منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#49131
مفكرة الاسلام: بعد أن انتهى المسلمون من القضاء على حركة الردة الشريرة التي وقعت في أعقاب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قرر الخليفة الراشد «أبو بكر الصديق» رضي الله عنه التفرغ للمهمة الأكبر: وهي نشر دين الله في أرجاء المعمورة، وكانت الدولة الإسلامية وقتها تقع بين فكي أقوى دولتين في العالم وقتها: دولة الفرس المجوسية من ناحية الشرق بأرض العراق وإيران، ودولة الروم النصرانية في الشمال، وبعد إمعان نظر وتقدير للعواقب، قرر الخليفة البدء بالجبهة العراقية، فأمر قائده خالد بن الوليد وكان وقتها قريبًا من حدود العراق بالتوجه لغزو العراق.

وضع أبو بكر الصديق رضي الله عنه خطة عسكرية هجومية، تجلت فيها العبقرية العسكرية الفذة للخليفة «الصديق» حيث أمر قائده «خالد بن الوليد» بالهجوم على العراق من ناحية الجنوب وفي نفس الوقت أمر قائدًا آخر لا يقل خبرة عن خالد بن الوليد وهو عياض بن غنم بالهجوم من ناحية الشمال، على أن يكون الواصل منهما أولاً إلى الحيرة ويفتحها هو القائد العام على كل الجيوش الإسلامية بالعراق، فأوجد بذلك نوعًا من التنافس الشريف والمشروع يكون الرابح فيه هو الإسلام.

كانت أول مدينة قصدها خالد بن الوليد هي «الأُبُلَّة» وكانت ذات أهمية إستراتيجية كبيرة حيث إنها ميناء الفرس الوحيد على الخليج العربي وكانت هذه المدينة تحت قيادة أمير فارسي اسمه «هرمز» وقد اشتق من اسمه اسم المضيق القائم حاليًا عند الخليج العربي، وكان رجلاً شريرًا متكبرًا شديد البغض للعرب، وكان العرب بالعراق يكرهونه بشدة ويضربون به الأمثال، فيقولون: «أكفر من هرمز»، «أخبث من هرمز»، فأرسل خالد برسالة إلى هرمز مختصرة فيها دعوة الإسلام جاء فيها «أما بعد فأسلم تسلم، أو اعتقد لنفسك ولقومك الذمة وأقرر بالجزية وإلا فلا تلومن إلا نفسك، فلقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة».

اختار هرمز القتال وطلب إمدادات كبيرة من كسرى ووضع خطة للهجوم على مدينة «كاظمة» ظنًا منه أن المسلمين سوف يعسكرون هناك، وهو بذلك يجهل العقلية العسكرية الفذة للقائد خالد بن الوليد ذلك أن خالدًا قرر القيام بسلسلة تحركات سريعة بجيشه خفيف الحركة من مكان لآخر لإرهاق الجيوش الفارسية الثقيلة المطاردة للمسلمين، وقد أدت هذه السياسة لإرهاق الفرس وانفلات أعصاب «هرمز» مما أثر عليه في مواجهة المسلمين.

كان «هرمز» رجلاً متكبرًا أهوج لا يستمع إلا لصوت نفسه فقط حيث رفض الاستماع لنصائح قواده وأصر على ربط جنوده بالسلاسل حتى لا يفروا من أرض المعركة، وكناية عن القتال حتى الموت، ولذلك سميت هذه المعركة بذات السلاسل، وفي يوم 18 محرم سنة 13هـ كان الصدام الأول بين الفرس والمسلمين، وقد طلب هرمز مبارزة خالد كما هو معتاد وقتها في القتال ولكنه وبحكم غدره وكفره كان يبيت الغدر بخالد، وأعد من أجل ذلك كتيبة من خاصة فرسانه للهجوم على خالد وقتله أثناء المبارزة ولكن أحد أبطال المسلمين وهو القعقاع بن عمرو يتفطن للمكيدة الغادرة ويبادر هو بالهجوم على الكتيبة ويقضي عليها في نفس الوقت الذي يقضي فيه خالد على هرمز الخائن، ثم تشتعل المعركة الدامية والتي تنتهي بهزيمة ساحقة للفرس، ويسجل المسلمون أولى انتصاراتهم الكبرى ضد إمبراطورية الفرس.
معركة ذات السلاسل