المخاطر والتحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون
مرسل: الأحد مارس 18, 2012 10:14 am
المخاطر والتحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون
يواجه مجلس التعاون الخليجي اليوم قرارات وخيارات مؤلمة، كان ينبغي اتخاذ غالبيتها قبل زمن بعيد لكن ذلك لم يحدث. ويعزى ذلك في جانب كبير منه إلى أن الاستراتيجية المفضلة في منطقة الخليج للتعامل مع المشكلات التي تحتدم ببطء هي «التخبط عبرها». ففي السنوات الثلاثين الماضية انشغلت هذه المنطقة بحماية الوضع القائم فيها واحتواء مختلف المخاطر المحلية والخارجية بدءا من القومية العربية إلى القضية الفلسطينية مرورًا بالثورة الإسلامية في إيران وتهديدات العراق العسكرية، فضلاً عن تفاقم المشكلات السكانية والاقتصادية في الداخل. ولم يحظ أي من تلك القضايا والمشكلات بتفكير جدي ورؤية استراتيجية فعلية بعيدة المدى. فقد كانت السياسة الشائعة إما محاولة كسب ولاءات مختلف اللاعبين أو إيجاد طرق لكسب الوقت بأمل أن تحل المشكلات نفسها بنفسها.
--------------------------------------------------------------------------------
التحديات الداخلية
إن التحديات المحلية في كل دولة من دول الخليج وان لم تكن جديدة في مضمونها إلا أنها جديدة في أبعادها. وتشكل هذه التحديات التي تفرضها التركيبة السكانية في كل دولة خليجية، بالإضافة إلى الضعف والقصور في البنية الاقتصادية، وغياب الحوافز الاقتصادية الضرورية للنمو والتوظيف، والأهمية الحيوية للقطاع الخاص والحاجة إلى إحداث توازن دقيق بين النزعة المحافظة ومتطلبات القرن الحادي والعشرين، ضغوطا على دول المنطقة أكثر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث. لذلك تعتبر المشكلات الداخلية مشتركة إذ نجد المشكلة الواحدة في أكثر من دولة، فإذا أخذنا على سبيل الحصر مشكلة العمالة الأجنبية والبطالة المحلية أو الإرهاب والعمليات التخريبية نجد أن أكثر من دولة خليجية تعاني منها. ومن هنا سنتطرق إليها بشكل جماعي كما سيأتي.
--------------------------------------------------------------------------------
المشكلات الحدودية
لعبت مشكلات الحدود، وان تم التوصل إلى تسويات في بعضها، دورا رئيسيا في توتير الأجواء وإشعال الخصومات بين دول المنطقة، وعلى أبسط الأحوال حالت دون التعاون المطلوب بين الدول والشعوب. ولا حاجة إلى التدليل على ذلك، فهي حقيقة عامة تنطبق على الدول والأقاليم في العالم ككل. ولم تكن دول الخليج وجواره بمنأى عن هذا. واكتوت دول مجلس التعاون الخليجي من هذا الداء الذي حال دون تحقيق المجلس أهدافه. كما كان لهذا العامل انعكاساته في العلاقات مع دول الجوار. وعلى رغم أن الموروث التاريخي الممثل في الاستعمار أو الحروب القبلية سبب رئيسي لمشكلات الحدود، فإن بعض هذا الموروث لم يتم تجاوزه حتى الآن، ما يجعل الجيل الحاضر مسئولاً مباشرًا عن عدم السعي الجاد للبحث وبكل الوسائل عن معالجة مشكلات الحدود بالوسائل السلمية لتخطي الماضي والعمل من أجل الحاضر والمستقبل. وقد شكل اتفاق الحدود بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية تطورا ايجابيا كبيرا نحو إقفال ملفات الحدود في الجزيرة العربية. واستبشر الجميع خيرا بهذا الاتفاق الذي أنهى واحدة من أكثر المشكلات الحدودية تعقيدا من حيث خلفيته التاريخية أو من طبيعته الجغرافية والاجتماعية. واتفاق الحدود بين اليمن والسعودية وقبل ذلك سلطنة عمان يشكل نقطة تحول نحو العمل الخليجي اليمني المشترك. وأيضا الشيء نفسه يمكن أن يقال عن تسوية الحدود البحرية بين السعودية والكويت وذهابهما معا لتسوية الحدود البحرية مع إيران. فالإيمان بوحدة المصير والإرادة الصادقة كانا العامل الرئيسي في التوصل إلى هذا الاتفاق. كما شهدت المنطقة التسوية النهائية للخلاف البحريني - القطري بوسيلة سلمية أخرى هي القضاء الدولي في لاهاي. وبتسوية هذا الخلاف زالت عقبة كأداء من وجه العلاقات المطلوبة بين أبناء الشعب الواحد في مملكة البحرين ودولة قطر. ويتطلع الجميع إلى أن تنتقل هذه الروح الايجابية التي سادت بين الأشقاء في الخليج إلى تسوية مشكلات الحدود مع الجيران في الخليج وخصوصًا الخلاف بين الإمارات العربية المتحدة وإيران بشأن الجزر الثلاث وأعلنت الإمارات في عيدها الوطني الأخير رغبتها في حل سلمي. غير أن الأحلام التي يتوق إليها مواطنو هذه الشعوب تكمن في إلغاء القيود أيا تكن (حدود، جمارك،الاستثمار، العمالة، السوق المشتركة، الرسوم، الضرائب، التنقل بالبطاقة، التملك... الخ) بمعنى أنهم يطالبون بتفعيل التوصيات التي تتحقق على أرض الواقع، كإنشاء لجان لتنفيذ القرارات ومتابعتها. إن الوقت الآن مؤات لتحقيق فيدرالية خليجية ومقومات نجاحها متوافرة ولا سيما بعد زوال التراكم التاريخي المشحون بالخلافات الحدودية.
--------------------------------------------------------------------------------
العمالة الأجنبية و تحويلاتها
تشكل الكثافة العالية للعمالة الأجنبية في دول المجلس تحديًا ومنافسة للأعداد الكبيرة من الشباب المواطنين الداخلين في سوق العمل.
ويختلف حجم هذه العمالة من دولة إلى أخرى، فمثلا في الإمارات العربية المتحدة، وعدد سكانها المواطنين البالغ نسمات، يوجد فيها مليونان ومئتا ألف أجنبي الأمر الذي يشكل خطرا ديمغرافيا وقد يتطور إلى خطر سياسي في السنوات المقبلة إذ بدأت الدول المصدرة للعمالة في الهند وشرق آسيا بالمطالبة بالحقوق السياسية بجانب الحقوق النقابية والمهنية المشروعة. الأمر ذاته ينطبق على بقية دول المجلس ولو بنسب مختلفة، فمملكة البحرين التي عدد سكانها في حدود منهم أجنبياً ينافسون أكثر من ألف مواطن في سن العمل من الفئة العمرية الشبابية ( - ) هذا فضلا عن الأعداد الكبيرة التي تدخل سوق العمل سنويا من مخرجات التعليم (في حدود خريج يدخل سوق العمل سنويا)، والظاهرة والأزمة ذاتها بدأت منذ مدة تكشف رأسها في دولة الكويت إذ إجمالي عدد السكان في حدود مليونين وخمسمئة ألف نسمة منهم مليون وسبعمئة ألف من الأجانب ينافسون الأعداد المتزايدة من المواطنين الداخلين لسوق العمل الكويتية إذ إجمالي المواطنين من الفئة الشبابية (-) وتتراوح في حدود كويتيا في ظل تشبع القطاعين الحكومي والمختلط (النفط ومشتقاته والصناعات المكملة له أساسا)، وفي ظل استمرار بقاء القيم والسلوكات المرتبطة بالاقتصاد الريعي التي تجلت بشكل واضح في الكويت من العطاءات الحكومية الهائلة للمواطنين والاعتماد على العمل الحكومي. والأمر ذاته ينطبق على دولة قطر إذ عدد سكانها في حدود نسمة منهم من الأجانب أي في حدود في المئة من إجمالي السكان، والإمارات في حدود في المئة، مملكة البحرين في المئة، الكويت في المئة، السعودية في المئة، وسلطنة عمان في المئة. وتفرز هذه الأعداد من العمالة الأجنبية بطالة مقنعة في بعض دول الخليج. وترتبط بالعمالة الأجنبية مشكلةُ تحويلاتها إلى الخارج، إذ كشفت دراسة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أن هذه التحويلات تبلغ حوالي مليار دولار أميركيا سنويا في دول المجلس الست. من هذا الإجمالي تمثل تحويلات العاملين الأجانب في السعودية أكثر من في المئة من إجمالي التحويلات أو مليار دولار سنويا. وتمثل تحويلات العاملين في الإمارات في المئة من الإجمالي أو أربعة مليارات دولار سنويا، بينما يتوزع المبلغ المتبقي ( مليارات دولار) على دول المجلس الأربع الأخرى.
--------------------------------------------------------------------------------
المحيط الإقليمي
لم تشهد المنطقة الخليجية منذ تأسيس المجلس استقرارا إقليميا، إذ ترافق تأسيسه مع حرب الخليج الأولى التي استمرت حتى نهاية عقد الثمانينات في القرن العشرين تلته فترة هدوء لبضع سنوات، وبدأت في العقد الأخير من القرن العشرين أزمة هزت منطقة الخليج العربي والعالم العربي بشكل عام ألا وهي غزو العراق للكويت، ما أدخل المنطقة في دوامة من الحرب والتدخل الأجنبي مازالت مستمرة حتى الآن حينما تتوجت بالغزو الأنجلو - أميركي للعراق والحديث عن تقسيمه لعدد من الدول من أجل تمزيق وحدته، الأمر الذي سيؤثر على مستقبل الاستقرار السياسي في منطقة الخليج، ويخلق تحديات إضافية لدول المجلس. وفي هذا الإطار هناك مآخذ كثيرة فيما يتعلق بالعمل السياسي الخليجي أهمها مشكلات الأمن القومي. فالتحدي الأمني الذي قام من أجله مجلس التعاون الخليجي مازال يتصدر الأجندة السياسية في الخليج العربي. وفيما يتعلق بموقف دول المجلس تجاه القضايا العربية والإقليمية فإنه لم يؤثر وجود هذه الدول في هذا المجلس على سلوك بقية الدول العربية والإسلامية الأخرى وخصوصاً في المسألة العراقية والقضية الفلسطينية. إذ اتخذت دول المجلس موقفًا سياسيًّا متوافقًا مع توجهات الدول العربية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع الغرب والولايات المتحدة الاميركية، ولا نستطيع أن نستنتج أن إنجازات هذه الدول إقليميا تختلف بكثير عن بقية الدول العربية والإسلامية التي تعاني من الضعف الشديد على المستويين الإقليمي والدولي، فلا يوجد للدول الخليجية أي ثقل على المستويين السياسي الدولي وحتى في رأي الذين يعتبرون النفط وسيلة وأداة سياسية بيدها، فإن الدول المصدرة للنفط تدرك تماما أنها لا تستطيع أن تعيش سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من دون عوائده. ومن هذا المنطلق فإن دور النفط في سياسة مجلس التعاون ليس له أثر كعامل اقتصادي، بل على العكس من ذلك فإن جميع الإخفاقات جاءت نتيجة التدخلات الخارجية لوجود النفط في هذه المنطقة، والذي كان عاملا مساعدا في الإخفاق السياسي لهذه الدول. وهناك من يرى أن احتلال العراق الآن من قبل أميركا وبريطانيا يهدف إلى وجود مصدر استراتيجي للنفط خارج دول المجلس باعتبار أن السياسة التعليمية لبعض أعضائه أفرزت جيلاً من الإرهابيين. أما فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران فقد حاول الغرب منذ البداية أن يرعب دول المنطقة من البعبع الإيراني. وحاول قادة المجلس المؤسسون مرارا تأكيد البعد الشامل لعملهم المشترك وعدم استهدافهم إيران بالتحالف الخليجي حتى لا تفسر هذه الجارة الكبيرة والحساسة وجود تكتل عربي في جنوبها بأنه عدائي. ولكن سرعان ما تكشف الأمر في علاقة هذه الدول بالعراق في الحرب الخليجية الأولى. ومع ذلك تحتفظ إيران الآن بعلاقات طبيعية مع دول المجلس وهي
يواجه مجلس التعاون الخليجي اليوم قرارات وخيارات مؤلمة، كان ينبغي اتخاذ غالبيتها قبل زمن بعيد لكن ذلك لم يحدث. ويعزى ذلك في جانب كبير منه إلى أن الاستراتيجية المفضلة في منطقة الخليج للتعامل مع المشكلات التي تحتدم ببطء هي «التخبط عبرها». ففي السنوات الثلاثين الماضية انشغلت هذه المنطقة بحماية الوضع القائم فيها واحتواء مختلف المخاطر المحلية والخارجية بدءا من القومية العربية إلى القضية الفلسطينية مرورًا بالثورة الإسلامية في إيران وتهديدات العراق العسكرية، فضلاً عن تفاقم المشكلات السكانية والاقتصادية في الداخل. ولم يحظ أي من تلك القضايا والمشكلات بتفكير جدي ورؤية استراتيجية فعلية بعيدة المدى. فقد كانت السياسة الشائعة إما محاولة كسب ولاءات مختلف اللاعبين أو إيجاد طرق لكسب الوقت بأمل أن تحل المشكلات نفسها بنفسها.
--------------------------------------------------------------------------------
التحديات الداخلية
إن التحديات المحلية في كل دولة من دول الخليج وان لم تكن جديدة في مضمونها إلا أنها جديدة في أبعادها. وتشكل هذه التحديات التي تفرضها التركيبة السكانية في كل دولة خليجية، بالإضافة إلى الضعف والقصور في البنية الاقتصادية، وغياب الحوافز الاقتصادية الضرورية للنمو والتوظيف، والأهمية الحيوية للقطاع الخاص والحاجة إلى إحداث توازن دقيق بين النزعة المحافظة ومتطلبات القرن الحادي والعشرين، ضغوطا على دول المنطقة أكثر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث. لذلك تعتبر المشكلات الداخلية مشتركة إذ نجد المشكلة الواحدة في أكثر من دولة، فإذا أخذنا على سبيل الحصر مشكلة العمالة الأجنبية والبطالة المحلية أو الإرهاب والعمليات التخريبية نجد أن أكثر من دولة خليجية تعاني منها. ومن هنا سنتطرق إليها بشكل جماعي كما سيأتي.
--------------------------------------------------------------------------------
المشكلات الحدودية
لعبت مشكلات الحدود، وان تم التوصل إلى تسويات في بعضها، دورا رئيسيا في توتير الأجواء وإشعال الخصومات بين دول المنطقة، وعلى أبسط الأحوال حالت دون التعاون المطلوب بين الدول والشعوب. ولا حاجة إلى التدليل على ذلك، فهي حقيقة عامة تنطبق على الدول والأقاليم في العالم ككل. ولم تكن دول الخليج وجواره بمنأى عن هذا. واكتوت دول مجلس التعاون الخليجي من هذا الداء الذي حال دون تحقيق المجلس أهدافه. كما كان لهذا العامل انعكاساته في العلاقات مع دول الجوار. وعلى رغم أن الموروث التاريخي الممثل في الاستعمار أو الحروب القبلية سبب رئيسي لمشكلات الحدود، فإن بعض هذا الموروث لم يتم تجاوزه حتى الآن، ما يجعل الجيل الحاضر مسئولاً مباشرًا عن عدم السعي الجاد للبحث وبكل الوسائل عن معالجة مشكلات الحدود بالوسائل السلمية لتخطي الماضي والعمل من أجل الحاضر والمستقبل. وقد شكل اتفاق الحدود بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية تطورا ايجابيا كبيرا نحو إقفال ملفات الحدود في الجزيرة العربية. واستبشر الجميع خيرا بهذا الاتفاق الذي أنهى واحدة من أكثر المشكلات الحدودية تعقيدا من حيث خلفيته التاريخية أو من طبيعته الجغرافية والاجتماعية. واتفاق الحدود بين اليمن والسعودية وقبل ذلك سلطنة عمان يشكل نقطة تحول نحو العمل الخليجي اليمني المشترك. وأيضا الشيء نفسه يمكن أن يقال عن تسوية الحدود البحرية بين السعودية والكويت وذهابهما معا لتسوية الحدود البحرية مع إيران. فالإيمان بوحدة المصير والإرادة الصادقة كانا العامل الرئيسي في التوصل إلى هذا الاتفاق. كما شهدت المنطقة التسوية النهائية للخلاف البحريني - القطري بوسيلة سلمية أخرى هي القضاء الدولي في لاهاي. وبتسوية هذا الخلاف زالت عقبة كأداء من وجه العلاقات المطلوبة بين أبناء الشعب الواحد في مملكة البحرين ودولة قطر. ويتطلع الجميع إلى أن تنتقل هذه الروح الايجابية التي سادت بين الأشقاء في الخليج إلى تسوية مشكلات الحدود مع الجيران في الخليج وخصوصًا الخلاف بين الإمارات العربية المتحدة وإيران بشأن الجزر الثلاث وأعلنت الإمارات في عيدها الوطني الأخير رغبتها في حل سلمي. غير أن الأحلام التي يتوق إليها مواطنو هذه الشعوب تكمن في إلغاء القيود أيا تكن (حدود، جمارك،الاستثمار، العمالة، السوق المشتركة، الرسوم، الضرائب، التنقل بالبطاقة، التملك... الخ) بمعنى أنهم يطالبون بتفعيل التوصيات التي تتحقق على أرض الواقع، كإنشاء لجان لتنفيذ القرارات ومتابعتها. إن الوقت الآن مؤات لتحقيق فيدرالية خليجية ومقومات نجاحها متوافرة ولا سيما بعد زوال التراكم التاريخي المشحون بالخلافات الحدودية.
--------------------------------------------------------------------------------
العمالة الأجنبية و تحويلاتها
تشكل الكثافة العالية للعمالة الأجنبية في دول المجلس تحديًا ومنافسة للأعداد الكبيرة من الشباب المواطنين الداخلين في سوق العمل.
ويختلف حجم هذه العمالة من دولة إلى أخرى، فمثلا في الإمارات العربية المتحدة، وعدد سكانها المواطنين البالغ نسمات، يوجد فيها مليونان ومئتا ألف أجنبي الأمر الذي يشكل خطرا ديمغرافيا وقد يتطور إلى خطر سياسي في السنوات المقبلة إذ بدأت الدول المصدرة للعمالة في الهند وشرق آسيا بالمطالبة بالحقوق السياسية بجانب الحقوق النقابية والمهنية المشروعة. الأمر ذاته ينطبق على بقية دول المجلس ولو بنسب مختلفة، فمملكة البحرين التي عدد سكانها في حدود منهم أجنبياً ينافسون أكثر من ألف مواطن في سن العمل من الفئة العمرية الشبابية ( - ) هذا فضلا عن الأعداد الكبيرة التي تدخل سوق العمل سنويا من مخرجات التعليم (في حدود خريج يدخل سوق العمل سنويا)، والظاهرة والأزمة ذاتها بدأت منذ مدة تكشف رأسها في دولة الكويت إذ إجمالي عدد السكان في حدود مليونين وخمسمئة ألف نسمة منهم مليون وسبعمئة ألف من الأجانب ينافسون الأعداد المتزايدة من المواطنين الداخلين لسوق العمل الكويتية إذ إجمالي المواطنين من الفئة الشبابية (-) وتتراوح في حدود كويتيا في ظل تشبع القطاعين الحكومي والمختلط (النفط ومشتقاته والصناعات المكملة له أساسا)، وفي ظل استمرار بقاء القيم والسلوكات المرتبطة بالاقتصاد الريعي التي تجلت بشكل واضح في الكويت من العطاءات الحكومية الهائلة للمواطنين والاعتماد على العمل الحكومي. والأمر ذاته ينطبق على دولة قطر إذ عدد سكانها في حدود نسمة منهم من الأجانب أي في حدود في المئة من إجمالي السكان، والإمارات في حدود في المئة، مملكة البحرين في المئة، الكويت في المئة، السعودية في المئة، وسلطنة عمان في المئة. وتفرز هذه الأعداد من العمالة الأجنبية بطالة مقنعة في بعض دول الخليج. وترتبط بالعمالة الأجنبية مشكلةُ تحويلاتها إلى الخارج، إذ كشفت دراسة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أن هذه التحويلات تبلغ حوالي مليار دولار أميركيا سنويا في دول المجلس الست. من هذا الإجمالي تمثل تحويلات العاملين الأجانب في السعودية أكثر من في المئة من إجمالي التحويلات أو مليار دولار سنويا. وتمثل تحويلات العاملين في الإمارات في المئة من الإجمالي أو أربعة مليارات دولار سنويا، بينما يتوزع المبلغ المتبقي ( مليارات دولار) على دول المجلس الأربع الأخرى.
--------------------------------------------------------------------------------
المحيط الإقليمي
لم تشهد المنطقة الخليجية منذ تأسيس المجلس استقرارا إقليميا، إذ ترافق تأسيسه مع حرب الخليج الأولى التي استمرت حتى نهاية عقد الثمانينات في القرن العشرين تلته فترة هدوء لبضع سنوات، وبدأت في العقد الأخير من القرن العشرين أزمة هزت منطقة الخليج العربي والعالم العربي بشكل عام ألا وهي غزو العراق للكويت، ما أدخل المنطقة في دوامة من الحرب والتدخل الأجنبي مازالت مستمرة حتى الآن حينما تتوجت بالغزو الأنجلو - أميركي للعراق والحديث عن تقسيمه لعدد من الدول من أجل تمزيق وحدته، الأمر الذي سيؤثر على مستقبل الاستقرار السياسي في منطقة الخليج، ويخلق تحديات إضافية لدول المجلس. وفي هذا الإطار هناك مآخذ كثيرة فيما يتعلق بالعمل السياسي الخليجي أهمها مشكلات الأمن القومي. فالتحدي الأمني الذي قام من أجله مجلس التعاون الخليجي مازال يتصدر الأجندة السياسية في الخليج العربي. وفيما يتعلق بموقف دول المجلس تجاه القضايا العربية والإقليمية فإنه لم يؤثر وجود هذه الدول في هذا المجلس على سلوك بقية الدول العربية والإسلامية الأخرى وخصوصاً في المسألة العراقية والقضية الفلسطينية. إذ اتخذت دول المجلس موقفًا سياسيًّا متوافقًا مع توجهات الدول العربية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع الغرب والولايات المتحدة الاميركية، ولا نستطيع أن نستنتج أن إنجازات هذه الدول إقليميا تختلف بكثير عن بقية الدول العربية والإسلامية التي تعاني من الضعف الشديد على المستويين الإقليمي والدولي، فلا يوجد للدول الخليجية أي ثقل على المستويين السياسي الدولي وحتى في رأي الذين يعتبرون النفط وسيلة وأداة سياسية بيدها، فإن الدول المصدرة للنفط تدرك تماما أنها لا تستطيع أن تعيش سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من دون عوائده. ومن هذا المنطلق فإن دور النفط في سياسة مجلس التعاون ليس له أثر كعامل اقتصادي، بل على العكس من ذلك فإن جميع الإخفاقات جاءت نتيجة التدخلات الخارجية لوجود النفط في هذه المنطقة، والذي كان عاملا مساعدا في الإخفاق السياسي لهذه الدول. وهناك من يرى أن احتلال العراق الآن من قبل أميركا وبريطانيا يهدف إلى وجود مصدر استراتيجي للنفط خارج دول المجلس باعتبار أن السياسة التعليمية لبعض أعضائه أفرزت جيلاً من الإرهابيين. أما فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران فقد حاول الغرب منذ البداية أن يرعب دول المنطقة من البعبع الإيراني. وحاول قادة المجلس المؤسسون مرارا تأكيد البعد الشامل لعملهم المشترك وعدم استهدافهم إيران بالتحالف الخليجي حتى لا تفسر هذه الجارة الكبيرة والحساسة وجود تكتل عربي في جنوبها بأنه عدائي. ولكن سرعان ما تكشف الأمر في علاقة هذه الدول بالعراق في الحرب الخليجية الأولى. ومع ذلك تحتفظ إيران الآن بعلاقات طبيعية مع دول المجلس وهي