- السبت مايو 05, 2012 11:38 pm
#50387
خلفية تاريخية
.قابل الكوريون انتهاء الحرب العالمية الثانية باستسلام اليابان رسمياً بفرح كبير وبأملهم في تقديم دولتهم المستقلة الموحدة ، ولكن ولزيادة غمهم، وجد الكوريون أنفسهم في وسط مسرح الحرب الباردة بين الشرق والغرب وعانوا من التقسيم الوطني. لقد أدى تقسيم البلاد الوطني وتشكيل حكومتين منفصلتين في الجنوب والشمال إلى اندلاع الحرب الكورية (1950-1953).ففي الوقت الذي كانت فيه الحرب الكورية نتاجاً للصراع الفكري الداخلي، فقد تم تفسيرها بواسطة آخرين أنها حرب بالوكالة بين الغرب والكتلة الشيوعية.
لقد تطورت الحرب الكورية على نطاق كبير لتصبح صراعاً دولياً، بحيث شاركت فيها 16دولة من أعضاء الأمم المتحدة مع الشطر الجنوبي، في الوقت الذي انضمت فيه الصين والاتحاد السوفيتي إلى هذا الصراع للوقوف مع حليفتهما كوريا الشمالية. وانتهى الصراع بالتوقيع على اتفاقية الهدنة العسكرية التي أدت إلى إيجاد ما يعرف بالخط الفاصل الذى يقسم الكوريتين بطول 551 ميل.
حديقة لذكرى محاربي الحرب الكورية في واشنطن
وعقب اتفاقية وقف النار، زادت حدة الحرب الباردة والمواجهة في شبه الجزيرة الكورية، وفي هذا المجال طبقت حكومة كوريا الجنوبية سياسة تهدف إلى تحقيق الوحدة مع كوريا الشمالية عن طريق هزيمة الشيوعيين، وفي نفس الوقت، تبنت كوريا الشمالية استراتيجية متشددة دارت حول العمل على نشر الشيوعية في كوريا الجنوبية.
ومنذ بداية السبعينات، تقلصت حدة الحرب الباردة نتيجة محاولات الشطرين الشمالى والجنوبى، التقارب من بعضهما البعض. واستناداً إلى هذه الخلفية، أعلنت سيئول وبيونغ يانغ البيان المشترك في الرابع من يوليو1972 وبدء حوار وتبادلات بصورة محدودة، شمل ذلك محادثات الصليب الأحمر للجنوب والشمال واجتماعات لجان التنسيق الجنوبية والشمالية. وبرغم ذلك برهنت هذه المحاولات على استحالة القضاء على حالة العداء وانعدام الثقة بين الجنوب والشمال، أو حتى بناء الثقة المتبادلة على المستوى السياسي.
في عام 1979، أصبح العالم مرة أخرى على حافة حرب باردة جديدة ظهرت بعد غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان. ونتيجة لذلك تأزمت العلاقات بين الكوريتين، وفي منتصف الثمانينات أدت سياسة الاصلاحات والانفتاح في الاتحاد السوفيتي إلى تسريع الاصلاحات، والانفتاح على أوربا الشرقية الشيوعية. وبدأت الحرب الباردة في الاختفاء ووصلت العلاقات الكورية المشتركة إلى نقطة تحول كبرى.
وكجزء من الجهود للتعامل بفعالية مع الوضع العالمي المتغير الذي ساد في أواخر ثمانينات القرن الماضي، قامت كوريا بسلسلة من الإجراءات كان من ضمنها الإعلان الرئاسي الخاص لاحترام الذات والوطنية والوحدة والازدهار وذلك يوم 7 يوليو من العام 1988، وتأسيس صيغة لمجتمع الوحدة الكورية الوطني والمصادقة على قانون التعاون والتبادل الكوري المشترك، ودعم صندوق التعاون الكوري المشترك. كما تم التوصل لإجراءات أكثر متانة مثل الاتفاقية الأساسية بين الكوريتين عبر الحوار مع كوريا الشمالية. في سنة 1991، انضمت الكوريتان في آن واحد. ويمكن اعتبار ذلك طريقة لتأسيس إطار المصالحة والتعاون بين الكوريتين.
جنود في الحدود في المنطقة العسكرية المنزوعة السلاح بالقرب من مدينة تشولوان
إلا أنه وبالرغم من المساعي الكورية الداخلية لتأسيس إطار عمل لتطوير العلاقات الكورية المشتركة، والتوصل لاتفاقيات هامة بين الكوريتين، لم تتمكن العلاقات الكورية المشتركة من التقدم إلى المستوى التالي، وهو مستوى المصالحة. وكان انسحاب كوريا الشمالية من اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية له تأثير في عودة سمات الحرب الباردة على العلاقات الكورية المشتركة واستعادة حالات الجمود.
وفي الوقت الذي تم فيه التوصل مبدئياً لاتفاق لعقد لقاء قمة سنة 1994، إلا أن الاتفاق لم يتم تنفيذه بعد موت / كيم إيل سونغ المفاجئ. وخلال السنوات الأربع، أجرت كوريا الشمالية سلسلة من التغييرات على النظام الحاكم حيث ظل حق اتخاذ كل القرارات في يد/كيم إيل سونغ. ونتيجة لذلك، أصاب الجمود العلاقات الكورية المشتركة مرة أخرى.كما شهدت تلك الفترة مواجهة كوريا الشمالية للعديد من المصاعب الاقتصادية. كما جرت محاولة لحل أزمة كوريا الشمالية النووية الأولى من خلال بناء مفاعل نووي يعمل بالماء الخفيف على الطريقة الكورية بسعة تبلغ 2 مليون كيلوات في أراضي كوريا الشمالية. كما جرت محادثات يطلق عليها اسم » محادثات الأطراف الأربعة« وذلك كجزء من المساعي لتأسيس نظام سلام دائم في شبه الجزيرة الكورية.
أول لقاء قمة تاريخي بين الجنوب والشمال سنة2000
وبعد تدشين حكومة الرئيس الأسبق/كيم دى جونغ سنة 1988، نفذت الحكومة مشاريع اقتصادية تعاونية ضخمة كجزء من سياستها في الفصل بين القضايا السياسية والاقتصادية، شارك فيها القطاع الخاص. بالإضافة لذلك، دشنت الحكومة مشروع كومكانغ سان السياحي في نوفمبر 1998. ومهدت كل هذه التطورات الطريق لإحداث إنجاز كبير في العلاقات الكورية المشتركة. في يونيو 2000، عقد أول لقاء قمة بين زعيمي الكوريتين منذ التقسيم. وكانت هذه القمة بمثابة دافع لتقديم مساعدات إنسانية ضخمة إلى كوريا الشمالية، كما عقدت العديد من الجولات للم شمل الأسر المشتتة بين الكوريتين. وفي المجال الاقتصادي، بذلت الجهود لإعادة ربط محطتي كيونغجي ودونغهي للسكك الحديدية وإعادة ربط الطرق البرية التي تصل الكوريتين. وأدى تنفيذ مثل هذه المشاريع بعد لقاء القمة الكوري المشترك إلى خفض التوتر بين الكوريتين وتغيير مفهوم كوريا الشمالية عن كوريا الجنوبية.
إلا أنه وبعد قيام كوريا الشمالية بإجراء تجربة نووية في أكتوبر 2006 تأثر الرأي العام الكوري بهذا العمل، كما زاد الانتقاد ضد سياسة الشمس المشرقة. وفي ظل ذلك الوضع تم عقد لقاء القمة الثاني في أكتوبر 2007. إلا أن ذلك اللقاء لم يقدم الكثير لطمأنة الرأي العام فيما يتعلق بالمسالة النووية الكورية الشمالية.
واستناداً على تلك الخلفية تم تدشين حكومة الرئيس/لي ميونغ باك مقترحاً سياسة » رؤية 3000 ونزع الأسلحة النووية والانفتاح«. وقدمت حكومة الرئيس/لي ميونغ باك سياسة التعايش والازدهار المشترك، وهي سياسة قائمة على المصالحة والازدهار مع كوريا الشمالية. واشترطت تلك السياسة حل الأزمة النووية الكورية الشمالية وتأسيس نظام جديد للسلام وبناء الاقتصاد الكوري الشمالي وتكوين المجتمع الاقتصادي الكوري المشترك من خلال التعاون الاقتصادي الهادف لتحقيق الازدهار المشترك وضمان تقديم السعادة للشعب الكوري في شطري شبه الجزيرة الكورية وذلك عن طريق حل القضايا الإنسانية. وسعت حكومة الرئيس/لي ميونغ باك لتحقيق هذه السياسات عن طريق تنفيذ سياستها تجاه الشمال بطريقة تضمن التمسك بالمبادئ الأساسية مع توفير قدر من المرونة في نفس الوقت.
التبادل والتعاون الكوري المشترك
كان الإعلان الرئاسي لتحقيق الوحدة الوطنية والازدهار يوم 7 يوليو 1988 بمثابة بداية التبادلات الكورية المشتركة والتعاون. وخلال لقاء القمة الكورية المشتركة سنة 2000، اتفق الطرفان على عقد اجتماعات وزارية كورية مشتركة وتكوين لجنة التعاون الكورية المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ ثلاثة مشاريع اقتصادية تعاونية وهي بناء مجمع كيسونغ الصناعي وإعادة ربط خطوط سكة الحديد بين الكوريتين ومشروع جبل كومكانغ السياحي وذلك بصورة كاملة.
ولم تساهم التبادلات الكورية المشتركة في توفير فوائد اقتصادية فحسب، بل عملت على خفض التوتر العسكري في شبه الجزيرة الكورية موضحة مدى اعتماد الاقتصاد الكوري الشمالي على كوريا الجنوبية، مع تشجيع التغيير المتدرج في كوريا الشمالية. وتسعى الحكومة لزيادة التبادلات الكورية المشتركة والتعاون كجزء من مساعيها للمساعدة على فتح وتطبيق إصلاحات في كوريا الشمالية. إضافة لذلك، فإن الأساس الفعلي لإعادة التوحيد سيتم تأسيسه من خلال تقوية مجتمع كوري اقتصادي مشترك.
التوترات تتصاعد في شبه الجزيرة الكورية منذ حادث إغراق السفينة الحربية الكورية الجنوبية "تشونان" يوم 26 مارس 2010 في البحر الأصفر مما أدى إلى مقتل 46 بحارا كوريا جنوبيا. وعلى الرغم من نفي كوريا الشمالية أي تورط لها في الحادث ، فإن التحقيقات المتعددة الجنسيات التي تم إجراؤها أظهرت أن غواصة كورية جنوبية هي التي أغرقت تشونان باستخدام صاروخ طوربيد.
الحادث أدى إلى توتر العلاقات بين الكوريتين وتسبب في تجميد كافة التبادلات بين البلدين. وبعد أن كشفت التحقيقات عن تورط كوريا الشمالية في إغراق "تشونان" اتخذ الرئيس لي إجاءات مضادة عرفت باسم "إجراءات 24 مايو" ، وأوقفت حكومة كوريا الجنوبية كافة التبادلات بين الكوريتين ، وكذلك التعاون مع الشمال ، باستثناء العمليات التجارية التي تجري في مجمع جايسونج الصناعي والمساعدات الإنسانية الخالصة للمحرومين في كوريا الشمالية.
يوم 23 نوفمبر 2010 ، أطلقت القوات الكورية الشمالية نحو 170 قذيفة مدفعية وصاروخا على جزيرة يون بيونج دو الكورية الجنوبية بالقب من الحدود البحرية بين الكوريتين ، مما أصاب أهدافا عسكرية ومدنية ، وإلى مقتل جنديين كوريين جنوبيين واثنين من المدنيين وإصابة 15 آخرين كما سبب الهجوم أيضا دمارا كبيرا في الجزيرة ، وهو ما نتج عنه تصعيد إضافي للتوتر في شبه الجزيرة الكورية وإلى موجة إدانة دولية واسعة النطاق للأفعال الكوية الشمالية. وأعلنت الأمم المتحدة أن هذا الحادث يعد من أخطر الحوادث التي تقع منذ نهاية الحرب الكورية.
مجمع كيه سونغ الصناعي
مجمع كيه سونغ الصناعي هو عبارة عن مشروع تعاوني اقتصادي كوري مشترك تم تطويره بواسطة الكوريتين في المدينة الكورية الشمالية الحدودية كيه سونغ في إقليم هوانغ هيه بالقرب من المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح. وطبقاً لاتفاقية بين شركة هيونداي آسان وكوريا الشمالية ، بدأ بناء المشروع يوم 30 يونيو 2003 بعد استشارات رسمية بين الكوريتين.
وبدأ المجمع في العمل في أواخر ديسمبر 2007، بعد اكتمال مرحلة التطوير الأولى وتوزيع المحلات التجارية ويجمع مجمع كيه سونغ الصناعي ما بين رأس المال والتكنولوجيا الكورية الجنوبية والعمالة والأراضي الكورية الشمالية لتحقيق المنفعة المتبادلة.لقد حول المجمع منطقة كانت تشهد مواجهات وتوتر إلى منطقة تنعم بالسلام والمصالحة.
ويمر على طريق كيونجي يومياً حوالي 700 سيارة و1200 موظف من هيئة الإدارة الكورية الجنوبية لعبور المنطقة المنزوعة الأسلحة لبداية نشاط تجاري جديد.وحتى نهاية ديسمبر 2008،تعمل 93 شركة في المجمع. وخلال ذلك العام، أنتجت تلك الشركات بضائع بقيمة 251.42 مليون دولار- منها 36 مليون تقريباً كصادرات.
وزادت قيمة منتجات المجمع لتبلغ 524.8 مليون دولار سنة 2005 ما يوضح زيادة منتجاته وتسويقها. سوف تبذل الحكومة مساعيها على نحو منتظم ، اعتماداً على الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بواسطة الكوريتين، والاستشارة عن قرب مع المسئولين الكوريين الشماليين والشركات ورصد التطورات، حتى تتمكن الشركات من الاستثمار ومواصلة أداء نشاطها التجاري في المجمع.
لم شمل الأسر المشتتة
منذ عام 2000 ، عقدت 18 جولة من لقاءات لم الشمل وسبع جولات من اللقاءات عبر الفيديو ، مما سمح لـ21 ألف شخص باللقاء من جديد مع أفراد أسرهم الذين فقدوا كل الاتصالات بهم منذ نهاية الحب الكورية.
قطعت كوريا الشمالية من جانب واحد قنوات الاتصال بين مسئولي الصليب الأحمر في البلدين عام 2008 ، ولكن الجانبين اتفقا على استئناف لقاءات لم الشمل في محادثات الصليب الأحمر بين الكوريتين عامي 2009 و2010 بمناسبة إجازة عيد الشكر.
جولة أخرى من المحادثات بين الصليب الأحمر للكوريتين من المقرر أن تعقد في نوفمبر 2010 للتعامل مع قضية لم شمل الأسر المنفصلة ولدفع هذه الاجتماعات لكي تعقد بشكل دوي منتظم. إلا أن الاتصالات بين الجنوب والشمال ظلت متوقفة منذ وقوع هجوم كوريا الشمالية على جزيرة يون بيونج ، وتكافح الحكومة الكورية الجنوبية من أجل عقد لقاءات منتظمة للم الشمل في جبل ماونت جيوم جانج سان ، والتي كانت قد بدأت في عام 2008 ، وتدرك الحكومة الكورية الجنوبية جيدا أن معظم الأسر المنفصلة تعاني من كبر السن ووفاة بعض أفرادها كل عام. وتعد قضية الأسر المنفصلة أمرا عاجلا يجب التعامل مع في أسرع وقت ممكن ، وحكومة كوريا الجنوبية تقدم كل أنواع الدعم الكامل لتوفير المعلومات الشخصية عن أعضاء الأسر المنفصلة ومن بينها مصائرهم
.قابل الكوريون انتهاء الحرب العالمية الثانية باستسلام اليابان رسمياً بفرح كبير وبأملهم في تقديم دولتهم المستقلة الموحدة ، ولكن ولزيادة غمهم، وجد الكوريون أنفسهم في وسط مسرح الحرب الباردة بين الشرق والغرب وعانوا من التقسيم الوطني. لقد أدى تقسيم البلاد الوطني وتشكيل حكومتين منفصلتين في الجنوب والشمال إلى اندلاع الحرب الكورية (1950-1953).ففي الوقت الذي كانت فيه الحرب الكورية نتاجاً للصراع الفكري الداخلي، فقد تم تفسيرها بواسطة آخرين أنها حرب بالوكالة بين الغرب والكتلة الشيوعية.
لقد تطورت الحرب الكورية على نطاق كبير لتصبح صراعاً دولياً، بحيث شاركت فيها 16دولة من أعضاء الأمم المتحدة مع الشطر الجنوبي، في الوقت الذي انضمت فيه الصين والاتحاد السوفيتي إلى هذا الصراع للوقوف مع حليفتهما كوريا الشمالية. وانتهى الصراع بالتوقيع على اتفاقية الهدنة العسكرية التي أدت إلى إيجاد ما يعرف بالخط الفاصل الذى يقسم الكوريتين بطول 551 ميل.
حديقة لذكرى محاربي الحرب الكورية في واشنطن
وعقب اتفاقية وقف النار، زادت حدة الحرب الباردة والمواجهة في شبه الجزيرة الكورية، وفي هذا المجال طبقت حكومة كوريا الجنوبية سياسة تهدف إلى تحقيق الوحدة مع كوريا الشمالية عن طريق هزيمة الشيوعيين، وفي نفس الوقت، تبنت كوريا الشمالية استراتيجية متشددة دارت حول العمل على نشر الشيوعية في كوريا الجنوبية.
ومنذ بداية السبعينات، تقلصت حدة الحرب الباردة نتيجة محاولات الشطرين الشمالى والجنوبى، التقارب من بعضهما البعض. واستناداً إلى هذه الخلفية، أعلنت سيئول وبيونغ يانغ البيان المشترك في الرابع من يوليو1972 وبدء حوار وتبادلات بصورة محدودة، شمل ذلك محادثات الصليب الأحمر للجنوب والشمال واجتماعات لجان التنسيق الجنوبية والشمالية. وبرغم ذلك برهنت هذه المحاولات على استحالة القضاء على حالة العداء وانعدام الثقة بين الجنوب والشمال، أو حتى بناء الثقة المتبادلة على المستوى السياسي.
في عام 1979، أصبح العالم مرة أخرى على حافة حرب باردة جديدة ظهرت بعد غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان. ونتيجة لذلك تأزمت العلاقات بين الكوريتين، وفي منتصف الثمانينات أدت سياسة الاصلاحات والانفتاح في الاتحاد السوفيتي إلى تسريع الاصلاحات، والانفتاح على أوربا الشرقية الشيوعية. وبدأت الحرب الباردة في الاختفاء ووصلت العلاقات الكورية المشتركة إلى نقطة تحول كبرى.
وكجزء من الجهود للتعامل بفعالية مع الوضع العالمي المتغير الذي ساد في أواخر ثمانينات القرن الماضي، قامت كوريا بسلسلة من الإجراءات كان من ضمنها الإعلان الرئاسي الخاص لاحترام الذات والوطنية والوحدة والازدهار وذلك يوم 7 يوليو من العام 1988، وتأسيس صيغة لمجتمع الوحدة الكورية الوطني والمصادقة على قانون التعاون والتبادل الكوري المشترك، ودعم صندوق التعاون الكوري المشترك. كما تم التوصل لإجراءات أكثر متانة مثل الاتفاقية الأساسية بين الكوريتين عبر الحوار مع كوريا الشمالية. في سنة 1991، انضمت الكوريتان في آن واحد. ويمكن اعتبار ذلك طريقة لتأسيس إطار المصالحة والتعاون بين الكوريتين.
جنود في الحدود في المنطقة العسكرية المنزوعة السلاح بالقرب من مدينة تشولوان
إلا أنه وبالرغم من المساعي الكورية الداخلية لتأسيس إطار عمل لتطوير العلاقات الكورية المشتركة، والتوصل لاتفاقيات هامة بين الكوريتين، لم تتمكن العلاقات الكورية المشتركة من التقدم إلى المستوى التالي، وهو مستوى المصالحة. وكان انسحاب كوريا الشمالية من اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية له تأثير في عودة سمات الحرب الباردة على العلاقات الكورية المشتركة واستعادة حالات الجمود.
وفي الوقت الذي تم فيه التوصل مبدئياً لاتفاق لعقد لقاء قمة سنة 1994، إلا أن الاتفاق لم يتم تنفيذه بعد موت / كيم إيل سونغ المفاجئ. وخلال السنوات الأربع، أجرت كوريا الشمالية سلسلة من التغييرات على النظام الحاكم حيث ظل حق اتخاذ كل القرارات في يد/كيم إيل سونغ. ونتيجة لذلك، أصاب الجمود العلاقات الكورية المشتركة مرة أخرى.كما شهدت تلك الفترة مواجهة كوريا الشمالية للعديد من المصاعب الاقتصادية. كما جرت محاولة لحل أزمة كوريا الشمالية النووية الأولى من خلال بناء مفاعل نووي يعمل بالماء الخفيف على الطريقة الكورية بسعة تبلغ 2 مليون كيلوات في أراضي كوريا الشمالية. كما جرت محادثات يطلق عليها اسم » محادثات الأطراف الأربعة« وذلك كجزء من المساعي لتأسيس نظام سلام دائم في شبه الجزيرة الكورية.
أول لقاء قمة تاريخي بين الجنوب والشمال سنة2000
وبعد تدشين حكومة الرئيس الأسبق/كيم دى جونغ سنة 1988، نفذت الحكومة مشاريع اقتصادية تعاونية ضخمة كجزء من سياستها في الفصل بين القضايا السياسية والاقتصادية، شارك فيها القطاع الخاص. بالإضافة لذلك، دشنت الحكومة مشروع كومكانغ سان السياحي في نوفمبر 1998. ومهدت كل هذه التطورات الطريق لإحداث إنجاز كبير في العلاقات الكورية المشتركة. في يونيو 2000، عقد أول لقاء قمة بين زعيمي الكوريتين منذ التقسيم. وكانت هذه القمة بمثابة دافع لتقديم مساعدات إنسانية ضخمة إلى كوريا الشمالية، كما عقدت العديد من الجولات للم شمل الأسر المشتتة بين الكوريتين. وفي المجال الاقتصادي، بذلت الجهود لإعادة ربط محطتي كيونغجي ودونغهي للسكك الحديدية وإعادة ربط الطرق البرية التي تصل الكوريتين. وأدى تنفيذ مثل هذه المشاريع بعد لقاء القمة الكوري المشترك إلى خفض التوتر بين الكوريتين وتغيير مفهوم كوريا الشمالية عن كوريا الجنوبية.
إلا أنه وبعد قيام كوريا الشمالية بإجراء تجربة نووية في أكتوبر 2006 تأثر الرأي العام الكوري بهذا العمل، كما زاد الانتقاد ضد سياسة الشمس المشرقة. وفي ظل ذلك الوضع تم عقد لقاء القمة الثاني في أكتوبر 2007. إلا أن ذلك اللقاء لم يقدم الكثير لطمأنة الرأي العام فيما يتعلق بالمسالة النووية الكورية الشمالية.
واستناداً على تلك الخلفية تم تدشين حكومة الرئيس/لي ميونغ باك مقترحاً سياسة » رؤية 3000 ونزع الأسلحة النووية والانفتاح«. وقدمت حكومة الرئيس/لي ميونغ باك سياسة التعايش والازدهار المشترك، وهي سياسة قائمة على المصالحة والازدهار مع كوريا الشمالية. واشترطت تلك السياسة حل الأزمة النووية الكورية الشمالية وتأسيس نظام جديد للسلام وبناء الاقتصاد الكوري الشمالي وتكوين المجتمع الاقتصادي الكوري المشترك من خلال التعاون الاقتصادي الهادف لتحقيق الازدهار المشترك وضمان تقديم السعادة للشعب الكوري في شطري شبه الجزيرة الكورية وذلك عن طريق حل القضايا الإنسانية. وسعت حكومة الرئيس/لي ميونغ باك لتحقيق هذه السياسات عن طريق تنفيذ سياستها تجاه الشمال بطريقة تضمن التمسك بالمبادئ الأساسية مع توفير قدر من المرونة في نفس الوقت.
التبادل والتعاون الكوري المشترك
كان الإعلان الرئاسي لتحقيق الوحدة الوطنية والازدهار يوم 7 يوليو 1988 بمثابة بداية التبادلات الكورية المشتركة والتعاون. وخلال لقاء القمة الكورية المشتركة سنة 2000، اتفق الطرفان على عقد اجتماعات وزارية كورية مشتركة وتكوين لجنة التعاون الكورية المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ ثلاثة مشاريع اقتصادية تعاونية وهي بناء مجمع كيسونغ الصناعي وإعادة ربط خطوط سكة الحديد بين الكوريتين ومشروع جبل كومكانغ السياحي وذلك بصورة كاملة.
ولم تساهم التبادلات الكورية المشتركة في توفير فوائد اقتصادية فحسب، بل عملت على خفض التوتر العسكري في شبه الجزيرة الكورية موضحة مدى اعتماد الاقتصاد الكوري الشمالي على كوريا الجنوبية، مع تشجيع التغيير المتدرج في كوريا الشمالية. وتسعى الحكومة لزيادة التبادلات الكورية المشتركة والتعاون كجزء من مساعيها للمساعدة على فتح وتطبيق إصلاحات في كوريا الشمالية. إضافة لذلك، فإن الأساس الفعلي لإعادة التوحيد سيتم تأسيسه من خلال تقوية مجتمع كوري اقتصادي مشترك.
التوترات تتصاعد في شبه الجزيرة الكورية منذ حادث إغراق السفينة الحربية الكورية الجنوبية "تشونان" يوم 26 مارس 2010 في البحر الأصفر مما أدى إلى مقتل 46 بحارا كوريا جنوبيا. وعلى الرغم من نفي كوريا الشمالية أي تورط لها في الحادث ، فإن التحقيقات المتعددة الجنسيات التي تم إجراؤها أظهرت أن غواصة كورية جنوبية هي التي أغرقت تشونان باستخدام صاروخ طوربيد.
الحادث أدى إلى توتر العلاقات بين الكوريتين وتسبب في تجميد كافة التبادلات بين البلدين. وبعد أن كشفت التحقيقات عن تورط كوريا الشمالية في إغراق "تشونان" اتخذ الرئيس لي إجاءات مضادة عرفت باسم "إجراءات 24 مايو" ، وأوقفت حكومة كوريا الجنوبية كافة التبادلات بين الكوريتين ، وكذلك التعاون مع الشمال ، باستثناء العمليات التجارية التي تجري في مجمع جايسونج الصناعي والمساعدات الإنسانية الخالصة للمحرومين في كوريا الشمالية.
يوم 23 نوفمبر 2010 ، أطلقت القوات الكورية الشمالية نحو 170 قذيفة مدفعية وصاروخا على جزيرة يون بيونج دو الكورية الجنوبية بالقب من الحدود البحرية بين الكوريتين ، مما أصاب أهدافا عسكرية ومدنية ، وإلى مقتل جنديين كوريين جنوبيين واثنين من المدنيين وإصابة 15 آخرين كما سبب الهجوم أيضا دمارا كبيرا في الجزيرة ، وهو ما نتج عنه تصعيد إضافي للتوتر في شبه الجزيرة الكورية وإلى موجة إدانة دولية واسعة النطاق للأفعال الكوية الشمالية. وأعلنت الأمم المتحدة أن هذا الحادث يعد من أخطر الحوادث التي تقع منذ نهاية الحرب الكورية.
مجمع كيه سونغ الصناعي
مجمع كيه سونغ الصناعي هو عبارة عن مشروع تعاوني اقتصادي كوري مشترك تم تطويره بواسطة الكوريتين في المدينة الكورية الشمالية الحدودية كيه سونغ في إقليم هوانغ هيه بالقرب من المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح. وطبقاً لاتفاقية بين شركة هيونداي آسان وكوريا الشمالية ، بدأ بناء المشروع يوم 30 يونيو 2003 بعد استشارات رسمية بين الكوريتين.
وبدأ المجمع في العمل في أواخر ديسمبر 2007، بعد اكتمال مرحلة التطوير الأولى وتوزيع المحلات التجارية ويجمع مجمع كيه سونغ الصناعي ما بين رأس المال والتكنولوجيا الكورية الجنوبية والعمالة والأراضي الكورية الشمالية لتحقيق المنفعة المتبادلة.لقد حول المجمع منطقة كانت تشهد مواجهات وتوتر إلى منطقة تنعم بالسلام والمصالحة.
ويمر على طريق كيونجي يومياً حوالي 700 سيارة و1200 موظف من هيئة الإدارة الكورية الجنوبية لعبور المنطقة المنزوعة الأسلحة لبداية نشاط تجاري جديد.وحتى نهاية ديسمبر 2008،تعمل 93 شركة في المجمع. وخلال ذلك العام، أنتجت تلك الشركات بضائع بقيمة 251.42 مليون دولار- منها 36 مليون تقريباً كصادرات.
وزادت قيمة منتجات المجمع لتبلغ 524.8 مليون دولار سنة 2005 ما يوضح زيادة منتجاته وتسويقها. سوف تبذل الحكومة مساعيها على نحو منتظم ، اعتماداً على الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بواسطة الكوريتين، والاستشارة عن قرب مع المسئولين الكوريين الشماليين والشركات ورصد التطورات، حتى تتمكن الشركات من الاستثمار ومواصلة أداء نشاطها التجاري في المجمع.
لم شمل الأسر المشتتة
منذ عام 2000 ، عقدت 18 جولة من لقاءات لم الشمل وسبع جولات من اللقاءات عبر الفيديو ، مما سمح لـ21 ألف شخص باللقاء من جديد مع أفراد أسرهم الذين فقدوا كل الاتصالات بهم منذ نهاية الحب الكورية.
قطعت كوريا الشمالية من جانب واحد قنوات الاتصال بين مسئولي الصليب الأحمر في البلدين عام 2008 ، ولكن الجانبين اتفقا على استئناف لقاءات لم الشمل في محادثات الصليب الأحمر بين الكوريتين عامي 2009 و2010 بمناسبة إجازة عيد الشكر.
جولة أخرى من المحادثات بين الصليب الأحمر للكوريتين من المقرر أن تعقد في نوفمبر 2010 للتعامل مع قضية لم شمل الأسر المنفصلة ولدفع هذه الاجتماعات لكي تعقد بشكل دوي منتظم. إلا أن الاتصالات بين الجنوب والشمال ظلت متوقفة منذ وقوع هجوم كوريا الشمالية على جزيرة يون بيونج ، وتكافح الحكومة الكورية الجنوبية من أجل عقد لقاءات منتظمة للم الشمل في جبل ماونت جيوم جانج سان ، والتي كانت قد بدأت في عام 2008 ، وتدرك الحكومة الكورية الجنوبية جيدا أن معظم الأسر المنفصلة تعاني من كبر السن ووفاة بعض أفرادها كل عام. وتعد قضية الأسر المنفصلة أمرا عاجلا يجب التعامل مع في أسرع وقت ممكن ، وحكومة كوريا الجنوبية تقدم كل أنواع الدعم الكامل لتوفير المعلومات الشخصية عن أعضاء الأسر المنفصلة ومن بينها مصائرهم