صفحة 1 من 1

"إسرائيل" والصراع على مياه النيل

مرسل: الثلاثاء مايو 01, 2012 5:14 pm
بواسطة عايد العنزي 0 5
الدور الإسرائيلي في ظهور أزمة المياه بين دول حوض النيل:

مفكرة الاسلام:  تمثل مشكلة ندرة المياه أكبر مشكلة قد تواجه العالم في الفترة القادمة، هذا ما قرره أكثر من خمسين عالمًا في تقريرهم للأمم المتحدة حيث اعتبروا أن تلك المشكلة هي الخطر المحدق بالبشرية مع مطلع القرن الجديد.
وتبرز مشكلة المياه بشكل قوي مع زيادة عدد السكان، إضافة إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض في السنوات القليلة الماضية ما جعل كثيرًا من الخبراء يتوقعون أن تكون حروب المياه، هي حروب القرن القادم.
يقول الخبير الدولي في قضايا المياه إسماعيل سراج الدين: "إن معادلة قضية المياه بسيطة لكنها مهلكة، فلابد من توفير مياه لثلاثة بلايين شخص سوف يضافون إلى سكان العالم بحلول عام 2025".
ويؤكد سراج الدين أنه "لابد من توفير المياه عبر تحلية مياه البحر المالحة بحلول عام 2025، وإلا فإن البديل المحقق هو المجاعات والحروب بسبب النقص".
ولا يخفى على أحد صعوبة الأزمة التي قد تواجهها مصر في المستقبل المنظور؛ نظرًا لارتفاع عدد سكانها، إضافة إلى محاولات دول حوض النيل التقليل من حصة مصر من المياه، والتي مع فرض استمرارها فإنها خلال السنوات العشر القادمة لن تكفي مصر، وستضطر إلى تخفيض حصة الفرد من المياه، فإذا واكب ذلك تقليل حصتها من المياه فإذا ذلك يعني أن مصر ستواجه أزمة حقيقية. وهذا ما شعرت به القيادة السياسية المصرية فقد أشار الرئيس مبارك خلال اجتماعه مع اللجنة الوزارية للري والموارد المائية هذا العام، إلى أهمية المياه قائلاً: "إن قطرة المياه أغلى من البترول، لأنها ثروة مصر الحقيقية في الماضي والحاضر والمستقبل".
لذا أتى اجتماع وزراء الموارد المائية لدول حوض النيل والذي شهدته مدينة الإسكندرية يومي 27، و28 يوليو للتباحث حول الأزمة المائية بين دول الحوض والتي بدأت تطل برأسها في الفترة الماضية. وتشير عدد من التقارير أن هناك خيوطًا خفية تديرها أيادٍ يهودية لإثارة الصراع بين دول المنبع ودول المصب حول حصص كل منها من مياه النيل.
المشاريع الصهيونية للحصول على حصة من مياه النيل
ليس من الغريب  أن يضع زعماء الحركة الصهيونية العالمية قضية المياه نصب أعينهم  منذ التفكير في تأسيس دولة صهيونية وحتى اليوم، فمنذ أن كانت الدولة اليهودية مجرد حلم تقدم الصحفي اليهودي تيودور هرتزل ـ مؤسس الحركة ـ عام 1903م إلى الحكومة البريطانية بفكرة توطين اليهود في سيناء لاستغلال ما فيها من مياه جوفية وكذلك الاستفادة من بعض مياه النيل، وقد وافق البريطانيون مبدئيًا على هذه الفكرة على أن يتم تنفيذها في سرية تامة، ثم رفضت الحكومتان المصرية والبريطانية بعد ذلك مشروع هرتزل الخاص بتوطين اليهود في سيناء ومدهم بمياه النيل لأسباب سياسية تتعلق بالظروف الدولية والاقتصادية في ذلك الوقت.
ومع توطين اليهود في فلسطين واستغلالهم للمياه الفلسطينية والأردنية والجولان السوري المحتل إلا أن أعينهم ما زالت على مياه النيل، فهناك عدد مشاريع يتطلع اليهود إلى تنفيذها بهدف استغلال مياه النيل منها:
1ـ ما أبدته "إسرائيل" في منتصف السبعينات من رغبة في الحصول على (10%) من إيراد نهر النيل وهو ما يمثل (8 مليارات م3) لحل مشكلة المياه في "إسرائيل".
2ـ ما اقترحه رئيس جامعة تل أبيب "حاييم بن شاهار" بأن تسعى "إسرائيل" إلى إقناع مصر بضرورة منحها حصة من مياه النيل لا تتجاوز نسبة (1%) تُنقل بواسطة أنابيب بهدف استخدامها في مشاريع التنمية الزراعية داخل قطاع غزة وخارجها.
3ـ أشار بعض خبراء المياه "الإسرائيليين" بأن تمد مصر قطاع غزة بما يُعادل (100 مليون م3) سنوياً من المياه، ويــرى الخبراء اليهـود أن وصول المياه إلى غزة يبقي أهلهـا رهينة المشروع لدى (إسرائيل) فتتهيب مصر من قطع المياه عنهم.
4ـ اقتراح بعض المهندسين "الإسرائيليين" إقامة مشروع ضخم لجلب مياه النيل إلى صحراء النقب الشمالي عبر ترعة الإسماعيلية وعن طريق أنابيب تحت قناة السويس.
غير أن معظم تلك الاقتراحات والمشاريع الصهيونية باءت بالفشل وقوبلت بالرفض من الجهة المصرية.
الدور الإسرائيلي في ظهور أزمة المياه بين دول حوض النيل:
بعد فشل المحاولات الإسرائيلية في الحصول على حصة من مياه النيل بالتراضي مع الطرف المصري سعت إسرائيل إلى الضغط على مصر من خلال تحريض الدول الإفريقية المشتركة معها في مياه نهر النيل على إقامة المشاريع المائية والتي ستؤدي إلى تخفيض حصة مصر من المياه.
فقد قامت إسرائيل بإغراء دول المنبع بمشاريع وجسور وسدود بتسهيلات غير عادية تشارك فيها شركات أمريكية، بحيث تبدو الدولة الصهيونية وكأنها إحدى دول حوض النيل المتحكمة فيه أو بمعنى آخر هي الدولة "رقم 11" في منظومة حوض النيل.فالدولة الصهيونية تطمح في أن يكون لها بصورة غير مباشرة اليد الطولى في التأثيــر على حصة مياه النيل الواردة لمصر، وبدرجة أقل السودان؛ وذلك كورقة ضغط على مصر للتسليم في النهاية بما تطلبه إسرائيل. وهناك عشرات الوثائق الصهيونية التي ترصد هذا الدور الإسرائيلي في السعي لحصار مصر إفريقياً ومائياً والتحرك مع دول منابع النيل.
فقد كشف المحلل السياسي الأمريكي مايكل كيلو، مؤلف كتاب "حروب مصادر الثروة" أن "إسرائيل"  لعبت دورًا كبيرًا مع دول حوض النيل لنقض المعاهدة الدولية التي تنظم توزيع مياه النيل، واعتبر أن هذا الأمر يأتي في إطار الإستراتيجية الصهيونية، وأوضح أن "إسرائيل" تلعب دورًا بين دول حوض النيل ضمن مخطط أمريكي يسعى لانتزاع النفوذ في تلك الدول من أوروبا عمومًا وفرنسا على وجه الخصوص؛ ولذلك فإن الإدارة الأمريكية توفر "لإسرائيل" كل سبل التأثير على دول مثل إثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا والكونغو، وذلك بهدف إبقاء مصر في حالة توتر دائم وانشغال مستمر، كما يؤكد الكاتب، وختم كيلو قائلاً: إن النيل سيصبح في السنوات القادمة قضية حياة أو موت وجوهر القضية أن 95% من موارد مصر النيلية تأتي من إثيوبيا.
يقول محمد سيد أحمد: "إن للخبراء الإسرائيليين لغة في مخاطبة السلطات الإثيوبية تتلخـص في ادعـــاء خبيث هو أن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست عادلة؛ وذلك أنها تقررت في وقـت سابــق على استقلالهــم، وأن (إسرائيــل) كفيلة أن تقدم لهذه الدول التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل وتوجيهه وفقاً لمصالحها".
من أجل ذلك تتوارد الأنباء والأخبار عن مساعدات (إسرائيلية) لإثيوبيا لإقامة السدود وغيرها من المنشآت التي تمكنها من السيطرة والتحكم في مياه النهر.
فقد كشف الكاتب الأمريكي مايكل كيلو عن  اجتماع عقد بتل أبيب بين أعضاء بالكنيست الصهيوني ووزراء إثيوبيين، تناولت بحث إقامة مشاريع مشتركة عند منابع نهر النيل، وقال في مقال مطول نشرته صحيفة "راندي ديلي ميل" الجنوب إفريقية: إن الأجندة الصهيونية تقوم على إقناع الوزراء الإثيوبيين باستكمال المشاريع المشتركة التي كانت قد توقف العمل بها، وأشار إلى أن هذه المشروعات تتضمن إقامة أربعة سدود على النيل لحجز المياه، وتوليد الكهرباء، وضبط حركة المياه باتجاه السودان ومصر، وذلك بهدف إشغال مصر في قضية تمس أمنها القومي وهي قضية المياه.
كما طالبت كينيا  في الآونة الأخيرة بإعادة النظر في الاتفاقيات الإقليمية التي تحكم قضية توزيع المياه بين الدول المتشاطئة لحوض النيل، وفي أكثر من مناسبة صرح مسئولون كينيون بأنه لا ينبغي لمصر والسودان الاستفادة من مياه النيل الذي ينبع من الجنوب دون مقابل، وأنه لابد من إعادة تقسيم الحصص المائية بالتساوي بين دول الحوض، ويشكك العديد من الخبراء في أن إسرائيل هي المحرض الرئيس في هذه القضية، خصوصًا أن "إسرائيل"تربطها علاقات حميمة مع كينيا ولديها العديد من البرامج الثنائية في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية.
كما أن تهديد الحكومة الأوغندية التي ترتبط هي الأخرى بعلاقات رسمية مع "إسرائيل"– بأنها ستحذو حذو كينيا في حالة عدم خضوع مصر لإعادة توزيع المياه، يشير إلى أن إسرائيل تخطط لتفكيك التجمع الإقليمي الذي يضم دول حوض النيل "العشرة" تحت اسم "دول الأندوجو" ، والذي عقد أول اجتماع له عام 1983 في الخرطوم.
ومهما كان من أمر فإن الخطر الإسرائيلي للحصول على حصة من مياه النيل قائم على قدم وساق، وما لم تنتبه دول حوض النيل لما ينتجه هذا الصراع فإن الخراب والدمار سيلحق الجميع، وتستطيع الدول المعنية عن طريق المفاوضات أن تجني المصلحة المشتركة دون تدخل من أطراف خارجية.