السيادة
طلب اعتقال رئيس دولة بالسلطة سابقة تهدد بقاء المفهوم الحديث لسيادة الدولة!
خبراء القانون الدولي: فقدت المحكمة حيادها بتحولها أداة بيد الصهاينة والأمريكان
في سابقة تعد الأولى من نوعها منذ هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية -القطب الواحد -على مقدرات العالم أن تنتهك سيادة دولة تنتمي لمجموعة الجنوب بأن يكون رئيسها مطلوبا من قبل المحكمة الدولية ليحاصر داخل حدود بلده مما يهدد بظهور مفهوم جديد لسيادة الدولة الحديثة أو ربما تلاشي هذا المفهوم في ظل الهيمنة للنظام العالمي الذي تقوده أمريكا وتنال من كل من يعترض مصالحها وطموحاتها في العالم… وخبراء القانون الدولي والسياسة يحددون ملامح مستقبل سيادة الدولة…
المحكمة سياسية وليست جنائية
بطرح القضية على أساتذة القانون الدولي والخبراء للوقوف على تفاصيل المشهد أكد مساعد وزير خارجية مصر السابق وخبير القانون الدولي السفير عبد الله الأشعل أن إعلان وزارة الخارجية الأمريكية مذكرة المحكمة يشكِل إحراجا للمحكمة وليس لأحد غيرها، ويضرب المحكمة ومستقبلها في مقتل؛ حيث يكشف أنها محكمة سياسية وأن هذا القرار سياسي.
وأوضح أن المحكمة في بدايتها أعطت أملا للعالم العربي في محاكمة مجرمي الحرب الذين يعبثون بدماء العرب والمسلمين في العراق وفلسطين، ولكن المحكمة تم تسييسها منذ صدور قرار رقم 1563؛ الذي أحال بعض السودانيين بترتيب أمريكي فرنسي.
واستهجن ارتباط المحكمة الدولية بمجلس الأمن ما جعلها أداة في يد أمريكا لمعاقبة أو مكافأة من تشاء، مؤكدًا أن كل الشكوك التي أثيرت في عام 2005م ضد المحكمة أصبحت اليوم حقائق يجب الانتباه والالتفات إليها، كشفت وجه أمريكا القبيح والتسلطي أمام العالم.
وأوضح أن الحاجة ملحة اليوم لعدم انضمام أحد من العالم العربي لهذه المحكمة؛ كي لا تتحول إلى أداة لقمع العرب, وشدد على أن الرصاصة التي أطلقتها أمريكا ضد السودان رجعت إلى صدر المحكمة الدولية وخسرت بها أمريكا أشياء أخرى.
وعبر عن استيائه من غياب رد الفعل العربي تجاه ما حدث للبشير؛ مشيرا إلى أن الموقف الإفريقي أقوى في مساندة السودان من نظيره العربي.
ماهي ضمانات حيدة المحكمة؟
بينما تؤكد الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون بحقوق القاهرة ورئيسة اللجنة التشريعية بمجلس الشعب على أنها شخصيا ترى أن الصورة قاتمة جدا بعدما يتعرض رئيس دولة عربية لهذه المهانة وبهذه الطريقة.
وتعلل بأنه إذا فقدت أي دولة سيادتها على مواطنيها وعلى أرضها فإن ذلك يجعلنا بصدد دولة غير الدولة التي نعرفها في المفهوم القانوني المعترف به دوليا ويهدد دول المنطقة فضلا عن كافة دول العالم الثالث التي لا تقوى على مواجهة طغيان الكبار.
وأضافت أنها ضد هذا الوضع لأنه يجب أن لا يكون هناك سلطة أعلى من سلطة الدولة على أرضها، حتى إن هذه المحكمة إذا واجهت معارضة لقراراتها المنحازة تلك.. فهل لديها جيش يدافع عن مبادئها وقراراتها؟!
وألقت باللوم على الموقف العربي المتراخي في مساندة ودعم الشقيقة السودان… لكنها تساءلت عن الضمانة لحيدة هذه المحكمة التي تتهم البشير بجريمة الإبادة.. وأشارت إلى أن هناك دولا معروف عنها الإبادة البشرية وبلا أدنى شك مثل إسرائيل وإساءة لشعب أعزل وارتكاب جرائم ضد الإنسانية من هدم البيوت وخلع الأشجار والأسلحة المحرمة.. فأين هي المحكمة الجنائية منها وأنا ضد هذا الازدواج في المعايير جملة وتفصيلا.
العولمة المتوحشة والأمركة المفترسة
بينما يؤكد الدكتور عبد الحميد الغزالي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن هذه تسمى العولمة المتوحشة، والأمركة المفترسة، التي في ظلها تتلاشى السيادة القطرية، ومن ثم تلغى الخطوط السيادية ويصبح العالم قرية مظلمة يحكمها قانون الغاب بزعامة الإدارة الأمريكية، وأوضح رسالة على ذلك هو ما يتصل بالسودان الشقيق ورئيسه عمر البشير.
وأضاف أنه يتعين على دول العالم أجمع وبالذات مجموعة الـ77 – دول الجنوب- التي يصل عددها الآن إلى أكثر من 140 دولة أن ترفض هذه الممارسات التي تمثل اعتداء صارخا على أبجديات السيادة .. فكما وقفت ضد العولمة اقتصاديا ابتداء من مؤتمر سياتل وحتى مؤتمر الدوحة يتعين أن تقف أمام هذه الهجمة الشرسة ضد سيادتها وضد رموزها وقيادتها.
وحذر من الانعكاس السلبي البشع على سيادة هذه الدول ما يتعين إزاءه وحدة الصف ورفض مثل هذه الممارسات الفجة ضد سيادة الدول رغم ممارسات الكيان الصهيوني البشعة وأمريكا في العراق وأفغانستان والذي يستوجب أن يكون أول من يتعرض للمحاكمة هو بوش رئيس الولايات المتحدة وقادة إسرائيل