صفحة 1 من 1

روسيا والصين نحو تأسيس مفاهيم جديدة للقوة والعلاقات الدولية

مرسل: السبت مايو 05, 2012 8:29 pm
بواسطة راشد سعد القحطاني
الاسم / راشد سعد القحطاني .

الرقم الجامعي / 430106599

الرقم التسلسلي / 92


لعل من الواضح ان الظهور الحالي لروسيا والصين على الساحة الدولية يشير الى ان واقعا جديدا اخذ بالبروز ويذكرنا بالواقع الدولي وتطوراته التي حدثت في العلاقات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي صبت في مصلحة المعسكر الغربي و اوروبا الغربية والخصوص التي استطاعت تجاوز بعض اثار مرحلة القطبية الثنائية حين سمحت تلك العلاقات باستعادة المانيا لوحدتها بعد انهيار جدار برلين على اعتبار ان ذلك الجدار نتاج مرحلة الحرب العالميه لذلك كانت شكلا اخر من شكل اشكال الحرب غير المعلنة وقامت على اساس توازن الرعب الذي يعتمد داخليا على التوسع الاقتصادي وسباق التسلح والحروب البديلة التي تخوضها الشعوب بالنيابة عن القوى الكبرى.


وبانهيار الاتحاد السوفيتي تقدمت القوى الغربية على صعيد العالم وأتيح لأميركا والقوى السائرة في ركبها من تحقيق بعض الاهداف الكبرى وإنشاء علاقات جديد عرفت بنظام القطب الواحد او النظام الدولي الجديد والذي حاولت تلك القوى تعميمه عالميا وشهدنا تغيرات واسعة اذ انهارت بعض الانظمة ونشأت انظمة جديدة وامتد الطموحات الى درجة تغيير النظام السياسي في الصين عبر طرح التغيير الجماهيري تقوده القوى الشبابية المتغربة، لكن السلطات الصينية استطاعت تطويق تلك التطورات وحافظت على اهم معالم السياسة الدولية الصينية والقيام بإصلاحات داخلية استجابت الى بعض التطلعات الضرورية دون ان تخل بالمعالم الاساسية للنظام ومنها استمرارية النمو الاقتصادي والذي اهم ركيزة من ركائز السياسة الدولية الصينية، لان القوة الاقتصادية هي العامل الاكثر فعالية في عالم اليوم، حيث ان القوة العسكرية ليست هي القوة الوحيدة التي تمكن الدول للعب ادوار في الساحة الدولية. فمثلا الازمة المالية العالمية التي ظهرت عام 2008 والمخاوف من تطورها لاحقا كان لها اثر كبير في خلق اعتقاد لدى البعض بانتقال القوة بمفهومها الجديد من الولايات المتحدة و اوروبا الى الصين لما يلاحظ من تزايد اهمية الدور الاقتصادي للصين وما يترتب على ذللك من تأثيرات في العلاقات الدولية والحضور الفاعل في الازمات الاقليمية والدولية. وهذا الامر يثير تساؤلا مشروعا حول اهمية القوة العسكرية التقليدية في التطورات الدولية الحالية المتلاحقة.


هذا الواقع الجديد افرز معان جديدة لمفهوم القوة، تجلى في قضيتين من قضايا الشرق الاوسط، هما: الازمة السورية والبرنامج النووي الايراني، حيث ثبت ان الولايات المتحدة رغم امتلاكها القوة التقليدية الهائلة، لم تتمكن من توجيه التطورات في هاتين الساحتين نحو التوائمة مع مصالحها القومية العليا، وهو الهدف الذي يفترض بالقوة ان تؤديه، كما ان اسرائيل التي تكرر التهديد بتوجيه ضربة عسكرية لإيران لا تستطيع الذهاب بعيدا بهذا الاتجاه، وان ما جادت به قرائح المخططين الاستراتيجيين تنفيذ هجوم افتراضي استهدف البنية التحتية الالكترونية للبرنامج النووي الايراني.


وان الثورات الشعبية تعتبر نموذجا ثالثا اشد وضوحا على معالم الوقع السياسي الدولي الحالي فهذه الثورات التي نجحت في كل من مصر وتونس وليبيا الامر الذي دفع هيلاري كلينتون الى القول (ان هذه الثورات خلقت عالما جديدا وعلينا ان نحدد كيف سنتكيف معه).


فمن المعلوم ان الولايات المتحدة عاشت مأزقا كبيرا ففي البداية كانت ميالة الى الوقوف بالضد من هذه الثورات، لكنها في النهاية اضطرت الى القبول بالواقع الجديد وأخرجت من اقبيتها شعارات الديمقراطية التي نسيتها منذ امد ليس بالقصير.


ومن خلال كل التطورات يمكننا ان نلاحظ ان واقعا دوليا جديا اخذ بالتشكل وان ملامحه صارت تبرز الى الظاهر تدريجيا، فكما يبدو ان الصين سجلت حضورا قويا بالواقع الدولي فضلا عن حضورها الاقتصادي وكما ان الاتحاد السوفيتي الذي صار البعض يردد انه تحول الى مجرد تابع للسياسية الأميركية صار يمارس دورا قويا ليس من خلال الاتحاد السوفيتي، بل من خلال روسيا القوية التي غادرت الارث الشيوعي.


لكن هذا الواقع الدولي يحتاج المزيد من التمعن والدراسة العلمية حيث ان هناك من يفهمه على انه خطوة صغير ة جدا باتجاه ظهور اقطاب جديدة وان دراسة طبيعة الواقع الدولي الجديد تحتاج الى تغيير المقولات القديمة لمفاهيم القوة والاسترتيجا لعلنا امام وقع يهز اكثر المفاهيم ثباتا في علم السياسة، ولعلة يشبه من اهنزاز اشد المفاهيم ثباتا في الفيزياء بظهور النظرية النسبية.