نظريات العلاقات الدولية (3)
مرسل: الخميس مارس 29, 2012 3:33 pm
تابع العلاقات الدولية - تأليف : اكزافييه غيّوم - ترجمة: د.قاسم المقداد.
2 ـ 1 ـ 3 ـ توازن القوى:
يرى مورغينتو أن هناك ثلاثة أشكال لتحقيق السلام على الصعيد العالمي. أولاً، إذا تم فرضه من قبل الرأي العام الدولي أو نوع من الأخلاق. ثانياً، يمكن تحقيق السلام من خلال القانون الدولي. ثالثاً: هذا السلام يمكن أن يصبح حقيقة إذا أقمنا حكومة عالمية أي قوة مهيمنة شبه "مطلقة" يمكنها فرض آرائها على أي كان (بما في ذلك التحالفات). أخيراً، يمكن تحقيق السلام، أو تحديد الحرب من خلال توازن القوى ويرى مورغينتو أن الحل الأخير هو الممكن، لأن الحلول الأخرى تبدو له غير قابلة للتحقيق من الناحية العملية بل على الصعيد النظري.. ويعتقد أن مفهوم توازن القوى ينشأ من طبيعة العلاقات الدولية، أي أن مختلف الجهود التي تبذلها الدول ـ الأمم تتعارض مع بعضها بعض في نهاية المطاف، ويمكن للتوازن أن ينبثق بشكل عفوي في بعض الظروف. وهذا موقف عقلاني لأنه يأخذ طبيعة الإنسان بعين الاعتبار، وهو موقف أخلاقي لاعتقاده بإمكانية تحقيق السلام.
لكن ماذا يعني توازن القوى؟
أولاً، يرى مورغينتو أن مصطلح توازن القوى يصف أشياء مختلفة يمكننا تصنيفها في مستويات مختلفة. أولاً هناك الموقف النظري المنظومي SYSTEMIQUE الذي يعتبر أن توازن القوى يصف حالة يعاد فيها توزيع السلطة بشكل متساو، إلى حد ما، بين مختلف أقطاب المنظومة العالمية. ثم المستوى النظري الوطني الذي يعتبر أن توازن القوى هو سياسة خاصة، سياسة توازن القوى، أي السياسة التي تتبعها الدول لتحقيق هذا التوازن، وهنا يجب أن نميز بشكل أساسي بين هذين المستويين لأن الأول يقع على صعيد المنظومة الدولية والثاني على صعيد السياسة القائمة بين الدول. أخيراً.. هناك المستوى النظري "للمؤرخين الرسميين historiographpique حيث يستخدم مصطلح توازن القوى لوصف حالة توازن أو عدم توازن..
ماهي المناهج المختلفة لتحقيق هذا التوازن؟..
1 ـ الحكمة القائلة: "فرق تسد"؛
2 ـ المنظومات المختلفة للتعويض مثل تحقيق توازن على حساب طرف ثالث (بولونيا في القرن الثامن عشر على سبيل المثال)..
3 ـ سياسة التسلح.
4 ـ الأحلاف..
5 ـ بيضة القبان balancier أي وجود قوة تريد أن تدخل صراحة في سياستها إرادة توازن القوى في المنظومة الدولية.
لقد سمح توازن القوى بين عامي 1815 و1914 بتجنب صراعات كبيرة بين القوى الكبرى ربما باستثناء الحرب الفرنسية ـ البروسية التي قامت بين عامي 1870-1871. وللوصول إلى مثل هذه الحالة، وضعت المناهج المذكورة أعلاه موضع التنفيذ لاسيما الحالتين الرابعة والخامسة مما أدى إلى أن أية محاولة للهيمنة في القرن التاسع عشر تسعى لتغيير علاقات القوى القائمة، سرعان ما كانت تجابه بتحالف دفاعي ضد هذه القوى الهجومية. الحقيقية، وتبعاً لمفهوم عقلانية الممثلين، وهم هنا الدول ـ الأمم، إذا كانت كل قوة قابلة للمقارنة إلى حد ما، فإن كل دولة ستسعى للبحث عن توازن القوى بالوسائل المختلفة. لذا فإن القرن التاسع عشر يشكل سلسلة من المد والجزر في التحالفات والتكتلات الدفاعية على الصعيد الدولي. وعلى السؤال المطروح حول السبب الذي يدعو مختلف الدول لتأمين التوازن يمكننا الإجابة بأنها تريد بكل بساطة، تأمين أمنها الخاص وليس تطبيق فكرة معينة عن التوازن العالمي[vi]. ما الذي نستنتجه من تحليل هذا النموذج. أولاً: هدف منظومة توازن القوى هو هدف الحفاظ على هذه المنظومة بين القوى الكبرى فقط. وثانياً، نحن، قبل أي شيء أمام منظومة عملياتية محضة، أي عملية لا أخلاقية.
ماهي الشروط الواجب توافرها لتحقيق توازن القوى هذا؟
أ ـ ينبغي توفر عدد كبير من الدول التي يمكن مقارنة بعضها ببعض (قطبية متعددة) أي خمس قوى أو أكثر في الحالة المثالية.
ب ـ يجب السيطرة على القوى الأخرى وعلى تطورات الوضع بوسائل خارجية كالتحالفات.
ج ـ يجب أن تكون غالبية الدول مع مفهوم الوضع الراهن statu quo..
د ـ يجب امتلاك إرادة تغيير سريعة للتحالف إذا كان الأمر ضرورياً (تحالفات مرنة).
هـ ـ يجب على القوى المؤمنة بمفهوم الوضع القائم أن تكون جاهزة لخوض الحرب للمحافظة على المنظومة الدولية.
ماهي التغييرات التي حصلت في نهاية القرن التاسع عشر والتي أدت إلى أن توازن القوى لم يعد ممكناً في القرن العشرين؟
أولاً: هناك تغيرات ذات طبيعة تكنولوجية، وهو الأمر الذي سبب مشكلات أمام تحقيق الشرطين (ب) و(ج) المذكورين أعلاه في الحالة الأولى، جرت التغيرات التكنولوجية بسرعات مختلفة في كنف القوى الكبرى الأمر الذي أدى بالتحالفات إلى إحلال الرقابة الداخلية محل الرقابة الخارجية مثل تطور القوة العسكرية. ومثلنا على هذا ألمانيا خلال المرحلة الممتدة بين 1871 و1914. ونجمت التعديلات الطارئة على الشرط (ج) للأسباب التي ذكرناها. لأن تزايد القوى العسكرية لبعض الدول دفعها إلى إعادة النظر في شرط الوضع الراهن. وبعد هذا يمكننا بيان آثار النزعة الوطنية على الشرطين (ج) و(د) والمثال النموذجي على هذه التعديلات التي طرأت على الشرط (ج) بسبب النزعة الوطنية هو حالة النمسا ـ هنغاريا التي تسببت فيها النزعات الوطنية، في بروز اتجاهات جاذبة لدرجة أن هذه الدولة كانت مستعدة، من خلال إلغاء العوامل الداخلية والخارجية، للسيطرة على صربيا التي كانت الدعاية قد جعلتها بطلة التوحيد السلافي، فيما يخص الشرط (ج) يمكننا أن نذكر الصراع الفرنسي ـ الألماني على الألزاس واللورين، وهو العداء الذي يوضح وجود حدود لمرونة منظومة التحالفات. وأخيراً هناك تأثيرات الديمقراطية التي تلامس الشرط (هـ) بشكل خاص. ولإيضاح هذا يمكننا أن نذكر مثال بريطانيا العظمى والصعوبات التي تعرضت لها حكومتها حينما أرادت أن تفسر لشعبها أسباب التغيرات المستمرة التي أصابت تغيرات موازين القوى وسياستها الوقحة. نرى، في الحقيقة أن السياسة البريطانية في تلك الفترة كانت من أكثر السياسات غموضاً، وكان ينقصها الوضوح لاسيما موقفها حول إمكانية خرق ألمانيا للحياد البلجيكي.
وهذا كله يؤدي إلى تصلب التحالفات، وهو الأمر الذي لا يستوي مع مبدأ توازن القوى. فضلاً عن ذلك. فقد تعزز هذا التصلب عبر الأزمات التي برزت في الفترة مابين 1900 و1910 كالأزمتين المغربيتين في عامي 1905 و1911 وأزمة البوسنة في 1908 ـ 1909. نحن الآن في وضع أساسي أقامه الواقعيون باعتباره يشكل مأزق الأمن، أي أن كل جهد يبذله الإنسان لزيادة أمنه يمكن أن يراه الآخرون على أنه زيادة لأمنهم. عندئذٍ يمكننا طرح السؤال التالي: كيف يمكننا تطوير أمننا دون تطوير أمن الآخرين؟
هناك عدة استراتيجيات يمكن أن تأخذ بها الدولة لتطوير أمنها وهي:
1 ـ تطوير قواها الخاصة بها (السيادة الداخلية).
2 ـ تطوير تحالفاتها مع دول أخرى (سيادة خارجية).
3 ـ تفريق صفوف أعدائها بمختلف الوسائل مثل اللجوء إلى الدعاية.
4 ـ اللجوء إلى منظمات دولية؛..
النقاط 1 و2و4 من شأنها إثارة عدم الشعور بالأمن لدى الأخرين، وكذا الأمر بالنسبة للنقطتين الأولى والثانية اللتين قد تدفعان الدول لمعرفة السبب الكامن وراء سعي دولة معينة لتطوير قدرتها العسكرية أوسعيها للتحالف مع دولة أخرى. هناك مثال معاصر يمكن أن يوضح النقطة الرابعة وهو التوسع المتوقع لحلف شمال الأطلسي باتجاه بلدان الشرق والقلق الروسي بشأن هذا التوسع. والخلاصة، يمكننا القول بأن مأزق الأمن يعلمنا أن الدولة لا يمكنها تحقيق أمنها دون التفكير بالآثار التي يمكن أن يتركها على أمن الآخرين..
2 ـ 1 ـ 4 ـ نقد:
الانتقادات التي يمكن توجيهها إلى فكر مورغينتو وهي ضعف التصنيف الذي وضعه، ومصطلحه غير المتماسك وضعف قياسه للسلطة لأنه قياس غير عملي وغير صارم.
والنقد الذي يمكننا توجيهه إلى مفهوم توازن القوى هو أنه مفهوم غير واضح لعدم وجود مناهج أكيدة لقياس هذا التوازن. فضلاً عن ذلك، هذا المفهوم يقوم على فكرة عقلانية وباردة للأشياء، وأخيراً، فإن توازن القوى يهدف إلى أن كلاً يسعى لتحقيق الحد الأقصى لأمنه (مأزق الأمن). وتوازن القوى يتطلب ثقافة لهذا التوازن، هذه الثقافة التي كانت موجودة في زمن الديبلوماسية ورجالات السياسة في القرن التاسع عشر.
2 ـ 1 ـ 3 ـ توازن القوى:
يرى مورغينتو أن هناك ثلاثة أشكال لتحقيق السلام على الصعيد العالمي. أولاً، إذا تم فرضه من قبل الرأي العام الدولي أو نوع من الأخلاق. ثانياً، يمكن تحقيق السلام من خلال القانون الدولي. ثالثاً: هذا السلام يمكن أن يصبح حقيقة إذا أقمنا حكومة عالمية أي قوة مهيمنة شبه "مطلقة" يمكنها فرض آرائها على أي كان (بما في ذلك التحالفات). أخيراً، يمكن تحقيق السلام، أو تحديد الحرب من خلال توازن القوى ويرى مورغينتو أن الحل الأخير هو الممكن، لأن الحلول الأخرى تبدو له غير قابلة للتحقيق من الناحية العملية بل على الصعيد النظري.. ويعتقد أن مفهوم توازن القوى ينشأ من طبيعة العلاقات الدولية، أي أن مختلف الجهود التي تبذلها الدول ـ الأمم تتعارض مع بعضها بعض في نهاية المطاف، ويمكن للتوازن أن ينبثق بشكل عفوي في بعض الظروف. وهذا موقف عقلاني لأنه يأخذ طبيعة الإنسان بعين الاعتبار، وهو موقف أخلاقي لاعتقاده بإمكانية تحقيق السلام.
لكن ماذا يعني توازن القوى؟
أولاً، يرى مورغينتو أن مصطلح توازن القوى يصف أشياء مختلفة يمكننا تصنيفها في مستويات مختلفة. أولاً هناك الموقف النظري المنظومي SYSTEMIQUE الذي يعتبر أن توازن القوى يصف حالة يعاد فيها توزيع السلطة بشكل متساو، إلى حد ما، بين مختلف أقطاب المنظومة العالمية. ثم المستوى النظري الوطني الذي يعتبر أن توازن القوى هو سياسة خاصة، سياسة توازن القوى، أي السياسة التي تتبعها الدول لتحقيق هذا التوازن، وهنا يجب أن نميز بشكل أساسي بين هذين المستويين لأن الأول يقع على صعيد المنظومة الدولية والثاني على صعيد السياسة القائمة بين الدول. أخيراً.. هناك المستوى النظري "للمؤرخين الرسميين historiographpique حيث يستخدم مصطلح توازن القوى لوصف حالة توازن أو عدم توازن..
ماهي المناهج المختلفة لتحقيق هذا التوازن؟..
1 ـ الحكمة القائلة: "فرق تسد"؛
2 ـ المنظومات المختلفة للتعويض مثل تحقيق توازن على حساب طرف ثالث (بولونيا في القرن الثامن عشر على سبيل المثال)..
3 ـ سياسة التسلح.
4 ـ الأحلاف..
5 ـ بيضة القبان balancier أي وجود قوة تريد أن تدخل صراحة في سياستها إرادة توازن القوى في المنظومة الدولية.
لقد سمح توازن القوى بين عامي 1815 و1914 بتجنب صراعات كبيرة بين القوى الكبرى ربما باستثناء الحرب الفرنسية ـ البروسية التي قامت بين عامي 1870-1871. وللوصول إلى مثل هذه الحالة، وضعت المناهج المذكورة أعلاه موضع التنفيذ لاسيما الحالتين الرابعة والخامسة مما أدى إلى أن أية محاولة للهيمنة في القرن التاسع عشر تسعى لتغيير علاقات القوى القائمة، سرعان ما كانت تجابه بتحالف دفاعي ضد هذه القوى الهجومية. الحقيقية، وتبعاً لمفهوم عقلانية الممثلين، وهم هنا الدول ـ الأمم، إذا كانت كل قوة قابلة للمقارنة إلى حد ما، فإن كل دولة ستسعى للبحث عن توازن القوى بالوسائل المختلفة. لذا فإن القرن التاسع عشر يشكل سلسلة من المد والجزر في التحالفات والتكتلات الدفاعية على الصعيد الدولي. وعلى السؤال المطروح حول السبب الذي يدعو مختلف الدول لتأمين التوازن يمكننا الإجابة بأنها تريد بكل بساطة، تأمين أمنها الخاص وليس تطبيق فكرة معينة عن التوازن العالمي[vi]. ما الذي نستنتجه من تحليل هذا النموذج. أولاً: هدف منظومة توازن القوى هو هدف الحفاظ على هذه المنظومة بين القوى الكبرى فقط. وثانياً، نحن، قبل أي شيء أمام منظومة عملياتية محضة، أي عملية لا أخلاقية.
ماهي الشروط الواجب توافرها لتحقيق توازن القوى هذا؟
أ ـ ينبغي توفر عدد كبير من الدول التي يمكن مقارنة بعضها ببعض (قطبية متعددة) أي خمس قوى أو أكثر في الحالة المثالية.
ب ـ يجب السيطرة على القوى الأخرى وعلى تطورات الوضع بوسائل خارجية كالتحالفات.
ج ـ يجب أن تكون غالبية الدول مع مفهوم الوضع الراهن statu quo..
د ـ يجب امتلاك إرادة تغيير سريعة للتحالف إذا كان الأمر ضرورياً (تحالفات مرنة).
هـ ـ يجب على القوى المؤمنة بمفهوم الوضع القائم أن تكون جاهزة لخوض الحرب للمحافظة على المنظومة الدولية.
ماهي التغييرات التي حصلت في نهاية القرن التاسع عشر والتي أدت إلى أن توازن القوى لم يعد ممكناً في القرن العشرين؟
أولاً: هناك تغيرات ذات طبيعة تكنولوجية، وهو الأمر الذي سبب مشكلات أمام تحقيق الشرطين (ب) و(ج) المذكورين أعلاه في الحالة الأولى، جرت التغيرات التكنولوجية بسرعات مختلفة في كنف القوى الكبرى الأمر الذي أدى بالتحالفات إلى إحلال الرقابة الداخلية محل الرقابة الخارجية مثل تطور القوة العسكرية. ومثلنا على هذا ألمانيا خلال المرحلة الممتدة بين 1871 و1914. ونجمت التعديلات الطارئة على الشرط (ج) للأسباب التي ذكرناها. لأن تزايد القوى العسكرية لبعض الدول دفعها إلى إعادة النظر في شرط الوضع الراهن. وبعد هذا يمكننا بيان آثار النزعة الوطنية على الشرطين (ج) و(د) والمثال النموذجي على هذه التعديلات التي طرأت على الشرط (ج) بسبب النزعة الوطنية هو حالة النمسا ـ هنغاريا التي تسببت فيها النزعات الوطنية، في بروز اتجاهات جاذبة لدرجة أن هذه الدولة كانت مستعدة، من خلال إلغاء العوامل الداخلية والخارجية، للسيطرة على صربيا التي كانت الدعاية قد جعلتها بطلة التوحيد السلافي، فيما يخص الشرط (ج) يمكننا أن نذكر الصراع الفرنسي ـ الألماني على الألزاس واللورين، وهو العداء الذي يوضح وجود حدود لمرونة منظومة التحالفات. وأخيراً هناك تأثيرات الديمقراطية التي تلامس الشرط (هـ) بشكل خاص. ولإيضاح هذا يمكننا أن نذكر مثال بريطانيا العظمى والصعوبات التي تعرضت لها حكومتها حينما أرادت أن تفسر لشعبها أسباب التغيرات المستمرة التي أصابت تغيرات موازين القوى وسياستها الوقحة. نرى، في الحقيقة أن السياسة البريطانية في تلك الفترة كانت من أكثر السياسات غموضاً، وكان ينقصها الوضوح لاسيما موقفها حول إمكانية خرق ألمانيا للحياد البلجيكي.
وهذا كله يؤدي إلى تصلب التحالفات، وهو الأمر الذي لا يستوي مع مبدأ توازن القوى. فضلاً عن ذلك. فقد تعزز هذا التصلب عبر الأزمات التي برزت في الفترة مابين 1900 و1910 كالأزمتين المغربيتين في عامي 1905 و1911 وأزمة البوسنة في 1908 ـ 1909. نحن الآن في وضع أساسي أقامه الواقعيون باعتباره يشكل مأزق الأمن، أي أن كل جهد يبذله الإنسان لزيادة أمنه يمكن أن يراه الآخرون على أنه زيادة لأمنهم. عندئذٍ يمكننا طرح السؤال التالي: كيف يمكننا تطوير أمننا دون تطوير أمن الآخرين؟
هناك عدة استراتيجيات يمكن أن تأخذ بها الدولة لتطوير أمنها وهي:
1 ـ تطوير قواها الخاصة بها (السيادة الداخلية).
2 ـ تطوير تحالفاتها مع دول أخرى (سيادة خارجية).
3 ـ تفريق صفوف أعدائها بمختلف الوسائل مثل اللجوء إلى الدعاية.
4 ـ اللجوء إلى منظمات دولية؛..
النقاط 1 و2و4 من شأنها إثارة عدم الشعور بالأمن لدى الأخرين، وكذا الأمر بالنسبة للنقطتين الأولى والثانية اللتين قد تدفعان الدول لمعرفة السبب الكامن وراء سعي دولة معينة لتطوير قدرتها العسكرية أوسعيها للتحالف مع دولة أخرى. هناك مثال معاصر يمكن أن يوضح النقطة الرابعة وهو التوسع المتوقع لحلف شمال الأطلسي باتجاه بلدان الشرق والقلق الروسي بشأن هذا التوسع. والخلاصة، يمكننا القول بأن مأزق الأمن يعلمنا أن الدولة لا يمكنها تحقيق أمنها دون التفكير بالآثار التي يمكن أن يتركها على أمن الآخرين..
2 ـ 1 ـ 4 ـ نقد:
الانتقادات التي يمكن توجيهها إلى فكر مورغينتو وهي ضعف التصنيف الذي وضعه، ومصطلحه غير المتماسك وضعف قياسه للسلطة لأنه قياس غير عملي وغير صارم.
والنقد الذي يمكننا توجيهه إلى مفهوم توازن القوى هو أنه مفهوم غير واضح لعدم وجود مناهج أكيدة لقياس هذا التوازن. فضلاً عن ذلك، هذا المفهوم يقوم على فكرة عقلانية وباردة للأشياء، وأخيراً، فإن توازن القوى يهدف إلى أن كلاً يسعى لتحقيق الحد الأقصى لأمنه (مأزق الأمن). وتوازن القوى يتطلب ثقافة لهذا التوازن، هذه الثقافة التي كانت موجودة في زمن الديبلوماسية ورجالات السياسة في القرن التاسع عشر.