القدس في السياسه الامريكيه
مرسل: الجمعة مايو 04, 2012 8:49 pm
التحول الفاجع في السياسة الامريكية تجاه القدس يحمل في طياته مدى خضوع السياسةالامريكية للنزعات الصهيونية. فالادارة الامريكية على مدى عقود طويلة كانت تنتهجموقفا واضحا يؤيد قرارات الشرعية الدولية التي شاركت امريكا في صياغتها والتصويتلصالحها وفي مقدمة ذلك قرار (181) الذي بموجبه تكون القدس كيانا منفصلا (Corpus Saparatum) تقع بين الدولتين العربية واليهودية وتخضع لنظام دولي خاص وتدار من قبلالامم المتحدة وبواسطة مجلس وصاية يقام لهذا الهدف. وهذا القرار لم يلغ ولم يعدل فيالامم المتحدة حتى الآن.
وقد شاركت امريكا من خلالموافقتها على قرار الجمعية العامة رقم 194 بتاريخ 11/12/1948 بالتأكيد على مبدأتدويل القدس وبأن تكون لها مكانة خاصة منفصلة عن بقية فلسطين، وان توضع تحت سلطةالامم المتحدة الفعلية.
وقد عبر عن ذلكالموقف الامريكي، بعد عدوان حزيران واحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس من قبلاسرائيل، مندوب الولايات المتحدة الدائم في الامم المتحدة السيد آرثر جولدبرغ وذلكفي 14/7/1967، حيث جاء في خطابه في الجمعية العمومية لتوضيح التصويت حول القدس مايلي:
(بالنسبة للاجراءات المحددة التي اتخذتهاحكومة اسرائيل في 28/6 احب ان اوضح ان الولايات المتحدة لا تقبل ولا تعترف بهذهالاجراءات التي تمس بوضع القدس. وان حكومتي لا تعترف بان الاجراءات الادارية التياتخذتها الحكومة الاسرائيلية في 28 حزيران يمكن اعتبارها الفصل في الموضوع، ونحننأسف لاتخاذ هذه الاجراءات واننا نصر على ان الاجراءات المتخذة لا يمكن اعتبارهاسوى اجراءات مؤقتة ولا تفرض حكما مسبقا على الوضع النهائيللقدس).
وعندما طرحت قضية القدس على طاولة المفاوضات في كامب ديفيد كانرد الرئيس كارتر على رسالة السادات على الشكل التالي: (لقد تسلمت رسالتكم المؤرخة 17 ايلول 1967 والتي تحدد الموقف المصيري من القدس. وقد حولت نسخة تلك الرسالة إلىرئيس الوزراء بيغن لاطلاعه.
ان موقف الولايات المتحدة من القدس ينص كماعرضه السفير جولدبرغ في الجمعية العامة للامم المتحدة بتاريخ 14/7/1967، ولاحقا منخلال السفير يوست في مجلس الامن للامم المتحدة بتاريخ 1/7/1969).
وقدكان عرض السفير جولدبرغ كما اشرنا اليه سابقا. اما ما جاء على لسان السفير يوست فيمجلس الامن فقد كان كما يلي:
(ان حكومتي تشعر بالاسف لسلسلة النشاطات،وانها قد اطلعت حكومة اسرائيل في مناسبات عدة منذ حزيران 1967 على موقفها، ونحن قدرفضنا بشكل ثابت تلك الاجراءات بأنها تشكل شيئا اكثر من تصرف مؤقت ولا نقبلها كمؤثرعلى الوضع النهائي لمدينة القدس).
وقد اشتملت رسالة الضمانات الموجهةللجانب الفلسطيني قبل انعقاد مؤتمر مدريد على موقف امريكي من القدس ينص كمايلي:
(ان الولايات المتحدة تعارض ضم اسرائيل للقدس الشرقية. وبسطالقانون الاسرائيلي عليها وكذلك توسيع الحدود البلدية للقدس. اننا نشجع جميعالاطراف على تجنب الاعمال احادية الجانب والتي من شأنها تأجيج التوتر والتي تجعلالمفاوضات اكثر صعوبة وتجهض نتائجها النهائية) كما اكدت رسالة الضمانات على حقالجانب الفلسطيني بطرح اية قضية على طاولة المفاوضات بما في ذلك قضية القدسالشرقية.
من الواضح ان السياسة الامريكية تجاه القدس قد مرت في ثلاثةمراحل. كانت الاولى منذ عام 1947 واستمرت حتى العام 1950، حيث كانت تتمسك بوحدةالمدينة وتدويلها. ولكنها مع التغيرات التي فرضت امرا واقعا قسم المدينة إلى شطرشرقي تحت سيطرة الاردن وشطر غربي تحت سيطرة اسرائيل، اعترفت الولايات المتحدة بانالامم المتحدة غير مؤهلة لادارة المدينة وتدويلها.
وبدأت المرحلةالثانية في السياسة الامريكية تجاه القدس انطلاقا من تمسكها بقرار وحدة المدينةوممارستها على اساس انها مقسمة. فقد بدأت معظم دول العالم تتعامل مع الامر الواقع. ولكن امريكا ظلت تعلن عن موقفها الذي يرفض الاعتراف بالسيادة للاردن على الشطرالشرقي من القدس، وكذلك يرفض الاعتراف بالسيادة لاسرائيل على الشطر الغربي. وقدعينت من هذا المنطلق قنصلا عاما في القدس يعمل لتكريس وحدة المدينة ومن خلال مكتبفي كل من شطري المدينة. وقد استمر هذا الوضع حتى عام 1967 حيث بدأت المرحلةالثالثة. وهي مرحلة لا تزال مستمرة وهي تتميز بالقرارات المتضاربة وحتى المتناقضة،حيث ان السياسة العليا تجاه القدس كانت تتغير من رئيس إلى آخر. وقد اضيف إلى دورالرئاسة في صناعة السياسة الخارجية تدخلات الكونغرس الذي سمح لنفسه بالتدخل في شؤونالقدس فاصدر قرارات بشأنها. واصبحت المعادلة المركزية للسياسة الامريكية تجاه القدستتلخص بان الوضع النهائي لمدينة القدس لا بد من التوصل اليه من خلال التفاوض ولكنلا بد للمدينة ان تبقى موحدة.
لقد رفضت ادارة جونسون الاقرار بان القدسالشرقية ارض محتلة. وقد عارضت بذلك قرار الامم المتحدة الذي اعتبرها كيانا دوليامنفصلا. وقد ميزت ادارة كلينتون بين المدينة بشكل عام والاماكن المقدسة فيها بشكلخاص. واعتبرت الادارة ان هذه الاماكن هي بذاتها قضية وشأن دولي. وهذا الموقف منادارة جونسون اضفى نوعا من الشرعية على الادارة الاسرائيلية من وجهة النظرالامريكية.
وكان موقف الرئيس ريغان مؤكدا على موقف جونسون الرافضلاعتبار القدس ارضاً محتلة. وقد زاد على ذلك باضفاء الشرعية على الاستيطانالاسرائيلي داخل القدس عندما احجم عن ادانة الاستيطان الاسرائيلي داخلالمدينة.
على عكس ريغان وجونسون كان موقف الرئيس نكسون الذي وصف القدسالشرقية كأرض محتلة وقد رفضت ادارة الرئيس بوش البناء داخل المدينة. وقد عبر السفيرالامريكي في الامم المتحدة سكرانتون في عهد الرئيس فورد على (ان الاستيطان المدنيالاسرائيلي في المناطق المحتلة بما فيها القدس هو امر غير شرعي حسب ميثاقجنيف).
في عهد الرئيس كارتر وضعت القدس كقضية على طاولة المفاوضات منخلال الرئيس السادات، ولكن بيغن رفض بشكل قاطع ان يتم أي نوع من التفاوض حول قضيةالقدس. ورفض مجرد تبادل الرسائل التي تحتوي على اعتراف امريكي بان القدس ارض محتلة. لقد حاول الرئيس كارتر تمرير نص ضمن الوثائق الرسمية بناء على رغبة السادات يشيرإلى ان القدس ارض محتلة، ونتيجة لرفض بيغن تم الاكتفاء بالصيغة التي اشرنا اليهااعلاه وهي التأكيد على موقف السفيرين في الامم المتحدة.
كانت الرسالةالتي من المقرر ان يوجهها الرئيس كارتر للسادات (تؤكد الموقف الرسمي المبني علىتصريح السفيرين، هو ما يؤكد ان الموقف الرسمي للولايات المتحدة يرى ان القدسالشرقية لا بد ان تعتبر ارضا محتلة استنادا إلى قرارات مؤتمر جنيف عام 1947 وانوضعها النهائي يتقرر من خلال المفاوضات) هذه الصيغة رفضها بيغن بشكل قاطع فشطبت منالوثائق.
عندما صوتت ادارة كارتر إلى جانب القرار 465 في الاول من آذار 1980 اثار ذلك زوبعة كبرى في الولايات المتحدة دفع البيت الابيض إلى التراجع عنالتصويت. لقد جاء في نص القرار ما يلي:
(ان القرار يدعو اسرائيل إلىتفكيك المستوطنات القائمة وبشكل خاص التوقف بشكل عاجل عن انشاء أو بناء أو التخطيطللاستيطان في الاراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس). كان هذا هوالنص الاول من نوعه الذي يشير إلى ان الاراضي المحتلة (عربية) وكذلك إلى اعتبارالقدس جزء لا يتجزأ من الاراضي المحتلة.
وقد سارع البيت الابيض بعديومين من صدور القرار بالاعلان ان التصويت لصالح القرار وليس الامتناع قد نتج عنسوء الاتصالات، الامر الذي يستوجب الغاء كل ذكر للقدس. ولم يكتف الرئيس كارترباعلان البيت الابيض حول التصويت على القرار 465. ففي مؤتمره الصحفي في (14) آذار 1980 قال الرئيس كارتر (ان قرار مجلس الامن بالشكل الذي تم اقراره. لم يكن متوافقامع السياسة التي وضعتها. فهذا القرار في مجلس الامن قد انتهك مبدأين هامين واساسيينحول القدس والاستيطان في المناطق. لقد كان القرار انتهاكا لسياستي). وقد تم اعتمادسياسة عهد كارتر تجاه القدس على الشكل التالي:
(اننا نؤمن بقوة على انالقدس يجب ان تبقى موحدة مع حرية الوصول إلى الاماكن المقدسة لجميع الديانات وانوضعها سيتقرر من خلال المفاوضات من اجل السلام الشامل)
اما بالنسبةللرئيس كلينتون الذي وصل إلى البيت الابيض في ظل مسيرة سلام منطلقة من مؤتمر مدريد. ففي عهده تم كسر التابو الاسرائيلي الفلسطيني من خلال الاعتراف المتبادل واتفاقيةاوسلو، كان اول سؤال وجه له عشية تنصيبه يقول:
تحت اية ظروف (...) يمكنكاعتماد نقل لسفارة الولايات المتحدة من تل ابيب إلى القدس، كان جواب كلينتون كمايلي.
(انني اعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل. وان القدس يجب ان تبقى مدينةغير مقسمة. ولكنني اعتقد ان التوقيت هو القضية الحقيقية. ان نقل سفارتنا في الوقتالذي تتقدم فيه المفاوضات يمكن ان يعطل مسيرة السلام بطريقة قد تنسف الايجابياتالتي تتطلع إلى تحقيقها.
وقد جاء التوصل إلى اتفاقاوسلو بين م. ت. ف والحكومة الاسرائيلية بعيدا عن الوساطة الامريكية التي كانيقودها في واشنطن دينس روس ومارتن انديك. وقد اشتملت اتفاقية اوسلو على نصوص تفرضالنقاش والحوار والمفاوضات حول القدس. حيث تم تحديد مرحلتين خلال خمس سنوات،المرحلة الاولى الانتقالية ثم المرحلة النهائية وتشمل الدخول في المفاوضات حولالوضع النهائي بما لا يتجاوز بداية العام الثالث. وقد نصت اتفاقية اوسلو على اعتبارالقدس احد قضايا الوضع النهائي. كما تمت الاشارة اليها في الملحق الاول المتعلقبالانتخابات حيث نضمن ما يلي: (فلسطينيو القدس الذين يعيشون هناك لهم الحق فيالمشاركة في عملية الانتخابات حسب الاتفاقية بين الطرفين). كما وان الرسائلالجانبية المساندة للاتفاق تضمنت رسالة كان المفروض ان تبقى سرية ولا تنشر الاباتفاق الطرفين، وتحت ضغط المعارضة الاسرائيلية في الكنيست اضطر بيريز إلى الاعترافبالوثيقة التي كانت رسالة موجهة من بيريز إلى هولست تتضمن الموقف من القدس وتنص كمايلي: (اود ان اؤكد ان المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية والمصالح الفلسطينيةبالقدس الشرقية هي ذات اهمية قصوى ويجب ان تصان. وبناء عليه فان جميع المؤسساتالفلسطينية في القدس الشرقية والتي تشمل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتربيةوالثقافة والاماكن المقدسة المسيحية والاسلامية تشكل عملا اساسيا بالنسبة للشعبالفلسطيني.
ومن نافل القول الاشارة بـأننا لن نعطل هذه النشاطات ولكنعلى العكس فان تنفيذ هذه المهمة الهامة يجب تشجيعه).
لقد تميزت سياسةكلينتون بتقاطعها الاشد مع الكيان الصهيوني على الرغم من قيامها بدور الوسيط. وعلىالرغم من بعض العواطف التي اظهرها كلينتون تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الشرعية الاانه لم يصل إلى الاعتراف لهذا الشعب بحقه في تقرير مصيره. وتلعب الادارة الصهيونيةفي البيت الابيض دورها في صياغة القرار المركزي المتعلق بالقدس. وقد كان اكثرالمواقف وضوحا ما جرى مؤخرا في كامب ديفيد. لقد حاول الرئيس كلينتون ممارسة الضغوطالاكثر قسوة. على الاخ ابو عمار والوفد المفاوض خلال مباحثات كامب ديفيد الثانية،وكان معظم الضغط ينصب حول موضوع القدس التي كانت بالنسبة للاخ ابو عمار نقطة غيرقابلة للاجتهاد بالنسبة للموقف الفلسطيني والعربي. فهي ارض محتلة ولا بد منالانسحاب منها وعودتها للسيادة الفلسطينية وخاصة الاماكن المقدسة دون مشاركة أواقتسام وظيفي مع الكيان الصهيوني. لا يزال الموقف الامريكي يمارس الضغوط، ويهددبنقل السفارة الاميركية إلى القدس وهو بذلك يعلن انتهاء دوره كوسيط ولا يزال الموقفالفلسطيني يقاوم. وسيبقى صامدا حتى تعود القدس حرة عربية وعاصمة ابدية للدولةالفلسطينية باذن الله تعالى
وقد شاركت امريكا من خلالموافقتها على قرار الجمعية العامة رقم 194 بتاريخ 11/12/1948 بالتأكيد على مبدأتدويل القدس وبأن تكون لها مكانة خاصة منفصلة عن بقية فلسطين، وان توضع تحت سلطةالامم المتحدة الفعلية.
وقد عبر عن ذلكالموقف الامريكي، بعد عدوان حزيران واحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس من قبلاسرائيل، مندوب الولايات المتحدة الدائم في الامم المتحدة السيد آرثر جولدبرغ وذلكفي 14/7/1967، حيث جاء في خطابه في الجمعية العمومية لتوضيح التصويت حول القدس مايلي:
(بالنسبة للاجراءات المحددة التي اتخذتهاحكومة اسرائيل في 28/6 احب ان اوضح ان الولايات المتحدة لا تقبل ولا تعترف بهذهالاجراءات التي تمس بوضع القدس. وان حكومتي لا تعترف بان الاجراءات الادارية التياتخذتها الحكومة الاسرائيلية في 28 حزيران يمكن اعتبارها الفصل في الموضوع، ونحننأسف لاتخاذ هذه الاجراءات واننا نصر على ان الاجراءات المتخذة لا يمكن اعتبارهاسوى اجراءات مؤقتة ولا تفرض حكما مسبقا على الوضع النهائيللقدس).
وعندما طرحت قضية القدس على طاولة المفاوضات في كامب ديفيد كانرد الرئيس كارتر على رسالة السادات على الشكل التالي: (لقد تسلمت رسالتكم المؤرخة 17 ايلول 1967 والتي تحدد الموقف المصيري من القدس. وقد حولت نسخة تلك الرسالة إلىرئيس الوزراء بيغن لاطلاعه.
ان موقف الولايات المتحدة من القدس ينص كماعرضه السفير جولدبرغ في الجمعية العامة للامم المتحدة بتاريخ 14/7/1967، ولاحقا منخلال السفير يوست في مجلس الامن للامم المتحدة بتاريخ 1/7/1969).
وقدكان عرض السفير جولدبرغ كما اشرنا اليه سابقا. اما ما جاء على لسان السفير يوست فيمجلس الامن فقد كان كما يلي:
(ان حكومتي تشعر بالاسف لسلسلة النشاطات،وانها قد اطلعت حكومة اسرائيل في مناسبات عدة منذ حزيران 1967 على موقفها، ونحن قدرفضنا بشكل ثابت تلك الاجراءات بأنها تشكل شيئا اكثر من تصرف مؤقت ولا نقبلها كمؤثرعلى الوضع النهائي لمدينة القدس).
وقد اشتملت رسالة الضمانات الموجهةللجانب الفلسطيني قبل انعقاد مؤتمر مدريد على موقف امريكي من القدس ينص كمايلي:
(ان الولايات المتحدة تعارض ضم اسرائيل للقدس الشرقية. وبسطالقانون الاسرائيلي عليها وكذلك توسيع الحدود البلدية للقدس. اننا نشجع جميعالاطراف على تجنب الاعمال احادية الجانب والتي من شأنها تأجيج التوتر والتي تجعلالمفاوضات اكثر صعوبة وتجهض نتائجها النهائية) كما اكدت رسالة الضمانات على حقالجانب الفلسطيني بطرح اية قضية على طاولة المفاوضات بما في ذلك قضية القدسالشرقية.
من الواضح ان السياسة الامريكية تجاه القدس قد مرت في ثلاثةمراحل. كانت الاولى منذ عام 1947 واستمرت حتى العام 1950، حيث كانت تتمسك بوحدةالمدينة وتدويلها. ولكنها مع التغيرات التي فرضت امرا واقعا قسم المدينة إلى شطرشرقي تحت سيطرة الاردن وشطر غربي تحت سيطرة اسرائيل، اعترفت الولايات المتحدة بانالامم المتحدة غير مؤهلة لادارة المدينة وتدويلها.
وبدأت المرحلةالثانية في السياسة الامريكية تجاه القدس انطلاقا من تمسكها بقرار وحدة المدينةوممارستها على اساس انها مقسمة. فقد بدأت معظم دول العالم تتعامل مع الامر الواقع. ولكن امريكا ظلت تعلن عن موقفها الذي يرفض الاعتراف بالسيادة للاردن على الشطرالشرقي من القدس، وكذلك يرفض الاعتراف بالسيادة لاسرائيل على الشطر الغربي. وقدعينت من هذا المنطلق قنصلا عاما في القدس يعمل لتكريس وحدة المدينة ومن خلال مكتبفي كل من شطري المدينة. وقد استمر هذا الوضع حتى عام 1967 حيث بدأت المرحلةالثالثة. وهي مرحلة لا تزال مستمرة وهي تتميز بالقرارات المتضاربة وحتى المتناقضة،حيث ان السياسة العليا تجاه القدس كانت تتغير من رئيس إلى آخر. وقد اضيف إلى دورالرئاسة في صناعة السياسة الخارجية تدخلات الكونغرس الذي سمح لنفسه بالتدخل في شؤونالقدس فاصدر قرارات بشأنها. واصبحت المعادلة المركزية للسياسة الامريكية تجاه القدستتلخص بان الوضع النهائي لمدينة القدس لا بد من التوصل اليه من خلال التفاوض ولكنلا بد للمدينة ان تبقى موحدة.
لقد رفضت ادارة جونسون الاقرار بان القدسالشرقية ارض محتلة. وقد عارضت بذلك قرار الامم المتحدة الذي اعتبرها كيانا دوليامنفصلا. وقد ميزت ادارة كلينتون بين المدينة بشكل عام والاماكن المقدسة فيها بشكلخاص. واعتبرت الادارة ان هذه الاماكن هي بذاتها قضية وشأن دولي. وهذا الموقف منادارة جونسون اضفى نوعا من الشرعية على الادارة الاسرائيلية من وجهة النظرالامريكية.
وكان موقف الرئيس ريغان مؤكدا على موقف جونسون الرافضلاعتبار القدس ارضاً محتلة. وقد زاد على ذلك باضفاء الشرعية على الاستيطانالاسرائيلي داخل القدس عندما احجم عن ادانة الاستيطان الاسرائيلي داخلالمدينة.
على عكس ريغان وجونسون كان موقف الرئيس نكسون الذي وصف القدسالشرقية كأرض محتلة وقد رفضت ادارة الرئيس بوش البناء داخل المدينة. وقد عبر السفيرالامريكي في الامم المتحدة سكرانتون في عهد الرئيس فورد على (ان الاستيطان المدنيالاسرائيلي في المناطق المحتلة بما فيها القدس هو امر غير شرعي حسب ميثاقجنيف).
في عهد الرئيس كارتر وضعت القدس كقضية على طاولة المفاوضات منخلال الرئيس السادات، ولكن بيغن رفض بشكل قاطع ان يتم أي نوع من التفاوض حول قضيةالقدس. ورفض مجرد تبادل الرسائل التي تحتوي على اعتراف امريكي بان القدس ارض محتلة. لقد حاول الرئيس كارتر تمرير نص ضمن الوثائق الرسمية بناء على رغبة السادات يشيرإلى ان القدس ارض محتلة، ونتيجة لرفض بيغن تم الاكتفاء بالصيغة التي اشرنا اليهااعلاه وهي التأكيد على موقف السفيرين في الامم المتحدة.
كانت الرسالةالتي من المقرر ان يوجهها الرئيس كارتر للسادات (تؤكد الموقف الرسمي المبني علىتصريح السفيرين، هو ما يؤكد ان الموقف الرسمي للولايات المتحدة يرى ان القدسالشرقية لا بد ان تعتبر ارضا محتلة استنادا إلى قرارات مؤتمر جنيف عام 1947 وانوضعها النهائي يتقرر من خلال المفاوضات) هذه الصيغة رفضها بيغن بشكل قاطع فشطبت منالوثائق.
عندما صوتت ادارة كارتر إلى جانب القرار 465 في الاول من آذار 1980 اثار ذلك زوبعة كبرى في الولايات المتحدة دفع البيت الابيض إلى التراجع عنالتصويت. لقد جاء في نص القرار ما يلي:
(ان القرار يدعو اسرائيل إلىتفكيك المستوطنات القائمة وبشكل خاص التوقف بشكل عاجل عن انشاء أو بناء أو التخطيطللاستيطان في الاراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس). كان هذا هوالنص الاول من نوعه الذي يشير إلى ان الاراضي المحتلة (عربية) وكذلك إلى اعتبارالقدس جزء لا يتجزأ من الاراضي المحتلة.
وقد سارع البيت الابيض بعديومين من صدور القرار بالاعلان ان التصويت لصالح القرار وليس الامتناع قد نتج عنسوء الاتصالات، الامر الذي يستوجب الغاء كل ذكر للقدس. ولم يكتف الرئيس كارترباعلان البيت الابيض حول التصويت على القرار 465. ففي مؤتمره الصحفي في (14) آذار 1980 قال الرئيس كارتر (ان قرار مجلس الامن بالشكل الذي تم اقراره. لم يكن متوافقامع السياسة التي وضعتها. فهذا القرار في مجلس الامن قد انتهك مبدأين هامين واساسيينحول القدس والاستيطان في المناطق. لقد كان القرار انتهاكا لسياستي). وقد تم اعتمادسياسة عهد كارتر تجاه القدس على الشكل التالي:
(اننا نؤمن بقوة على انالقدس يجب ان تبقى موحدة مع حرية الوصول إلى الاماكن المقدسة لجميع الديانات وانوضعها سيتقرر من خلال المفاوضات من اجل السلام الشامل)
اما بالنسبةللرئيس كلينتون الذي وصل إلى البيت الابيض في ظل مسيرة سلام منطلقة من مؤتمر مدريد. ففي عهده تم كسر التابو الاسرائيلي الفلسطيني من خلال الاعتراف المتبادل واتفاقيةاوسلو، كان اول سؤال وجه له عشية تنصيبه يقول:
تحت اية ظروف (...) يمكنكاعتماد نقل لسفارة الولايات المتحدة من تل ابيب إلى القدس، كان جواب كلينتون كمايلي.
(انني اعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل. وان القدس يجب ان تبقى مدينةغير مقسمة. ولكنني اعتقد ان التوقيت هو القضية الحقيقية. ان نقل سفارتنا في الوقتالذي تتقدم فيه المفاوضات يمكن ان يعطل مسيرة السلام بطريقة قد تنسف الايجابياتالتي تتطلع إلى تحقيقها.
وقد جاء التوصل إلى اتفاقاوسلو بين م. ت. ف والحكومة الاسرائيلية بعيدا عن الوساطة الامريكية التي كانيقودها في واشنطن دينس روس ومارتن انديك. وقد اشتملت اتفاقية اوسلو على نصوص تفرضالنقاش والحوار والمفاوضات حول القدس. حيث تم تحديد مرحلتين خلال خمس سنوات،المرحلة الاولى الانتقالية ثم المرحلة النهائية وتشمل الدخول في المفاوضات حولالوضع النهائي بما لا يتجاوز بداية العام الثالث. وقد نصت اتفاقية اوسلو على اعتبارالقدس احد قضايا الوضع النهائي. كما تمت الاشارة اليها في الملحق الاول المتعلقبالانتخابات حيث نضمن ما يلي: (فلسطينيو القدس الذين يعيشون هناك لهم الحق فيالمشاركة في عملية الانتخابات حسب الاتفاقية بين الطرفين). كما وان الرسائلالجانبية المساندة للاتفاق تضمنت رسالة كان المفروض ان تبقى سرية ولا تنشر الاباتفاق الطرفين، وتحت ضغط المعارضة الاسرائيلية في الكنيست اضطر بيريز إلى الاعترافبالوثيقة التي كانت رسالة موجهة من بيريز إلى هولست تتضمن الموقف من القدس وتنص كمايلي: (اود ان اؤكد ان المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية والمصالح الفلسطينيةبالقدس الشرقية هي ذات اهمية قصوى ويجب ان تصان. وبناء عليه فان جميع المؤسساتالفلسطينية في القدس الشرقية والتي تشمل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتربيةوالثقافة والاماكن المقدسة المسيحية والاسلامية تشكل عملا اساسيا بالنسبة للشعبالفلسطيني.
ومن نافل القول الاشارة بـأننا لن نعطل هذه النشاطات ولكنعلى العكس فان تنفيذ هذه المهمة الهامة يجب تشجيعه).
لقد تميزت سياسةكلينتون بتقاطعها الاشد مع الكيان الصهيوني على الرغم من قيامها بدور الوسيط. وعلىالرغم من بعض العواطف التي اظهرها كلينتون تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الشرعية الاانه لم يصل إلى الاعتراف لهذا الشعب بحقه في تقرير مصيره. وتلعب الادارة الصهيونيةفي البيت الابيض دورها في صياغة القرار المركزي المتعلق بالقدس. وقد كان اكثرالمواقف وضوحا ما جرى مؤخرا في كامب ديفيد. لقد حاول الرئيس كلينتون ممارسة الضغوطالاكثر قسوة. على الاخ ابو عمار والوفد المفاوض خلال مباحثات كامب ديفيد الثانية،وكان معظم الضغط ينصب حول موضوع القدس التي كانت بالنسبة للاخ ابو عمار نقطة غيرقابلة للاجتهاد بالنسبة للموقف الفلسطيني والعربي. فهي ارض محتلة ولا بد منالانسحاب منها وعودتها للسيادة الفلسطينية وخاصة الاماكن المقدسة دون مشاركة أواقتسام وظيفي مع الكيان الصهيوني. لا يزال الموقف الامريكي يمارس الضغوط، ويهددبنقل السفارة الاميركية إلى القدس وهو بذلك يعلن انتهاء دوره كوسيط ولا يزال الموقفالفلسطيني يقاوم. وسيبقى صامدا حتى تعود القدس حرة عربية وعاصمة ابدية للدولةالفلسطينية باذن الله تعالى