منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#48709
ما أرخص الحديث عن الأشياء الغالية !..
ربما يمكننا الحديث عن السعادة ، ولكنها تظل ذلك الشيء
الذي لو بلغناه كله ، لقلنا .. آه هناك شيء ما ينقصنا ..
ربما نحن نملك أن نغلق أرواحنا ، أو عقولنا ، أو حتى قلوبنا
ربما نملك أن نرسل أرواحنا طرودا بريدية إلى جهة غير معلومة !
ربما يكمن جمال بعض الأشياء في أن تترك تفاصيلها ، لو نظرنا
للوحة جميلة مثلاً ثم أشغلنا أنفسنا بمكونات الورق والمعادلات
الكيميائية التي أنتجت الألوان وأسماء عمال المصنع والشحن ،
فلن يكون للوحة معنى ..

إذاً ..
ماهي السعادة ؟
ما شكلها ما طعمها ماريحها ؟
عندما تقلبها بين يديك هل هي طائعة ، أو ذات زوايا أم بيضاوية
الشكل ؟!.
هل هي مالحة أم حلوة أم مرة ؟

السعادة هي " شيء " هكذا يبدو ليّ , شيء غير محدد الملامح ,
شيء نطلبه ولا يمكننا أن نقدم له أي مواصفات !..

كيف يمكن لنا أن نحدد السعادة في سلوك ما أو اكتساب
شيء ما أو حتى في الحصول على شكل ما من أشكال الحياة ؟..

أذكر جيداً أن أرنست همنغواي قال في روايته " عبر النهر ونحو الأشجار "
" السعادة عيد غير ثابت التاريخ " ..

لقد عرفتُ أُناساً كُثر تحدثوا عن السعادة ,
يجيدون الحديث عنها جيداً ولكنهم لم يعيشوها قط !..

سألت أحدهم ذات مرة :
أجربت يوماً أن تتحدث عن شيء لا يمكنك الحديث عنه مالم
تعشه ؟
لم يجبن قط , ربما لم يفهمني أو أنه لم يرد أن يفهمني !..

يقول الرافعي " السعادة هي طفولة القلب "
ولكنني أحاول أن أفهمها على طريقتي ولا زلت !..

هل السعادة هي الخلو من الآلام ؟
يحدثونك عن السعادة ، وعن قلب يبتسم لأن قلباً آخر قد
ابتسم في الجوار ..
إذاً هل هذه هي السعادة ؟..

الألم يا أحبتي كائن أستهلكه السعداء !..
لم يعد مالحاً بما يكفي للحياة ..
صدقوني الحياة لا تعطينا كل شيء , نملك المال فنفقد الصحة ,
نملك الصحة فنكون فقراء , نتعلم ونمضي حياتنا في أروقة الجامعات
فتفوتنا فرصة الإستقرار وتكوين أسرة , نسعد في أسرتنا فيموت
أحدهم ..
الحياة لا تعطينا كل شيء , نحن مصرح لنا بأجزاء من الحياة
وعلينا أن نتعامل مع الحياة على هذا الأساس ..

إذاً سأطرح نفس السؤال :
هل السعادة تعني الخلو من الآلآم ؟! ..

سأثبت منطق أن السعادة ليست عكس الحزن وليست نقيض
أي شيء آخر !..
هي كائن متفرد يمكن أن يكون سببه أي شيء , أحدهم قد
يكون " سعيداً " بحزنه وآخر قد يكون سعيداً لأنه أسعد آخرين
ولو على حساب نفسه ، وآخر سعيد لأنه جعل من حياة الآخرين
جحيماً لا يُطاق !..

إذاً السعادة هل هي في الموت ؟!..
لا ندري , لم يعد أحد من الموتى ليخبرنا الحقيقة !..

صدقوني يا أحبتي إن الحديث عن السعادة كمناسبة الحديث
عن " النسبيات " , أعتقد بل وأحياناً أصاب بنوبة تأكيد أن السعادة
ذات بعد واحد , ولا تمت للنسبية بأي صلة !..

فالبرغم من إختلاف الأسباب التي تجلب السعادة إلينا وقد لا
تجلبها للبعض إلا أن الأمر في أصله سبب واحد وتختلف المنشطات
له , ولو صدقنا في الأصل لأصبحت السعادة ملازمة لنا دون الحاجة
إلى أسباب متفاوتة طالما هي تتعلق بملكات لا نتحكم بها , فهي إذاً
بعيدة عن متناول أيدينا نحن ..
لذا بكل بساطة أبحثو عنها عند من خلقكم وخلقها :
" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " صدق الله العظيم .

السعادة قد تكون أحيانا في أن نتخلص من أنانيتنا , حين نؤذي
أنفسنا فإننا نتصرف بأنانية ، لأن هناك من يحتاجنا أكثر من
حاجتنا لأنفسنا ..
وقد تكون السعادة في أن نكون أنانيين إلى أبعد مدى !..
أن تحب أحداً ما لأنه نفسك !..

أحياناً يكون الموت هو الحب !..
ألم تسمعوا أن أحدهم قد يقول لآخر :
" أموت فيك " يريد أن يقول أنه يحبه ، وربما أفهمها أنه يريده
قبراً له !..
لو قال لي أحدهم أموت فيك سأخبره بأنني " أعيش بك " !..

السعادة شيء لا يمكن تعريفه كما ذكرت !..
من هنا يجب أن نخلق توازن في دواخلنا حول الحياة ومفهومها ,
ولندرك ما الذي يعنيه أن نملك ما لا يملكه الآخرون , وأن لا أحد
يمكنه أن يسعدنا إذ نحن لم نسعد أنفسنا لأن السعادة ليست
في شيء محدد أبداً ..
من السهل أن نمضي جُل العمر نبحث عن السعادة ونفكر فيها
ونتحدث عنها , ومن السهل أن نظل نتحدث عن السعادة , ولكن
ما أؤمن به أن السعادة تكمن في العيش برغبة و بعزيمة ، العيش
في الحياة بصبر والأهم هو القدرة على التغيير أن نغير من دواخلنا ،
أن نقود ذواتنا لنعيش بطريقة أفضل وأجمل ..

إذاً لا بد أن نبحث عن معنى لحياتنا , وإن لم نجد فلا بد أن نجعل لها
معنى ..

عرف شعب الانكليز السعادة بأنها :
Happiness is good health and bad memory
أرأيتم السعادة شيء لا يمكننا التنبؤ بوصفها ، وصدقوني نحن لا نعلم
متى هو موعدنا مع السعادة ؟

يقولون بأن السعادة في ما نخلقه نحن لا ما هو واقع في
الحقيقة !..
ولكنها سعادة مؤقتة وستزول ..
" لكي نرى بدقة علينا أن نفتح النوافذ " ..
هكذا كما أخبرني به أستاذي وهوا يشرح لي ما يسميه " زاوية الرؤيا "
ونسبية الأمور , وأنا أحاول أن لا أركز معه خوفاً على "رجتي" المعقوله !..

ربما من ترف التفكير أن يتحدث أحدنا في هذه الأيام عن السعادة !..
لم أعرف أحداً تحدث عن السعادة كما تليق , كل الذين تحدثوا عنها
تحدثوا وهم يعيشون على ضفافها ..

السعادة لغـز , ولكن هل بالفعل ثمة ألغاز لايمكن أن يحزرها أحد ؟!..
أحياناً أشعر بالسعادة بأنها ترف ذهني ليس إلا !..

سألت أحدهم وهو مبتسم " حتى الثمالة " :

كيف لنا أن نقيس السعادة ؟
وما هي وحدة قياسها ؟
أجابني بإبتسامة :
تلك المنطقة الحرة ربما التي تبيح للروح التمدد كيف شاءت !..
فأيقنت حينها أنها صمت وحيرة وعلامة إستفهام !!..

رأيت أصعب الإنعكاسات قياساً هي التي تكون بينكِ و بين نفسكِ ..
تحتار في تحديدها كل الأمكنة !..

أقف الآن في الطرف الآخر من "السطر" بعد أن أدرك
أن كل ما سبق " نقطة " !..




" ومن له وجهة نظر أخرى عكس ما ذكرت فليتفضل مشكورا "