صفحة 1 من 1

قصة اصحاب الاخدود -ساس 230

مرسل: السبت مايو 05, 2012 12:01 am
بواسطة فايز المحيسن
قصة أصحاب الْأُخْدُودِ

الآيات : 4-9 من سورة البروج
قال تعالى: { قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ(4)النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ(5)إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ(6)وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود(7)وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِالْحَمِيد(8)الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(9) } صدق الله العظيم

القصــــــة
إنها قصة فتى آمن، فصبر وثبت، فآمنت معه قريته.
لقد كان غلاما نبيها، ولم يكن قد آمن بعد. وكان يعيش في قرية ملكها كافر يدّعي الألوهية. وكان للملك ساحر يستعين به. وعندما تقدّم العمر بالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاما يعلّمه السحر ليحلّ محله بعد موته. فاختير هذا الغلام وأُرسل للساحر.

فكان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه، وفي طريقه كان يمرّ على راهب.فجلس معه مرة وأعجبه كلامه. فصار يجلس مع الراهب في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر. وكان الساحر يضربه إن لم يحضر. فشكى ذلك للراهب. فقال له الراهب: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.

وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسدّ طريق الناس. فقال الغلام في نفسه، اليوم أعلم أيهم أفضل، الساحر أم الراهب. ثم أخذ حجرا وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. ثم رمى الحيوان فقلته، ومضى الناس في طريقهم. فتوجه الغلام للراهب وأخبره بما حدث. فقال له الراهب: يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإذا ابتليت فلا تدلّ عليّ.

وكان الغلام بتوفيق من الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالج الناس من جميع الأمراض. فسمع به أحد جلساء الملك، وكان قد فَقَدَ بصره. فجمع هدايا كثرة وتوجه بها للغلام وقال له: أعطيك جميع هذه الهداية إن شفيتني.
فأجاب الغلام: أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك.
فآمن جليس الملك، فشفاه الله تعالى.

فذهب جليس الملك، وقعد بجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره. فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فأجاب الجليس بثقة المؤمن: ربّي. فغضب الملك
وقال: ولك ربّ غيري؟
فأجاب المؤمن دون تردد: ربّي وربّك الله.
فثار الملك، وأمر بتعذيبه. فلم يزالوا يعذّبونه حتى دلّ على الغلام.
أمر الملك بإحضار الغلام،
ثم قال له مخاطبا: يا بني، لقد بلغت من السحر مبلغا عظيما، حتى أصبحت تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل.
فقال الغلام: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى.
فأمر الملك بتعذيبه. فعذّبوه حتى دلّ على الراهب.
فأُحضر الراهب وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك. وجيء بمشار، ووضع على مفرق رأسه، ثم نُشِرَ فوقع نصفين. ثم أحضر جليس الملك،
وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى. فَفُعِلَ به كما فُعِلَ بالراهب. ثم جيء بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الغلام.
فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل، وتخييره هناك، فإما أن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل.

فأخذ الجنود الغلام، وصعدوا به الجبل،
فدعا الفتى ربه: اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتزّ الجبل وسقط الجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك.
فقال الملك: أين من كان معك؟
فأجاب: كفانيهم الله تعالى. فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به لوسط البحر، ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.

فذهبوا به، فدعى الغلام الله: اللهم اكفنيهم بما شئت.
فانقلبت بهم السفينة وغرق من كان عليها إلا الغلام.
ثم رجع إلى الملك.
فسأله الملك باستغراب: أين من كان معك؟ فأجاب الغلام المتوكل على الله: كفانيهم الله تعالى.
ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به.
فقال الملك: ما هو؟
فقال الفتى المؤمن: أن تجمع الناس في مكان واحد، وتصلبي على جذع، ثم تأخذ سهما من كنانتي، وتضع السهم في القوس، وتقول "بسم الله ربّ الغلام" ثم ارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.

استبشر الملك بهذا الأمر.
فأمر على الفور بجمع الناس، وصلب الفتى أمامهم. ثم أخذ سهما من كنانته، ووضع السهم في القوس،
وقال: باسم الله ربّ الغلام، ثم رماه فأصابه فقتله.
فصرخ الناس: آمنا بربّ الغلام.
فهرع أصحاب الملك إليه وقالوا: أرأيت ما كنت تخشاه! لقد وقع، لقد آمن الناس.
فأمر الملك بحفر شقّ في الأرض، وإشعال النار فيها. ثم أمر جنوده، بتخيير الناس، فإما الرجوع عن الإيمان، أو إلقائهم في النار.
ففعل الجنود ذلك، حتى جاء دور امرأة ومعها صبي لها، فخافت أن تُرمى في النار.
فألهم الله الصبي أن يقول لها: يا أمّاه اصبري فإنك على الحق.

مكيافللي ساس -101

مرسل: السبت مايو 05, 2012 12:07 am
بواسطة فايز المحيسن
ولد نيقولا مكيافللي كما هو معروف في فلورنسا عام 1469 من أسرة توسكانية عريقة، وشب في عهد الأمير المديتشي الذي أطلق عليه الفلورنسيون اسم لورنزو العظيم، والذي أعتبر عهده العصر الذهبي للنهضة الايطالية وكان لورنزو أديباً وشاعراً فشمل برعايته الفنانين والأدباء وأهل العلم وإليه يرجع الفضل في حفظ التوازن في القوى بين الوحدات الرئيسة الخمس للسلطات في إيطاليا،وهي مملكة نابولي والدولة البابوية في روما والبندقية وفلورنسا وميلان. لم يحصد مكيافللي طوال اربعة قرون منذ وفاته سوى اللعنات والشتائم التي أخذت تطارد ذكراه حتى أصبحت جزءاً من الأدب والسياسة في أوربا، إلا أن بلده (إيطاليا) الذي شهد الوحدة القومية في عام 1896م قرر ان يحتفل بذكرى ميلاده واعتبره بطلاً من ابطال الوحدة القومية الايطالية وان افكاره كانت سابقة للعصر الذي عاش فيه، على الرغم من ان روما قد أعلنت وضع كتاب الأمير على قائمة الكتب الممنوعة عام 1559م وقررت محاكم التفتيش احراق جميع كتب ميكافللي واقر مجمع ترنت الكنسي هذا القرار.
لقد سادت المفاهيم الأخلاقية والمثالية والمثل العليا عن الدولة وضرورة سعيها الى الخير العام قبل ظهور كتاب الأمير الذي يدعو الى التفريق بين الدراسة السياسية ودراسة الشؤون الاخلاقية ويرى عدم وجود رابط بينهما.
وكان خير من يمثل البعد الأخلاقي للدولة هو الفيلسوف اليوناني ارسطو الذي يقول: لما كانت الدولة كل الدولة تمثل نوعاً من المشاركة وكانت كل مشاركة تتم للوصول الى نفع وخير ـ اذ المفروض ان الخير نهاية كل عمل ـ فان الواضح بالنظر لكون الخير هدف جميع المشاركات، فان الخير الاسمى في ارفع مراتبه هو هدف تلك المشاركة السامية التي تضم كل ما عداها أو بكلمة أصح الدولة أو المشاركة السياسية.
يقول (و. ش. داننغ) في كتابه تاريخ النظريات السياسية (أن مؤلف الأمير مكيافللي كان مغايراً لنظام النظريات السياسية المألوف في عصره وقد ظل هذا المؤلف مغايراً للتيارات الجوهرية للفكر السياسي الحديث مدة ثلاثة قرون، وقد بدأ ميكافللي في التسلل للتيارات الحديثة في أواخر القرن الثامن عشر وغدا قريبا من السيطرة عليها في القرن التاسع عشر والعشرين.
ربما يكون مكيافللي قد صور الانسان عارياً من ملابسه واقنعته بغرائزه وجبروته كما هو لا كما اسبغت عليه الكتب السياسية والتاريخية وهذا الذي جعل الادب الأوربي يراه كما وصفه ماكولي الكاتب الانكليزي المشهور في مقال ضمته فكرة تقول ان الشيطان قد سمي (نيقولو العجوز) لان نيقولو هو الاسم الاول لميكافللي. وهذه اللعنة انتقلت الى مسرحيات وروايات الادب الاوربي، ففي أحدى أعمال شكسبير (زوجات وندسور المرحات) عندما أطلق على لسان احدى شخصياته قوله: ماذا أأنا مخادع.. أأمكيافللي؟
وكذلك في قول مارتسون في رواية بجماليون وكان أحد المكيافلليين الملعونين يحمل المصباح للشيطان برهة من الزمن.
ومما زاد الطين بلة سياسياً، ان موسوليني قد اختاره في أيام تلمذته موضوعاً لاطروحته التي قدمها للدكتوراه، وكان هتلر يضع الكتاب على مقربة من سريره فيقرأ فيه كل ليلة قبل ان ينام.
ويرى الكثير من نقاد مكيافللي في القرن العشرين انه كان الحديث الأول في ناحيتين على الاقل:
فمن الناحية السلبية لم يؤمن مكيافللي قط بالتقدم وقد توقف الكثيرون من الرجال المعاصرين عن الايمان بذلك.أما من الناحية الايجابية فقد امن بالقومية كما امن بالطريقة العلمية الى الحد الذي حمله على التخلص من الاراء والأفكار الغيبية.إلا أن أفكار مكيافللي لم يكن لها صدى فيما بعد في الولايات المتحدة الامريكية لانها تمجد القوة والسلطة الاحادية ولا تتكلم عن تحديد السلطات.