جان جاك روسو
مرسل: السبت مارس 24, 2012 11:51 pm
جان جاك روسو
فيلسوف سويسري، كان أهم كاتب في عصر العقل. وهو فترة من التاريخ الأوروبي، امتدت من أواخر القرن السابع عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلاديين. ساعدت فلسفة روسو في تشكيل الأحداث السياسية، التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية. حيث أثرت أعماله في التعليم والأدب والسياسة.
حياته المبكرة:
وُلد روسو في مدينة جنيف بسويسرا. وكانت أسرته من أصل بروتستانتي فرنسي، وقد عاش في جنيف لمدة سبعين عاما تقريبا. توفيت أمه عقب ولادته مباشرة، تاركة الطفل لينشأ في كنف والده، الذي عُرف بميله إلى الخصام والمشاجرة. ونتيجة لإحدى المشاجرات عام 1722م، اضطر والد روسو إلى الفرار من جنيف. فتولى عم الصبي مسؤولية تربيته.
وفي عام 1728م، هرب روسو من جنيف، وبدأ حياة من الضياع، ومن التجربة والفشل في أعمال كثيرة. كانت الموسيقى تستهويه دوماً، وظل لسنوات مترددًا بين احتراف الكتابة أو الموسيقى.
وبعد وقت قصير من رحيله عن جنيف، وهو في الخامسة عشرة من عمره، التقى روسو بالسيدة لويز دي وارنز، وكانت أرملة موسرة. وتحت تأثيرها، انضم روسو إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. ومع أن روسو كان أصغر من السيدة دي وارنز باثني عشر أو ثلاثة عشر عامًا، إلا أنه استقر معها بالقرب من مدينة شامبيري، في دوقية سافوي. وقد وصف سعادته بعلاقتهما في سيرته الذاتية الشهيرة اعترافات التي كتبت في عام 1765 أو 1766م - 1770م، ونُشرت عامي 1782م و 1788م، ولكن العلاقة لم تدم، فقد هجرها روسو أخيرًا عام 1740م
وفي عام 1741م أو 1742م، كان روسو في باريس يجري وراء الشهرة والثروة، وقد سعى إلى احتراف الموسيقى. وكان أمله يكمن في وضع نظام جديد للعلامات والرموز الموسيقية قد كان ابتكره. وقدم المشروع إلى أكاديمية العلوم، ولكنه أثار قدرًا ضئيلاً من الاهتمام. في باريس، اتَّصل روسو بـالفلاسفة وهي جماعة من مشاهير كتاب وفلاسفة العصر. وحصل على التشجيع المادي من مشاهير الرأسماليين. ومن خلال رعايتهم، خدم روسو أمينًا للسفير الفرنسي في البندقية خلال عامي 1743، 1744م.
كانت نقطة التحول في حياة روسو عام 1749م، حين قرأ عن مسابقة، تكفَّلت برعايتها أكاديمية ديجون، التي عرضت جائزة مالية لأحسن مقال عن الموضوع، وهو ما إذا كان إحياء النشاط في العلوم والفنون من شأنه الإسهام في تطهير السلوك الأخلاقي. وما أن قرأ روسو عن المسابقة حتى أدرك المجرى الذي ستتّجه إليه حياته. وهو معارضة النظام الاجتماعي القائم، والمضيّ فيما بقي من حياته في بيان الاتجاهات الجديدة للتنمية الاجتماعية. وقدم روسو مقاله إلى الأكاديمية تحت عنوان: بحث علمي في العلوم والفنون عام 1750 أو 1751م، حمل فيه على العلوم والفنون لإفسادها الإنسانية. ففاز بالجائزة، كما نال الشهرة التي ظل ينشُدها منذ أمد بعيد.
حياته المتأخرة:
عندما تحول روسو إلى المذهب الكاثوليكي، خسر حقوق المواطنة في جنيف. ولكي يستعيد هذه الحقوق تحول مرة أخرى عام 1754م إلى المذهب البروتستانتي. وفي عام 1757م اختلف مع الفلاسفة؛ لأنه استشعر منهم الاضطهاد.
أعماله:
تتسم آخر أعمال روسو بالإحساس بالذنب وبلغة العواطف. وهي تعكس محاولته للتغلب على إحساس عميق بالنقص، ولاكتشاف هويته في عالم كان يبدو رافضًا له. حاول روسو في ثلاث محاورات صدرت أيضًا تحت عنوان قاضي جان جاك روسو كُتبت في المدة بين عامي 1772 - 1776م، ونُشرت عام 1782م، حاول الرد على اتهامات نقاده، ومن يعتقد أنهم كانوا يضطهدونه. أما عملُه الأخير، الذي اتسم بالجمال والهدوء، فكان بعنوان أحلام اليقظة للمتجول الوحيد (كُتبت بين عامي 1776 و1778م، ونُشرت عام 1782م). كذلك، كتب روسو شعرًا ومسرحيات نظمًا ونثرًا. كما أن له أعمالاً موسيقية من بينها مقالات كثيرة في الموسيقى ومسرحية غنائية (أوبرا) ذات شأن تسمى عرّاف القرية، ومعجم الموسيقى (1767م)، ومجموعة من الأغنيات الشعبية بعنوان العزاء لتعاسات حياتي (1781م). وفضلاً عن ذلك، كتب روسو في علم النبات، وهو علم ظل لسنوات كثيرة تتوق نفسه إليه.
أفكاره:
قام روسو بانتقاد المجتمع في رسائل عديدة. ففي رسالته تحت عنوان: "بحث في منشأ وأسس عدم المساواة" (1755م)، هاجم المجتمع والملكية الخاصة باعتبارهما من أسباب الظلم وعدم المساواة. وكتابه "هلويز الجديد" (1761م) مزيج من الرواية الرومانسية والعمل الذي ينتقد بشدة زيف المبادئ الأخلاقية التي رآها روسو في مجتمعه. وفي كتابه "العقد الاجتماعي" (1762م)، وهو علامة بارزة في تاريخ العلوم السياسية، قام روسو بطرح آرائه فيما يتعلق بالحكم وحقوق المواطنين. وفي روايته الطويلة "إميل" (1762م) أعلن روسو أن الأطفال، ينبغي تعليمهم بأناة وتفاهم. وأوصى روسو بأن يتجاوب المعلم مع اهتمامات الطفل. وحذر من العقاب الصارم ومن الدروس المملة، على أنه أحس أيضًا بوجوب الإمساك بزمام الأمور لأفكار وسلوك الأطفال.
كان روسو يعتقد أن الناس ليسوا مخلوقات اجتماعية بطبيعتهم، معلنًا أن من يعيشون منهم على الفطرة معزولين عن المجتمع، يكونون رقيقي القلب، خالين من أية بواعث أو قوى تدفعهم إلى إيذاء بعضهم بعضًا. ولكنهم ما إن يعيشوا معًا في مجتمع واحد حتى يصيروا أشرارًا. فالمجتمع يُفسد الأفراد من خلال إبراز ما لديهم من ميل إلى العدوان والأنانية.
لم يكن روسو ينصح الناس بالعودة إلى حالة من الفطرة. بل كان يعتقد أن الناس بوسعهم أن يكونوا أقرب ما يكونون إلى مزايا هذه الحالة، إذا عاشوا في مجتمع زراعي بسيط، حيث يمكن أن تكون الرغبات محدودة، والدوافع الجنسية والأنانية محكومة، والطاقات كلها موجهة نحو الانهماك في الحياة الجماعية. وفي كتاباته السياسية، رسم روسو الخطوط العريضة للنظم التي كان يعتقد، أنها لازمة لإقامة ديمقراطية يشارك فيها كافة المواطنين. يعتقد روسو أن القوانين يتعيّن عليها أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب. وأي نوع من الحكم يمكن أن يكتسب الصفة الشرعية مادام النظام الاجتماعي القائم إجماعيًا. واستنادًا إلى ما يراه روسو، فإن أشكال كافة الحكم تتجه في آخر الأمر إلى الضعف والذبول. ولا يمكن كبح التدهور إلا من خلال الإمساك بزمام المعايير الأخلاقية، ومن خلال إسقاط جماعات المصالح الخاصة. وقد تأثر روبسْبيير وغيره من زعماء الثورة الفرنسية بأفكار روسو بشأن الدولة، كما أن هذه الأفكار كانت مبعث إلهام لكثير من الاشتراكيين وبعض الشيوعيين.
نفوذه الأدبي:
مهد روسو لقيام الرومانسية، وهي حركة سيطرت على الفنون في الفترة من أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين؛ فلقد ضرب روسو، سواء في كتاباته أو في حياته الشخصية، المثل على روح الرومانسية، من خلال تغليبه المشاعر والعواطف على العقل والتفكير، والنزوة والعفوية على الانضباط الذاتي. وأدخل روسو في الرواية الفرنسية الحب الحقيقي المضطرم بالوجدان، كما سعى إلى استخدام الصور الوصفية للطبيعة على نطاق واسع، وابتكر أسلوبًا نثريا غنائيًا بليغًا. وكان من شأن اعترافاته أن قدمت نمطًا من السير الذاتية التي تحوي أسرارًا شخصية.
جان جاك روسو
العوامل الذاتية والبيئة.
روسو فيلسوف سياسي فرنسي,ومؤلف وناقد موسيقي.وروائي,وكاتب موسوعي, ولد في جنيف وتوفي في أرمن وفيل بفرنسا.عاش روسو أحياناً حياة بوهمية عاصفة لم تكن فقيرة إلا في النقود فقط.وكثيرا ما يقرأ روسو في طفولته قصص المغامرات التي ألهبت خيال مشاعر الطفل الصغير.
هجر روسو جنيف في السادسة عشر من عمره وبدأ مرحلة جديدة من حياته اتسمت بالعوز الشديد والتشرد ولدى قضائه أياما لدى أحد مضيفيه وتحول بعدها إلى الكاثوليكية ,ثم امتهن بعدها أعمالاً شاقة.
عرفت حياة روسو بعد ذلك بعض الاستقرار فاشترك في مشروع ديرو الكبير الإصدار الموسوعة وحرر جميع المواد التي وردت بها عن الموسيقى.
دخلت حياة روسو بعد هذه الإنجازات مرحلة جادة إذا بدأ يتفاعل مع الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة فكتب عاد (1754)""خطاب في أصل التفاوت بين البشر"" هاجم فيه في التقسيمات الطبقية وندد بظلم المجتمع .في(1756) دعاء أحد تلاميذه فسمح له الوقت والهدوء بأن يستقر "ليقول الحقيقة ويفي رسالته" كتب في نفس العام من رواية "جوليا أو إلواز الجديدة" التي أصدرت عام (1761)وكانت العلامة المميزة على ولادة العصر الرومانتيكي.انصب بعدها روسو في كتابة مؤلفات الأخطر التي ستخلد اسمه.فنشر(العقد الاجتماعي) في نيسان عام 1762 ولكن السلطات الحكومية صادرته وتعرض لحادثة السجن بعد ذلك.كان روسو قد أصبح قبل ذلك نجما من نجوم المجتمع المثقف وفتحت له صالونات ومنتديات الأدب السياسية في باريس وان ظلت الأرستقراطية الفرنسية متباعدة عنه ربما بسبب كتاباته.
منهج البحث عند روسو.
تأثر روسو بالمنحى التجريبي لجون لوك ,ومن خلافه تأثر بذلك التيار القوي المتنامي قبل أرسطو الذي كان يعول على الحواس في جني المعرفة فأرسطو هوالذي أنكر وجود أي شي في النفس أوالعقل.
وجاك لوك ليبرز ميزة الإنسان عن بقية الكائنات من حيث قدرته على إدراك معنى الإحساسات عن طريق العقل.وقد سبق القول عند بحث منهج لوك إن هناك فرقا بين مفهومه للتجربه والقائل إنها تأتي من الحس والفكر معاً,ومفهومها لدى الفلاسفة أمثال هوبز وكوندياك الذين أخضعوا كل تجربة وخبرة للحواس فقط.
على ضوء هذاه الخلفية .وبالرجوع إلى كثير من ارائه التي استلخصها من تجاربه الحياتية الغنية.يمكن فهم أسلوب روسو. فقد ذكر في كتابه (إميل)بأن كل ما يدخل في إدراك الإنسان يأتيه عن طريق الحواس.وأن ما أسماه بالعقل الأول إنما يخدم في إدراك الإنسان للعقل المفكر وأن الحواس (أقدامنا,أيدينا,عيوننا)هي أول مصادر معرفة الفلسفة الطبيعية .وعلى نفس المعنى ينتقد روسو أولئك الكتاب الذين يتجاوزون الواقع ويحاولون تطويعه وفقاً لرؤاهم ومناهجهم الفكرية.ثم يوضح أن الإدراك العلمي السليم للأمور الحياتية الذي اسماه بالحاسة السادسة لايأتي من تلقاء نفسه,وإنما يحتاج إلى التدريب لأن مثل هذه الحاسة ليست شائعة بين كل الناس,وإنما تنتج عن حسن إستعمال الحواس الخمس الأخرى والتمرس بطبيعة الأشياء من خلال مجالاتها الفعلية الخارجية وهو يطلق على أسلوبه منهج الطبيعة.
هذا هو الاسلوب الخاص أو المركب الذي استخلصه من تفاعل فكره وتجريبه الذاتية مع التأثيرات التي تعرض لها وخاصة مذهب كالفن البروتستانتي والفكر المادي العقلاني وعلاوة على ذلك مصطلحه "منهج الطبيعة" فقد استخدم أحياناً أسماء أخرى لأسلوبه هي مادية العقلاء والأيمان بالرب والدين المدني.
بعض المفاهيم التي تطرق لها روسو.
العصر الطبيعي.
للطبيعة في كتابات روسو عدة معان,فهي بالنسبة إلية اللغة الاولى للأنسان والبيئة الطبيعية والطاقة الحية في العالم وفي الإنسان والظاهر والباطن.والانسان قبل وجوده في المجتمع المدني كان يعيش في حاله فطرية يتساوى فيها جميع الأفراد مع بعضهم البعض وكل منهم يعيش في حالة إكتفاء ذاتي ورضا وقناعة بهذه المعيشة.تتميز تصرفات الأفراد في هذه المرحلة بأنها لا تستند إلى العقل وإنما إلى المجموعة من المشاعر الفطرية وحافز المصلحة الذاتية.ورغم المساواة العامة بين الناس التي يفرضها روسو فاءنه يفرق بين نوعين من عدم المساواة في هذه الحالة هما عدم المساواة الطبيعية (البدنية)وعدم المساواة السياسية أو الاخلاقية.
والمقصود بعدم المساواة الطبيعية لديه هي تلك التي يولد بها البشر .أي الاختلافات في القوة العضلية والصحة والقدرات الذهنية والروحية من العبث السؤال عن مصدرها.بينما عدم المساواة السياسية أوالاخلاقية هي من صنع الانسان ويترتب عليها مزايا في الثروة والجاه والسلطة للبعض على حساب البعض الاخر.وليس هناك ارتباط بالضرورة في أي من النوعين من عدم المساواة.فخلافا للمجتمع المدني فأن مظاهر عدم المساواة في العصر الطبيعي ليس لها أهمية كبيرة وذلك لعدم وجود ندرة في وسائل اشباع الحاجات البدائية للانسان. بالأضافة الى ان الحاله الاعتماد على النفس والحياة المستقلة لاتضطره الى الاعتماد على الاخرين ولا التطفل عليهم او الاهتمام بشؤونهم.
الملكية الخاصة.
تناول روسو دور الملكية الخاصة في اكثر من مؤلف اهمها (خطاب في اصل التفاوت)
(خطاب في الاقتصاد السياسي) تبدا الملكية الخاصة في الظهور في راية نتيجة عاملين مهمين هما 1-انفراد الانسان كمخلوق بقدرة فريدة على الارتقاء بنفسه وتفاعل هذا الانسان مع البيئة من خلال تعداد حاجاته وبدء الاستعانة بالغير .يبدو العامل الاول واضحا في تخلي الانسان في اسلوب حياته البدائي كصياد متجول وميله الى تكوين اسرة كمتجمع صغير مبكر له حاجاته المتنامية وجنبا الى جنب مع انشاء الاسرة بدات ظاهرة الملكية الخاصة عندما قام هذا الانسان بتسوير قطعة من الارض وقال (هذه لى) ووجد من البسطاء من يصدقونه على حد قول روسو فكان هو المؤسس الحقيقي الاول للمجتمع المدني.
اما العامل الثاني عندما احتاج الناس الى بعضهم البعض وخاصة عندما عجز الملاك منهم عن زراعة كل اراضيهم بانفسهم فتحولوا الى اصحاب اعمال يقمومون بتاخير اخرين للعمل لديهم .هكذا بدا التفاوت بين البشر وصارت الملكية الخاصة هي المؤسسة الكبرى لعدم المساواة .وانبثق المجتمع المدني المنظم بقوانينه ومؤسساته مما ادى الى زيادة وترسيخ التفاوت الذي اضفت علية الملكية الخاصة والقوانين بصفه شرعية.
القومية.
ابتدا من روسو مرحلة جديدة من التاثير اليوناني في الفلسفة السياسية اذا راى تاثره بافلاطون الى تخلصه من تلك الفلسفة الفردية كانت النظره العامة التى اخذها روسو عن افلاطون تتضمن.
- التسليم بأن الولاء السياسي هو اخلاقي اساسا قبل ان يكون مسالة قانون وسلطة فمجتمع دولة المدينة يشغل قمتة مواطنون احرار يقوم كل منهم بمهمته خدمة للصالح العام ,ولايستطيع العيش خارج هذا المجتمع
- يمثل المجتمع في دولة المدينة القمة الاخلاقية العليا لانه الوسيلة الرئيسية للتهذيب الاخلاقي.
- وللمقارنة بين الموقفين. فأن الفلسفة التي عرضها روسو تدافع عن قضية افراد لهم مصالح كبيرة في المجتمع,وتسيطر على افكار التملك والقدرة على الاتصال بالاخرين والمساومة وعقد الاتفاقيات معهم ,ثم اقامة حكومة تضع هذه الاتفاقيات موضع التنفيذ.ويتساءل روسو مستغربا؟ من اين ياتي هؤولاء الافراد بكل هذه القدرات أن لم يكن من المجتمع؟ ففي داخل المجتمع.هناك حرية ومصلحة شخصية وعهود,بينما خارج المجتمع لايوجد شئ اخلاقي.معنى هذا انه في المجتمع فقط يكتسب الافراد قدراتهم وملكاتهم العقلية,ةبه يصبحون بشرا إذن فالمقولة الاخلاقية الر ئيسية لدية هي المواطن وليس الانسان.
الإرادة العامة:
الإرادة العامة هي الركيزة الأساسية المميزة لفلسفة روسو السياسية, والإرادة كمصطلح لا تعني الإرادة فقط من حيث القصد والنية أو القرار وإنما تعني أيضاًَ الرغبة أو الحاجة إلى شئ أو الإستعداد والرغبة في الإستجابة.
والإرادة العامة في مفهوم روسو تختلف تماماًَ عن الإرادة الخاصة التي هي مختلفة بطبيعيتها بين الأفراد,كما تختلف ايضا عن إرادة الجميع أوالكل. ولايمكن ان تكون اساسا للحكم وانما تصلح فقط كرابطة بين عصبية معينة أو فئة سياسية ما. وعبارة اخرى فأن الإرادة العامة هي مايريده الناس عندما يتطلعون الى الخير العام على اساس من المصلحة المشتركة ,ويتخلون من أجل ذلك عن مصالحهم الأنانية الضيقة.ويشبة روسو المجتمع بالكائن الحي,ولما كان هذا الكائن له ارادة خاصة به فان المجتمع له ايضا ارادة هي الارادة العامة التي كان يعتقد ان المجتمعات الصغيرة هي احسن مثال لها,لانها تتمتع بدرجة كافية من التجانس تكفل وجود مصالح مشتركة.ومثل هذا المجتمع في رايه له شخصية مشتركة موحده او(انا جماعية) ولارادة العامة لهذه الانا الجماعية هي التي تتولى وضع المعايير الاخلاقية الملائمة لاعضائها ,أي تمثل القاعدة لما هو حق او باطل بالنسبة لكل اعضاء الدولة في علاقاتهم بعضهم البعض,وفي علاقتهم بها.يضيف روسو انه بحسب الميثاق الاساسي فان الارادة العامة هي المصدر الوحيد لكل القوانين العادلة,وانه لاشي سواها يلزم الافراد وبالتالي فهي السلطة العليا المطلقة والنهائية. وحيث انها تمثل المصلحة العامة والخير الجماعي الذي هو معيار الصواب,او كما يقول (تمثل القاعدة لما هو حق او باطل بالنسبة لكل افراد الدولة)
روسو والنظام السياسي.
تاثر روسو بالمشاكل السياسية ولاجتماعية التي كانت فرنسا تعاني منها قبل ثورتها عام 1789 وفي تناوله لتلك المشاكل,وبدا وضحا اعجابه ببعض جوانب الديمقراطية في دولة المدينة اليونانية قبل مولد السيد المسيح(ع) هذا علاوة على المؤثرات البيئية التي تعرض لها حيث قضى طفولته ومطلع شبابه في مدينة جنيف الصغيرة.والتي كان نظام الحكم فيها يحمل بعض سمات النمط القديم .وقد اثار هذا الاعجاب من جانبه موجة من الادعاءات,كما اكتنفت الحيرة بعض دراسيه عند محاولة تصنيفه,وهل هو من انصار المذهب الفردي,او انوع من المذهب الجماعي ,وهل يحبذ الديمقراطية او الشمولية؟وهل بدا كمفكر ليبرالي وانتهى كشيوعي؟ام بدا ككاتب ثوري وانتهى كمحافظ.
بيد من تكون السلطة العليا عند روسو.
- الإرادة العامة للجماعة هي مقر كل سلطة السيادة فالدولة في رأيه هي تجسيد للشخصية السياسية وهي تعبر عن نفسها عن طريق الارادة العامة.بينما تكون الحكومة من الافراد الذين يختارهم الشعب لتنفيذ رغبات هذه الارادة.
- واهم سمات الارادة العامة للجماعة في علاقتها بالنظام السياسي انها التعبير الوحيد عن السيادة التي لاتكون إلاللشعب في مجموعه. وكما ان الحكومة ملزمة بالخضوع لهذه الارادة,فان الافراد ملزمون ايضا بطاعتها ,لاشي غير الارادة العامة يمكن ان يمارس مثل هذه السيطره والموقع المتميز.ولما كانت مستقلة عن ارادة كل فرد على حده ,فانه يترتب على ذلك انها لاتقبل التجزئة,وان المجموع(اوالانا الجماعية) صاحب السيادة والسلطان لايستطيع التصرف فيها بالتنازل لان السيادة هي ارادة المجموع ,والسيادة بطبيعتها تنفى وتزول بمجرد انتقالها.اي انه كان يرى ان الشعب لايمكن باي حال ان يستردها الااذا دعت الضرورة الى ذلك كما انه بهذا المفهوم يكون قد حول فكرة السيادة التي جاء بها جان بودان من كونها تساند السلطة الفردية المطلقة الى تكونها تساند سلطة الشعب كما تعني مفهوم الارادة العامه
- ينعكس هذا الوضع الخاص الذي تحتله الارادة العامه,على العلاقات بينها وبين القوانين.فتأسيسا على السلطة المطلقة للشعب ,فانه لا يمكن الاعتراف باي قانون في راية ما لم يصدر عنه بصفته السلطة التشريعية فان أي قانون يجب ان يكون متفقا مع الارادة العامة التي لا يمكن التعبير عنها الا حين يجتمع الشعب كله.اما القرارات التي يصدر من بعض الهيئات الحكومية,فلا تعدو كونها وسيلة من وسائل تطبيق الاوامر التي يصدها الشعب صاحب الحق الوحيد في سن القوانين.
والحقيقة كبيرا في التكوين الفكري لرجال الثورة الفرنسية والنظم الدستورية التي وضعوها بعد اعتناقهم فلسفته عن مبد السيادة وعدم جواز التنازل عنها وان القانون هو المعبر عن ما اسموه لارادة العامه للامه.لهذه وجدت بعض مفاهيم روسو طريقها الى الدساتير عصر الثورة واصبحت نصوصا وضعية. من ذلك ان السيادة جزء لايتجزا ولايجوز التصرف فيها ولا تسقط بالتقادم وهي ملك للامة وليس لفرد او هيئة ممارستها الا عن طريق الامه.
السلطة السياسية وحقوق وحريات الفرد في نقاط .
1-التعريف بالحقوق والحريات.
2-فروع السلطة السياسية وصلاحياتها.
3-اسباب الانهيار السياسي.
4-القيود النوعية والاجرائية على السلطة السياسية.
اولا:التعريف بالحقوق والحريات.
- نلاحظ في البداية ان روسو تعرض لنقد شديد في العالم الغربي المعاصر بسبب ارائه حول الحقوق والحريات وخاصة بعد تأثيراللاحق على التيارات الاشتراكية وهناك سببان.
السبب الاول. هو موقفه من الملكية الخاصة فخلافا لموقف لوك الذي ارسى الاساس النظري الحديث الحق مع الطبقات الكادحة والتاثير في البداية بالتيارات الفكرية الثورية السائدة في عصره والمعادية للملكية الخاصة والمنادية بتحقيق المساواة وبمجتمع تكون فيه الموارد وخاصة الاراضي وانتاجها ملكية مشتركة.
السبب الثاتي.هوخيار روسو الفكري الذي اعتبر متعاطفا مع الشعب او الجماعه كرد فعل قوي من جانبه على المغالات في النزعة الفردية التي ميزت الفلسفة السياسية في القرنين السابع عشر والثامن عشر.وفي الخلاف الجذري بين اراء روسو وبين فلاسفة المذهب الفردي عموما فيهم اللبراليين والليبرتاليين فيما بعد, يمكن تفسير الاتهامات التي لاتزال توجه الية بانه كان واهما ويؤله الجماعه او يريد فرض دكتاتورية الشعب على الفرد لسلبه حقوقه وحرياته وتجد هذه النغمة صدى في بعض الكتابات المعاصرة التي تحاول جاهدة تصنيفة ضمن مؤيدي المنظومات الشمولية بصفة عامة.
- بعد هذا التفسير التمهيدي. وجهات نظر روسو حول العلاقة بين السلطة السياسية وبين موضوع هذا البند مع استبعاد مفهومة للملكية الخاصة والحق المرتبط بها.
ثانيا:فروع السلطة السياسية وصلاحياتها.
1-تكلم روسو باءكبار دور وصلاحيات السلطة التشريعية في الدولة بالمقارنة مع السلطة التنفيذية في ظل الديمقراطية المباشرة التي كان يراها افضل نظام للحكم.
2- ان مهمة الحاكم لديه تقتصر على مجرد اتباع النموذج الذي يقترحه المشرع أي المهندس الذي يخترع الألة بينما الحاكم هو مجرد الصانع الذي يبني تلك الالة ويشغلها.
3- بالنسية للسلطة التنفيذية لم يقتصر روسو على بحث روسو دورها وتعداد صلاحياتها وانما مناسبة للمفاضلة بين نظامي الديمقراطية المباشرة والغير مباشرة.
4-لتوضيح موقفه اكثر من نظامي الديمقراطية المباشرة وغير المباشرة,نلاحظ ان روسو اعتبر النظام النيابي دليل على الفساد السياسي لعدة اسباب اهمها سوء استعمال الحكومة لسلطاتها وتفضيل المصالح الخاصة.
5- بمقارنة لوك وروسو فيما يتعلق يصلاحيات السلطة السياسية على الوجة العام نلاحظ الإختلاف الجذري بين المفكرين.
ثالثا:اسباب الاانهيار السياسي.
مدى نجاح الحكومة,عدم المحافظة على الحياة وازدهار الافراد,نمو عدد السكان دون اللجوء الى التجنيس,استعمار الشعوب, الظروف الاجتماعية والصحية,النقد للجشع.الخ
يرى روسو ان الوطن ليس هو البشر ولا الابنية الشامخة وانما يتجسد في الدستور والقوانين والحكومة والاخلاق والعادات واسلوب المعيشة,وهو محصلة كل تلك العوامل مجتمعه.ان معنى ان يكون الانسان وطن في رايه هو ان يتمتع بحقوقه في ظل حكومه شرعية كتعبير عن علاقات الدولية بأفرادها فاءذا تدهورت تلك العلاقات اوتعرضت للدمار انهار الوطن.
رابعا:القيود النوعية والاجرائية على السلطة السياسية.
أ- القيود النوعية.
وضع روسو قيدا عاما ومبيداين مكملين له. فهو لم يحرم الحكومة من صلاحياتها في عدو مجالات من النشاطات كما فعل لوك وانما حرمها من كافة الصلاحيات طيلة مدة انعقاد المؤتمرات الدورية التي يعقدها الشعب بصفتة سلطة السيادة العليا.اي كقاعدة عامة, تتوقف الحكومه تماما عن كل نشلطاتها وفي كل المجالات اثناء تلك الاجتماعات.
ب- القيود الاجرائية.
يتميز روسو انه لم يكتفي بوضع عدة ضمانات لعدم اساءت استخدام السلطة سواء من السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية.وانما اشار كذلك الى خطر اخر على الحقوق والحريات يتمثل في قيم وانماط حياة المجتمع البرجوازي الناشئ الذي انتقده بقوه كبيرة.
وعلى ضرورة امتثال الحكومة للقوانين التي تعبر عن الارادة العامة للشعب وانما تتطلب ايضا التخلي الافراد عن الانانية والمصالح الذاتية الضيقة.
وكما يتطلع الافراد الى الحكومة لحماية حقوقهم وحرياتهم كمواطنين, فانهم مطالبون في نفس الوقت بالقيام بأعباء هذه المواطنه بصفتهم محكومين ويذهب روسو الى ابعد من ذلك فيقول ان العقد الاجتماعي قد يفقد مضمونه اذا لم يقم الفرد بطاعة الارادة العام هاز لم يضع نفسه في خدمة وطنه.
واذا عقدنا مقارنة مع لوك سنجد انه بينما يركز هذا على افراد يتصرفون بوحي من اراداتهم الخاصة في ظل حماية القانون تمشيا مع النزعة الفردية.فان روسو تحدث عن ارادات تتطابق مع الارادة العامة للجماعة انطلاقا من مفهومه بان المصلحة الحقيقية للانسان هي نفسها الخير العام للجماعة والذي يمكن ان يدركه الانسان بنفسه عندما يرتقي بحيث يرى مصالحة من خلال مصالح المجموع.
يعتبر جان جاك روسو واحداً من أبرز مفكري القرن الثامن عشر بفرنسا لإسهاماته الكبرى في "التنوير" والتمهيد للثورة الفرنسية التي أثّرت بدورها في أوروبا أوّلاً ثم في القارات كلها.
كان روسو عالماً موسوعيا له عطاء كبير في أكثر من ميدان، فقد كان مفكّرا سياسياً وعالم أخلاق وعارفاً بالفنون والآداب ومتضلّعاً في علم النبات، وتركّزت شهرته في الفكر السياسي والتربية.
روسو المفكر السياسي: جمع أفكاره الجديدة في كتابه المشهور
"العقد الاجتماعي" الذي مازال إلى اليوم من أهمّ المراجع في مجاله، وقد حوى نقداً علميا للإقطاع الذي كان سائداً في أوروبا ولهيمنة الكنيسة ، ودعا إلى إقرار سلطة الشعب وإشاعة الحريات وتحقيق المساواة بين المواطنين، وهي أفكار جديدة بل غريبة آنذاك توبع من أجلها من طرف رجال الدين والإقطاعيين وهرب من بلده وعاش في المنفى أكثر من مرة ، وقد استقى أفكاره مما يسمّيه "القانون الطبيعي" بعد أن درس الأديان السماوية والأرضية ونفض يديه منها باستثناء الإسلام ، فهو لم يوجّه له أي نقد بل انتقد تخلّي المسلمين عن هديه، فقد نقد اليهودية باعتبارها ديناً منغلقاً ، وطال نقده الإغريق والرومان بسبب انحرافهم وفسادهم الأخلاقي، وعرّى المسيحية وأبدى رفضه لهذه الطلاسم التي تصدم العقل _ ويقصد التثليث وازدواجية عيسى عليه السلام "الإنسان الإله" _ أما بالنسبة للإسلام فقد كتب ما يلي : "كان لمحمد آراء سليمة جدّاً وربط نظامه السياسي جيداً، وقد بقيت هذه الحكومة موحّدة وجيّدة طالما تمسّك بها خلفاؤه، لكن العرب أصبحوا بعد ذلك مزدهرين متعلّمين مترهّلين وجبناء فاجتاحهم البرابرة فدبّت الفرقة بينهم وإن كانت أقلّ ظهوراً عند المحمديين منه عند النصارى وخاصة عند شيعة على، وهناك دول مثل فارس مازالت فيها هذه الفرقة ملموسة".
فقد أنصف الإسلام وكأنّه يلمّح إلى أن النظام السياسي الإسلامي نظام صالح في ذاته لكن بعض الناس أفسدوه، وهو لم يذكر للأديان الأخرى مثل هذه الإيجابية.
لا شكّ أن روسو تأثّر في تفكيره "التحريري التنويري" بعدد من الفلاسفة أمثال هوبز ولوك ومكيافيللي وديكارت، ففكره ينطلق من عدد من المبادئ المبنية على العقل.
وأثرّ بدوره في عدد لا يحصى من الفلاسفة والمفكّرين أمثال كانت وهيجل، وارتبط اسمه بالثورة الفرنسية ، وقد توفي قبل قيامها بسنة واحدة ولم يعمّر سوى 66 عاماً، ولا بد من التوضيح أنه لم يدعُ إلى الثورة وإلغاء الملكية وإقامة الجمهورية ولكنه ركّز على منح الحقوق للجميع بالتساوي في إطار عقد يتوافق عليه المواطنون وتستمدّ منه الحقوق والواجبات بالنسبة للحاكم والمحكومين، ولكن خروجه على نظرية الحكم الإلهي الذي يتمتّع به الملوك في ذلك الوقت ومناداته بحقّ الأمة وسلطة الشعب يعتبر في حدّ ذاته ثورة فكرية لم يسبق إليها.
فيلسوف سويسري، كان أهم كاتب في عصر العقل. وهو فترة من التاريخ الأوروبي، امتدت من أواخر القرن السابع عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلاديين. ساعدت فلسفة روسو في تشكيل الأحداث السياسية، التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية. حيث أثرت أعماله في التعليم والأدب والسياسة.
حياته المبكرة:
وُلد روسو في مدينة جنيف بسويسرا. وكانت أسرته من أصل بروتستانتي فرنسي، وقد عاش في جنيف لمدة سبعين عاما تقريبا. توفيت أمه عقب ولادته مباشرة، تاركة الطفل لينشأ في كنف والده، الذي عُرف بميله إلى الخصام والمشاجرة. ونتيجة لإحدى المشاجرات عام 1722م، اضطر والد روسو إلى الفرار من جنيف. فتولى عم الصبي مسؤولية تربيته.
وفي عام 1728م، هرب روسو من جنيف، وبدأ حياة من الضياع، ومن التجربة والفشل في أعمال كثيرة. كانت الموسيقى تستهويه دوماً، وظل لسنوات مترددًا بين احتراف الكتابة أو الموسيقى.
وبعد وقت قصير من رحيله عن جنيف، وهو في الخامسة عشرة من عمره، التقى روسو بالسيدة لويز دي وارنز، وكانت أرملة موسرة. وتحت تأثيرها، انضم روسو إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. ومع أن روسو كان أصغر من السيدة دي وارنز باثني عشر أو ثلاثة عشر عامًا، إلا أنه استقر معها بالقرب من مدينة شامبيري، في دوقية سافوي. وقد وصف سعادته بعلاقتهما في سيرته الذاتية الشهيرة اعترافات التي كتبت في عام 1765 أو 1766م - 1770م، ونُشرت عامي 1782م و 1788م، ولكن العلاقة لم تدم، فقد هجرها روسو أخيرًا عام 1740م
وفي عام 1741م أو 1742م، كان روسو في باريس يجري وراء الشهرة والثروة، وقد سعى إلى احتراف الموسيقى. وكان أمله يكمن في وضع نظام جديد للعلامات والرموز الموسيقية قد كان ابتكره. وقدم المشروع إلى أكاديمية العلوم، ولكنه أثار قدرًا ضئيلاً من الاهتمام. في باريس، اتَّصل روسو بـالفلاسفة وهي جماعة من مشاهير كتاب وفلاسفة العصر. وحصل على التشجيع المادي من مشاهير الرأسماليين. ومن خلال رعايتهم، خدم روسو أمينًا للسفير الفرنسي في البندقية خلال عامي 1743، 1744م.
كانت نقطة التحول في حياة روسو عام 1749م، حين قرأ عن مسابقة، تكفَّلت برعايتها أكاديمية ديجون، التي عرضت جائزة مالية لأحسن مقال عن الموضوع، وهو ما إذا كان إحياء النشاط في العلوم والفنون من شأنه الإسهام في تطهير السلوك الأخلاقي. وما أن قرأ روسو عن المسابقة حتى أدرك المجرى الذي ستتّجه إليه حياته. وهو معارضة النظام الاجتماعي القائم، والمضيّ فيما بقي من حياته في بيان الاتجاهات الجديدة للتنمية الاجتماعية. وقدم روسو مقاله إلى الأكاديمية تحت عنوان: بحث علمي في العلوم والفنون عام 1750 أو 1751م، حمل فيه على العلوم والفنون لإفسادها الإنسانية. ففاز بالجائزة، كما نال الشهرة التي ظل ينشُدها منذ أمد بعيد.
حياته المتأخرة:
عندما تحول روسو إلى المذهب الكاثوليكي، خسر حقوق المواطنة في جنيف. ولكي يستعيد هذه الحقوق تحول مرة أخرى عام 1754م إلى المذهب البروتستانتي. وفي عام 1757م اختلف مع الفلاسفة؛ لأنه استشعر منهم الاضطهاد.
أعماله:
تتسم آخر أعمال روسو بالإحساس بالذنب وبلغة العواطف. وهي تعكس محاولته للتغلب على إحساس عميق بالنقص، ولاكتشاف هويته في عالم كان يبدو رافضًا له. حاول روسو في ثلاث محاورات صدرت أيضًا تحت عنوان قاضي جان جاك روسو كُتبت في المدة بين عامي 1772 - 1776م، ونُشرت عام 1782م، حاول الرد على اتهامات نقاده، ومن يعتقد أنهم كانوا يضطهدونه. أما عملُه الأخير، الذي اتسم بالجمال والهدوء، فكان بعنوان أحلام اليقظة للمتجول الوحيد (كُتبت بين عامي 1776 و1778م، ونُشرت عام 1782م). كذلك، كتب روسو شعرًا ومسرحيات نظمًا ونثرًا. كما أن له أعمالاً موسيقية من بينها مقالات كثيرة في الموسيقى ومسرحية غنائية (أوبرا) ذات شأن تسمى عرّاف القرية، ومعجم الموسيقى (1767م)، ومجموعة من الأغنيات الشعبية بعنوان العزاء لتعاسات حياتي (1781م). وفضلاً عن ذلك، كتب روسو في علم النبات، وهو علم ظل لسنوات كثيرة تتوق نفسه إليه.
أفكاره:
قام روسو بانتقاد المجتمع في رسائل عديدة. ففي رسالته تحت عنوان: "بحث في منشأ وأسس عدم المساواة" (1755م)، هاجم المجتمع والملكية الخاصة باعتبارهما من أسباب الظلم وعدم المساواة. وكتابه "هلويز الجديد" (1761م) مزيج من الرواية الرومانسية والعمل الذي ينتقد بشدة زيف المبادئ الأخلاقية التي رآها روسو في مجتمعه. وفي كتابه "العقد الاجتماعي" (1762م)، وهو علامة بارزة في تاريخ العلوم السياسية، قام روسو بطرح آرائه فيما يتعلق بالحكم وحقوق المواطنين. وفي روايته الطويلة "إميل" (1762م) أعلن روسو أن الأطفال، ينبغي تعليمهم بأناة وتفاهم. وأوصى روسو بأن يتجاوب المعلم مع اهتمامات الطفل. وحذر من العقاب الصارم ومن الدروس المملة، على أنه أحس أيضًا بوجوب الإمساك بزمام الأمور لأفكار وسلوك الأطفال.
كان روسو يعتقد أن الناس ليسوا مخلوقات اجتماعية بطبيعتهم، معلنًا أن من يعيشون منهم على الفطرة معزولين عن المجتمع، يكونون رقيقي القلب، خالين من أية بواعث أو قوى تدفعهم إلى إيذاء بعضهم بعضًا. ولكنهم ما إن يعيشوا معًا في مجتمع واحد حتى يصيروا أشرارًا. فالمجتمع يُفسد الأفراد من خلال إبراز ما لديهم من ميل إلى العدوان والأنانية.
لم يكن روسو ينصح الناس بالعودة إلى حالة من الفطرة. بل كان يعتقد أن الناس بوسعهم أن يكونوا أقرب ما يكونون إلى مزايا هذه الحالة، إذا عاشوا في مجتمع زراعي بسيط، حيث يمكن أن تكون الرغبات محدودة، والدوافع الجنسية والأنانية محكومة، والطاقات كلها موجهة نحو الانهماك في الحياة الجماعية. وفي كتاباته السياسية، رسم روسو الخطوط العريضة للنظم التي كان يعتقد، أنها لازمة لإقامة ديمقراطية يشارك فيها كافة المواطنين. يعتقد روسو أن القوانين يتعيّن عليها أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب. وأي نوع من الحكم يمكن أن يكتسب الصفة الشرعية مادام النظام الاجتماعي القائم إجماعيًا. واستنادًا إلى ما يراه روسو، فإن أشكال كافة الحكم تتجه في آخر الأمر إلى الضعف والذبول. ولا يمكن كبح التدهور إلا من خلال الإمساك بزمام المعايير الأخلاقية، ومن خلال إسقاط جماعات المصالح الخاصة. وقد تأثر روبسْبيير وغيره من زعماء الثورة الفرنسية بأفكار روسو بشأن الدولة، كما أن هذه الأفكار كانت مبعث إلهام لكثير من الاشتراكيين وبعض الشيوعيين.
نفوذه الأدبي:
مهد روسو لقيام الرومانسية، وهي حركة سيطرت على الفنون في الفترة من أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين؛ فلقد ضرب روسو، سواء في كتاباته أو في حياته الشخصية، المثل على روح الرومانسية، من خلال تغليبه المشاعر والعواطف على العقل والتفكير، والنزوة والعفوية على الانضباط الذاتي. وأدخل روسو في الرواية الفرنسية الحب الحقيقي المضطرم بالوجدان، كما سعى إلى استخدام الصور الوصفية للطبيعة على نطاق واسع، وابتكر أسلوبًا نثريا غنائيًا بليغًا. وكان من شأن اعترافاته أن قدمت نمطًا من السير الذاتية التي تحوي أسرارًا شخصية.
جان جاك روسو
العوامل الذاتية والبيئة.
روسو فيلسوف سياسي فرنسي,ومؤلف وناقد موسيقي.وروائي,وكاتب موسوعي, ولد في جنيف وتوفي في أرمن وفيل بفرنسا.عاش روسو أحياناً حياة بوهمية عاصفة لم تكن فقيرة إلا في النقود فقط.وكثيرا ما يقرأ روسو في طفولته قصص المغامرات التي ألهبت خيال مشاعر الطفل الصغير.
هجر روسو جنيف في السادسة عشر من عمره وبدأ مرحلة جديدة من حياته اتسمت بالعوز الشديد والتشرد ولدى قضائه أياما لدى أحد مضيفيه وتحول بعدها إلى الكاثوليكية ,ثم امتهن بعدها أعمالاً شاقة.
عرفت حياة روسو بعد ذلك بعض الاستقرار فاشترك في مشروع ديرو الكبير الإصدار الموسوعة وحرر جميع المواد التي وردت بها عن الموسيقى.
دخلت حياة روسو بعد هذه الإنجازات مرحلة جادة إذا بدأ يتفاعل مع الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة فكتب عاد (1754)""خطاب في أصل التفاوت بين البشر"" هاجم فيه في التقسيمات الطبقية وندد بظلم المجتمع .في(1756) دعاء أحد تلاميذه فسمح له الوقت والهدوء بأن يستقر "ليقول الحقيقة ويفي رسالته" كتب في نفس العام من رواية "جوليا أو إلواز الجديدة" التي أصدرت عام (1761)وكانت العلامة المميزة على ولادة العصر الرومانتيكي.انصب بعدها روسو في كتابة مؤلفات الأخطر التي ستخلد اسمه.فنشر(العقد الاجتماعي) في نيسان عام 1762 ولكن السلطات الحكومية صادرته وتعرض لحادثة السجن بعد ذلك.كان روسو قد أصبح قبل ذلك نجما من نجوم المجتمع المثقف وفتحت له صالونات ومنتديات الأدب السياسية في باريس وان ظلت الأرستقراطية الفرنسية متباعدة عنه ربما بسبب كتاباته.
منهج البحث عند روسو.
تأثر روسو بالمنحى التجريبي لجون لوك ,ومن خلافه تأثر بذلك التيار القوي المتنامي قبل أرسطو الذي كان يعول على الحواس في جني المعرفة فأرسطو هوالذي أنكر وجود أي شي في النفس أوالعقل.
وجاك لوك ليبرز ميزة الإنسان عن بقية الكائنات من حيث قدرته على إدراك معنى الإحساسات عن طريق العقل.وقد سبق القول عند بحث منهج لوك إن هناك فرقا بين مفهومه للتجربه والقائل إنها تأتي من الحس والفكر معاً,ومفهومها لدى الفلاسفة أمثال هوبز وكوندياك الذين أخضعوا كل تجربة وخبرة للحواس فقط.
على ضوء هذاه الخلفية .وبالرجوع إلى كثير من ارائه التي استلخصها من تجاربه الحياتية الغنية.يمكن فهم أسلوب روسو. فقد ذكر في كتابه (إميل)بأن كل ما يدخل في إدراك الإنسان يأتيه عن طريق الحواس.وأن ما أسماه بالعقل الأول إنما يخدم في إدراك الإنسان للعقل المفكر وأن الحواس (أقدامنا,أيدينا,عيوننا)هي أول مصادر معرفة الفلسفة الطبيعية .وعلى نفس المعنى ينتقد روسو أولئك الكتاب الذين يتجاوزون الواقع ويحاولون تطويعه وفقاً لرؤاهم ومناهجهم الفكرية.ثم يوضح أن الإدراك العلمي السليم للأمور الحياتية الذي اسماه بالحاسة السادسة لايأتي من تلقاء نفسه,وإنما يحتاج إلى التدريب لأن مثل هذه الحاسة ليست شائعة بين كل الناس,وإنما تنتج عن حسن إستعمال الحواس الخمس الأخرى والتمرس بطبيعة الأشياء من خلال مجالاتها الفعلية الخارجية وهو يطلق على أسلوبه منهج الطبيعة.
هذا هو الاسلوب الخاص أو المركب الذي استخلصه من تفاعل فكره وتجريبه الذاتية مع التأثيرات التي تعرض لها وخاصة مذهب كالفن البروتستانتي والفكر المادي العقلاني وعلاوة على ذلك مصطلحه "منهج الطبيعة" فقد استخدم أحياناً أسماء أخرى لأسلوبه هي مادية العقلاء والأيمان بالرب والدين المدني.
بعض المفاهيم التي تطرق لها روسو.
العصر الطبيعي.
للطبيعة في كتابات روسو عدة معان,فهي بالنسبة إلية اللغة الاولى للأنسان والبيئة الطبيعية والطاقة الحية في العالم وفي الإنسان والظاهر والباطن.والانسان قبل وجوده في المجتمع المدني كان يعيش في حاله فطرية يتساوى فيها جميع الأفراد مع بعضهم البعض وكل منهم يعيش في حالة إكتفاء ذاتي ورضا وقناعة بهذه المعيشة.تتميز تصرفات الأفراد في هذه المرحلة بأنها لا تستند إلى العقل وإنما إلى المجموعة من المشاعر الفطرية وحافز المصلحة الذاتية.ورغم المساواة العامة بين الناس التي يفرضها روسو فاءنه يفرق بين نوعين من عدم المساواة في هذه الحالة هما عدم المساواة الطبيعية (البدنية)وعدم المساواة السياسية أو الاخلاقية.
والمقصود بعدم المساواة الطبيعية لديه هي تلك التي يولد بها البشر .أي الاختلافات في القوة العضلية والصحة والقدرات الذهنية والروحية من العبث السؤال عن مصدرها.بينما عدم المساواة السياسية أوالاخلاقية هي من صنع الانسان ويترتب عليها مزايا في الثروة والجاه والسلطة للبعض على حساب البعض الاخر.وليس هناك ارتباط بالضرورة في أي من النوعين من عدم المساواة.فخلافا للمجتمع المدني فأن مظاهر عدم المساواة في العصر الطبيعي ليس لها أهمية كبيرة وذلك لعدم وجود ندرة في وسائل اشباع الحاجات البدائية للانسان. بالأضافة الى ان الحاله الاعتماد على النفس والحياة المستقلة لاتضطره الى الاعتماد على الاخرين ولا التطفل عليهم او الاهتمام بشؤونهم.
الملكية الخاصة.
تناول روسو دور الملكية الخاصة في اكثر من مؤلف اهمها (خطاب في اصل التفاوت)
(خطاب في الاقتصاد السياسي) تبدا الملكية الخاصة في الظهور في راية نتيجة عاملين مهمين هما 1-انفراد الانسان كمخلوق بقدرة فريدة على الارتقاء بنفسه وتفاعل هذا الانسان مع البيئة من خلال تعداد حاجاته وبدء الاستعانة بالغير .يبدو العامل الاول واضحا في تخلي الانسان في اسلوب حياته البدائي كصياد متجول وميله الى تكوين اسرة كمتجمع صغير مبكر له حاجاته المتنامية وجنبا الى جنب مع انشاء الاسرة بدات ظاهرة الملكية الخاصة عندما قام هذا الانسان بتسوير قطعة من الارض وقال (هذه لى) ووجد من البسطاء من يصدقونه على حد قول روسو فكان هو المؤسس الحقيقي الاول للمجتمع المدني.
اما العامل الثاني عندما احتاج الناس الى بعضهم البعض وخاصة عندما عجز الملاك منهم عن زراعة كل اراضيهم بانفسهم فتحولوا الى اصحاب اعمال يقمومون بتاخير اخرين للعمل لديهم .هكذا بدا التفاوت بين البشر وصارت الملكية الخاصة هي المؤسسة الكبرى لعدم المساواة .وانبثق المجتمع المدني المنظم بقوانينه ومؤسساته مما ادى الى زيادة وترسيخ التفاوت الذي اضفت علية الملكية الخاصة والقوانين بصفه شرعية.
القومية.
ابتدا من روسو مرحلة جديدة من التاثير اليوناني في الفلسفة السياسية اذا راى تاثره بافلاطون الى تخلصه من تلك الفلسفة الفردية كانت النظره العامة التى اخذها روسو عن افلاطون تتضمن.
- التسليم بأن الولاء السياسي هو اخلاقي اساسا قبل ان يكون مسالة قانون وسلطة فمجتمع دولة المدينة يشغل قمتة مواطنون احرار يقوم كل منهم بمهمته خدمة للصالح العام ,ولايستطيع العيش خارج هذا المجتمع
- يمثل المجتمع في دولة المدينة القمة الاخلاقية العليا لانه الوسيلة الرئيسية للتهذيب الاخلاقي.
- وللمقارنة بين الموقفين. فأن الفلسفة التي عرضها روسو تدافع عن قضية افراد لهم مصالح كبيرة في المجتمع,وتسيطر على افكار التملك والقدرة على الاتصال بالاخرين والمساومة وعقد الاتفاقيات معهم ,ثم اقامة حكومة تضع هذه الاتفاقيات موضع التنفيذ.ويتساءل روسو مستغربا؟ من اين ياتي هؤولاء الافراد بكل هذه القدرات أن لم يكن من المجتمع؟ ففي داخل المجتمع.هناك حرية ومصلحة شخصية وعهود,بينما خارج المجتمع لايوجد شئ اخلاقي.معنى هذا انه في المجتمع فقط يكتسب الافراد قدراتهم وملكاتهم العقلية,ةبه يصبحون بشرا إذن فالمقولة الاخلاقية الر ئيسية لدية هي المواطن وليس الانسان.
الإرادة العامة:
الإرادة العامة هي الركيزة الأساسية المميزة لفلسفة روسو السياسية, والإرادة كمصطلح لا تعني الإرادة فقط من حيث القصد والنية أو القرار وإنما تعني أيضاًَ الرغبة أو الحاجة إلى شئ أو الإستعداد والرغبة في الإستجابة.
والإرادة العامة في مفهوم روسو تختلف تماماًَ عن الإرادة الخاصة التي هي مختلفة بطبيعيتها بين الأفراد,كما تختلف ايضا عن إرادة الجميع أوالكل. ولايمكن ان تكون اساسا للحكم وانما تصلح فقط كرابطة بين عصبية معينة أو فئة سياسية ما. وعبارة اخرى فأن الإرادة العامة هي مايريده الناس عندما يتطلعون الى الخير العام على اساس من المصلحة المشتركة ,ويتخلون من أجل ذلك عن مصالحهم الأنانية الضيقة.ويشبة روسو المجتمع بالكائن الحي,ولما كان هذا الكائن له ارادة خاصة به فان المجتمع له ايضا ارادة هي الارادة العامة التي كان يعتقد ان المجتمعات الصغيرة هي احسن مثال لها,لانها تتمتع بدرجة كافية من التجانس تكفل وجود مصالح مشتركة.ومثل هذا المجتمع في رايه له شخصية مشتركة موحده او(انا جماعية) ولارادة العامة لهذه الانا الجماعية هي التي تتولى وضع المعايير الاخلاقية الملائمة لاعضائها ,أي تمثل القاعدة لما هو حق او باطل بالنسبة لكل اعضاء الدولة في علاقاتهم بعضهم البعض,وفي علاقتهم بها.يضيف روسو انه بحسب الميثاق الاساسي فان الارادة العامة هي المصدر الوحيد لكل القوانين العادلة,وانه لاشي سواها يلزم الافراد وبالتالي فهي السلطة العليا المطلقة والنهائية. وحيث انها تمثل المصلحة العامة والخير الجماعي الذي هو معيار الصواب,او كما يقول (تمثل القاعدة لما هو حق او باطل بالنسبة لكل افراد الدولة)
روسو والنظام السياسي.
تاثر روسو بالمشاكل السياسية ولاجتماعية التي كانت فرنسا تعاني منها قبل ثورتها عام 1789 وفي تناوله لتلك المشاكل,وبدا وضحا اعجابه ببعض جوانب الديمقراطية في دولة المدينة اليونانية قبل مولد السيد المسيح(ع) هذا علاوة على المؤثرات البيئية التي تعرض لها حيث قضى طفولته ومطلع شبابه في مدينة جنيف الصغيرة.والتي كان نظام الحكم فيها يحمل بعض سمات النمط القديم .وقد اثار هذا الاعجاب من جانبه موجة من الادعاءات,كما اكتنفت الحيرة بعض دراسيه عند محاولة تصنيفه,وهل هو من انصار المذهب الفردي,او انوع من المذهب الجماعي ,وهل يحبذ الديمقراطية او الشمولية؟وهل بدا كمفكر ليبرالي وانتهى كشيوعي؟ام بدا ككاتب ثوري وانتهى كمحافظ.
بيد من تكون السلطة العليا عند روسو.
- الإرادة العامة للجماعة هي مقر كل سلطة السيادة فالدولة في رأيه هي تجسيد للشخصية السياسية وهي تعبر عن نفسها عن طريق الارادة العامة.بينما تكون الحكومة من الافراد الذين يختارهم الشعب لتنفيذ رغبات هذه الارادة.
- واهم سمات الارادة العامة للجماعة في علاقتها بالنظام السياسي انها التعبير الوحيد عن السيادة التي لاتكون إلاللشعب في مجموعه. وكما ان الحكومة ملزمة بالخضوع لهذه الارادة,فان الافراد ملزمون ايضا بطاعتها ,لاشي غير الارادة العامة يمكن ان يمارس مثل هذه السيطره والموقع المتميز.ولما كانت مستقلة عن ارادة كل فرد على حده ,فانه يترتب على ذلك انها لاتقبل التجزئة,وان المجموع(اوالانا الجماعية) صاحب السيادة والسلطان لايستطيع التصرف فيها بالتنازل لان السيادة هي ارادة المجموع ,والسيادة بطبيعتها تنفى وتزول بمجرد انتقالها.اي انه كان يرى ان الشعب لايمكن باي حال ان يستردها الااذا دعت الضرورة الى ذلك كما انه بهذا المفهوم يكون قد حول فكرة السيادة التي جاء بها جان بودان من كونها تساند السلطة الفردية المطلقة الى تكونها تساند سلطة الشعب كما تعني مفهوم الارادة العامه
- ينعكس هذا الوضع الخاص الذي تحتله الارادة العامه,على العلاقات بينها وبين القوانين.فتأسيسا على السلطة المطلقة للشعب ,فانه لا يمكن الاعتراف باي قانون في راية ما لم يصدر عنه بصفته السلطة التشريعية فان أي قانون يجب ان يكون متفقا مع الارادة العامة التي لا يمكن التعبير عنها الا حين يجتمع الشعب كله.اما القرارات التي يصدر من بعض الهيئات الحكومية,فلا تعدو كونها وسيلة من وسائل تطبيق الاوامر التي يصدها الشعب صاحب الحق الوحيد في سن القوانين.
والحقيقة كبيرا في التكوين الفكري لرجال الثورة الفرنسية والنظم الدستورية التي وضعوها بعد اعتناقهم فلسفته عن مبد السيادة وعدم جواز التنازل عنها وان القانون هو المعبر عن ما اسموه لارادة العامه للامه.لهذه وجدت بعض مفاهيم روسو طريقها الى الدساتير عصر الثورة واصبحت نصوصا وضعية. من ذلك ان السيادة جزء لايتجزا ولايجوز التصرف فيها ولا تسقط بالتقادم وهي ملك للامة وليس لفرد او هيئة ممارستها الا عن طريق الامه.
السلطة السياسية وحقوق وحريات الفرد في نقاط .
1-التعريف بالحقوق والحريات.
2-فروع السلطة السياسية وصلاحياتها.
3-اسباب الانهيار السياسي.
4-القيود النوعية والاجرائية على السلطة السياسية.
اولا:التعريف بالحقوق والحريات.
- نلاحظ في البداية ان روسو تعرض لنقد شديد في العالم الغربي المعاصر بسبب ارائه حول الحقوق والحريات وخاصة بعد تأثيراللاحق على التيارات الاشتراكية وهناك سببان.
السبب الاول. هو موقفه من الملكية الخاصة فخلافا لموقف لوك الذي ارسى الاساس النظري الحديث الحق مع الطبقات الكادحة والتاثير في البداية بالتيارات الفكرية الثورية السائدة في عصره والمعادية للملكية الخاصة والمنادية بتحقيق المساواة وبمجتمع تكون فيه الموارد وخاصة الاراضي وانتاجها ملكية مشتركة.
السبب الثاتي.هوخيار روسو الفكري الذي اعتبر متعاطفا مع الشعب او الجماعه كرد فعل قوي من جانبه على المغالات في النزعة الفردية التي ميزت الفلسفة السياسية في القرنين السابع عشر والثامن عشر.وفي الخلاف الجذري بين اراء روسو وبين فلاسفة المذهب الفردي عموما فيهم اللبراليين والليبرتاليين فيما بعد, يمكن تفسير الاتهامات التي لاتزال توجه الية بانه كان واهما ويؤله الجماعه او يريد فرض دكتاتورية الشعب على الفرد لسلبه حقوقه وحرياته وتجد هذه النغمة صدى في بعض الكتابات المعاصرة التي تحاول جاهدة تصنيفة ضمن مؤيدي المنظومات الشمولية بصفة عامة.
- بعد هذا التفسير التمهيدي. وجهات نظر روسو حول العلاقة بين السلطة السياسية وبين موضوع هذا البند مع استبعاد مفهومة للملكية الخاصة والحق المرتبط بها.
ثانيا:فروع السلطة السياسية وصلاحياتها.
1-تكلم روسو باءكبار دور وصلاحيات السلطة التشريعية في الدولة بالمقارنة مع السلطة التنفيذية في ظل الديمقراطية المباشرة التي كان يراها افضل نظام للحكم.
2- ان مهمة الحاكم لديه تقتصر على مجرد اتباع النموذج الذي يقترحه المشرع أي المهندس الذي يخترع الألة بينما الحاكم هو مجرد الصانع الذي يبني تلك الالة ويشغلها.
3- بالنسية للسلطة التنفيذية لم يقتصر روسو على بحث روسو دورها وتعداد صلاحياتها وانما مناسبة للمفاضلة بين نظامي الديمقراطية المباشرة والغير مباشرة.
4-لتوضيح موقفه اكثر من نظامي الديمقراطية المباشرة وغير المباشرة,نلاحظ ان روسو اعتبر النظام النيابي دليل على الفساد السياسي لعدة اسباب اهمها سوء استعمال الحكومة لسلطاتها وتفضيل المصالح الخاصة.
5- بمقارنة لوك وروسو فيما يتعلق يصلاحيات السلطة السياسية على الوجة العام نلاحظ الإختلاف الجذري بين المفكرين.
ثالثا:اسباب الاانهيار السياسي.
مدى نجاح الحكومة,عدم المحافظة على الحياة وازدهار الافراد,نمو عدد السكان دون اللجوء الى التجنيس,استعمار الشعوب, الظروف الاجتماعية والصحية,النقد للجشع.الخ
يرى روسو ان الوطن ليس هو البشر ولا الابنية الشامخة وانما يتجسد في الدستور والقوانين والحكومة والاخلاق والعادات واسلوب المعيشة,وهو محصلة كل تلك العوامل مجتمعه.ان معنى ان يكون الانسان وطن في رايه هو ان يتمتع بحقوقه في ظل حكومه شرعية كتعبير عن علاقات الدولية بأفرادها فاءذا تدهورت تلك العلاقات اوتعرضت للدمار انهار الوطن.
رابعا:القيود النوعية والاجرائية على السلطة السياسية.
أ- القيود النوعية.
وضع روسو قيدا عاما ومبيداين مكملين له. فهو لم يحرم الحكومة من صلاحياتها في عدو مجالات من النشاطات كما فعل لوك وانما حرمها من كافة الصلاحيات طيلة مدة انعقاد المؤتمرات الدورية التي يعقدها الشعب بصفتة سلطة السيادة العليا.اي كقاعدة عامة, تتوقف الحكومه تماما عن كل نشلطاتها وفي كل المجالات اثناء تلك الاجتماعات.
ب- القيود الاجرائية.
يتميز روسو انه لم يكتفي بوضع عدة ضمانات لعدم اساءت استخدام السلطة سواء من السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية.وانما اشار كذلك الى خطر اخر على الحقوق والحريات يتمثل في قيم وانماط حياة المجتمع البرجوازي الناشئ الذي انتقده بقوه كبيرة.
وعلى ضرورة امتثال الحكومة للقوانين التي تعبر عن الارادة العامة للشعب وانما تتطلب ايضا التخلي الافراد عن الانانية والمصالح الذاتية الضيقة.
وكما يتطلع الافراد الى الحكومة لحماية حقوقهم وحرياتهم كمواطنين, فانهم مطالبون في نفس الوقت بالقيام بأعباء هذه المواطنه بصفتهم محكومين ويذهب روسو الى ابعد من ذلك فيقول ان العقد الاجتماعي قد يفقد مضمونه اذا لم يقم الفرد بطاعة الارادة العام هاز لم يضع نفسه في خدمة وطنه.
واذا عقدنا مقارنة مع لوك سنجد انه بينما يركز هذا على افراد يتصرفون بوحي من اراداتهم الخاصة في ظل حماية القانون تمشيا مع النزعة الفردية.فان روسو تحدث عن ارادات تتطابق مع الارادة العامة للجماعة انطلاقا من مفهومه بان المصلحة الحقيقية للانسان هي نفسها الخير العام للجماعة والذي يمكن ان يدركه الانسان بنفسه عندما يرتقي بحيث يرى مصالحة من خلال مصالح المجموع.
يعتبر جان جاك روسو واحداً من أبرز مفكري القرن الثامن عشر بفرنسا لإسهاماته الكبرى في "التنوير" والتمهيد للثورة الفرنسية التي أثّرت بدورها في أوروبا أوّلاً ثم في القارات كلها.
كان روسو عالماً موسوعيا له عطاء كبير في أكثر من ميدان، فقد كان مفكّرا سياسياً وعالم أخلاق وعارفاً بالفنون والآداب ومتضلّعاً في علم النبات، وتركّزت شهرته في الفكر السياسي والتربية.
روسو المفكر السياسي: جمع أفكاره الجديدة في كتابه المشهور
"العقد الاجتماعي" الذي مازال إلى اليوم من أهمّ المراجع في مجاله، وقد حوى نقداً علميا للإقطاع الذي كان سائداً في أوروبا ولهيمنة الكنيسة ، ودعا إلى إقرار سلطة الشعب وإشاعة الحريات وتحقيق المساواة بين المواطنين، وهي أفكار جديدة بل غريبة آنذاك توبع من أجلها من طرف رجال الدين والإقطاعيين وهرب من بلده وعاش في المنفى أكثر من مرة ، وقد استقى أفكاره مما يسمّيه "القانون الطبيعي" بعد أن درس الأديان السماوية والأرضية ونفض يديه منها باستثناء الإسلام ، فهو لم يوجّه له أي نقد بل انتقد تخلّي المسلمين عن هديه، فقد نقد اليهودية باعتبارها ديناً منغلقاً ، وطال نقده الإغريق والرومان بسبب انحرافهم وفسادهم الأخلاقي، وعرّى المسيحية وأبدى رفضه لهذه الطلاسم التي تصدم العقل _ ويقصد التثليث وازدواجية عيسى عليه السلام "الإنسان الإله" _ أما بالنسبة للإسلام فقد كتب ما يلي : "كان لمحمد آراء سليمة جدّاً وربط نظامه السياسي جيداً، وقد بقيت هذه الحكومة موحّدة وجيّدة طالما تمسّك بها خلفاؤه، لكن العرب أصبحوا بعد ذلك مزدهرين متعلّمين مترهّلين وجبناء فاجتاحهم البرابرة فدبّت الفرقة بينهم وإن كانت أقلّ ظهوراً عند المحمديين منه عند النصارى وخاصة عند شيعة على، وهناك دول مثل فارس مازالت فيها هذه الفرقة ملموسة".
فقد أنصف الإسلام وكأنّه يلمّح إلى أن النظام السياسي الإسلامي نظام صالح في ذاته لكن بعض الناس أفسدوه، وهو لم يذكر للأديان الأخرى مثل هذه الإيجابية.
لا شكّ أن روسو تأثّر في تفكيره "التحريري التنويري" بعدد من الفلاسفة أمثال هوبز ولوك ومكيافيللي وديكارت، ففكره ينطلق من عدد من المبادئ المبنية على العقل.
وأثرّ بدوره في عدد لا يحصى من الفلاسفة والمفكّرين أمثال كانت وهيجل، وارتبط اسمه بالثورة الفرنسية ، وقد توفي قبل قيامها بسنة واحدة ولم يعمّر سوى 66 عاماً، ولا بد من التوضيح أنه لم يدعُ إلى الثورة وإلغاء الملكية وإقامة الجمهورية ولكنه ركّز على منح الحقوق للجميع بالتساوي في إطار عقد يتوافق عليه المواطنون وتستمدّ منه الحقوق والواجبات بالنسبة للحاكم والمحكومين، ولكن خروجه على نظرية الحكم الإلهي الذي يتمتّع به الملوك في ذلك الوقت ومناداته بحقّ الأمة وسلطة الشعب يعتبر في حدّ ذاته ثورة فكرية لم يسبق إليها.