسي السعودي في وقت من الأوقات، ولكن الأمر يتعدى ذلك مرورًا بالعامل المذهبي وصولاً إلى القضية الفلسطينية، "ترمومتر" السياسة العربية، التي ترفع أرصدة وتهوي بأرصدة أخرى على المستوى السياسي منذ نشأتها.