صفحة 1 من 1

مكيافللي ساس -101

مرسل: السبت مايو 05, 2012 12:14 am
بواسطة فايز المحيسن
ولد نيقولا مكيافللي كما هو معروف في فلورنسا عام 1469 من أسرة توسكانية عريقة، وشب في عهد الأمير المديتشي الذي أطلق عليه الفلورنسيون اسم لورنزو العظيم، والذي أعتبر عهده العصر الذهبي للنهضة الايطالية وكان لورنزو أديباً وشاعراً فشمل برعايته الفنانين والأدباء وأهل العلم وإليه يرجع الفضل في حفظ التوازن في القوى بين الوحدات الرئيسة الخمس للسلطات في إيطاليا،وهي مملكة نابولي والدولة البابوية في روما والبندقية وفلورنسا وميلان. لم يحصد مكيافللي طوال اربعة قرون منذ وفاته سوى اللعنات والشتائم التي أخذت تطارد ذكراه حتى أصبحت جزءاً من الأدب والسياسة في أوربا، إلا أن بلده (إيطاليا) الذي شهد الوحدة القومية في عام 1896م قرر ان يحتفل بذكرى ميلاده واعتبره بطلاً من ابطال الوحدة القومية الايطالية وان افكاره كانت سابقة للعصر الذي عاش فيه، على الرغم من ان روما قد أعلنت وضع كتاب الأمير على قائمة الكتب الممنوعة عام 1559م وقررت محاكم التفتيش احراق جميع كتب ميكافللي واقر مجمع ترنت الكنسي هذا القرار.
لقد سادت المفاهيم الأخلاقية والمثالية والمثل العليا عن الدولة وضرورة سعيها الى الخير العام قبل ظهور كتاب الأمير الذي يدعو الى التفريق بين الدراسة السياسية ودراسة الشؤون الاخلاقية ويرى عدم وجود رابط بينهما.
وكان خير من يمثل البعد الأخلاقي للدولة هو الفيلسوف اليوناني ارسطو الذي يقول: لما كانت الدولة كل الدولة تمثل نوعاً من المشاركة وكانت كل مشاركة تتم للوصول الى نفع وخير ـ اذ المفروض ان الخير نهاية كل عمل ـ فان الواضح بالنظر لكون الخير هدف جميع المشاركات، فان الخير الاسمى في ارفع مراتبه هو هدف تلك المشاركة السامية التي تضم كل ما عداها أو بكلمة أصح الدولة أو المشاركة السياسية.
يقول (و. ش. داننغ) في كتابه تاريخ النظريات السياسية (أن مؤلف الأمير مكيافللي كان مغايراً لنظام النظريات السياسية المألوف في عصره وقد ظل هذا المؤلف مغايراً للتيارات الجوهرية للفكر السياسي الحديث مدة ثلاثة قرون، وقد بدأ ميكافللي في التسلل للتيارات الحديثة في أواخر القرن الثامن عشر وغدا قريبا من السيطرة عليها في القرن التاسع عشر والعشرين.
ربما يكون مكيافللي قد صور الانسان عارياً من ملابسه واقنعته بغرائزه وجبروته كما هو لا كما اسبغت عليه الكتب السياسية والتاريخية وهذا الذي جعل الادب الأوربي يراه كما وصفه ماكولي الكاتب الانكليزي المشهور في مقال ضمته فكرة تقول ان الشيطان قد سمي (نيقولو العجوز) لان نيقولو هو الاسم الاول لميكافللي. وهذه اللعنة انتقلت الى مسرحيات وروايات الادب الاوربي، ففي أحدى أعمال شكسبير (زوجات وندسور المرحات) عندما أطلق على لسان احدى شخصياته قوله: ماذا أأنا مخادع.. أأمكيافللي؟
وكذلك في قول مارتسون في رواية بجماليون وكان أحد المكيافلليين الملعونين يحمل المصباح للشيطان برهة من الزمن.
ومما زاد الطين بلة سياسياً، ان موسوليني قد اختاره في أيام تلمذته موضوعاً لاطروحته التي قدمها للدكتوراه، وكان هتلر يضع الكتاب على مقربة من سريره فيقرأ فيه كل ليلة قبل ان ينام.
ويرى الكثير من نقاد مكيافللي في القرن العشرين انه كان الحديث الأول في ناحيتين على الاقل:
فمن الناحية السلبية لم يؤمن مكيافللي قط بالتقدم وقد توقف الكثيرون من الرجال المعاصرين عن الايمان بذلك.أما من الناحية الايجابية فقد امن بالقومية كما امن بالطريقة العلمية الى الحد الذي حمله على التخلص من الاراء والأفكار الغيبية.إلا أن أفكار مكيافللي لم يكن لها صدى فيما بعد في الولايات المتحدة الامريكية لانها تمجد القوة والسلطة الاحادية ولا تتكلم عن تحديد السلطات.