صفحة 1 من 1

مدخل الي علم السياسه

مرسل: الاثنين إبريل 09, 2012 11:05 pm
بواسطة ممدوح العتيبي 5
مدخل الى علم السياسةيعتبر كتاب " الامير " لماكيافيلي مدخلا الى علم السياسة الحديث . فقد طرح ماكيافيلي اشكالية السلطة باسلوب تميز بالواقعية الصارمة و بتحديد فظ و صارخ للحاجات . لكن ذلك لا ينفي تأثر هذا المؤلف بالارسطوطاليسية التي وضعت السياسة في قمة هرم العلوم التطبيقية لتدرج الاقتصاد و السلوك الشخصي ( علم النفس و التربية ) كتوابع لها ادنى منها اهمية . فقد اهتم ارسطو بالبحث عن مواصفات الحكومة الصالحة التي تؤمن الحياة الصالحة للمواطنين . في حين تمرد ماكيافيلي على هذه الاولوية و ابدلها بهدف اعتبره في قمة الاولويات و هو : " تأمين الحكم القوي و الفعال لايطاليا موحدة و غير كهنوتية " من هنا تركيزه على " الامير " فهو الشخص الذي يجب التعرف الى اغواره و العمل على تثقيفه و توسيع مداركه لتدعيم سلطته . بعد ذلك يمكن للسياسة ان تكون فن اضفاء السعادة على الاتباع اكثر مما هي مجرد الحصول على طاعتهم . لكن السلطة قد لا تجد دوما القدرة على كسب الطاعة عبر اعطاء السعادة و ذلك لتعلق الامر بالناس و باهوائهم و بالعوامل المؤثرة فيهم ايحائيا . و عندها فان الامير يلجأ للقوة . و لا يخفي المؤلف تعلق مسألة استخدام القوة بشخصية الامير ... و هكذا فان ماكيافيلي يقدم لنا في هذا الكتاب تأسيسا لعلم السياسة الحديث و يضمنه جرعة كبيرة من العلوم النفسية و التربوية . بل انه يدعو لاستخدامها في دعم الامير الطاغية . الذي يستبيح طغيانه في سبيل هدف اسمى هو جمع شتات ايطاليا المنقسمة الى دول – مدن مستقلة في مواجهة موجة من الحكومات الملكية العظيمة و في مقدمتها فرنسا . من هنا رأى ماكيافيلي حاجة ايطاليا الى نبي مسلح ( الامير ) كي يوحدها في مواجهة الممالك الكبرى المحيطة بها و المهددة لها . و هو رأى ان للجمهور ( الشعب ) طبيعة متقبلة بحيث يسهل اقناعه ببعض الامور لكن استمرارية هذه القناعة صعبة بسبب عدم ثبات ميول الجمهور . و الامير الجيد عليه انيحفظ هذه القناعة خصوصا ان هو اراد الاصلاح.

رابط الموضوع
http://www.mostakbaliat.com/link28.html

وذلك لا يتأتى له اذا لم يكن مسلكا و قادرا على استخدام و قادرا على استخدام القوة عند الحاجة و هكذا كان كل من موسى و قورش و تيزيس و رومالاوس – يقول ماكيافيلي .لكن كتاب الامير كان مختصرا و يعرض لافكاره بسرعة دون ان يؤثر هذا الايجاز في العمق الفكري للكتاب . الا ان ظهور العلوم المتفرعة عن علم السياسة التقليدي من اقتصاد و اجتماع و علم نفس و تربية و احصاء و معلومات ... الخ و تطور هذه العلوم كان من شأنه ان يحول هذا " الكتيب " الى كتاب وصفات سحرية للامراء المعاصرين لهذا التطور . بل ان بعض الامراء المعاصرين لا يحصرون اهتمامهم بتوحيد بلادهم تحت سلطتهم ، مستبدلين التسلط و الطغيان السياسي – الاستعماري بالتسلط الاقتصادي و الثقافي و الفكري على الصعيد العالمي . حتى بلغ طموح الامير المعاصر درجة " النظام العالمي " بما يتضمنه هذا الطموح من آحادية و من تحديات للفردية . هذه الفردية التي لم تعد متأثرة بمكبوتات السلطة الالهية للملك او لرجال الدين مما اتاح لها فرصة ادعاء الامارة الخفية . و من هؤلاء الامراء المستترين نذكر اباطرة المخدرات و مضاربي البورصات و رؤوس الجريمة المنظمة و المسيطرين على الشركات العملاقة و الرساميل الضخمة و غيرها من اشكال الفردية التي تهدد العولمة ( الامارة الماكيافيلية العالمية ) بصورة جدية ( انظر سيكولوجية البورصة ) .
و على اية حال فان مفاهيم علم السياسة لم تقف عند حدود الامير بل هي تخطته عبر وقائع تاريخية و جغرافية حيث خارطة العالم في تغيير مستمر يستتبع معه تبدلات تطال كافة الصعد الانسانية و المعيشية . فهل لنا ان نقدم بعد كل ذلك تعريفا للسياسة ؟
1-علم السياسة
علم السياسة ( politologie ) يطرح اليوم على انه المعرفة الوصفية و التحليلية و التبصيرية للدولة و للظواهر المتعلقة بها . و هذه المعرفة تحتاج للدعم بكميات هائلة من المعلومات . لذلك كان التسابق العالمي في مجال المعلوماتية ( informatique )
حيث جرى التسابق , و يستمر ، على انتاج المعلومة و على تصنيعها و على سرعة نقلها و ايصالها للهدف و على توليد معلومات جديدة ( المستقبليات بشكل خاص ) .
حتى طرحت اليوم فرضيات تقول ان من يملك المعلومات سيملك السلطة في القرن المقبل .
و حاجة علم السياسة الماسة الى المعلومات هي وراء تطور الفروع التي كانت ملحقة به اساسا . فهو قد سمح لها بانتاج المعلومات و هو لا يزال يجاهد كي يحتكر تصنيع و توليد هذه المعلومات . في حين ينتج الاخرون معلومات غير مصنعة ( اي خام ) .
2-ميادين علم السياسة :
يصر الباحثون العاملون في اليونسكو على اعتبار علم السياسة علما قئما بذاته . رافضين اعتباره بمنزلة الفن او المهارة او الموهبة . و على هذا الاساس انطلق هؤلاء الباحثون من الوجود الموضوعي – الواقعي لهذا العلم كي يحددوا ميادينه . متجنبين بذلك الخوض في جدلية الاعتراف به و عدم استكماله لقواعد هذا الاعتراف . و لقد حدد هؤلاء ميادين علم السياسة على النحو التالي :
أ‌-النظريات السياسية :
1-النظرية السياسية .
2-تاريخ الافكار
ب‌-المؤسسات السياسية :
1-الدستور
2-الحقوق المركزية .
3-الحقوق الاقليمية و المحلية .
4-الادارة العامة .
5-الوظائف الاقتصادية و الاجتماعية للحكومة .
6- المؤسسات السياسية المقارنة .
ج- الاحزاب و الكتل و الرأي العام .
1-الاحزاب السياسية .
2-الكتل و التجمعات .
3-مساهمة المواطن في الحكم و في الادارة .
4-الرأي العام .
د- العلاقات الدولية :
1-السياسة الدولية
2-المنظمات الدولية .
3-القانون الدولي .
أما في الجامعات فان تدريس السياسة يعتمد لائحة تصنيفية قوامها :
1-تاريخ الآراء السياسية .
2-المؤسسات السياسية .
3-سوسيولوجيا السياسة .
التاريخ المعاصر لعلم السياسة:
الولادة الحديثة لعلم السياسة بدأت مطلع الخمسينيات عقب استشعار الحاجة له بعد الحرب العالمية الثانية . ما دفع المؤسسات الدولية ( الناشئة كنتيجة لهذه الحرب ) ، مثل اليونيسكو , على تشجيع نموه و تطوره . حتى ان اول تحقيق لليونسكو في ميدان العلوم الاجتماعية تناول موضوع السياسة و نجم عنه مجلد متعدد المؤلفين تحت عنوان " علم السياسة المعاصر " كما رعت اليونسكو ولادة " الجمعية الدولية لعلم السياسة " التي عقدت مؤتمرها الدولي الاول في زوريخ العام 1949 ثم توالت مؤتمرها بمعدل مؤتمر كل ثلاث سنوات . و توالت بعد ذلك الجمعيات و المجلات المحلية و العالمية المتخصصة في مجال السياسة .
و ترافقت هذه التحركات البحثية مع تطورات اكاديمية فظهرت المعاهد و المؤسسات الجامعية المعنية بتدريس العلوم السياسية لغاية درجة الدكتوراه في المجال .

السياسة و علم الاجتماع :
وفق المفهوم التقليدي لعلم السياسة يكون علم الاجتماع تابعا للسياسة كفن من فنون تنظيم العائلات و ترتيب و تحديد اطر علاقاتها في ما بينها وفق الانظمة السياسية للحاضرة ( المدينة – الدولة ) . لكن مبادئ عالم الاجتماع اوغست كونت جاءت لتهدد هذا التفوق . بل ان السوسيولوجيا ( علم الاجتماع ) بدا و كأنه يحاول ازاحة السياسة و الحلول مكانها كعلم بنيوي قادر على تحليل الروح الحقيقية المرتبط بالشعور الاجتماعي العام . فقد دعا كون الى ازاحة بؤرة الاهتمام من الحاضرة او الدولة الى البشرية التي عرفها كونت على انها مجموعة المخلوقات البشرية الشابقة و اللاحقة و الحالية . كما يذكر كونت بالاتصال عبر الاجيال حيث يرى ان عدد الاموات ( الذين لا يزالون يمارسون تأثيرهم و كأنهم احياء ) في ازدياد مستمر و هنا يصطدم كونت بحاجز الدين فيحله مكان الدراسة العلمية للبشرية . و كأنه يتكئ على الدين ليواجه المفهوم التقليدي لعلم السياسة . اما دور كهايم و تلامذته فقد رأوا في السوسيولوجيا تجسيدا لعلوم المجتمع و منها السياسة التي يمكن الحاقها بالسوسيولوجيا .
و لقد وصل بعض السوسيولوجيين الى حدود اعتبار المجتمع كائنا له حياته و تاريخه و ضميره و مصالحه . بما يحول السوسيولوجيا باتجاه البحث في الظواهر الانسانية . و من هنا نشأة علم النفس الاجتماعي و علم نفس الجماعات ظهور مبادئ اللاوعي الجماعي و الشخصية الاممية الممهدة لظهور علم النفس السياسي .
4-السياسة و علم النفس :
ترتبط السياسة بالسيكولوجيا عبر علاقة عضوية تعود الى البدايات الاولى للفكر الانساني . اي الى ما قبل تشكل المفاهيم النظرية لاي منهما . و بالعودة الى ارسطو نجده يصنف السيوكولوجيا و السياسة و الاقتصاد في اطار العلوم التطبيقية . معرفا الاخلاق على انها علم دراسة السلوك الشخصي ، و الاقتصاد على أنه علم تدبير معيشة العائلة و السياسة على انها علم تدبير المدينة ( الدولة ) . لكن الطابع العضوي لهذه العلاقة يعود عمليا الى حاجة السياسة الماسة لاية وسيلة تسهل الاتصال الذي يحتاج بدوره الى اية معلومة تساهم في اكمال فعاليته و تدعيمها .
وكنا قد أشرنا إلى أن البدايات الحديثة لعلم السياسة تعود إلى مطلع الخمسينيات وهي إقترنت ببدايات علم النفس السياسي. فقد نشرت منذ مطلع هذا القرن العديد من البحوث النفسية –السياسية. التي بدأها فرويد بعودة إلى ما قبل الحضارة البشرية لينتقل بعدها إلى دراسة الأساطير وتحديدا مناقشة الأساطير اليهودية ومسألة التوحيد في كتابه "موسى والتوحيد"ليدخل بعدها مباشرة إلى السياسة في مقالته "أفكار لأزمنة الحرب والموت".ثم كانت دراسات يونغ الشهيرة حول الأساطير واللاوعي الجماعي وعلاقتهما باللاوعي الفردي. وبعدها أتت محاولة إتباع فرويد والمنشقين عنه للتوفيق بين التحليل النفسي والسياسة والنظرية الماركسية خصوصا. كما تجدر الإشارة إلى الكتاب الذي نشره غراهام والاس في العام 1921 تحت عنوان " الطبيعة الإنسانية في ميدان السياسة".
لكن البحث العلمي الحقيقي في ميدان السيكولوجيا السياسة بدأ في الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية. خين تدعمت هذه البحوث بهجرة مكثفة لعلماء االنفس الأوروبيين الهاربين إلى أميركا من الحرب. فبدأت هذه البحوث من منطلقات اتنية (عرقية) وسخرت هذه البحوث لدراسة اللاوعي الجماعي والشخصيات الأممية لأصدقاء الولايات المتحدة وأعدائها. في محاولة لتسخير سيكولوجية الرأي العام في الإتجاه السياسي المناسب. وهكذا بحيث يمكن إعتبار ولادة السياسة واليكولوجيا السياسية في مطلع الخمسينيات ولادة توأمية. لكن هذه الفترة وتحديدا العام 1952 سجلت ترسيخ العلوم النفسية كعلم له منهجيته الطبية الصارمة. إذ شهد هذا العام ظهور دواء الكلوربرومازين (دواء معقل) الذي كان مقدمة لإرساء الطب النفسي كأحد فروع الإختصاصات الطبية مما أذكى الصراع بين هذا الفرع المستجد ( الذي وجد لنفسه التطبيفات في الميادين السياسية والعسكرية والحضارية....الخ) وبين بقية الفروع المعنية بهذه الميادين. بل إن الطب النفسي بدا وكأنه يحاول وضع النظم الأخلاقية لهذه الفروع وخصوصا السياسية منها. إذ يرى الطب التفسي ضرورة الإفادة من معارفه( وضرورة مساعدة بقية الفروع له) لكي يحقق الضوابط الأخلاقية التالية:
1-إن أية أبحاث تعمل على إحداث تغييرات في الإنسان (مثل التربية العبقرية وأبحاث الهندسة الوراثية والإستنساخ والجراحة الدماغية....الخ). ويجب أن تكون خاضعة لسياسة إجتماعية صارمة تهتم بتوجيه هذه الأبحاث لتحسين شروط معيشة وسعادة الإنسان.
2-أن مثل هذه الأبحاث يجب أن يمنع توجيهها بإتجاه تحقيق تفوق أفراد أو جماعات أو شعوب على حساب غيرها من البشر.
3-يجب النظر إلى جميع محاولات (تحسين) السلوك الإنساني على أنها إعتداء على حرية الشخص. بإستثناء الحالات التي تتم فيها هذه المحاولات بطلب من الشخص نفسه لإستشعاره الحاجة إليها. على أن تدعم الآراء العلمية-الموضوعية هذا الإستشعار.
4- إن "اللاانسنة" المتمثل بإستبدال أعضاء بشرية هامة بأعضاء حيوانية هي مسألة تطرح إشكاليات أخلاقية خطيرة.
5- أن الرغبة الشخصية بالإستفادة من تقنيات معينة لإستغلالها لتحقيق أهداف شخصية من شأنها أن تنسف قواعد السياسة الإجتماعية وأخلاقياتها. الأمر الذي يقتضي التريث في تشريعها لقياس مدى قدرة هذه السياسة على إستيعاب التعديلات. مثال على ذلك أن الدعوة العالمية للحد من زيادة السكان (ومعها دعوة الشعوب لا يتجاوز متوسط أعمارها الأربعين عاما للحد من التكاثر) تصطدم بالرغبات الشخصية في الإنجاب بإستخدام تقنيات طفل الأنبوب أو الإستنساخ أو غيرها.
6- إن أية محاولة لتعديل الشخصية يجب أن تخضع لتحري دوافع هذه المحاولة سواء من قبل شخص أو من قبل الإختصاصي الذي يتولى عملية التعديل.
7-إن تطور تقنية الإتصال (ومعها التجسس على الأفراد) يؤمن مراقبة دقيقة لسلوك الأشخاص مما يزيد من إحتمالات إساءة الإستغلال السياسي لهذه المراقبة ( خصوصا بعد أن نعلم أن دولا نامية عديدة تخضع بشكل جماعي لهذا النوع من المراقبةّ!).
8-أن موضوع ولادة بدون رحم ومعها موضوع الإستنساخ هي مواضيع تلامس حساسيات تحديد الإنتماء العائلي. الأمر الذي يهدد مفاهيم البنية العائلية في المجتمع البشري. وهو تهديد يستحق الدراسة والمناقشة المعمقة.
9- إن محاولات زيادة الذكاء السكاني (نسبة 20%) أو مايعرف بمحاولات إنتاج جيل من العباقرة , وأيضا محاولات زيادة متوسط أعمار البشر بحوالي عشرين بالمئة إضافية , هي محاولات محفوفة بمخاطر الإحتكار الذي يؤدي إلى التفرقة والتمييز العنصريين( العلميين) مما يجعل تكاليف هذه الأبحاث الأخلاقية خارج إطار قدرة البشرية على تحملها. فهي تشجع فرز البشر إلى أذكياء وأغبياء بكا يعني ولادة نوع جديد من الأسباب الممهدة لإنتهاك حقوق الإنسان.
10- ترتبط كرامة الإنسان بقاعدة ذهبية تقول: إن البشر يكونون أكثر فعالية وعطاء(أي أكثر إنسانية) عندما نعاملهم كأحرار مسؤولين متمتعين بإستقلاليتهم الذاتية وبفرادتهم.
11- إن مسألة الحفاظ على التنوع الإنساني ( الجيني والثقافي ) هي مسألة حيوية –محورية. ومحاولة إنتاج مخلوقات مثالية جينيا ( أو ثقافيا عن طريق العولمة) هي محاولة تحرم الإنسانية من هذا التنوع.
12-يجب أن تبقى العائلة الواحدة الرئيسة لتكاثر البشر ويجب الإصرار على عدم إستبدالها بأي من الوحدات المقترحة. وحول حبة الرمل هذ(أي العائلة) أي تطور اللؤلؤة التي تشكل التنوع الثقافي الإنساني. الذي لم تستطع الإقتراحات المطروحة لغاية اليوم أن تأي ببديل له.
وبهذا تبدو العلوم النفسية , الطب النفسي خصوصا , وكأنها خط الدفاع الضابط للأخلاقيات. لكن هذا الضابط لا يشكل سوى قمة جبل الجليد. فمن ناحية يقع الطب النفسي ومعه العلوم النفسية والإنسانية كافة تحت تأثير علوم أخرى مثل الإقتصاد والإتصال والإحصاء. وهذا الأخير بات قادرا على فبركة النتائج بأي إتجاه كان , وباتت الإحصاءات لعبة بدون قواعد( أنظر فصل العرب والعولمة في هذا الكتاب).
ومن ناحية أخرى فقط وقعت العلوم النفسية في أسر الفكر السياسي. فعلاقة هذه العلوم بالفلسفة علاقة قديمة وعضوية ومتبادلة. فلو راجعنا التصنيفات المقترحة للأمراض النفسية لوجدنا أنها متأثرة لدرجة التوحد بالفكر السياسي السائد. فالتصنيف الأمريكي يعتمد المبادئ البراغماتية والظواهرية من خلال تحديده للتشخيص من خلال العوارض. حتى إعتبر بعض المؤلفين يأن التصنيف الأمريكي هو حصان طراودة الذي يحاول الفكر الأمريكي النفاذ من خلاله إلى عقول الأطباء النفسيين حول العالم. فإذا ما أضفنا الوقائع المتوافرة حول أساءات إستخدام الطب النفسي فإنا نجد أن الفن المسمى بالسياسة قد إمتلك القدرة على السيطرة وعلى تسخير العلوم لمصلحته مع بقاء قواعده سرية وعصية على الأرصان في مناهج أكاديمية خاضعة للمنطق العلمي وقابلة للتجريب.