منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By عايد العنزي 0 5
#48954
نظرة عامة تاريخية :
بدأت النظريات العنصرية ترى النور في أوروبا أثناء الفترة التي تعود للحضارتين اليونانية والرومانية القديمتين ،حيث تم وضع تقسيمات عنصرية على أسس دينية كانت أو علمانية لتبرير الظلم والإستعباد .وترافقت هذه النظريات مع توسع أوروبا سياسياً وإقتصادياً في نهاية القرن السابع عشر لتشمل الشعوب غير الأوروبية وكانت هذه الهيمنة مبررة تحت غطاء (نشر الحضارة الأوروبية) فتجسدت هذه الملامح التاريخية في الرق والإستعمار والتطهير العِرقي . وقد تعززت هذه الأفكار في ظل بعض الحجج العلمية التي أتى بها رواد العلوم المشاهير أمثال بوفون في فرنسا ووايت في إنجلترا وحتى نظرية داروين في النشوء والتطور تؤيد فرضية تراتبية الأعراق . وعليه فقد قامت القوى السياسية وأواسط العلماء والمفكرين بإستغلال هذه العقيدة العِرقية في تلك الحقبة إستغلالاً واسع النطاق لتبرير تنظيم البنى المجتمعية على أساس التفرقة والهيمنة والإستعباد .
النازية :
لا يمكننا تناول مفهوم التطور للجنس الآري من دون التطرق أولاً لأفكار أدولف هتلر التي تبناها والنازية ،وضعت الحركة النازية مبادئ حزب العمال الألماني الوطني الاشتراكي ( النازي ) ، في بضع وعشرين نقطة شاملة ، وفيما يلي أهم النقاط المتعلقة بالمبادئ النازية :
1) اتحاد جميع الألمان لتكوين ( ألمانيا الكبرى) على مبدأ حق تقرير المصير .
2) طلب الأرض والأقطار لتزويد الشعب الألماني بالغذاء ، وإسكان ما يزيد منهم عن ألمانيا .
3) كل عضو من أبناء الدولة ، يجب أن يكون عضوا في الأمة ، إذ يمتاز هؤلاء بالدم الألماني ، بغض النظر عن الدين الذي يؤمنون به ، ولا يجوز لليهودي أن يكون عضوا في الأمة الألمانية .
4) يعيش الأفراد ممن ليسوا من أبناء الدولة ، كضيوف فقط في ألمانيا .
5) واجب الدولة الأول هو زيادة رفاهية جميع الشعب . وفي حالة عدم التمكن من تغذية جميع ابناء الشعب ، فينبغي استثناء الأجانب ، ومنع غير الألمان من دخول ألمانيا ، وكافة من ليسوا آريين ، ودخلوا ألمانيا منذ آب 1914 ينبغي إبعادهم .
6) طلب الحرب القانونية ضد الأكاذيب السياسية ونشرها في الصحف ، وطلب صحافة وطنية مطهرة من الأجانب ، تخضع لرقابة الآداب والفنون ، لكي تتميز الحياة الثقافية الألمانية العامة .
إن النظرية النازية على ارض الواقع ، غالت في تمجيد الجنس الآري ، وتفوقه على جميع الأجناس البشرية حيث يرى الجرمانيون انهم سادة الجنس البشري ، وهم أعلى مرتبة فيه يجب أن يتولوا دائما توجيهه . وقد وضعت لائحة للعناصر البشرية كان العنصر الآري في ألمانيا على قمتها وهم " الأقوياء " ، يليهم النورد ( الدانماركيين والنرويجيين والسويديين ) والانجلوساكسون . وجاء في نهاية اللائحة السلاف والعرب واليهود والزنوج . وبذل الألمان جهدهم لإثبات أن الآري هو أبو الأجناس البشرية جميعها حمل مشعل الحضارة منذ الأزل ، ونقلها إلى أمريكا ، وهناك من قال أن عقيدة المسيح يهودية ولكنه من سلالة آرية والأصل أهم من العقيدة .
فيمكننا إجمال ما تقدم به الفكر النازي فيما قاله المفكر النازي كارل ريتر في 1849 والذي يعتبر الأب الروحي للنازية:
"لكي يعود السلام والحرية الاقتصادية إلى العالم، يجب أولا القضاء على الممولين اليهود، وعلى جميع أعضاء الحركة الثورية العالمية، الذين يُوجّهون الشيوعية ويسيطرون عليها. ومضمون المعتقدات النازية يقضي بتفوق العرق الجرماني، والذي يتوجب عليه إخضاع العالم بالقوة العسكرية، ويجب أن تكون الطاعة فيه لرئيس الدولة الجرمانية طاعة عمياء وبدون نقاش."
العِرق الآري :
آريون (Aryans) أو إريان هو شعب زجفادا بالهند. إستولى على إيران من الشمال الغربي للهند عام 2000ق.م. وكان سببا في تدهور حضارة السند. وكانت لغته صورة أولية من السنسكريتية ويطلق عليها الآرية. وهي أساس اللغات الهندو أوروبية. لأن الشعب الآري كان يسكن المناطق الممتدة من آسيا الوسطي حتي شرق أوروبا. وقد وصل للهند سنة 3000 ق.م. وبعض الآريين سكنوا شمال الهند إبان العصر البرونزي والآريون بشري أبيض الجلد.وقد عرفوا بالنوريكيين والتيتوتيكيين.ولم يبق من هذا الجنس سوي اللغة الآرية التي تضم عدة لغات تعرف باللغات الهندو أوروبية .
من هذه النبذة نستنتج ركاكة ما كانت تنادي به النازية بنقاء العِرق والدم الألماني فالجرمانيون ما هم سوى شعب مختلط الأعراق ما بين الهندية والأوروبية والتي لها أصولها الزرداشتية ، وما إستخدم هتلر وحزبه النازي هذه المعتقدات والأفكار إلا لتسهيل السيطرة على الشعوب الأخرى وتجييش الجيوش تحت راية واحدة وتحت هدف سامٍ _بنظره_، وجمع التأييد الداخلي لما تنادي بها النازية فيتمحور حول فكرة التفوق الإنساني . وهذا كان له الأثر الواضح خلال الحرب العالمية الثانية وما كان يتم تعبئة الجيش والشعب الألماني به خلال الحرب والأفكار التي كانت تزرع في العقول لتوجيهها كما يريد هتلر والنازية.

يجدر بنا التطرق لتأثير كتابات المفكر والفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه فيما يختص بموضوع تفوق العِرق الآري ، وأشهر كتبه (هكذا تكلم زرداشت) الذي خُط بطريقة سهلة للفهم ، فكان إنجيلاً للشبيبة النازية مع سيطرة هتلر على مقاليد الحكم ، كما أن هتلر نفسه كان يقرأ هذا الكتاب يومياً قبل النوم ، ولقد تأثر فيه وفي الأفكار التي تم طرحها كفكرة الإنسان المتفوق ( السوبر مان ) والتي كانت تصب في معتقداته عن تفوق الجنس الآري ، وفيما يختص بفلسفة نيتشه بالقيم والفضائل الإنسانية حيث رأى أن الفضيلة تتمثل فيما أسماه " إرداة القوة " ، فيحتقر الأخلاق الإنسانية ونظرته للخير والشر تختلف بمعيار القوة كما أشار في أعماله . هذه الأعمال هي ما تأثر بها هتلر وأثرت في العديد من الذين تبنوا فيما بعد فكرة سمو العِرق الآري على باقي الأعراق والأجناس البشرية ووظفوها بإسقاط صفات الإنسان الخارق في كتابات نيتشه على الفرد الألماني .
الإيمان بمعتقدات عنصرية كالتي ظهرت بها النازية هو الذي أدى لوقوع خسائر فادحة في الأرواح وخراب مطلق في الممتلكات خلال الحرب العالمية الثانية ، وظهر التطبيق العملي لمعتقدات الفهرر الألماني وحزبه النازي في سجون التعذيب وإضطهاد اليهود الذي لم يكن بسبب معاداة السامية بشكل إعتباطي ولكن لإيمان هتلر والنازية بإن اليهود هم سبب المشاكل في أوروبا ( وهو ليس إعقتاد الألمان وحدهم في ذلك الوقت ) ، ولكن هتلر كان يعتقد بإن اليهود هم السبب الرئيس لخسارة ألمانيا الحرب العالمية الأولى فيما كانوا يكيدون لألمانيا وتحالفهم مع أعدائها ، وما ترتب على هذه الخسارة من مآسي تكبدها الشعب الألماني من معاناة وإستنزاف لخيرات ألمانيا التي إستولت عليها الدول المنتصرة بالحرب . ولكن هذه المعاداة والإضطهاد لم تكن بحق اليهود لوحدهم ، بل أن ما يزعم به اليهود في "الهولوكوست" والمحرقة اليهودية لم تكن لليهود فقط وليس بصفتهم يهوداً ، وربما نسي الكثير معاناة المناطق الشرق أوروبية والأراضي السوفيتية بما فيها أوكرانيا خلال الحرب العالمية الثانية ، ولم يتطرق الكثيرون لنظرة الهتلريين لهذه الأراضي بصفتها (حيز الحياة ) للشعب الألماني تنفيذاً للخطة الفهررية للإستيلاء والإستعباد على الأرض والثروة والبشر .
ما زالت ألمانيا تدفع ثمن عنصريتها في فترة من الفترات ، فنراها تعتذر لليهود مراراً وتكراراً وما زالت إلى الان تعوّض إسرائيل بصفتها ممثلة اليهود مادياً ، بالرغم من أن هناك العديد من النظريات التي تفند مزاعم المحرقة اليهودية وعدد الضحايا اليهود . والأحرى أن يتم تعويضها هي أوكرانيا بصفتها جزءً من الإتحاد السوفيتي التي تكبد أكبر الخسائر في الحرب العالمية الثانية بسبب ألمانيا و أوكرانيا السوفيتية تكبدت 40% من خسائر الإتحاد السوفيتي، فقد عانت أوكرانيا من الخسائر المادية أكثر من روسيا و ألمانيا و فرنسا وبريطانيا و بولندا.