منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By عبدالله باكوبن 5
#48871
عندَ الحديثِ عن سياسةِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ الخارجيةِ ، لا بُدَّ منَ العودةِ إلى نشأةِ هذهِ الدولةِ .

فالشعبُ الأمريكيُّ شعبٌ غنيٌّ، وُجدَ في بلادٍ واسعةٍ كثيرةِ الثرْواتِ ، تستطيعُ الإستغناءَ وتحقيقَ الإكتفاءِ الذاتي ، هذا الشعبَ الذي خضعَ قديماً للإستعمارِ الأوروبيِّ ولا سِيَّمَا البريطانيِّ منهُ.

قررَ زُعماؤُهُ وبعدَ مُعاناتهم منَ الإستعمارِ، ضرورة َمحاربةِ المستعمرينَ بقوةِ السلاح ِلنيل ِالإستقلال ِ. وقد خاضوا حروباً كثيرة ً، كانَ أوَّلـُهَا ثورة ُالشاي .

وبعدَ نجاحاتٍ عسكريةٍ حققتها, باستخدامها دُولاً أوروبية ًمثلَ فرنسا وبعدَ دعمها للثوارِ على العدوِّ التقليديِّ ( انجلترا) . بعدَ هذا كلهِ نالوا الإستقلالَ .

مما أوجَدَ عندَ الأمريكيينَ سياسة َسدِّ الذرائع ِ( البراغماتيه ).

وقد وُجـِدَ حينها عندَ الشعبِ الأمريكيِّ ميلٌ كبيرٌ للقيم ِالرفيعةِ . وقد اعتنقَ الشعبُ الأمريكيُّ المبدأ َالرأسماليَّ كسائرِ العالم ِالنصرانيِّ . وما ذلكَ إلاَّ لأنهُ شعبٌ أوروبيٌّ . وتربـِطـُهُ بها علاقة ُالدم ِوالدين .

وقد قررَ الساسة ُالأمريكيونَ أن تنكفأ َالولاياتُ المتحدة ُالأمريكية ُعلى العالم ِالجديدِ المتمثل بالأمريكتين ِ الشماليةِ والجنوبيةِ. وقد عملت أمريكا على طردِ النفوذِ البريطانيِّ بشكل ٍخاص، والأوروبيِّ بشكل ٍعامٍّ منَ العالمَ الجديدِ , وقد تجلى ذلكَ عندَ إعلان ِالرئيس ِالأمريكيِّ مونرو، بعدم ِتدخل ِالقواتِ الأوروبيةِ في العالم ِالجديدِ ، وقد سُميَ ذلكَ الإعلانُ الشهيرُ بمبدأ مونرو .

وبعدَهَا صارتِ الولاياتُ المتحدة ُالأمريكية ُوبما أنها رأسماليةٍ تستعمرُ الدولَ في الأمريكتين، وتـُسخرُ مواردَ هذه الدول ِلصناعَتِـها وتجارَتِـها، وبناءِ قوتِـها العسكريةِ والإقتصاديةِ .

وبما أنها بعيدة ٌعن العالم ِالقديم ِ، مركِـزِ الصراع ِ. فقد ازدهرت بشكل ٍمذهل ٍ، واستمرَ الحالُ حتى نشبت الحربُ العالمية ُالأولى .

فاستغلت بريطانيا عاملَ القناعةِ والعِفةِ، وميلَ الشعبِ الأمريكيِّ للقيم ِالرفيعةِ، ( وعاملَ النفعيةِ والاستعمارِ) . فدخلتِ الولاياتُ المتحدة ُالأمريكية ُالحربَ العالمية َالأولى، بعدَ أن ِاستغلت بريطانيا فيها العاملَ الأولَ (القيمَ الرفيعة َ) ولكنْ، وبعدَ انتصارِ الحلفاءِ انقلبتِ الموازينُ، وكانَ الرابحُ الأكبرُ بريطانيا العظمى .

وبعدَ عودةِ أمريكا منَ الحربِ صارَ هناكَ خلافٌ بينَ السياسيينَ الأمريكيينَ على موضوع ِانكفاءِ الولاياتِ المتحدةِ على ِالعالم ِ الجديد .

واستمرَ الحالُ حتى نشبتِ الحربُ العالمية ُالثانية ُ. في هذهِ الحربِ انقلبت الموازينُ بعدَ اجتياح ِألمانيا معظمَ أوروبا. وقد استطاع َ(هتلر) أن يَحتلَّ بولندا وتشيكوسلوفاكيا، ثمَّ عَقـَدَ معاهدة َعدم ِاعتداءٍ مَعَ الإتحادِ السوفيتي . ثم انتقلَ إلى الأراضي المنخفضةِ (هولندا وبلجيكا ) ثمَّ اجتاحَ فرنسا، وتمَّ قصفُ لندن بشراسةٍ، وحُوصرت بريطانيا عن طريق ِالغواصاتِ الألمانيةِ، وأصبحتِ المساعداتُ والإمداداتُ قليلة ً، حتى أوشكت بريطانيا على السقوطِ والإنهيارِ، عندها قامَ تشرتشل باستعطافِ أبناءِ العمومةِ ، لكن، هذهِ المرة َلم تقبل ِالولاياتُ المتحدة ُ أن تساعدَ بناءً على العامل ِالأول ِ( القيم ِالرفيعةِ ) بل قـَبلت أن تساعدَ الإنجليزَ على أساس ِالعامل ِالثاني ( النفعيةِ والإستعمار) وهنا ذاقَ الشعبُ الأمريكيُّ طعمَ الإستعمارِ خصوصاً في نفطِ الخليج . حتى تغلبَ على الشعبِ الأمريكيِّ العاملُ الثاني، وسَيَّرَهُ المبدأ ُالرأسماليُّ ، فخرجَ عن عزلتهِ لإستعمارِ الشعوبِ الأخرى ، ولإخضاع ِ العالم ِلسيطرتهِ ونفوذِهِ، ولن يرجعَ إلى انكفائِهِ مرة ًأخرى إلاَّ بالقوةِ. ونعني بها القوة َالمضادة َالمرتكزةِ على المبدأِ الوحيدِ الصحيح ِالموافق ِلفطرةِ الإنسان ِوالمقنع ِللعقل ِالسويِّ والذي يَملأ القلب طمأنينة .