صفحة 1 من 1

تيارات دينية السرورية في السعودية

مرسل: الأحد مارس 04, 2012 6:17 pm
بواسطة راكان الرـكف 8
بعد أن تناولت السلفية العلمية والسلفية الجهادية بات من الضروري الحديث عن (السلفية الحركية) وهو حديث بالغ الحساسية في مجتمع لم يتعود على التقسيمات الصريحة ويصر على القفز على الحقيقة بنفي التشكلات الفكرية!
صحيح أن السعودية تخلو من أي تشكيل حزبي بالمفهوم الحركي السياسي، لكنها تُعد جزءاً من عالم يموج بالتيارات الفكرية والمنظومات الثقافية، ونظرا للبعد السلفي الكبير في المجتمع السعودي برزت تشكلات سلفية من ذات التيار السلفي العام لها تنظيمات وأهداف وأسس فكرية مختلفة،وهي على شقين أي السلفية الحركية، أبرز تلك التشكلات التي أعتبرها سلفية المرجع (المرجعية الشرعية) حركية الأفكار والتشكيل، فهي مزيج بين السلفية والإخوانية وهو ما عرف لدى المهتمين بالشأن الإسلامي بـ(السرورية) نسبة إلى محمد سرور زين العابدين وهو إخواني انشق عن الإخوان وجاء إلى السعودية للعمل كمعلم في المعهد العلمي في حائل والقصيم بعد ذلك، كان هذا في السبعينات وكان محمد سرور مؤثرا ومتأثرا في ذات الوقت فقد أثر على تيار من الشباب برؤيته الإخوانية من حيث التنظيم والحاكمية والسياسة التي لم تكن تشغل التيار السلفي حينها، وفي ذات الوقت تأثر بالأطروحات السلفية التي تسود المجتمع السعودي وهو ما ولد بعد ذلك هجيناً جديدا على الساحة الإسلامية شكل الشريان الأكبر في ما عرف بالصحوة بعد ذلك وهو(السرورية).
ومحمد سرور الذي قد يكون ساهم بتشكل هذا التيار لا يمكن نسبة كل تطورات وانتشار وأفكار هذا التيار إليه، إذ إن السرورية تختلف عن الإخوان في تنظيمها فهي لا تعتمد على الهرمية في هيكلة وإدارة هذا التيار لاسيما الفكري منها، وما يميز التيار السروري أنه يملك رؤية دينية واضحة لكثير من الأمور لكنها ليست بالضرورة صحيحة! لكنه في نفس الوقت لا يملك رؤية فكرية وسياسية واضحة لأي قضية أو مشروع وإن كان يملك معارضة سياسية وفكرية قوية لكل ما يعتقد أنه غير متناسق مع رؤيته، دون أن يطرح بديلا متكاملا أو حتى رؤية واضحة لهذه القضايا، فهو لا يرى كما ترى السلفية في نظام الحكم وولي الأمر ولزوم الطاعة وفي نفس الوقت ليس لديه رأي الإخوان في تشكيل أحزاب سياسية فاعلة في المجتمعات.
يبقى أن السرورية اليوم تشكل القطاع الأكبر والأكثر انتشارا في المملكة على وجه الخصوص ومنطقة نجد على الأخص من ذلك، لكن يتضح للمراقب أن السرورية وإن كانت نجحت في خلق جيل مطلع محب للقراءة والمعرفة إلا أنها أخفقت كغيرها من التيارات الدينية في مجارات التحديث المتسارع للمجتمع، ما نتج عنه شبه ازدواجية بات أفراد هذا التيار يتبادلونها من خلال تقوقعهم على شكليات ورمزيات كانت فاصلة في فترة التسعينات لكنها اليوم صارت أكثر عمومية وشمولية من ذي قبل.
مما يجدر التنويه إليه أن السرورية تواجه أزمة من خلال علاقتها مع باقي التيارات فليست على وئام مع السلفية الحركية بشقها الثاني (وهو ما سنناقشه بالتفصيل الأسبوع المقبل) كما أن خلافاتها مع تيار الإخوان السعودي باتت واضحة للعيان .