أربعون عاماً على تطبيع العلاقات بين الصين واليابان
مرسل: السبت إبريل 14, 2012 11:25 pm
يصادف العام 2012 الذكرى الأربعين لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين اليابان والصين. بهذه المناسبة قرر رئيس وزراء اليابان، يوشيهيكو نودا، زيارة الصين تحضيرا للذكرى، ولتبادل وجهات النظر مع زعمائها بهدف تطوير التعاون السياسي والتبادل الاقتصادي.
زار الرئيس الياباني الصين في 25 و26 ديسمبر/ كانون الأول 2012، وعقد اجتماع قمة مع نظيره الصيني، في وقت بقيت فيه العلاقات بين البلدين متوترة نسبيا بسبب الصدامات العسكرية التي وقعت مؤخرا قرب جزر سينكاكو المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي.
مازالت ذاكرة الصينيين حافلة بصور مؤلمة، نجمت عن احتلال اليابان لمساحات واسعة من أراضيهم إبان مرحلة ما بين الحربين العالميتين. لكن السياسة العقلانية التي اعتمدها قادة البلدين، أدت إلى تجاوز "التاريخ العبء" لبناء "التاريخ الحافز"، مما شجع على تعزيز العلاقات بينهما على مختلف الصعد. وهما تسعيان اليوم لتحويلها إلى علاقات استراتيجية تقوم على النفع المتبادل، وتشكلان قاطرة للدول الآسيوية الأخرى لبناء الوحدة الآسيوية، بحيث يصبح النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين قرنا آسيويا بامتياز.
ومع أن نقاط الخلاف بين البلدين مازالت متعددة، خاصة في مجال اقتسام الغاز في المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين، ومشكلة السلاح النووي لكوريا الشمالية الذي يشكل تهديدا مباشرا لليابان، والنزاع على ملكية جزر سنكاكو، فإن حجم التبدل الاقتصادي بين الجانبين كان كفيلا بتهدئة النزاعات، والعمل على حل المشكلات بالطرق الدبلوماسية. يكفي التذكير بأن حجم التبادل التجاري قد ارتفع من مليار دولار تقريبا عند تطبيع العلاقات بينهما منذ أربعين عاما، ليتجاوز رأس المال الياباني الموظف في الصين الثلاثمئة مليار دولار في نهاية العام 2011.
كانت تلك الأرقام حاضرة بقوة في لقاء الزعيمين، لتعزز علاقات الثقة نحو مزيد من التعاون في المستقبل. لقد شهدت العلاقات اليابانية - الصينية نموا سريعا منذ تطبيع العلاقات الثنائية، ورغم التقلبات السياسية، قامت حكومتا البلدين بجهود كبيرة لدفع تلك العلاقات خطوات كبيرة إلى الأمام، ومن المتوقع أن تشهد العلاقات تطورا أكبر في المستقبل. فالثقة السياسية المتبادلة على خلفية زيادة حجم التعاون الاقتصادي في مرحلة ما بعد الزلزل المدمر الذي ضرب اليابان في مارس/ آذار 2011، وتنشيط التبادل الاقتصادي وفق قاعدة المنفعة المتبادلة، وتشجيع العلاقات الشعبية على مختلف الصعد، أوجدت أرضا صلبة لنجاح الزيارة.
أدت السياسة العقلانية بين الجانبين أيضا، إلى تحسن ملحوظ في المشاعر الوطنية، مما ساعد على التنمية المستقرة والمستدامة للروابط اليابانية - الصينية، علما أن بروز مشكلات مرحلية مسألة حتمية، نظرا لكثافة التبادل بين الشعبين، والحجم الهائل للتعاون الاقتصادي. وتضارب المصالح بين الأفراد والشركات يستوجب مسارعة حكومتي البلدين إلى حلها، لدرء آثارها السلبية على الروابط الثنائية. وتعزيز الحوار يساعد حتما على تنمية روابط الصداقة بين الشعبين، ويؤسس لعلاقات صلبة بآفاق مستقبلية.
نخلص إلى القول إن الصين واليابان لاعبان رئيسان في النظام العالمي، وتتحملان مسؤوليات واضحة تجاه السلام والاستقرار والرخاء الاقتصادي، على المستويين الإقليمي والدولي، ولديهما القدرة على لعب دور متزايد في مجال التعاون لحل القضايا الاقتصادية والمالية العالمية، ومقاومة القرصنة والإرهاب، والحفاظ على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. لذا كانت الزيارة مثمرة، وتمخضت عن قرارات مهمة، أبرزها:
1- دفع العلاقات بينهما لتصبح استراتيجية تتوخى مصلحة الشعبين، ووضع برنامج مكثف في 2012 بمناسبة الذكرى الأربعين لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما، ليكون حافلا ببرامج ثقافية وفنية متبادلة.
2- اتفقت الدولتان على أن الاستقرار والسلام في شبه الجزيرة الكورية يعبر عن مصلحة مشتركة للبلدين، وذلك يتطلب العمل على استئناف المحادثات السداسية المتوقفة حول الملف النووي لكوريا الديمقراطية، وبذل الجهود لضمان استقرار طويل الأمد في شبه الجزيرة الكورية.
وقد وافقت الدولتان على التعاون والعمل معا لإرساء الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، بعد المخاوف التي نجمت عن وفاة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ إيل من ارتباك الأمن الإقليمي، فالسلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية يقدم فائدة كبيرة لدول المنطقة.
3- وافق الجانبان على وضع آلية جديدة لمناقشة الأمن البحري بين الصين واليابان، بعدما شهدت العلاقات الثنائية توترا العام الماضي حول قضايا خلافية في بحر الصين الشرقي.
5- اتفقت الدولتان على ضرورة تكثيف التعاون في القطاع المالي، على أن تبادر اليابان إلى شراء سندات خزينة من الحكومة الصينية، مما يشجع الحكومتين وشركات البلدين على إبرام صفقات ثنائية باستخدام عملاتهما المحلية بدلا من الدولار الأميركي.
من جانبها، حضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في جنوب شرق آسيا، حكومة الصين على استخدام نفوذها لوقف اعتداءات كوريا الشمالية على جيرانها، خاصة اليابان التي تقع ضمن مرمى صواريخها طويلة المدى، وأن تحث الصين حكومة كوريا الشمالية على الكشف عن مصير اليابانيين الذين اتهمت الاستخبارات الكورية الشمالية بخطفهم منذ عقود عدة.
وأبدت الصين استعدادا تاما لبناء جسور الصداقة والشراكة والتنمية المشتركة مع جيرانها الآسيويين، وفي طليعتهم اليابان، وهي ملتزمة بتوليد بيئة آسيوية آمنة ومزدهرة. وأعطت الزيارة دفعا قويا للعلاقات الصينية اليابانية، على طريق تطوير وتعزيز رابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة باسم "مجموعة آسيان".
شكلت قمة بكين أواخر العام 2011، نقلة نوعية لتعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين في العام 2012، الذي سيشهد نشاطات عدة بمناسبة مرور أربعين عاما على تطبيع العلاقات بين الصين واليابان. وتعهد الجانبان بتخفيف حدة التوتر بينهما، وبذل جهود إضافية لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة جنوب وشرق آسيا وعلى المستوى العالمي. وأبرزت الزيارة استعداد الصين لحل المشكلات مع جيرانها بالطرق الدبلوماسية، والعمل معا على إيجاد حلول عقلانية للأزمة الاقتصادية العالمية وما رافقها من اضطرابات سياسية، وانتفاضات شعبية، وأزمات اجتماعية.
ختاما، يمتلك قادة الصين واليابان الرغبة الصادقة، والحكمة العريقة، والقدرة على تسوية نزاعاتهم بالطرق السلمية دون تدخل خارجي. فمن طريق الحوار السياسي المدعوم بالتعاون الاقتصادي والمالي الكثيف، تتعزز فرص نجاح الحلول العقلانية للمشكلات العالقة، مما يساعد على بناء وحدة صلبة بين الدول الآسيوية، وإطلاق عولمة أكثر إنسانية، تعزز دور الأمم المتحدة، وترفض حل المشكلات بين الدول بالقوة العسكرية.
زار الرئيس الياباني الصين في 25 و26 ديسمبر/ كانون الأول 2012، وعقد اجتماع قمة مع نظيره الصيني، في وقت بقيت فيه العلاقات بين البلدين متوترة نسبيا بسبب الصدامات العسكرية التي وقعت مؤخرا قرب جزر سينكاكو المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي.
مازالت ذاكرة الصينيين حافلة بصور مؤلمة، نجمت عن احتلال اليابان لمساحات واسعة من أراضيهم إبان مرحلة ما بين الحربين العالميتين. لكن السياسة العقلانية التي اعتمدها قادة البلدين، أدت إلى تجاوز "التاريخ العبء" لبناء "التاريخ الحافز"، مما شجع على تعزيز العلاقات بينهما على مختلف الصعد. وهما تسعيان اليوم لتحويلها إلى علاقات استراتيجية تقوم على النفع المتبادل، وتشكلان قاطرة للدول الآسيوية الأخرى لبناء الوحدة الآسيوية، بحيث يصبح النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين قرنا آسيويا بامتياز.
ومع أن نقاط الخلاف بين البلدين مازالت متعددة، خاصة في مجال اقتسام الغاز في المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين، ومشكلة السلاح النووي لكوريا الشمالية الذي يشكل تهديدا مباشرا لليابان، والنزاع على ملكية جزر سنكاكو، فإن حجم التبدل الاقتصادي بين الجانبين كان كفيلا بتهدئة النزاعات، والعمل على حل المشكلات بالطرق الدبلوماسية. يكفي التذكير بأن حجم التبادل التجاري قد ارتفع من مليار دولار تقريبا عند تطبيع العلاقات بينهما منذ أربعين عاما، ليتجاوز رأس المال الياباني الموظف في الصين الثلاثمئة مليار دولار في نهاية العام 2011.
كانت تلك الأرقام حاضرة بقوة في لقاء الزعيمين، لتعزز علاقات الثقة نحو مزيد من التعاون في المستقبل. لقد شهدت العلاقات اليابانية - الصينية نموا سريعا منذ تطبيع العلاقات الثنائية، ورغم التقلبات السياسية، قامت حكومتا البلدين بجهود كبيرة لدفع تلك العلاقات خطوات كبيرة إلى الأمام، ومن المتوقع أن تشهد العلاقات تطورا أكبر في المستقبل. فالثقة السياسية المتبادلة على خلفية زيادة حجم التعاون الاقتصادي في مرحلة ما بعد الزلزل المدمر الذي ضرب اليابان في مارس/ آذار 2011، وتنشيط التبادل الاقتصادي وفق قاعدة المنفعة المتبادلة، وتشجيع العلاقات الشعبية على مختلف الصعد، أوجدت أرضا صلبة لنجاح الزيارة.
أدت السياسة العقلانية بين الجانبين أيضا، إلى تحسن ملحوظ في المشاعر الوطنية، مما ساعد على التنمية المستقرة والمستدامة للروابط اليابانية - الصينية، علما أن بروز مشكلات مرحلية مسألة حتمية، نظرا لكثافة التبادل بين الشعبين، والحجم الهائل للتعاون الاقتصادي. وتضارب المصالح بين الأفراد والشركات يستوجب مسارعة حكومتي البلدين إلى حلها، لدرء آثارها السلبية على الروابط الثنائية. وتعزيز الحوار يساعد حتما على تنمية روابط الصداقة بين الشعبين، ويؤسس لعلاقات صلبة بآفاق مستقبلية.
نخلص إلى القول إن الصين واليابان لاعبان رئيسان في النظام العالمي، وتتحملان مسؤوليات واضحة تجاه السلام والاستقرار والرخاء الاقتصادي، على المستويين الإقليمي والدولي، ولديهما القدرة على لعب دور متزايد في مجال التعاون لحل القضايا الاقتصادية والمالية العالمية، ومقاومة القرصنة والإرهاب، والحفاظ على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. لذا كانت الزيارة مثمرة، وتمخضت عن قرارات مهمة، أبرزها:
1- دفع العلاقات بينهما لتصبح استراتيجية تتوخى مصلحة الشعبين، ووضع برنامج مكثف في 2012 بمناسبة الذكرى الأربعين لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما، ليكون حافلا ببرامج ثقافية وفنية متبادلة.
2- اتفقت الدولتان على أن الاستقرار والسلام في شبه الجزيرة الكورية يعبر عن مصلحة مشتركة للبلدين، وذلك يتطلب العمل على استئناف المحادثات السداسية المتوقفة حول الملف النووي لكوريا الديمقراطية، وبذل الجهود لضمان استقرار طويل الأمد في شبه الجزيرة الكورية.
وقد وافقت الدولتان على التعاون والعمل معا لإرساء الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، بعد المخاوف التي نجمت عن وفاة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ إيل من ارتباك الأمن الإقليمي، فالسلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية يقدم فائدة كبيرة لدول المنطقة.
3- وافق الجانبان على وضع آلية جديدة لمناقشة الأمن البحري بين الصين واليابان، بعدما شهدت العلاقات الثنائية توترا العام الماضي حول قضايا خلافية في بحر الصين الشرقي.
5- اتفقت الدولتان على ضرورة تكثيف التعاون في القطاع المالي، على أن تبادر اليابان إلى شراء سندات خزينة من الحكومة الصينية، مما يشجع الحكومتين وشركات البلدين على إبرام صفقات ثنائية باستخدام عملاتهما المحلية بدلا من الدولار الأميركي.
من جانبها، حضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في جنوب شرق آسيا، حكومة الصين على استخدام نفوذها لوقف اعتداءات كوريا الشمالية على جيرانها، خاصة اليابان التي تقع ضمن مرمى صواريخها طويلة المدى، وأن تحث الصين حكومة كوريا الشمالية على الكشف عن مصير اليابانيين الذين اتهمت الاستخبارات الكورية الشمالية بخطفهم منذ عقود عدة.
وأبدت الصين استعدادا تاما لبناء جسور الصداقة والشراكة والتنمية المشتركة مع جيرانها الآسيويين، وفي طليعتهم اليابان، وهي ملتزمة بتوليد بيئة آسيوية آمنة ومزدهرة. وأعطت الزيارة دفعا قويا للعلاقات الصينية اليابانية، على طريق تطوير وتعزيز رابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة باسم "مجموعة آسيان".
شكلت قمة بكين أواخر العام 2011، نقلة نوعية لتعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين في العام 2012، الذي سيشهد نشاطات عدة بمناسبة مرور أربعين عاما على تطبيع العلاقات بين الصين واليابان. وتعهد الجانبان بتخفيف حدة التوتر بينهما، وبذل جهود إضافية لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة جنوب وشرق آسيا وعلى المستوى العالمي. وأبرزت الزيارة استعداد الصين لحل المشكلات مع جيرانها بالطرق الدبلوماسية، والعمل معا على إيجاد حلول عقلانية للأزمة الاقتصادية العالمية وما رافقها من اضطرابات سياسية، وانتفاضات شعبية، وأزمات اجتماعية.
ختاما، يمتلك قادة الصين واليابان الرغبة الصادقة، والحكمة العريقة، والقدرة على تسوية نزاعاتهم بالطرق السلمية دون تدخل خارجي. فمن طريق الحوار السياسي المدعوم بالتعاون الاقتصادي والمالي الكثيف، تتعزز فرص نجاح الحلول العقلانية للمشكلات العالقة، مما يساعد على بناء وحدة صلبة بين الدول الآسيوية، وإطلاق عولمة أكثر إنسانية، تعزز دور الأمم المتحدة، وترفض حل المشكلات بين الدول بالقوة العسكرية.