إسبانيا (بالإسبانية: España)، رسميا مملكة إسبانيا (بالإسبانية: Reino de España) هي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تقع في جنوب غرب أوروبا في شبه الجزيرة الأيبيرية. يحد برها الرئيسي من الجنوب والشرق البحر الأبيض المتوسط باستثناء الحدود البرية الصغيرة مع إقليم ما وراء البحار البريطاني جبل طارق. يحدها من الشمال فرنسا وأندورا وخليج بسكاي، وإلى الشمال الغربي والغرب المحيط الأطلسي والبرتغال.
تضم الأراضي الإسبانية أيضاً جزر البليار في البحر الأبيض المتوسط وجزر الكناري في المحيط الأطلسي قبالة الساحل الأفريقي واثنتين من مدن الحكم الذاتي في شمال أفريقيا هما سبتة ومليلية. علاوة على ذلك، تقع بلدة ليفيا الإسبانية كمكتنف داخل الأراضي الفرنسية. تبلغ مساحتها 504.030 كم² وبذلك تكون ثاني أكبر بلد من حيث المساحة في أوروبا الغربية والاتحاد الأوروبي بعد فرنسا.
خضعت إسبانيا بسبب موقعها لمؤثرات خارجية كثيرة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى بزوغها كدولة. خرجت إسبانيا كبلد موحد في القرن الخامس عشر وذلك بعد توحيد الممالك الكاثوليكية والسيطرة على كامل شبه الجزيرة الأيبيرية في 1492. من ناحية أخرى، كانت إسبانيا مصدر نفوذ هام في مناطق أخرى خلال العصور الحديث، عندما أصبحت إمبراطورية عالمية خلفت إرثاً يضم أكثر من 500 مليون ناطق بالإسبانية، مما يجعلها ثاني اللغات الأم استخداماً.
إسبانيا ديمقراطية ذات حكومة برلمانية في ظل نظام ملكي دستوري. تعد إسبانيا من البلدان المتقدمة حيث اقتصادها تاسع أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، كما أن مستويات المعيشة مرتفعة جداً (في المرتبة العشرين على مؤشر التنمية البشرية)، وأيضاً في المرتبة العاشرة من حيث مشعر جودة الحياة في العالم في عام 2005. إسبانيا عضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية.
أصل التسمية :
أصل التسمية إسبانيا لا يزال محط جدل. قد يكون الاسم الروماني القديم لأيبيريا، هسبانيا، نابعاً من الاستخدام الشعري لكلمة هيسبيريا والتي تشير إلى إسبانيا، والتي بدورها تعكس التصور اليوناني لإيطاليا بأنها "الأرض الغربية" أو "أرض غروب الشمس" (هيسبيريا) وبالتالي تكون إسبانيا هسبيريا ألتيما (أرض الغروب القاصية) كونها إلى الغرب من إيطاليا. قد تكون التسمية أيضاً اشتقاقاً من إسبانية البونيقية والتي تعني "أرض الأرانب" أو "الحافة"، في إشارة إلى موقع إسبانيا على الطرف الغربي للبحر الأبيض المتوسط؛ تظهر النقود الرومانية في المنطقة من عهد هادريان شخصية أنثى وأرنب عند قدميها. هناك أيضاً مزاعم بأن كلمة إسبانيا مشتقة من الكلمة الباسكية إزبانا ومعناها "الحافة" أو "الحدود"، وهي إشارة أخرى إلى حقيقة أن شبه جزيرة أيبيريا تشكل الجنوب الغربي من القارة الأوروبية. بينما يقترح الإنساني أنطونيو دي نبريخا أن هسبانيا كلمة تطورت من كلمة هيسباليس الأيبيرية، ومعناها "مدينة العالم الغربي". وفقاً لبحث جديد قام به خيسوس لويس كونكيلوس ونشر في عام 2000 باسم غراماتيكا فينيسيا اليمينتال (القواعد الأساسية الفينيقية)، يعود جذر المصطلح -سبان إلى -سبي وهو ما يعني "صهر المعادن". ولذلك i-spn-ya تعني "الأرض التي يجري صهر المعادن فيها".
موقعها الجغرافي :
الجغرافيا :
تبلغ مساحة إسبانيا 504.782 كم² (194.897 ميل مربع) وبذلك تكون الدولة رقم 51 من حيث المساحة عالمياً. تصغر إسبانيا بنحو 47.000 كم² (18.000 ميل مربع) عن فرنسا وتكبر بنحو 81.000 كم² (31.000 ميل مربع) عن ولاية كاليفورنيا الأمريكية. تيد (تنريف، جزر الكناري) هي أعلى قمة في إسبانيا وثالث أكبر بركان في العالم من قاعدته.
يحد إسبانيا من الغرب البرتغال، بينما يحدها من الجنوب جبل طارق (أقليم ما وراء البحار البريطاني) والمغرب عبر مكتنفات سبتة ومليلية وجزيرة قميرة في شمال أفريقيا. من الشمال الشرقي وعلى طول سلسلة جبال البرانس تحدها فرنسا وإمارة أندورا. تضم إسبانيا أيضاً جزر البليار في البحر الأبيض المتوسط وجزر الكناري في المحيط الأطلسي وعدداً من الجزر غير المأهولة على الجانب المتوسطي من مضيق جبل طارق، والمعروفة باسم بلاثاس دي سوبيرانیا، أي المواقع السيادية، مثل جزر إشفارن وجزيرة البران وصخرة الحسيمة وجزيرة تورة. على طول جبال البرانس في كتالونيا، توجد بلدة صغيرة تدعى ليفيا على شكل مكتنف ضمن الأراضي الفرنسية. أما جزيرة لوس فيسانيس في نهر بيداسوا فهي ذات حكم إسباني فرنسي مشترك. يهيمن على البر الإسباني الرئيسي الهضاب المرتفعة وسلاسل الجبال مثل سييرا نيفادا. يمتد من هذه المرتفعات عدة أنهار رئيسية مثل نهر تاجة وأبرة ودويرو ونهر يانة والوادي الكبير. توجد السهول الغرينية على طول الساحل وأكبرها في الوادي الكبير في أندلوسيا.
المُناخ :
بسبب موقع إسبانيا وتقسيم تضاريسها يمكن ملاحظة ثلاثة مناطق مناخية رئيسية. أولاها منطقة البحر الأبيض المتوسط المناخية والتي تتميز بصيف جاف ودافئ. وفقاً لتصنيف كوبين المناخي فإن هذه المنطقة المناخية هي السائدة في شبه الجزيرة مع نوعين: مناخ البحر الأبيض المتوسط النمطي والموجود في معظم أنحاء البلاد، المناخ المتوسطي الغاليسي (غاليسيا وقشتالة الشمالية الغربية)، حيث الصيف أقل حرارة نظراً لقرب المنطقة من المحيط أو بسبب الارتفاع عن سطح البحر. أما المناخ شبه الجاف فيوجد في الربع الجنوبي الشرقي من البلاد، وخاصة في منطقة مرسية وفي وادي أبرة. وبعكس المناخ المتوسطي يمتد موسم الجفاف إلى ما بعد فصل الصيف. ثالث الأقاليم المناخية هو المناخ المحيطي والذي يتميز بدرجات حرارة صيفاً وشتاء تتأثر بالتيارات المحيطية كما لا يوجد جفاف موسمي. في الشريط الساحلي بالقرب من بلاد الباسك وأستورياس وفي بعض المرتفعات، يوجد نوع "جنوبي" منه بفارق بسيط، حيث تكون درجات الحرارة في الصيف أعلى قليلاً (متوسط درجات الحرارة في يوليو بين 20-22 درجة مئوية (68.0-71.6 درجة فهرنهايت) وتفوق أعاصيره شمال غرب أوروبا) - (متوسط درجات الحرارة في يوليو 21 درجة مئوية (69.8 درجة فهرنهايت) في سانتاندر، مقابل 16 درجة مئوية (60.8 درجة فهرنهايت) في بريست أو ليفربول). بالنسبة لبعض المؤلفين، تمتلك غاليسيا مناخاً محيطياً أيضاً، بسبب انخفاض درجات الحرارة في الصيف مما هي عليه في مناخ البحر الأبيض المتوسط النمطي. مع ذلك، فإنه كثيراً ما تندلع حرائق الغابات في شمال غرب إسبانيا بسبب الجفاف في الصيف، وتسطع فيها الشمس لفترات أطول من المناطق المتأثرة بالمناخ المحيطي النموذجي. على نطاق أضيق، يمكن مشاهدة أقاليم مناخية فرعية مثل المناخ الألبي في جبال البرانس، والمناخ الرطب شبه المداري في جزر الكناري. لا تهطل الأمطار في إسبانيا عموماً في السهول إنما تهطل على الجبال الشمالية بشكل رئيسي.
السياسة و الدستور :
يعد الدستور الأسباني لعام 1978 تتويجاً لعملية الانتقال إلى الديمقراطية الإسبانية. يعود التاريخ الدستوري لإسبانيا إلى دستور عام 1812. قام الملك خوان كارلوس المعروف بشخصيته القوية مدفوعاً بعدم رضاه عن وتيرة الإصلاحات السياسية الديمقراطية في عامي 1976 و 1977 بعزل كارلوس أرياس نافارو وتعيين المصلح أدولفو سواريز رئيساً للوزراء. نتج عن الانتخابات العامة عام 1977 الكورتيس التأسيسي (البرلمان الإسباني بصفته جمعية دستورية) لغرض صياغة وإقرار دستور عام 1978، وإجراء استفتاء وطني عليه في 6 ديسمبر 1978 حيث صوت 88 ٪ من الناخبين لصالح الدستور الجديد.
نتيجة لذلك، تتألف إسبانيا حالياً من 17 من مناطق الحكم الذاتي ومدينتين ذاتيتي الحكم وبدرجات متفاوتة من الحكم الذاتي بفضل دستورها الذي رغم ذلك يؤكد صراحة على وحدة تراب البلاد ووحدة الأمة الإسبانية. فضلاً عن ذلك، لا تمتلك إسبانيا ديناً رسمياً وتم تعزيز حرية الأديان.
بحلول نوفمبر 2009، حافظت حكومة إسبانيا على نسبة متوازنة من المساواة بين الجنسين. تسعة من أصل 18 من أعضاء الحكومة هم من النساء. تحت إدارة خوسيه لويس ثباتيرو، وصفت إسبانيا بأنها "في طليعة" في قضايا المساواة بين الجنسين وأيضاً أن "لا ديمقراطية حديثة أخرى خارج الدول الاسكندنافية اتخذت المزيد من الخطوات لوضع قضايا المساواة بين الجنسين في مركز اهتمامات الحكومة".[58] شجعت الإدارة الأسبانية أيضاً التمييز الإيجابي القائم على أساس الجنس من خلال إقرار تشريعات المساواة في 2007 بهدف توفير المساواة بين الجنسين في الحياة السياسية والاقتصادية الإسبانية (قانون المساواة بين الجنسين). مع ذلك، في إطار السلطة التشريعية، في يوليو 2010 شكلت النساء فقط 128 من أصل 350 من أعضاء البرلمان (36,3 ٪). في الوقت الحاضر، تصنف إسبانيا في المرتبة الثالثة عشر من حيث عدد النساء في مجلس النواب. في مجلس الشيوخ، النسبة أقل من ذلك حيث لا يوجد سوى 79 امرأة من أصل 263 (30,0٪). يبلغ مقياس تمكين الجنس في إسبانيا في الأمم المتحدة في تقرير التنمية البشرية 0,794 مما يضعها في المرتبة 12 عالمياً.
فروع الحكومة :
نظام الحكم في إسبانيا ملكي دستوري، حيث الملكية وراثية والبرلمان من مجلسين ويعرف باسم كورتيس خينيراليس. يتألف الفرع التنفيذي من السلطة من مجلس وزراء إسبانيا ويترأسه رئيس الوزراء، والذين يرشحهم ويعينهم الملك الإسباني ويمنحم مجلس النواب الثقة بعد الانتخابات التشريعية. وفقاً للعرف السياسي الذي أرساه الملك خوان كارلوس منذ التصديق على دستور عام 1978، كان مرشحو الملك من طرف الأغلبية في البرلمان.
تتكون السلطة التشريعية من مجلس النواب ويضم 350 عضواً ينتخبون بالاقتراع الشعبي لقوائم الكتل على أساس التمثيل النسبي ولولاية مدتها أربع سنوات. بينما يضم مجلس الشيوخ 259 مقعداً منها 208 تنتخب مباشرة بالاقتراع الشعبي و 51 آخرين يعينهم المشرعون المحليون ويخدمون أيضاً لأربع سنوات.
التقسيمات الإدارية :
القانون الأساسي المؤسس لمناطق الحكم الذاتي هو النظام الأساسي للحكم الذاتي. يقسم هذا النظام المجتمع وفقاً لهويته التاريخية وحدود أراضيه واسم وتنظيم مؤسسات الحكومة والحقوق التي يتمتع بها وفقاً للدستور.
يجب أن تقوم حكومة أي إقليم ذاتي الحكم على تقسيم السلطات وتشمل:
الجمعية التشريعية التي يجب أن ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام وفقاً لنظام التمثيل النسبي حيث تمثل جميع المناطق ضمن الإقليم بشكل عادل.
مجلس الحكومة والذي يمتلك المهام التنفيذية والإدارية ويترأسه رئيس منتخب من قبل الجمعية التشريعية ويرشحه ملك إسبانيا.
محكمة العدل العليا في إطار المحكمة العليا للدولة والذي ترأس التنظيم القضائي داخل منطقة الحكم الذاتي.
تعرف كتالونيا وأندلوسيا وبلاد الباسك وغاليسيا أنفسها بأنها جنسيات، بينما اتخذت أقاليم أخرى صفة خاصة وفقاً لهويتها التاريخية الإقليمية، مثل منطقة بلنسية وجزر الكناري وجزر البليار وأراغون.
تمتلك مناطق الحكم الذاتي استقلالاً تشريعياً وتنفيذياً عريضاً، حيث تمتلك برلماناتها الخاصة وحكوماتها الإقليمية. قد يختلف توزيع السلطات بين الأقاليم وذلك وفقاً لنظامها الأساسي. كان هناك سابقاً تمييز واضح بحكم الواقع بين ما يسمى الأقاليم "التاريخية" (بلاد الباسك وكاتالونيا وغاليسيا وأندلوسيا) وباقي الأقاليم. تميزت الأقاليم "التاريخية" بحرية أكبر بما في ذلك قدرة الرئيس الإقليمي على اختيار توقيت الانتخابات الإقليمية (طالما أن الفترة الفاصلة هي أربع سنوات أو أقل).
كمثال آخر، تمتلك بلاد الباسك ونافارا وكتالونيا قوات شرطة خاصة بها. بينما تمتلك الأقاليم الأخرى قوات إضافية محدودة (كما هو الحال في أندلوسيا ومدريد) أو لا شيء على الإطلاق.
مع ذلك قللت التعديلات الأخيرة التي أدخلت على النظم الأساسية لمناطق الحكم الذاتي الأخرى مثل إقليم بلنسية أو أراغون هذا التمييز بين الأقاليم.
التقسيمات الفرعية
تتكون مناطق الحكم الذاتي من مقاطعات بينما تتكون المقاطعات بدورها من البلديات. إن وجود هذه التقسيمات الفرعية يحميه الدستور وليس بالضرورة النظام الأساسي للحكم الذاتي نفسه. تمنح البلديات الاستقلال الذاتي لإدارة شؤونها الداخلية بينما المقاطعات هي التقسيمات الإقليمية الرامية إلى تنفيذ الأنشطة التي تضطلع بها الدولة.
يستند الهيكل الحالي المكون من خمسين مقاطعة على ما أسسه خافيير دي بورغوس عام 1833 مع تغييرات طفيفة. تعد المجتمعات في أستورياس وكانتابريا ولا ريوخا وجزر البليار ومدريد ومورسيا ونافارا مقاطعات أيضاً لكنها تمنح الحكم الذاتي لأسباب تاريخية.