صفحة 1 من 1

المحاضرة الثالثة: الأحد 27 ربيع الأول 1433

مرسل: الأحد فبراير 19, 2012 10:49 am
بواسطة مهند مسمار 0
المحاضرة الثالثة: الأحد 27 ربيع الأول 1433 – 19 فبراير 2012

في البيئة الدولية لا وجود لفكرة المصلحة العليا للجماعة و كذا فكرة الخير العام. و لذلك كل دولة تسعى لتحقيق مصلحتها القومية، و بالتالي يصبح الصراع صفة أصيلة في البيئة الدولية. و ينتج عن ذلك تنازع إرادات الدول نظراً لاختلاف مصالحها.

و الصراع في البيئة الدولية له وجهان: أحدهما سلمي و الآخر عنيف. فالصراع السلمي يكون باستخدام المفاوضات و الأدوات الاقتصادية و الدعاية. أما الصراع العنيف فهو الحرب، التي هي قتل جماعي غائي منظم. و الحرب ظاهرة متأصلة في البيئة الدولية لأنها مرتبطة بغريزة القتل في النفس الإنسانية. و لا يُتصور أن تزول ظاهرة الحرب من البيئة الدولية مهما دعا الفلاسفة و مهما حرمها القانونيون و مهما اختلفت الدعوات المنادية بالسلام و الأخوّة الإنسانية.

كما أنه لا يُتصور تقييد إرادات الدول بقيم أخلاقية في سعيها المحموم لتحقيق مصالحها، إلا ما يسمى بظاهرة التقييد الذاتي. و يعني التقييد الذاتي أن الدولة تتقيد بإرادتها الكاملة بقيم أخلاقية ما.

الجدير بالذكر أن هناك ما يعرف بـ(نسبية القيم الأخلاقية). فلا مجال للقيم المطلقة (لا خير مطلق و لا عدل مطلق و لا مساواة مطلقة). و هذا يرجع إلى أن كل دولة تتبنى معايير للقيم تتماشى مع مصلحتها القومية، و بالتالي يتسع المجال للعدالة لا للإنصاف.

و هنا نوضح أن الفرق بين العدل و الإنصاف – في العلاقات الدولية – هو أن العدل في نظر دولة ما هو الحصول على مصالحها بغض النظر عن طريقة الحصول عليها. أما الإنصاف فهو العدل المجرد من الأهواء و المصالح. و لذلك فالإنصاف لا وجود له في العلاقات الدولية.

فعلى سبيل المثال، ينظر إلى حركة حماس بنظرة مختلفة تبعاً للمصالح المختلفة. فالصهاينة و الأميركيون و حلفاؤهم ينظرون إليها بصفتها منظمة إرهابية. أما في نظر المسلمين و العرب و أحرار العالم فهي منظمة تحريرية.

كما أن البرنامج النووي الإيراني يعتبر خطراً على العالم من وجهة النظر الأميركية، أما البرنامج النووي الإسرائيلي فلا تتحدث عنه الولايات المتحدة بصيغة الاتهام قط.

و البيئة الدولية بكل ما فيها تأتي نتاجاً لفكرة الصديق و العدو، و تبرز ظاهرة التميز على مستوى الدول (أو المجتمعات). و الأصل في العلاقات الدولية العداء، و أن كل أجنبي عدو. و قد تقتضي مصلحة الدول "مهادنة" العدو ترقباً للانقضاض عليه. و على هذا لا سلام في العلاقات الدولية، بل هناك "هدنة"، التي هي هدوء مشوب بالحذر.

فشرعية القوة (أو شرعنة القوة) تجعل كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها القومية بكافة الطرق و الوسائل المتاحة، بما فيها استخدام القوة المسلحة. و هذا لا يعني أن كل الوسائل قانونية أو محمودة، بل لأن شريعة الغاب المعمول بها في العلاقات الدولية تسمح لكل من له القوة فعل ما يستطيع.