منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#49626
دراسة للفضالة.. يحذر من الاضمحلال السياسي والفوضى المتصاعدة وتوقف الحكومات عن الحكم

الحكومات لا تحكم.. الاضمحلال السياسي قادم.. هذه هي الكويت اليوم

الحكومات لا تحكم.. الاضمحلال السياسي قادم.. هذه هي الكويت اليوم

النموذج الكويتي للاضمحلال السياسي (1 – 3)

الأزمة السياسية مستمرة.. الصراع الاجتماعي متصاعد.. والاستخدام السياسي للشارع غير مسبوق

العصرنة السريعة ولدت تغيراً (اجتماعياً – اقتصادياً) تعجز التركيبات السياسية القائمة عن مواكبتها .. فيبدأ الإضمحلال السياسي

ثقافة الاستحقاق الجديدة تلازم العصرنة السريعة وتسهل استثارتها واستخدامها

تصاعد المشاركة السياسية نتاج طبيعي لغياب فرص الصعود الاجتماعي

القوى الصاعدة تبحث عن دور.. والتقليدية تحاول منعها.. والنتيجة: «فوضى سياسية و.. اضمحلال النظام»

عندما لا يتيح المجتمع المغلق فرصاً كافية لأبنائه.. ينتج الإحباط المجتمعي

القوى الجديدة نتاج العصرنة وجهت عدوانيتها للنظام.. بدلاً من مواجهة القوى القديمة

حتى حلول هنتجتون لا تصلح محلياً.. فالعملية السياسية الكويتية تحررت بالكامل مع قانون المطبوعات… مع قانون الدوائر الخمس… مع تصاعد تكنولوجيا التواصل… مع تعود المعارضة على استخدام الشارع



صور
< مجلس الوزراء
< الخروج إلى الشارع أصبح ظاهرة
مجلس الأمة

سوداوية المشهد السياسي والاقتصادي والمجتمعي الكويتي ماثلة امام الأعين.
الاصلاح مطلوب.. لكنه خيار صعب جدا، يحتاج الى ظروف موضوعية ورجالات دولة، فلا الظروف موجودة ولا الدولة زاخرة برجالات قادرون على عمل المهمة المستحيلة، وانقاذ الكويت من الاضمحلال السياسي الكامل المتزامن مع حالة الفوضى السياسية المتصاعدة.
تلك النظرة السوداوية، مع الاسف، هي خلاصة نظرة الباحث الشاب ناصر محمد سند الفضالة، والتي تنشرها «الوطن» آملة اطلاع كل من هو في موقع المسؤولية على هذه الدراسة، ومحاولة البحث الجماعي عن الحلول التي تقي شباب الكويت من هذه النظرة التشاؤمية نحو مستقبل بلادهم.. ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
الباحث ناصر الفضالة استند في دراسته الى مراجع ودراسات ومقالات قيمة، واشار اليها في هوامش مفصلة أرفقت مع الدراسة، مؤمناً بأن فوضى المشهد السياسي المحلي الكويتي تتصاعد، وتقود البلاد الى حالة (الاضمحلال السياسي للنظام)، وان الحكومات المتعاقبة على الكويت باتت تتوقف عن الحكم.
الباحث الفضالة يستند الى افتراضات بأن الاضمحلال المؤدي الى الفوضى له اسباب، لكن أسبابه كلها مجتمعة في الكويت، فالحداثة السريعة التي استخدم للتعبير عنها مفردة (العصرنة) تنتج واقعاً اجتماعياً واقتصادياً مختلفاً تعجز التركيبات السياسية عن مواكبته، وكذلك يرى عجز النظام عن إصلاح نفسه، لأسباب تخص النظام من جهة، ولأسباب أخرى تخص الواقع الموجود في الكويت من جهة اخرى، وكلها آليات تقود المشهد السياسي الى فوضى غير مسبوقة تعبر عن صراع اجتماعي.
الباحث ناصر الفضالة يرى ان تسارع الحداثة يرفع الفوضى السياسية لبروز قوى جديدة مختلفة تبحث عن مواقعها ومصالحها.
وتقوم هذه القوى بتكثيف مشاركتها السياسية للتغلب على محدودية الفرص بسبب سيطرة القوى التقليدية، فتقع السلطة بين مطرقة الولاء التقليدي للجماعات القديمة وسندان الجماعات الجديدة، ما يوقع النظام في فخ تراجع ولاء القوى التقليدية وعدم كفاية ولاء القوى الصاعدة.
ومثلما يرى الفضالة أزمة انغلاق المجتمع وإفرازها لوناً واحداً لاستجوابات الفترة من 2005 الى 2001 وما صاحبها من تحول النشاطات الاعتراضية الى الشارع وبروز القبلية السياسية، فانه يرى «مثلا ؟؟ المدير» التي تسيطر على إبناء الكويت، ثم صدمتهم مع دخولهم سوق العمل وما ينجم عن تلك الصدمة من إحباطات تترجم الى مشاركة سياسية متمردة تزيد من سرعة التوجه نحو الفوضى والاضمحلال السياسي.
الإصلاح.. الذي عادة ما يكون مخرجاً للدول من المضي قدماً في حالة الفوضى، يراه الباحث ناصر الفضالة خياراً صعباً وغير واقعي يقوده الى استحالة التحقق لعدة ظروف موضوعية وواقعية، فتعريف الإصلاح مهمة شبه مستحيلة، وماذا تصلح؟ وهل نحن دولة حضرية أم بدوية؟.. شيعية أم سنية؟ مدنية.. أم دينية؟.. وكيف نصلح الأفق والتشريع (الهجين) في بلادنا كيف نواجهه؟ هذا التشريع القائم على التسويات والذي صار يلد لنا قوانين ميتة.
ناصر محمد سند فضالة الفضالة يرى – حسب دراسته – أن الشعب نفسه لن يقبل إصلاحاً يدفع هو كشعب ثمنه، يزيد الطين بلة انتشار ثقافة الشك وأزمة الثقة، وفوق هذا وذاك ان الجيل القائد في الكويت اليوم هو الجيل الأكثر تعرضاً لتأثيرات الغزو العراقي.
ويطرح الفضالة السؤال الصعب: كيف نستطيع الإصلاح.. ولكل مسؤول فاسد سند طائفي أو عشائري أو عائلي؟
الإصلاح يقف أمامه عوائق عدة، الكفاءة من ضمنها، وعامل الوقت من أهم أعدائه، ويقرع هنا ناقوس الإنذار من أن أزمة العجز المالي الكويتي القادمة أخطر بكثير من أزمة الثمانينات.
يرى الضرائب ليست حلاً، والخصخصة غير متاحة، والمشهد القادم في الكويت سوداوي مثلما سيتعثر فيه النظام، سيتعثر أيضاً السياسيون، ويمكن اختصار الدراسة – المتشائمة – للباحث ناصر الفضالة بالقول: تعددت الأسباب.. والاضمحلال قادم.
وفيما يلي النص الكامل لدراسة ناصر محمد سند الفضالة:


النموذج الكويتي للاضمحلال السياسي

بلا حاجة لمقدمات تطويلية طموح هذا البحث هو تشخيص الحالة الكويتية، سأفسر فوضى المشهد السياسي المحلي على انها اشارات «اضمحلال سياسي» (Political Decay) اضمحلال سياسي آخذ في التصاعد أستطيع الاضافة، اضمحلال النظام الكويتي لا يبدو بعيداً نحن في الطريق اليه، نشهد معالم بدايته يومياً، في منهج تصاعدي نرى عملية مستمرة لاسقاط هيبة النظام ثم شرعيته، نرى مجتمعا سياسيا منقسما على نفسه، نرى مؤسسات وتركيبات الدولة لهما القليل من القوة والأقل من الاحترام، نرى توقف الحكومات المتعاقبة عن الحكم. هذه هي الكويت الآن! لا استفيض في توصيف معالم الاضمحلال السياسي للنظام الكويتي القائم لكن هل أكتفي بذكر الأزمة السياسية المستمرة منذ 2005؟ أم أُعدد حالات الاستخدام السياسي للشارع غير المسبوق كويتياً؟ أو تكفيني التصاعدية في حالات التعدي على مسند الامارة وقضايا أمن الدولة؟ أم ان شكل الاضمحلال الكويتي برز في ظهور معالم الصراع الاجتماعي الى السطح؟.
علمياً آليتان اثنتان تفسران الفوضى السياسية الحالية، يشدد العلماء على تلازمهما لاحداث الفوضى والاضمحلال، سأفصل في هاتين الآليتين وكيف ستنقلان الفوضى الى اضمحلال سياسي، في المحور الأول من هذا المبحث أفسر الفوضى السياسية الحالية على انها نتاج عملية العصرنة والتحديث السريعة التي شهدتها الكويت، هذه العصرنة التسارعية تنتج تغيرا اجتماعيا/ اقتصاديا تعجز التركيبات السياسية القائمة عن مواكبته فيبدأ الاضمحلال السياسي، الآلية الثانية لهذه الفوضى السياسية أتناولها في المحور الثاني، هي تفسر الفوضى السياسية وتصاعدها الى اضمحلال للنظام السياسي بعجز النظام السياسي القائم عن اصلاح نفسه في وجه احتجاجات متصاعدة تطالبه بالتغيير، سأفصل في أسباب فشل المحاولات الاصلاحية السابقة والاهم في لماذا يحكم على أي محاولة مستقبلية بفشل مماثل.
عندما أنتهي من الخوض في هاتين الآليتين سأكون وفقت ليس فقط في تفسير أسباب الفوضى السياسية الحالية فحسب لكن في تسليط الضوء على القادم من الاضمحلال السياسي، هدف هذا المبحث الوحيد هو رفع الراية عالياً تحذيراً من القادم، اذا تركت الفوضى السياسية الحالية بلا حل فلن تنتهي الا باضمحلال كامل للنظام السياسي القائم.

القسم الأول: العصرنة كمسبب للاضمحلال السياسي

«اخضاع المجتمعات التقليدية لمعدل عال من العصرنة (Modernization) في فترة زمنية قصيرة هو مسبب لعملية تغير اجتماعي/ اقتصادي، تزامن هذا التغير مع -1 دخول قوى اجتماعية جديدة للعملية السياسية و-2 مع عجز التركيبات والترتيبات السياسية القائمة عن استيعاب كل هذه التغيرات سيعمل على زيادة الفوضى السياسية، ترك هذه الفوضى بلا حل سيعمل على اضمحلال النظام السياسي القائم (Political Decay) وانهياره الحتمي» (1).
بالعصرنة (Modernization) أشير للمرحلة التطورية التي تمر بها المجتمعات من التقليدية الى الحداثة، هي عملية التغير الاجتماعي التي تحصل بها المجتمعات الأقل نمواً على الخصائص المشتركة للمجتمعات الأكثر تطوراً.مؤشرات قياس هذه العملية تعتمد على معايير ثمانية، المفاضلة في معدلات التحضر وسكنى المدن، ارتفاع معدل دخل الفرد، ارتفاع مستوى المعيشة، ارتفاع معدلات القراءة ومحو الأمية، ارتفاع معدل التسجيل في التعليم الأولي والثانوي، التنوع في التعرض لوسائل الاعلام والاتصال، انخفاض معدلات وفيات الرضع، ارتفاع معدل استهلاك السعرات الحرارية.
التقدم الاقتصادي/ الاجتماعي السريع في فترة زمنية قصيرة سيكون عامل هدم لا بناء، هو عامل محفز على تسريع الصراع الاجتماعي وخلق فوضى سياسية لن تنتهي الا بسقوط النظام السياسي.أدلة غامرة تدعم هذه الفرضية «فعامل الارتباط بين معدل التغير التراكمي لستة مؤشرات عصرنة في 67 دولة في فترة 1962-1935 وبين الفوضى السياسية في هذه المجتمعات يقف عند معدل عالٍ» (2) ثم «كلما ارتفع معدل التغير نحو الحداثة كلما ارتفع معدل الفوضى السياسية سواء قيست ديناميكياً أو ثبوتياً»(3) كما ان «الاضمحلال في النظام السياسي والتقويض في فعالية السلطة وشرعية الحكم كنتيجة للعملية التحديثية أمر تثبته الدراسات التحليلية العابرة للدول»(4).
ميكانيكية قراءة هذه العملية تمر كالآتي: أولاً نتاجاً لهذه العصرنة يحصل تغير في مواقف وقيم وتوقعات أفراد الجماعات المختلفة، فبفعل العملية التحديثية المفاجئة والسريعة تظهر ثقافة استحقاق جديدة (Culture Of Entitlement)، تزداد استثارتها عندما تشهد حرمانها من الثروة الجديدة نتاج الفعل التحديثي.ثم الفردانية الجديدة توازيها نشوء سيكولوجيات الطموح الشخصي (Status Seeking).
هذه التغيرات القيمية دافع للمشاركة السياسية «فغياب الفرص في مجتمع مغلق يجعل المشاركة السياسية طريق الحركية والتسلق الاجتماعي»(5)، وزيادة المشاركة السياسية هي إحدى علامات الفوضى السياسية الرئيسة، ثانياً التغير الاجتماعي والاقتصادي الحاصل سيضعف علاقات الانتاج التقليدية وبالتالي يضعف الولاء التقليدي للنظام من قبل الجماعات الاجتماعية القديمة من جهة، من جهة أخرى ينتج صعود لقوى اجتماعية جديدة قد لا تدين بالولاء الكافي للنظام السياسي القائم.
هنا تنشأ الازمة المتكررة وسط «العملية التحديثية «: القوى الاجتماعية الصاعدة تبحث عن دور لكن الترتيبات والتركيبات السياسية القائمة تمنعها من سهولة دخول المنظومة السياسية، محاولة هذه القوى الجديدة الحصول على المكانة ومحاولة قوى المجتمع القديم صدها والحفاظ على مراكز نفوذها في هيكلية الدولة والمجتمع ينتج الفوضى السياسية، اضمحلال النظام السياسي القائم سيأتي بفعل هذا الصراع الاجتماعي، القوى الجديدة تهدم هذا النظام الذي يمنعها من بسط قوتها الفعلية، هذا النظام الذي يرفض الاعتراف بتغيرات موازين القوى الجديدة.الشكل الهيكلي رقم (1) محاولة تبسيطية لميكانيكية الاضمحلال السياسي. (6)، (7).

هل في الحالة الكويتية اضمحلال سياسي؟

أبسط تعريف لحالة الاضمحلال السياسي هو وصف نظام «حيث المجتمع السياسي منقسم على نفسه، حيث مؤسسات وتركيبات الدولة السياسية لها القليل من القوة والأقل من الاحترام، حيث في حالات كثيرة تتوقف الحكومات عن الحكم» (8) اسقاط هذا التعريف على الحالة الكويتية ملائم جداً.هذا توصيف مناسب لفوضى المشهد السياسي الكويتي في فترة 2011-2005. بالفعل حالة اللا- استقرار السياسي التي تشهدها الكويت هي نتيجة المعدل العالي للعصرنة في فترة قصيرة، افرازات هذه العصرنة من تغير اجتماعي واقتصادي وانتاجه لقوى اجتماعية جديدة هي عوامل زعزعة للاستقرار السياسي.
أولاً خاضت الكويت فترة (1981-1961) غمار عملية تحديثية هائلة (9)، مؤشرات التحديث كلها تدلل عليها، مئات الألوف انتقلوا من حياة البادية الى التحضر وسكنوا المدن بالتوزيع الاسكاني الحكومي، وحصل ما يفوق 220 ألف نسمة على الجنسية في هذه الفترة (10)، أصبح التسجيل في التعليم الأولى الزاميا (قانون 11 لسنة 1965)، مستويات المعيشة والدخل القومي تضاعفت الى مستويات قياسية، الخدمات الصحية من لا شيء أصبحت في مستوى الدول الغربية، هذا المعدل العالي للفعل التحديثي في فترة قصيرة ستكون له آثاره السيئة على الاستقرار السياسي لاحقاً (11).
ثانياً بفعل العملية التحديثية نشأ تغير اجتماعي/ اقتصادي ملحوظ، ساعة قيام الدولة هدمت علاقات الانتاج القديمة وُخلقت علاقات جديدة، غربلة كاملة لتركيبة المجتمع الطبقية تمت في سنوات قليلة.توزيعة مؤشر مصادر القوة (Index Of Power Resources) تغيرت كلياً (12)، الارتفاع في معدلات التعليم زاد الطموح الشخصي (Aspiration) لدى قطاعات واسعة من المجتمع والنمو الاقتصادي السريع استثار شهية هذه القطاعات للحصول على قطعة من الثروة الجديدة لكن هذا كله جوبه بانغلاقية في مجتمع لا يتيح فرصاً سهلة، الانغلاقية ينتج عنها احباط مجتمعي «فأثناء العملية التحديثية غياب فرص الحركية الاقتصادية والاجتماعية وعدم قدرة التركيبات السياسية في الدولة والمجتمع على التكييف واستيعاب القوى الجديدة يؤدي الى احباط اجتماعي« (13).
ثالثاً بفعل العملية التحديثية دخل لاعبون اجتماعيون جدد الى الساحة السياسية (القوى البدوية)، تأخرية هذا الدخول حرمها من احتلال مراكز في هيكلية الدولة – المجتمع، هذا الحرمان سيفسر عدوانيتها تجاه توازنات القوى القائمة التي تمنعها من بسط نفوذها، وكما في النقطة السابقة النمو الاقتصادي السريع يثير شهيتها للحصول على قطعة من الثروة والمناصب البيروقراطية.لكنها تجابه بانغلاقية فرص الحركية الاجتماعية الى الأعلى. في 2011 لن تجد ولا مدير عام هيئة عامة بدوي وفقط وكيل وزارة بدوي واحد.هذا يترجم الى احباط اجتماعي آخر سأفسر تالياً آلية تحوله الى مشاركة سياسية(14) ترفع حالة الفوضى السياسية.
اثبات رابطية العلاقة بين هذا الصعود البدوي وحالة اللا- استقرار السياسي من السهولة بمكان، ففحص استجوابات مرحلة 2011-2005 يكشف اللون البدوي الطاغي عليها (15)، نشاطات سياسية اعتراضية كالخروج الى الشارع والتظاهر يغلب عليها ذات اللون البدوي من نواب أو ناشطين.تفسير العودة الى حضن العشيرة وظهور القبلية السياسية أمر بسيط، فيثبتها هنتنجتون كحالة مكررة من نتائج العصرنة، تظهرها مشاهداته لسلوك قبائل افريقية خاضت دويلاتها غمار العملية التحديثية «فالتأثير الغربي على المجتمع التقليدي ينتج زيادة في وعي وتماسك وقدرات العمل الجمعي للقوى الاجتماعية المختلفة، ثم مع هذه الهوية الجماعية للقبيلة يتطور تحيز جماعي (Group Prejudice)، حال الاحتكاك مع الجماعات الأخرى خصوصاُ عند توافر غنائم ثمينة تنمو الى جانب هذا التحيز العنصرية، هنا تزداد الفوضى السياسية وحالة اللا- استقرار» (16).

نظرة مقربة على الاحباط المجتمعي في الحالة الكويتية:

«توقعات عظيمة» في الحالة الكويتية هي عامل الاحباط الرئيسي، مع حليب والدته يتعرف الكويتي على ثقافة استحقاق (Sense Of Entitlement) تؤكد له انه ملح الأرض، ان حقه طبيعي في سكن منطقة راقية، في الحصول على سيارة آخر موديل، في حساب في البنك، في القدرة على السياحة والسفر ثلاث مرات سنوياً، وأخيرا في وظيفة مرموقة تثير غيرة الآخرين، يراها حقوقاً طبيعية تأتي مع المواطنة، لا تفهم الذهنية الكويتية الرابط ما بين الانتاجية والمكافأة، تفشل هذه العقلية في فهم ان التركيبة الطبيعية لكل مجتمع هي في الطبقية بل يظل الكويتي يرضع هذه الثقافة لعشرين عاماً الى ساعة الصدمة، أي ساعة خروجه الى الحياة العملية حين يجد خلاف ما علم، هذا أول الغيث فحسب فالاحباطات التي تنتظره لن تتوقف هنا، يدخل الى سوق عمل محدود، نفترض أولا اختياره العمل في القطاع الخاص، ساعات عمل طويلة، انضباطية والتزام لم يتعود عليهما لا في مجتمعه ولا في جامعته، الحوافز المادية لا تفوق مثيلاتها في القطاع الحكومي لكنه موعود بزيادات جيدة، فاذا استطاع فعل المستحيل ونافس كل هؤلاء الذين معه فسيكون من القلة التي ستحصل على منصب ثانوي في الادارة السفلى لكن ليس الآن، بعد 20-15 سنة من الخدمة.فالقطاع الخاص عند مجابهته بقانون العمالة الوطنية كوت الوظائف الدنيا في قطاعات الخدمة الهاتفية وخدمة العملاء لكنه احتفظ بالمواقع الحساسة للأجانب ذوي الخبرة المطلوبة. تجاهل هذا السيناريو السوداوي وافترض دخوله للقطاع الحكومي لكن الاحباط لا يتوقف، الخيار أمامه مفتوح للتسيب والغياب أو العمل والاجتهاد لكن المضمون هو ضياع حقوقه في الترقي والصعود الوظيفي في كل الأحوال، حتى فرص الصعود المتصارع عليها هذه تعوزها الجاذبية فهي لا تؤدي الا الى مزيد من البيروقراطية الحكومية الجامدة.ثم الاحباط الكويتي لا يرتبط بالفشل في الحصول على وظيفة لكنه يأتي بفعل متلازمة المدير(Mudier Syndrome)، حيث يلاحظ باحث دارس للمجتمعات الخليجية «ان الجميع في هذه المجتمعات يرى في نفسه الكفاءة ليصبح مديراً مسؤولا ولا يرضى بأقل من ذلك»(17)، حيث الكل يرغب في الحصول على المكانة (Status Seeking) لكن الفرص القليلة لا تلبي طلبات الكل، هذا احباط آخر، هذا الشاب الذي لاحقه الاحباط حيثما حل فرصه في الحصول على سكن توازيها فترة انتظار لا تقل عن 18 عاماً، عليه هو وعائلته تحمل الخدمات الصحية والتعليمية السيئة، لكن احباطه الأساسي أنه لم يتوقع كل هذا! ثقافة الاستحقاق التي رضعها أكدت له مستقبلا سعيدا مشرقا حيث كل شيء بانتظاره، احباطه انه لم يجده! هذه النظرة على الاحباط المجتمعي كدافع للفوضى السياسية تدعمها الأوراق العلمية فيرى باحث متخصص ان «التوقعات العالية للسكان والزيادة الديمغرافية السريعة مع انخفاض دخل النفط هو مزيج متفجر على الاستقرار السياسي في ملكيات الخليج العربي»(18).
رابعاً: بفعل ثانياً وثالثاُ يسود الاحباط المجتمعي هذه القطاعات الشعبية من البدو والشباب، آلية تحوله الى فوضى سياسية تفسرها نظرية «الحرمان النسبي» (Relative Deprivation) يعرف الحرمان النسبي على أنه «تجربة الحرمان من شيء يفترض المرء أحقيته في حوزته، هو السخط الذي يشعر به الأشخاص عند مقارنة مواقعهم الطبقية في المجتمع بغيرهم وشعورهم بأسفليتهم». فيكتشف الباحث ان «الطبيعة البشرية مجبولة على التطلع الاجتماعي الى أعلى، لكن حال فشل صعودها الاجتماعي ستلجأ الى الغضب، سترفض الاعتراف بحدود قدراتها وامكانياتها الفعلية، غضبها هذا ستترجمه الى مشاركة سياسية متمردة»(19)، ثم ربط الاحباط المجتمعي بالفوضى السياسية مثبت امبريقياً(20) و«الاحباط الاجتماعي يؤدي الى زيادة في المطالب والضغوطات على الحكومة ومن ثم الى زيادة المشاركة السياسية لتحقيق هذه المطالب»(21) تفسير الاقبال على المشاركة السياسية في الكويت هو أنه في مجتمع الكويت المغلق يصبح «طريق الحركية والتسلق الاجتماعي»(22) الأسهل.
بالمختصر وقع التحديث على العملية السياسية يشمل الروابط الآتية (23):
(1) التعبئة الاجتماعية / التطور الاقتصادي = احباطا مجتمعيا
(2) احباط مجتمعي / فرص الصعود الاجتماعي = مشاركة سياسية
(3) مشاركة سياسية / المؤسساتية السياسية = فوضى ولا استقرار سياسي
ثم معضلة الفوضى السياسية في الحالة الكويتية تكمن في هيكل الدولة ذاتها «فالنظام الريعي مرهون لعدم الاستقرار السياسي، بما ان الدولة – السلطة هي الموزع الرئيسي للمنافع الاقتصادية فان هؤلاء غير السعيدين بحصتهم لديهم دافع واضح لتوجيه سخطهم واحباطهم للنظام والحكم، هذا يحدث فقط في النظام الريعي ففي دولة اقتصاد السوق فان آليات السوق الحر هي من تقدم المكافآت المادية وبالتالي من الصعب تحميل السخط الى النظام أو السلطة»(24) لذلك يصل باحث كويتي الى «اسقاط الزعم القائل بأن دولة الرفاه الاجتماعية قادرة على شراء الولاء السياسي، فعلى المدى البعيد هذه الثروة تستثير شهية الجماعات الاجتماعية للحصول على حصة أكبر من الثروة»(25).
هذا كله تفسير حيادي لفوضى المشهد السياسي الكويتي. في النماذج التاريخية الحالة مكررة: الصعود السياسي لقوى اجتماعية جديدة يخل بتوازنات النظام القائم وُينتج فوضى سياسية، الطبقة الثالثة في «فرنسا النظام القديم» عشية الثورة مثال جيد، مثال أخر هو صعود البرجوازية الألمانية على حساب جماعات الجنكر (Junkers) باحث ثان يلحظ غياب فرص الصعود الوظيفي لافراد جماعات اجتماعية صاعدة في بيروقراطية دستة بلدان أوروبية قبيل ثورات 1848 ويعتبرها من عواملها (26) باحث ثالث يضع نماذج بوليفيا والاكوادور في فترة 2010-1990 كأماثيل حديثة لأثر ظهور قوى اجتماعية جديدة على زعزعة العملية السياسية (27).
حالة بوليفيا خصوصاً مثيرة لاهتمامي، شبهها محير مع الشأن الكويتي، أقلية حضرية (Urban) غنية متعلمة أصولها اسبانية بيضاء في مواجهة أغلبية صاعدة لقوى اجتماعية جديدة يغلب عليها الطابع الريفي (تحالف السكان الأصليين «Indigenous» مع الجماعات الخلاسية الهجينة) صعود هذه القوى الجديد تمثل في انتخابات 2006 حين وصل ايفاموراليس كأول رئيس ينتمي لهذه القوى الاجتماعية الصاعدة، في السياسة حارب الأقلية الحضرية فقدم دستور 2009 الجديد الذي أعطى صلاحيات أكبر للقوى الجديدة، في الاقتصاد اكتفى بتأميم الصناعة النفطية الواقعة تحت الهيمنة الحضرية (28). حتى نموذج الاكوادور في خطوطه العريضة يتبع ذات النمط.
في الكويت تضامن الصراع الاجتماعي مع عجز النظام القائم عن استيعاب القوى الجديدة المحبطة هو تفسير دقيق لأسباب فوضى الساحة السياسية الحالية، السلوك الجديد في هذه العملية هو ان القوى البدوية الصاعدة بدلاً من تصويب سهامها الى مراكز قوى الجماعات الاجتماعية الأخرى أخذت بتوجيه سهامها مباشرة الى مؤسسة الحكم هادفة الى هدم هذا النظام الذي لا يتيح لها فرص المشاركة السياسية والصعود الاجتماعي/ الاقتصادي، منطقها بسيط فالغاء حكم المشيخة والوصول الى ديموقراطية كاملة هو طريقها الوحيد لتحطيم السيطرة المفصلية للحضر على الدولة – المجتمع.الديموقراطية الكاملة التي تنشدها هذه القوى هي سبيلها لاستغلال تفوقها العددي في تحقيق سطوتها السياسية لكنها ستأتي على حساب صلاحيات مؤسسة الحكم التقليدي (الاسرة الحاكمة). كثافة الاستجوابات التي توجه مباشرة لرئاسة الحكومة ولشيوخ الأسرة الحاكمة دليل على هذا السلوك، من بد الساسة جميعاً أصبح الشيوخ دون غطاء فئوي أو طائفي يقيهم سهام هذا الصراع الاجتماعي (في مجلس 2009 %88 من الاستجوابات استهدفت وزراء شيوخاً)(29) هذه الفوضى السياسية مرشحة للارتفاع لا الانخفاض، هي في طريقها للتحول الى اضمحلال سياسي كامل سنشهده في الأعوام القادمة.تحليل السفارة الأمريكية يتفق مع هذا، يرى ان «الديمغرافية الكويتية فاقت آليات ومؤسسات الحكم. دستور 1961 عمل بشكل أفضل من جيد حين كانت المشاركة السياسية محصورة بالطبقة الحضرية من تجار ومثقفين وأفراد الأسرة، لكن الآن بعد 47 عاماً فان هذه المشاركة السياسية أتسعت لتشمل أغلبية بدوية يغلب عليها الجموح والامتعاض، هذه المجموعة تبدو عازمة على استخدام قوتها التخريبية العظيمة في تحطيم النظام القديم من دعاوى فساد أو واسطة»(30) لكن لماذا هي عازمة على هذا التحطيم؟ هل هي قوى إصلاحية؟ أم هو صراع اجتماعي؟ مباشرة ينفي التقرير اصلاحيتها فأهدافها مصلحية ذاتية فهي «تريد ضمان حصة من هذه الغنائم لنفسها»(31).
هذه «معضلة الملك» (King dilemma)، الملك مضطر لتقديم اصلاحات لترضية شعبه، يقدم لهم شيئاً من التحديث والعصرنة ليتقي شرهم، لكن ساعة تقديمه لهذه الاصلاحات هو يدق أول مسامير نعشه السياسي، فالاصلاحات المحدودة التي تقدم من أعلى غالبا سترفع لا تنقص طلبات الاصلاحات الأكثر راديكالية من قبل القاعدة الشعبية، حتى أكثر الاصلاحات حذراً نتيجتها قد تكون تغييرا خارجا عن السيطرة يقضي على النخبة الحاكمة التي قدمت الاصلاح في المقام الأول، مصير شاه ايران واصلاحاته أتبعت هذا النمط، حتى بيروسترويكا جوربوتشوف تتبعه.الشكل التوضيحي رقم (2) محاولة تبسيطية للمفهوم (32).

هذه الحالة، فما الحل؟

لا توجد حلول سهلة، على المدى القصير اقتراحات هنتنجتون في تقريره «مقاربات لتخفيف الضغط السياسي» غير صالحة للتطبيق كويتياً، كان يقترح البطء في اجراءات تحرير ودمقرطة العملية السياسية أو حتى وقفها كلياً «ففي فوضى العملية التحديثية ليس المهم هو نوعية النظام أكان ديموقراطيا أم دكتاتوريا، بل الأهمية هي وجود نظام شرعي قادر على فرض احترامه وسلطاته على الجميع، ما فائدة الحرية بدون نظام؟»(33). لدينا سبق السيف العذل، حررت العملية السياسية بشكل يكاد يكون كاملا في مرحلة 2011-2005، قانون مطبوعات 2006 رفع الحواجز الرقابية، قانون الدوائر الخمس أجج بدوره الصراع الاجتماعي ونقله لمستويات جديدة من المشاركة السياسية المذمومة (الاقليمية كما في الدوائر الخمس والعشرين يراها هنتجتون صداً في وجه الفوضى السياسية العامة)، الزيادة في تكنولوجية وسائل الاتصال والتواصل عامل تحريري آخر، مثله مثل زيادة تنافسية النخب للحصول على قطعة أكبر من كعكة فائض المال النفطوي.أما تعود المعارضة على استخدام الشارع فهو يجعل التضاؤل التدريجي للنظام الحالي أمرا محتما وقادما.
تبقى للنظام حلول وتدابير وقتية، كتنقله بلا فائدة بين الترغيب (منحة الألف) والترهيب (حادثة الصليبيخات) أو دفاعاته الدستورية كحق رد المراسيم أو لا دستورية انعقاد جلسات مجلس الأمة بدون تمثيل وزاري. لكن أولاً هذه تدابير وقتية ظرفية لا تدير بلدا على المدى الطويل، ثانياً من قال بفعاليتها؟ لا الترغيب نفع ولا الترهيب كذلك اما معاندة المجلس واقراره لقوانين أرجعتها المراسيم فأضحت عادة مكررة، ثم تكافل سلاح الشارع المخيف لتقليدية النظام القديم مع الضغط الاعلامي يضاعف القوة الفعلية لقوى المعارضة عن تعدادها النيابي أو حتى الشعبي.
ثلاثة مسارات بخمسة نتائج محتملة تظهر أمام النظام (34)، للنجاة بجلده يستطيع النظام التخلي عن القوى الاجتماعية القديمة وتسليم رقبته وقبلها البلد للقوى الجديدة لكنه في العملية سيتحول الى الشكل البرتوكولي للحكم، هذا المسار الأول، في المسار الثاني يستطيع النظام المعاندة والالتحام بالقوى القديمة لكن نتائج هذه العملية ليست بالمضمونة ففشله في سحق المعارضة يعني انتهاء حكمه، اما المسار الثالث فهو التنقل ما بين الممانعة والتسليم بدون اتخاذ قرارات حازمة، مسايرة المعارضة حيناً ومعارضتها حيناً آخر لكنه مسار تشاؤمي أيضاً فنتيجته التحول التدريجي البطيء الى الشكل البروتوكولي للحكم وربما الخلع.
في المسار الأول التجربة الدنمركية أو الاسكندينافية عموماً تظهر ماثلة للعيان، النظام كان شبه ديموقراطي، فللملك صلاحيات واسعة يحدها أحيانا برلمان ضعيف تحت هيمنة ارستقراطية بالمجمل.حين بدأ صراع الارستقراطية مع القوى الفلاحية التي للتو أنهت تعليمها ودخلت الساحة السياسية مزعزعة استقرارها اختارت الملكية الدنمركية الوقوف الى جانب الفلاحين لكنها في العملية خسرت كل صلاحياتها.ماذا تبقى من سلطات الملكية الدنمركية الآن؟ لا شيء تقريباً، مصدر تسلية للمتقاعدين في صحف الأحد، استقبال سفراء وسماع نصائح رئيس الوزراء المنتخب.
في الشأن الكويتي فان التبسيطية النظرية لهذا المسار تواجهها تعقيدات تطبيقية، بجرة قلم تستطيع مؤسسة الحكم الانقلاب على الحضر وتسليم البلد للقوى الجديدة، تغير مسار التعيينات في البيروقراطية العليا، تلغي الامتيازات الاقتصادية للفئات القديمة، ترضي القوى البدوية الأكبر عددياً بتقسيمة دوائر انتخابية تكفل لهذه القوى نفوذاً سياسياً أوسع. لكن حتى هذا التسليم - الاستسلام لا يبدو كافياً فالأهداف الاستراتيجية للقوى الاجتماعية البدوية تهدف الى تقليص صلاحيات مؤسسة الحكم والتحول الى ديموقراطية تامة تنتصر بها كثرتها العددية، اختيار هذا المسار يعني استعداد النظام للتحول الى الشكل الرمزي للحكم.كما يدخل على الخط العامل السيكولوجي: من هو الحاكم التقليدي المستعد لقبول فقدانه صلاحيات حكم أجداده؟ من هو الحاكم التقليدي الذي يريد ان يصبح اليزابيث أخرى؟.العامل التعقيدي الآخر هو تشابكية العلاقات الاجتماعية والمصلحية بين الأسرة الحاكمة والنخبة الحضرية، فتسليم القرار السياسي لقوى اجتماعية جديدة يضر مصالح الأسرة الحاكمة كما يضر النخبة الحضرية. هذا ليس التعقيد الوحيد فحتى اقصاء الحضر لا يوفر تهدئة سياسية، فالفوضى السياسية الحالية كنتاج للصراع السياسي الحضري – البدوي هو دور تمهيدي، صورة مخففة للصراع الاجتماعي المتوقع بعد اقصاء الحضر بين الكيانات القبلية المختلفة في خلافهم على توزيع الثروة، يزداد هذا الصراع باستحضار هذه الكيانات القبلية لثاراتها القديمة.تخطيء مؤسسة الحكم اذا اتبعت هذا المسار، تخطيء اذا خيل لها ان تقديم قربان للقوى الجديدة سيقيها من القادم، الخطيئة المميتة للملكية الفرنسية هو تخليها عن القوى الاجتماعية القديمة ممثلة في أرستقراطيتها (35).
في المسار الثاني النظام يدافع عن نفسه وعن مميزات حلفائه القدامى بوجه القوى الاجتماعية الصاعدة، تجارب روسيا وبروسيا في هذا الصدد ناجحة، مثلاً اصطفاف ملوك بروسيا مع جماعات «الجنكر» ضد القوى الاجتماعية الصاعدة أمنت استقراراً سياسياً اضافياً لستين عاماً على الأقل (1918-1848)، المثل في روسيا القيصر، لكن الحذر واجب فهذه النتيجة ليست بالالزامية.
المسار الثالث له نهايتان، احداهما تعبر عنه تجربة الصين الامبريالية والأخرى الانجليزية، بلا استراتيجية كبرى يتنقل النظام بين الترغيب والترهيب، بين مسايرة هذه القوى الجديدة وبين ممانعتهم، في كل معركة جديدة هم يكسبون أرضا جديداً وصلاحية جديدة، وهو خاسر، يستمر في الخسارة، طال الزمان أم قصر، مصير النظام فقدانه صلاحياته كما في التجربة الانجليزية، اذا كانت هذه العاقبة فعليه الارتياح فقد يحدث ما هو أسوء فهذا مسار خطر، لا يرضي النظام أحدا، لا القوى القديمة سعيدة، ولا الجديدة، هذا يرفع الفوضى السياسية لمستويات جديدة، قد يحدث الأخطر ويضمحل النظام بالكامل كما في تجربة الصين أيام الامبراطورية.

المصدر:http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?Id=137923