النظام الايطالي
مرسل: الثلاثاء مايو 01, 2012 8:11 pm
الريف الإيطالي فيه مشاتٍ عديدة مثل مشتى كورتينا أمبيزو الذي يقع في جبال الألب. وقد جعلت منحدرات الألب حيث التزلج، والمنخفضات الساحلية الريفية المشمسة، والمدن التاريخية، والفن المشهور عالميا، والمعمار الجميل.
إيطاليـا دولة تقع جنوبي أوروبا، وتشتهر بتراثها الثقافي الغني المتنوع ومناظرها الطبيعية الكثيرة، كما تنتشر في مدنها الميادين الفسيحة. وفي متاحفها الكثير من الأعمال الفنية الشهيرة. وتمتاز إيطاليا بالشواطئ الرملية الدافئة، والجبال الشاهقة التي يكسو الجليد قممها، وتنحدر على جوانبها المروج الخضراء، ومزارع الكروم.
تشبه شبه جزيرة إيطاليا الحذاء الطويل في شكلها، حيث تمتد داخل البحر الأبيض المتوسط من جنوب أوروبا. وهي تجاور من الشمال فرنسا، وسويسرا، والنمسا، ويوغوسلافيا (سابقًا). ولإيطاليا جزيرتان تابعتان لها هما سردينيا وصقلية، كما توجد في أراضيها دولتان مستقلتان هما: دولة مدينة الفاتيكان في روما، وجمهورية سان مارينو.
ميدان سان ماركو في البندقية.
الأسواق المكشوفة في نابولي تجذب إليها الزبائن بألوان سلعها الزاهية من الفواكه والخضراوات. ويكثر الإيطاليون من أكل الفواكه الطازجة.
وتشرف على أغلب إيطاليا سلسلتان من الجبال، هما سلسلة جبال الألب وسلسلة جبال الأبناين. فالألب تمتد في الجزء الشمالي من البلاد، بينما تمتد جبال الأبناين من الشمال نحو الجنوب، وكأنها تشطر شبه الجزيرة إلى شطرين.
وكلمة إيطاليا التي أطلقت على هذه البلاد مأخوذة من الرومان القدماء، وتعني أرض المراعي، وهذا ما كانوا يسمون به جنوب إيطاليا.
وبإيطاليا بعض المدن المشهورة في تاريخ العالم، مثل روما العاصمة التي كانت مركز الإمبراطورية الرومانية قبل 2000 سنة. كذلك فيها مدينة فلورنسا، التي كانت وطنًا لعدد من الفنانين العالميين، ومدينة البندقية، التي اشتهرت بقنواتها المائية التي جذبت إليها السياح من كل أنحاء العالم.
سيطر تاريخ إيطاليا على تاريخ حضارة العالم الغربي لحقبة طويلة من الزمن، فقد قامت روما القديمة بالاستيلاء على العالم الخارجي فيما وراء حدودها خلال القرن الثالث قبل الميلاد. وبحلول القرن الثاني قبل الميلاد كانت الإمبراطورية الرومانية قد استولت على كل الأراضي المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط. واستطاعت هذه الإمبراطورية أن تبسط نفوذها على الناحية الحكومية والفنية والمعمارية لكثير من الجماعات الإنسانية فيما بعد. ولما سقطت الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي تَوَزَّعت بين الحكام الكثيرين الذين اقتسموا أجزاءها.
ظلت إيطاليا منقسمة على نفسها بين هؤلاء الحكام حتى استولى عليها نابليون في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، وجعلها جزءًا من إمبراطوريته. ولم يتم بعد ذلك توحيد إيطاليا تحت حكم واحد إلا في عام 1861م، عندما قامت المملكة الدستورية التي كان على عرشها الملك فكتور إيمانويل الثاني.
بعد الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918م)، كانت إيطاليا تعاني من فوضى عمت البلاد، فانتهز بنيتو موسوليني، الزعيم الفاشي، الفرصة وتولى الحكم بعد أن دعاه لذلك الملك. ومنذ ذلك التاريخ (1922م) حكم موسوليني البلاد حكمًا دكتاتوريًا حتى عام 1943م عندما أطيح به نظرًا لتدهور حالة إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945م). وفي عام 1946م صوت الشعب الإيطالي لصالح إلغاء الملكية وإقامة حكم جمهوري في البلاد.
نظام الحكم
اختار الإيطاليون في سنة 1946م الحكم الجمهوري لبلادهم، فخرج الملك همبيرت الثاني على الفور. وانتخب الشعب الإيطالي مجلسًا سمي المجلس الدستوري لصياغة دستور للبلاد. وبالفعل تم إقرار الدستور في عام 1947م، ووضع موضع التنفيذ في أول يناير 1948م. وأقام هذا الدستور نظامًا للحكم على قمته رئيس للجمهورية، ومجلس وزراء يرأسه رئيس وزراء، وبرلمان يتكون من مجلسين أحدهما مجلس شيوخ والآخر مجلس نواب.
رئيس الجمهورية. يُنتَخب رئيس جمهورية إيطاليا بوساطة مجلسي البرلمان، وذلك لفترة سبع سنوات. ويجب أن يكون عمر رئيس الجمهورية خمسين سنة في الأقل. ومن سُلطة الرئيس أو الرئيسة أن يختار رئيس الوزراء الذي يؤلف الحكومة. وللرئيس سلطة حل البرلمان والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة. ويتولى الرئيس منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وله سُلطة إعلان الحرب.
وليس للرئيس الإيطالي نائب، ولكن في حالة مرضه يتولى رئيس مجلس الشيوخ مهام المنصب. أما إذا مات فتجري انتخابات رئاسية.
رئيس الوزراء والوزارة. يحدد رئيس مجلس الوزراء السياسة القومية، وهو أهم شخصية في الحكومة الإيطالية. ويختاره رئيس الجمهورية من أعضاء البرلمان، ولابد من أن يوافق البرلمان على اختياره. ويدعى رئيس الوزراء والوزارة رسميًا بالحكومة.
البرلمان. يتكون البرلمان من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ولكلا المجلسين سلطات متساوية. ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب 630 نائبًا. أما مجلس الشيوخ فعدد أعضائه 315 من المنتخبين، إضافة إلى خمسة أعضاء دائمين مدى الحياة يعينهم رئيس الجمهورية. كذلك فإن كل رؤساء الجمهورية السابقين يصبحون أعضاء في مجلس الشيوخ مدى الحياة. وتمتد فترة العضوية في مجلس الشيوخ ومجلس النواب لخمس سنوات، لكن لرئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان قبل انتهاء الدورة مع الدعوة لإجراء انتخابات جديدة.
السياسة الوطنية. منذ عام 1948م تعرضت إيطاليا لتغيرات كثيرة في الحكومات. ففي كثير من الأحيان لم تمكث الحكومة أكثر من سنة واحدة بسبب كثرة الأزمات الداخلية. وكثيرًا ما كان بعض أعضاء الحكومة السابقة يشاركون في الحكومة التي تعقبها، ولذلك كانت هناك استمرارية في أعمال الحكومات الكثيرة المتعاقبة.
المحاكم. يُعَيّن كل قضاة المحاكم الإيطالية ولا ينتخبون. وفيما عدا الخمسة عشر قاضيًا الذين هم أعضاء في المحكمة الدستورية، يعين القضاة الإيطاليون بناءً على امتحانات خدمة مدنية. وتعمل جميع المحاكم تحت إشراف وزير العدل ومجلس للقضاة يدعى مجلس القضاء الأعلى.
القوات المسلحة. يلتحق بالقوات المسلحة إجباريًا كل من بلغ سن الثامنة عشرة. ومدة الخدمة اثنا عشر شهرًا في الجيش والقوات الجوية، وثمانية عشر شهرًا في البحرية. وسمح للنساء بالتطوع في الخدمة العسكرية منذ عام 1999م. وفي عام 2000م، قررت إيطاليا وقف التجنيد الإجباري بحلول عام 2006م. ويبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإيطالية العاملين حوالي 270,000 شخص.
إيطاليا حوالي سنة 1200م. كان شمالي إيطاليا جزءًا من الإمبراطورية الرومانية بالرغم من أن بعض الدول المدن قد نالت مايشبه الاستقلال. وكانت الصقليتان ضمن الممتلكات الخاصة للإمبراطور الروماني. وكان البابا يحكم الدويلات البابوي.
نهاية الإمبراطورية الرومانية. منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد، ولفترة ألف وخمسمائة سنة تقريبًا،كان تاريخ إيطاليا هو في الواقع تاريخ الإتروسكانيين وتاريخ روما القديمة. انظر: الأترسكانيون؛ روما القديمة. وكان آخر إمبراطور روماني هو رومولوس أوغسطولس، الذي هُزِم في إيطاليا سنة 476م على يد الزعيم الجرماني أُدواسر. وكانت هزيمته المعلم التاريخي لنهاية الجزء الغربي من الإمبراطورية الرومانية. ومنذ ذلك التاريخ حتى عام 1861م، حين توحدت إيطاليا، كانت إيطاليا خلال معظم ذلك الوقت واقعة تحت سيطرة دويلات صغيرة كانت فريسة سهلة لكل من أراد الاستيلاء على إيطاليا.
العصور الوسطى. حكم أدواسر إيطاليا لمدة 13 سنة، ثم غزا إيطاليا ثيدوريك، القوطي الشرقي الجرماني، واتفقا على حكم إيطاليا معًا، ثم مالبث ثيدوريك أن قتل أدواسر عام 493م، وحكم البلاد بشكل حسن حتى لقي حتفه عام 526م. لكن جستينيان إمبراطور الدولة الرومانية الشرقية غزا إيطاليا سنة 553م، وطرد القوط الشرقيين من البلاد، ووحد الإمبراطورية الرومانية بشقيها مرة أخرى. كذلك غزت قبيلة اللمبارد الجرمانية إيطاليا في سنة 572م، واستولت على البلاد من الإمبراطورية الشرقية.
وخلال القرنين الخامس والسادس الميلاديين، قوي نفوذ البابوية الديني والسياسي بفضل جهود البابوات. وقد وصد البابوات، بمساعدة ملكي الفرنجة ييبين القصير وشارلمان، محاولات اللومبارديين للاستيلاء على روما، وتمكنوا من هزيمتهم. واستولى شارلمان على أراضي اللومبارديين سنة 774م، وضمها إلى مملكته الشاسعة. وأراد البابا ليو الثالث مكافأة شارلمان على مساعدته ضد اللومبارديين، كما أراد أن يؤسس تحالفًا معه ولذلك توجَّه إمبراطورًا على الرومان سنة 800م.
كان من بين ملوك الفرنجة الأقوياء حفيد شارلمان المدعو أوتو الأعظم، الذي كان ملكًا على ألمانيا. وقد توجه البابا في عام 962م إمبراطورًا على ما عُرف بالإمبراطورية الرومانية المقدسة.
أمراء أقوياء حكموا الدول المدن الإيطالية خلال عصر النهضة. ومن أشهر هؤلاء لورنزو دي ميدتشي (يمين الوسط، على ظهر جواد)، الذي حكم فلورنسا خلال أواسط وأواخر القرن الخامس عشر الميلادي. كان ميدتشي يدعم الفنون الجميلة، وأصبحت فلورنسا تحت حكمه من أهم المرا
تطور الدول المدن. أخذت المدن الإيطالية منذ القرن الحادي عشر الميلادي في النمو السريع، بفضل استقلالها، وأصبحت مراكز للحياة السياسية. وأصبح بعضها، مثل فلورنسا وجنوه وميلانو وبيزا والبندقية مدنًا غنية، وكان لكل منها سياستها الخارجية.
أسهمت الحياة في الدول المدن، وآثارها الجميلة، في النهضة التي عمت إيطاليا بعد عام 1300م، حيث دعمت التجارب الفنية، كما شجعت التوجه العلمي وطلب المتعة الفكرية التي كانت في الآداب والعلوم الكلاسيكية من التراث اليوناني والروماني. وأدى ذلك إلى اختراع الطباعة ليتلقف الناس ما تجود به المطابع. وظهر في الفترة ما بين القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، ثلاثة من كبار الفنانين العالميين وهم ليوناردو دافينشي ومايكل أنجلو ورفائيل.
الحكم الأسباني والنمساوي. في عام 1519م أصبح الملك تشارلز الأول ملك أسبانيا، وهو من عائلة هابسبيرج، الإمبراطور تشارلز الخامس إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة. وكانت قوة تشارلز الخامس تكمن بشكل رئيسي في ثروة البلاد التي تحت سيطرة الأسبان. ونشبت حرب في عام 1521م بين تشارلز الخامس وفرانسيس الأول ملك فرنسا حول بعض الأراضي المتنازع عليها. واستطاعت جيوش تشارلز الخامس دخول روما سنة 1527م، وغنمت ما فيها، واستولت على ميلانو وصقلية من فرنسا. وفي سنة 1559م كانت كل إيطاليا تقريبًا تحت النفوذ الأسباني. لكن قوة أسبانيا أخذت في الاضمحلال في أواخر القرن السادس عشر الميلادي.
الثورة الفرنسية ونابليون. أثّرت الثورة الفرنسية على الإيطاليين، إذ كانت تنادي بالإخاء والحرية والمساواة. وكان الإيطاليون تواقين إلى توحيد بلادهم والتخلص من حكم عائلة هابسبيرج. فلما نشبت الثورة الفرنسية، وأرسل نابليون إلى إيطاليا، استطاع أن يهزم النمساويين الذين كانت تحكمهم عائلة هابسبيرج وأخرجهم من إيطاليا. وهكذا عادت الحرب مرة ثانية بين عائلة هابسبيرج وبين فرنسا. ولما استولى نابليون على إيطاليا، أقام فيها جمهوريات، ومنحها دساتير وبعض الإصلاحات القانونية. وشعر الإيطاليون أنهم أصبحوا يعيشون في قطر يتمتع بنقود وجيش وقوانين موحدة، وبدأوا يشعرون بأنه بالإمكان إيجاد إيطاليا موحدة بعيدة عن كل سيطرة أجنبية.
هُزِم نابليون في معركة واترلو عام 1814م على يد الدول الأوروبية. وعقد مؤتمر فيينا سنة 1815م لتنظيم أوروبا، وذلك بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. فأُعيد تقسيم إيطاليا، واستردت أسرة سافوي حكمها على بيدمونت وجزيرة سردينيا، وسميت المملكة مملكة سردينيا، ووضعت نابولي وصقلية تحت أسرة البوربون الملكية الفرنسية. ووضعت دوقيات شمالي إيطاليا تحت حكم دوق موالٍ للنمسا. أما لومبارديا والبندقية فقد وضعتا تحت حكم النمسا المباشر، وأصبحت النمسا مسيطرة على معظم الأراضي الإيطالية.
توحيد إيطاليا. اندلعت ثورات في عام 1848م، شملت فرنسا والنمسا وإيطاليا، حيث كان سكان هذه البلاد يريدون المزيد من الحريات. وفي إيطاليا منح ملك ساردينيا وملك نابولي شعوبهما دساتير للحكم بمقتضاها. وفي ميلانو طرد الأهالي الجيش النمساوي. وأعلنت البندقية استقلالها واصبحت جمهورية. وأقيمت جمهوريات في روما وتوسكانيا. لكن هذه الحكومات كانت تفتقر إلى خبرة الحكم، كما كانت منقسمة على نفسها بحيث لا تستطيع مواجهة القوات النمساوية. وانتهت الثورة في آخر الأمر بسيطرة النمسا على الموقف، ووضع معظم إيطاليا تحت نفوذها.
رأى الإيطاليون أن يوحدوا بلادهم تحت حكم ملك سردينيا، وكان رئيس وزرائها الكونت كافور. وخشيت النمسا من أن يحاول الإيطاليون توحيد بلادهم تحت زعامة كافور، لذلك قررت منع هذه المحاولة. وفي نفس الوقت اتفق كافور مع نابليون الثالث، إمبراطور فرنسا، على التحالف ضد أي عدوان نمساوي. وبالفعل حارب الفرنسيون ضد النمسا وهم يساندون كافور، وطرد الفرنسيون والسردينيون النمساويين حتى أراضي البندقية تقريبًا، كما طردت الثورات المحلية الدوقات الذين كانوا يحكمون بمساندة النمسا.
انضم كل شمالي إيطاليا ـ ماعدا البندقية ـ وحتى دولة البابا إلى مملكة سردينيا. وكانت هذه الأراضي أكبر بكثير من الأراضي التي كان يريد نابليون الثالث ضمها إلى مملكة سردينيا، لكنها كانت أقل مما كان يريده الإيطاليون. وفي عام 1860م، أبحر جاريبالدي بجيش قوامه 1000 رجل من المتطوعين إلى صقلية رغبة في ضمها إلى إيطاليا وأخذها من الأسرة البوربونية الفرنسية. وبعد الاستيلاء على صقلية عبر جنود جاريبالدي إلى جنوب إيطاليا واستولوا على نابولي. وأسرع كافور بإرسال جيش إلى نابولي لإيقاف تقدم جاريبالدي عبر الأراضي البابوية، خوفًا من أن تتقدم كل من النمسا وفرنسا لصد جاريبالدي ومساعدة البابا. وكذلك كان كافور يخشى من أن يقيم جاريبالدي جمهورية بدلاً من المملكة التي كان يسعى كافور لإقامتها في إيطاليا.
جوسبي جاريبالدي ومعه جيشه من المتطوعين وهم يدخلون إلى مسينا ظافرين في عام 1860م، بعد احتلال صقلية باسم مملكة سردينيا.
مملكة إيطاليا. عندما نشبت حرب الأسابيع السبعة بين النمسا وألمانيا، التي كانت تحت رئاسة بسمارك، تحالف كافور مع بسمارك لفتح جبهة ثانية للنمسا. ومع أن الجيوش الإيطالية لم تستطع إحراز نصر، إلا أن بسمارك تغلب على النمسا، وأملى شروطه عليها سنة 1866م، ونالت إيطاليا البندقية، ولم يبق سوى روما وسان مارينو بعيدتين عن أيدي الملك إيمانويل الثاني. لكن لما نشبت الحرب الفرنسية البروسية سنة 1870م، سحبت فرنسا جنودها من روما، وكان ذلك الجيش يحرس البابا وحكومته في روما. ولما خرج الجيش الفرنسي من روما دخل الجيش الإيطالي، وبذلك أصبحت شبه الجزيرة الإيطالية موحدة. وأصبح البابا ضعيف النفوذ في منطقة الفاتيكان. وهكذا تمكنت إيطاليا من توحيد أراضيها تحت حكم الملك فكتور إيمانويل الثاني.
أخذت إيطاليا تحاول توسيع رقعة نفوذها في العالم بعد توحيدها، فاشتركت في الحلف الثلاثي سنة 1882م، وانضمت إلى إمبراطورية النمسا والمجر والإمبراطورية الألمانية. واستولت على إرتريا عام 1896م، وكانت إرتريا تابعة لمصر كجزء من السودان الشرقي. ثم حاولت أن تزيد من نفوذها في الحبشة، للاستيلاء عليها. وفي سنة 1911م انقضت على ليبيا، التي كانت تحت الحكم العثماني، واستولت عليها.
الحرب العالمية الأولى. بدأت هذه الحرب سنة 1914م، بين ألمانيا والنمسا ـ المجر من جهة وفرنسا وبريطانيا وروسيا من جهة أخرى. واشتركت دول مختلفة في الحرب إما مع بريطانيا وحليفتيها أو مع ألمانيا وحليفتها. وأمتنعت إيطاليا عن الاشتراك في الحرب لمدة عام، رغم عضويتها في الحلف الثلاثي. لكنها في عام 1915م دخلت الحرب مع الحلفاء بعد أن وعدوها سرًا أن تحصل على تريستا وترنتينو وأجزاء من ألبانيا ودالماشيا وإستريا، بالإضافة إلى إعانات مالية ومستعمرات في إفريقيا. انظر: الحرب العالمية الأولى لمزيد من المعلومات حول دور إيطاليا في تلك الحرب.
وعندما انتهت الحرب العالمية الأولى لم تحصل إيطاليا من معاهدات الصلح على ما وُعدت به. وكانت الحرب مكلفة، والعائد ضئيلاً، وبقي عدم الرِّضا يسود البلاد.
إيطاليا تحت حكم موسوليني. سادت إيطاليا فوضى عارمة، وكثر العاطلون فيها، كما كثر الجنود المسرحون الذين لا يجدون العمل. وظهرت حركة عُرفت بالفاشية يقودها بنيتو موسوليني، الذي أخذ في كسب العديد من الناس إلى حزبه. وكان موسوليني يعد الإيطاليين بحكومة قوية قادرة على حل المشكلات، والسيطرة على العمال والمصانع وفرض النظام والقانون. وتولى حكم إيطاليا في أكتوبر 1922م، بعد أن سار أنصاره من الفاشيين إلى روما، فرأى الملك أن أسلم وضع هو أن يُعَين موسوليني رئيسًا للوزراء في إيطاليا.
حكم موسوليني إيطاليا حكمًا فرديًا. وأراد لبلاده التوسع، فحارب أثيوبيا واستولى عليها سنة 1936م. وأظهر رغبة قوية في تسليح بلاده، وعقد حلفًا مع هتلر عام 1936م، عُرف باسم المحور، وانضمت إليهما اليابان أيضًا.
نجح موسوليني في عقد اتفاق مع البابا سنة 1925م، واعترف في ذلك الاتفاق باستقلال الفاتيكان كدولة ذات سيادة في روما.
وبعد أن استولى هتلر على تشيكوسلوفاكيا والنمسا، غزا موسوليني ألبانيا واستولى عليها.
الحرب العالمية الثانية. (1939 ـ 1945م). في عام 1939م اتفقت إيطاليا مع ألمانيا على أن تحارب في صفها إذا ماقامت الحرب بينها وبين غيرها من الدول. ولما اجتاحت الجيوش الألمانية بولندا أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا في أول سبتمبر 1939م، لكن إيطاليا بقيت خارج الحرب لفترة تسعة أشهر. وفي 10 يونيو 1940م اشتركت إيطاليا في الحرب ضد الحلفاء، وكان ذلك قبل أقل من أسبوعين من سقوط فرنسا واستسلامها لألمانيا.
ولما دخلت إيطاليا الحرب لحقت بها الهزائم في ليبيا وأثيوبيا وإرتريا. وفي 10 يوليو 1943م غزا الحلفاء صقلية وأنزلوا فيها جنودهم، فأصدر الملك الإيطالي فكتور إيمانويل الثالث أوامره بالقبض على موسوليني. وقد نفذ الأمر، ولكن رجال المظلات الألمان أنقذوه، وأُخذ إلى شمال إيطاليا. وفي 3 سبتمبر 1943م نزل الحلفاء في إيطاليا نفسها، فاستسلمت إيطاليا في ذلك اليوم نفسه. وفي 13 أكتوبر 1943م أعلنت إيطاليا الحرب على ألمانيا، ولكن الألمان استولوا على إيطاليا ونصبوا موسوليني على رأس حكومة ضعيفة. ومع تقدم الحلفاء نحو شمال إيطاليا، اندلعت حرب أهلية بين الفاشيين، أنصار موسوليني، ورجال المقاومة الإيطاليين الذين كانوا يعارضون موسوليني، وأثناء ذلك قتل رجال المقاومة موسوليني.
استمرت جيوش الحلفاء في إيطاليا حتى تم توقيع الصلح بين إيطاليا والحلفاء، فرحلت جيوش الحلفاء من إيطاليا سنة 1947م. وبانتهاء الحرب خسرت إيطاليا مستعمراتها في إفريقيا، ولم يبق لها منها شيء
إيطاليـا دولة تقع جنوبي أوروبا، وتشتهر بتراثها الثقافي الغني المتنوع ومناظرها الطبيعية الكثيرة، كما تنتشر في مدنها الميادين الفسيحة. وفي متاحفها الكثير من الأعمال الفنية الشهيرة. وتمتاز إيطاليا بالشواطئ الرملية الدافئة، والجبال الشاهقة التي يكسو الجليد قممها، وتنحدر على جوانبها المروج الخضراء، ومزارع الكروم.
تشبه شبه جزيرة إيطاليا الحذاء الطويل في شكلها، حيث تمتد داخل البحر الأبيض المتوسط من جنوب أوروبا. وهي تجاور من الشمال فرنسا، وسويسرا، والنمسا، ويوغوسلافيا (سابقًا). ولإيطاليا جزيرتان تابعتان لها هما سردينيا وصقلية، كما توجد في أراضيها دولتان مستقلتان هما: دولة مدينة الفاتيكان في روما، وجمهورية سان مارينو.
ميدان سان ماركو في البندقية.
الأسواق المكشوفة في نابولي تجذب إليها الزبائن بألوان سلعها الزاهية من الفواكه والخضراوات. ويكثر الإيطاليون من أكل الفواكه الطازجة.
وتشرف على أغلب إيطاليا سلسلتان من الجبال، هما سلسلة جبال الألب وسلسلة جبال الأبناين. فالألب تمتد في الجزء الشمالي من البلاد، بينما تمتد جبال الأبناين من الشمال نحو الجنوب، وكأنها تشطر شبه الجزيرة إلى شطرين.
وكلمة إيطاليا التي أطلقت على هذه البلاد مأخوذة من الرومان القدماء، وتعني أرض المراعي، وهذا ما كانوا يسمون به جنوب إيطاليا.
وبإيطاليا بعض المدن المشهورة في تاريخ العالم، مثل روما العاصمة التي كانت مركز الإمبراطورية الرومانية قبل 2000 سنة. كذلك فيها مدينة فلورنسا، التي كانت وطنًا لعدد من الفنانين العالميين، ومدينة البندقية، التي اشتهرت بقنواتها المائية التي جذبت إليها السياح من كل أنحاء العالم.
سيطر تاريخ إيطاليا على تاريخ حضارة العالم الغربي لحقبة طويلة من الزمن، فقد قامت روما القديمة بالاستيلاء على العالم الخارجي فيما وراء حدودها خلال القرن الثالث قبل الميلاد. وبحلول القرن الثاني قبل الميلاد كانت الإمبراطورية الرومانية قد استولت على كل الأراضي المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط. واستطاعت هذه الإمبراطورية أن تبسط نفوذها على الناحية الحكومية والفنية والمعمارية لكثير من الجماعات الإنسانية فيما بعد. ولما سقطت الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي تَوَزَّعت بين الحكام الكثيرين الذين اقتسموا أجزاءها.
ظلت إيطاليا منقسمة على نفسها بين هؤلاء الحكام حتى استولى عليها نابليون في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، وجعلها جزءًا من إمبراطوريته. ولم يتم بعد ذلك توحيد إيطاليا تحت حكم واحد إلا في عام 1861م، عندما قامت المملكة الدستورية التي كان على عرشها الملك فكتور إيمانويل الثاني.
بعد الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918م)، كانت إيطاليا تعاني من فوضى عمت البلاد، فانتهز بنيتو موسوليني، الزعيم الفاشي، الفرصة وتولى الحكم بعد أن دعاه لذلك الملك. ومنذ ذلك التاريخ (1922م) حكم موسوليني البلاد حكمًا دكتاتوريًا حتى عام 1943م عندما أطيح به نظرًا لتدهور حالة إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945م). وفي عام 1946م صوت الشعب الإيطالي لصالح إلغاء الملكية وإقامة حكم جمهوري في البلاد.
نظام الحكم
اختار الإيطاليون في سنة 1946م الحكم الجمهوري لبلادهم، فخرج الملك همبيرت الثاني على الفور. وانتخب الشعب الإيطالي مجلسًا سمي المجلس الدستوري لصياغة دستور للبلاد. وبالفعل تم إقرار الدستور في عام 1947م، ووضع موضع التنفيذ في أول يناير 1948م. وأقام هذا الدستور نظامًا للحكم على قمته رئيس للجمهورية، ومجلس وزراء يرأسه رئيس وزراء، وبرلمان يتكون من مجلسين أحدهما مجلس شيوخ والآخر مجلس نواب.
رئيس الجمهورية. يُنتَخب رئيس جمهورية إيطاليا بوساطة مجلسي البرلمان، وذلك لفترة سبع سنوات. ويجب أن يكون عمر رئيس الجمهورية خمسين سنة في الأقل. ومن سُلطة الرئيس أو الرئيسة أن يختار رئيس الوزراء الذي يؤلف الحكومة. وللرئيس سلطة حل البرلمان والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة. ويتولى الرئيس منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وله سُلطة إعلان الحرب.
وليس للرئيس الإيطالي نائب، ولكن في حالة مرضه يتولى رئيس مجلس الشيوخ مهام المنصب. أما إذا مات فتجري انتخابات رئاسية.
رئيس الوزراء والوزارة. يحدد رئيس مجلس الوزراء السياسة القومية، وهو أهم شخصية في الحكومة الإيطالية. ويختاره رئيس الجمهورية من أعضاء البرلمان، ولابد من أن يوافق البرلمان على اختياره. ويدعى رئيس الوزراء والوزارة رسميًا بالحكومة.
البرلمان. يتكون البرلمان من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ولكلا المجلسين سلطات متساوية. ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب 630 نائبًا. أما مجلس الشيوخ فعدد أعضائه 315 من المنتخبين، إضافة إلى خمسة أعضاء دائمين مدى الحياة يعينهم رئيس الجمهورية. كذلك فإن كل رؤساء الجمهورية السابقين يصبحون أعضاء في مجلس الشيوخ مدى الحياة. وتمتد فترة العضوية في مجلس الشيوخ ومجلس النواب لخمس سنوات، لكن لرئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان قبل انتهاء الدورة مع الدعوة لإجراء انتخابات جديدة.
السياسة الوطنية. منذ عام 1948م تعرضت إيطاليا لتغيرات كثيرة في الحكومات. ففي كثير من الأحيان لم تمكث الحكومة أكثر من سنة واحدة بسبب كثرة الأزمات الداخلية. وكثيرًا ما كان بعض أعضاء الحكومة السابقة يشاركون في الحكومة التي تعقبها، ولذلك كانت هناك استمرارية في أعمال الحكومات الكثيرة المتعاقبة.
المحاكم. يُعَيّن كل قضاة المحاكم الإيطالية ولا ينتخبون. وفيما عدا الخمسة عشر قاضيًا الذين هم أعضاء في المحكمة الدستورية، يعين القضاة الإيطاليون بناءً على امتحانات خدمة مدنية. وتعمل جميع المحاكم تحت إشراف وزير العدل ومجلس للقضاة يدعى مجلس القضاء الأعلى.
القوات المسلحة. يلتحق بالقوات المسلحة إجباريًا كل من بلغ سن الثامنة عشرة. ومدة الخدمة اثنا عشر شهرًا في الجيش والقوات الجوية، وثمانية عشر شهرًا في البحرية. وسمح للنساء بالتطوع في الخدمة العسكرية منذ عام 1999م. وفي عام 2000م، قررت إيطاليا وقف التجنيد الإجباري بحلول عام 2006م. ويبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإيطالية العاملين حوالي 270,000 شخص.
إيطاليا حوالي سنة 1200م. كان شمالي إيطاليا جزءًا من الإمبراطورية الرومانية بالرغم من أن بعض الدول المدن قد نالت مايشبه الاستقلال. وكانت الصقليتان ضمن الممتلكات الخاصة للإمبراطور الروماني. وكان البابا يحكم الدويلات البابوي.
نهاية الإمبراطورية الرومانية. منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد، ولفترة ألف وخمسمائة سنة تقريبًا،كان تاريخ إيطاليا هو في الواقع تاريخ الإتروسكانيين وتاريخ روما القديمة. انظر: الأترسكانيون؛ روما القديمة. وكان آخر إمبراطور روماني هو رومولوس أوغسطولس، الذي هُزِم في إيطاليا سنة 476م على يد الزعيم الجرماني أُدواسر. وكانت هزيمته المعلم التاريخي لنهاية الجزء الغربي من الإمبراطورية الرومانية. ومنذ ذلك التاريخ حتى عام 1861م، حين توحدت إيطاليا، كانت إيطاليا خلال معظم ذلك الوقت واقعة تحت سيطرة دويلات صغيرة كانت فريسة سهلة لكل من أراد الاستيلاء على إيطاليا.
العصور الوسطى. حكم أدواسر إيطاليا لمدة 13 سنة، ثم غزا إيطاليا ثيدوريك، القوطي الشرقي الجرماني، واتفقا على حكم إيطاليا معًا، ثم مالبث ثيدوريك أن قتل أدواسر عام 493م، وحكم البلاد بشكل حسن حتى لقي حتفه عام 526م. لكن جستينيان إمبراطور الدولة الرومانية الشرقية غزا إيطاليا سنة 553م، وطرد القوط الشرقيين من البلاد، ووحد الإمبراطورية الرومانية بشقيها مرة أخرى. كذلك غزت قبيلة اللمبارد الجرمانية إيطاليا في سنة 572م، واستولت على البلاد من الإمبراطورية الشرقية.
وخلال القرنين الخامس والسادس الميلاديين، قوي نفوذ البابوية الديني والسياسي بفضل جهود البابوات. وقد وصد البابوات، بمساعدة ملكي الفرنجة ييبين القصير وشارلمان، محاولات اللومبارديين للاستيلاء على روما، وتمكنوا من هزيمتهم. واستولى شارلمان على أراضي اللومبارديين سنة 774م، وضمها إلى مملكته الشاسعة. وأراد البابا ليو الثالث مكافأة شارلمان على مساعدته ضد اللومبارديين، كما أراد أن يؤسس تحالفًا معه ولذلك توجَّه إمبراطورًا على الرومان سنة 800م.
كان من بين ملوك الفرنجة الأقوياء حفيد شارلمان المدعو أوتو الأعظم، الذي كان ملكًا على ألمانيا. وقد توجه البابا في عام 962م إمبراطورًا على ما عُرف بالإمبراطورية الرومانية المقدسة.
أمراء أقوياء حكموا الدول المدن الإيطالية خلال عصر النهضة. ومن أشهر هؤلاء لورنزو دي ميدتشي (يمين الوسط، على ظهر جواد)، الذي حكم فلورنسا خلال أواسط وأواخر القرن الخامس عشر الميلادي. كان ميدتشي يدعم الفنون الجميلة، وأصبحت فلورنسا تحت حكمه من أهم المرا
تطور الدول المدن. أخذت المدن الإيطالية منذ القرن الحادي عشر الميلادي في النمو السريع، بفضل استقلالها، وأصبحت مراكز للحياة السياسية. وأصبح بعضها، مثل فلورنسا وجنوه وميلانو وبيزا والبندقية مدنًا غنية، وكان لكل منها سياستها الخارجية.
أسهمت الحياة في الدول المدن، وآثارها الجميلة، في النهضة التي عمت إيطاليا بعد عام 1300م، حيث دعمت التجارب الفنية، كما شجعت التوجه العلمي وطلب المتعة الفكرية التي كانت في الآداب والعلوم الكلاسيكية من التراث اليوناني والروماني. وأدى ذلك إلى اختراع الطباعة ليتلقف الناس ما تجود به المطابع. وظهر في الفترة ما بين القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، ثلاثة من كبار الفنانين العالميين وهم ليوناردو دافينشي ومايكل أنجلو ورفائيل.
الحكم الأسباني والنمساوي. في عام 1519م أصبح الملك تشارلز الأول ملك أسبانيا، وهو من عائلة هابسبيرج، الإمبراطور تشارلز الخامس إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة. وكانت قوة تشارلز الخامس تكمن بشكل رئيسي في ثروة البلاد التي تحت سيطرة الأسبان. ونشبت حرب في عام 1521م بين تشارلز الخامس وفرانسيس الأول ملك فرنسا حول بعض الأراضي المتنازع عليها. واستطاعت جيوش تشارلز الخامس دخول روما سنة 1527م، وغنمت ما فيها، واستولت على ميلانو وصقلية من فرنسا. وفي سنة 1559م كانت كل إيطاليا تقريبًا تحت النفوذ الأسباني. لكن قوة أسبانيا أخذت في الاضمحلال في أواخر القرن السادس عشر الميلادي.
الثورة الفرنسية ونابليون. أثّرت الثورة الفرنسية على الإيطاليين، إذ كانت تنادي بالإخاء والحرية والمساواة. وكان الإيطاليون تواقين إلى توحيد بلادهم والتخلص من حكم عائلة هابسبيرج. فلما نشبت الثورة الفرنسية، وأرسل نابليون إلى إيطاليا، استطاع أن يهزم النمساويين الذين كانت تحكمهم عائلة هابسبيرج وأخرجهم من إيطاليا. وهكذا عادت الحرب مرة ثانية بين عائلة هابسبيرج وبين فرنسا. ولما استولى نابليون على إيطاليا، أقام فيها جمهوريات، ومنحها دساتير وبعض الإصلاحات القانونية. وشعر الإيطاليون أنهم أصبحوا يعيشون في قطر يتمتع بنقود وجيش وقوانين موحدة، وبدأوا يشعرون بأنه بالإمكان إيجاد إيطاليا موحدة بعيدة عن كل سيطرة أجنبية.
هُزِم نابليون في معركة واترلو عام 1814م على يد الدول الأوروبية. وعقد مؤتمر فيينا سنة 1815م لتنظيم أوروبا، وذلك بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. فأُعيد تقسيم إيطاليا، واستردت أسرة سافوي حكمها على بيدمونت وجزيرة سردينيا، وسميت المملكة مملكة سردينيا، ووضعت نابولي وصقلية تحت أسرة البوربون الملكية الفرنسية. ووضعت دوقيات شمالي إيطاليا تحت حكم دوق موالٍ للنمسا. أما لومبارديا والبندقية فقد وضعتا تحت حكم النمسا المباشر، وأصبحت النمسا مسيطرة على معظم الأراضي الإيطالية.
توحيد إيطاليا. اندلعت ثورات في عام 1848م، شملت فرنسا والنمسا وإيطاليا، حيث كان سكان هذه البلاد يريدون المزيد من الحريات. وفي إيطاليا منح ملك ساردينيا وملك نابولي شعوبهما دساتير للحكم بمقتضاها. وفي ميلانو طرد الأهالي الجيش النمساوي. وأعلنت البندقية استقلالها واصبحت جمهورية. وأقيمت جمهوريات في روما وتوسكانيا. لكن هذه الحكومات كانت تفتقر إلى خبرة الحكم، كما كانت منقسمة على نفسها بحيث لا تستطيع مواجهة القوات النمساوية. وانتهت الثورة في آخر الأمر بسيطرة النمسا على الموقف، ووضع معظم إيطاليا تحت نفوذها.
رأى الإيطاليون أن يوحدوا بلادهم تحت حكم ملك سردينيا، وكان رئيس وزرائها الكونت كافور. وخشيت النمسا من أن يحاول الإيطاليون توحيد بلادهم تحت زعامة كافور، لذلك قررت منع هذه المحاولة. وفي نفس الوقت اتفق كافور مع نابليون الثالث، إمبراطور فرنسا، على التحالف ضد أي عدوان نمساوي. وبالفعل حارب الفرنسيون ضد النمسا وهم يساندون كافور، وطرد الفرنسيون والسردينيون النمساويين حتى أراضي البندقية تقريبًا، كما طردت الثورات المحلية الدوقات الذين كانوا يحكمون بمساندة النمسا.
انضم كل شمالي إيطاليا ـ ماعدا البندقية ـ وحتى دولة البابا إلى مملكة سردينيا. وكانت هذه الأراضي أكبر بكثير من الأراضي التي كان يريد نابليون الثالث ضمها إلى مملكة سردينيا، لكنها كانت أقل مما كان يريده الإيطاليون. وفي عام 1860م، أبحر جاريبالدي بجيش قوامه 1000 رجل من المتطوعين إلى صقلية رغبة في ضمها إلى إيطاليا وأخذها من الأسرة البوربونية الفرنسية. وبعد الاستيلاء على صقلية عبر جنود جاريبالدي إلى جنوب إيطاليا واستولوا على نابولي. وأسرع كافور بإرسال جيش إلى نابولي لإيقاف تقدم جاريبالدي عبر الأراضي البابوية، خوفًا من أن تتقدم كل من النمسا وفرنسا لصد جاريبالدي ومساعدة البابا. وكذلك كان كافور يخشى من أن يقيم جاريبالدي جمهورية بدلاً من المملكة التي كان يسعى كافور لإقامتها في إيطاليا.
جوسبي جاريبالدي ومعه جيشه من المتطوعين وهم يدخلون إلى مسينا ظافرين في عام 1860م، بعد احتلال صقلية باسم مملكة سردينيا.
مملكة إيطاليا. عندما نشبت حرب الأسابيع السبعة بين النمسا وألمانيا، التي كانت تحت رئاسة بسمارك، تحالف كافور مع بسمارك لفتح جبهة ثانية للنمسا. ومع أن الجيوش الإيطالية لم تستطع إحراز نصر، إلا أن بسمارك تغلب على النمسا، وأملى شروطه عليها سنة 1866م، ونالت إيطاليا البندقية، ولم يبق سوى روما وسان مارينو بعيدتين عن أيدي الملك إيمانويل الثاني. لكن لما نشبت الحرب الفرنسية البروسية سنة 1870م، سحبت فرنسا جنودها من روما، وكان ذلك الجيش يحرس البابا وحكومته في روما. ولما خرج الجيش الفرنسي من روما دخل الجيش الإيطالي، وبذلك أصبحت شبه الجزيرة الإيطالية موحدة. وأصبح البابا ضعيف النفوذ في منطقة الفاتيكان. وهكذا تمكنت إيطاليا من توحيد أراضيها تحت حكم الملك فكتور إيمانويل الثاني.
أخذت إيطاليا تحاول توسيع رقعة نفوذها في العالم بعد توحيدها، فاشتركت في الحلف الثلاثي سنة 1882م، وانضمت إلى إمبراطورية النمسا والمجر والإمبراطورية الألمانية. واستولت على إرتريا عام 1896م، وكانت إرتريا تابعة لمصر كجزء من السودان الشرقي. ثم حاولت أن تزيد من نفوذها في الحبشة، للاستيلاء عليها. وفي سنة 1911م انقضت على ليبيا، التي كانت تحت الحكم العثماني، واستولت عليها.
الحرب العالمية الأولى. بدأت هذه الحرب سنة 1914م، بين ألمانيا والنمسا ـ المجر من جهة وفرنسا وبريطانيا وروسيا من جهة أخرى. واشتركت دول مختلفة في الحرب إما مع بريطانيا وحليفتيها أو مع ألمانيا وحليفتها. وأمتنعت إيطاليا عن الاشتراك في الحرب لمدة عام، رغم عضويتها في الحلف الثلاثي. لكنها في عام 1915م دخلت الحرب مع الحلفاء بعد أن وعدوها سرًا أن تحصل على تريستا وترنتينو وأجزاء من ألبانيا ودالماشيا وإستريا، بالإضافة إلى إعانات مالية ومستعمرات في إفريقيا. انظر: الحرب العالمية الأولى لمزيد من المعلومات حول دور إيطاليا في تلك الحرب.
وعندما انتهت الحرب العالمية الأولى لم تحصل إيطاليا من معاهدات الصلح على ما وُعدت به. وكانت الحرب مكلفة، والعائد ضئيلاً، وبقي عدم الرِّضا يسود البلاد.
إيطاليا تحت حكم موسوليني. سادت إيطاليا فوضى عارمة، وكثر العاطلون فيها، كما كثر الجنود المسرحون الذين لا يجدون العمل. وظهرت حركة عُرفت بالفاشية يقودها بنيتو موسوليني، الذي أخذ في كسب العديد من الناس إلى حزبه. وكان موسوليني يعد الإيطاليين بحكومة قوية قادرة على حل المشكلات، والسيطرة على العمال والمصانع وفرض النظام والقانون. وتولى حكم إيطاليا في أكتوبر 1922م، بعد أن سار أنصاره من الفاشيين إلى روما، فرأى الملك أن أسلم وضع هو أن يُعَين موسوليني رئيسًا للوزراء في إيطاليا.
حكم موسوليني إيطاليا حكمًا فرديًا. وأراد لبلاده التوسع، فحارب أثيوبيا واستولى عليها سنة 1936م. وأظهر رغبة قوية في تسليح بلاده، وعقد حلفًا مع هتلر عام 1936م، عُرف باسم المحور، وانضمت إليهما اليابان أيضًا.
نجح موسوليني في عقد اتفاق مع البابا سنة 1925م، واعترف في ذلك الاتفاق باستقلال الفاتيكان كدولة ذات سيادة في روما.
وبعد أن استولى هتلر على تشيكوسلوفاكيا والنمسا، غزا موسوليني ألبانيا واستولى عليها.
الحرب العالمية الثانية. (1939 ـ 1945م). في عام 1939م اتفقت إيطاليا مع ألمانيا على أن تحارب في صفها إذا ماقامت الحرب بينها وبين غيرها من الدول. ولما اجتاحت الجيوش الألمانية بولندا أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا في أول سبتمبر 1939م، لكن إيطاليا بقيت خارج الحرب لفترة تسعة أشهر. وفي 10 يونيو 1940م اشتركت إيطاليا في الحرب ضد الحلفاء، وكان ذلك قبل أقل من أسبوعين من سقوط فرنسا واستسلامها لألمانيا.
ولما دخلت إيطاليا الحرب لحقت بها الهزائم في ليبيا وأثيوبيا وإرتريا. وفي 10 يوليو 1943م غزا الحلفاء صقلية وأنزلوا فيها جنودهم، فأصدر الملك الإيطالي فكتور إيمانويل الثالث أوامره بالقبض على موسوليني. وقد نفذ الأمر، ولكن رجال المظلات الألمان أنقذوه، وأُخذ إلى شمال إيطاليا. وفي 3 سبتمبر 1943م نزل الحلفاء في إيطاليا نفسها، فاستسلمت إيطاليا في ذلك اليوم نفسه. وفي 13 أكتوبر 1943م أعلنت إيطاليا الحرب على ألمانيا، ولكن الألمان استولوا على إيطاليا ونصبوا موسوليني على رأس حكومة ضعيفة. ومع تقدم الحلفاء نحو شمال إيطاليا، اندلعت حرب أهلية بين الفاشيين، أنصار موسوليني، ورجال المقاومة الإيطاليين الذين كانوا يعارضون موسوليني، وأثناء ذلك قتل رجال المقاومة موسوليني.
استمرت جيوش الحلفاء في إيطاليا حتى تم توقيع الصلح بين إيطاليا والحلفاء، فرحلت جيوش الحلفاء من إيطاليا سنة 1947م. وبانتهاء الحرب خسرت إيطاليا مستعمراتها في إفريقيا، ولم يبق لها منها شيء