By محمد العلياني - الأربعاء إبريل 04, 2012 9:21 pm
- الأربعاء إبريل 04, 2012 9:21 pm
#48079
من المعلوم أن نظرية الأمن الجماعى الدولى تبلورت فى أذهان أصحابها من الدول الكبرى بعد الحرب العالمية الأولى التى انتهت عام 1918 وذلك بإقامة منتظم دولى يضم دول العالم فى ذلك الوقت لتجنيبها ويلات الحروب التى عانت منها طوال القرون السابقة. وكانت عصبة الأمم التى قامت عام 1919 أول منظمة دولية انشئت لتحقيق السلم والأمن الدوليين تطبيقاً لنظرية الأمن الجماعى الدوولى ولكن فشلت عصبة الأمم فى تحقيق هذا الهدف لأسباب كثيرة أدت إلي قيام الحرب العالمية الثانية فى الفترة من 1939حتى 1944، دفع الدول الكبرى إلى تمسكها بفكرة الأمن الجماعى الدولى مع تطبيقها فى إطار منتظم دولى آخر يعالج المشكلات والأسباب التى أدت إلى فشل عصبة الأمم، وانتهى بها الأمر إلى إنشاء منظمة الأمم المتحدة عام 1945 لذا يمكن القول أن تحقيق فكرة الأمن الجماعى الدولى هو الوظيفة الرئيسية للتنظيم الدولى المتمثل فى عصرنا الحاضر فى منظمة الأمم لامتحدة بل هو الدافع الأول لقيامها منعا للحروب والقضاء على العنف فى العالم ـ وهذا هو البعد السياسى لنظرية الأمن الجماعى الدولى. ولكن تطور الجماعة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وإتساعها بدخول عدد كبير من الدول الجديدة بعد استقلالها من الاستعمار فى هذه الجماعة الدولية ـ أدى إلى تطور مفهوم الأمن الجماعى الدولى نتيجة لظهور مشكلة عدم المساواة الاقتصادى بين الدول والتى تولد عنها ما يعرف بنزاع الشمال والجنوب أو النزاع بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة أول النامية الذى يهدد أيضا السلم والأمن الدوليين. ومن هنا يظهر أن مفهوم الأمن الجماعى الدولى قد تطور وأصبح له بعدا آخر هو البعد الاقتصادى وعدم المساوة وعدم المساواة فى التنمية، وسنبدأ فى هذا المقال بالبعد السياسى والقانونى للأمن الجماعى الدولى. أولا: البعد السياسى والقانونى للأمن الجماعى الدولى يقوم مفهوم الأمن الجماعى الدولى فى بعده السياسى على أنه «نظام تعتمد فيه الدولة على حماية حقوقها إذا ما تعرفت لخطر خارجى ليس على وسائلها الدفاعية الخاصة أو مساعدة حلفائها وإنما على أساس من التضامن الدولى المتمثل فى تنظيم دولى مزود بالوسائل الكافية والفعالة لتحقيق هذه الحماية». فلا غرابة إذن وقد ولت الأمم المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية التى قاسى العالم من ويلاتها من أجل السلم والأمن الدولى، وأن يأتى ميثاق هذه المنظمة مرجما فى الواقع لنظام للأمن الجماعى الدولى يقوم حسب ما يتضح من نصوصه على الآتى: ـ النص فى ديباجة ميثاق الأمم المتحدة صراحة وبالمادة الأولى منه على أن «مقاصد الأمم المتحدة فى أولا حفظ السلم والأمن الدولى ـ وفى المادة 2/4 على أنه «يمنع أعضاء الهيئة جميعا فى علاقاتهم الدولية عن أن يهددوا بالقوة أو يتسخدموها ضد سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى لأية دولة أو على أى وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة». ـ ومن ناحية أخرى أقام ميثاق الأمم المتحد نظاما متكاملا لحل النزاعات الدولية بالوسائل السلمية وذلك فى الفصل السادس ـ كما جعل الباب السابع من المثياق وفقا على تحديد الأعمال الواجب اتخاذها من جانب مجلس الأمن فى حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان ـ وبذلك يصبح مجل الأمن هو المسئول الوحيد عن تحريم اللجوء إلى استخدام القوة فى العلاقات الدولية ـ وهو الجهة المتخصصة بحفظ السلم والأمن الدولى. أن نظام الأمن الجماعى الدولى يقوم على آلية تحكمها مبادئ ثلاثة هى: المبدأ الأول: التسوية التسوية السلمية للمنازعات الدولية طبقا للمادة 2 فقرة 3 من الميثاق: وقد عرض فى المادة 33 للوسائل السلمية لفض المنازعات الدولية التى تتمثل فى المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية ـ وكذا اللجوء إلى أى وسيلة سلمية أخرى يختارها أطراف النزاع. وإذا فشل الأطراف فى تسوية النزاع ـ فإنه يلزم تطبيق المادة 37/1 التى توجب عليهم أن يلجأوا إلى مجلس الأمن. المبدأ الثانى: حظر استخدام القوة أو التهديد بها فى العلاقات الدولية: إن حظر استخدام القوة أحد وأهم المبادئ التى تقوم عليها المنظمات الدولية الى تهدف إلى تحقيق نظرية الأمن الجماعى. فإن ميثاق الأمم المتحدة لم يورد هذا المبدأ فى صورة سياسية عامة تنتهجها الدول، وإنا وضعة فى صورة تعهد إتفاقى متبادل تلتزم به كافة الدول الأعضاء فى المنظمة وأيضا غير الأعضاء. والرأى السائد لمفهوم القوة الوارد فى الفقرة 4/2 من الميثاق ـ أن هذا المفهوم ليس المقصود به فقط هو القوة العسكرية المسلحة ـ وإنما ينصرف أيضا ليشمل كافة أنواع الضغوط الاقتصادية والسياسية وغيرها إذا ما وصلت إلى درجة من الجسامة التى تعادل القوة المسلحة وإذا ما كانت هذه الضغوط تهدد استقلال أى دولة. المبدأ الثالث: رد الفعل الجماعي ضد الدولة المستخدمة للقوة بطريق غير مشروع: إن رد الفعلالجماعي هذا يمثل الجانب الإيجابى فى نظام الأمن الجماعى الدولى ويتمثل فى العمل المشترك الذى تقوم به الدول أعضاء الجماعة الدولية ضد الدول التى تخرج على مبدأ تحريم استخدام القوة وتضر بأمن دولة أخرى. وقد نظم ذلك الفصل السابع من الميثاق وأوضح مدى ما يتخذ من تدابير للعمل الجماعى الذى يخد فى نطاق سلطات مجلس الأمن لقمع العدوان وإعادة السلم والأمن الدولى إلى نصابه، فإن مجلس الأمن وحده هو المختص بتحديد ما إذا كانت هناك حالة تهديد للسلم أو خرق له أو وجود حالة عدوان طبقا للمادة 39 من الميثاق، وهو الوحيد الذى قرر ما يجب إتخاذه من التدابير غر العسكرية والعسكرية لحفظ السلام والأمن الدولى أو إعداته إلى نصابه. وهذه سلطة تقديرية للمجلس بلا قيود عليه. إذا له أن يضع ما يشاء من المعايير لتحديد ما يهدد السلم والأمن أو ما يعتبر عملا من أعمال العدوان. على أنه إذا كان المبدأ العام هو حظر استخدام القوة أو التهديد بها فى العلاقات الدولية ـ فإن هناك حالة وحيدة تعتبر استثناءا من هذا المبدأ هى حالة حق الدفاع الشرعى الذى نصت عليه المادة 51 من الميثاق ـ وهذه الحالة تتوفر عندما يحدث اعتداء مسلح على دولة عضو في الأمم المتحدة