صفحة 1 من 1

سوريا بين الامس واليوم

مرسل: الخميس مايو 03, 2012 12:44 pm
بواسطة احمد الشهري 13
منذُ نشوء الدولة السّورية .لم يكن الأمر مضيئاً كما يتحدّثون عنه. كما أنّ القتلَ لم يكن  موجوداً بهذا الشكل ، وربما تعتبرُ فترة الانتداب الفرنسي المرحلةً الأكثر إضاءةً مما أتى فيما بعد . الانتداب الفرنسي كان استعماراً

. لكنّه سرّب لنا بعضَ القيمِ وبعض المكاسب الثقافية وعلى الأرض . لكنّه كان ظالماً قتل من أبناء سورية الكثير . ثمّ أتى الاستقلال ، تلك الفترة التي يشيد بها السوريون اليوم . لا ندري إن كانوا يشيدون وهم يعرفون الحقيقة أم يقارنون الأمس باليوم ؟  إن كان مقارنة باليوم. فقد كان  الأمر بأفضلِ حالاته . كلّ العهود أفضل . لكن إن كانت دراسة الوضع كوضع ديموقراطي في السابق  فما الأمر بصحيح . رغم وجود انتخابات للبرلمان يصل لها البكوات والإقطاعيين .

في سورية التي يتغنون بها . كانت الإقطاعية تسود المجتمع . الإقطاعي هو الحاكم المطلق بالنسبة للفلاحين ، وزعيم العشيرة ، وهو الذي يستطيع الزواج بنسائهم. لماذا نبرئ مرحلة هي التي أدت بنا إلى هذه المرحلة .

مرحلة ما بعد الاستعمار الفرنسي والتي تشكلت فيها الأحزاب القومية مثل حزب البعث والحزب الاشتراكي،  ثم أصبح حزب البعث العربي الاشتراكي فيما بعد ، ومن لم ينضم له من الاشتراكيين سجن وعذّب ، والذي كانت مهمته محاربة الشيوعية في البدء ، ثم أصيب بأمراضها . لكن الشهادة للتاريخ فقط . أن تاريخ الشيوعيين السوريين- وكان الحزب الشيوعي السوري واللبناني واحداً  في تلك المرحلة- كان مضيئاً ، وكانوا من جميع فئات المجتمع وقومياته ، ولم يتسلّح أغلب الشيوعيين بالنظرية الماركسية . لكنّهم سعوا لتطبيق أفكار مثالية حول العدالة الاجتماعية لذا كانت مرحلة الخمسينات وحتى الوحدة بين مصر وسورية هي المرحلة الذهبية لهم،  وكان أغلبهم من المتفوقين في الدراسة ، وقد ذاقوا طعم السجون وقتل بعضهم مثل فرج الله الحلو، و بعدما دخلوا اللعبة السياسية مع الجبهة . تراجعت شعبيتهم بسبب انشقاقاتهم من أجل المناصب وليس لأسباب فكرية .

في تلك المرحلة . ضرب الفقر أطنابه في مفاصل سورية إلى أن وصل ذروته في عهد عبد الناصر. فقد ضنّت الطبيعة أيضاً بالموارد . مثلها اليوم ، وكأنّ الطبيعة تغضب من الإنسان أحياناً فتعاقبه .

في المرحلة الناصرية . بدأت الدكتاتورية تتجذر كمفهوم لتقديس الفرد ، ونشأ الاتحاد القومي الذي هومن  أجداد شبيحة اليوم ، ولو عدنا  إلى المناطق الثائرة ، وقرأنا  أسماء الشبيحة . لرأينا أنهم أحفاد أولئك المنتسبين الأوائل للإتحاد القومي والذين كانوا قبل من أزلام البكوات والإقطاعيين . والذين يتكسبون عيشهم من خلال تمجيد الفرد ورفعه إلى مستوى الإله .

لن ندخل في الحديث عن الوحدة ، فهي مرحلة انتهت،  ليأتي البعث ويحكم بأفكارها القومية  . هي الأفكار القومية التي تتعدى على من لا ينتمي لها . وقد عمل البعث على مفهوم المواطنة المتعدّدة . المواطن في المرتبة الأولى رجل الأمن ورجال الدولة وعملائهم . والمواطنة الثانية للأقليات الدينية ، وقد اعتبر السريان عرباً ، ولم يعترف بمواطنة الأكراد حتى لو حملوا جواز سفر " عربي سوري " وهذا لا يعني أنه لا يوجد بين الأكراد شبيحة . الشبيحة هي سلالة ثقافية موجودة في كل زمان ومكان . تضم ذوي الثقافات المحدودة . مبدؤها الغاية تبرّر الوسيلة . قد نجدهم في بيتنا ، ولو تحدثتم عن الشهادات العلمية في الدكتوراه من الغرب أو الشرق . عليكم أن تحذفوها من المعادلة لأنها ماركة تجارية حصلوا عليها بطريقة ما . السوري العادي لم يتمكن من الحصول على الشهادات إلا من سورية ، ورغم كل مايعاب عليها هي شهادات ناتجة عن جهد شخصي إلا عند القلة القليلة .

نحنُ اليوم أمام هذا الإرث من المعارضة التي يمجّد بعضها عبد الناصر ، وصدام حسين ، وينتمي  بعضها إلى العارضة المؤمنة بالقومية العربية ورسالتها . ومعارضة من اليسار الذي يدعي أنّه علماني وأغلبه ينتمي إلى الأقليات ، ومن الشباب الذي لا ينتمي إلى هذه التيارات , وربما لديه توجهات إيمانية وليست إسلاموية وهو الشباب الذي يذبح على الأرض. وهؤلاء جميعاً لديهم هدف واحد هو رحيل النظام ، وحتى لو أنّهم لا زالوا يقدسون بعض الأشخاص كرموز . لكنّهم يدركون أن سورية لن تكون لفئة أو شخص بعد الآن ، ولو أنّها لن تكون كما يريدها السوريون . فما تخرّب في الوعي على مدى أجيال لن يعود بين يوم وليلة .لكنّ الوعي يعود إلى جميع مكوّنات سورية بالتدريج ، وسيخرجون من محنتهم قريباً .