نظرية العلاقات الدّولية؛ مفهومها ومكوناتها
مرسل: الخميس مايو 03, 2012 10:48 am
إن البحث في الجانب التنظيري للدراسات الأمنية هو جزء لا ينفصل عن الحديث الدائر حول النظرية في العلاقات الدولية وفي العلوم الانسانية والاجتماعية بشكل عام،
“فلا يمكن لأحد أن يدعي أنه متمكن في فرع من فروع المعرفة مع أنه يعامل النظرية بازدراء، دونما أن يظهر حقيقة أنه جاهل بموضوعه.(فمثل هذا الشخص)لا شك أنه يتخيل أن باستطاعته التقدم بشكل أكثر دون الاعتماد على نظرية، وذلك بتلمس طريقه في التجارب والخبرات ودونما الحصول على مبادئ معينة عامة، ودونما ربط أنشطته بكل داخلي عام.”.
إلى غاية منتصف الثمانينيات، بدى عالم نظرية العلاقات الدولية بسيطا نسبيا. أين هيمنت التصورات الواقعية والليبرالية الجديدتين على النقاش داخل الولايات المتحدة الأمريكية. غير أن نهاية الحرب الباردة مثلت نقطة تحول نظري فارقة في طبيعة النقاش حول نظرية العلاقات الدولية، وخاصة خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
فنهاية الحرب الباردة أوضحت حدود المنظار المهيمن على التفسير وقدرته على التنبؤ. كما أن تنامي ظاهرة العولمة فتح المجال واسعا أمام دارسي العلاقات الدولية إلى الذهاب أبعد من المسائل التقليدية التي تمس أسباب الحروب والتعاون .كما أعادت بعث النقاشات حول دور وقدرة الدولة، حول مفهوم السيادة والفواعل الجديدة على الساحة الدولية.كما أوضحت أهمية المقاربات الاقتصادية في العلاقات الدولية.
لقد أشار “مارتن غريفيثس” و”تيري أوكالاهان” إلى أن مادة “النظرية” تستخدم بطريقة مذهلة التنوع في مجال دراسة العلاقات الدولية،
“فهي تطبق على مقترحات وحجج على مختلف مستويات التجريد. كما أن النقاشات حول معناها الأفضل قد جرت بسرعة ولم تحمل معها أي إجماع حول الموضوع.”
و بالتالي فإننا لن نجد أبدا تصورا للنظرية يرضي العالم بأسره، لأن كل مقاربة لها تصورها الجوهري عما يجب أن تكون عليه النظرية، وعن موضوع دراستها وكيفية دراسة الظواهر وما هو الهدف الأسمى الذي تصبو إليه.
ويعرف كل من “جيمس دورتي” و”روبرت بالستغراف” النظرية على أنها:
” تنظيم للمعلومات بشكل يمكن معه تقديم أجوبة علمية وسليمة للإشكاليات التي تثيرها الظاهرة موضوع الدراسة.”
ويضيفان:
” النظرية الدولية (…) تتضمن عناصر وصفية وعقلية ومعيارية و تنبؤية. و مع ازدياد التطور في نظرية العلاقات الدولية يتجه الاهتمام نحو نظرية مركبة من: ماذا يكون…ماذا يجب أن يكون…ماذا يمكن أن يكون. وجودة النظرية غير مرهونة بكليتها أو جزئيتها . فكل النظريات صالحة مادامت تستخدم منهجية علمية، مع الأخذ في الاعتبار أن النظرية تنتهي إلى العموميات.”.
أما “رينهارد مايرز”Reinhard Mayers فيوضح تعددية المعاني في مصطلح النظرية بقوله:
•بالنظر للجوهر؛ تمثل النظرية مركز الحقل ككل أو سلسلة الاستخدامات الجامعة لتاريخ الأفكار الدولية، تاريخ العلاقات الدولية كحقل علمي، الفلسفة الاجتماعية للعلاقات الدولية، ابستيمولوجيا ومنهجية العلاقات الدولية؛
•بالنظر إلى الشكل؛ فالتعاريف المقدمة للنظرية تعتمد على البنية المنطقية والمدى والأداء التفسيري أو التنبؤي للبناءات المجردة المطبقة على قسم معين من الظواهر، المواضيع، الأحداث أو المسارات.
و بخلاف الجوهر والشكل، فأهمية النظرية في العلاقات الدولية غدت مقترنة بمدى أهمية الوظائف التي تؤديها،
” فالوظيفة الرئيسية لنظرية العلاقات الدولية هي في تمكيننا من تحسين معرفتنا بالواقع الدولي سواء في فهمه فقط أو لتغييره. إنها تساعدنا على تنظيم معلوماتنا وعلى اكتشاف معلومات جديدة أكثر دقة. إنها تزودنا بإطار للتفكير نحدد فيه أولويات البحث ونختار أفضل الوسائل المتوفرة لجمع وتحليل المعلومات. كما أن النظرية تلفت انتباهنا إلى التماثلات والتباينات وتشحذ أذهان الآخرين لمعرفة دقتها أو عدم دقتها، من خلال البحوث التي تطبق أو تجري على أساسها.”
أما “سكوت بيرشيل”Scott Burchil فيرى أن:
“النظريات تمنحنا تنظيما فكريا في دراسة العلاقات الدولية .إنها تمكننا من دراسة أحداث الماضي والحاضر وجعلها في سياقها .إنها تقدم لنا نسقا من أشكال تأويل المسائل المعقدة. كما أن النظريات تساعدنا على توجيه وضبط ذهنياتنا في مقابل الظواهر المحيرة المحيطة بنا: إنها تساعدنا على التفكير بطريقة نقدية ومنطقية ومنسجمة.”
كما أن النظرية الدولية هي ذلك الجزء من دراسة العلاقات الدولية والذي يقدم طروحات شارحة ووصفية و تنبؤية ونقدية عن الأنماط و الاطرادات والتغيرات في المكونات والعمليات البنيوية للمنظومة الدولية، وفي الوحدات الرئيسة المكونة لها.
لقد أصبحت نظرية العلاقات الدولية حقلا دراسيا مهما خصوصا مع المقاربات المعاصرة المستوحاة من فروع مختلفة من الفلسفة خاصة منها:
• الابستيمولوجيا:والتي تعنى بالوسائل المكسبة للمعرفة ؛إنها فلسفة المعرفة أو كيفية التوصل إليها. وتستفهم حول طبيعة وتراكم المعرفة، وهناك ثلاث اتجاهات كبرى في فلسفة المعرفة وهي : الابستيمولوجيا التجريبيةEmpirisme والعقلانية Rationalisme والنفعية Pragmatisme ؛
•الأنطولوجيا: وهي فلسفة الوجود المتعلقة بجميع ميادين الفعل البشري. وعليه فهي تتعلق بالوحدات الأساسية المكونة للعالم داخل نظرية معينة، وبالتالي فهي ليست مسألة ما هو موجود “موضوعيا” ولكن ما هو موجود وفقا للنظريات المكونة لتصوراتنا حول العالم؛
•المنهجية: بداية، من المهم التمييز بين الابستيمولوجيا والمنهجية ،فالمنهجية كذلك تعنى بكيفية التوصل إلى المعرفة لكنها بطبيعتها أكثر عملية. و هي تركز على طرق معينة يمكننا استخدامها في محاولة فهم عالمنا. وترتبط الابستيمولوجيا والمنهجية ارتباطا وثيقا: فتشتمل الأولى على فلسفة كيفية التوصل إلى المعرفة، بينما تشتمل الثانية على الممارسة. ونجد ثلاث أنواع عامة من المناهج في العلاقات الدولية هي: “المناهج الكمية”Quantitative Methods المطبقة من طرف بعض التجريبيين، “المناهج النوعية”Qualitative Methods كتحليل المضمون ودراسة الحالة. و”النماذج الصورية” Modèles formelles كنظرية اللعب.
•المعيارية: إن أنصار الاتجاه التكويني في العلاقات الدولية يلفتون النظر دائما إلى أن محللي العلاقات الدولية هم أناس يعيشون في مجتمعات خاصة، في زمن تاريخي محدد وفي أمكنة معينة. وبالتالي فالسياق الاجتماعي والسياسي والتاريخي أين تدور مجمل عملية التفكير التنظيري يحتم علينا النظر في علاقة المُلاحِظ بالعلاقات الدولية،
“فجميع النظريات تعكس قِيمًا، والسؤال الوحيد هو عما إذا كانت القيم محجوبة أم لا(…) فكل النظريات تنطوي على قيم في كل تحليلاتها، ابتداء من الأشياء التي تختار التركيز عليها بوصفها ‘الحقائق’ التي ينبغي تفسيرها بالطرق التي تستخدمها هذه النظريات لدراسة هذه الحقائق ووصولا إلى الوصفات السياسية التي تقترحها.(…) إن كل النظريات تنطوي على افتراضات ومضامين معيارية ولكنها في الغالب غير ظاهرة.”
ومجمل القول أن المسائل المعيارية تدعونا إلى التفكير حول آثار وانعكاسات اختياراتنا النظرية والمنهجية مهما كانت على الصعيد الشخصي، المجتمعي، الوطني أو الدولي.
إن نظرية العلاقات الدولية – كغيرها من الحقول المعرفية الأخرى – في مساءلة دائمة ومستمرة لحقل دراستها وسلامة مناهجها. فعصر اليقين النظري قد ولّى، والنقاشات حول طبيعة النظرية في حد ذاتها -ما يطلق عليه الميتا نظرية Metatheory – قد غابت لفترات طوال.
غير أنه من الإنصاف القول أن حقل الدراسات الدولية قد شهد في السنوات العشرين الماضية نقاشا ذو طبيعة ميتانظرية أكثر منه نظرية.فلا يوجد اتفاق عام، لا على المادة المكونة لموضوع الدراسة في العلاقات الدولية (البعد الأنطولوجي)،ولا على الطريقة العامة لامتلاك المعرفة في هذا الميدان (البعد الابستيمولوجي)،ولا على القيم والمبادئ والمعايير التي تضمها أي نظرية (البعد المعياري) ولا حتى على المنهج الذي يقود البحث في العلاقات الدولية (البعد المنهجي).
فأصل الاختلافات الابستيمولوجية والأنطولوجية والمعيارية بين “الميتامنظار العقلاني” Meta-paradigme rationaliste و”الميتامنظار التأملي أو المعياري” Meta-paradigme réflexif تظهر جلية في إجابة كل منهما على السؤال التالي:
“ما هدف أو دور النظرية في العلاقات الدولية؟”
بحسب تصنيف “روبرت كوكس” Robert W. Cox هدف النظرية يمكن أن يكون على نوعين : “تأويلي (تفسيري)” Prescriptif أو “نقدي” Critique.
ففي النوع الأول لا تخرج النظرية على أن تكون إجابة مباشرة أو بسيطة أو كدليل مساعد على حل معضلات يطرحها وضع معين، بتقديم وصفة محددة أو توصيات بشأنها. وهذا ما يعرف بـــ “نظرية حل المشكلة” Problem Solving Theory
“التي تتناول العالم كما تجده، بما يسود فيه من علاقات اجتماعية وسلطوية ومؤسسات تنتظم تلك العلاقات فيها باعتبارها الإطار المفترض للعمل .والهدف العام من حل المشكلات هو جعل هذه العلاقات والمؤسسات تعمل بسلاسة عن طريق التعامل بشكل فعال مع مصادر المشاكل.”.
وهي ما تعرف أيضا بالنظريات التفسيرية Explanatory Theory .
أما النوع الثاني، فيكون هدف النظرية نقديا بمعنى أن هذه الأخيرة لا تتعامل مع النظام الموجود كمعطى مسبق أو حقيقة ثابتة. بل تسعى إلى معرفة كيفية (How) تَكَوُّنْ النظام ومسارات تغيره. وهوما يعرف بالنظريات التكوينية في العلاقات الدولية.
إن هذا التصنيف – النظريات التفسيرية في مواجهة النظريات التكوينية – هو نتاج الاختلاف في التصورات حول العالم الاجتماعي؛ فهل يمكن تصوره كما يُتَصَوَّر العالم الطبيعي أم أن العالم الاجتماعي هو ما نصنعه نحن؟.
وفقا لـ”رينهارد مايرز”Reinhard Mayers يمكن – حاليا – تصنيف النظريات بالنظر إلى معيارين أساسيين:
•المعيار الأنطولوجي: بالتساؤل حول الأنواع والصور والتصورات الكبرى World-views التي توجدها النظرية مع احترام موضوع الدراسة؛
•المعيار الابستيمولوجي: بالاستفهام عن كيفية تأسيس النظرية وبرهنتها وتبريرها وشرعنتها لبياناتها حول الموضوع الذي تستند إليه.
“فلا يمكن لأحد أن يدعي أنه متمكن في فرع من فروع المعرفة مع أنه يعامل النظرية بازدراء، دونما أن يظهر حقيقة أنه جاهل بموضوعه.(فمثل هذا الشخص)لا شك أنه يتخيل أن باستطاعته التقدم بشكل أكثر دون الاعتماد على نظرية، وذلك بتلمس طريقه في التجارب والخبرات ودونما الحصول على مبادئ معينة عامة، ودونما ربط أنشطته بكل داخلي عام.”.
إلى غاية منتصف الثمانينيات، بدى عالم نظرية العلاقات الدولية بسيطا نسبيا. أين هيمنت التصورات الواقعية والليبرالية الجديدتين على النقاش داخل الولايات المتحدة الأمريكية. غير أن نهاية الحرب الباردة مثلت نقطة تحول نظري فارقة في طبيعة النقاش حول نظرية العلاقات الدولية، وخاصة خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
فنهاية الحرب الباردة أوضحت حدود المنظار المهيمن على التفسير وقدرته على التنبؤ. كما أن تنامي ظاهرة العولمة فتح المجال واسعا أمام دارسي العلاقات الدولية إلى الذهاب أبعد من المسائل التقليدية التي تمس أسباب الحروب والتعاون .كما أعادت بعث النقاشات حول دور وقدرة الدولة، حول مفهوم السيادة والفواعل الجديدة على الساحة الدولية.كما أوضحت أهمية المقاربات الاقتصادية في العلاقات الدولية.
لقد أشار “مارتن غريفيثس” و”تيري أوكالاهان” إلى أن مادة “النظرية” تستخدم بطريقة مذهلة التنوع في مجال دراسة العلاقات الدولية،
“فهي تطبق على مقترحات وحجج على مختلف مستويات التجريد. كما أن النقاشات حول معناها الأفضل قد جرت بسرعة ولم تحمل معها أي إجماع حول الموضوع.”
و بالتالي فإننا لن نجد أبدا تصورا للنظرية يرضي العالم بأسره، لأن كل مقاربة لها تصورها الجوهري عما يجب أن تكون عليه النظرية، وعن موضوع دراستها وكيفية دراسة الظواهر وما هو الهدف الأسمى الذي تصبو إليه.
ويعرف كل من “جيمس دورتي” و”روبرت بالستغراف” النظرية على أنها:
” تنظيم للمعلومات بشكل يمكن معه تقديم أجوبة علمية وسليمة للإشكاليات التي تثيرها الظاهرة موضوع الدراسة.”
ويضيفان:
” النظرية الدولية (…) تتضمن عناصر وصفية وعقلية ومعيارية و تنبؤية. و مع ازدياد التطور في نظرية العلاقات الدولية يتجه الاهتمام نحو نظرية مركبة من: ماذا يكون…ماذا يجب أن يكون…ماذا يمكن أن يكون. وجودة النظرية غير مرهونة بكليتها أو جزئيتها . فكل النظريات صالحة مادامت تستخدم منهجية علمية، مع الأخذ في الاعتبار أن النظرية تنتهي إلى العموميات.”.
أما “رينهارد مايرز”Reinhard Mayers فيوضح تعددية المعاني في مصطلح النظرية بقوله:
•بالنظر للجوهر؛ تمثل النظرية مركز الحقل ككل أو سلسلة الاستخدامات الجامعة لتاريخ الأفكار الدولية، تاريخ العلاقات الدولية كحقل علمي، الفلسفة الاجتماعية للعلاقات الدولية، ابستيمولوجيا ومنهجية العلاقات الدولية؛
•بالنظر إلى الشكل؛ فالتعاريف المقدمة للنظرية تعتمد على البنية المنطقية والمدى والأداء التفسيري أو التنبؤي للبناءات المجردة المطبقة على قسم معين من الظواهر، المواضيع، الأحداث أو المسارات.
و بخلاف الجوهر والشكل، فأهمية النظرية في العلاقات الدولية غدت مقترنة بمدى أهمية الوظائف التي تؤديها،
” فالوظيفة الرئيسية لنظرية العلاقات الدولية هي في تمكيننا من تحسين معرفتنا بالواقع الدولي سواء في فهمه فقط أو لتغييره. إنها تساعدنا على تنظيم معلوماتنا وعلى اكتشاف معلومات جديدة أكثر دقة. إنها تزودنا بإطار للتفكير نحدد فيه أولويات البحث ونختار أفضل الوسائل المتوفرة لجمع وتحليل المعلومات. كما أن النظرية تلفت انتباهنا إلى التماثلات والتباينات وتشحذ أذهان الآخرين لمعرفة دقتها أو عدم دقتها، من خلال البحوث التي تطبق أو تجري على أساسها.”
أما “سكوت بيرشيل”Scott Burchil فيرى أن:
“النظريات تمنحنا تنظيما فكريا في دراسة العلاقات الدولية .إنها تمكننا من دراسة أحداث الماضي والحاضر وجعلها في سياقها .إنها تقدم لنا نسقا من أشكال تأويل المسائل المعقدة. كما أن النظريات تساعدنا على توجيه وضبط ذهنياتنا في مقابل الظواهر المحيرة المحيطة بنا: إنها تساعدنا على التفكير بطريقة نقدية ومنطقية ومنسجمة.”
كما أن النظرية الدولية هي ذلك الجزء من دراسة العلاقات الدولية والذي يقدم طروحات شارحة ووصفية و تنبؤية ونقدية عن الأنماط و الاطرادات والتغيرات في المكونات والعمليات البنيوية للمنظومة الدولية، وفي الوحدات الرئيسة المكونة لها.
لقد أصبحت نظرية العلاقات الدولية حقلا دراسيا مهما خصوصا مع المقاربات المعاصرة المستوحاة من فروع مختلفة من الفلسفة خاصة منها:
• الابستيمولوجيا:والتي تعنى بالوسائل المكسبة للمعرفة ؛إنها فلسفة المعرفة أو كيفية التوصل إليها. وتستفهم حول طبيعة وتراكم المعرفة، وهناك ثلاث اتجاهات كبرى في فلسفة المعرفة وهي : الابستيمولوجيا التجريبيةEmpirisme والعقلانية Rationalisme والنفعية Pragmatisme ؛
•الأنطولوجيا: وهي فلسفة الوجود المتعلقة بجميع ميادين الفعل البشري. وعليه فهي تتعلق بالوحدات الأساسية المكونة للعالم داخل نظرية معينة، وبالتالي فهي ليست مسألة ما هو موجود “موضوعيا” ولكن ما هو موجود وفقا للنظريات المكونة لتصوراتنا حول العالم؛
•المنهجية: بداية، من المهم التمييز بين الابستيمولوجيا والمنهجية ،فالمنهجية كذلك تعنى بكيفية التوصل إلى المعرفة لكنها بطبيعتها أكثر عملية. و هي تركز على طرق معينة يمكننا استخدامها في محاولة فهم عالمنا. وترتبط الابستيمولوجيا والمنهجية ارتباطا وثيقا: فتشتمل الأولى على فلسفة كيفية التوصل إلى المعرفة، بينما تشتمل الثانية على الممارسة. ونجد ثلاث أنواع عامة من المناهج في العلاقات الدولية هي: “المناهج الكمية”Quantitative Methods المطبقة من طرف بعض التجريبيين، “المناهج النوعية”Qualitative Methods كتحليل المضمون ودراسة الحالة. و”النماذج الصورية” Modèles formelles كنظرية اللعب.
•المعيارية: إن أنصار الاتجاه التكويني في العلاقات الدولية يلفتون النظر دائما إلى أن محللي العلاقات الدولية هم أناس يعيشون في مجتمعات خاصة، في زمن تاريخي محدد وفي أمكنة معينة. وبالتالي فالسياق الاجتماعي والسياسي والتاريخي أين تدور مجمل عملية التفكير التنظيري يحتم علينا النظر في علاقة المُلاحِظ بالعلاقات الدولية،
“فجميع النظريات تعكس قِيمًا، والسؤال الوحيد هو عما إذا كانت القيم محجوبة أم لا(…) فكل النظريات تنطوي على قيم في كل تحليلاتها، ابتداء من الأشياء التي تختار التركيز عليها بوصفها ‘الحقائق’ التي ينبغي تفسيرها بالطرق التي تستخدمها هذه النظريات لدراسة هذه الحقائق ووصولا إلى الوصفات السياسية التي تقترحها.(…) إن كل النظريات تنطوي على افتراضات ومضامين معيارية ولكنها في الغالب غير ظاهرة.”
ومجمل القول أن المسائل المعيارية تدعونا إلى التفكير حول آثار وانعكاسات اختياراتنا النظرية والمنهجية مهما كانت على الصعيد الشخصي، المجتمعي، الوطني أو الدولي.
إن نظرية العلاقات الدولية – كغيرها من الحقول المعرفية الأخرى – في مساءلة دائمة ومستمرة لحقل دراستها وسلامة مناهجها. فعصر اليقين النظري قد ولّى، والنقاشات حول طبيعة النظرية في حد ذاتها -ما يطلق عليه الميتا نظرية Metatheory – قد غابت لفترات طوال.
غير أنه من الإنصاف القول أن حقل الدراسات الدولية قد شهد في السنوات العشرين الماضية نقاشا ذو طبيعة ميتانظرية أكثر منه نظرية.فلا يوجد اتفاق عام، لا على المادة المكونة لموضوع الدراسة في العلاقات الدولية (البعد الأنطولوجي)،ولا على الطريقة العامة لامتلاك المعرفة في هذا الميدان (البعد الابستيمولوجي)،ولا على القيم والمبادئ والمعايير التي تضمها أي نظرية (البعد المعياري) ولا حتى على المنهج الذي يقود البحث في العلاقات الدولية (البعد المنهجي).
فأصل الاختلافات الابستيمولوجية والأنطولوجية والمعيارية بين “الميتامنظار العقلاني” Meta-paradigme rationaliste و”الميتامنظار التأملي أو المعياري” Meta-paradigme réflexif تظهر جلية في إجابة كل منهما على السؤال التالي:
“ما هدف أو دور النظرية في العلاقات الدولية؟”
بحسب تصنيف “روبرت كوكس” Robert W. Cox هدف النظرية يمكن أن يكون على نوعين : “تأويلي (تفسيري)” Prescriptif أو “نقدي” Critique.
ففي النوع الأول لا تخرج النظرية على أن تكون إجابة مباشرة أو بسيطة أو كدليل مساعد على حل معضلات يطرحها وضع معين، بتقديم وصفة محددة أو توصيات بشأنها. وهذا ما يعرف بـــ “نظرية حل المشكلة” Problem Solving Theory
“التي تتناول العالم كما تجده، بما يسود فيه من علاقات اجتماعية وسلطوية ومؤسسات تنتظم تلك العلاقات فيها باعتبارها الإطار المفترض للعمل .والهدف العام من حل المشكلات هو جعل هذه العلاقات والمؤسسات تعمل بسلاسة عن طريق التعامل بشكل فعال مع مصادر المشاكل.”.
وهي ما تعرف أيضا بالنظريات التفسيرية Explanatory Theory .
أما النوع الثاني، فيكون هدف النظرية نقديا بمعنى أن هذه الأخيرة لا تتعامل مع النظام الموجود كمعطى مسبق أو حقيقة ثابتة. بل تسعى إلى معرفة كيفية (How) تَكَوُّنْ النظام ومسارات تغيره. وهوما يعرف بالنظريات التكوينية في العلاقات الدولية.
إن هذا التصنيف – النظريات التفسيرية في مواجهة النظريات التكوينية – هو نتاج الاختلاف في التصورات حول العالم الاجتماعي؛ فهل يمكن تصوره كما يُتَصَوَّر العالم الطبيعي أم أن العالم الاجتماعي هو ما نصنعه نحن؟.
وفقا لـ”رينهارد مايرز”Reinhard Mayers يمكن – حاليا – تصنيف النظريات بالنظر إلى معيارين أساسيين:
•المعيار الأنطولوجي: بالتساؤل حول الأنواع والصور والتصورات الكبرى World-views التي توجدها النظرية مع احترام موضوع الدراسة؛
•المعيار الابستيمولوجي: بالاستفهام عن كيفية تأسيس النظرية وبرهنتها وتبريرها وشرعنتها لبياناتها حول الموضوع الذي تستند إليه.