المبادئ الرئيسة لإستراتيجية المملكة داخل الأمم المتحدة
مرسل: الجمعة مارس 30, 2012 12:24 pm
ويمكن اختصار تلك المبادئ الرئيسة لإستراتيجية المملكة داخل الأمم المتحدة في ميدان السلام فيما يأتي:
1) احترام سيادة الدول الأعضاء:
ترى المملكة منذ مشاركتها في تأسيس المنظمة العالمية أن العلاقات بين الدول الأعضاء يجب أن تكون مطبوعة بالاحترام المتبادل والتعاون في إطار المبادئ التي يضمنها ميثاق الأمم المتحدة.
ويرتبط بهذا المبدأ نبذ استعمال القوة في العلاقات الدولية ، ورفض سياسة العدوان والاعتداءات المسلحة ، أو تحريض العصابات والجماعات الانفصالية كما ترى أن احترام هذه المبادئ هو الوسيلة المثلى لضمان الأمن والاستقرار في المجتمع الدولي. وقد أكد وزير الخارجية السعودي هذا الموقف في العديد من الكلمات التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فقد أكد سموه " أن أسس ودعائم نظامنا الدولي الراهن تستمد شرعيتها وتستلهم قوتها من ذات المبادئ والمثل التي يستند عليها ميثاق الأمم المتحدة ومفاهيم الشرعية الدولية ومن جملتها وأهمها احترام سيادة الدول واستقلالها، وحرمة حدودها الدولية وتكريس قيم العدل والمساواة بين الدول ، ونبذ استخدام القوة في حل المنازعات"(7).
وفي الواقع فإن التمسك بهذه المبادئ ينبع في الأساس من الإيمان الراسخ للمملكة بمبادئ الشريعـة الإسلامية السمحاء التي تقوم على نبذ الفتنة وإشاعة السلام والاستقرار بين بني البشر.
2) تسوية المنازعات بالطرق السلمية:
لقد دأبت المملكة في سياستها الخارجية وباستمرار على نبذ اللجوء إلى القوة أو دعم أعمال العدوان عادة أن كل المنازعات الدولية يجب أن تخضع للتسوية عن طريق الوسائل السلمية المنصوص عليها في المادة 33 من ميثاق المنظمة العالمية والمتمثلة في الوساطة والتوفيق والتحكيم واللجوء إلى القضاء الدولي.
لكن المملكة وبقدر ما تحبذ تسوية المنازعات بالوسائل السلمية إلا أنها ترى أن المجتمع الدولي يجب أن يتوافر على الإرادة السياسية الكاملة لتمكين المنظمة العالمية من القيام بدورها في تطبيق مبادئ ميثاقها ، وقد أكد وزير الخارجية السعودي هذا المبدأ في الكثير من المناسبات . ففي كلمة المملكة أمام الجمعية العامة في دورتها الثانية والخمسين أشار إلى :" أن مقدرة منظمتنا على معالجة الأزمات والمشاكل الدولية تظل دوماً مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وميثاقها موضع التطبيق العملي ، وكل ما نأمله أن تشهد الحقبة القادمة من تاريخ هذه المنظمة حرصاً مستمراً من قبل الدول الأعضاء على ضمان تحقيق هذه الغاية التي يتوقف عليها مستقبل الأمم المتحدة الذي هو مستقبلنا جميعاً "(8).
3) تطبيق مبادئ الشرعية الدولية لتكون وسيلة لتحقيق السلام:
ترى المملكة أنه لا يمكن لمنظمة الأمم المتحدة أن تحقق النجاح المنشود في تحقيق السلام إلا إذا عملت على نقل المبادئ المضمنة في قراراتها وتوصياتها من إطارها النظري إلى الواقع العملي ، فعدم احترام القرارات والتوصيات يترتب عليه شعور بعدم المبالاة وعدم احترام ا لمنظمة بجميع مؤسساتها.
وبغض النظر عن المظاهر المتعددة لعدم احترام مؤسسة الأمم المتحدة وقراراتها ، فإن المملكة ترى أن إسرائيل هي النموذج الأكثر عدوانية في المجتمع الدولي ، بل الأكثر مماطلة في تطبيق قرارات الأمم المتحدة وتوصياتها ، فالمملكة تؤكد " أن الأمن الذي تسعى إليه إسرائيل وتتمناه يمكن أن تحصل عليه إذا ما تحقق السلام العادل والشامل في المنطقة وفق مبادئ الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن (القرارات 242 و338 و425) ومبدأ الأرض مقابل السلام…" (9).
كما أن المملكة ترى أن " السلام القائم على الشرعية الدولية ومرجعية مدريد هو المدخــــل السليم لتحقيق الأمن لإسرائيل وجيرانهــــا ، وهو كذلك المدخل الملائم لتهيئة الظروف الملائمـــة لبلوغ أي تطلعات وأهداف تتعلق بالتعـــــاون الإقليمي بين دول المنطقة "(10).
4 ) الإلحاح على النزع الكامل لأسلحة الدمار الشامل:
ترى المملكة أن كل جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام ستبقى مشلولة إذا استمر السباق المحموم بين أعضاء المجتمع الدولي من أجل امتلاك أسلحة الدمار الشامل بمختلف أنواعها ،بما فيها الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية.
وهكذا شاركت المملكة بشكل مؤثر في مؤتمر نيويورك الذي انعقد سنة 1995م من أجل النظر في مستقبل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، كما أسهمت في الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاقية شاملة لمنع التجارب النووية.
وترى المملكة في هذا المجال أن احتكار إسرائيل للسلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط بالذات يعد نذير شؤم بالنسبة لمستقبل السلام في المنطقة ، بل وحافزاً يدفع باقي الدول نحو تحطيم هذا الاحتكار أو امتلاك أسلحة دمار بديلة ، ولتفادي الوقوع في مثل هذا الوضع المنذر بأوخم العواقب فإن المملكة " تتمسك بضرورة زيادة فعالية معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ، وذلك عن طريق تفعيل نظام الضمانات التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية وجعلها ذات صبغة عالمية، وضرورة وضع الضوابط والمعايير التي تساعد على التقدم المنشود في مجالات نزع أسلحة الدمار الشامل انسجاما مع قرار الأمم المتحدة رقم 1 الصادر سنة 1946م " (11).
وبالتأكيد فإن إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط يرتبط بمدى خضوع إسرائيل للإرادة الدولية وقبولها هي الأخرى الانضمام إلى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية لكونها الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي لم تصبح بعد وحتى تاريخه طرفاً في المعاهدة ، والدولة الوحيدة التي تمتلك مقومات التفجير النووي.
5) التصدي للإرهاب الدولي:
لقد تميز موقف المملكة العربية السعودية في هذا المجال بالإدانة الصريحة والمطلقة لكل أشكال الممارسات الإرهابية ، وهو موقف عُبر عنه بوضوح أمام مؤسسات الأمم المتحدة ، وضمن البيانات الصادرة عن مجلس التعاون لدول الخليج العربي ودول إعلان دمشق وجامعة الدول العربية.
وينطلق الموقف السعودي في هذا المجال من كون " التطرف والعنف والإرهاب ظواهر عالمية غير مقصورة على شعب أو عرق أو ملة معينة ، وبالنظر لعالمية هذه الظاهرة وشموليتها، فإن أمر التصدي لها ومكافحتها يستدعي جهوداً دولية مشتركة يكون التركيز فيها على دوافع وأسباب هذه الظاهرة والنتائج المترتبة عليها" (12).
وتتضح حكمة هذا الموقف السعودي من خلال التركيز على عنصرين أساسيين :
أ) الإلحاح على الصبغة العالمية والشمولية للظاهرة الإرهابية ، وهو ما يعني رفض المزاعم الغربية التي تجعل من هذه الظاهرة خصوصية تطبع البلدان العربية والإسلامية على وجه الخصوص.
ب) دعوة المجتمع الدولي إلى ضرورة البحث في دوافع الظاهرة وأسبابها دون الاكتفاء بالتركيز على الردع والعقاب ، فمعالجة الأسباب والدوافع من شأنها أن تركز على مظاهر الظلم والقهر التي تعاني منها فئات واسعة في عالم الجنوب ، كما يمكن أن تركز على الممارسات العدوانية لبعض الأنظمة المتسلطة ، كما هو الشأن فيما تمارسه إسرائيل في حق المواطنين العرب في فلسطين وباقي الأراضي المحتلة أو الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك.
ج) العمل من أجل تضافر الجهود في إطار الأمم المتحدة لتعقب مجرمي الحرب ومحاكمتهم جزاء لما يقترفونه من جرائم ضد الإنسانية ، بل والعمل على تأسيس محكمة دولية تابعة للمنظمة العالمية مختصة بالنظر في هذه الجرائم ومعاقبتها.
6) دعم التدخل الإنساني بوساطة الأمم المتحدة:
إن المملكة العربية السعودية واعية كل الوعي بالرهانات الجديدة التي أصبح يفرضها النظام العالمي الجديد ، والتي أصبح العالم نتيجة لتداعياتها شبيهاً بالقرية الشمولية ساعياً في إطار النموذج الجديد للعولمة نحو توحيد الضوابط بخصوص قضايا البيئة وحقوق الإنسان.
وهكذا فالمملكة ترى أن من واجب المجتمع الدولي أن يولي العناية الكاملة بشروط تحقيق السلام والاستقرار في شبه القارة الهندية ودعم مبدأ تقرير المصير بالنسبة لمشكلة جامو و كشمير . وكذلك مساعدة الشعب الصومالي على تشكيل سلطة وطنية تمثل مختلف فئات الشعب.
كما أن المملكة بذلت جهوداً مضنية لتحقيق المصالحة الوطنية في أفغانستان ، كما ترى أن على الأمم المتحدة أن تمارس دورها في تحقيق أهداف الشعب الأفغاني في السلام والاستقرار الداخلي ، كما ترى أن " ما تعانيه العديد من الدول في القارة الإفريقية من ويلات الحروب الداخلية والصراعات القبلية والنزاعات الانفصالية مما نجمت عنه أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة يستدعي منا جميعاً جهداً متصلاً لاحتوائها والتخفيف من آثارها ونتائجها" (13).
ومن ثم فالمملكة ترى أن واجب التدخل الإنساني هو واجب جماعي لا تحتكره أي من الدول على انفراد بل تمارسه المجموعة الدولية بوساطة الأمم المتحدة سواء تعلق الأمر بفتح مسالك الاستعجال الإنساني كما تنص على ذلك قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن أم بتطبيق مبدأ الاحتياطية الذي أصبح يعطي الأمم المتحدة حق القيام بالتدخل انطلاقاً من كون الأوضاع الإنسانية تجاوزت الحدود الوطنية ، وأصبحت شاغلاً رئيساً لكل أعضاء المجتمع الدولي خاصة وأن تدهور تلك الأوضاع يمكن أن يسهم بشكل خطير في تهديد السلام الإقليمي والعالمي.
7) تفعيل دور المنظمة ووضع ميثاقها موضع التطبيق:
لقد كانت المملكة دائماً ومنذ مشاركتها في عملية التأسيس الأولي للمنظمة في سان فرانسيسكو سنة 1945م حريصة على دعم كل الجهود الهادفة إلى إضفاء مزيد من الفعالية على دور المنظمة وتحسين أدائها و خاصة منها الجمعية العامة التي تعد الجهاز الديمقراطي للمنظمة.
وهكذا دعمت منذ سنة 1950م قرار " الاتحاد من أجل السلام " الذي أعطى الجمعية العامة فرصة التصدي لحالات العدوان واتخاذ كل التدابير الضرورية بما فيها استعمال القوة المسلحة إذا فشل مجلس الأمن في القيام بدوره، كما أنها أسهمت منذ سنة 1965م في إنشاء مجموعة من اللجان الأممية الهادفة إلى تفعيل دور الأمم المتحدة أو إعادة النظر في الميثاق.
وترى المملكة الآن أن من واجب الأمم المتحدة أن تتكيف مع التحديات التي يفرضها النظام العالمـي الجديد. ولذلك فقد دعمت الاقتراحات التي قدمها كل من الأمين العام السابق بطرس غالي ضمن تقريره المعروف بـ " أجندة السلام" ، وكذلك الأمين العام الحالي كوفي عنان الهادفة إلى إعادة هيكلة مؤسسات الأمم المتحـدة وأجهزتها الإدارية.
وترى المملكة أن هــذا التغيير لا ينبغي أن يقتصر على النصوص بل ينبــغي أن يتجه " إلي تفعيل دور المنظمة والعمل على وضــــع بنود ميثاقهـــا موضع التطبــــيق لمواجهة بؤر التوتر المزمنة والمنتشرة والتي لا تزال تهدد الأمن والاستقرار في ربوع عالمنا المضطرب"(14).
وخلاصة القول أن مواقف المملكة داخل الأمم المتحدة لم تكن مضطربة أو مطبوعة بالمجاملة أو الخضوع للضغوط والمزايدات ، بل كانت دائماً مواقف مبدئية ترتكز على مجموعة من الثوابت المستمدة من أسس الشريعة الإسلامية السمحاء ومبادئها
1) احترام سيادة الدول الأعضاء:
ترى المملكة منذ مشاركتها في تأسيس المنظمة العالمية أن العلاقات بين الدول الأعضاء يجب أن تكون مطبوعة بالاحترام المتبادل والتعاون في إطار المبادئ التي يضمنها ميثاق الأمم المتحدة.
ويرتبط بهذا المبدأ نبذ استعمال القوة في العلاقات الدولية ، ورفض سياسة العدوان والاعتداءات المسلحة ، أو تحريض العصابات والجماعات الانفصالية كما ترى أن احترام هذه المبادئ هو الوسيلة المثلى لضمان الأمن والاستقرار في المجتمع الدولي. وقد أكد وزير الخارجية السعودي هذا الموقف في العديد من الكلمات التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فقد أكد سموه " أن أسس ودعائم نظامنا الدولي الراهن تستمد شرعيتها وتستلهم قوتها من ذات المبادئ والمثل التي يستند عليها ميثاق الأمم المتحدة ومفاهيم الشرعية الدولية ومن جملتها وأهمها احترام سيادة الدول واستقلالها، وحرمة حدودها الدولية وتكريس قيم العدل والمساواة بين الدول ، ونبذ استخدام القوة في حل المنازعات"(7).
وفي الواقع فإن التمسك بهذه المبادئ ينبع في الأساس من الإيمان الراسخ للمملكة بمبادئ الشريعـة الإسلامية السمحاء التي تقوم على نبذ الفتنة وإشاعة السلام والاستقرار بين بني البشر.
2) تسوية المنازعات بالطرق السلمية:
لقد دأبت المملكة في سياستها الخارجية وباستمرار على نبذ اللجوء إلى القوة أو دعم أعمال العدوان عادة أن كل المنازعات الدولية يجب أن تخضع للتسوية عن طريق الوسائل السلمية المنصوص عليها في المادة 33 من ميثاق المنظمة العالمية والمتمثلة في الوساطة والتوفيق والتحكيم واللجوء إلى القضاء الدولي.
لكن المملكة وبقدر ما تحبذ تسوية المنازعات بالوسائل السلمية إلا أنها ترى أن المجتمع الدولي يجب أن يتوافر على الإرادة السياسية الكاملة لتمكين المنظمة العالمية من القيام بدورها في تطبيق مبادئ ميثاقها ، وقد أكد وزير الخارجية السعودي هذا المبدأ في الكثير من المناسبات . ففي كلمة المملكة أمام الجمعية العامة في دورتها الثانية والخمسين أشار إلى :" أن مقدرة منظمتنا على معالجة الأزمات والمشاكل الدولية تظل دوماً مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وميثاقها موضع التطبيق العملي ، وكل ما نأمله أن تشهد الحقبة القادمة من تاريخ هذه المنظمة حرصاً مستمراً من قبل الدول الأعضاء على ضمان تحقيق هذه الغاية التي يتوقف عليها مستقبل الأمم المتحدة الذي هو مستقبلنا جميعاً "(8).
3) تطبيق مبادئ الشرعية الدولية لتكون وسيلة لتحقيق السلام:
ترى المملكة أنه لا يمكن لمنظمة الأمم المتحدة أن تحقق النجاح المنشود في تحقيق السلام إلا إذا عملت على نقل المبادئ المضمنة في قراراتها وتوصياتها من إطارها النظري إلى الواقع العملي ، فعدم احترام القرارات والتوصيات يترتب عليه شعور بعدم المبالاة وعدم احترام ا لمنظمة بجميع مؤسساتها.
وبغض النظر عن المظاهر المتعددة لعدم احترام مؤسسة الأمم المتحدة وقراراتها ، فإن المملكة ترى أن إسرائيل هي النموذج الأكثر عدوانية في المجتمع الدولي ، بل الأكثر مماطلة في تطبيق قرارات الأمم المتحدة وتوصياتها ، فالمملكة تؤكد " أن الأمن الذي تسعى إليه إسرائيل وتتمناه يمكن أن تحصل عليه إذا ما تحقق السلام العادل والشامل في المنطقة وفق مبادئ الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن (القرارات 242 و338 و425) ومبدأ الأرض مقابل السلام…" (9).
كما أن المملكة ترى أن " السلام القائم على الشرعية الدولية ومرجعية مدريد هو المدخــــل السليم لتحقيق الأمن لإسرائيل وجيرانهــــا ، وهو كذلك المدخل الملائم لتهيئة الظروف الملائمـــة لبلوغ أي تطلعات وأهداف تتعلق بالتعـــــاون الإقليمي بين دول المنطقة "(10).
4 ) الإلحاح على النزع الكامل لأسلحة الدمار الشامل:
ترى المملكة أن كل جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام ستبقى مشلولة إذا استمر السباق المحموم بين أعضاء المجتمع الدولي من أجل امتلاك أسلحة الدمار الشامل بمختلف أنواعها ،بما فيها الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية.
وهكذا شاركت المملكة بشكل مؤثر في مؤتمر نيويورك الذي انعقد سنة 1995م من أجل النظر في مستقبل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، كما أسهمت في الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاقية شاملة لمنع التجارب النووية.
وترى المملكة في هذا المجال أن احتكار إسرائيل للسلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط بالذات يعد نذير شؤم بالنسبة لمستقبل السلام في المنطقة ، بل وحافزاً يدفع باقي الدول نحو تحطيم هذا الاحتكار أو امتلاك أسلحة دمار بديلة ، ولتفادي الوقوع في مثل هذا الوضع المنذر بأوخم العواقب فإن المملكة " تتمسك بضرورة زيادة فعالية معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ، وذلك عن طريق تفعيل نظام الضمانات التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية وجعلها ذات صبغة عالمية، وضرورة وضع الضوابط والمعايير التي تساعد على التقدم المنشود في مجالات نزع أسلحة الدمار الشامل انسجاما مع قرار الأمم المتحدة رقم 1 الصادر سنة 1946م " (11).
وبالتأكيد فإن إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط يرتبط بمدى خضوع إسرائيل للإرادة الدولية وقبولها هي الأخرى الانضمام إلى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية لكونها الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي لم تصبح بعد وحتى تاريخه طرفاً في المعاهدة ، والدولة الوحيدة التي تمتلك مقومات التفجير النووي.
5) التصدي للإرهاب الدولي:
لقد تميز موقف المملكة العربية السعودية في هذا المجال بالإدانة الصريحة والمطلقة لكل أشكال الممارسات الإرهابية ، وهو موقف عُبر عنه بوضوح أمام مؤسسات الأمم المتحدة ، وضمن البيانات الصادرة عن مجلس التعاون لدول الخليج العربي ودول إعلان دمشق وجامعة الدول العربية.
وينطلق الموقف السعودي في هذا المجال من كون " التطرف والعنف والإرهاب ظواهر عالمية غير مقصورة على شعب أو عرق أو ملة معينة ، وبالنظر لعالمية هذه الظاهرة وشموليتها، فإن أمر التصدي لها ومكافحتها يستدعي جهوداً دولية مشتركة يكون التركيز فيها على دوافع وأسباب هذه الظاهرة والنتائج المترتبة عليها" (12).
وتتضح حكمة هذا الموقف السعودي من خلال التركيز على عنصرين أساسيين :
أ) الإلحاح على الصبغة العالمية والشمولية للظاهرة الإرهابية ، وهو ما يعني رفض المزاعم الغربية التي تجعل من هذه الظاهرة خصوصية تطبع البلدان العربية والإسلامية على وجه الخصوص.
ب) دعوة المجتمع الدولي إلى ضرورة البحث في دوافع الظاهرة وأسبابها دون الاكتفاء بالتركيز على الردع والعقاب ، فمعالجة الأسباب والدوافع من شأنها أن تركز على مظاهر الظلم والقهر التي تعاني منها فئات واسعة في عالم الجنوب ، كما يمكن أن تركز على الممارسات العدوانية لبعض الأنظمة المتسلطة ، كما هو الشأن فيما تمارسه إسرائيل في حق المواطنين العرب في فلسطين وباقي الأراضي المحتلة أو الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك.
ج) العمل من أجل تضافر الجهود في إطار الأمم المتحدة لتعقب مجرمي الحرب ومحاكمتهم جزاء لما يقترفونه من جرائم ضد الإنسانية ، بل والعمل على تأسيس محكمة دولية تابعة للمنظمة العالمية مختصة بالنظر في هذه الجرائم ومعاقبتها.
6) دعم التدخل الإنساني بوساطة الأمم المتحدة:
إن المملكة العربية السعودية واعية كل الوعي بالرهانات الجديدة التي أصبح يفرضها النظام العالمي الجديد ، والتي أصبح العالم نتيجة لتداعياتها شبيهاً بالقرية الشمولية ساعياً في إطار النموذج الجديد للعولمة نحو توحيد الضوابط بخصوص قضايا البيئة وحقوق الإنسان.
وهكذا فالمملكة ترى أن من واجب المجتمع الدولي أن يولي العناية الكاملة بشروط تحقيق السلام والاستقرار في شبه القارة الهندية ودعم مبدأ تقرير المصير بالنسبة لمشكلة جامو و كشمير . وكذلك مساعدة الشعب الصومالي على تشكيل سلطة وطنية تمثل مختلف فئات الشعب.
كما أن المملكة بذلت جهوداً مضنية لتحقيق المصالحة الوطنية في أفغانستان ، كما ترى أن على الأمم المتحدة أن تمارس دورها في تحقيق أهداف الشعب الأفغاني في السلام والاستقرار الداخلي ، كما ترى أن " ما تعانيه العديد من الدول في القارة الإفريقية من ويلات الحروب الداخلية والصراعات القبلية والنزاعات الانفصالية مما نجمت عنه أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة يستدعي منا جميعاً جهداً متصلاً لاحتوائها والتخفيف من آثارها ونتائجها" (13).
ومن ثم فالمملكة ترى أن واجب التدخل الإنساني هو واجب جماعي لا تحتكره أي من الدول على انفراد بل تمارسه المجموعة الدولية بوساطة الأمم المتحدة سواء تعلق الأمر بفتح مسالك الاستعجال الإنساني كما تنص على ذلك قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن أم بتطبيق مبدأ الاحتياطية الذي أصبح يعطي الأمم المتحدة حق القيام بالتدخل انطلاقاً من كون الأوضاع الإنسانية تجاوزت الحدود الوطنية ، وأصبحت شاغلاً رئيساً لكل أعضاء المجتمع الدولي خاصة وأن تدهور تلك الأوضاع يمكن أن يسهم بشكل خطير في تهديد السلام الإقليمي والعالمي.
7) تفعيل دور المنظمة ووضع ميثاقها موضع التطبيق:
لقد كانت المملكة دائماً ومنذ مشاركتها في عملية التأسيس الأولي للمنظمة في سان فرانسيسكو سنة 1945م حريصة على دعم كل الجهود الهادفة إلى إضفاء مزيد من الفعالية على دور المنظمة وتحسين أدائها و خاصة منها الجمعية العامة التي تعد الجهاز الديمقراطي للمنظمة.
وهكذا دعمت منذ سنة 1950م قرار " الاتحاد من أجل السلام " الذي أعطى الجمعية العامة فرصة التصدي لحالات العدوان واتخاذ كل التدابير الضرورية بما فيها استعمال القوة المسلحة إذا فشل مجلس الأمن في القيام بدوره، كما أنها أسهمت منذ سنة 1965م في إنشاء مجموعة من اللجان الأممية الهادفة إلى تفعيل دور الأمم المتحدة أو إعادة النظر في الميثاق.
وترى المملكة الآن أن من واجب الأمم المتحدة أن تتكيف مع التحديات التي يفرضها النظام العالمـي الجديد. ولذلك فقد دعمت الاقتراحات التي قدمها كل من الأمين العام السابق بطرس غالي ضمن تقريره المعروف بـ " أجندة السلام" ، وكذلك الأمين العام الحالي كوفي عنان الهادفة إلى إعادة هيكلة مؤسسات الأمم المتحـدة وأجهزتها الإدارية.
وترى المملكة أن هــذا التغيير لا ينبغي أن يقتصر على النصوص بل ينبــغي أن يتجه " إلي تفعيل دور المنظمة والعمل على وضــــع بنود ميثاقهـــا موضع التطبــــيق لمواجهة بؤر التوتر المزمنة والمنتشرة والتي لا تزال تهدد الأمن والاستقرار في ربوع عالمنا المضطرب"(14).
وخلاصة القول أن مواقف المملكة داخل الأمم المتحدة لم تكن مضطربة أو مطبوعة بالمجاملة أو الخضوع للضغوط والمزايدات ، بل كانت دائماً مواقف مبدئية ترتكز على مجموعة من الثوابت المستمدة من أسس الشريعة الإسلامية السمحاء ومبادئها