- الثلاثاء إبريل 24, 2012 10:42 am
#48869
> بدأنا في الحديث السابق مناقشة ما كشفه موقع ويكيليكس من وثائق سرية تتعلق بممارسات قوات الاحتلال الأمريكي، ورئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته نوري المالكي، والحكومة الإيرانية، من جرائم حرب، وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان. وأشرنا إلى أن محتويات التقرير لم تشكل مفاجأة للعراقيين، ولا للمهتمين بشؤون العراق. إن ما يهم في عملية التسريب أنها تسلط الضوء على التشابك في العلاقات الأمريكية - الإيرانية، وتفصح عن طبيعة الوحدة والتضاد في هذه العلاقات. كما أنها تعيد طرح السؤال عن الهدف الحقيقي من احتلال العراق.
الهدف من تسريب الوثائق، على أهميته، ليس موضوعا لمناقشتنا هذه، إلا بقدر علاقته بالنقاط التي وعدنا بمناقشتها. ويبدو أن لها صلة بأمرين؛ الأول، خلق مناخات في الداخل الأمريكي مناوئة للوجود العسكري في العراق، كمقدمة مطلوبة للانسحاب من العراق، حيث يبدو الانسحاب مطلبا شعبيا، وليس هزيمة لمشروع أمريكا للقرن الـ 21. تدعم هذه الفرضية جملة من الأسباب، لعل أهمها استحالة حدوث خروقات في البنتاجون تتيح تسريب هذا الكم الهائل من الوثائق عن حرب أمريكا في أفغانستان والعراق.
والسبب الآخر له علاقة مباشرة بالتشابك في العلاقات الأمريكية - الإيرانية، وما وصفناه بجدل الوحدة والتضاد. فهذه العلاقات متوترة جدا حين يتعلق الأمر بالملف النووي الإيراني ودعم إيران لحزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين. إلا أن هذه العلاقة، تتسم من جهة أخرى، بالتنسيق والتعاون، حين يتعلق الأمر بالعمليتين السياسيتين في أفغانستان والعراق. وقد تم الكشف مؤخرا عن دعم مالي كبير من إيران للرئيس الأفغاني حامد كرزاي. أما العراق، فليس سرا أن الذين يحكمونه هم قادة الميليشيات الطائفية التابعة لإيران. وقد لعبت هذه الميليشيات في الأيام الأولى للاحتلال، دورا مركزيا في تدمير بنية الدولة العراقية الوطنية، ونهب المتاحف وتدمير المصانع، وتخريب الجامعات، واغتيال العلماء، بضوء أخضر من وزير الدفاع الأمريكي، دونالد رامسفيلد، الذي اعتبر عمليات التخريب تدربا على ممارسة الديمقراطية، وفوضى خلاقة ينبثق من رحمها العراق الجديد.
كان قادة إيران هم أوائل الذين اعترفوا بحكومة كرزاي، وبالحكم الانتقالي الذي رعاه المندوب السامي الأمريكي في العراق، بول برايمرز. وكما كان الرئيس الإيراني، محمد مهدي خاتمي، أول القادة السياسيين الذين زاروا كابل بعد الاحتلال الأمريكي لها، كان الرئيس الحالي، أحمدي نجاد، من أوائل قادة العالم الذين وطأت أقدامهم المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد تحت حراسة الحراب الأمريكية.
نشر هذه التقارير سيجرّد الحكومة الإيرانية من أية مصداقية في ادعائها التصدي لـ "الشيطان الأكبر"، ويجعلها عارية أمام شعبها في الداخل، ولدى كثير من العرب الذين خدعوا بدعايتها، وربما يسهم في خلق حقائق جديدة في العراق بعد الانسحاب الأمريكي، تحرم الإيرانيين من التمتع بوضع خاص بأرض السواد، وتطيح بالرؤوس الموالية لها. وربما تنقل الفعل المقاوم، بعد الانسحاب الأمريكي، إلى التصدي للحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الموالية للولي الفقيه.
هذه الوثائق، تدحض أيضا زيف الدعاوى الأمريكية بأن الهدف من احتلال العراق نشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، بعد أن تكشف من قبل فشل أكذوبة امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، كما فشلت أكذوبة العلاقة بين النظام الذي حكم العراق، حتى لحظة احتلال بغداد في الثامن من نيسان (أبريل) عام 2003، وتنظيم القاعدة. فقد أضحى الذين ادعوا الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، في موضع اتهام صريح بعد أن كشف موقع ويكيليكس وثائق تؤكد ضلوع الاحتلال الأمريكي بارتكاب جرائم حرب.
إن أهمية هذه الوثائق لا تكمن فيما احتوته من معلومات عن جرائم المحتل والمتضامنين معه، وآخرها أحكام الإعدام التي صدرت بحق نائب رئيس مجلس الوزراء السيد طارق عزيز وثلة من زملائه. فما يعرفه العراقيون أكبر بكثير مما ورد في تلك الوثائق. لقد صودر العراق، كيانا وهوية، وتم فرض القسمة الطائفية والإثنية عليه، بما يسهم في تمزيق وحدته. ما يهم في هذه الوثائق كونها صادرة عن جهات معنية مباشرة بما يجري في العراق، وهي تأكيد على تشجيع الإدارة الأمريكية جرائم الحرب، بما يناقض نفي إدارة الرئيس جورج بوش المتكرر التقاريرَ التي تصدرها الجهات العراقية المعارضة للاحتلال عن ممارسة الجيش الأمريكي والميليشيات الطائفية التعذيب، وارتكابها جرائم الحرب.
الهدف من تسريب الوثائق، على أهميته، ليس موضوعا لمناقشتنا هذه، إلا بقدر علاقته بالنقاط التي وعدنا بمناقشتها. ويبدو أن لها صلة بأمرين؛ الأول، خلق مناخات في الداخل الأمريكي مناوئة للوجود العسكري في العراق، كمقدمة مطلوبة للانسحاب من العراق، حيث يبدو الانسحاب مطلبا شعبيا، وليس هزيمة لمشروع أمريكا للقرن الـ 21. تدعم هذه الفرضية جملة من الأسباب، لعل أهمها استحالة حدوث خروقات في البنتاجون تتيح تسريب هذا الكم الهائل من الوثائق عن حرب أمريكا في أفغانستان والعراق.
والسبب الآخر له علاقة مباشرة بالتشابك في العلاقات الأمريكية - الإيرانية، وما وصفناه بجدل الوحدة والتضاد. فهذه العلاقات متوترة جدا حين يتعلق الأمر بالملف النووي الإيراني ودعم إيران لحزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين. إلا أن هذه العلاقة، تتسم من جهة أخرى، بالتنسيق والتعاون، حين يتعلق الأمر بالعمليتين السياسيتين في أفغانستان والعراق. وقد تم الكشف مؤخرا عن دعم مالي كبير من إيران للرئيس الأفغاني حامد كرزاي. أما العراق، فليس سرا أن الذين يحكمونه هم قادة الميليشيات الطائفية التابعة لإيران. وقد لعبت هذه الميليشيات في الأيام الأولى للاحتلال، دورا مركزيا في تدمير بنية الدولة العراقية الوطنية، ونهب المتاحف وتدمير المصانع، وتخريب الجامعات، واغتيال العلماء، بضوء أخضر من وزير الدفاع الأمريكي، دونالد رامسفيلد، الذي اعتبر عمليات التخريب تدربا على ممارسة الديمقراطية، وفوضى خلاقة ينبثق من رحمها العراق الجديد.
كان قادة إيران هم أوائل الذين اعترفوا بحكومة كرزاي، وبالحكم الانتقالي الذي رعاه المندوب السامي الأمريكي في العراق، بول برايمرز. وكما كان الرئيس الإيراني، محمد مهدي خاتمي، أول القادة السياسيين الذين زاروا كابل بعد الاحتلال الأمريكي لها، كان الرئيس الحالي، أحمدي نجاد، من أوائل قادة العالم الذين وطأت أقدامهم المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد تحت حراسة الحراب الأمريكية.
نشر هذه التقارير سيجرّد الحكومة الإيرانية من أية مصداقية في ادعائها التصدي لـ "الشيطان الأكبر"، ويجعلها عارية أمام شعبها في الداخل، ولدى كثير من العرب الذين خدعوا بدعايتها، وربما يسهم في خلق حقائق جديدة في العراق بعد الانسحاب الأمريكي، تحرم الإيرانيين من التمتع بوضع خاص بأرض السواد، وتطيح بالرؤوس الموالية لها. وربما تنقل الفعل المقاوم، بعد الانسحاب الأمريكي، إلى التصدي للحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الموالية للولي الفقيه.
هذه الوثائق، تدحض أيضا زيف الدعاوى الأمريكية بأن الهدف من احتلال العراق نشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، بعد أن تكشف من قبل فشل أكذوبة امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، كما فشلت أكذوبة العلاقة بين النظام الذي حكم العراق، حتى لحظة احتلال بغداد في الثامن من نيسان (أبريل) عام 2003، وتنظيم القاعدة. فقد أضحى الذين ادعوا الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، في موضع اتهام صريح بعد أن كشف موقع ويكيليكس وثائق تؤكد ضلوع الاحتلال الأمريكي بارتكاب جرائم حرب.
إن أهمية هذه الوثائق لا تكمن فيما احتوته من معلومات عن جرائم المحتل والمتضامنين معه، وآخرها أحكام الإعدام التي صدرت بحق نائب رئيس مجلس الوزراء السيد طارق عزيز وثلة من زملائه. فما يعرفه العراقيون أكبر بكثير مما ورد في تلك الوثائق. لقد صودر العراق، كيانا وهوية، وتم فرض القسمة الطائفية والإثنية عليه، بما يسهم في تمزيق وحدته. ما يهم في هذه الوثائق كونها صادرة عن جهات معنية مباشرة بما يجري في العراق، وهي تأكيد على تشجيع الإدارة الأمريكية جرائم الحرب، بما يناقض نفي إدارة الرئيس جورج بوش المتكرر التقاريرَ التي تصدرها الجهات العراقية المعارضة للاحتلال عن ممارسة الجيش الأمريكي والميليشيات الطائفية التعذيب، وارتكابها جرائم الحرب.