مشاريع التسوية السلمية 1948 - 1967
مرسل: السبت مارس 24, 2012 11:06 pm
كان القاسم المشترك لمشاريع التسوية في هذه المرحلة هو التعامل مع قضية فلسطين بوصفها قضية لاجئين، أي الشق الإنساني من الموضوع وليس السياسي. ففي 11 ديسمبر 1948 وبناء على مشروع بريطاني وافقت الأمم المتحدة على إصدار القرار 194 القاضي بوجوب السماح بالعودة للاجئين الفلسطينيين الراغبين في العودة إلى بيوتهم في أقرب وقت ممكن، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم، وأن يتم تعويض أي مفقود أو مصاب بضرر من الجهة المسئولة عن ذلك. ويعني قرار العودة هذا أن:
1. العودة حق واجب التنفيذ.
2. وهي تتوقف على الاختيار الحر للاجئ.
3. وهي حق طبيعي وليس منّة من أحد.
4. ولا يجوز لأحد منع هذا الحق أو حجبه.
5. وأن عودته إلى وطنه هي عودة مواطن له كامل الحقوق المدنية والسياسية.
ومن الجدير بالذكر أن قرار حق العودة هذا قد جرى التأكيد عليه سنوياً في اجتماعات الأمم المتحدة، وصدر أكثر من 110 مرات حتى الآن، مع رفض "إسرائيلي" مستمر لتنفيذه، ودون أن تتحرك الأمم المتحدة بأي خطوة عملية لإلزام الكيان الصهيوني به. وقد كان قد تم تشريد 800 ألف فلسطيني من أصل 920 ألف كانوا يسكنون المنطقة التي استولى عليها الصهاينة. ويبلغ عدد هؤلاء الفلسطينيين نحو خمسة ملايين و100 ألف تقريباً (حسب سنة 2001).
وفي الوقت نفسه لم يستطع الفلسطينيون إنشاء الدولة العربية الخاصة بهم، إذ قام الأردن بضم الضفة الغربية رسمياً إليه بتاريخ 11 إبريل 1950، كما قامت مصر بوضع قطاع غزة تحت إدارتها.
وقد تضمن القرار 194 نفسه مادة تنص على تشكيل لجنة توفيق ومصالحة بين الكيان الصهيوني والدول العربية. وتشكلت اللجنة من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، ودعت اللجنة في أواخر 1949 الكيان الصهيوني لقبول عودة 100 ألف لاجئ فلسطيني مقابل الحصول على صلح مع العرب، لكن الكيان الصهيوني رفض ذلك بشكل قاطع. وتعاونت الدول العربية مع لجنة المصالحة، لكن إصدار الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بيانها الشهير في 25 مايو 1950 بحماية الحدود "الإسرائيلية" القائمة (رغم أنها تحتل مساحة إضافية من فلسطين تقدر بحوالي 23%) كشف النوايا الحقيقية لهذه الدول، مما دفع الدول العربية لرفض مقترحات لجنة المصالحة المتعلقة بترتيبات التسوية مع الكيان الصهيوني. وقد عقدت اللجنة مؤتمراً في لوزان بسويسرا في 26 إبريل 1949 وكان الكيان الإسرائيلي تحت ضغط الحاجة إلى قبوله عضواً في الأمم المتحدة فوافق ووقع على "بروتوكول لوزان" الذي تضمن:
1. أن تكون الخريطة الملحقة بقرار تقسيم فلسطين هي أساس للمحادثات بشأن مستقبل فلسطين.
2. انسحاب "إسرائيل" إلى ما وراء حدود التقسيم.
3. تدويل القدس.
4. عودة اللاجئين وحقهم في التصرف بأموالهم وأملاكهم، وحق تعويض من لا يرغب بالعودة.
ولكن ما إن وافقت الأمم المتحدة على عضوية الكيان الإسرائيلي فيها حتى تنكرّت "إسرائيل" لاتفاقية لوزان، ورفضت تنفيذ شروطها. وقد عطَّلت "إسرائيل" أي عمل للجنة متعلقٍ بتنفيذ التقسيم أو عودة اللاجئين. وبدا واضحاً أن الموقف الصهيوني وجد هوى غير معلن لدى لجنة المصالحة التي تعمَّدت التقاعس وإماتة الموضوع، وافتقرت لأدنى درجات الجدية، وسكتت سكوتاً مريباً عن مصادرة الكيان الصهيوني لأراضي اللاجئين وأملاكهم. ومن الجدير بالذكر أن لجنة المصالحة هذه ظلَّت (من الناحية الرسمية) مشكلة لعشرات السنين، وظلّ تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة يأسف سنوياً لعدم تمكن هذه اللجنة من إيجاد الوسائل لتحقيق أي تقدّم بشأن عودة اللاجئين، ويطلب منها أن تبذل جهوداً متواصلة من أجل ذلك (مثلاً قرار ب3419 في 8 ديسمبر 1975).
وفي إطار التعامل مع قضية فلسطين كقضية لاجئين أُنشئت "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين وتشغيلهم (الأونروا)" بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 الصادر في 8 ديسمبر. وأخذ يتضح مع الزمن أن مزاج القوى الكبرى العام يتجه نحو إيجاد حلول اقتصادية لمصاعب الحياة التي يواجهها اللاجئون، وتوطينهم حيث استقروا أو في أماكن أخرى، وليس إعادتهم إلى أرضهم أو إعطائهم حقوقهم السياسية في الهوية الوطنية وتقرير المصير والاستقلال.
وتوالت المشاريع التي تركز على قضية اللاجئين وعلى تحقيق تسوية بين الدول العربية والكيان الصهيوني، دونما إشارة لإنشاء كيان سياسي فلسطيني. فكان هناك المشروع النرويجي في 26 نوفمبر 1952 الذي دعا إلى توقف الأعمال العدوانية والدخول في مفاوضات مباشرة بين الأطراف المعنية. وكان هناك مشروع "جاما" الأمريكي 1955 - 1956، حيث يذكر مايلزكوبلاند أن روزفلت حصل على موافقة كل من بن جوريون وجمال عبد الناصر على عقد لقاء سرِّي على متن يخت في البحر المتوسط. ولكن عبد الناصر أصَّر أن توافق "إسرائيل" من حيث المبدأ على قبول عودة الفلسطينيين الراغبين في العودة وأن تحصل مصر على ممر يوصلها بالأردن، لكن المشروع فشل لرفض الجانب الإسرائيلي مناقشة أي تنازلات من طرفه. وهناك مشروع جونستون الأمريكي 1953 - 1955 الذي استهدف تصفية قضية اللاجئين وقضية فلسطين، عن طريق تعاون الدول العربية مع الكيان الإسرائيلي في استثمار مياه نهر الأردن بطريقة تكفل تطور المنطقة زراعياً، وتهيئة سبل الاستقرار فيها للاجئين، ولمزيد من المهاجرين اليهود. وقد رفض مؤتمر اللاجئين المنعقد في القدس في 20 مايو 1955 المشروع.
وهناك مشروع دالاس وزير الخارجية الأمريكي الذي دعا في 26 أغسطس 1955 إلى إنهاء مشكلة اللاجئين بعودتهم إلى وطنهم "إلى الحد الذي يكون ممكناً"، وبتوطين الباقي في المناطق العربية التي يقيمون فيها، ودعا إلى إجراءات جماعية لمنع أي حرب أو عدوان بين دول المنطقة، وإلى تسوية الحدود بين البلاد العربية والكيان الإسرائيلي.
وتعاونت مصر مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) خلال الفترة 1953 - 1955 في تنفيذ مشروع لتوطين لاجئي قطاع غزة في شمال غرب سيناء، وقد اتخذ المشروع أبعاداً مفصلة وجدية، غير أنه لقي معارضة شاملة وعنيفة من فلسطينيي القطاع، الذين خرجوا إثر الهجمة الصهيونية على القطاع في 28 فبراير 1955 في تظاهرات قوية تطالب بتشكيل جيش تحرير فلسطيني، وإيقاف مشروع شمال غرب سيناء، وإطلاق الحريات ... وتم إسقاط المشروع.
وفي 9 نوفمبر 1955 طرح رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن مشروعه الذي يدعو إلى الوصول إلى "صيغة تسوية" بين الموقف العربي الذي يطالب بحدود التقسيم عام 1947، والموقف الإسرائيلي المتمسك بحدود الهدنة. ورفضت "إسرائيل" المشروع وقال بن جوريون "إن غزو الدول العربية لأرض فلسطين في حرب 1948 قد جعل كافة قرارات هيئة الأمم المتحدة حول فلسطين لاغية وباطلة بدون أية إمكانية لإعادتها إلى الحياة".
وفي 15 يونيو 1959 صدر عن همرشولد الأمين العام للأمم المتحدة مشروع ركز على حل مشكلة اللاجئين بتوطينهم واستيعابهم عبر مساعدة الدول التي يتواجدون فيها اقتصادياً، رغم إشارته إلى حقهم في العودة. وقد رفض الفلسطينيون هذا المشروع بقوة وأقام ممثلوهم في لبنان المؤتمر الفلسطيني الذي عقد في 26 يونيو 1959، والذي رفض تذويب الفلسطينيين في اقتصاديات الشرق الأوسط.
وفي 2 أكتوبر 1962 قدَّم جوزيف جونسون رئيس مؤسسة "كارنيجي" للسلام العالمي مشروعه لحل مشكلة اللاجئين بعد أن كلفته الحكومة الأمريكية سنة 1961 بدراستها، وأكد في مشروعه على حق اللاجئين الحر بالعودة أو التعويض، مشيراً إلى بعض آليات تنفيذ ذلك.
أما المشروع العربي الوحيد في تلك الفترة الذي يستحق الإشارة باعتباره اختراقاً للإجماع العربي حول "السلام" مع الكيان الصهيوني، فكان المشروع التونسي الذي قدمه الحبيب بورقيبة رئيس تونس في 21 إبريل 1965 وتضمن:
1. أن تعيد "إسرائيل" إلى العرب ثلث المساحة التي احتلتها منذ إنشائها لتقوم عليها دولة عربية فلسطينية.
2. يعود اللاجئون إلى دولتهم الجديدة.
3. تتم المصالحة بين العرب وإسرائيل بحيث تنتهي حالة الحرب بينهما.
وقد رحب الكيان الإسرائيلي بمقترحات بورقيبة بوصفها اتجاهاً جديداً في التفكير العربي، لكنه رفض التنازل عن أي جزء من الأرض التي استولى عليها. وقد قوبلت مقترحات بورقيبة باستهجان ورفض عربي شعبي ورسمي عارم.
وقد ردَّ "ليفي اشكول" رئيس الوزراء الصهيوني على بورقيبة بمشروع تسوية أعلنه في 17 مايو 1965 مبنيٍ على تثبيت الأوضاع القائمة مع تعديلات طفيفة، ومفاوضات مباشرة وإحلال سلام دائم وتطبيع العلاقات مع البلاد العربية.
1. العودة حق واجب التنفيذ.
2. وهي تتوقف على الاختيار الحر للاجئ.
3. وهي حق طبيعي وليس منّة من أحد.
4. ولا يجوز لأحد منع هذا الحق أو حجبه.
5. وأن عودته إلى وطنه هي عودة مواطن له كامل الحقوق المدنية والسياسية.
ومن الجدير بالذكر أن قرار حق العودة هذا قد جرى التأكيد عليه سنوياً في اجتماعات الأمم المتحدة، وصدر أكثر من 110 مرات حتى الآن، مع رفض "إسرائيلي" مستمر لتنفيذه، ودون أن تتحرك الأمم المتحدة بأي خطوة عملية لإلزام الكيان الصهيوني به. وقد كان قد تم تشريد 800 ألف فلسطيني من أصل 920 ألف كانوا يسكنون المنطقة التي استولى عليها الصهاينة. ويبلغ عدد هؤلاء الفلسطينيين نحو خمسة ملايين و100 ألف تقريباً (حسب سنة 2001).
وفي الوقت نفسه لم يستطع الفلسطينيون إنشاء الدولة العربية الخاصة بهم، إذ قام الأردن بضم الضفة الغربية رسمياً إليه بتاريخ 11 إبريل 1950، كما قامت مصر بوضع قطاع غزة تحت إدارتها.
وقد تضمن القرار 194 نفسه مادة تنص على تشكيل لجنة توفيق ومصالحة بين الكيان الصهيوني والدول العربية. وتشكلت اللجنة من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، ودعت اللجنة في أواخر 1949 الكيان الصهيوني لقبول عودة 100 ألف لاجئ فلسطيني مقابل الحصول على صلح مع العرب، لكن الكيان الصهيوني رفض ذلك بشكل قاطع. وتعاونت الدول العربية مع لجنة المصالحة، لكن إصدار الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بيانها الشهير في 25 مايو 1950 بحماية الحدود "الإسرائيلية" القائمة (رغم أنها تحتل مساحة إضافية من فلسطين تقدر بحوالي 23%) كشف النوايا الحقيقية لهذه الدول، مما دفع الدول العربية لرفض مقترحات لجنة المصالحة المتعلقة بترتيبات التسوية مع الكيان الصهيوني. وقد عقدت اللجنة مؤتمراً في لوزان بسويسرا في 26 إبريل 1949 وكان الكيان الإسرائيلي تحت ضغط الحاجة إلى قبوله عضواً في الأمم المتحدة فوافق ووقع على "بروتوكول لوزان" الذي تضمن:
1. أن تكون الخريطة الملحقة بقرار تقسيم فلسطين هي أساس للمحادثات بشأن مستقبل فلسطين.
2. انسحاب "إسرائيل" إلى ما وراء حدود التقسيم.
3. تدويل القدس.
4. عودة اللاجئين وحقهم في التصرف بأموالهم وأملاكهم، وحق تعويض من لا يرغب بالعودة.
ولكن ما إن وافقت الأمم المتحدة على عضوية الكيان الإسرائيلي فيها حتى تنكرّت "إسرائيل" لاتفاقية لوزان، ورفضت تنفيذ شروطها. وقد عطَّلت "إسرائيل" أي عمل للجنة متعلقٍ بتنفيذ التقسيم أو عودة اللاجئين. وبدا واضحاً أن الموقف الصهيوني وجد هوى غير معلن لدى لجنة المصالحة التي تعمَّدت التقاعس وإماتة الموضوع، وافتقرت لأدنى درجات الجدية، وسكتت سكوتاً مريباً عن مصادرة الكيان الصهيوني لأراضي اللاجئين وأملاكهم. ومن الجدير بالذكر أن لجنة المصالحة هذه ظلَّت (من الناحية الرسمية) مشكلة لعشرات السنين، وظلّ تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة يأسف سنوياً لعدم تمكن هذه اللجنة من إيجاد الوسائل لتحقيق أي تقدّم بشأن عودة اللاجئين، ويطلب منها أن تبذل جهوداً متواصلة من أجل ذلك (مثلاً قرار ب3419 في 8 ديسمبر 1975).
وفي إطار التعامل مع قضية فلسطين كقضية لاجئين أُنشئت "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين وتشغيلهم (الأونروا)" بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 الصادر في 8 ديسمبر. وأخذ يتضح مع الزمن أن مزاج القوى الكبرى العام يتجه نحو إيجاد حلول اقتصادية لمصاعب الحياة التي يواجهها اللاجئون، وتوطينهم حيث استقروا أو في أماكن أخرى، وليس إعادتهم إلى أرضهم أو إعطائهم حقوقهم السياسية في الهوية الوطنية وتقرير المصير والاستقلال.
وتوالت المشاريع التي تركز على قضية اللاجئين وعلى تحقيق تسوية بين الدول العربية والكيان الصهيوني، دونما إشارة لإنشاء كيان سياسي فلسطيني. فكان هناك المشروع النرويجي في 26 نوفمبر 1952 الذي دعا إلى توقف الأعمال العدوانية والدخول في مفاوضات مباشرة بين الأطراف المعنية. وكان هناك مشروع "جاما" الأمريكي 1955 - 1956، حيث يذكر مايلزكوبلاند أن روزفلت حصل على موافقة كل من بن جوريون وجمال عبد الناصر على عقد لقاء سرِّي على متن يخت في البحر المتوسط. ولكن عبد الناصر أصَّر أن توافق "إسرائيل" من حيث المبدأ على قبول عودة الفلسطينيين الراغبين في العودة وأن تحصل مصر على ممر يوصلها بالأردن، لكن المشروع فشل لرفض الجانب الإسرائيلي مناقشة أي تنازلات من طرفه. وهناك مشروع جونستون الأمريكي 1953 - 1955 الذي استهدف تصفية قضية اللاجئين وقضية فلسطين، عن طريق تعاون الدول العربية مع الكيان الإسرائيلي في استثمار مياه نهر الأردن بطريقة تكفل تطور المنطقة زراعياً، وتهيئة سبل الاستقرار فيها للاجئين، ولمزيد من المهاجرين اليهود. وقد رفض مؤتمر اللاجئين المنعقد في القدس في 20 مايو 1955 المشروع.
وهناك مشروع دالاس وزير الخارجية الأمريكي الذي دعا في 26 أغسطس 1955 إلى إنهاء مشكلة اللاجئين بعودتهم إلى وطنهم "إلى الحد الذي يكون ممكناً"، وبتوطين الباقي في المناطق العربية التي يقيمون فيها، ودعا إلى إجراءات جماعية لمنع أي حرب أو عدوان بين دول المنطقة، وإلى تسوية الحدود بين البلاد العربية والكيان الإسرائيلي.
وتعاونت مصر مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) خلال الفترة 1953 - 1955 في تنفيذ مشروع لتوطين لاجئي قطاع غزة في شمال غرب سيناء، وقد اتخذ المشروع أبعاداً مفصلة وجدية، غير أنه لقي معارضة شاملة وعنيفة من فلسطينيي القطاع، الذين خرجوا إثر الهجمة الصهيونية على القطاع في 28 فبراير 1955 في تظاهرات قوية تطالب بتشكيل جيش تحرير فلسطيني، وإيقاف مشروع شمال غرب سيناء، وإطلاق الحريات ... وتم إسقاط المشروع.
وفي 9 نوفمبر 1955 طرح رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن مشروعه الذي يدعو إلى الوصول إلى "صيغة تسوية" بين الموقف العربي الذي يطالب بحدود التقسيم عام 1947، والموقف الإسرائيلي المتمسك بحدود الهدنة. ورفضت "إسرائيل" المشروع وقال بن جوريون "إن غزو الدول العربية لأرض فلسطين في حرب 1948 قد جعل كافة قرارات هيئة الأمم المتحدة حول فلسطين لاغية وباطلة بدون أية إمكانية لإعادتها إلى الحياة".
وفي 15 يونيو 1959 صدر عن همرشولد الأمين العام للأمم المتحدة مشروع ركز على حل مشكلة اللاجئين بتوطينهم واستيعابهم عبر مساعدة الدول التي يتواجدون فيها اقتصادياً، رغم إشارته إلى حقهم في العودة. وقد رفض الفلسطينيون هذا المشروع بقوة وأقام ممثلوهم في لبنان المؤتمر الفلسطيني الذي عقد في 26 يونيو 1959، والذي رفض تذويب الفلسطينيين في اقتصاديات الشرق الأوسط.
وفي 2 أكتوبر 1962 قدَّم جوزيف جونسون رئيس مؤسسة "كارنيجي" للسلام العالمي مشروعه لحل مشكلة اللاجئين بعد أن كلفته الحكومة الأمريكية سنة 1961 بدراستها، وأكد في مشروعه على حق اللاجئين الحر بالعودة أو التعويض، مشيراً إلى بعض آليات تنفيذ ذلك.
أما المشروع العربي الوحيد في تلك الفترة الذي يستحق الإشارة باعتباره اختراقاً للإجماع العربي حول "السلام" مع الكيان الصهيوني، فكان المشروع التونسي الذي قدمه الحبيب بورقيبة رئيس تونس في 21 إبريل 1965 وتضمن:
1. أن تعيد "إسرائيل" إلى العرب ثلث المساحة التي احتلتها منذ إنشائها لتقوم عليها دولة عربية فلسطينية.
2. يعود اللاجئون إلى دولتهم الجديدة.
3. تتم المصالحة بين العرب وإسرائيل بحيث تنتهي حالة الحرب بينهما.
وقد رحب الكيان الإسرائيلي بمقترحات بورقيبة بوصفها اتجاهاً جديداً في التفكير العربي، لكنه رفض التنازل عن أي جزء من الأرض التي استولى عليها. وقد قوبلت مقترحات بورقيبة باستهجان ورفض عربي شعبي ورسمي عارم.
وقد ردَّ "ليفي اشكول" رئيس الوزراء الصهيوني على بورقيبة بمشروع تسوية أعلنه في 17 مايو 1965 مبنيٍ على تثبيت الأوضاع القائمة مع تعديلات طفيفة، ومفاوضات مباشرة وإحلال سلام دائم وتطبيع العلاقات مع البلاد العربية.