- الأحد إبريل 22, 2012 5:33 pm
#48762
فرضت حركية الشارع العربي نمطا جديدا في التعامل الغربي مع العالم العربي واضطرت الكثير من الحكومات الغربية إلى التعامل مع نتائج الحراك العربي وثورات الشارع على النظمة الكلاسيكية في الدقائق الأخيرة من عمر حلفائها حفظا لماء الوجه، وباستثناء الحالة الليبية فإن باقي الحالات في تونس ومصر واليمن وسوريا لم تلق الاهتمام الذي لقيه الحراك الشعبي في جماهيرية نظام القذافي السابق·
أجمعت جل الدراسات والتحليلات التي نشرت لحد الآن على أن المصالح ظلت المحرك الأساسي لموقف القوى الدولية من الثورات الشعبية، وهذا ما تأكد جليا في القضية الليبية التي أحاطها مجلس الأمن الدولي برعاية خاصة بعد مرور نحو شهر من اندلاع انتفاضة 17 فبراير من مدينة بنغازي، وفسر الكثير من المراقبين أن الوقت الفاصل بين اندلاع الانتفاضة في فبراير وصدور القرار 1973 عن مجلس الأمن في شهر مارس والذي وافقت عليه 10 دول على رأسها أمريكا وفرنسا، فيما امتنعت خمس دول عن التصويت هى روسيا والصين وألمانيا والهند والبرازيل، هذه المدة كانت مهلة لنظام القذافي من أجل تنظيف البيت·
وعندما تأكد للقوى الكبرى أن فرص القذافي في إمكانية إخماد الثورة الشعبية ضد نظام حكمه تتضاءل من يوم لآخر، سارعت إلى إصدار القرار الأممي القاضي بفرض الحظر الجوي، وكان في الحقيقة ذراعا عسكرية جوية للثوار الذين تمكنوا من صد هجمات الكتائب بفعل الضربات الجوية القاسية التي ألحقت خسائر فادحة بالجيش النظامي الموالي للقذافي· ولم تكن قيادة فرنسا للتحالف الدولي ضد القذافي سوى صفقة سياسية سمحت الولايات المتحدة الأمريكية بموجبها لحليفها في أفغانستان بتولي القيادة، وسط تراجع واضح للدور البريطاني في المنطقة وانقلاب على الوصاية الإيطالية ”التاريخية” على نفوذها في ليبيا ، وحصر الدور الألماني في المشاركة الرمزية فقط، ولأن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما لا تحتمل المزيد من الأعباء في العراق وأفغانستان ومصر وبين الكوريتين فإنها فوّضت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للعب الدور الأكبر في المسأل الليبية بشراكة بريطانية، لكن هذه الشراكة أظهرت الإنجليز في المرتبة الثانية من حيث التأثير في الأحداث، دون أن ننسى بروز تركيز بريطانيا في الشراكة الأمنية والاقتصادية مع الجزائر، وهو توجه بريطاني جديد يمكن أن يقضم من قطعة الجبن الفرنسي الذي تستحوذ عليه باريس من منطقة نفوذها في المغرب العربي·
عربيا لم يكن دور دول الخليج العربي، ونخص بالذكر قطر والأمارات العربية بدرجة اقل، إلا غطاء لواجهة التحالف الحقيقي الذي قاده الناتو، و هذا ما يثير حساسية بالغة عند الحديث عن الدور العربي، لأن قطر لم تنقذ ليبيا بقدر ما أنقذت الناتو عندما وفرت له واجهة عربية يحتمي بها من الهجمات السياسية التي يتعرض لها·
في المقابل فإن الموقفين الروسي والصيني لم يغيّرا من النتائج شيئا بحكم أن نظام القذافي تهاوى فعلا، فقط يمكن القول إن موقفهما أخر بعض الشيء سقوط طرابلس لكنه لم يمنع انتصار الناتو والثوار، ليس لأن روسيا والصين فشلتا في جهود الدعم لحليفهما، بل لأنهما لم يقوما بما هو كافٍ لدعمه، وهذا ما استخلصته روسيا عندما استخدمت حق الفيتو ضد قرار الإدانة الأممي لنظام الأسد الذي كان سيصدر من مجلس الأمن الدولي الشهر الأخير·
هذا عن الحالة الليبية، فماذا عن باقي الحالات الأخرى في مسار الربيع العربي؟
طبعا ظلت الحالة التونسية الأقل دعما من طرف أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وفي باريس لم يخرج ساركوزي عن تحفظه إلا عندما أوغل بن علي في القمع وتأكد للعالم أن الثورة التونسية لن تتوقف عند خطابات بن علي، وإلى الأيام الأخيرة من عمر نظام زين العابدين بن علي الذي فر إلى السعودية كانت فرنسا الساركوزية ماضية في دعمها للطاغية لدرجة أن شحنة القنابل المسيلة للدموع وصلت من فرنسا إلى تونس بعد هروب بن علي··· وعلق البعض على أن فرنسا ”هرمت” في دعمها لنظام الهارب، أما واشنطن وبريطانيا وبقية المجموعة الدولية فلم يرق موقفها إلى الحالة الليبية ودعت إلى تسيلم سلسل للسلطة في الساعات الأخيرة من عمر نظام بن علي البوليسي، فيما ظل الموقف الروسي والصيني محترما للرغبة الغربية في تعاملها مع الوضع في تونس·وفي مصر أمهل الغرب نظام مبارك وقتا كافيا تراوح ما بين الأسبوع والأسبوعين من أجل إحكام قبضته على ميادين التحرير، لكن تسارع الأحداث في القاهرة لم يترك للحلفاء وقتا كافيا للانتظار، وكان أن دفعوا وضغطوا بأدواتهم الخاصة من أجل إزاحة مبارك بينما لايزال نظامه يصارع الثوار،
ولم يكن هذا حبا في الشارع المصري بقدر ما كان إنقاذا لإسرائيل التي يهدد أمنها غياب الاستقرار في مصر خشية صعود قوى متطرفة، لتبقى المصالح هي التي تحكم تعامل القوى الغربية مع الحراك العربي، حيث كل حالة لها خصوصياتها التي تتكيف معها المواقف السياسية للدول الغربية والقوى الكبرى
أجمعت جل الدراسات والتحليلات التي نشرت لحد الآن على أن المصالح ظلت المحرك الأساسي لموقف القوى الدولية من الثورات الشعبية، وهذا ما تأكد جليا في القضية الليبية التي أحاطها مجلس الأمن الدولي برعاية خاصة بعد مرور نحو شهر من اندلاع انتفاضة 17 فبراير من مدينة بنغازي، وفسر الكثير من المراقبين أن الوقت الفاصل بين اندلاع الانتفاضة في فبراير وصدور القرار 1973 عن مجلس الأمن في شهر مارس والذي وافقت عليه 10 دول على رأسها أمريكا وفرنسا، فيما امتنعت خمس دول عن التصويت هى روسيا والصين وألمانيا والهند والبرازيل، هذه المدة كانت مهلة لنظام القذافي من أجل تنظيف البيت·
وعندما تأكد للقوى الكبرى أن فرص القذافي في إمكانية إخماد الثورة الشعبية ضد نظام حكمه تتضاءل من يوم لآخر، سارعت إلى إصدار القرار الأممي القاضي بفرض الحظر الجوي، وكان في الحقيقة ذراعا عسكرية جوية للثوار الذين تمكنوا من صد هجمات الكتائب بفعل الضربات الجوية القاسية التي ألحقت خسائر فادحة بالجيش النظامي الموالي للقذافي· ولم تكن قيادة فرنسا للتحالف الدولي ضد القذافي سوى صفقة سياسية سمحت الولايات المتحدة الأمريكية بموجبها لحليفها في أفغانستان بتولي القيادة، وسط تراجع واضح للدور البريطاني في المنطقة وانقلاب على الوصاية الإيطالية ”التاريخية” على نفوذها في ليبيا ، وحصر الدور الألماني في المشاركة الرمزية فقط، ولأن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما لا تحتمل المزيد من الأعباء في العراق وأفغانستان ومصر وبين الكوريتين فإنها فوّضت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للعب الدور الأكبر في المسأل الليبية بشراكة بريطانية، لكن هذه الشراكة أظهرت الإنجليز في المرتبة الثانية من حيث التأثير في الأحداث، دون أن ننسى بروز تركيز بريطانيا في الشراكة الأمنية والاقتصادية مع الجزائر، وهو توجه بريطاني جديد يمكن أن يقضم من قطعة الجبن الفرنسي الذي تستحوذ عليه باريس من منطقة نفوذها في المغرب العربي·
عربيا لم يكن دور دول الخليج العربي، ونخص بالذكر قطر والأمارات العربية بدرجة اقل، إلا غطاء لواجهة التحالف الحقيقي الذي قاده الناتو، و هذا ما يثير حساسية بالغة عند الحديث عن الدور العربي، لأن قطر لم تنقذ ليبيا بقدر ما أنقذت الناتو عندما وفرت له واجهة عربية يحتمي بها من الهجمات السياسية التي يتعرض لها·
في المقابل فإن الموقفين الروسي والصيني لم يغيّرا من النتائج شيئا بحكم أن نظام القذافي تهاوى فعلا، فقط يمكن القول إن موقفهما أخر بعض الشيء سقوط طرابلس لكنه لم يمنع انتصار الناتو والثوار، ليس لأن روسيا والصين فشلتا في جهود الدعم لحليفهما، بل لأنهما لم يقوما بما هو كافٍ لدعمه، وهذا ما استخلصته روسيا عندما استخدمت حق الفيتو ضد قرار الإدانة الأممي لنظام الأسد الذي كان سيصدر من مجلس الأمن الدولي الشهر الأخير·
هذا عن الحالة الليبية، فماذا عن باقي الحالات الأخرى في مسار الربيع العربي؟
طبعا ظلت الحالة التونسية الأقل دعما من طرف أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وفي باريس لم يخرج ساركوزي عن تحفظه إلا عندما أوغل بن علي في القمع وتأكد للعالم أن الثورة التونسية لن تتوقف عند خطابات بن علي، وإلى الأيام الأخيرة من عمر نظام زين العابدين بن علي الذي فر إلى السعودية كانت فرنسا الساركوزية ماضية في دعمها للطاغية لدرجة أن شحنة القنابل المسيلة للدموع وصلت من فرنسا إلى تونس بعد هروب بن علي··· وعلق البعض على أن فرنسا ”هرمت” في دعمها لنظام الهارب، أما واشنطن وبريطانيا وبقية المجموعة الدولية فلم يرق موقفها إلى الحالة الليبية ودعت إلى تسيلم سلسل للسلطة في الساعات الأخيرة من عمر نظام بن علي البوليسي، فيما ظل الموقف الروسي والصيني محترما للرغبة الغربية في تعاملها مع الوضع في تونس·وفي مصر أمهل الغرب نظام مبارك وقتا كافيا تراوح ما بين الأسبوع والأسبوعين من أجل إحكام قبضته على ميادين التحرير، لكن تسارع الأحداث في القاهرة لم يترك للحلفاء وقتا كافيا للانتظار، وكان أن دفعوا وضغطوا بأدواتهم الخاصة من أجل إزاحة مبارك بينما لايزال نظامه يصارع الثوار،
ولم يكن هذا حبا في الشارع المصري بقدر ما كان إنقاذا لإسرائيل التي يهدد أمنها غياب الاستقرار في مصر خشية صعود قوى متطرفة، لتبقى المصالح هي التي تحكم تعامل القوى الغربية مع الحراك العربي، حيث كل حالة لها خصوصياتها التي تتكيف معها المواقف السياسية للدول الغربية والقوى الكبرى