عالم يتغير: مشكلة ايران في مكان آخر..
مرسل: الجمعة إبريل 20, 2012 4:21 pm
لا شك ان النظام في ايران ناور بشكل جيّد وحاول كسب بعض الوقت في سبيل تفادي مزيد من العقوبات الدولية بسبب برنامجه النووي الذي يجهل العالم الأهداف الحقيقية من وراء الأصرار عليه وعلى رفض الرقابة الدولية في الوقت نفسه. يبدو ان ايران، في ضوء الأتفاق الذي وقعته مع تركيا والبرازيل، باتت تمتلك خط دفاع عن مواقفها. لكن هذا الخط لا يبدو كافيا لتفادي العقوبات الجديدة بدليل ان الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في المجلس تسير في هذا الأتجاه. حتى الأمس القريب، كانت الصين مترددة في الذهاب بعيدا في فرض عقوبات جديدة. لكن موقف بيجين الداعم لطهران، بدأ مع الوقت يميل شيئا فشيئا نحو مزيد من التفهم للموقفين الأميركي والأوروبي... اما روسيا، فقد اظهرت اخيرا بعض الحماسة في اتجاه مسايرة الأوروبيين والأميركيين مع ميل الى دعم عقوبات جديدة وان ضمن حدود معينة. عمليا، اوجدت ايران مبررا كي يطرأ تغيير على الموقفين الروسي والصيني.
هل مشكلة ايران الحالية مع العالم ومع محيطها مرتبطة بالملف النووي وحده؟ يبدو ان طهران ترفض الأعتراف بان الملف النووي يمثل جانبا من المشكلة فقط. يكفي ان المفاعل النووي الذي تبنيه ايران يقع في منطقة بوشهر القريبة من الضفة الأخرى من الخليج العربي، كي يشعر كل مواطن خليجي بالقلق، خصوصا في الكويت. هناك مخاطر كبيرة لدى اهل الخليج من اي تسرب في مفاعل بوشهر او اي عطل يؤدي الى تلويث البيئة في المنطقة. الكويت اقرب الى بوشهر من اي مدينة ايرانية اخرى. ليست الكويت وحدها مهددة. هناك اجماع على ان المفاعل الأيراني يشكل خطرا على المنطقة كلها في غياب الرقابة الدولية وفي غياب الشفافية التي تسمح بالتأكد من ان المفاعل مبني استنادا الى مواصفات معينة تأخذ في الأعتبار معايير السلامة المعتمدة دوليا.
ثمة جانب آخر من المشكلة تطرحه طريقة التعاطي الأيرانية مع الملف النووي. ليس ما يشير الى ان هناك رغبة واضحة في تفادي انتاج قنبلة نووية تستخدم رافعة لدعم السياسة الأيرانية في المنطقة. اقل ما يمكن قوله في هذا المجال ان السياسة الأيرانية المستندة الى الغموض تثير قلقا كبيرا من المحيط الى الخليج نظرا الى اعتمادها على اثارة الغرائز المذهبية واستغلالها في مجال تحقيق اهداف سياسية. لن تؤدي القنبلة النووية الأيرانية الى سباق تسلح في المنطقة فحسب، بل ستثير في الوقت ذاته مخاوف لدى دول عدة تعرف تماما ان القنبلة الأيرانية لن تستخدم ضد اسرائيل وانما لتخويف العرب واثبات عجزهم. انها تتمة لعملية خطف القضية الفلسطينية والمزايدة على العرب والفلسطينيين انفسهم عن طريق رفع شعارات من نوع ازالة اسرائيل من الوجود. لا يمكن لأيران ان تستخدم القنبلة ضد اسرائيل التي تمتلك ما بين مئتين وثلاثمئة رأس نووي. ايران لا تقاتل الاّ بأجساد الآخرين، بأجساد اللبنانيين والفلسطينيين، على سبيل المثال وليس الحصر. اكثر من ذلك، يظلّ اخطر ما في القنبلة الأيرانية انها ستثير سباق تسلح في المنطقة لا يمكن ان يستفيد منه اي طرف. هل يمكن ان تكون ايران دولة نووية وان تقف كل من تركيا ومصر والسعودية مكتوفة؟
فشل الأتفاق الأيراني- التركي- البرازيلي، اقله الى الآن، في تأجيل المواجهة بين ايران من جهة والولايات المتحدة واوروبا من جهة اخرى وفي تأجيل حزمة جديدة من العقوبات يتبين كل يوم ان ايران غير قادرة على تحملها. ستبقى مشكلة ايران مع المنطقة والمجتمع الدولي تراوح مكانها في غياب الرغبة في التصرف كدولة عادية وليس كقوة اقليمية مهيمنة. لا يمكن للعرب ان يقبلوا بهيمنة ايرانية عليهم. لا يمكن للبناني، بغض النظر عن مذهبه، الاّ ان يكتشف، عاجلا ام آجلا، ان اللعبة التي تمارسها ايران في بلاد الأرز تصب في مصلحة اسرائيل عبر جعلها تظهر في مظهر الدولة المهدَدة، في حين ان اسرائيل دولة تمارس، عبر اصرارها على احتلال الأرض، الأرهاب. ولا يمكن للفلسطيني الاّ ان يدرك، في وقت ما، ان كل ما تشجع عليه ايران، اكان ذلك عبر دعم فوضى السلاح او حركة "حماس" او منظمات اخرى مفلسة سياسيا، انما هو نشر البؤس واستمرار الأنقسامات على الصعيد الفلسطيني. ان كل دولة من دول المنطقة تشعر بأنها مهددة من ايران التي تريد ان تكون شريكا للولايات المتحدة في العراق واستغلال نفط العراق وان تؤكد لكل الدول المسالمة في الخليج، وصولا الى اليمن، انها تمتلك مفتاح الأستقرار داخل هذه الدول...
سيأتي يوم تظهر فيه حدود الدهاء الأيراني. لم يسقط صدّام حسين لأنه تجرأ على تلك المغامرة المجنونة في الكويت صيف العام 1990 فحسب، بل سقط ايضا وخصوصا لأنه لم يفهم ان لا مجال للعب ادوار اقليمية تفوق حجم العراق...
لا مجال، طبعا، للمقارنة بين غباء صدّام والقدرة الأيرانية على المناورة. هذا صحيح. لكن الصحيح ايضا ان ايران لم تعد تعرف اين يجب ان تتوقف. توحي تصرفاتها الأخيرة، بما في ذلك طريقة ردها على الشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية دولة الأمارات العربية المتحدة بأنها لم تعرف ان هناك حدّا لا بدّ من التوقف عندها وان احتلالها للجزر الأمارتية الثلاث لا يمكن تسميته بشيء آخر غير كلمة احتلال. لا وجود لأحتلال ظريف وآخر كريه.الأحتلال هو الأحتلال.
بكلام اوضح، لن يحل الأتفاق الأخير مع تركيا والبرازيل مشكلة ايران. مشكلة ايران في مكان آخر، بما في ذلك استخفافها بموقف المجتمع الدولي من برنامجها النووي. في النهاية، هل مسموح لدولة من دول المنطقة يعيش القسم الأكبر من شعبها تحت خط الفقر ان تمد يدها الى خارج حدودها الى ما لانهاية...
هل مشكلة ايران الحالية مع العالم ومع محيطها مرتبطة بالملف النووي وحده؟ يبدو ان طهران ترفض الأعتراف بان الملف النووي يمثل جانبا من المشكلة فقط. يكفي ان المفاعل النووي الذي تبنيه ايران يقع في منطقة بوشهر القريبة من الضفة الأخرى من الخليج العربي، كي يشعر كل مواطن خليجي بالقلق، خصوصا في الكويت. هناك مخاطر كبيرة لدى اهل الخليج من اي تسرب في مفاعل بوشهر او اي عطل يؤدي الى تلويث البيئة في المنطقة. الكويت اقرب الى بوشهر من اي مدينة ايرانية اخرى. ليست الكويت وحدها مهددة. هناك اجماع على ان المفاعل الأيراني يشكل خطرا على المنطقة كلها في غياب الرقابة الدولية وفي غياب الشفافية التي تسمح بالتأكد من ان المفاعل مبني استنادا الى مواصفات معينة تأخذ في الأعتبار معايير السلامة المعتمدة دوليا.
ثمة جانب آخر من المشكلة تطرحه طريقة التعاطي الأيرانية مع الملف النووي. ليس ما يشير الى ان هناك رغبة واضحة في تفادي انتاج قنبلة نووية تستخدم رافعة لدعم السياسة الأيرانية في المنطقة. اقل ما يمكن قوله في هذا المجال ان السياسة الأيرانية المستندة الى الغموض تثير قلقا كبيرا من المحيط الى الخليج نظرا الى اعتمادها على اثارة الغرائز المذهبية واستغلالها في مجال تحقيق اهداف سياسية. لن تؤدي القنبلة النووية الأيرانية الى سباق تسلح في المنطقة فحسب، بل ستثير في الوقت ذاته مخاوف لدى دول عدة تعرف تماما ان القنبلة الأيرانية لن تستخدم ضد اسرائيل وانما لتخويف العرب واثبات عجزهم. انها تتمة لعملية خطف القضية الفلسطينية والمزايدة على العرب والفلسطينيين انفسهم عن طريق رفع شعارات من نوع ازالة اسرائيل من الوجود. لا يمكن لأيران ان تستخدم القنبلة ضد اسرائيل التي تمتلك ما بين مئتين وثلاثمئة رأس نووي. ايران لا تقاتل الاّ بأجساد الآخرين، بأجساد اللبنانيين والفلسطينيين، على سبيل المثال وليس الحصر. اكثر من ذلك، يظلّ اخطر ما في القنبلة الأيرانية انها ستثير سباق تسلح في المنطقة لا يمكن ان يستفيد منه اي طرف. هل يمكن ان تكون ايران دولة نووية وان تقف كل من تركيا ومصر والسعودية مكتوفة؟
فشل الأتفاق الأيراني- التركي- البرازيلي، اقله الى الآن، في تأجيل المواجهة بين ايران من جهة والولايات المتحدة واوروبا من جهة اخرى وفي تأجيل حزمة جديدة من العقوبات يتبين كل يوم ان ايران غير قادرة على تحملها. ستبقى مشكلة ايران مع المنطقة والمجتمع الدولي تراوح مكانها في غياب الرغبة في التصرف كدولة عادية وليس كقوة اقليمية مهيمنة. لا يمكن للعرب ان يقبلوا بهيمنة ايرانية عليهم. لا يمكن للبناني، بغض النظر عن مذهبه، الاّ ان يكتشف، عاجلا ام آجلا، ان اللعبة التي تمارسها ايران في بلاد الأرز تصب في مصلحة اسرائيل عبر جعلها تظهر في مظهر الدولة المهدَدة، في حين ان اسرائيل دولة تمارس، عبر اصرارها على احتلال الأرض، الأرهاب. ولا يمكن للفلسطيني الاّ ان يدرك، في وقت ما، ان كل ما تشجع عليه ايران، اكان ذلك عبر دعم فوضى السلاح او حركة "حماس" او منظمات اخرى مفلسة سياسيا، انما هو نشر البؤس واستمرار الأنقسامات على الصعيد الفلسطيني. ان كل دولة من دول المنطقة تشعر بأنها مهددة من ايران التي تريد ان تكون شريكا للولايات المتحدة في العراق واستغلال نفط العراق وان تؤكد لكل الدول المسالمة في الخليج، وصولا الى اليمن، انها تمتلك مفتاح الأستقرار داخل هذه الدول...
سيأتي يوم تظهر فيه حدود الدهاء الأيراني. لم يسقط صدّام حسين لأنه تجرأ على تلك المغامرة المجنونة في الكويت صيف العام 1990 فحسب، بل سقط ايضا وخصوصا لأنه لم يفهم ان لا مجال للعب ادوار اقليمية تفوق حجم العراق...
لا مجال، طبعا، للمقارنة بين غباء صدّام والقدرة الأيرانية على المناورة. هذا صحيح. لكن الصحيح ايضا ان ايران لم تعد تعرف اين يجب ان تتوقف. توحي تصرفاتها الأخيرة، بما في ذلك طريقة ردها على الشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية دولة الأمارات العربية المتحدة بأنها لم تعرف ان هناك حدّا لا بدّ من التوقف عندها وان احتلالها للجزر الأمارتية الثلاث لا يمكن تسميته بشيء آخر غير كلمة احتلال. لا وجود لأحتلال ظريف وآخر كريه.الأحتلال هو الأحتلال.
بكلام اوضح، لن يحل الأتفاق الأخير مع تركيا والبرازيل مشكلة ايران. مشكلة ايران في مكان آخر، بما في ذلك استخفافها بموقف المجتمع الدولي من برنامجها النووي. في النهاية، هل مسموح لدولة من دول المنطقة يعيش القسم الأكبر من شعبها تحت خط الفقر ان تمد يدها الى خارج حدودها الى ما لانهاية...