رابطة العمل الشيوعي: إعلان المبادئ
مرسل: الخميس مايو 03, 2012 2:07 am
هدف رابطة العمل الشيوعي هو تحقيق الثورة الاشتراكية في المغرب والمنطقة المغاربية وكل الشرق الأوسط بتعاون مع القوى الماركسية الأممية والطبقة العاملة العالمية. إن الهدف النهائي هو تشييد الاشتراكية في العالم أجمع، عبر الثورة الاشتراكية العالمية وبناء مجتمع بدون طبقات.
للوصول إلى هذا الهدف نعتمد على استراتيجية الماركسية وبرنامجها ومنهجيتها، التي تم تحيينها وتطويرها خلال المؤتمرات الأربعة الأولى للأممية الشيوعية والخلاصات التي صاغتها المعارضة اليسارية في الاتحاد السوفياتي والبرنامج الانتقالي المصادق عليه خلال المؤتمر التأسيسي للأممية الرابعة، سنة 1938، وكذا وثائق التيار الماركسي الأممي، التي أعطت ميلاد اللجنة من أجل أممية عمالية وأدت سنة 1992 إلى تأسيس اللجنة من أجل أممية ماركسية.
لا يمكن للاشتراكية أن تبنى في بلد واحد، إن الاشتراكية لا يمكنها أن تتحقق إلا على الصعيد العالمي وخاصة عبر الثورة في البلدان الرأسمالية المتقدمة، لهذا السبب نعتبر نحن الثورة الاشتراكية بالمغرب مقدمة لبناء فدرالية اشتراكية في المنطقة المغاربية والشرق الأوسط، كجزء من فدرالية اشتراكية عالمية.
وعليه نحن لا نعتبر أنفسنا منظمة ثورية مغربية بل نحن الفرع المغربي لمنظمة ثورية أممية هي التيار الماركسي الأممي.
المنظمة الأممية ليست فدرالية أو كونفدرالية للفروع الوطنية، الأممية الماركسية هي اكبر من مجرد تجميع للفروع الوطنية. إن أمميتنا تريد أن تكون الحزب العالمي للثورة
إن هجرة ملايين العمال الشباب والفلاحين والطلبة والأسر المغربية إلى الخارج تربط في الحقيقة نضال الطبقة العاملة بالمغرب بنضالات البروليتاريا الأوربية والأممية. بهذا المعنى فإن الطبقة العاملة المغربية، مثلها مثل نظيراتها في المنطقة المغاربية، ليست طبقة اجتماعية وطنية بل هي، بشكل أساسي، طبقة اجتماعية أممية. بقدر ما سيتقدم النضال من أجل الاشتراكية في المغرب والمنطقة المغاربية، سيصبح العمال المهاجرون المغاربة والمغاربيين بذورا للتحريض الاشتراكي في أوروبا، وبقدر ما يتقدم النضال من أجل الاشتراكية في البلدان الأوروبية، سيصبح العمال المهاجرون المغاربة والمغاربيين بذورا للتحريض الاشتراكي في بلدانهم الأصلية. هذا هو المعنى الحقيقي للأممية البروليتارية والعلاقة المتبادلة بين النضال من أجل الاشتراكية اليوم. إن المناضلين الماركسيين الموجودين في الشتات بأوروبا وأي بلد من بلدان العالم الأخرى سيلتحقون بشكل أوتوماتيكي بنضال فروع الأممية الموجودة في تلك البلدان وإذا لم تكن موجودة فسوف يعملون على خلقها.
المهمة المباشرة التي يحددها الماركسيون المغاربة لأنفسهم هي بناء قيادة عمالية ثورية لقلب النظام الرأسمالي التبعي السائد، الذي يتخذ اليوم شكل الدكتاتورية الملكية. إننا نريد استبدال الديكتاتورية الرأسمالية بجمهورية اشتراكية، بنظام الديموقراطية العمالية الذي سيضمن لجميع المضطهدين والفقراء في هذا الوطن حياة كريمة خالية من الاستغلال والقمع والبؤس.
ليس هذا ممكنا إلا بالقضاء على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. وهذا سيتم عبر مصادرة الشركات الصناعية والمالية الرأسمالية، المحلية منها والعالمية، وتأميمها ووضعها تحت الرقابة والتسيير الديموقراطي للعمال. وسيتم تسيير الشركات المؤممة وفق مخطط اشتراكي للإنتاج، سيستبدل ما يسمى اقتصاد السوق بتخطيط النشاط الاقتصادي لخدمة الحاجيات الاجتماعية للأغلبية الساحقة من العمال والفلاحين وليس مصالح حفنة من الأغنياء.
إن مصادرة الأراضي الكبرى وتأميمها هو الشرط الأساسي لتقسيمها على الفلاحين وتشكيل التعاونيات الفلاحية الاختيارية، بارتباط مع الصناعة الغذائية المؤممة والموضوعة تحت رقابة العمال. لا يمكن للفلاحين أن يستفيدوا من ايجابيات أشغال البنية التحتية (الطرق، النقل، الكهربة، الآليات، المستودعات، الموانئ، أنظمة الري..) إلا في إطار مخطط اشتراكي للإنتاج. إن تأميم النظام المالي سوف يضمن لهم الحصول على قروض بفوائد مخفضة لتمويل مشاريعهم.
جهاز الدولة الحالي الفاسد، هو أداة للقمع وتأبيد السيطرة وضامن بقاء علاقات الملكية الرأسمالية، يجب أن يستبدل بدولة عمالية. هذه الدولة الثورية، دولة دكتاتورية البروليتاريا أو الديموقراطية العمالية، ستقوم على قاعدة مجالس جماهير العمال والفلاحين الفقراء والتي ستأخذ على كاهلها مهمة تسيير وإدارة الدولة عبر الانتخابات الديموقراطية للموظفين الذين يمكن إلغاء التفويض الممنوح لهم في كل حين، ولا يتجاوز أجرهم اجر عامل مؤهل ولا يحصلون على أي امتيازات، المهام التي يشغلونها تكون بالتناوب « عندما يصير الجميع بيروقراطيا لن يبقى هنالك بيروقراطي» - لينين-
ستبنى مجالس العمال والفلاحين هذه على المستوى المحلي (الأحياء، القرى، المدارس، المعامل، الثكنات...) ثم على المستوى الجهوي والوطني. للمرة الأولى في التاريخ سوف تتوقف الدولة عن أن تكون أداة قمع في يد الأقلية المحظوظة ضد الأغلبية. ليبدأ آنذاك اضمحلالها.
سيتم تعويض الجيش البرجوازي والبوليس بالشعب المسلح. محاكم البرجوازية والنظام القضائي الغير العادل، القمعي والمدافع عن الأغنياء سيتم تعويضهم بعدالة يكون فيها القضاة منتخبين ديموقراطيا وبقوانين وإجراءات..الخ. يصوغها المضطهَدون بتوافق مع الأشكال الجديدة للملكية.
الديموقراطية العمالية لا تعني نظام الحزب الوحيد. إن فكرة وجود حزب واحد في النظام الاشتراكي هي فكرة غريبة عن كتابات وممارسة ماركس وانجلز ولينين وتروتسكي. إنها تشويه ستاليني. الاشتراكية تتضمن وجود وتطور أحزاب متعددة مع استثناء الكيانات الفاشية. أي نوع من الأحزاب سيتم السماح لها بالوجود؟ جميع الأحزاب التي تقبل بالعمل في ظل النظام الجديد، نظام الاقتصاد المخطط والمؤمم سيسمح لها بالوجود، ولا يشمل هذا الكيانات التي تحاول، بالعنف وقوة السلاح، قلب النظام الاشتراكي.
إن الاشتراكية لا تعني تقليص الحريات والحقوق الديموقراطية، بل توسيعها مقارنة مع ما هو موجود في ظل الأنظمة البرجوازية الأكثر "ديموقراطية". فقط في ظل المجتمع الاشتراكي حيث يمكن لهذه الحريات أن تزدهر. إن الحقوق الديموقراطية المتوفرة في ظل النظام الرأسمالي، هي قبل كل شيء ثمرة لنضال العمال ومنظماتهم، وقد صارت الآن مهددة في جميع البلدان الرأسمالية "الديموقراطية"، وممارستها تبقى شكلية إلى حد بعيد لان الكلمة العليا تبقى في آخر المطاف للطبقة البرجوازية.
أكبر تناقض نواجهه الآن هو كون الأفكار الماركسية، التي هي الأفكار الوحيدة التي يمكنها أن تعطي الحل للجماهير المضطهدة وتقودها نحو حسم السلطة وبناء الاشتراكية، لا يزال انتشارها ضعيفا. ويلخص البرنامج الانتقالي (الوثيقة التأسيسية للأممية الرابعة سنة 1938) هذا التناقض قائلا: « إن أزمة الإنسانية يمكن تلخيصها في أزمة القيادة البروليتارية على الصعيد العالمي»، أي في غياب الحزب الثوري الجماهيري. إننا لا نزال مجموعة صغيرة، إننا لسنا سوى جنين الحزب الجماهيري المستقبلي. عدد الكوادر الماركسية لا يزال محدودا وتتمثل المهمة الأكثر استعجالية في بناء منظمة ماركسية للكوادر ستكسب الحق في اعتبارها القيادة الثورية من طرف الجماهير. إن هذا العمل يتطلب وقتا، يتطلب سنوات بل حتى عقودا.
إن التحول إلى قيادة ثورية لا يتم عبر إعلان ذلك بل يتم اكتسابه. يجب علينا أن نكتسب هذا الحق على المستوى النظري والسياسي وكذلك على مستوى الممارسة ولن ننجح في ذلك إلا عبر الوضوح النظري والسياسي، بأفكارنا وبرنامجنا الذي يوضح للجماهير الطريق نحو الاشتراكية وطرق النضال الملائمة. ومن جهة أخرى نعطي الدليل في الممارسة في تدخلنا الملموس في الصراع الطبقي أن أفكارنا وطرقنا هي بالضبط من يمكنها أن تطور النضال ضد الدكتاتورية من أجل الاشتراكية.
إن المنظمة الماركسية هي أولا وقبل كل شيء برنامج وطرق للنضال واستراتيجية وتكتيكات وتقاليد. « الحزب هو قبل كل شيء البرنامج» كان تروتسكي يقول. وبعدها فقط تأتي مسألة التنظيم. إننا نريد أن نبني منظمة ماركسية تستوحي أفضل تقاليد البلشفية، أفكار لينين وتروتسكي. منظمة مناضلين وكوادر ماركسية متمكنة من أفكار الماركسية وقادرة على تطبيقها بطريقة خلاقة في الممارسة، في تدخلها في الحركة وقادرة على تهيئة وقيادة المنظمة في مختلف الوضعيات وتطويرها.
المنظمة الماركسية منظمة ممركزة منضبطة ولديها انسجام داخلي كبير. إن هذا الانسجام وهذا الانضباط لا يمكنه إن يتحقق إلا بوعي سياسي مرتفع وتكوين نظري متقدم، إلا بإقحام المناضلين في الحركة العمالية وبنظام داخلي ديموقراطي وسليم.
إن تكوين المناضلين هي إذن مسألة جوهرية لا يجب أن يقتصر على تعلم ألف باء الماركسية. يجب علينا أن نبدأ بالألف باء، لكن لا يجب علينا أن نتوقف عندها. ولأن الصراع الطبقي يدور في الحقل الاقتصادي والسياسي لكن أيضا في الحقل الإيديولوجي، يتوجب أن يشمل تكوين الكوادر الماركسية أيضا المسائل الإيديولوجية والفلسفية.
إن منظمتنا تعمل وفق مبادئ المركزية الديموقراطية. إن المركزية الديموقراطية لا علاقة لها مع الطرق التنظيمية الخاصة بالمنظمات الستالينية والمبنية على المركزية البيروقراطية. يمكن للمركزية الديموقراطية أن تتخذ العديد من الأشكال حسب الظروف السياسية وغيرها. تعني المركزية الديموقراطية عموما أقصى أشكال الديموقراطية الداخلية (بما فيها الحق في تشكيل التيارات والكتل) حينما يتعلق الأمر بتحديد الخط السياسي. لكن وبمجرد ما يتم اتخاذ القرار - أحيانا بالأغلبية ضد الأقلية- يصير من الواجب على كل المنظمة أن تطبق نفس السياسة. إن المركزية تعني قبل كل شيء مركزية العمل السياسي للمنظمة كلها.
يتوجب على كل مناضل أن يمتلك حقلا للعمل، مكانا في الحركة. لأن مجموعة من الكوادر الماركسية بدون علاقة مع الجماهير ليست سوى دماغ بدون جسد، بدون جهاز عصبي يمكنها من تملك الواقع، دون رجلين ولا يدين يمكنانها من الممارسة في الواقع. كما أن المنظمة بدون مركز، بدون قيادة ممركزة تحلل وتجمع وتلخص وتكثف كل تجارب المنظمة وتكون قادرة على مقاومة ضغوط اللحظة وإعطاء الخط السياسي العام، إنما هي مثل جسد دون دماغ قادر على فهم جميع الأحاسيس والانطباعات، من أجل إنتاج الإجابات الملائمة وإرسالها.
إن المنظمة الماركسية تمثل الذاكرة التاريخية للطبقة العاملة. وفي الصراع الطبقي يدخل الماركسيون الوعي إلى الأمور التي يكون العديد من العمال، وخاصة الأكثر تقدما، قد تمكنوا من فهمها بشكل غير واع وجزئي. إننا نسرع الوعي الطبقي. ويوضح لنا البيان الشيوعي، الذي كتبه ماركس وانجلز، دورنا: « إن الشيوعيين لا يتميزون عن الأحزاب البروليتارية الأخرى إلاّ في مسألتين: إنهم أولا: يُبرزون ويُغلِّبون، في مختلف النضالات القومية للبروليتاريا، مصالح كل البروليتاريين المشتركة والمستقلة عن الانتماءات القومية، ومن ناحية أخرى، يمثِّلون دائما، في مختلف المراحل التي يمر منها الصراع بين البروليتاري والبرجوازي، مصلحة الحركة في مجملها. الشيوعيون إذن هم عمليّا الفريق الأكثر حزما من بين الأحزاب العمالية في جميع البلدان، الفريق الذي يدفع جميع الآخرين إلى الأمام، ومن الناحية النظرية هم يتميزون عن باقي البروليتاريين، بالفهم الواضح لوضع الحركة العمالية ومسيرتها وأهدافها العامة»
ما هي طرقنا في النضال؟ هذا السؤال ليس أمرا ثانويا. إن طرق النضال التي نستخدمها وثيقة الارتباط بأهدافنا السياسية، هنالك إذن طرق جيدة للنضال وأخرى ليست كذلك وتعيق تحقيق أهدافنا. هنالك طرق للنضال نتبناها وأخرى نرفضها. إننا وعلى غرار القادة الاشتراكيين العظام، نعتقد أن « تحرر العمال مهمة العمال أنفسهم ». لذا نرفض فكرة المخلص أو الأبطال الذين سيأتون لتحرير العمال من الخارج. إننا نرتكز على النضال المستقل الذي تقوم به الطبقة العاملة. تشكيلة النضال من أجل الثورة الاشتراكية واسعة، هي النضال الجماهيري (الإضراب، التظاهر، الاعتصام، احتلال المصانع، الانتفاضة الجماهيرية) والمنظمات الجماهيرية، المشاركة الديموقراطية في اتخاذ القرار من طرف العمال، تملك الوعي الطبقي والمزاوجة بين النضال العلني والسري. يجب علينا أن نستفيد من كل انفتاح يمكننا من النضال العلني، بما في ذلك المشاركة، في شروط معينة، في الانتخابات المحلية والوطنية. ليست لدينا أوهام برلمانية (البلاهة البرلمانية الشهيرة التي يتصف بها الاصلاحيون والستالينيون) لكننا أيضا لا نعادي العمل البرلماني (البلاهة المعادية للبرلمان المميزة للفوضويين). إننا نستخدم البرلمان كمنبر كبوق لتمرير مواقفنا، كوسيلة لمخاطبة الجماهير وتنظيمها، لكن مركز الثقل في طرقنا هو النضال والعمل الذي يتم خارج البرلمان.
نحن نرفض أساليب وبرامج الإرهاب الفردي (الاغتيالات والعمليات ضد أعضاء الدولة الرأسمالية أو ضد الأفراد الرأسماليين) الذي يعوض النضال التغييري الجماهيري بنشاط أقلية مستنيرة. ونعتقد أيضا أن استراتيجية وأساليب وبرنامج حرب العصابات (الحرب الشعبية الطويلة الأمد في البوادي نحو المدن أو تنويعاتها المختلفة الأخرى) هي أساليب غير صالحة في النضال من أجل الاشتراكية بالمغرب. طبعا يمكن لحرب العصابات كأسلوب مميز لنضال الفلاحين أن يلعب دورا ما لكن يجب أن يظل أسلوبا ثانويا ورهينا بنضال جماهير العمال في المدن. نحن نرتكز على قاعدة نشاط وأساليب نضال الطبقة العاملة التي هي الأساليب الوحيدة القادرة على ضمان انتصار ثورة اشتراكية حقيقية وتشييد الديموقراطية العمالية. أما باقي طرق النضال الأخرى من قبيل حرب العصابات أو الإرهاب الفردي، فهي حتى وان تمكنت من إحراز النصر، لن تقود إلى بناء ديموقراطية عمالية بل إلى إقامة نظام بونابارتي بروليتاري كذلك الذي بني في الصين على سبيل المثال.
نمط الإنتاج السائد في المغرب نمط إنتاج رأسمالي مبني على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج واستغلال العمل المأجور، مرتبط، من موقع التابع، بالرأسمال الإمبريالي العالمي. وليس لجميع بقايا أنماط الإنتاج الماقبل الرأسمالية من وجود مستقل عن النمط السائد أو مناقض له. إنها لم تحافظ على استمرارها إلا لكونها اندمجت به وتكيفت مع حاجياته، أو/ ولم يتناقض بقائها مع وجوده.
لم يكن الاستقلال الذي حصل عليه المغرب سنة 1956، سوى استقلال شكلي.لي. إذ أن السيطرة العسكرية والإدارية المباشرة التي كانت تمارسها الإمبريالية الإسبانية والفرنسية استبدلت بسيطرة، فعلية، اقتصادية ومالية، عبر آليات التبادل التجاري الغير متكافئ، الديون الخارجية المذلة وتدخل الشركات المتعددة الجنسيات.
إن "الاستقلال" الذي تحقق هو "استقلال" تحت وصاية الإمبريالية وهذا هو نفس المصير الذي عرفته جميع البلدان التي، وبالرغم من تمكن حركة الجماهير الرائعة فيها من طرد القوى الأجنبية بعد الحرب العالمية الثانية، تطورت في إطار علاقات الملكية الخاصة الرأسمالية محليا ودوليا.
إن المغرب يوجد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، عرضة لنهب القوى الأجنبية والشركات المتعددة الجنسيات. ويلعب النظام القائم فيه دور الحليف الاستراتيجي للإمبريالية التي يعمل لصالحها في ضمان الاستقرار في المنطقة ويقوم بجميع الأعمال القذرة عوضا عنها.
نحن الماركسيون نعتبر أنه بدون الثورة الاشتراكية وإسقاط النظام التبعي القائم، ليس هناك من أمل في التحرر من نير الإمبريالية.
يتخذ شكل الحكم في المغرب شكل الدكتاتورية الملكية، حيث كل السلطات والقرارات الهامة ممركزة في ظله في يد المؤسسة الملكية. لكن وبالرغم من جميع ادعاءات الإصلاحيين (وكل الزخارف القروسطوية) فإن الملك أكبر رأسمالي وأكبر ملاك عقاري وأول المدافعين عن نمط الإنتاج السائد.إن نظام محمد السادس استمرارية لنظام الحسن الثاني وهو بتعبير ماركسي دقيق: نظام بونابارتي برجوازي.
لا تعني الإصلاحات التي انخرط فيها نظام محمد السادس، انفتاحا ديموقراطيا برجوازيا وبرلمانيا، بل مجرد محاولة بائسة لإدخال تحسينات على نقاط ارتكاز الدكتاتورية وإعادة هيكلتها (وحتى الديموقراطية البرجوازية كتلك السائدة في أوروبا ليست، في آخر المطاف، سوى واجهة تختبئ ورائها الدكتاتورية الرأسمالية). إن النظام التوتاليتاري، الذي ورثه محمد السادس، كان قد وصل إلى أزمة خانقة وفقد تماما كل شرعية، فجاءت "الإصلاحات" من فوق لتلافي حدوث ثورة من تحت.
للنضال من أجل الثورة الاشتراكية، لا يمكننا أن نعتمد سوى على الطبقة العاملة (جميع الأجراء) التي ستقود باقي شرائح الفقراء والمضطهَدين (من قبيل الفلاحين). لا يوجد في المغرب ولا في أي بلد عربي آخر، أية طبقة اجتماعية، ما عدا الطبقة العاملة، قادرة على النضال بشكل حازم ضد هذا النظام الرأسمالي والحكم الملكي. لا يمكننا أن نثق في أي قسم من أقسام الطبقة البرجوازية، حتى ذلك الأكثر "ديموقراطية" و"تقدمية"، للوصول إلى هذه الأهداف. لا يوجد في المغرب، ولا في أي بلد من بلدان ما يسمى بالعالم الثالث، أية برجوازية معادية للإمبريالية أو تقدمية. إن دور الماركسيين المغاربة هو أن يقضوا عبر الشرح بصبر وبمنهجية، على جميع الأوهام التي يمكنها أن توجد بين الجماهير حول هذه القوى التي تسمى نفسها "ديموقراطية" و"إصلاحية" و"وطنية". «اشرح بصبر» هذه هي وصية لينين التي كان يحب ترديدها.
إن البرجوازية المغربية طبقة مرتبطة كليا بالإمبريالية، كما أنها طبقة جد طفيلية وريعية، إنها عاجزة عن لعب الدور الذي لعبته البرجوازية الفرنسية في ثورة 1789 في النضال ضد الحكم الفردي والفيودالية. إن البرجوازية المغربية العاجزة عن إنجاز أبسط المهام الديموقراطية هي طبقة رجعية بالمطلق. وهذا هو حال جميع البرجوازيات في العالم العربي والشرق الأوسط.
طبقة الرأسماليين في المغرب طبقة مندمجة أيضا بالملاكين العقاريين، ومن ثم فإن الرأسماليين بالمغرب ليست لديهم أية مصلحة في الانخراط في حملة تصفية الملكية العقارية الكبرى. فقط الطبقة العاملة بتحالف مع الفلاحين الفقراء والمعدمين من لهم المصلحة والقدرة على وضع نهاية للملكية العقارية الكبيرة.
تستعمل بعض قطاعات الطبقة البرجوازية النزعة القومية للحصول على بعض الفتات الساقط من موائد الإمبرياليين. إن البرجوازية تستعمل النزعة القومية أساسا لخداع الجماهير، للفت انتباههم عن دورها الاستغلالي ولربط الجماهير الكادحة بقاطرة مصالحها ومخططاتها.
في الواقع إن البرجوازية المغربية هي وسيلة للهيمنة الإمبريالية على البلد بينما ترى الجماهير، على العكس من ذلك، في النزعة القومية وسيلة للنضال ضد الإمبريالية بسبب غياب منظور وبرنامج ماركسي. لكن النضال الحازم ضد الإمبريالية، من وجهة نظرنا، ليس حربا ضد "عدو خارجي"، إن النضال ضد الإمبريالية يبدأ داخل البلد ضد "الطابور الخامس" للإمبريالية أي ضد البرجوازية المغربية ذاتها.
إن الطبقة الرأسمالية المغربية لا تمارس فقط الاضطهاد الطبقي بل تمارس الاضطهاد القومي أيضا، خاصة ضد الشعب الصحراوي. إن الماركسيين بالمغرب يرفضون، بشكل قاطع، سياسات الاضطهاد والحرب ضد الشعب الصحراوي ويناضلون من أجل حقه في تقرير المصير. إننا نعتبر أن مهمتنا هي النضال ضد الاضطهاد القومي الذي يتعرض له الشعب الصحراوي والمناورات التي تقوم بها البرجوازية المغربية ودولتها بهدف بث سموم الشوفينية القومية والعنصرية بين صفوف الجماهير المغربية. إلا أننا نعتبر أن المخرج الوحيد للشعب الصحراوي يتمثل في التحالف مع الطبقة العاملة المغربية في نضال مشترك من أجل الاشتراكية وبناء فدرالية اشتراكية في المنطقة. جميع المحاولات المبنية على الاعتماد على تحالفات مع القوى الإمبريالية أو المؤسسات الدولية من قبيل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي لن تؤدي سوى إلى خيانات جديدة وهزائم سيتكبدها الشعب الصحراوي. إن الحليف الأفضل والوحيد والحقيقي ضد الاضطهاد القومي الذي يعانيه الشعب الصحراوي هو الطبقة العاملة والفلاحين المغاربة.
نناضل أيضا من أجل الحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغ التي اغتصبت من طرف النظام الرأسمالي القائم بالمغرب. لكننا إذ نقوم بهذا نرفض كليا فكرة الفصل التنظيمي والسياسي بين صفوف الطبقات المضطهدة في المغرب على أساس لغوي أو ثقافي، الخ. إننا نقف إلى جانب الوحدة اللامشروطة للطبقة العاملة وندين أيضا كل استخدام للنضال من أجل الحقوق الثقافية للأمازيغ من طرف القوى البرجوازية الصغرى أو البرجوازية والرجعيين والمافيا. إن هؤلاء ليس لديهم من هدف سوى الضغط على الدولة للحصول (من الدولة المركزية) على حرية اكبر (حكم ذاتي..الخ) في استغلال واضطهاد الطبقة العاملة والفلاحين في المناطق الأمازيغية في مقابل ضمان الاستقرار الاجتماعي وتجديد الولاء للنظام. إن القوى البرجوازية الصغيرة تستغل مسألة الثقافة الأمازيغية عادة من أجل الحصول على امتياز أو حظوة لدى الدولة. إن نظام محمد السادس واع جدا بهذا وباعتباره نظاما بونابارتيا جيدا فإنه يستغل هذه المسألة من أجل توسيع نقاط ارتكازه وبهذا إطالة أمد حياته. إن أي اضطهاد لغوي أو ثقافي يتعرض له جزء من الطبقات الكادحة هو، من وجهة نظر الماركسيين، اضطهاد للطبقات الكادحة كلها. ليس للنظام الاشتراكي أية مصلحة في الإبقاء على مثل هذه التمييزات. إن المجتمع الاشتراكي سيخلق الشروط المادية والمعنوية لتحقيق تحرر حقيقي لثقافات جميع الشرائح والطبقات الكادحة وهو ما يعتبر تحقيقه مستحيلا في ظل المجتمع الرأسمالي.
إن التطور المتأخر والضعيف والمشوه (بسبب التدخل الإمبريالي) للدولة القومية بالمغرب هو المسئول عن التمايز الصارخ في التطور الحاصل بين الجهات في البلد. وأحيانا يكون تخلف بعض الجهات نتيجة لسياسة اتبعها النظام (نظام الحسن الثاني) لمعاقبة تلك المناطق الأكثر تمردا ولدفعهم إلى الهجرة. إن الهجرة هي الوسيلة الكلاسيكية المستخدمة كصمام أمان من طرف الطبقات المستغلة، وهي الحالة التي نجدها على سبيل المثال في الريف، الذي يعتبر واحدا من المناطق الأكثر تخلفا في البلد وعرضة لبؤس كبير. فقط تخطيط اشتراكي للاقتصاد هو من سوف يمكن من توفير الاستثمارات الضرورية لإخراج تلك المناطق من التخلف وضمان تطور منسجم لجميع الجهات.
إن الماركسيين بالمغرب يشكلون جزء لا يتجزأ من نضال الشعب الفلسطيني ضد القمع الصهيوني والرأسمالي الذي تقوم به دولة إسرائيل. إننا نناضل من أجل حصول الشعب الفلسطيني على حقه في تقرير المصير. إن جميع وصفات الحل في ظل الرأسمالية وتحت هيمنة الإمبريالية الإسرائيلية وباقي القوى الإمبريالية الأخرى لن تحل أيا من المشاكل التي تعانيها الجماهير الفلسطينية. لن يكون أبدا بمقدور دولة رأسمالية فلسطينية أن تعيش جنبا إلى جنب مع دولة رأسمالية إسرائيلية (شعبان دولتان). ستواصل دولة فلسطين في ظل مثل تلك الشروط في أن تكون دولة تابعة ومضطهدة من طرف الإمبرياليين الإسرائيليين. إن المخرج الوحيد الممكن للشعب الفلسطيني يتمثل في خوض النضال المشترك مع الطبقة العاملة الإسرائيلية لقلب دولة إسرائيل الرأسمالية من أجل بناء فدرالية اشتراكية إسرائيلية فلسطينية توفر أوسع إمكانية للحكم الذاتي. ليس هناك أي حل يخدم مصالح الجماهير الفلسطينية يمكن أن تقدمه القيادة البرجوازية الفلسطينية وبرجوازية العالم العربي. إن هؤلاء الأخيرين يستخدمون القضية الفلسطينية من أجل تحويل انتباه الجماهير عن مسؤوليتهم في دعم الإمبريالية ومن أجل الإفلات من غضبها. إننا نعتبر أن طرق النضال المعتمدة على ما يسميه الماركسيون الإرهاب الفردي (التفجيرات، الاغتيالات ضد الأفراد، الاختطافات، تحويل مسار الطائرات، العمليات الانتحارية.. الخ) هي طرق خاطئة ولا يمكنها أن تؤدي مطلقا إلى قلب السيطرة الصهيونية على الفلسطينيين. إننا نعتبر إنها وحدها انتفاضة الجماهير المسلحة المنظمة والمقادة من طرف لجان منتخبة ديموقراطيا وتحت رقابة العمال وجماهير الفقراء الفلسطينيين هي الطريقة الأكثر ملائمة. ليس هناك من خلاص ممكن للجماهير الفلسطينية ما عدا الثورة الاشتراكية. لإحراز النصر يجب على العلم الفلسطيني أن يرفرف إلى جانب علم الاشتراكية العالمية الأحمر.
استغلال المرأة العاملة والمرأة الفلاحة استغلال مزدوج في ظل الرأسمالية. إنها مستغلة باعتبارها عاملة وفلاحة وكذلك باعتبارها امرأة. هذه هي حالتها سواء خارج البيت أو داخله. إن الأسرة الحالية المبنية على أساس الأحكام المسبقة ضد المرأة والأفكار الرجعية الموروثة عن قرون من المجتمع الطبقي، هي مؤسسة جد قمعية ضد المرأة. إن المرأة في هذه المؤسسة ينظر إليها أحيانا كحيوان لحمل الأثقال أو آلات لإنتاج الأطفال. إن النساء كما قال ماركس "إماء للعبيد". إن المرأة العاملة هي الشريحة الأكثر استغلالا بين الطبقة العاملة والفلاحين. في المصنع والإدارة في المحلات التجارية أو في الحقول تستغل النساء مقابل أجور اقل من أجور الرجال في الأشغال الأكثر قسوة ويعانين من التحرش الجنسي. إنها مهمة الماركسيين أن يناضلوا بكل قواهم ضد الاضطهاد المزدوج المميز للمجتمع الطبقي وخاصة للرأسمالية. إن التشريع المغربي وحتى قانون الأسرة المعدل، لا يزال دائما تشريعا قمعيا. إن الماركسيين المغاربة يرفضون كل التشريعات التمييزية ضد النساء ويناضلون من أجل المساواة التامة بين الرجال والنساء. إن العقليات الجد متجذرة والعادات والممارسات التمييزية ضد النساء هي نتاج للمجتمع الطبقي ولن يصير من الممكن القضاء عليها إلا بتغيير الشروط المادية لوجودها وبالنضال المشترك الذي تخوضه النساء والرجال لتغيير هذا المجتمع. إن قيود الأشغال المنزلية التي تبقي النساء مكبلات لا يمكن كسرها إلا بتحويل تلك الأشغال إلى مهمات مجتمعية. « ما دام نصف الإنسانية مكبلا بأشغال المطبخ، لن يكون في مقدور النصف الآخر أبدا أن يعتبر نفسه حرا.» كما قال لينين. لا يمكن تحرير النساء في ظل الرأسمالية التي لديها كل المصلحة في الحفاظ على هذه التمايزات. إن نساء الطبقة العاملة والفلاحين ليست لديهن نفس مصالح النساء البرجوازيات كما تدعي النسوانيات البرجوازيات الصغيرات. لا يمكن للنساء أن يتحررن من اضطهادهن المزدوج إلا باعتبارهن جزء مكونا من نفس الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها إخوانهن وأزواجهن وأبنائهن. فقط عبر النضال الطبقي (وليس عبر النضال بين الجنسين) حيث يمكن تحقيق تحرر العاملات في الحقول والمدن. لقد بدأت العديد من ثورات العالم بنضال فجرته النساء. إن النساء وبمجرد ما سيصرن واعيات بمصالحهن الطبقية سيصبحن في مقدمة النضال ضد الرأسمالية. بدون مشاركة جماهير النساء لا يمكن حدوث الثورة في أي مكان من العالم وفي المغرب أيضا.
لا تزال الحركة العمالية والحركة الطلابية واقعة تحت سيطرة قوى إصلاحية، ستالينية بل وحتى برجوازية. نحن نعلم أن هذه القوى لا يمكنها أن تحل مشاكل الجماهير. بل على العكس إنها تشكل عائقا هائلا في طريق النضال من أجل الاشتراكية. لكن ليس من الممكن انتشال جماهير العمال من تأثير تلك الأفكار وتلك المنظمات بمجرد الإدانة والادعاء. قبل كل شيء يتوجب علينا أن نركز على الحركة كما هي في الواقع، الحركة الحقيقية للطبقة العاملة وليس كما نريدها أن تكون. الحركة بأوهامها وأخطائها وتناقضاتها ومستواها السياسي الحالي. هذه هي نقطة البداية بالنسبة لنا لكن ليس نقطة النهاية. إن الأغلبية الساحقة من جماهير العمال لا تتعلم إلا بالتجربة. فقط أقلية صغيرة هي من تتعلم على قاعدة القراءة والدراسة. إن الممارسة هي معلم الجماهير. إن لينين الذي كتب أكثر من 50 مؤلَّف في النقاشات والدراسات والملاحظات السياسية والاقتصادية والفلسفية لم يكن يتردد في أن يقول انه « بالنسبة للجماهير غرام واحد من الممارسة أهم من عشرة أطنان من النظرية »
إن الجماهير تعرف جيدا ما لا تريد: البطالة، البؤس، الدكتاتورية، الفساد، الظلم،.. الخ، أي جميع أوبئة الرأسمالية. لكن الأغلبية الساحقة من الجماهير لا تعرف الأسباب الجوهرية لوضعها ولا الآليات العميقة التي تؤبدها. القادة الاصلاحيون من كل نوع يعدونها بحل مشاكلها "بإصلاحات" يدخلونها على النظام، وبمساعدات من الاتحاد الأوروبي: هؤلاء القادة يثقون في ملكية دستورية، والأكثر "جرأة" من بينهم، لكنهم أقلية، يرفعون شعار الجمهورية... البرجوازية. نحن نعلم انه لا يوجد في ظل المجتمع الرأسمالي أي حل حقيقي لأوضاع الجماهير. لكن الجماهير، التي فقدت الكثير من أوهامها في "انفتاح" و"إصلاحات" محمد السادس لن تكتشف إلا بتجربتها وبالممارسة ماهي البرامج ومن هم القادة وما هي المنظمات التي يمكنها أن تقدم حلولا لمشاكلها. انه مسلسل الحصول على الوعي عبر التجربة والخطأ. حيث مراحل من الأوهام تعقبها مراحل من فقدان الأمل ووضع القادة التقليديين موضع تساؤل. لكن اكتساب الوعي لا يتم في خط مستقيم. إن الطرق التي يسير فيها اكتساب الوعي تكون أحيانا متعرجة. قد تمر سنوات وأحيانا عقود يبدو خلالها وكأن لا شيء يحدث ثم نشهد انقلابا قويا، تسارعا شديدا للوعي حيث يحدث كل شيء وحيث تصير العديد من الأشياء ممكنة.
إن الجماهير وقبل أن تناضل من أجل الثورة تنخرط في البداية في طريق الإصلاحات. إصلاحات قد تكون كبيرة أو صغيرة لكنها إصلاحات على كل حال. وكثوريين لا يجب أن يؤدي هذا إلى إخافتنا. إن النضال من أجل الإصلاحات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية هو مرحلة حتمية في صراع الطبقات وفي صيرورة اكتساب الوعي عند الطبقة العاملة. إن الماركسيين لا يحتقرون ولا يهملون النضال من أجل الإصلاحات. بل على العكس من ذلك سيكون الماركسيون أول المناضلين من أجل انتزاع ولو ابسط الإصلاحات من أيدي أرباب العمل أو الدولة الرأسمالية. الاختلاف الموجود بين الإصلاحيين والثوريين ليس في أن الأولين يناضلون من أجل الإصلاحات بينما الأخيرين لا يقومون بذلك. في الواقع لقد تخلى الاصلاحيون عن النضال الحازم من أجل الإصلاحات. لقد أصبحوا في العديد من الحالات يلعبون داخل الحركة العمالية دور ناقل السياسات المضادة للإصلاحات التي تنهجها الحكومات، أرباب العمل والإمبريالية. أما الثوريون وعلى العكس من ذلك لا يتخلون عن النضال من أجل الإصلاحات، لكننا وعلى عكس الإصلاحيين لا نعتقد أن هذه الإصلاحات يمكن الحصول عليها بمجرد المفاوضات بل بالنضال الذي تخوضه جماهير العمال. ونعلم أيضا أن جميع الإصلاحات التي يمكن الحصول عليها سوف يتم استهدافها بسرعة من طرف النظام الرأسمالي. ليس للإصلاحات في ظل هذا النظام حياة طويلة. فالزيادات في الأجور على سبيل المثال التي يمكن الحصول عليها بعد الإضراب سيتم استعادتها بتكثيف معدل الاستغلال. إن ما يضطر الرأسماليون أو الدولة إلى تقديمه باليد اليسرى يحاولون أخذه باليد اليمنى. في ظل النظام الرأسمالي، وخاصة عندما يكون في أزمة، تكون كل الإصلاحات مؤقتة. إن نضال الماركسيين من أجل الإصلاحات يحاول دائما الربط بين التحسين العاجل والمباشر للأوضاع بضرورة إحداث تغيير ثوري. إن الثورات في التاريخ قد انفجرت عادة بعد إحباط آمال الجماهير في حدوث إصلاحات.
إن المطالب "الديموقراطية" تلعب دورا هاما في النضال من أجل الاشتراكية. لقد اشتهر البلاشفة الروس، الذين ناضلوا ضد الاوتوقراطية القيصرية، بكونهم المناضلين الديموقراطيين الأشد حزما والأكثر جذرية. لقد كانوا في الواقع الديموقراطيين الوحيدين الحازمين. وسيلعب الماركسيون بالمغرب نفس الدور، سنكون في مقدمة المعارك من أجل الديموقراطية وسنعطي للمطالب الديموقراطية والطرق المعتمدة في النضال مضمونا طبقيا. إن الجماهير لا تسعى وراء الحقوق الديموقراطية فقط باعتبارها مبادئ جميلة في حد ذاتها، بل باعتبارها وسيلة لتحسين شروط عيشها والخروج من الاستغلال والبؤس. إن ما يعتبره الماركسيون مهاما ديموقراطية للثورة، أي توفر الحقوق الديموقراطية والحريات (حرية التعبير والنشر، حق الإضراب، حق التظاهر والانتخابات الحرة) والقضاء على بقايا العلاقات الفيودالة في الزراعة وتقسيم الأراضي على الفلاحين الفقراء والمعدمين، قلب النظام الديكتاتوري الأوتوقراطي، تخليص البلاد من نير الإمبريالية، فصل الدين عن الدولة، الخ. مهام لا يمكن للبرجوازية المغربية أن تحققها.
إن المهام الديموقراطية لا يمكن أن تنجز إلا بوصول الطبقة العاملة – على راس باقي الشرائح المضطهدة وخصوصا الفلاحين – إلى السلطة. وهذا ما تعنيه حكومة العمال والفلاحين. إن حكومة العمال والفلاحين هذه ستنخرط بمجرد استيلائها على السلطة، في إنجاز التحويل الاشتراكي للمجتمع. بهذا المعنى، نرفض كل التصورات "المرحلية" العزيزة على الستالينيين والإصلاحيين من كل نوع، الذين يحاولون فبركة مرحلة برجوازية ديموقراطية بشكل اصطناعي (مرحلة ملكية دستورية على الطريقة الإسبانية، جمهورية برجوازية، "نزع الطابع المخزني" عن الدولة، الخ) ويضعونها قبل المرحلة الاشتراكية بالمغرب. إن المهام الديموقراطية والمهام الاشتراكية (المصادرة، التأميم تحت رقابة العمال الصناعيين، الخ وضع مخطط اشتراكي للإنتاج، تدمير الدولة البرجوازية وتعويضها بدولة ثورية) مهام مرتبطة إحداها بالأخرى. إنها مهام متداخلة. وكما قال لينين: « لا يوجد هناك سور الصين بين المهام الديموقراطية والمهام الاشتراكية». لا يمكن للمهام الديموقراطية للثورة أن تطبق إلا بإجراءات ذات طبيعة اشتراكية.
لا يمكن للجماهير أن تنتظر مجيء الاشتراكية لحل مشاكلها. إن الجماهير مجبرة بفعل الوضع المأساوي الذي تعيش فيه على النضال الآن بواسطة الوسائل الجد غير مكتملة التي تمتلكها. إن تلك الوسائل الجد غير مكتملة هي قبل كل شيء النقابات وأحزاب اليسار. وليس إلا بعدما يختبرون بتجربتهم محدودية تلك المنظمات (الإصلاحية والستالينية) يعملون على محاولة تحسينها ووضعها موضع تساؤل. من الحتمي أن تدخل تلك المنظمات إن عاجلا أو آجلا في أزمة، هذا إذا لم تكن قد دخلتها الآن. سيعقب الصراعات التكتلية انشقاقات وعمليات طرد واندماجات وخلق تشكيلات جديدة. في نفس الوقت الذي نحافظ فيه على موقف رفاقي اتجاه المناضلين الشرفاء المتواجدين في هذه المنظمات نعمل دائما على نقد منهجي لنقاط ضعفها وبرامجها وممارساتها وطرقها في النضال. إن تكتيكنا اتجاه تلك المنظمات محلل ومشروح في وثيقة "عملنا في المنظمات الجماهيرية"
ما هو موقفنا من هذه المنظمات ؟ إن النقابات تشكل بالنسبة لنا المنظمات القاعدية للطبقة العاملة. بالرغم من كونها تحت سيطرة الإصلاحيين والبيروقراطيين ومخترقة من طرف عملاء النظام والباطرونا فإنها تظل الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها العمال من أجل خوض نضالهم اليومي. إن مكان الماركسيين هو النقابات. إن دورنا فيها هو النضال من أجل دمقرطتها وتمكين العمال من ممارسة رقابتهم الفعلية على المنظمات النقابية. إننا نناضل داخلها من أجل جعلها تتبنى برنامجا اشتراكيا حقيقيا برنامج نضال حقيقي. نناضل لتحويلها إلى منظمات جماهيرية حقيقية ديموقراطية ومكافحة. نستخدم التكتيكات المناسبة من أجل الإفلات من قمع الإصلاحيين والباطرونا في نفس الوقت الذي نعمل فيه على الانغراس داخل الطبقة العاملة.
43) إننا فيما يخص الحركة الطلابية نناضل من أجل إعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كمنظمة ديموقراطية مكافحة وجماهيرية ببرنامج ثوري واشتراكي. إننا نناضل من أجل اوطم مرتبطة بالحركة العمالية. إن القمع وغياب قيادة ماركسية حقيقية على رأس أوطم أدى إلى انفجار وتفكك هذه الأداة الرائعة في يد الطلاب. لكن تقاليد أوطم لا تزال مستمرة بين صفوف الطليعة الطلابية ولا تزال تقض مضاجع النظام. سوف نأخذ نحن مكاننا كطليعة ماركسية وسنناضل بشكل ديموقراطي من أجل تبني برنامج ثوري حقيقي.
يتوجب على الماركسيين تملك برنامج انتقالي. ما هو البرنامج الانتقالي؟ إنه برنامج مطالب ميزته أنه يقيم جسرا بين المطالب المباشرة الآنية، مطالب الحد الأدنى، وبين ضرورة الثورة الاشتراكية. إنها مطالب ترى الجماهير أنها سوف تؤدي إلى تحسين وضعها لكنها في تطبيقها تدخل في تناقض مع الرأسمالية. بالضبط في مجرى النضال من أجل مثل هذه المطالب الانتقالية حيث تتمكن الجماهير المنخرطة في النضال من رفع مستوى وعيها. إن البرنامج الانتقالي هو وسيلة حيوية للماركسيين. يجب عليه أن يشكل الجسر بين وعي العمال الحالي وبين برنامجنا من أجل الثورة الاشتراكية.
بتسلحنا ببرنامج ثوري وطرق نضال واستراتيجية وتكتيكات صحيحة، نحن متأكدون أن مجموعتنا ستلعب دورا حاسما في النضال من أجل الثورة الاشتراكية في بلدنا. ليس لدينا من خيار. نحن ننتمي إلى الجيل الذي يجب عليه أن يكون وسيلة لإحداث تغيير في مصير الإنسانية الذي سيبدأ بالقضاء على الرأسمالية. وإلا فإن دمار الحضارة الإنسانية هو الذي سيحدث. الاشتراكية أو الهمجية هذا هو الخيار الذي نواجهه!
للوصول إلى هذا الهدف نعتمد على استراتيجية الماركسية وبرنامجها ومنهجيتها، التي تم تحيينها وتطويرها خلال المؤتمرات الأربعة الأولى للأممية الشيوعية والخلاصات التي صاغتها المعارضة اليسارية في الاتحاد السوفياتي والبرنامج الانتقالي المصادق عليه خلال المؤتمر التأسيسي للأممية الرابعة، سنة 1938، وكذا وثائق التيار الماركسي الأممي، التي أعطت ميلاد اللجنة من أجل أممية عمالية وأدت سنة 1992 إلى تأسيس اللجنة من أجل أممية ماركسية.
لا يمكن للاشتراكية أن تبنى في بلد واحد، إن الاشتراكية لا يمكنها أن تتحقق إلا على الصعيد العالمي وخاصة عبر الثورة في البلدان الرأسمالية المتقدمة، لهذا السبب نعتبر نحن الثورة الاشتراكية بالمغرب مقدمة لبناء فدرالية اشتراكية في المنطقة المغاربية والشرق الأوسط، كجزء من فدرالية اشتراكية عالمية.
وعليه نحن لا نعتبر أنفسنا منظمة ثورية مغربية بل نحن الفرع المغربي لمنظمة ثورية أممية هي التيار الماركسي الأممي.
المنظمة الأممية ليست فدرالية أو كونفدرالية للفروع الوطنية، الأممية الماركسية هي اكبر من مجرد تجميع للفروع الوطنية. إن أمميتنا تريد أن تكون الحزب العالمي للثورة
إن هجرة ملايين العمال الشباب والفلاحين والطلبة والأسر المغربية إلى الخارج تربط في الحقيقة نضال الطبقة العاملة بالمغرب بنضالات البروليتاريا الأوربية والأممية. بهذا المعنى فإن الطبقة العاملة المغربية، مثلها مثل نظيراتها في المنطقة المغاربية، ليست طبقة اجتماعية وطنية بل هي، بشكل أساسي، طبقة اجتماعية أممية. بقدر ما سيتقدم النضال من أجل الاشتراكية في المغرب والمنطقة المغاربية، سيصبح العمال المهاجرون المغاربة والمغاربيين بذورا للتحريض الاشتراكي في أوروبا، وبقدر ما يتقدم النضال من أجل الاشتراكية في البلدان الأوروبية، سيصبح العمال المهاجرون المغاربة والمغاربيين بذورا للتحريض الاشتراكي في بلدانهم الأصلية. هذا هو المعنى الحقيقي للأممية البروليتارية والعلاقة المتبادلة بين النضال من أجل الاشتراكية اليوم. إن المناضلين الماركسيين الموجودين في الشتات بأوروبا وأي بلد من بلدان العالم الأخرى سيلتحقون بشكل أوتوماتيكي بنضال فروع الأممية الموجودة في تلك البلدان وإذا لم تكن موجودة فسوف يعملون على خلقها.
المهمة المباشرة التي يحددها الماركسيون المغاربة لأنفسهم هي بناء قيادة عمالية ثورية لقلب النظام الرأسمالي التبعي السائد، الذي يتخذ اليوم شكل الدكتاتورية الملكية. إننا نريد استبدال الديكتاتورية الرأسمالية بجمهورية اشتراكية، بنظام الديموقراطية العمالية الذي سيضمن لجميع المضطهدين والفقراء في هذا الوطن حياة كريمة خالية من الاستغلال والقمع والبؤس.
ليس هذا ممكنا إلا بالقضاء على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. وهذا سيتم عبر مصادرة الشركات الصناعية والمالية الرأسمالية، المحلية منها والعالمية، وتأميمها ووضعها تحت الرقابة والتسيير الديموقراطي للعمال. وسيتم تسيير الشركات المؤممة وفق مخطط اشتراكي للإنتاج، سيستبدل ما يسمى اقتصاد السوق بتخطيط النشاط الاقتصادي لخدمة الحاجيات الاجتماعية للأغلبية الساحقة من العمال والفلاحين وليس مصالح حفنة من الأغنياء.
إن مصادرة الأراضي الكبرى وتأميمها هو الشرط الأساسي لتقسيمها على الفلاحين وتشكيل التعاونيات الفلاحية الاختيارية، بارتباط مع الصناعة الغذائية المؤممة والموضوعة تحت رقابة العمال. لا يمكن للفلاحين أن يستفيدوا من ايجابيات أشغال البنية التحتية (الطرق، النقل، الكهربة، الآليات، المستودعات، الموانئ، أنظمة الري..) إلا في إطار مخطط اشتراكي للإنتاج. إن تأميم النظام المالي سوف يضمن لهم الحصول على قروض بفوائد مخفضة لتمويل مشاريعهم.
جهاز الدولة الحالي الفاسد، هو أداة للقمع وتأبيد السيطرة وضامن بقاء علاقات الملكية الرأسمالية، يجب أن يستبدل بدولة عمالية. هذه الدولة الثورية، دولة دكتاتورية البروليتاريا أو الديموقراطية العمالية، ستقوم على قاعدة مجالس جماهير العمال والفلاحين الفقراء والتي ستأخذ على كاهلها مهمة تسيير وإدارة الدولة عبر الانتخابات الديموقراطية للموظفين الذين يمكن إلغاء التفويض الممنوح لهم في كل حين، ولا يتجاوز أجرهم اجر عامل مؤهل ولا يحصلون على أي امتيازات، المهام التي يشغلونها تكون بالتناوب « عندما يصير الجميع بيروقراطيا لن يبقى هنالك بيروقراطي» - لينين-
ستبنى مجالس العمال والفلاحين هذه على المستوى المحلي (الأحياء، القرى، المدارس، المعامل، الثكنات...) ثم على المستوى الجهوي والوطني. للمرة الأولى في التاريخ سوف تتوقف الدولة عن أن تكون أداة قمع في يد الأقلية المحظوظة ضد الأغلبية. ليبدأ آنذاك اضمحلالها.
سيتم تعويض الجيش البرجوازي والبوليس بالشعب المسلح. محاكم البرجوازية والنظام القضائي الغير العادل، القمعي والمدافع عن الأغنياء سيتم تعويضهم بعدالة يكون فيها القضاة منتخبين ديموقراطيا وبقوانين وإجراءات..الخ. يصوغها المضطهَدون بتوافق مع الأشكال الجديدة للملكية.
الديموقراطية العمالية لا تعني نظام الحزب الوحيد. إن فكرة وجود حزب واحد في النظام الاشتراكي هي فكرة غريبة عن كتابات وممارسة ماركس وانجلز ولينين وتروتسكي. إنها تشويه ستاليني. الاشتراكية تتضمن وجود وتطور أحزاب متعددة مع استثناء الكيانات الفاشية. أي نوع من الأحزاب سيتم السماح لها بالوجود؟ جميع الأحزاب التي تقبل بالعمل في ظل النظام الجديد، نظام الاقتصاد المخطط والمؤمم سيسمح لها بالوجود، ولا يشمل هذا الكيانات التي تحاول، بالعنف وقوة السلاح، قلب النظام الاشتراكي.
إن الاشتراكية لا تعني تقليص الحريات والحقوق الديموقراطية، بل توسيعها مقارنة مع ما هو موجود في ظل الأنظمة البرجوازية الأكثر "ديموقراطية". فقط في ظل المجتمع الاشتراكي حيث يمكن لهذه الحريات أن تزدهر. إن الحقوق الديموقراطية المتوفرة في ظل النظام الرأسمالي، هي قبل كل شيء ثمرة لنضال العمال ومنظماتهم، وقد صارت الآن مهددة في جميع البلدان الرأسمالية "الديموقراطية"، وممارستها تبقى شكلية إلى حد بعيد لان الكلمة العليا تبقى في آخر المطاف للطبقة البرجوازية.
أكبر تناقض نواجهه الآن هو كون الأفكار الماركسية، التي هي الأفكار الوحيدة التي يمكنها أن تعطي الحل للجماهير المضطهدة وتقودها نحو حسم السلطة وبناء الاشتراكية، لا يزال انتشارها ضعيفا. ويلخص البرنامج الانتقالي (الوثيقة التأسيسية للأممية الرابعة سنة 1938) هذا التناقض قائلا: « إن أزمة الإنسانية يمكن تلخيصها في أزمة القيادة البروليتارية على الصعيد العالمي»، أي في غياب الحزب الثوري الجماهيري. إننا لا نزال مجموعة صغيرة، إننا لسنا سوى جنين الحزب الجماهيري المستقبلي. عدد الكوادر الماركسية لا يزال محدودا وتتمثل المهمة الأكثر استعجالية في بناء منظمة ماركسية للكوادر ستكسب الحق في اعتبارها القيادة الثورية من طرف الجماهير. إن هذا العمل يتطلب وقتا، يتطلب سنوات بل حتى عقودا.
إن التحول إلى قيادة ثورية لا يتم عبر إعلان ذلك بل يتم اكتسابه. يجب علينا أن نكتسب هذا الحق على المستوى النظري والسياسي وكذلك على مستوى الممارسة ولن ننجح في ذلك إلا عبر الوضوح النظري والسياسي، بأفكارنا وبرنامجنا الذي يوضح للجماهير الطريق نحو الاشتراكية وطرق النضال الملائمة. ومن جهة أخرى نعطي الدليل في الممارسة في تدخلنا الملموس في الصراع الطبقي أن أفكارنا وطرقنا هي بالضبط من يمكنها أن تطور النضال ضد الدكتاتورية من أجل الاشتراكية.
إن المنظمة الماركسية هي أولا وقبل كل شيء برنامج وطرق للنضال واستراتيجية وتكتيكات وتقاليد. « الحزب هو قبل كل شيء البرنامج» كان تروتسكي يقول. وبعدها فقط تأتي مسألة التنظيم. إننا نريد أن نبني منظمة ماركسية تستوحي أفضل تقاليد البلشفية، أفكار لينين وتروتسكي. منظمة مناضلين وكوادر ماركسية متمكنة من أفكار الماركسية وقادرة على تطبيقها بطريقة خلاقة في الممارسة، في تدخلها في الحركة وقادرة على تهيئة وقيادة المنظمة في مختلف الوضعيات وتطويرها.
المنظمة الماركسية منظمة ممركزة منضبطة ولديها انسجام داخلي كبير. إن هذا الانسجام وهذا الانضباط لا يمكنه إن يتحقق إلا بوعي سياسي مرتفع وتكوين نظري متقدم، إلا بإقحام المناضلين في الحركة العمالية وبنظام داخلي ديموقراطي وسليم.
إن تكوين المناضلين هي إذن مسألة جوهرية لا يجب أن يقتصر على تعلم ألف باء الماركسية. يجب علينا أن نبدأ بالألف باء، لكن لا يجب علينا أن نتوقف عندها. ولأن الصراع الطبقي يدور في الحقل الاقتصادي والسياسي لكن أيضا في الحقل الإيديولوجي، يتوجب أن يشمل تكوين الكوادر الماركسية أيضا المسائل الإيديولوجية والفلسفية.
إن منظمتنا تعمل وفق مبادئ المركزية الديموقراطية. إن المركزية الديموقراطية لا علاقة لها مع الطرق التنظيمية الخاصة بالمنظمات الستالينية والمبنية على المركزية البيروقراطية. يمكن للمركزية الديموقراطية أن تتخذ العديد من الأشكال حسب الظروف السياسية وغيرها. تعني المركزية الديموقراطية عموما أقصى أشكال الديموقراطية الداخلية (بما فيها الحق في تشكيل التيارات والكتل) حينما يتعلق الأمر بتحديد الخط السياسي. لكن وبمجرد ما يتم اتخاذ القرار - أحيانا بالأغلبية ضد الأقلية- يصير من الواجب على كل المنظمة أن تطبق نفس السياسة. إن المركزية تعني قبل كل شيء مركزية العمل السياسي للمنظمة كلها.
يتوجب على كل مناضل أن يمتلك حقلا للعمل، مكانا في الحركة. لأن مجموعة من الكوادر الماركسية بدون علاقة مع الجماهير ليست سوى دماغ بدون جسد، بدون جهاز عصبي يمكنها من تملك الواقع، دون رجلين ولا يدين يمكنانها من الممارسة في الواقع. كما أن المنظمة بدون مركز، بدون قيادة ممركزة تحلل وتجمع وتلخص وتكثف كل تجارب المنظمة وتكون قادرة على مقاومة ضغوط اللحظة وإعطاء الخط السياسي العام، إنما هي مثل جسد دون دماغ قادر على فهم جميع الأحاسيس والانطباعات، من أجل إنتاج الإجابات الملائمة وإرسالها.
إن المنظمة الماركسية تمثل الذاكرة التاريخية للطبقة العاملة. وفي الصراع الطبقي يدخل الماركسيون الوعي إلى الأمور التي يكون العديد من العمال، وخاصة الأكثر تقدما، قد تمكنوا من فهمها بشكل غير واع وجزئي. إننا نسرع الوعي الطبقي. ويوضح لنا البيان الشيوعي، الذي كتبه ماركس وانجلز، دورنا: « إن الشيوعيين لا يتميزون عن الأحزاب البروليتارية الأخرى إلاّ في مسألتين: إنهم أولا: يُبرزون ويُغلِّبون، في مختلف النضالات القومية للبروليتاريا، مصالح كل البروليتاريين المشتركة والمستقلة عن الانتماءات القومية، ومن ناحية أخرى، يمثِّلون دائما، في مختلف المراحل التي يمر منها الصراع بين البروليتاري والبرجوازي، مصلحة الحركة في مجملها. الشيوعيون إذن هم عمليّا الفريق الأكثر حزما من بين الأحزاب العمالية في جميع البلدان، الفريق الذي يدفع جميع الآخرين إلى الأمام، ومن الناحية النظرية هم يتميزون عن باقي البروليتاريين، بالفهم الواضح لوضع الحركة العمالية ومسيرتها وأهدافها العامة»
ما هي طرقنا في النضال؟ هذا السؤال ليس أمرا ثانويا. إن طرق النضال التي نستخدمها وثيقة الارتباط بأهدافنا السياسية، هنالك إذن طرق جيدة للنضال وأخرى ليست كذلك وتعيق تحقيق أهدافنا. هنالك طرق للنضال نتبناها وأخرى نرفضها. إننا وعلى غرار القادة الاشتراكيين العظام، نعتقد أن « تحرر العمال مهمة العمال أنفسهم ». لذا نرفض فكرة المخلص أو الأبطال الذين سيأتون لتحرير العمال من الخارج. إننا نرتكز على النضال المستقل الذي تقوم به الطبقة العاملة. تشكيلة النضال من أجل الثورة الاشتراكية واسعة، هي النضال الجماهيري (الإضراب، التظاهر، الاعتصام، احتلال المصانع، الانتفاضة الجماهيرية) والمنظمات الجماهيرية، المشاركة الديموقراطية في اتخاذ القرار من طرف العمال، تملك الوعي الطبقي والمزاوجة بين النضال العلني والسري. يجب علينا أن نستفيد من كل انفتاح يمكننا من النضال العلني، بما في ذلك المشاركة، في شروط معينة، في الانتخابات المحلية والوطنية. ليست لدينا أوهام برلمانية (البلاهة البرلمانية الشهيرة التي يتصف بها الاصلاحيون والستالينيون) لكننا أيضا لا نعادي العمل البرلماني (البلاهة المعادية للبرلمان المميزة للفوضويين). إننا نستخدم البرلمان كمنبر كبوق لتمرير مواقفنا، كوسيلة لمخاطبة الجماهير وتنظيمها، لكن مركز الثقل في طرقنا هو النضال والعمل الذي يتم خارج البرلمان.
نحن نرفض أساليب وبرامج الإرهاب الفردي (الاغتيالات والعمليات ضد أعضاء الدولة الرأسمالية أو ضد الأفراد الرأسماليين) الذي يعوض النضال التغييري الجماهيري بنشاط أقلية مستنيرة. ونعتقد أيضا أن استراتيجية وأساليب وبرنامج حرب العصابات (الحرب الشعبية الطويلة الأمد في البوادي نحو المدن أو تنويعاتها المختلفة الأخرى) هي أساليب غير صالحة في النضال من أجل الاشتراكية بالمغرب. طبعا يمكن لحرب العصابات كأسلوب مميز لنضال الفلاحين أن يلعب دورا ما لكن يجب أن يظل أسلوبا ثانويا ورهينا بنضال جماهير العمال في المدن. نحن نرتكز على قاعدة نشاط وأساليب نضال الطبقة العاملة التي هي الأساليب الوحيدة القادرة على ضمان انتصار ثورة اشتراكية حقيقية وتشييد الديموقراطية العمالية. أما باقي طرق النضال الأخرى من قبيل حرب العصابات أو الإرهاب الفردي، فهي حتى وان تمكنت من إحراز النصر، لن تقود إلى بناء ديموقراطية عمالية بل إلى إقامة نظام بونابارتي بروليتاري كذلك الذي بني في الصين على سبيل المثال.
نمط الإنتاج السائد في المغرب نمط إنتاج رأسمالي مبني على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج واستغلال العمل المأجور، مرتبط، من موقع التابع، بالرأسمال الإمبريالي العالمي. وليس لجميع بقايا أنماط الإنتاج الماقبل الرأسمالية من وجود مستقل عن النمط السائد أو مناقض له. إنها لم تحافظ على استمرارها إلا لكونها اندمجت به وتكيفت مع حاجياته، أو/ ولم يتناقض بقائها مع وجوده.
لم يكن الاستقلال الذي حصل عليه المغرب سنة 1956، سوى استقلال شكلي.لي. إذ أن السيطرة العسكرية والإدارية المباشرة التي كانت تمارسها الإمبريالية الإسبانية والفرنسية استبدلت بسيطرة، فعلية، اقتصادية ومالية، عبر آليات التبادل التجاري الغير متكافئ، الديون الخارجية المذلة وتدخل الشركات المتعددة الجنسيات.
إن "الاستقلال" الذي تحقق هو "استقلال" تحت وصاية الإمبريالية وهذا هو نفس المصير الذي عرفته جميع البلدان التي، وبالرغم من تمكن حركة الجماهير الرائعة فيها من طرد القوى الأجنبية بعد الحرب العالمية الثانية، تطورت في إطار علاقات الملكية الخاصة الرأسمالية محليا ودوليا.
إن المغرب يوجد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، عرضة لنهب القوى الأجنبية والشركات المتعددة الجنسيات. ويلعب النظام القائم فيه دور الحليف الاستراتيجي للإمبريالية التي يعمل لصالحها في ضمان الاستقرار في المنطقة ويقوم بجميع الأعمال القذرة عوضا عنها.
نحن الماركسيون نعتبر أنه بدون الثورة الاشتراكية وإسقاط النظام التبعي القائم، ليس هناك من أمل في التحرر من نير الإمبريالية.
يتخذ شكل الحكم في المغرب شكل الدكتاتورية الملكية، حيث كل السلطات والقرارات الهامة ممركزة في ظله في يد المؤسسة الملكية. لكن وبالرغم من جميع ادعاءات الإصلاحيين (وكل الزخارف القروسطوية) فإن الملك أكبر رأسمالي وأكبر ملاك عقاري وأول المدافعين عن نمط الإنتاج السائد.إن نظام محمد السادس استمرارية لنظام الحسن الثاني وهو بتعبير ماركسي دقيق: نظام بونابارتي برجوازي.
لا تعني الإصلاحات التي انخرط فيها نظام محمد السادس، انفتاحا ديموقراطيا برجوازيا وبرلمانيا، بل مجرد محاولة بائسة لإدخال تحسينات على نقاط ارتكاز الدكتاتورية وإعادة هيكلتها (وحتى الديموقراطية البرجوازية كتلك السائدة في أوروبا ليست، في آخر المطاف، سوى واجهة تختبئ ورائها الدكتاتورية الرأسمالية). إن النظام التوتاليتاري، الذي ورثه محمد السادس، كان قد وصل إلى أزمة خانقة وفقد تماما كل شرعية، فجاءت "الإصلاحات" من فوق لتلافي حدوث ثورة من تحت.
للنضال من أجل الثورة الاشتراكية، لا يمكننا أن نعتمد سوى على الطبقة العاملة (جميع الأجراء) التي ستقود باقي شرائح الفقراء والمضطهَدين (من قبيل الفلاحين). لا يوجد في المغرب ولا في أي بلد عربي آخر، أية طبقة اجتماعية، ما عدا الطبقة العاملة، قادرة على النضال بشكل حازم ضد هذا النظام الرأسمالي والحكم الملكي. لا يمكننا أن نثق في أي قسم من أقسام الطبقة البرجوازية، حتى ذلك الأكثر "ديموقراطية" و"تقدمية"، للوصول إلى هذه الأهداف. لا يوجد في المغرب، ولا في أي بلد من بلدان ما يسمى بالعالم الثالث، أية برجوازية معادية للإمبريالية أو تقدمية. إن دور الماركسيين المغاربة هو أن يقضوا عبر الشرح بصبر وبمنهجية، على جميع الأوهام التي يمكنها أن توجد بين الجماهير حول هذه القوى التي تسمى نفسها "ديموقراطية" و"إصلاحية" و"وطنية". «اشرح بصبر» هذه هي وصية لينين التي كان يحب ترديدها.
إن البرجوازية المغربية طبقة مرتبطة كليا بالإمبريالية، كما أنها طبقة جد طفيلية وريعية، إنها عاجزة عن لعب الدور الذي لعبته البرجوازية الفرنسية في ثورة 1789 في النضال ضد الحكم الفردي والفيودالية. إن البرجوازية المغربية العاجزة عن إنجاز أبسط المهام الديموقراطية هي طبقة رجعية بالمطلق. وهذا هو حال جميع البرجوازيات في العالم العربي والشرق الأوسط.
طبقة الرأسماليين في المغرب طبقة مندمجة أيضا بالملاكين العقاريين، ومن ثم فإن الرأسماليين بالمغرب ليست لديهم أية مصلحة في الانخراط في حملة تصفية الملكية العقارية الكبرى. فقط الطبقة العاملة بتحالف مع الفلاحين الفقراء والمعدمين من لهم المصلحة والقدرة على وضع نهاية للملكية العقارية الكبيرة.
تستعمل بعض قطاعات الطبقة البرجوازية النزعة القومية للحصول على بعض الفتات الساقط من موائد الإمبرياليين. إن البرجوازية تستعمل النزعة القومية أساسا لخداع الجماهير، للفت انتباههم عن دورها الاستغلالي ولربط الجماهير الكادحة بقاطرة مصالحها ومخططاتها.
في الواقع إن البرجوازية المغربية هي وسيلة للهيمنة الإمبريالية على البلد بينما ترى الجماهير، على العكس من ذلك، في النزعة القومية وسيلة للنضال ضد الإمبريالية بسبب غياب منظور وبرنامج ماركسي. لكن النضال الحازم ضد الإمبريالية، من وجهة نظرنا، ليس حربا ضد "عدو خارجي"، إن النضال ضد الإمبريالية يبدأ داخل البلد ضد "الطابور الخامس" للإمبريالية أي ضد البرجوازية المغربية ذاتها.
إن الطبقة الرأسمالية المغربية لا تمارس فقط الاضطهاد الطبقي بل تمارس الاضطهاد القومي أيضا، خاصة ضد الشعب الصحراوي. إن الماركسيين بالمغرب يرفضون، بشكل قاطع، سياسات الاضطهاد والحرب ضد الشعب الصحراوي ويناضلون من أجل حقه في تقرير المصير. إننا نعتبر أن مهمتنا هي النضال ضد الاضطهاد القومي الذي يتعرض له الشعب الصحراوي والمناورات التي تقوم بها البرجوازية المغربية ودولتها بهدف بث سموم الشوفينية القومية والعنصرية بين صفوف الجماهير المغربية. إلا أننا نعتبر أن المخرج الوحيد للشعب الصحراوي يتمثل في التحالف مع الطبقة العاملة المغربية في نضال مشترك من أجل الاشتراكية وبناء فدرالية اشتراكية في المنطقة. جميع المحاولات المبنية على الاعتماد على تحالفات مع القوى الإمبريالية أو المؤسسات الدولية من قبيل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي لن تؤدي سوى إلى خيانات جديدة وهزائم سيتكبدها الشعب الصحراوي. إن الحليف الأفضل والوحيد والحقيقي ضد الاضطهاد القومي الذي يعانيه الشعب الصحراوي هو الطبقة العاملة والفلاحين المغاربة.
نناضل أيضا من أجل الحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغ التي اغتصبت من طرف النظام الرأسمالي القائم بالمغرب. لكننا إذ نقوم بهذا نرفض كليا فكرة الفصل التنظيمي والسياسي بين صفوف الطبقات المضطهدة في المغرب على أساس لغوي أو ثقافي، الخ. إننا نقف إلى جانب الوحدة اللامشروطة للطبقة العاملة وندين أيضا كل استخدام للنضال من أجل الحقوق الثقافية للأمازيغ من طرف القوى البرجوازية الصغرى أو البرجوازية والرجعيين والمافيا. إن هؤلاء ليس لديهم من هدف سوى الضغط على الدولة للحصول (من الدولة المركزية) على حرية اكبر (حكم ذاتي..الخ) في استغلال واضطهاد الطبقة العاملة والفلاحين في المناطق الأمازيغية في مقابل ضمان الاستقرار الاجتماعي وتجديد الولاء للنظام. إن القوى البرجوازية الصغيرة تستغل مسألة الثقافة الأمازيغية عادة من أجل الحصول على امتياز أو حظوة لدى الدولة. إن نظام محمد السادس واع جدا بهذا وباعتباره نظاما بونابارتيا جيدا فإنه يستغل هذه المسألة من أجل توسيع نقاط ارتكازه وبهذا إطالة أمد حياته. إن أي اضطهاد لغوي أو ثقافي يتعرض له جزء من الطبقات الكادحة هو، من وجهة نظر الماركسيين، اضطهاد للطبقات الكادحة كلها. ليس للنظام الاشتراكي أية مصلحة في الإبقاء على مثل هذه التمييزات. إن المجتمع الاشتراكي سيخلق الشروط المادية والمعنوية لتحقيق تحرر حقيقي لثقافات جميع الشرائح والطبقات الكادحة وهو ما يعتبر تحقيقه مستحيلا في ظل المجتمع الرأسمالي.
إن التطور المتأخر والضعيف والمشوه (بسبب التدخل الإمبريالي) للدولة القومية بالمغرب هو المسئول عن التمايز الصارخ في التطور الحاصل بين الجهات في البلد. وأحيانا يكون تخلف بعض الجهات نتيجة لسياسة اتبعها النظام (نظام الحسن الثاني) لمعاقبة تلك المناطق الأكثر تمردا ولدفعهم إلى الهجرة. إن الهجرة هي الوسيلة الكلاسيكية المستخدمة كصمام أمان من طرف الطبقات المستغلة، وهي الحالة التي نجدها على سبيل المثال في الريف، الذي يعتبر واحدا من المناطق الأكثر تخلفا في البلد وعرضة لبؤس كبير. فقط تخطيط اشتراكي للاقتصاد هو من سوف يمكن من توفير الاستثمارات الضرورية لإخراج تلك المناطق من التخلف وضمان تطور منسجم لجميع الجهات.
إن الماركسيين بالمغرب يشكلون جزء لا يتجزأ من نضال الشعب الفلسطيني ضد القمع الصهيوني والرأسمالي الذي تقوم به دولة إسرائيل. إننا نناضل من أجل حصول الشعب الفلسطيني على حقه في تقرير المصير. إن جميع وصفات الحل في ظل الرأسمالية وتحت هيمنة الإمبريالية الإسرائيلية وباقي القوى الإمبريالية الأخرى لن تحل أيا من المشاكل التي تعانيها الجماهير الفلسطينية. لن يكون أبدا بمقدور دولة رأسمالية فلسطينية أن تعيش جنبا إلى جنب مع دولة رأسمالية إسرائيلية (شعبان دولتان). ستواصل دولة فلسطين في ظل مثل تلك الشروط في أن تكون دولة تابعة ومضطهدة من طرف الإمبرياليين الإسرائيليين. إن المخرج الوحيد الممكن للشعب الفلسطيني يتمثل في خوض النضال المشترك مع الطبقة العاملة الإسرائيلية لقلب دولة إسرائيل الرأسمالية من أجل بناء فدرالية اشتراكية إسرائيلية فلسطينية توفر أوسع إمكانية للحكم الذاتي. ليس هناك أي حل يخدم مصالح الجماهير الفلسطينية يمكن أن تقدمه القيادة البرجوازية الفلسطينية وبرجوازية العالم العربي. إن هؤلاء الأخيرين يستخدمون القضية الفلسطينية من أجل تحويل انتباه الجماهير عن مسؤوليتهم في دعم الإمبريالية ومن أجل الإفلات من غضبها. إننا نعتبر أن طرق النضال المعتمدة على ما يسميه الماركسيون الإرهاب الفردي (التفجيرات، الاغتيالات ضد الأفراد، الاختطافات، تحويل مسار الطائرات، العمليات الانتحارية.. الخ) هي طرق خاطئة ولا يمكنها أن تؤدي مطلقا إلى قلب السيطرة الصهيونية على الفلسطينيين. إننا نعتبر إنها وحدها انتفاضة الجماهير المسلحة المنظمة والمقادة من طرف لجان منتخبة ديموقراطيا وتحت رقابة العمال وجماهير الفقراء الفلسطينيين هي الطريقة الأكثر ملائمة. ليس هناك من خلاص ممكن للجماهير الفلسطينية ما عدا الثورة الاشتراكية. لإحراز النصر يجب على العلم الفلسطيني أن يرفرف إلى جانب علم الاشتراكية العالمية الأحمر.
استغلال المرأة العاملة والمرأة الفلاحة استغلال مزدوج في ظل الرأسمالية. إنها مستغلة باعتبارها عاملة وفلاحة وكذلك باعتبارها امرأة. هذه هي حالتها سواء خارج البيت أو داخله. إن الأسرة الحالية المبنية على أساس الأحكام المسبقة ضد المرأة والأفكار الرجعية الموروثة عن قرون من المجتمع الطبقي، هي مؤسسة جد قمعية ضد المرأة. إن المرأة في هذه المؤسسة ينظر إليها أحيانا كحيوان لحمل الأثقال أو آلات لإنتاج الأطفال. إن النساء كما قال ماركس "إماء للعبيد". إن المرأة العاملة هي الشريحة الأكثر استغلالا بين الطبقة العاملة والفلاحين. في المصنع والإدارة في المحلات التجارية أو في الحقول تستغل النساء مقابل أجور اقل من أجور الرجال في الأشغال الأكثر قسوة ويعانين من التحرش الجنسي. إنها مهمة الماركسيين أن يناضلوا بكل قواهم ضد الاضطهاد المزدوج المميز للمجتمع الطبقي وخاصة للرأسمالية. إن التشريع المغربي وحتى قانون الأسرة المعدل، لا يزال دائما تشريعا قمعيا. إن الماركسيين المغاربة يرفضون كل التشريعات التمييزية ضد النساء ويناضلون من أجل المساواة التامة بين الرجال والنساء. إن العقليات الجد متجذرة والعادات والممارسات التمييزية ضد النساء هي نتاج للمجتمع الطبقي ولن يصير من الممكن القضاء عليها إلا بتغيير الشروط المادية لوجودها وبالنضال المشترك الذي تخوضه النساء والرجال لتغيير هذا المجتمع. إن قيود الأشغال المنزلية التي تبقي النساء مكبلات لا يمكن كسرها إلا بتحويل تلك الأشغال إلى مهمات مجتمعية. « ما دام نصف الإنسانية مكبلا بأشغال المطبخ، لن يكون في مقدور النصف الآخر أبدا أن يعتبر نفسه حرا.» كما قال لينين. لا يمكن تحرير النساء في ظل الرأسمالية التي لديها كل المصلحة في الحفاظ على هذه التمايزات. إن نساء الطبقة العاملة والفلاحين ليست لديهن نفس مصالح النساء البرجوازيات كما تدعي النسوانيات البرجوازيات الصغيرات. لا يمكن للنساء أن يتحررن من اضطهادهن المزدوج إلا باعتبارهن جزء مكونا من نفس الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها إخوانهن وأزواجهن وأبنائهن. فقط عبر النضال الطبقي (وليس عبر النضال بين الجنسين) حيث يمكن تحقيق تحرر العاملات في الحقول والمدن. لقد بدأت العديد من ثورات العالم بنضال فجرته النساء. إن النساء وبمجرد ما سيصرن واعيات بمصالحهن الطبقية سيصبحن في مقدمة النضال ضد الرأسمالية. بدون مشاركة جماهير النساء لا يمكن حدوث الثورة في أي مكان من العالم وفي المغرب أيضا.
لا تزال الحركة العمالية والحركة الطلابية واقعة تحت سيطرة قوى إصلاحية، ستالينية بل وحتى برجوازية. نحن نعلم أن هذه القوى لا يمكنها أن تحل مشاكل الجماهير. بل على العكس إنها تشكل عائقا هائلا في طريق النضال من أجل الاشتراكية. لكن ليس من الممكن انتشال جماهير العمال من تأثير تلك الأفكار وتلك المنظمات بمجرد الإدانة والادعاء. قبل كل شيء يتوجب علينا أن نركز على الحركة كما هي في الواقع، الحركة الحقيقية للطبقة العاملة وليس كما نريدها أن تكون. الحركة بأوهامها وأخطائها وتناقضاتها ومستواها السياسي الحالي. هذه هي نقطة البداية بالنسبة لنا لكن ليس نقطة النهاية. إن الأغلبية الساحقة من جماهير العمال لا تتعلم إلا بالتجربة. فقط أقلية صغيرة هي من تتعلم على قاعدة القراءة والدراسة. إن الممارسة هي معلم الجماهير. إن لينين الذي كتب أكثر من 50 مؤلَّف في النقاشات والدراسات والملاحظات السياسية والاقتصادية والفلسفية لم يكن يتردد في أن يقول انه « بالنسبة للجماهير غرام واحد من الممارسة أهم من عشرة أطنان من النظرية »
إن الجماهير تعرف جيدا ما لا تريد: البطالة، البؤس، الدكتاتورية، الفساد، الظلم،.. الخ، أي جميع أوبئة الرأسمالية. لكن الأغلبية الساحقة من الجماهير لا تعرف الأسباب الجوهرية لوضعها ولا الآليات العميقة التي تؤبدها. القادة الاصلاحيون من كل نوع يعدونها بحل مشاكلها "بإصلاحات" يدخلونها على النظام، وبمساعدات من الاتحاد الأوروبي: هؤلاء القادة يثقون في ملكية دستورية، والأكثر "جرأة" من بينهم، لكنهم أقلية، يرفعون شعار الجمهورية... البرجوازية. نحن نعلم انه لا يوجد في ظل المجتمع الرأسمالي أي حل حقيقي لأوضاع الجماهير. لكن الجماهير، التي فقدت الكثير من أوهامها في "انفتاح" و"إصلاحات" محمد السادس لن تكتشف إلا بتجربتها وبالممارسة ماهي البرامج ومن هم القادة وما هي المنظمات التي يمكنها أن تقدم حلولا لمشاكلها. انه مسلسل الحصول على الوعي عبر التجربة والخطأ. حيث مراحل من الأوهام تعقبها مراحل من فقدان الأمل ووضع القادة التقليديين موضع تساؤل. لكن اكتساب الوعي لا يتم في خط مستقيم. إن الطرق التي يسير فيها اكتساب الوعي تكون أحيانا متعرجة. قد تمر سنوات وأحيانا عقود يبدو خلالها وكأن لا شيء يحدث ثم نشهد انقلابا قويا، تسارعا شديدا للوعي حيث يحدث كل شيء وحيث تصير العديد من الأشياء ممكنة.
إن الجماهير وقبل أن تناضل من أجل الثورة تنخرط في البداية في طريق الإصلاحات. إصلاحات قد تكون كبيرة أو صغيرة لكنها إصلاحات على كل حال. وكثوريين لا يجب أن يؤدي هذا إلى إخافتنا. إن النضال من أجل الإصلاحات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية هو مرحلة حتمية في صراع الطبقات وفي صيرورة اكتساب الوعي عند الطبقة العاملة. إن الماركسيين لا يحتقرون ولا يهملون النضال من أجل الإصلاحات. بل على العكس من ذلك سيكون الماركسيون أول المناضلين من أجل انتزاع ولو ابسط الإصلاحات من أيدي أرباب العمل أو الدولة الرأسمالية. الاختلاف الموجود بين الإصلاحيين والثوريين ليس في أن الأولين يناضلون من أجل الإصلاحات بينما الأخيرين لا يقومون بذلك. في الواقع لقد تخلى الاصلاحيون عن النضال الحازم من أجل الإصلاحات. لقد أصبحوا في العديد من الحالات يلعبون داخل الحركة العمالية دور ناقل السياسات المضادة للإصلاحات التي تنهجها الحكومات، أرباب العمل والإمبريالية. أما الثوريون وعلى العكس من ذلك لا يتخلون عن النضال من أجل الإصلاحات، لكننا وعلى عكس الإصلاحيين لا نعتقد أن هذه الإصلاحات يمكن الحصول عليها بمجرد المفاوضات بل بالنضال الذي تخوضه جماهير العمال. ونعلم أيضا أن جميع الإصلاحات التي يمكن الحصول عليها سوف يتم استهدافها بسرعة من طرف النظام الرأسمالي. ليس للإصلاحات في ظل هذا النظام حياة طويلة. فالزيادات في الأجور على سبيل المثال التي يمكن الحصول عليها بعد الإضراب سيتم استعادتها بتكثيف معدل الاستغلال. إن ما يضطر الرأسماليون أو الدولة إلى تقديمه باليد اليسرى يحاولون أخذه باليد اليمنى. في ظل النظام الرأسمالي، وخاصة عندما يكون في أزمة، تكون كل الإصلاحات مؤقتة. إن نضال الماركسيين من أجل الإصلاحات يحاول دائما الربط بين التحسين العاجل والمباشر للأوضاع بضرورة إحداث تغيير ثوري. إن الثورات في التاريخ قد انفجرت عادة بعد إحباط آمال الجماهير في حدوث إصلاحات.
إن المطالب "الديموقراطية" تلعب دورا هاما في النضال من أجل الاشتراكية. لقد اشتهر البلاشفة الروس، الذين ناضلوا ضد الاوتوقراطية القيصرية، بكونهم المناضلين الديموقراطيين الأشد حزما والأكثر جذرية. لقد كانوا في الواقع الديموقراطيين الوحيدين الحازمين. وسيلعب الماركسيون بالمغرب نفس الدور، سنكون في مقدمة المعارك من أجل الديموقراطية وسنعطي للمطالب الديموقراطية والطرق المعتمدة في النضال مضمونا طبقيا. إن الجماهير لا تسعى وراء الحقوق الديموقراطية فقط باعتبارها مبادئ جميلة في حد ذاتها، بل باعتبارها وسيلة لتحسين شروط عيشها والخروج من الاستغلال والبؤس. إن ما يعتبره الماركسيون مهاما ديموقراطية للثورة، أي توفر الحقوق الديموقراطية والحريات (حرية التعبير والنشر، حق الإضراب، حق التظاهر والانتخابات الحرة) والقضاء على بقايا العلاقات الفيودالة في الزراعة وتقسيم الأراضي على الفلاحين الفقراء والمعدمين، قلب النظام الديكتاتوري الأوتوقراطي، تخليص البلاد من نير الإمبريالية، فصل الدين عن الدولة، الخ. مهام لا يمكن للبرجوازية المغربية أن تحققها.
إن المهام الديموقراطية لا يمكن أن تنجز إلا بوصول الطبقة العاملة – على راس باقي الشرائح المضطهدة وخصوصا الفلاحين – إلى السلطة. وهذا ما تعنيه حكومة العمال والفلاحين. إن حكومة العمال والفلاحين هذه ستنخرط بمجرد استيلائها على السلطة، في إنجاز التحويل الاشتراكي للمجتمع. بهذا المعنى، نرفض كل التصورات "المرحلية" العزيزة على الستالينيين والإصلاحيين من كل نوع، الذين يحاولون فبركة مرحلة برجوازية ديموقراطية بشكل اصطناعي (مرحلة ملكية دستورية على الطريقة الإسبانية، جمهورية برجوازية، "نزع الطابع المخزني" عن الدولة، الخ) ويضعونها قبل المرحلة الاشتراكية بالمغرب. إن المهام الديموقراطية والمهام الاشتراكية (المصادرة، التأميم تحت رقابة العمال الصناعيين، الخ وضع مخطط اشتراكي للإنتاج، تدمير الدولة البرجوازية وتعويضها بدولة ثورية) مهام مرتبطة إحداها بالأخرى. إنها مهام متداخلة. وكما قال لينين: « لا يوجد هناك سور الصين بين المهام الديموقراطية والمهام الاشتراكية». لا يمكن للمهام الديموقراطية للثورة أن تطبق إلا بإجراءات ذات طبيعة اشتراكية.
لا يمكن للجماهير أن تنتظر مجيء الاشتراكية لحل مشاكلها. إن الجماهير مجبرة بفعل الوضع المأساوي الذي تعيش فيه على النضال الآن بواسطة الوسائل الجد غير مكتملة التي تمتلكها. إن تلك الوسائل الجد غير مكتملة هي قبل كل شيء النقابات وأحزاب اليسار. وليس إلا بعدما يختبرون بتجربتهم محدودية تلك المنظمات (الإصلاحية والستالينية) يعملون على محاولة تحسينها ووضعها موضع تساؤل. من الحتمي أن تدخل تلك المنظمات إن عاجلا أو آجلا في أزمة، هذا إذا لم تكن قد دخلتها الآن. سيعقب الصراعات التكتلية انشقاقات وعمليات طرد واندماجات وخلق تشكيلات جديدة. في نفس الوقت الذي نحافظ فيه على موقف رفاقي اتجاه المناضلين الشرفاء المتواجدين في هذه المنظمات نعمل دائما على نقد منهجي لنقاط ضعفها وبرامجها وممارساتها وطرقها في النضال. إن تكتيكنا اتجاه تلك المنظمات محلل ومشروح في وثيقة "عملنا في المنظمات الجماهيرية"
ما هو موقفنا من هذه المنظمات ؟ إن النقابات تشكل بالنسبة لنا المنظمات القاعدية للطبقة العاملة. بالرغم من كونها تحت سيطرة الإصلاحيين والبيروقراطيين ومخترقة من طرف عملاء النظام والباطرونا فإنها تظل الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها العمال من أجل خوض نضالهم اليومي. إن مكان الماركسيين هو النقابات. إن دورنا فيها هو النضال من أجل دمقرطتها وتمكين العمال من ممارسة رقابتهم الفعلية على المنظمات النقابية. إننا نناضل داخلها من أجل جعلها تتبنى برنامجا اشتراكيا حقيقيا برنامج نضال حقيقي. نناضل لتحويلها إلى منظمات جماهيرية حقيقية ديموقراطية ومكافحة. نستخدم التكتيكات المناسبة من أجل الإفلات من قمع الإصلاحيين والباطرونا في نفس الوقت الذي نعمل فيه على الانغراس داخل الطبقة العاملة.
43) إننا فيما يخص الحركة الطلابية نناضل من أجل إعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كمنظمة ديموقراطية مكافحة وجماهيرية ببرنامج ثوري واشتراكي. إننا نناضل من أجل اوطم مرتبطة بالحركة العمالية. إن القمع وغياب قيادة ماركسية حقيقية على رأس أوطم أدى إلى انفجار وتفكك هذه الأداة الرائعة في يد الطلاب. لكن تقاليد أوطم لا تزال مستمرة بين صفوف الطليعة الطلابية ولا تزال تقض مضاجع النظام. سوف نأخذ نحن مكاننا كطليعة ماركسية وسنناضل بشكل ديموقراطي من أجل تبني برنامج ثوري حقيقي.
يتوجب على الماركسيين تملك برنامج انتقالي. ما هو البرنامج الانتقالي؟ إنه برنامج مطالب ميزته أنه يقيم جسرا بين المطالب المباشرة الآنية، مطالب الحد الأدنى، وبين ضرورة الثورة الاشتراكية. إنها مطالب ترى الجماهير أنها سوف تؤدي إلى تحسين وضعها لكنها في تطبيقها تدخل في تناقض مع الرأسمالية. بالضبط في مجرى النضال من أجل مثل هذه المطالب الانتقالية حيث تتمكن الجماهير المنخرطة في النضال من رفع مستوى وعيها. إن البرنامج الانتقالي هو وسيلة حيوية للماركسيين. يجب عليه أن يشكل الجسر بين وعي العمال الحالي وبين برنامجنا من أجل الثورة الاشتراكية.
بتسلحنا ببرنامج ثوري وطرق نضال واستراتيجية وتكتيكات صحيحة، نحن متأكدون أن مجموعتنا ستلعب دورا حاسما في النضال من أجل الثورة الاشتراكية في بلدنا. ليس لدينا من خيار. نحن ننتمي إلى الجيل الذي يجب عليه أن يكون وسيلة لإحداث تغيير في مصير الإنسانية الذي سيبدأ بالقضاء على الرأسمالية. وإلا فإن دمار الحضارة الإنسانية هو الذي سيحدث. الاشتراكية أو الهمجية هذا هو الخيار الذي نواجهه!