فريدريك راتزل : 1844- 1904
مرسل: الأحد مايو 06, 2012 2:17 am
آمن راتزيل بأفكار داورين في التطور البيولوجي التي كانت سائدة في نهاية القرن التاسع عشر، وضع راتزل صياغته لتحليل قوة الدولة لديه أشبه الداروينية حيث يؤكد أن الدولة لا تثبت حدودها السياسية، وكانت الدولة لديه أشبه بإنسان ينمو فتضيق عليه ملابسه عامًا بعد عام، فيضطر إلى توسيعها، وكذلك ستضطر الدولة إلى زحزحة حدودها السياسية كلما زاد عدد سكاها وتعاظمت مطامحها.
لذلك فعلى الدولة أن لا تعتد بالهدوء، بل لابد أن تنظر إليها إلى حدود زئبقية تتجاوزها وتخترقها كلما اقتضت مصلحتها التوسع، وإن هذه الحدود ظلت وستظل مصدرا للنزاعات والحروب.
فبانطلاقه من فكرة الدولة ككائن حيّ أرسى راتزل الأساس النظري لما عرف بالجيوبوليتيكا العضوية، وهي التي تبرز الصراع والتوسع في إطار من مقولة: "البقاء للأقوى"، فالسياسية الدولية من وجهة نظرها ما هي إلا صراع بين وحدات وكيانات لا يصلح للبقاء منها إلا من قوي فيها.
فالدولة كائن حي عند راتزل، وطالما أن الكائن الحي ينمو ويكبر، فإن الدولة هي الأخرى تنمو وتتوسع، بعبارة أخرى، طالما أن النمو هو ظاهرة طبيعية بالنسبة للكائن الحي، فلا يجوز اعتراض عملية نمو الدولة، فالدولة لا تتقيد بالقيود الجغرافية، وهذه العملية لا تكتمل إلا بتأمين قدر مقبول من القوة، فالقوة عامل محفز للنمو.
وفي هذا يكتب راتزل قائلا: "ينظر إلى الدول خلال كل مراحل تطورها على أنها كائنات عضوية تحافظ بفعل الضرورة على علاقتها بتربة أرضها، ولهذا يجب أن تدرس من وجهة النظر الجغرافية… ولها فإن الدول تبدو ظواهر مكانية يوجهها هذا المكان ويجب أن تقوم الجغرافيا بوصفها ومقارنتها وقياسها، وتدخل الدول في سلسلة ظواهر تطور الحياة لتغذوا الذروة العليا لهذه الظواهر". -الجغرافيا السياسية-
والدولة –عنده- تتحرك في ديناميكية مستمرة حتى تحقق لنفسها متطلبات وجودها، وتضيف إلى قاعدتها الأرضية ما تراه لازما لنموها حتى تختفي من الخريطة السياسية الوحدات غير القادرة على الصراع أو الاستمرار ولا يبقى سوى الأقوى والأكثر قدرة على البقاء والالتهام، وبعد ذلك تبدأ هذه الدول الكبرى في التوسع على حساب بعضها حتى لا تبقى منها سوى دولة كبرى واحدة، فالأرض –عند راتزل-لا تكفي سوى دولة عظمى واحدة.
ويرى راتزل أن عملية التوسع هي استجابة ضرورية لدوافع النمو الاقتصادي للدولة وحاجة سكانها إلى مجالات تنقل عناصر ثقافتهم المتقدمة، وتتداخل مع هذه المقتضيات القوة العسكرية لتلبية ما تتطلبه الحركة من تغير مستمر في حدود الدولة، فكلما نمت قوة الدولة كان ذلك مدعاة لنموها الأرضي.
وقرر راتزل أن أي توقف في الحركة، أو وهن في مرحلة من مراحلها، يعني على الفور أن الدولة لم تعد قادرة على المنافسة، وأنها قد تحولت من الهجوم إلى الدفاع، ومن التوسع إلى الانكماش، وهي بذلك تكون هدفا لدولة أخرى، أكثر قدرة على النمو للاقتراب منها، وبالتالي اختراقها والتهامها بعد ذلك، ومن هذا فإن الوحدات الصغيرة لا تملك خيارات في العيش إلا أن تواجه حتمية الابتلاع.
وبناءًا على ذلك فإن توسع الدولة وتقلصها المكاني عمليتان طبيعيتان مرتبطتان بدورتها الحياتية الداخلية، حيث يحدد راتزل في كتابه "حول قوانين تطور الدولة في المجال" 1901 سبعة قوانين للتوسع نوردها تباعا فيما يلي:
1/. امتداد الدول يتسع وفقا لتطور ثقافتها، فكلما انتشر السكان ومعهم ثقافتهم الخاصة زادت رقعة الأرض الجديدة التي ينتشرون فيها في مساحة الدولة.
2/. إن نمو الدولة يظل مستمرا حتى تصل إلى مرحلة الضم أو الاندماج، وذلك بإضافة أقاليم صغرى إلى رقعتها الأصلية، ويجب أن يتم امتزاج الأرض بمن عليها من السكان إذا ما أريد إتمام عملية هضم واستيعاب المناطق الجديدة.
3/. أن حدود أية دولة هي العضو المغلق لها أو المحيط بها وهذه الحدود لا تحدد مدى ضمانة ولا سلامة الدولة وسيادتها فحسب بل إنها تحدد مدى نموها.
4/. إن الدولة في نموها تسعى إلى امتصاص الأقاليم ذات القيمة السياسية، وهذه قد تكون سهولا وأنهارا أو مناطق غنية بثرواتها المعدنية أو ذات أهمية في إنتاج الغذاء.
5/. إن نماء الدولة عملية لاحقة لنمو سكانها وانتشارهم، هذا النمو والانتشار الذي يجب أن يتم قبل أن تشرع الدولة في التوسع.
6/. إن التوسع الأرضي يأتي للدولة البدائية من الخارج، فالدول ذات المستوى التقدمي الرفيع تحس برغبتها في التوسع لزيادة سكانها ذوي الحالة الطيبة لذلك فهي تغزوا المناطق البدائية وتنقل إليها أفكارها.
7/. إن الاتجاه العام للتوسع ينتقل من دولة لأخرى ثم يتزايد ويشتد.
وقد قال راتزل أن كوكبنا الصغير فيه مساحة كافية لدولة عظمى واحدة فقط، وأكد أن تاريخ العالم ستتحكم فيه الدول الكبيرة التي تشغل مناطق قارية.
وبناءا على هذه القوانين السبع، لاحظ راتزل أن الدول الكبرى تعيش خلال تطورها إحساسا بالميل إلى التوسع الجغرافي في حدود القصوى، والذي يبلغ تدريجيا مستوى الكرة الأرضية.
بالإضافة إلى ما سبق، فقد أشار راتزل إلى ضرورة أن تقوم كل دولة بتطوير قواتها البحرية، فالبحر أهمية كبيرة في نظره وهذا بالذات ما عبر عنه عنوان كتابه " البحر، مصدر قوة الشعوب"، الذي صاغه سنة 1900، حيث يرى أن تطوير الأسطول هو الشرط اللازم للاقتراب من وضع "الدولة العظمى العالمية" "Weltmacht" .
لقد كانت أعمال راتزل بمثابة القاعدة الضرورية لجميع الدراسات الجيوبوليتيكية، فهذه الأعمال تعرض وبصورة مفتوحة من الناحية العلمية، كل المنطلقات التي سترسخ في صلب هذا العلم.
* فريديريك راتزيل : أهم أقطاب الجيوبوليتيكا الألمانية، يعد بمثابة "أب الجيوبوليتيكيا" على الرغم من أنه لم يستخدم ذلك المصطلح في أعماله، وقد سميت دراسة الأهم، والتي رأت النور عام 1897 بـ Politoshe géographie وقد اكمل دراسته في هايد لبرج حيث تتلمذ على يد البروفيسور ايرنست غيكل "الذي كان أول من استخدم مصطلح علم البيئة"، وقد بنيت الرؤية الفكرية لراتزل على التطورية والداروينية، واصطبغت باهتمامه المعبر عنه بوضوح نحو علم الحياة
لذلك فعلى الدولة أن لا تعتد بالهدوء، بل لابد أن تنظر إليها إلى حدود زئبقية تتجاوزها وتخترقها كلما اقتضت مصلحتها التوسع، وإن هذه الحدود ظلت وستظل مصدرا للنزاعات والحروب.
فبانطلاقه من فكرة الدولة ككائن حيّ أرسى راتزل الأساس النظري لما عرف بالجيوبوليتيكا العضوية، وهي التي تبرز الصراع والتوسع في إطار من مقولة: "البقاء للأقوى"، فالسياسية الدولية من وجهة نظرها ما هي إلا صراع بين وحدات وكيانات لا يصلح للبقاء منها إلا من قوي فيها.
فالدولة كائن حي عند راتزل، وطالما أن الكائن الحي ينمو ويكبر، فإن الدولة هي الأخرى تنمو وتتوسع، بعبارة أخرى، طالما أن النمو هو ظاهرة طبيعية بالنسبة للكائن الحي، فلا يجوز اعتراض عملية نمو الدولة، فالدولة لا تتقيد بالقيود الجغرافية، وهذه العملية لا تكتمل إلا بتأمين قدر مقبول من القوة، فالقوة عامل محفز للنمو.
وفي هذا يكتب راتزل قائلا: "ينظر إلى الدول خلال كل مراحل تطورها على أنها كائنات عضوية تحافظ بفعل الضرورة على علاقتها بتربة أرضها، ولهذا يجب أن تدرس من وجهة النظر الجغرافية… ولها فإن الدول تبدو ظواهر مكانية يوجهها هذا المكان ويجب أن تقوم الجغرافيا بوصفها ومقارنتها وقياسها، وتدخل الدول في سلسلة ظواهر تطور الحياة لتغذوا الذروة العليا لهذه الظواهر". -الجغرافيا السياسية-
والدولة –عنده- تتحرك في ديناميكية مستمرة حتى تحقق لنفسها متطلبات وجودها، وتضيف إلى قاعدتها الأرضية ما تراه لازما لنموها حتى تختفي من الخريطة السياسية الوحدات غير القادرة على الصراع أو الاستمرار ولا يبقى سوى الأقوى والأكثر قدرة على البقاء والالتهام، وبعد ذلك تبدأ هذه الدول الكبرى في التوسع على حساب بعضها حتى لا تبقى منها سوى دولة كبرى واحدة، فالأرض –عند راتزل-لا تكفي سوى دولة عظمى واحدة.
ويرى راتزل أن عملية التوسع هي استجابة ضرورية لدوافع النمو الاقتصادي للدولة وحاجة سكانها إلى مجالات تنقل عناصر ثقافتهم المتقدمة، وتتداخل مع هذه المقتضيات القوة العسكرية لتلبية ما تتطلبه الحركة من تغير مستمر في حدود الدولة، فكلما نمت قوة الدولة كان ذلك مدعاة لنموها الأرضي.
وقرر راتزل أن أي توقف في الحركة، أو وهن في مرحلة من مراحلها، يعني على الفور أن الدولة لم تعد قادرة على المنافسة، وأنها قد تحولت من الهجوم إلى الدفاع، ومن التوسع إلى الانكماش، وهي بذلك تكون هدفا لدولة أخرى، أكثر قدرة على النمو للاقتراب منها، وبالتالي اختراقها والتهامها بعد ذلك، ومن هذا فإن الوحدات الصغيرة لا تملك خيارات في العيش إلا أن تواجه حتمية الابتلاع.
وبناءًا على ذلك فإن توسع الدولة وتقلصها المكاني عمليتان طبيعيتان مرتبطتان بدورتها الحياتية الداخلية، حيث يحدد راتزل في كتابه "حول قوانين تطور الدولة في المجال" 1901 سبعة قوانين للتوسع نوردها تباعا فيما يلي:
1/. امتداد الدول يتسع وفقا لتطور ثقافتها، فكلما انتشر السكان ومعهم ثقافتهم الخاصة زادت رقعة الأرض الجديدة التي ينتشرون فيها في مساحة الدولة.
2/. إن نمو الدولة يظل مستمرا حتى تصل إلى مرحلة الضم أو الاندماج، وذلك بإضافة أقاليم صغرى إلى رقعتها الأصلية، ويجب أن يتم امتزاج الأرض بمن عليها من السكان إذا ما أريد إتمام عملية هضم واستيعاب المناطق الجديدة.
3/. أن حدود أية دولة هي العضو المغلق لها أو المحيط بها وهذه الحدود لا تحدد مدى ضمانة ولا سلامة الدولة وسيادتها فحسب بل إنها تحدد مدى نموها.
4/. إن الدولة في نموها تسعى إلى امتصاص الأقاليم ذات القيمة السياسية، وهذه قد تكون سهولا وأنهارا أو مناطق غنية بثرواتها المعدنية أو ذات أهمية في إنتاج الغذاء.
5/. إن نماء الدولة عملية لاحقة لنمو سكانها وانتشارهم، هذا النمو والانتشار الذي يجب أن يتم قبل أن تشرع الدولة في التوسع.
6/. إن التوسع الأرضي يأتي للدولة البدائية من الخارج، فالدول ذات المستوى التقدمي الرفيع تحس برغبتها في التوسع لزيادة سكانها ذوي الحالة الطيبة لذلك فهي تغزوا المناطق البدائية وتنقل إليها أفكارها.
7/. إن الاتجاه العام للتوسع ينتقل من دولة لأخرى ثم يتزايد ويشتد.
وقد قال راتزل أن كوكبنا الصغير فيه مساحة كافية لدولة عظمى واحدة فقط، وأكد أن تاريخ العالم ستتحكم فيه الدول الكبيرة التي تشغل مناطق قارية.
وبناءا على هذه القوانين السبع، لاحظ راتزل أن الدول الكبرى تعيش خلال تطورها إحساسا بالميل إلى التوسع الجغرافي في حدود القصوى، والذي يبلغ تدريجيا مستوى الكرة الأرضية.
بالإضافة إلى ما سبق، فقد أشار راتزل إلى ضرورة أن تقوم كل دولة بتطوير قواتها البحرية، فالبحر أهمية كبيرة في نظره وهذا بالذات ما عبر عنه عنوان كتابه " البحر، مصدر قوة الشعوب"، الذي صاغه سنة 1900، حيث يرى أن تطوير الأسطول هو الشرط اللازم للاقتراب من وضع "الدولة العظمى العالمية" "Weltmacht" .
لقد كانت أعمال راتزل بمثابة القاعدة الضرورية لجميع الدراسات الجيوبوليتيكية، فهذه الأعمال تعرض وبصورة مفتوحة من الناحية العلمية، كل المنطلقات التي سترسخ في صلب هذا العلم.
* فريديريك راتزيل : أهم أقطاب الجيوبوليتيكا الألمانية، يعد بمثابة "أب الجيوبوليتيكيا" على الرغم من أنه لم يستخدم ذلك المصطلح في أعماله، وقد سميت دراسة الأهم، والتي رأت النور عام 1897 بـ Politoshe géographie وقد اكمل دراسته في هايد لبرج حيث تتلمذ على يد البروفيسور ايرنست غيكل "الذي كان أول من استخدم مصطلح علم البيئة"، وقد بنيت الرؤية الفكرية لراتزل على التطورية والداروينية، واصطبغت باهتمامه المعبر عنه بوضوح نحو علم الحياة