- الجمعة إبريل 27, 2012 4:07 pm
#49077
بقلم أحمد غلوم بن علي
وقفة تأمل
الميثاق تعاهد على الدفاع عن مبادئ الإصلاح السياسي وصد محاولات السلطة من تقليصها
لا يفترض بطبيعة الحال أن تتشابه وتتوحد الأحزاب والقوى السياسية التي تشارك في عملية التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية في الأجندة والرؤى, كما أنه لا يفترض أيضا استعمال الأدوات والآليات نفسها في العمل السياسي والإصلاحي, يبدو هذا مفهوما واضحا لكن ما هو غير ذلك أن لا تشترك تلك القوى والكيانات في المبادئ الإصلاحية التي تمايزها عن السلطة والقوى الموالية لها, علما أن تلك المبادئ هي التي تمنح أو تسحب أي فاعلية ومصداقية لعملية التحول نحو الديمقراطية.
ليتبدد الغمام نقول أنه عندما تم الاتفاق بين السلطة والقوى السياسية على الصيغ والقواعد للمشاركة السياسية, فإن ذلك قد تم على أساس تعهد تلك القوى على العمل السياسي السلمي والديمقراطي وتعهد السلطة منح جملة من الحريات السياسية والمدنية التي تكفل وتؤمن التطور الديمقراطي, وهو ما يعني أن شغل المعارضة هو في كيفية تحقيق أكبر قدر من الديمقراطية والإصلاح السياسي, في حين شغل السلطة يكون في كيفية تضييق تلك الحريات أو سحبها بقبول من الشارع والمجتمع كي تضمن أقل تغيير ممكن في النظام السياسي.
وهذا الاتفاق يعني أيضا أن الأحزاب والكيانات السياسية لم تشترك جميعها في الهدف الإصلاحي والديمقراطي فقط وإنما اشتركت أيضا في تلك المبادئ والحريات والضمانات التي أقرتها السلطة, وهي ما نسميها بمبادئ الإصلاح السياسي, فإذا ما اختلت هذه الشراكة فإن هذه المبادئ تفقد قوتها وتكون السلطة نجحت في تحجيمها, عندئذ لا يكون من المشاركة السياسية والمشاركة في عملية التحول الديمقراطية أي معنى, كما يغيب الحد الفاصل بين السلطة والقوى الموالية وبين أحزاب المعارضة والإصلاح.
أسباب تزلزل الأرضية المشتركة لمبادئ الإصلاح السياسي لا تعود بسبب إنكار تلك المبادئ وعدم الاعتراف بها فالجميع يقر بإيمانه بالحريات والحقوق, وإنما تعود إلى عدم الإيمان والاعتراف بخصائص تلك المبادئ, فخصائصها هي التي تعطي تلك المبادئ القوة والمنعة والقدرة على فرض البيئة الملائمة للتحول والإصلاح.
وأولى خصائص مبادئ الإصلاح السياسي أنها ثابتة غير قابلة للتحول والتغير لأي سبب كان, لكنها في الوقت نفسه قابلة للتطور, فلا يمكن أن يعلق العمل بالحريات المدنية مثلا تحت أي ذريعة كانت, سواء كان ذلك عبر تهديد بوجود عدو خارجي متربص أو بسبب أزمات داخلية وتعرقل خطط التنمية أو وجود فتنة دينية أو غير ذلك, فكما أن الأصل في الإنسان الحرية فالأصل في المبادئ الثبات, وذلك لأن فقدانها خصيصة الثبات يعني فقدانها الهوية والمعنى, ولعل تعطيل الحريات والديمقراطيات في عالمنا العربي بسبب الحروب والعدوان كان نتاجه ضياع بوصلة تلك المبادئ وخروجها من أي معنى, فالحرية السياسية مثلا لم تكن تعني ما تعنيه اليوم في قاموس الحداثة السياسية إلا مطلع القرن المنصرم, حيث كانت تحمل دلالات سلبية كالقوة (المستبد العادل) والدين (أهل الذمة) وغير ذلك, وعندما بدأت تلك المفردات بالتطور في الوعي المجتمعي كان تسلط النظم بدواعي الخارج والمستقبل الباهر.
ثاني خصائص هذه المبادئ هو ما تبتلى به معظم الأحزاب والتيارات السياسية كما هو حاصل محليا, وهو أن هذه المبادئ مطلقة موحدة لا لون لها ولا تصنيف ولا مذهب, فحرية الصحافة والتظاهر حق مشروع للإسلامي والليبرالي السني والشيعي, وهنا يكمن دهاء السلطة التي تسعى دوما إلى تلوين هذه المبادئ وتغيير مقاساتها كما حدث فعلا في غالبية بلداننا العربية اليوم ولأسباب متنوعة ومتعددة.
يمنح هذا التلوين للسلطة القدرة على التدرج في سحب بعض تلك المبادئ التي كانت سابقا عقدا سياسيا بينها وبين القوى السياسية, فمنع بعض الحريات عن بعض الأطراف وسماحها لأخرى وبموافقة الأخيرة يحدث خللا في الشراكة وتفقد هذه الحريات مصداقيتها على أرض الواقع ويهدد بقاءها, فاليوم تمنع السلطة بعض الحريات عن بعض الفئات بموافقة الأطراف الأخرى ومستقبلا يكون الواقع هو فرض هذا المنع على الجميع من دون استثناء, فالاستثناء تستفيد منه السلطة لفرض معادلات جديدة على أرض الواقع, وهذه الاستثناءات تحدث عادة عندما تنجح في تلوين مبادئ الإصلاح بعدد ألوان الطيف السياسي.
لهذا ندعو بضرورة قيام ميثاق لمبادئ الإصلاح السياسي, وهي المبادئ التي من دونها لا يمكن ممارسة الإصلاح السياسي ويكون الحديث عن تحول ديمقراطي عبثيا, ودواعي الميثاق تكمن في أنها لم تعد أرضية مشتركة بين الأفرقاء السياسيين, ولم يعد الدفاع عن تلك المبادئ هم أي فصيل سياسي إلا عندما تصل النار إلى أطرافه.
لهذا فالميثاق تعاهد على الدفاع عن مبادئ الإصلاح السياسي وصد محاولات السلطة من تقليصها والحد منها حتى توفر مناخا مقبولا يمكن جميع الأطراف من ممارسة الإصلاح السياسي والسعي لتنجيح التجربة الديمقراطية وبناء الدولة الحديثة
وقفة تأمل
الميثاق تعاهد على الدفاع عن مبادئ الإصلاح السياسي وصد محاولات السلطة من تقليصها
لا يفترض بطبيعة الحال أن تتشابه وتتوحد الأحزاب والقوى السياسية التي تشارك في عملية التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية في الأجندة والرؤى, كما أنه لا يفترض أيضا استعمال الأدوات والآليات نفسها في العمل السياسي والإصلاحي, يبدو هذا مفهوما واضحا لكن ما هو غير ذلك أن لا تشترك تلك القوى والكيانات في المبادئ الإصلاحية التي تمايزها عن السلطة والقوى الموالية لها, علما أن تلك المبادئ هي التي تمنح أو تسحب أي فاعلية ومصداقية لعملية التحول نحو الديمقراطية.
ليتبدد الغمام نقول أنه عندما تم الاتفاق بين السلطة والقوى السياسية على الصيغ والقواعد للمشاركة السياسية, فإن ذلك قد تم على أساس تعهد تلك القوى على العمل السياسي السلمي والديمقراطي وتعهد السلطة منح جملة من الحريات السياسية والمدنية التي تكفل وتؤمن التطور الديمقراطي, وهو ما يعني أن شغل المعارضة هو في كيفية تحقيق أكبر قدر من الديمقراطية والإصلاح السياسي, في حين شغل السلطة يكون في كيفية تضييق تلك الحريات أو سحبها بقبول من الشارع والمجتمع كي تضمن أقل تغيير ممكن في النظام السياسي.
وهذا الاتفاق يعني أيضا أن الأحزاب والكيانات السياسية لم تشترك جميعها في الهدف الإصلاحي والديمقراطي فقط وإنما اشتركت أيضا في تلك المبادئ والحريات والضمانات التي أقرتها السلطة, وهي ما نسميها بمبادئ الإصلاح السياسي, فإذا ما اختلت هذه الشراكة فإن هذه المبادئ تفقد قوتها وتكون السلطة نجحت في تحجيمها, عندئذ لا يكون من المشاركة السياسية والمشاركة في عملية التحول الديمقراطية أي معنى, كما يغيب الحد الفاصل بين السلطة والقوى الموالية وبين أحزاب المعارضة والإصلاح.
أسباب تزلزل الأرضية المشتركة لمبادئ الإصلاح السياسي لا تعود بسبب إنكار تلك المبادئ وعدم الاعتراف بها فالجميع يقر بإيمانه بالحريات والحقوق, وإنما تعود إلى عدم الإيمان والاعتراف بخصائص تلك المبادئ, فخصائصها هي التي تعطي تلك المبادئ القوة والمنعة والقدرة على فرض البيئة الملائمة للتحول والإصلاح.
وأولى خصائص مبادئ الإصلاح السياسي أنها ثابتة غير قابلة للتحول والتغير لأي سبب كان, لكنها في الوقت نفسه قابلة للتطور, فلا يمكن أن يعلق العمل بالحريات المدنية مثلا تحت أي ذريعة كانت, سواء كان ذلك عبر تهديد بوجود عدو خارجي متربص أو بسبب أزمات داخلية وتعرقل خطط التنمية أو وجود فتنة دينية أو غير ذلك, فكما أن الأصل في الإنسان الحرية فالأصل في المبادئ الثبات, وذلك لأن فقدانها خصيصة الثبات يعني فقدانها الهوية والمعنى, ولعل تعطيل الحريات والديمقراطيات في عالمنا العربي بسبب الحروب والعدوان كان نتاجه ضياع بوصلة تلك المبادئ وخروجها من أي معنى, فالحرية السياسية مثلا لم تكن تعني ما تعنيه اليوم في قاموس الحداثة السياسية إلا مطلع القرن المنصرم, حيث كانت تحمل دلالات سلبية كالقوة (المستبد العادل) والدين (أهل الذمة) وغير ذلك, وعندما بدأت تلك المفردات بالتطور في الوعي المجتمعي كان تسلط النظم بدواعي الخارج والمستقبل الباهر.
ثاني خصائص هذه المبادئ هو ما تبتلى به معظم الأحزاب والتيارات السياسية كما هو حاصل محليا, وهو أن هذه المبادئ مطلقة موحدة لا لون لها ولا تصنيف ولا مذهب, فحرية الصحافة والتظاهر حق مشروع للإسلامي والليبرالي السني والشيعي, وهنا يكمن دهاء السلطة التي تسعى دوما إلى تلوين هذه المبادئ وتغيير مقاساتها كما حدث فعلا في غالبية بلداننا العربية اليوم ولأسباب متنوعة ومتعددة.
يمنح هذا التلوين للسلطة القدرة على التدرج في سحب بعض تلك المبادئ التي كانت سابقا عقدا سياسيا بينها وبين القوى السياسية, فمنع بعض الحريات عن بعض الأطراف وسماحها لأخرى وبموافقة الأخيرة يحدث خللا في الشراكة وتفقد هذه الحريات مصداقيتها على أرض الواقع ويهدد بقاءها, فاليوم تمنع السلطة بعض الحريات عن بعض الفئات بموافقة الأطراف الأخرى ومستقبلا يكون الواقع هو فرض هذا المنع على الجميع من دون استثناء, فالاستثناء تستفيد منه السلطة لفرض معادلات جديدة على أرض الواقع, وهذه الاستثناءات تحدث عادة عندما تنجح في تلوين مبادئ الإصلاح بعدد ألوان الطيف السياسي.
لهذا ندعو بضرورة قيام ميثاق لمبادئ الإصلاح السياسي, وهي المبادئ التي من دونها لا يمكن ممارسة الإصلاح السياسي ويكون الحديث عن تحول ديمقراطي عبثيا, ودواعي الميثاق تكمن في أنها لم تعد أرضية مشتركة بين الأفرقاء السياسيين, ولم يعد الدفاع عن تلك المبادئ هم أي فصيل سياسي إلا عندما تصل النار إلى أطرافه.
لهذا فالميثاق تعاهد على الدفاع عن مبادئ الإصلاح السياسي وصد محاولات السلطة من تقليصها والحد منها حتى توفر مناخا مقبولا يمكن جميع الأطراف من ممارسة الإصلاح السياسي والسعي لتنجيح التجربة الديمقراطية وبناء الدولة الحديثة