- الخميس مارس 15, 2012 9:27 am
#47752
في الوقت الذي تلجأ فيه بعض الجماعات السياسية إلى استخدام أقسى أنوع العنف بما فيه القوة المسلحة للمطالبة بحقوقها السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ترجح جماعات سياسية أخرى الدعوة إلى العصيان المدني كوسيلة للمطالبة بحقوقها واسترجاعها.
فما هو العصيان المدني؟ وما هي وسائله وغاياته؟
وكيف يمكن أن نمارسه بعيدا عن أدوات العنف بما فيها الكلام الجارح؟
يمكن أن نعرف العصيان المدني، بأنه وسيلة سلمية استثنائية هادفة مكفولة دستوريا تتضمن مخالفة صريحة لبعض الأنظمة والقوانين النافذة بغية إجبار السلطات الحاكمة على الانصياع لمطالب المحتجين الشرعية. أو هو بتعبير آخر مخالفة القانون وإطاعته في آن واحد! ولكن كيف؟
عندما نستقري الواقع السياسي لكل شعوب العالم لا نجد شعبا من الشعوب يقبل بشكل دائم عن حكومته أو إدارتها أو إجراءاتها، بل العكس تماما، ليس ذلك فقط في الحكومات التي صادرت إرادة شعوبها وحكمت قبضتها على السلطة، بل في الحكومات المنتخبة من قبل الشعب نفسه أيضا!. وإذا كانت الشعوب في الأنظمة الدكتاتورية تفضل السكوت على الكلام حيث يكون السكوت من ذهب؛ لان نتائج التعبير عن الرأي محددة سلفا، فان الشعوب في الأنظمة الديمقراطية هي الأكثر قدرة في التعبير عن إرادتها وهو حق يكفله الدستور والقوانين.
ولكن حق التعبير بالرفض لابد أن يكون في إطاره القانوني؛ لان ما يكفله القانون يكفل أدواته السلمية بالضرورة، فإذا كان الدستور يضمن حق التظاهر والاحتجاج للمواطنين فانه أيضا يقول لهم إن هذا الحق يجب أن تعبروا عنه بالوسائل السلمية لا بالوسائل العنيفة، فمادام التظاهر مثلا يتم بوسائله السلمية فهو محمي دستوريا وقانونيا، ولكن إذا تم التعبير عنه بأي وسيلة من وسائل العنف يفقد التظاهر دستوريته وقانونيته ويقع تحت المسائلة القانونية باعتباره فعل أو نشاط غير قانوني، ويُسأل المتظاهرون عنه في المحاكم.
والعصيان المدني أحد الوسائل السلمية المكفولة دستوريا والمتاحة للمواطنين من أجل المطالبة بحق من الحقوق المهدورة أو رفض نشاط حكومي ما، يعتقد العاصون أنه يضر بالمصلحة العامة أو بمصالحهم على وجه خاص، ولكن هذا الحق كثيرا ما يساء فهمه أو يساء التعبير عنه من قبل العاصين من جهة، أو من قبل الحكومات التي تقلل من أهميته باعتباره لا يضر بنشاطاتها ضررا بالغا مما يدفع العاصين إلى استخدام أدوات العنف بأشكاله المختلفة كوسيلة للضغط على الحكومة لتحقيق مطالبهم؛ لان الكثير من الحكومات -للأسف- لا تعير أهمية لمن يرفع لافته يطالب فيها بحقه ولكنها تولي اهتماما واسعا لمن يحمل السلاح بوجهها!.
وهذا يعني أن العصيان المدني له شروطه ومحدداته فإذا تحققت في العصيان صح وصفه بـ"العصيان المدني" وإذا تخلفت كان عصيانا غير مدني.
الشرط الأول للعصيان المدني هو أن يكون سلميا بمعنى أن يمتنع "العاصون" عن استخدام العنف والعمل المسلح أو التهديد بأيهما، حيث يتوجب على الممارس للعصيان المدني أن يكون هادئا مالكا لزمام نفسه حتى يتحقق هدفه، فعندما يمسك به رجال الأمن والشرطة، لابد أن يكون مطيعا لهم تماما، يبتسم في وجوههم على الدوام، ولو سبوه أو شتموه؛ يجادلهم بالتي هي أحسن، أو يسكت؛ فان السكوت ابلغ من الكلام. إذا اقتادته مفرزة الشرطة إلى المعتقلات ومراكز الشرطة، لا يقاوم؛ لان المقاومة عنف والعنف ينافي جوهر العصيان المدني!
والعصيان المدني هو أن يعاهد ممارس اللاعنف نفسه وضميره ووطنه أن يتحمل المسؤولية بمفرده، وكأنه وحده في الساحة، ثم يحاول أن يقنع الآخرين بقضيته، فإذا استخدم العاصون العنف كالاعتداء على دوائر الدولة أو مؤسساتها، أو ضربوا رجال الشرطة والأمن، أو عطلوا مرفق من مرافق الحياة المتعلقة بحياة مواطنين مباشرة كتعطيل محطات الطاقة، أو ثقب أنابيب المياه فان العصيان المدني يخرج عن كونه عصيانا سلميا ويدخل في دائرة أعمال التخريب والعدوان ويقع تحت طائلة المسائلة القانونية مما يستلزم تصدي القوى الأمنية له.
والشرط الثاني هو أن العصيان المدني نشاط استثنائي يهدف إلى تحقيق غاية ما يطالب بها العاصون وهو ينتهي حال وعد السلطة بتلبية المطالب كلها أو جزء منها، فهو مقيد بفترة زمنية معينة ولا يجب أن يتحول إلى نشاط دائم يخل بأمن الدولة ومواطنيها، وهو في العادة يكون في المسائل السياسية الكبرى التي تهم قطاع واسع من المواطنين كمطالبة نقابة العمل بزيادة أجور العمال، أو مطالبة المواطنين بدعم السلع الغذائية الأساسية كالطحين أو السكر، أو إطلاق سراح عدد من المعتقلين لأسباب سياسية لا جنائية.
والشرط الثالث هو أن يكون العصيان المدني عمل هادف ومنضبط غير فوضوي حيث لابد أن يتضمن مجموعة من المطالب المحددة والمفهومة، ويفضل أن تكون مكتوبة حتى يتمكن المسئولون من الاطلاع عليها، ويمكن أن تنشر هذه المطالب في وسائل الإعلام من اجل الزيادة في الضغط على الحكومة، كما يجب أن تكون قيادة العصيان المدني واضحة ومشخصة تعلن عن نفسها أمام الرأي العام، وهي التي تتفاوض بالنيابة عن ممثليها وباسمهم، فإذا كان العصيان فوضويا وليس له أهداف واضحة أو أن قيادته غير مشخصة فلا يصح وصفه بالعصيان المدني.
والشرط الرابع أن يكون هدف العصيان تحقيق مطالب مشروعة وواقعية، فإذا كانت مطالب العاصين غير مشروعة أو غير واقعية فلا يسمى العصيان مدنيا كما لو طالبوا السلطة بتقديم أحد المسئولين إلى القضاء دون تقديم أدلة تدينه.
والشرط الخامس وهو شرط متعلق بالسلطة وهو ضرورة أن تتعامل السلطة مع العصيان المدني تعاملا جديا من حيث اعتباره حقا دستوريا مكفولا للمواطنين جميعا، ومن حيث انه حق محمي ومن واجب السلطة أن توفر كل وسائل الحماية اللازمة للعاصين المدنيين، وأن تأخذ مطالب العاصين مأخذ الجد، وأن تسعى إلى انجازها أو بعضها من خلال التفاهم والتحاور مع قيادة العاصين المدنيين، وان لا تعطي الوعود الكاذبة أو الصعبة للعاصين مما يبعث برسالة خاطئة للمجتمع بان السلطة لا تلبي أية مطالب إلا بالقوة والعنف، بل يمكن للسلطة خاصة تلك التي تسير نحو "الديمقراطية" كالعراق أن تشجع وتفعل الحركات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية للقيام بمثل هذه الأعمال السلمية وانجاز مطالبها ليكون الحل المدني السلمي هو السبيل الوحيد للتعبير عن رفضنا أو تحقيق مطالبنا.
فما هو العصيان المدني؟ وما هي وسائله وغاياته؟
وكيف يمكن أن نمارسه بعيدا عن أدوات العنف بما فيها الكلام الجارح؟
يمكن أن نعرف العصيان المدني، بأنه وسيلة سلمية استثنائية هادفة مكفولة دستوريا تتضمن مخالفة صريحة لبعض الأنظمة والقوانين النافذة بغية إجبار السلطات الحاكمة على الانصياع لمطالب المحتجين الشرعية. أو هو بتعبير آخر مخالفة القانون وإطاعته في آن واحد! ولكن كيف؟
عندما نستقري الواقع السياسي لكل شعوب العالم لا نجد شعبا من الشعوب يقبل بشكل دائم عن حكومته أو إدارتها أو إجراءاتها، بل العكس تماما، ليس ذلك فقط في الحكومات التي صادرت إرادة شعوبها وحكمت قبضتها على السلطة، بل في الحكومات المنتخبة من قبل الشعب نفسه أيضا!. وإذا كانت الشعوب في الأنظمة الدكتاتورية تفضل السكوت على الكلام حيث يكون السكوت من ذهب؛ لان نتائج التعبير عن الرأي محددة سلفا، فان الشعوب في الأنظمة الديمقراطية هي الأكثر قدرة في التعبير عن إرادتها وهو حق يكفله الدستور والقوانين.
ولكن حق التعبير بالرفض لابد أن يكون في إطاره القانوني؛ لان ما يكفله القانون يكفل أدواته السلمية بالضرورة، فإذا كان الدستور يضمن حق التظاهر والاحتجاج للمواطنين فانه أيضا يقول لهم إن هذا الحق يجب أن تعبروا عنه بالوسائل السلمية لا بالوسائل العنيفة، فمادام التظاهر مثلا يتم بوسائله السلمية فهو محمي دستوريا وقانونيا، ولكن إذا تم التعبير عنه بأي وسيلة من وسائل العنف يفقد التظاهر دستوريته وقانونيته ويقع تحت المسائلة القانونية باعتباره فعل أو نشاط غير قانوني، ويُسأل المتظاهرون عنه في المحاكم.
والعصيان المدني أحد الوسائل السلمية المكفولة دستوريا والمتاحة للمواطنين من أجل المطالبة بحق من الحقوق المهدورة أو رفض نشاط حكومي ما، يعتقد العاصون أنه يضر بالمصلحة العامة أو بمصالحهم على وجه خاص، ولكن هذا الحق كثيرا ما يساء فهمه أو يساء التعبير عنه من قبل العاصين من جهة، أو من قبل الحكومات التي تقلل من أهميته باعتباره لا يضر بنشاطاتها ضررا بالغا مما يدفع العاصين إلى استخدام أدوات العنف بأشكاله المختلفة كوسيلة للضغط على الحكومة لتحقيق مطالبهم؛ لان الكثير من الحكومات -للأسف- لا تعير أهمية لمن يرفع لافته يطالب فيها بحقه ولكنها تولي اهتماما واسعا لمن يحمل السلاح بوجهها!.
وهذا يعني أن العصيان المدني له شروطه ومحدداته فإذا تحققت في العصيان صح وصفه بـ"العصيان المدني" وإذا تخلفت كان عصيانا غير مدني.
الشرط الأول للعصيان المدني هو أن يكون سلميا بمعنى أن يمتنع "العاصون" عن استخدام العنف والعمل المسلح أو التهديد بأيهما، حيث يتوجب على الممارس للعصيان المدني أن يكون هادئا مالكا لزمام نفسه حتى يتحقق هدفه، فعندما يمسك به رجال الأمن والشرطة، لابد أن يكون مطيعا لهم تماما، يبتسم في وجوههم على الدوام، ولو سبوه أو شتموه؛ يجادلهم بالتي هي أحسن، أو يسكت؛ فان السكوت ابلغ من الكلام. إذا اقتادته مفرزة الشرطة إلى المعتقلات ومراكز الشرطة، لا يقاوم؛ لان المقاومة عنف والعنف ينافي جوهر العصيان المدني!
والعصيان المدني هو أن يعاهد ممارس اللاعنف نفسه وضميره ووطنه أن يتحمل المسؤولية بمفرده، وكأنه وحده في الساحة، ثم يحاول أن يقنع الآخرين بقضيته، فإذا استخدم العاصون العنف كالاعتداء على دوائر الدولة أو مؤسساتها، أو ضربوا رجال الشرطة والأمن، أو عطلوا مرفق من مرافق الحياة المتعلقة بحياة مواطنين مباشرة كتعطيل محطات الطاقة، أو ثقب أنابيب المياه فان العصيان المدني يخرج عن كونه عصيانا سلميا ويدخل في دائرة أعمال التخريب والعدوان ويقع تحت طائلة المسائلة القانونية مما يستلزم تصدي القوى الأمنية له.
والشرط الثاني هو أن العصيان المدني نشاط استثنائي يهدف إلى تحقيق غاية ما يطالب بها العاصون وهو ينتهي حال وعد السلطة بتلبية المطالب كلها أو جزء منها، فهو مقيد بفترة زمنية معينة ولا يجب أن يتحول إلى نشاط دائم يخل بأمن الدولة ومواطنيها، وهو في العادة يكون في المسائل السياسية الكبرى التي تهم قطاع واسع من المواطنين كمطالبة نقابة العمل بزيادة أجور العمال، أو مطالبة المواطنين بدعم السلع الغذائية الأساسية كالطحين أو السكر، أو إطلاق سراح عدد من المعتقلين لأسباب سياسية لا جنائية.
والشرط الثالث هو أن يكون العصيان المدني عمل هادف ومنضبط غير فوضوي حيث لابد أن يتضمن مجموعة من المطالب المحددة والمفهومة، ويفضل أن تكون مكتوبة حتى يتمكن المسئولون من الاطلاع عليها، ويمكن أن تنشر هذه المطالب في وسائل الإعلام من اجل الزيادة في الضغط على الحكومة، كما يجب أن تكون قيادة العصيان المدني واضحة ومشخصة تعلن عن نفسها أمام الرأي العام، وهي التي تتفاوض بالنيابة عن ممثليها وباسمهم، فإذا كان العصيان فوضويا وليس له أهداف واضحة أو أن قيادته غير مشخصة فلا يصح وصفه بالعصيان المدني.
والشرط الرابع أن يكون هدف العصيان تحقيق مطالب مشروعة وواقعية، فإذا كانت مطالب العاصين غير مشروعة أو غير واقعية فلا يسمى العصيان مدنيا كما لو طالبوا السلطة بتقديم أحد المسئولين إلى القضاء دون تقديم أدلة تدينه.
والشرط الخامس وهو شرط متعلق بالسلطة وهو ضرورة أن تتعامل السلطة مع العصيان المدني تعاملا جديا من حيث اعتباره حقا دستوريا مكفولا للمواطنين جميعا، ومن حيث انه حق محمي ومن واجب السلطة أن توفر كل وسائل الحماية اللازمة للعاصين المدنيين، وأن تأخذ مطالب العاصين مأخذ الجد، وأن تسعى إلى انجازها أو بعضها من خلال التفاهم والتحاور مع قيادة العاصين المدنيين، وان لا تعطي الوعود الكاذبة أو الصعبة للعاصين مما يبعث برسالة خاطئة للمجتمع بان السلطة لا تلبي أية مطالب إلا بالقوة والعنف، بل يمكن للسلطة خاصة تلك التي تسير نحو "الديمقراطية" كالعراق أن تشجع وتفعل الحركات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية للقيام بمثل هذه الأعمال السلمية وانجاز مطالبها ليكون الحل المدني السلمي هو السبيل الوحيد للتعبير عن رفضنا أو تحقيق مطالبنا.