صفحة 1 من 1

ما زال الانتقال الديموقراطي في المكسيك ناقصا

مرسل: الخميس فبراير 23, 2012 2:36 am
بواسطة محمد الدويخ O-8
مارك انجلر
الحوار المتمدن - العدد: 1639 - 2006 / 8 / 11

6 يوليو 2006



مكسيكو سيتي - بينما نتائج الانتخابات الرئاسية في الثاني من يوليو بالمكسيك تتجه نحو المحاكم، من الممكن ان تمر عدة ايام او اسابيع حتى قبل ان يحدد من هو المنتصر. قد اعطى الفرز الاولي للاصوات تقدما طفيفا لفيليبي كالدر من حزب التحرك القومي اليميني، الذي ينتمي اليه الرئيس المتنحي فنسنت فوكس. ولا يزال، مع هذا الهامش الذي يقل عن واحد بالمئة ومع الشوائب في عملية فرز الاصوات التي ثارت احتجاجات بسببها، عمدة مكسيكو سيتي التقدمي، اندرياس مانويل لبيز اوبرادور، من حزب الثورة الديموقراطية، ربما يعيش انتصارا مفترضا. بينما الصحف الامريكية تعلن كالدر منتصرا، السلطات الانتخابية المكسيكية ما زال امامها ان تعلن ذلك بعد، محددة الهيئة القضائية التي سوف تنظر في المنازعات وتصدر حكمها النهائي في هذا السباق.

تميزت الاشهر الماضية في المكسيك بحملة من التخويف ضد ليبيز اوبرادور. ما صوره المحافظون كاحتمال مخيف هو نفس الشيء الذي سوف يساهم في تماسك انتقال البلاد الى الديموقراطية: نقل سلمي للسلطة عبر الخطوط الايديولوجية المختلفة.

عندما كسب فنسنت فوكس الانتخابات الرئآسية الاخيرة في عام 2000، انهى انتصاره اكثر من سبعة عقود من حكم الحزب الواحد ومزق بعض من شبكات الوصاية التقليدية التي كانت تحدد معالم السياسة في المكسيك. الا ان فوكس عمق ووسع نفس ماركة النيوليبرالية الاقتصادية المتوجهة نحو السوق التي روج لها خلال عقدين الحزب الثوري الذي حكم طويلا، والذي انضم الى حزب التحرك القومي لتمرير اتفاقية النافتا في اوائل التسعينات.

كما في بلاد عديدة عبر امريكا اللاتينية، فشلت النيوليبرالية في تقديم اي شيء للمكسيك. اذا ما عدنا الى اعقاب الحملة الانتخابية لفوكس، نجد انه وعد بصنع نموا اقتصاديا يبلغ 7% سنويا؛ وكان المعدل الفعلي 1.8%. حتى رغم علو الاداء الاقتصادي في الربع الاول من 2006، لم تر المكسيك في اي مكان المليون الواحد من الوظائف الجديدة التي وعد بها فوكس. بدلا من ذلك، تفاوتات متعاظمة في خط مستقيم نازل، وفقر مستمر، ويأس دفع بالعديد من المكسيكيين الى الهجرة شمالا بحثا عن فرصة في مرحلة ما بعد النافتا.

دخل لبيز اوبرادور. المرشح الرئاسي لوسط اليسار اصبح شخصية جماهيرية بشكل واسع كعمدة لمدينة مكسيكو سيتي عن طريق تركيز انتباهه على احتياجات الفقراء. شرع اوبرادور في حملة الاشغال العامة الجديدة وخلق معاشات ودعم مالي للمسنين، والامهات المعيلات، والمعوقين. خلال معظم فترات التنافس الرئاسي، كانت الاستطلاعات تشير الى ان اوبرادور يتقدم السباق. صرح اوبرادور بانه سوف ينهي الامتيازات الخاصة والتعاقدات الغير رسمية الممنوحة للاثرياء، وان يرفع الدخل بواسطة الغاء واسع لكل الاعفاءات الضريبية للنخبة، وانه سوف يوسع برنامجه الاجتماعي على المستوى القومي.

النصر الوشيك للبيز اوبرادور كان يمنح شيئا ما جوهريا للديموقراطية: امكانية تغيير حقيقي.

في الاشهر السابقة على الانتخابات، حارب اعداء اوبرادور السياسيين ترشيحه عن طريق اثارة الخوف والهلع بشكل لا يهدأ. حتى بعد توبيخ المسئولين الرسميين لهيئة ادارة الانتخابات لحزب التحرك القومي واجبار الحزب على سحب اعلانات الحملة التي اطلقت على اوبرادور اسم "خطر على المكسيك" وذلك التأكيد الزائف على علاقاته بهيوجو شافيز، جماعات البزنس اليمينية ارسلت بنفس اللكمة الشريرة في الجولة الثانية. جماعات البزنس مولت سلسلة من اعلانات بتهجمات "المحايدين" في الدقيقة الاخيرة وهي الاعلانات التي اظهرت صور الزعيم الفنزويلي مع غمزة عين تقول "المكسيك لا تحتاج الى ديكتاتور".

في نفس الاثناء، نفخ الخبراء الامريكيين في النار عن طريق نشرهم اتهامات مريعة عن "النزعة الشعبوية" وسافر المستشارون السياسيون جنوب الحدود للمساعدة في مؤامرات اغتيال الشخصية.

مع كل هذا الهجوم المحموم للمحافظين، فانك لن تعرف ابدا ان ليبيز اوبرادور تعرض لهجوم ملموس من اليسار بسبب اعتداله. جماعات الحركات الاجتماعية مثل الزاباتيستا صورت مبادراته الاجتماعية كتدابير لوقف اتساع الفجوة التي لن تخاطب قضية عطب النظام الاقتصادي وقصوره في اداء مهمته. نادت تلك الجماعات بان اوبرادور كان اسرع من اللازم في تأكيد ان المكسيك سوف تظل مرتبطة برؤية الولايات المتحدة للاقتصاد الكوكبي النيوليبرالي ونددت بتردد اوبرادور الشديد في صياغة مسارا اقتصاديا واضح المعالم. وانتقدوه على خططه باعادة التفاوض فقط حول اقسام اتفاقية التجارة الحرة لامريكا الشمالية التي تسبب الاذى للمنتجين المكسيكيين، بدلا من شطب النافتا كلها.

كما آمن انصار لوبيز اوبرادور انه سوف يحدث، اخذ تقدم اوبرادور في الجداول الاولية يضيق كلما تقدم العد النهائي، ولكن المرشح المحافظ احتفظ بتقدم طفيف. الان، سوف تراجع محكمة انتخابية المنازعات وتصدر تحكيما نهائيا. كان المسلك في اغلبية عظمى من المقار الانتخابية اثناء انتخابات الاحد الاخيرة صيحة مدوية بما يحدث في الايام القديمة السيئة لحكومة الحزب الواحد، عندما كان شراء الاصوات وصناديق الانتخاب المملوءة بالتذاكر المزورة هو العادة. الا انه، يدعي حزب اوبرادور تجاوزات خطيرة في عملية فرز الاصوات. لو استمرت الادلة في التصاعد ربما يثير ذلك شبح انتخابات مزورة ليهيمن على الرأي العام في المكسيك.

في تلك الحالة، سوف تجد الاحتجاجات الجماهيرية مبررا لها لمنع تكرار الانتخابات السيئة الصيت لعام ١٩٨٨، عندما استخدم تزوير فاضح لمنع مرشح تقدمي اخر من الحصول على المنصب.

هبة من التحركات سواء في المحاكم او في الشوارع ربما تبدل نتائج هذه الانتخابات. ولكن في الوقت الحاضر، يواجه البلد توقعات اقل درامية؛ ان حملة التخويف سوف تحتفظ بالمكسيك محبوسة في الوضع الراهن، تاركة تحولها الديموقراطي ناقصا.