منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#48524
التحديات المستقبلية

في الجزء الأخير من المقال، يحلل كاجان التحديات الحقيقية التي على الولايات المتحدة أن تواجهها مستقبلاً. اليوم، تبدو التحديات عظيمة، والصعود الصيني هو أكثرها وضوحًا. ولا يقارن هذا التحدي بجسامة التحدي السوفيتي السابق؛ فالاتحاد السوفيتي كان يمثل بموقعه وحجمه خطرًا على المصالح الأمريكية في شرق آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، ووجدت استراتيجية الاحتواء التي اعتمدتها واشنطن في التعامل معه صعوبات جمة.

وبالنسبة للخطر الصيني، فالوضع معكوس. فرغم أن الصين أغنى، وستكون أغنى وأكثر تأثيرًا اقتصاديًّا مما كان عليه الاتحاد السوفيتي، فإن وضعها الاستراتيجي أكثر صعوبة. فقد تركت الحرب العالمية الصين في وضع ضعيف نسبيا بالمقارنة، وهي تعمل بصعوبة على الخروج منه حتى الآن، وكثير من جيرانها أمم قوية، وذات علائق قوية وروابط أقوى بالولايات المتحدة.

وستواجه الصين وقتًا عصيبًا، في حال أرادت أن تكون قوة إقليمية مهيمنة، ما دامت تايوان مستقلة ومرتبطة استراتيجيًا بالولايات المتحدة، وما دامت قوى، مثل اليابان واستراليا وكوريا، مضيفة للقوات والقواعد الأمريكية. كما ستحتاج بكين إلى حلفاء لتكون لديها الفرصة فى أن تطرد الولايات المتحدة خارج معاقلها في غرب المحيط الهادي. ولكن إلى الآن، لا يزال للولايات المتحدة حلفاؤها، فضلا عن هيمنتها على الممرات المائية التي لابد أن تمر بها تجارة الصين. وإجمالاً، فإن مهمة الصين، كقوة عظمى صاعدة، يجب أن تدفع الولايات المتحدة من موقعها الحالي، هي أصعب من مهمة أمريكا التي ليس عليها إلا أن تحافظ على مقومات قوتها.

ثم يتساءل كاجان عما إذا كانت أمريكا قادرة على الحفاظ على وضعها الدولي أم لا. ويقول إن المتشائمين بمستقبل القوة الأمريكية يتشككون في هذا، وفي قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار في لعب دورها في العالم كقوة مهيمنة، كما كان الأمر في الماضي. ويرى بعضهم أنه إذا كان حديث بول كيندي في عام 1987 عن الترهل الاستراتيجي غير صحيح آنذاك، فهو يصف المأزق الأمريكي حاليًّا بدقة، وبالتالي يدعون إلى أن تتخلى أمريكا عن مسئولياتها الدولية.

غير أن كاجان يقول إن التزامات أمريكا الخارجية حاليًّا ليست أكبر مما كانت عليه منذ خمسين عامًا. وفي عام 1968، كان لدى أمريكا نحو مليون جندي على أراض أجنبية، 537000 في فيتنام والبقية في مناطق أخرى. على النقيض من هذا، في صيف 2011، وفي ذروة الانتشار الأمريكي في حربين، كان هناك 200000 جندي مقاتل في أفغانستان والعراق معًا، ونحو 160000 جندي في أوروبا وشرق آسيا.

وإجمالاً، وبتضمين القوات الموجودة في مناطق أخرى من العالم، فهناك نحو نصف مليون جندي منتشرين بالخارج. كما أن هذا الانتشار لا يمثل سببًا للعجز الأمريكي، ولن تؤدي التخفيضات الكبرى في ميزانية الدفاع إلى توفير أكثر من 50 إلى 100 مليون دولار من المدخرات السنوية.