صفحة 1 من 1

مفهوم العلاقات العامة في الاسلام

مرسل: الاثنين إبريل 30, 2012 7:35 pm
بواسطة احمد الدوسري
مفهوم العلاقات العامة في الاسلام
من المعلوم أن إدارة العلاقات العامة مهما اختلف شكلها التنظيمي من حيث الحجم والموقع والمكان في كافة الوزارات , أو المنظمات , أو المؤسسات , فإنها تشكل جزءًا من الهيكل التنظيمي لهذه الإدارات , وتضم حشدًا من الإمكانيات البشرية والمادية والفنية التي تستخدمها من أجل تنفيذ وظائف محددة, وتحقيق أهداف معينة. وهي بذلك تمثل نظامًا فرعيًا يرتبط بنظام أشمل هو المؤسسة , التي تمثل بدورها نظامًا يرتبط بالبيئة التي توجد فيها , وترتبط معها برباط تبادلي في التأثر والتأثير .

إن إدارة المؤسسة بصورة عامة , وإدارة العلاقات العامة بصورة خاصة لا تستطيع تحقيق أهدافها بمعزل عن تأثيرات البيئة السياسية , والاجتماعية , والاقتصادية , والثقافية , والقانونية , والتعليمية , والدينية , وأن هذه العوامل تؤثر سلبًا أو إيجابًا على العملية الإدارية بكليتها.

ومن بين هذه العوامل المؤثرة في وظيفة العلاقات العامة , العوامل الدينية ؛ حيث إن للدين أثرًا بالغًا في الإدارة , إذ يتضح ذلك في سلوك الأفراد العاملين فيها , ولعل دراسة النظم الإدارية عند قدماء المصريين توضح أثر الدين في الإدارة ؛ فقد كان للكهنة أهميةً كبرى عند الحكام ؛ إذ كانوا يطلبون مشورتهم وتوجيهاتهم وعونهم في أغلب شئون الحكم. ولم يكن بناء المقابر والأهرامات إلا شكلاً من أشكال ارتباط العقائد الدينية بالإدارة التي استخدمت تقسيم العمل, والتخطيط والتنظيم والتوجيه , والقيادة, والرقابة, والاتصال في إنجاز المهام التي فرضتها العقائد الدينية آنذاك.

ولما جاء الإسلام , وحددت مبادئه في القرآن الكريم والسنة النبوية, فقد كان الدين أكثر وضوحًا في التأثير في الإدارة. فكان التخصص وتقسيم العمل , والتخطيط, والتنظيم , والتوجيه , والقيادة , والرقابة , أوضح قانون في التنظيم الإداري الإسلامي.

وقد أسهمت الحضارة الإسلامية بدور بارز في تطوير العلاقات العامة بفضل حثها على الشورى في الكرم , والإنسانية في معاملة الناس. ويحوي الفكر الإسلامي منهجًا خاصًّا بإعلام متميز يستمد أصوله من القرآن الكريم, وسنة محمد (r)

وفي مجال العلاقات العامة أولى الإسلام عنايةً فائقةً للاهتمام بظاهرة الرأي , وكشف عن المقومات الموضوعية للرأي العام , وحدد الوظائف المنوطة به.

وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن القرآن الكريم وحياة الرسول (r) أقوالاً وأفعالاً وتقريرات تطبيقًا لمفاهيم العلاقات العامة بمفهومها الحديث, وتعد هذه الفترة التي شهدت نشر الدعوة الإسلامية على يد النبي (r) فترة تاريخية لها دورها في تطور العلاقات العامة بما جاءت به من مبادئ ومثل ذات الطابع التوجيهي والإرشادي([1])

وهكذا يتضح أن الإسلام دين دعوة ؛ لأنه كلف جميع المسلمين بالمسئولية الإعلامية من أول رسولهم (r) , وجعل الوظيفة الإعلامية لا تقل في أهميتها عن أهمية الصلاة والزكاة وغيرها من الفرائض الإسلامية الأخرى. وكما قال الرسول (r) : "الدين النصيحة" , وما النصيحة ؛ إنها الإعلام الصادق الأمين([2]).

ولما كان المجتمع المصري محكومًا بأخلاقياته وقيمه وتقاليده التي توارثها الأفراد عبر آلاف السنين , فيعد الدين أهم الروافد التي تغذي الأفراد بهذه الأخلاقيات([3]).

ومعنى هذا أن الإسلام ليس هو القاصر على مثل هذه الأخلاقيات , بل إن باقي الأديان السماوية أكدت على ضرورة ارتباط الأخلاق بالدين , وهذا ما أكده الفيلسوف الألماني "فيخته" بأن الأخلاق من غير دين عبث , وكما قال الفيلسوف الهندي "غاندي" بأن مكارم الأخلاق والدين شيء واحد , لا يقبل الانفصال , ولا يفترق بعضهما عن بعض , فهما وحدة لا تتجزأ. إن الدين كالروح للأخلاق , والأخلاق كالجو للروح , وبعبارة أخرى : الدين يغذي الأخلاق وينميها وينعشها([4]).

وبالطبع فإن بعض علماء الشرق الأوسط يبرهنون بالبراهين القاطعة على أن تطور ممارسة العلاقات العامة في الثقافة العربية يمكن تتبعه إلى أكثر من 1200 عام مضت بالتأكيد إلى وقت سيدنا محمد (r) , الذي وضع وأَصّل أخلاقيات العلاقات العامة في سياق النظرية الأخلاقية الإسلامية([5]).

وقد حاولت إحدى الجامعات في الشرق الأوسط تقديم برنامج لتعليم العلاقات العامة , يتفق مع الطراز الغربي , ولكنها وجدت معارضةً بسبب اختلاف الثقافات والمعايير([6]).

ومن هنا فإن الأخلاق في الإسلام لها طابع يطبق كل جوانب الحياة والفكر , كما لها سلطانها وأثرها في السياسة والاقتصاد , والاجتماع , والتربية , والأدب , والقانون. وأخلاق الإسلام ليست "مثالية" , بمعنى أنها نظرية فوق التطبيق , فالأخلاق في الإسلام منهج علمي , وليست نظرية وهي تقوم على مبدأي الالتزام والجزاء الأخروي , وتستمد وجودها من حرية الإنسان, وإرادته في الاختيار, وتحمل المسئولية , فالفرد مسئول عن عمله , وقد ربط الإسلام بين مفهوم الأخلاق , وبين التطبيق العملي , ورسم للناس قواعد العمل الصالح الذي ينبغي أن يسيروا عليها , استمدادًا من القرآن والسنة([7]).