دور النفط في الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط
دور النفط في الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط
د.خليل زهر
تعتبر الموارد البترولية من أبرز معالم الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط نظرا لتركز ما يزيد على 60 في المائة من احتياطيات النفط العالمية فيها. كما يعتبره العديد من المحللين الاستراتيجيين عاملا أساسيا في التنافس على النفوذ في المنطقة سواء الإقليمي أو الدولي. بدليل أن عددا من التحليلات والدراسات تعزو الهدف الرئيس خلف الغزو العسكري الأمريكي للعراق إلى رغبة أمريكا وحلفائها في السيطرة على موارد العراق البترولية الكثيرة. كما يصبح النفط في مثل هذه التحليلات عاملا مهما وراء الدعم الخارجي للحركات الانفصالية في المنطقة. ويضع البعض الحرب الأفغانية في إطار هدف الولايات المتحدة وحلفائها السيطرة على ممر استراتيجي مستقبلي للنفط والغاز من روسيا ودول القوقاز إلى أسواق الهند وجنوب شرق آسيا. وكذلك الأزمة الإيرانية مع الدول الغربية، حيث يعتقد هؤلاء أن القضية النووية ما هي إلا ذريعة للسيطرة على موارد إيران البترولية، كما كان الملف النووي المختلق ذريعة لتبرير غزو العراق.
لكن التطورات الأخيرة في العراق تلقي الشك حول هذه الأطروحة، فعلى الرغم من مرور ثماني سنوات على احتلال العراق وتكبد قوة الاحتلال ما يزيد على 700 مليار دولار من التكاليف حتى الآن، فضلا عن خسائرها وحلفائها في الأرواح والجرحى، فإن ما حظيت به الشركات النفطية الأمريكية من عقود في دورتين من العطاءات التي أجرتهما الحكومة العراقية حتى الآن، لا تشير إلى أفضلية استثنائية لها أو لغيرها من الشركات الغربية. فما حصلت تلك الشركات عليه في ظل الاحتلال لا يختلف عما يمكن أن تحصل عليه تحت ظروف طبيعية وإرادة عراقية حرة، مع الأخذ في الاعتبار الميزة المكتسبة للشركات الغربية الرئيسة الناتجة من خبرتها المتميزة وتقنياتها المتقدمة. فقد توزعت العطاءات في الدورتين على شركات متعددة من الولايات المتحدة، الصين، بريطانيا، إيطاليا، ماليزيا، روسيا، هولندا، وغيرها.