By محمد المنجي5 - السبت إبريل 28, 2012 7:25 pm
- السبت إبريل 28, 2012 7:25 pm
#49268
انهمك الملك عبدالعزيز ومنذ بداية القرن الماضي في إعادة توحيد المملكة وتخليصها من أية شوائب وعوائق تقف في وجه هذا الهدف التاريخي النبيل. وكان من الطبيعي في تلك الحقبة أن يدله وعيه السياسي وحسه الواقعي بأن الحكمة تقتضي الابتعاد عن العواصف السياسية الدولية، وتجنب الانغماس في الشئون العالمية التي أدت بمصائر الكثير من الشعوب والدول إلى التهلكة وإلى تفسخ الامبراطوريات العتيدة، وما أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى أعلن عن ميلاد منظمة عالمية هي عصبة الأمم. لقد كانت الظروف السابقة لقيام عصبة الأمم امتحاناً عسيراً لكثير من القادة والشعوب في العالم.
ولعل من أبرز دلائل هذا الوعي السياسي العميق رفضه المشاركة في الحرب العالمية الأولى رغم دعوة بريطانيا له وإلحاحها على ذلك. كما دفعه يقينه بمآل الأمور والمبني على ثاقب نظرته ومهارته السياسية إلى أن الترتيبات السياسية والقانونية التي أتت بها عصبة الأمم لن تخدم استقرار العالم وأمنه وسلامه وأنها لا تستطيع تحمل الأعباء الموكولة إليها في ظل الكثير من التطورات الدولية السلبية المتمثلة مثلاً في بروز الكثير من العقائد السياسية المتطرفة لدى بعض الدول الأوروبية، واعتماد أساليب وشعارات مبنية على التعصب الفكري والاجتماعي والقومي.
لذلك، كان من الواضح للملك عبدالعزيز أن عصبة الأمم لم تلب طموحات شعوب ودول العالم الصغيرة لاسيما وأنها عكست بشكل أساسي مطامع وأهداف الدول الكبرى المنتصرة في الحرب. فقد تم في ظل العصبة اخضاع معظم الدول العربية إلى الهيمنة الاستعمارية من خلال ابتكار نظام الانتداب الذي لم يستجب لتطلعات الشعوب عموماً والعربية على وجه الخصوص، فضلاً عن أن العصبة هي من كرس وعد اللورد بلفور البريطاني بشأن إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين العربية، الأمر الذي كان يعارضه -رحمه الله- بشدة ولم يتردد في تضمين مشاعره ومواقفه الواضحة بهذا الشأن في خطاباته المتبادلة مع الرئيس الأمريكي روزفلت لاحقاً.
وقد توالت الأحداث الجسام والصراعات الدولية تباعاً إلى ان جاءت الحرب العالمية الثانية لتهز مقومات النظام الدولي مجدداً ودفعت قبيل انتهاء الحرب إلى بلورة مفهوم المجتمع الدولي القائم على أسس جديدة تمثلت بقيام الأمم المتحدة كمنظمة عالمية الطابع بدلاً من عصبة الأمم. وبعد قيام النظام الدولي الجديد في منتصف أربعينيات القرن الماضي وبروز ظاهرة الاستقطاب الدولي التي تمحورت حول المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والاتحاد السوفيتي وحلفائه وتجسدت بما عرف حتى بداية العقد الأخير من القرن العشرين بالحرب الباردة. وفي ظل هذه المتغيرات الدولية استطاع الملك عبدالعزيز استيعاب افرازاتها ومن ثم تجاوز عقبات السياسة الدولية.
لقد اقتنع الملك عبدالعزيز بالانضمام إلى الأمم المتحدة، وهو ما مكنه من تجاوز الكثير من الأحداث والوقائع الدولية بسلام وجنب بلاده الكوارث السياسية التي أصابت العديد من شعوب ودول العالم الأخرى. لقد دللت سياسات الملك عبدالعزيز الخارجية في تلك المرحلة الهامة في تاريخ العلاقات الدولية على عمق تبصره بالشئون الدولية وهو ما تجلى في مواقفه - رحمه الله - من الانضمام لمنظومة الأمم المتحدة بعد تأكيدها في ميثاقها على تثبيت الأمن والسلم الدوليين والحرص على استقرار واستقلال الدول، والتزامها بمبادئ المساواة في السيادة وحق تقرير المصير، واعتراف المنظمة بضرورة تحرير العالم من قبضة الاستعمار وتخليص شعوبه من اغلال الاستعباد والهيمنة الأجنبية.
يعد انضمام المملكة للأمم المتحدة تجسيداً بارزاً لواقعية الفكر السياسي للملك عبدالعزيز، إذ ما من شك، أن نجاح جهوده المتصلة في توحيد أجزاء المملكة وصهرها في بوتقة سياسية واجتماعية وأرضية صلبة قد مكنه من أن يتطلع إلى الساحة الدولية، لا لأن في ذلك منحى طبيعياً كي تأخذ المملكة الفتية موقعها بين الدول المستقلة ذات السيادة فحسب، بل لأن مشاركتها في تأسيس الأمم المتحدة كان دليلاً على اتساق المبادئ السامية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية مع تلك التي تنادي بها هذه المنظمة.
لقد فتحت العضوية في الأمم المتحدة للمملكة أبواباً عدة للحفاظ على مصالحها الوطنية وتحقيق أهدافها التي تعتمد على التعاون مع الدول الأعضاء الأخرى في كافة المجالات الفنية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. كما حشدت المملكة طاقاتها داخل أروقة الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها وكرست كافة الجهود في خدمة قضايا أمتها العربية والإسلامية وقضايا دول العالم الثالث، سواء كان ذلك إبان عهود التحرير في الخمسينيات أو الستينيات، وقد تبلور ذلك في حرص المملكة على دفع التضامن الإسلامي وجمع كلمة العرب ورص صفوفهم وتوحيد الرؤية العربية المشتركة، وبذل كل ما في وسعها للدفاع عن قضية العرب والمسلمين الأولى، قضية فلسطين منذ بداية الاحتلال الصهيوني المقيت. إنها جهود لم تكل أو تتراجع ومواقف ثابتة لا حيد عنها خصوصاً في دعم القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
لقد تابع أبناء الملك عبدالعزيز من بعده مسيرته التي اتسمت وفي مختلف القضايا، بالتعقل والهدوء ودراسة المعطيات الدولية بأسلوب هادئ ونظرة واقعية وفق ضوابط مبنية على المبادئ الإسلامية والتراث العربي والمصالح الوطنية واعتماد السلام والتعاون الدوليين ركائز أساسية في التعامل مع مختلف دول العالم. إن ما تحقق منذ إعلان المملكة مفخرة للشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية. فقد حمل قادتها الأمانة بكل عزم وثبات على مر السنين وها نحن، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- تستمر المسيرة، ويتواصل العطاء، ويعم الخير في أرجاء هذا الوطن، العزيز بقيادته، القوي بأبنائه.
وإذ نحتفل بهذه المناسبة المباركة فإننا نشعر بالفخر والاعتزاز بالمكانة المرموقة التي تحتلها المملكة بين المجتمعات الحضارية وبدورها الفريد في العالم لدعم السلام والأمن الدوليين. إن الجهود الخيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- واهتماماته بالقضايا الإسلامية والإنسانية المختلفة، وفي دعوته للتضامن والحوار، وللتفاهم بين الأديان، وبين الشعوب والحضارات، وفي السياسات الحكيمة التي يؤمن بها ويتبعها قد جعل المملكة أحد ركائز السلام الاقليمي والعالمي ومن أهم القوى التي تسهم في استقرار ونمو الاقتصاد الدولي بدليل اختيارها ضمن مجموعة الدول العشرين الأهم اقتصادياً في العالم. وما هذا التقدير إلا استمرار لما حققته المملكة من انجازات متواصلة تعكس جهود وحكمة القيادة السعودية وعمق رؤيتها وادراكها لأهمية تعزيز أواصر الثقة والتعاون مع كافة الأمم والشعوب المحبة للسلام.
انهمك الملك عبدالعزيز ومنذ بداية القرن الماضي في إعادة توحيد المملكة وتخليصها من أية شوائب وعوائق تقف في وجه هذا الهدف التاريخي النبيل. وكان من الطبيعي في تلك الحقبة أن يدله وعيه السياسي وحسه الواقعي بأن الحكمة تقتضي الابتعاد عن العواصف السياسية الدولية، وتجنب الانغماس في الشئون العالمية التي أدت بمصائر الكثير من الشعوب والدول إلى التهلكة وإلى تفسخ الامبراطوريات العتيدة، وما أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى أعلن عن ميلاد منظمة عالمية هي عصبة الأمم. لقد كانت الظروف السابقة لقيام عصبة الأمم امتحاناً عسيراً لكثير من القادة والشعوب في العالم.
ولعل من أبرز دلائل هذا الوعي السياسي العميق رفضه المشاركة في الحرب العالمية الأولى رغم دعوة بريطانيا له وإلحاحها على ذلك. كما دفعه يقينه بمآل الأمور والمبني على ثاقب نظرته ومهارته السياسية إلى أن الترتيبات السياسية والقانونية التي أتت بها عصبة الأمم لن تخدم استقرار العالم وأمنه وسلامه وأنها لا تستطيع تحمل الأعباء الموكولة إليها في ظل الكثير من التطورات الدولية السلبية المتمثلة مثلاً في بروز الكثير من العقائد السياسية المتطرفة لدى بعض الدول الأوروبية، واعتماد أساليب وشعارات مبنية على التعصب الفكري والاجتماعي والقومي.
لذلك، كان من الواضح للملك عبدالعزيز أن عصبة الأمم لم تلب طموحات شعوب ودول العالم الصغيرة لاسيما وأنها عكست بشكل أساسي مطامع وأهداف الدول الكبرى المنتصرة في الحرب. فقد تم في ظل العصبة اخضاع معظم الدول العربية إلى الهيمنة الاستعمارية من خلال ابتكار نظام الانتداب الذي لم يستجب لتطلعات الشعوب عموماً والعربية على وجه الخصوص، فضلاً عن أن العصبة هي من كرس وعد اللورد بلفور البريطاني بشأن إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين العربية، الأمر الذي كان يعارضه -رحمه الله- بشدة ولم يتردد في تضمين مشاعره ومواقفه الواضحة بهذا الشأن في خطاباته المتبادلة مع الرئيس الأمريكي روزفلت لاحقاً.
وقد توالت الأحداث الجسام والصراعات الدولية تباعاً إلى ان جاءت الحرب العالمية الثانية لتهز مقومات النظام الدولي مجدداً ودفعت قبيل انتهاء الحرب إلى بلورة مفهوم المجتمع الدولي القائم على أسس جديدة تمثلت بقيام الأمم المتحدة كمنظمة عالمية الطابع بدلاً من عصبة الأمم. وبعد قيام النظام الدولي الجديد في منتصف أربعينيات القرن الماضي وبروز ظاهرة الاستقطاب الدولي التي تمحورت حول المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والاتحاد السوفيتي وحلفائه وتجسدت بما عرف حتى بداية العقد الأخير من القرن العشرين بالحرب الباردة. وفي ظل هذه المتغيرات الدولية استطاع الملك عبدالعزيز استيعاب افرازاتها ومن ثم تجاوز عقبات السياسة الدولية.
لقد اقتنع الملك عبدالعزيز بالانضمام إلى الأمم المتحدة، وهو ما مكنه من تجاوز الكثير من الأحداث والوقائع الدولية بسلام وجنب بلاده الكوارث السياسية التي أصابت العديد من شعوب ودول العالم الأخرى. لقد دللت سياسات الملك عبدالعزيز الخارجية في تلك المرحلة الهامة في تاريخ العلاقات الدولية على عمق تبصره بالشئون الدولية وهو ما تجلى في مواقفه - رحمه الله - من الانضمام لمنظومة الأمم المتحدة بعد تأكيدها في ميثاقها على تثبيت الأمن والسلم الدوليين والحرص على استقرار واستقلال الدول، والتزامها بمبادئ المساواة في السيادة وحق تقرير المصير، واعتراف المنظمة بضرورة تحرير العالم من قبضة الاستعمار وتخليص شعوبه من اغلال الاستعباد والهيمنة الأجنبية.
يعد انضمام المملكة للأمم المتحدة تجسيداً بارزاً لواقعية الفكر السياسي للملك عبدالعزيز، إذ ما من شك، أن نجاح جهوده المتصلة في توحيد أجزاء المملكة وصهرها في بوتقة سياسية واجتماعية وأرضية صلبة قد مكنه من أن يتطلع إلى الساحة الدولية، لا لأن في ذلك منحى طبيعياً كي تأخذ المملكة الفتية موقعها بين الدول المستقلة ذات السيادة فحسب، بل لأن مشاركتها في تأسيس الأمم المتحدة كان دليلاً على اتساق المبادئ السامية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية مع تلك التي تنادي بها هذه المنظمة.
لقد فتحت العضوية في الأمم المتحدة للمملكة أبواباً عدة للحفاظ على مصالحها الوطنية وتحقيق أهدافها التي تعتمد على التعاون مع الدول الأعضاء الأخرى في كافة المجالات الفنية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. كما حشدت المملكة طاقاتها داخل أروقة الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها وكرست كافة الجهود في خدمة قضايا أمتها العربية والإسلامية وقضايا دول العالم الثالث، سواء كان ذلك إبان عهود التحرير في الخمسينيات أو الستينيات، وقد تبلور ذلك في حرص المملكة على دفع التضامن الإسلامي وجمع كلمة العرب ورص صفوفهم وتوحيد الرؤية العربية المشتركة، وبذل كل ما في وسعها للدفاع عن قضية العرب والمسلمين الأولى، قضية فلسطين منذ بداية الاحتلال الصهيوني المقيت. إنها جهود لم تكل أو تتراجع ومواقف ثابتة لا حيد عنها خصوصاً في دعم القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
لقد تابع أبناء الملك عبدالعزيز من بعده مسيرته التي اتسمت وفي مختلف القضايا، بالتعقل والهدوء ودراسة المعطيات الدولية بأسلوب هادئ ونظرة واقعية وفق ضوابط مبنية على المبادئ الإسلامية والتراث العربي والمصالح الوطنية واعتماد السلام والتعاون الدوليين ركائز أساسية في التعامل مع مختلف دول العالم. إن ما تحقق منذ إعلان المملكة مفخرة للشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية. فقد حمل قادتها الأمانة بكل عزم وثبات على مر السنين وها نحن، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- تستمر المسيرة، ويتواصل العطاء، ويعم الخير في أرجاء هذا الوطن، العزيز بقيادته، القوي بأبنائه.
وإذ نحتفل بهذه المناسبة المباركة فإننا نشعر بالفخر والاعتزاز بالمكانة المرموقة التي تحتلها المملكة بين المجتمعات الحضارية وبدورها الفريد في العالم لدعم السلام والأمن الدوليين. إن الجهود الخيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- واهتماماته بالقضايا الإسلامية والإنسانية المختلفة، وفي دعوته للتضامن والحوار، وللتفاهم بين الأديان، وبين الشعوب والحضارات، وفي السياسات الحكيمة التي يؤمن بها ويتبعها قد جعل المملكة أحد ركائز السلام الاقليمي والعالمي ومن أهم القوى التي تسهم في استقرار ونمو الاقتصاد الدولي بدليل اختيارها ضمن مجموعة الدول العشرين الأهم اقتصادياً في العالم. وما هذا التقدير إلا استمرار لما حققته المملكة من انجازات متواصلة تعكس جهود وحكمة القيادة السعودية وعمق رؤيتها وادراكها لأهمية تعزيز أواصر الثقة والتعاون مع كافة الأمم والشعوب المحبة للسلام.