- الخميس مارس 29, 2012 4:16 pm
#47970
الحاجة للحرب وصناعة عدو
2001-9-25 | المحرر يمجد الأمريكيون الحروب، ويحترمون المحاربين، وللمحاربين القدماء نواد في كل المدن حتى الصغيرة جدا، فالمحاربون طبقة محترمة متميزة، تمتلئ بذكر أمجادهم الكتب، والأفلام وتسمى بأسمائهم معالم المدن، والخائفون من الحروب هم الخاسرون والضعفاء، أما الأقوياء فيدركون أنهم بأشد الحاجة لها فهي لمنعتهم وقوتهم كالطعام والشراب، لبقية الناس. والامبراطوريات الكبيرة التاريخية والحديثة إنما تكسب قوتها ومجدها ومهابتها من ممارسة الحروب وترويع الضعفاء، وضرب جبانهم ضربة تطير لها قلوب الشجعان، وثقافة العنتريات، وهيلمة الرعب أبلغ أحيانا من الحرب نفسها فالهالة والرعب من أهم أسلحتها، ولقد كان ترويع روسيا بخرافة حرب النجوم من أسباب إسقاطها.
ومن السنن بعد عمليات الإرهاب والترويع للضعفاء والاستعراض الكبير وربما الحرب أن تتبع القوةُ والثروةُ الغزاةَ المنتصرين حين عودتهم لبلادهم، وتصب في بلاد الشجعان، التي يغمرها شعور النصر ومنافعه، ويتوافد الخاسرون والجبناء الخائفون يهنئون المنتصر، تلك سير الناس في مختلف العصور والبلدان.وقد شهدت أمريكا أحسن فترات قوتها وثروتها بعد الحروب، وآخرها مع العراق، تلك غنيمة الحرب وجائزة المنتصر.وقد دخلت أمريكا عصر ركود إقتصادي ينذر بتدهور أكبر، والحروب خير الطرق للخلاص منه، فالحرب تحرك الصناعة العسكرية خاصة، وبيع السلاح، وتخرج أموال الفقراء إلى بنوك الدول العظمى، والشركات الكبيرة، وتفرض الضرائب على الدول الصغيرة، وتورطها في عقود وصفقات أسلحة مذلة طويلة، مدمرة للاقتصاد، تبتلع الحاضر ثمنا والمستقبل صيانة، كل هذا تحت شعارات الحماية، ومحاربة الإرهاب والأخطار الإقليمية مثل صفقة الطائرات للإمارات بثمانية مليارات. وهناك آمال كبيرة تبشر بما ستلده الحركة –أو الحرب- الجديدة من تجارة أسلحة وتقنية معلوماتية متقدمة.
إن أمريكا اليوم بأشد الحاجة لعدو يوحدها، من داخلها أولا ثم هي بحاجة لما يوحدها مع أوروبا، التي بدأت تشق طريقها لتنفرد بأسواق قريبة منها،ومستعمرات قديمة لم يتغير فيها شيء كثير منذ عصر الاستعمار والانتدابات. وحلف الناتو رغم تضخمه يعاني من فقدان خصم له، بل ويحتاج لإحياء مبررات لوجوده. ولذا فالتوقيت كان مناسبا جدا. و تحب روسيا أن تتجنب الدخول في الحرب ضد المسلمين لأنها تراعي أمورا عديدة منها أنها بحاجة للعلاقة الباقية مع العالم الإسلامي، وجمهوريات وسط آسيا، ومنها أنها ستصبح بالموافقة تابعة للناتو خصمها العتيد، ثم هي حريصة على بقاء سمة الدولة العظمى، لكيلا تصبح رقما صغيرا في جبهة المتحالفين. وإن قبلت الدخول في التحالف فسوف يكون ذلك مشروطا بتمدد مستعمراتها، وضمان تحفيف نفوذ الناتو في مستعمراتها السابقة.
وخطاب الترويع الرسمي الأمريكي محرج لقائله، ومؤذ لسامعه، فهو يهدد المجتمع الإسلامي كله وهو مجتمع متماسك، كثير الأواصر. وهذا المجتمع إن كان المفجرون منه فسوف تقيد هذه القرارات وتؤذي أعدادا هائلة منه، لا يد لهم ولا دور فيما جرى، وسيكونون من الذين لا يرى بوش أن تقلهم أرض ولا تظلهم سماء، ويخير العالم أجمع وبكل حماقة وغرور بين أن يكونوا عدوا لأمريكا أو معها، فهي حق والناس باطل، أو العكس، وما هكذا عالم الفكر السياسي الذي يدرسه الأمريكان ونفعيتهم. وقد عقب أحد كبار المفكرين الأمريكان بأن هذا أعظم الأخطاء، لقد نسي أنه أعلن من قبل الخطاب أنه يقود كما قال حربا صليبية، فكيف يجمع معه المسلمين في حرب صليبية! ثم أكد في خطابه أنه سينشر عملا قد يكون أشبه بمحاكم التفتيش ويروج لإرهاب جديد في كل مكان، وقبل خطابه هذا رأى أحد القساوسة حرب المسلمين فرصة، ودعا لمواجهة المسلمين في العالم، وقتلهم وتنصير الباقين، هكذا يخاطبون ملياراً وثلثاً من البشر، وأكثر من خمسين دولة مسلمة، حتى لقد اغتنم النصارى الصغار المناسبة فاعتقلوا المسلمين، واستغلوها لحرب المعارضة السياسية لفسادهم حتى في إرتيريا، وتلك أنسب الأوقات لتصفية الحسابات القديمة والخروج على الأعراف، وإشباع الأحقاد، وقد استغل الهندوس أيضا الحدث كما فعل حاقدون آخرون ورأوا في هذا بدء بناء معبد على حطام المسجد، وستنطلق أحقاد أخرى مؤجلة. لقد كان الرئيس محرجا أيضا في مسألة تحديد الخصم، والانتقام منه، كان محرجا من شعب هائج مستثار مجروح، فكانت لغة الحرب مخرجا أيضا.
2001-9-25 | المحرر يمجد الأمريكيون الحروب، ويحترمون المحاربين، وللمحاربين القدماء نواد في كل المدن حتى الصغيرة جدا، فالمحاربون طبقة محترمة متميزة، تمتلئ بذكر أمجادهم الكتب، والأفلام وتسمى بأسمائهم معالم المدن، والخائفون من الحروب هم الخاسرون والضعفاء، أما الأقوياء فيدركون أنهم بأشد الحاجة لها فهي لمنعتهم وقوتهم كالطعام والشراب، لبقية الناس. والامبراطوريات الكبيرة التاريخية والحديثة إنما تكسب قوتها ومجدها ومهابتها من ممارسة الحروب وترويع الضعفاء، وضرب جبانهم ضربة تطير لها قلوب الشجعان، وثقافة العنتريات، وهيلمة الرعب أبلغ أحيانا من الحرب نفسها فالهالة والرعب من أهم أسلحتها، ولقد كان ترويع روسيا بخرافة حرب النجوم من أسباب إسقاطها.
ومن السنن بعد عمليات الإرهاب والترويع للضعفاء والاستعراض الكبير وربما الحرب أن تتبع القوةُ والثروةُ الغزاةَ المنتصرين حين عودتهم لبلادهم، وتصب في بلاد الشجعان، التي يغمرها شعور النصر ومنافعه، ويتوافد الخاسرون والجبناء الخائفون يهنئون المنتصر، تلك سير الناس في مختلف العصور والبلدان.وقد شهدت أمريكا أحسن فترات قوتها وثروتها بعد الحروب، وآخرها مع العراق، تلك غنيمة الحرب وجائزة المنتصر.وقد دخلت أمريكا عصر ركود إقتصادي ينذر بتدهور أكبر، والحروب خير الطرق للخلاص منه، فالحرب تحرك الصناعة العسكرية خاصة، وبيع السلاح، وتخرج أموال الفقراء إلى بنوك الدول العظمى، والشركات الكبيرة، وتفرض الضرائب على الدول الصغيرة، وتورطها في عقود وصفقات أسلحة مذلة طويلة، مدمرة للاقتصاد، تبتلع الحاضر ثمنا والمستقبل صيانة، كل هذا تحت شعارات الحماية، ومحاربة الإرهاب والأخطار الإقليمية مثل صفقة الطائرات للإمارات بثمانية مليارات. وهناك آمال كبيرة تبشر بما ستلده الحركة –أو الحرب- الجديدة من تجارة أسلحة وتقنية معلوماتية متقدمة.
إن أمريكا اليوم بأشد الحاجة لعدو يوحدها، من داخلها أولا ثم هي بحاجة لما يوحدها مع أوروبا، التي بدأت تشق طريقها لتنفرد بأسواق قريبة منها،ومستعمرات قديمة لم يتغير فيها شيء كثير منذ عصر الاستعمار والانتدابات. وحلف الناتو رغم تضخمه يعاني من فقدان خصم له، بل ويحتاج لإحياء مبررات لوجوده. ولذا فالتوقيت كان مناسبا جدا. و تحب روسيا أن تتجنب الدخول في الحرب ضد المسلمين لأنها تراعي أمورا عديدة منها أنها بحاجة للعلاقة الباقية مع العالم الإسلامي، وجمهوريات وسط آسيا، ومنها أنها ستصبح بالموافقة تابعة للناتو خصمها العتيد، ثم هي حريصة على بقاء سمة الدولة العظمى، لكيلا تصبح رقما صغيرا في جبهة المتحالفين. وإن قبلت الدخول في التحالف فسوف يكون ذلك مشروطا بتمدد مستعمراتها، وضمان تحفيف نفوذ الناتو في مستعمراتها السابقة.
وخطاب الترويع الرسمي الأمريكي محرج لقائله، ومؤذ لسامعه، فهو يهدد المجتمع الإسلامي كله وهو مجتمع متماسك، كثير الأواصر. وهذا المجتمع إن كان المفجرون منه فسوف تقيد هذه القرارات وتؤذي أعدادا هائلة منه، لا يد لهم ولا دور فيما جرى، وسيكونون من الذين لا يرى بوش أن تقلهم أرض ولا تظلهم سماء، ويخير العالم أجمع وبكل حماقة وغرور بين أن يكونوا عدوا لأمريكا أو معها، فهي حق والناس باطل، أو العكس، وما هكذا عالم الفكر السياسي الذي يدرسه الأمريكان ونفعيتهم. وقد عقب أحد كبار المفكرين الأمريكان بأن هذا أعظم الأخطاء، لقد نسي أنه أعلن من قبل الخطاب أنه يقود كما قال حربا صليبية، فكيف يجمع معه المسلمين في حرب صليبية! ثم أكد في خطابه أنه سينشر عملا قد يكون أشبه بمحاكم التفتيش ويروج لإرهاب جديد في كل مكان، وقبل خطابه هذا رأى أحد القساوسة حرب المسلمين فرصة، ودعا لمواجهة المسلمين في العالم، وقتلهم وتنصير الباقين، هكذا يخاطبون ملياراً وثلثاً من البشر، وأكثر من خمسين دولة مسلمة، حتى لقد اغتنم النصارى الصغار المناسبة فاعتقلوا المسلمين، واستغلوها لحرب المعارضة السياسية لفسادهم حتى في إرتيريا، وتلك أنسب الأوقات لتصفية الحسابات القديمة والخروج على الأعراف، وإشباع الأحقاد، وقد استغل الهندوس أيضا الحدث كما فعل حاقدون آخرون ورأوا في هذا بدء بناء معبد على حطام المسجد، وستنطلق أحقاد أخرى مؤجلة. لقد كان الرئيس محرجا أيضا في مسألة تحديد الخصم، والانتقام منه، كان محرجا من شعب هائج مستثار مجروح، فكانت لغة الحرب مخرجا أيضا.