- الخميس مايو 03, 2012 4:34 pm
#49906
التجربة الماليزية .. رحلة الألف ميل يبدأ بخطوة ..
التجربة الماليزية .. رحلة الألف ميل يبدأ بخطوة ..
تعتبر التجربة الماليزية من التجارب الناجحة القليلة التي يجب النظر لها بعمق .. ودراستها بشكل مستفيض .. لعلنا نجد ما يمكن أن نستفيد منه .. ونطبقه على أرض الواقع .. وقد قمت باستطلاع هذه التجربة بشكل مفصل خلال الأيام القليلة الماضية واضعًا نصب عيني هدفًا يقودنا نحو مزيد من الدراسة من ذوي الاختصاص وإمكانية ابتكار حلول لواقعنا الفلسطيني لاسيما في ظل حالة الحصار والاختناق الذي نعيش ..
فمن هو صاحب هذه التجربة الناجحة ؟ وما هي أسرار الوصفة الماليزية للتنمية .. ؟
صاحب هذه التجربة هو مهاتير محمد الذي يتمتع حسب أغلب الرؤى المحايدة بكاريزما قيادية وسحر شخصي مما جعله شخصية جماهيرية ذات ثقل فكري مرموق ليس في ماليزيا وحدها وإنما على مستوى جنوب شرق آسيا والعالم الإسلامي .. وفي وصف مهاتير راح البعض يؤكد أنه يتمتع بقوة شخصيته ونظرة سياسية ثاقبة .. وأنه لم يعرف عنه استغلال نفوذه في تنامي الثروة الشخصية أو فرش الطريق بالذهب للأقارب والمحاسيب .. كما نجح في تحاشي التحول إلى رمز لعبادة الفرد وهي الظاهرة التي دمرت الكثير من القادة المسلمين .. إضافة إلى اعتباره أنموذجاً للقادة المسلمين الذين تجاوزوا مجرد مباشرة الشؤون اليومية إلى تطوير رؤية سياسية إستراتيجية. . أما أسرار الوصفة الماليزية للتنمية فهي :
أولاً : الإرادة السياسية :
وهى بيت القصيد في التجربة الماليزية فما كان يمكن أن تتحقق هذه النهضة إلا بوجود رغبة وإرادة سياسية واضحة تحكم القيادة ويكتسبها الشعب. فمن يذهب إلي ماليزيا سيتردد أمام بصره وسمعه كثيرا رقم 2020 وهو يرمز إلي الخطة التي أعدها مهاتير محمد رئيس الوزراء عندما تولى الحكم سنة 1981 والتي تقوم علي فكرة أن تصبح ماليزيا في العام 2020 دولة مكتملة البنيان الصناعي .. وهو ما تحقق معظمه .. ويمكن تلخيص هذه الإرادة في جملة قالها مهاتير : " أيها الماليزي ارفع رأسك ناظرا للمستقبل "
ثانيًا : تطوير مفهوم التنمية :
ظل مفهوم التنمية مرادفًا لمعنى النمو .. وظل هذا المعنى محصورًا في البعد الاقتصادي طيلة الخمسينيات والستينيات .. وشطرًا من السبعينيات. ولكن خبرة تلك المرحلة التي تصل إلى ربع قرن كشفت عن أن التخلف لا يرجع فقط إلى قلة الأموال المطلوبة للاستثمار .. وإنما يرجع إلى عوامل أخرى مهمة تتلخص في جملة من العوائق الهيكلية والمؤسسية المحلية وعوامل خارجية تتعلق بنمط العلاقات الدولية التي تربط البلدان النامية بالبلدان المتقدمة .. والأهم من ذلك هو أن خبرة تلك المرحلة .. كشفت عن أن هناك جوانب غير اقتصادية مهمة جدا في عملية التنمية .. وفي مقدمتها الجانب الاجتماعي المرتبط بعدالة التوزيع .. والجانب السياسي المرتبط بالحريات وديمقراطية نظام الحكم .. والجانب الثقافي ومنظومة القيم والمبادئ السائدة في المجتمع.
هذا هو معنى التنمية الذي جاءت في سياقه التجربة الماليزية .. ليس فقط .. وإنما تعين عليها أن تعمل في ظروف أزمة طاحنة للتنمية على مستوى العالم في الثمانينيات .. وخاصة في الدول الصناعية .. وأضحى العالم المتقدم أقل رفقًا بالشعوب النامية وأكثر ظلمًا لها .. ومن ثم كان على مخططي هذا النموذج الماليزي أن يسعوا إلى تحقيق إنجازات ملموسة على أكثر من جبهة حتى يمكن قهر الفقر وبناء الإنسان الجديد .
ثالثًا : سياسة النظر شرقًا :
أعلنت ماليزيا سياسة " النظر شرقًا " في 1981 وامتد العمل بها إلى 1991 .. ويتضمن عنوان السياسة إشارة ذات دلالة في الانتماء إلى أسراب الإوز الطائرة .. وهدفت تلك السياسة تشجيع الماليزيين على الاقتداء والتعلم من التجربة اليابانية .. مثل : أخلاقيات العمل والمنهجية الصناعية والتطور التقني والأداء الاقتصادي المميز ..
ولم تكن عملية الأخذ بالتجربة اليابانية تقليدًا محضًا بل اختيارًا وانتقاءً لما يناسب ماليزيا ووضع ذلك في إطاره الصحيح .. خاصة أن ماليزيا بلد متعدد الأعراق والأديان.
رابعًا : الاهتمام بالقطاع الخاص :
انتهج مهاتير محمد سياسة الخصخصة والسوق الحر .. ودفع الديون الخارجية وأوقف الاستدانة .. وقرر تخصيص القطاع العام وأوقف التعيين في الدولة موضحاً أن الإنسان لن يصبح مليونيراً بالتحاقه بالقطاع العام إلا إذا كان يخلق المليونيرات .. وهدف بذلك إلى حل إشكال توسط الدولة في إدارة الأعمال وعدم تحقيقها لربحية .. والى نقل الخدمات التي تقدمها الدولة إلى القطاع الخاص .. ووضع الرجل قوانين تحدد تداخلات الدولة والقطاع الخاص .. وهدف بذلك إلى خلق تعاون بين الموظف العام والقطاع الخاص الذي يدفع الضرائب التي يدفع منها رواتب موظفي الدولة .
فلنبدأ بخطوة ..
قد يبدو الأمر مستحيلاً من وجهة نظر البعض .. ففلسطين تقبع تحت الحصار .. والمنافذ جميعها مغلقة .. ولا يمكن بأي حال من الأحوال حدوث تنمية .. وقد يقول قائل : لا تشابه بين ماليزيا وفلسطين .. على اعتبار وجود احتلال .. لكن لم يكن هناك تشابه قبل ثلاثين عامًا بين ماليزيا الفقيرة واليابان الدولة الصناعية الكبرى !!
أعتقد أننا لسنا بحاجة للمقارنة بهذا الشكل .. بقدر ما نحن بأمس الحاجة لإيجاد حلول والتفاؤل ومحاولة الاستفادة من أي تجربة ناجحة .. كما أعتقد أن التجربة الماليزية بها الكثير من المعاني والأفكار التي يمكن أن نستفيد منها .. فالإرادة السياسية موجودة .. وهي بيت القصيد .. وعلى الحكومة .. ومخططوا التنمية في فلسطين إقامة مؤتمرات وورش عمل تتحدث عن هذه التجربة الفريدة .. باعتبارها من النماذج الشرقية الناجحة .. وعلى المفكرين والكتاب إدارة البوصلة نحو هذه التجربة .. يدرسونها بعمق .. ويقدموا توصياتهم ..
لنبدأ خطوة إلى الأمام في هذا الموضوع .. فقد سئل مهاتير محمد عن توقعاته للنجاح فقال : " لم أعلم كم سيستغرق من الوقت .. أنا فوجئت شخصيا بأن الأمر استغرق وقتا قصيرا كهذا .. ولكن الحقيقة تبقى سواء استغرقت وقتا طويلا أم قصيرا عليك أن تبدأ وكما يقال خطوة الألف ميل .. رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ."
التجربة الماليزية .. رحلة الألف ميل يبدأ بخطوة ..
تعتبر التجربة الماليزية من التجارب الناجحة القليلة التي يجب النظر لها بعمق .. ودراستها بشكل مستفيض .. لعلنا نجد ما يمكن أن نستفيد منه .. ونطبقه على أرض الواقع .. وقد قمت باستطلاع هذه التجربة بشكل مفصل خلال الأيام القليلة الماضية واضعًا نصب عيني هدفًا يقودنا نحو مزيد من الدراسة من ذوي الاختصاص وإمكانية ابتكار حلول لواقعنا الفلسطيني لاسيما في ظل حالة الحصار والاختناق الذي نعيش ..
فمن هو صاحب هذه التجربة الناجحة ؟ وما هي أسرار الوصفة الماليزية للتنمية .. ؟
صاحب هذه التجربة هو مهاتير محمد الذي يتمتع حسب أغلب الرؤى المحايدة بكاريزما قيادية وسحر شخصي مما جعله شخصية جماهيرية ذات ثقل فكري مرموق ليس في ماليزيا وحدها وإنما على مستوى جنوب شرق آسيا والعالم الإسلامي .. وفي وصف مهاتير راح البعض يؤكد أنه يتمتع بقوة شخصيته ونظرة سياسية ثاقبة .. وأنه لم يعرف عنه استغلال نفوذه في تنامي الثروة الشخصية أو فرش الطريق بالذهب للأقارب والمحاسيب .. كما نجح في تحاشي التحول إلى رمز لعبادة الفرد وهي الظاهرة التي دمرت الكثير من القادة المسلمين .. إضافة إلى اعتباره أنموذجاً للقادة المسلمين الذين تجاوزوا مجرد مباشرة الشؤون اليومية إلى تطوير رؤية سياسية إستراتيجية. . أما أسرار الوصفة الماليزية للتنمية فهي :
أولاً : الإرادة السياسية :
وهى بيت القصيد في التجربة الماليزية فما كان يمكن أن تتحقق هذه النهضة إلا بوجود رغبة وإرادة سياسية واضحة تحكم القيادة ويكتسبها الشعب. فمن يذهب إلي ماليزيا سيتردد أمام بصره وسمعه كثيرا رقم 2020 وهو يرمز إلي الخطة التي أعدها مهاتير محمد رئيس الوزراء عندما تولى الحكم سنة 1981 والتي تقوم علي فكرة أن تصبح ماليزيا في العام 2020 دولة مكتملة البنيان الصناعي .. وهو ما تحقق معظمه .. ويمكن تلخيص هذه الإرادة في جملة قالها مهاتير : " أيها الماليزي ارفع رأسك ناظرا للمستقبل "
ثانيًا : تطوير مفهوم التنمية :
ظل مفهوم التنمية مرادفًا لمعنى النمو .. وظل هذا المعنى محصورًا في البعد الاقتصادي طيلة الخمسينيات والستينيات .. وشطرًا من السبعينيات. ولكن خبرة تلك المرحلة التي تصل إلى ربع قرن كشفت عن أن التخلف لا يرجع فقط إلى قلة الأموال المطلوبة للاستثمار .. وإنما يرجع إلى عوامل أخرى مهمة تتلخص في جملة من العوائق الهيكلية والمؤسسية المحلية وعوامل خارجية تتعلق بنمط العلاقات الدولية التي تربط البلدان النامية بالبلدان المتقدمة .. والأهم من ذلك هو أن خبرة تلك المرحلة .. كشفت عن أن هناك جوانب غير اقتصادية مهمة جدا في عملية التنمية .. وفي مقدمتها الجانب الاجتماعي المرتبط بعدالة التوزيع .. والجانب السياسي المرتبط بالحريات وديمقراطية نظام الحكم .. والجانب الثقافي ومنظومة القيم والمبادئ السائدة في المجتمع.
هذا هو معنى التنمية الذي جاءت في سياقه التجربة الماليزية .. ليس فقط .. وإنما تعين عليها أن تعمل في ظروف أزمة طاحنة للتنمية على مستوى العالم في الثمانينيات .. وخاصة في الدول الصناعية .. وأضحى العالم المتقدم أقل رفقًا بالشعوب النامية وأكثر ظلمًا لها .. ومن ثم كان على مخططي هذا النموذج الماليزي أن يسعوا إلى تحقيق إنجازات ملموسة على أكثر من جبهة حتى يمكن قهر الفقر وبناء الإنسان الجديد .
ثالثًا : سياسة النظر شرقًا :
أعلنت ماليزيا سياسة " النظر شرقًا " في 1981 وامتد العمل بها إلى 1991 .. ويتضمن عنوان السياسة إشارة ذات دلالة في الانتماء إلى أسراب الإوز الطائرة .. وهدفت تلك السياسة تشجيع الماليزيين على الاقتداء والتعلم من التجربة اليابانية .. مثل : أخلاقيات العمل والمنهجية الصناعية والتطور التقني والأداء الاقتصادي المميز ..
ولم تكن عملية الأخذ بالتجربة اليابانية تقليدًا محضًا بل اختيارًا وانتقاءً لما يناسب ماليزيا ووضع ذلك في إطاره الصحيح .. خاصة أن ماليزيا بلد متعدد الأعراق والأديان.
رابعًا : الاهتمام بالقطاع الخاص :
انتهج مهاتير محمد سياسة الخصخصة والسوق الحر .. ودفع الديون الخارجية وأوقف الاستدانة .. وقرر تخصيص القطاع العام وأوقف التعيين في الدولة موضحاً أن الإنسان لن يصبح مليونيراً بالتحاقه بالقطاع العام إلا إذا كان يخلق المليونيرات .. وهدف بذلك إلى حل إشكال توسط الدولة في إدارة الأعمال وعدم تحقيقها لربحية .. والى نقل الخدمات التي تقدمها الدولة إلى القطاع الخاص .. ووضع الرجل قوانين تحدد تداخلات الدولة والقطاع الخاص .. وهدف بذلك إلى خلق تعاون بين الموظف العام والقطاع الخاص الذي يدفع الضرائب التي يدفع منها رواتب موظفي الدولة .
فلنبدأ بخطوة ..
قد يبدو الأمر مستحيلاً من وجهة نظر البعض .. ففلسطين تقبع تحت الحصار .. والمنافذ جميعها مغلقة .. ولا يمكن بأي حال من الأحوال حدوث تنمية .. وقد يقول قائل : لا تشابه بين ماليزيا وفلسطين .. على اعتبار وجود احتلال .. لكن لم يكن هناك تشابه قبل ثلاثين عامًا بين ماليزيا الفقيرة واليابان الدولة الصناعية الكبرى !!
أعتقد أننا لسنا بحاجة للمقارنة بهذا الشكل .. بقدر ما نحن بأمس الحاجة لإيجاد حلول والتفاؤل ومحاولة الاستفادة من أي تجربة ناجحة .. كما أعتقد أن التجربة الماليزية بها الكثير من المعاني والأفكار التي يمكن أن نستفيد منها .. فالإرادة السياسية موجودة .. وهي بيت القصيد .. وعلى الحكومة .. ومخططوا التنمية في فلسطين إقامة مؤتمرات وورش عمل تتحدث عن هذه التجربة الفريدة .. باعتبارها من النماذج الشرقية الناجحة .. وعلى المفكرين والكتاب إدارة البوصلة نحو هذه التجربة .. يدرسونها بعمق .. ويقدموا توصياتهم ..
لنبدأ خطوة إلى الأمام في هذا الموضوع .. فقد سئل مهاتير محمد عن توقعاته للنجاح فقال : " لم أعلم كم سيستغرق من الوقت .. أنا فوجئت شخصيا بأن الأمر استغرق وقتا قصيرا كهذا .. ولكن الحقيقة تبقى سواء استغرقت وقتا طويلا أم قصيرا عليك أن تبدأ وكما يقال خطوة الألف ميل .. رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ."