منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#50521
الاسم / راشد سعد القحطاني

الرقم الجامعي / 430106599

الرقم التسلسلي / 92


تتسم العلاقات العربية - الإيرانية بطبيعة معقدة ومتشابكة. فالباحث والمهتم بهذه العلاقات يجد صعوبات كثيرة عند دراسته ومتابعته لها نظرا لما في هذه العلاقات من التباسات في جوانب كثيرة تتداخل فيها عوامل الجغرافيا والتاريخ والايديولوجيا والديموغرافيا. وقد انعكست تلك الالتباسات على طبيعة العلاقات العربية الإيرانية وبحسب طبيعة سياسة إيران الخارجية تجاه الدول والقضايا العربية وتأثرها بتلك العوامل والمرتكزات ولكي نقف على طبيعة السياسة الإيرانية تجاه الدول العربية وموقفها من القضايا العربية الاساسية، لابد لنا من معرفة تلك العوامل والمرتكزات وخاصة الاساسية منها المؤثرة في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العرب وقضاياهم.
1- المرتكز الجغرافي :
يعد الموقع الجغرافي من العوامل الاكثر تأثير في صياغة العلاقات السياسية للدول، فالاحداث والتطورات التي تقع بالقرب من تلك الدول تؤثر بصورة مباشرة عليها وتكون سببا اساسيا في تحديد مواقف وسياسات تلك الدول. كما ان الموقع الجغرافي من اهم العوامل المؤثرة والدائمة في سياسة الدول ومن اكثر مقومات الدول ثباتا. وطبقاً لذلك فان موقع إيران الجغرافي يعد من اولى المرتكزات الاساسية المؤثرة في سياسة إيران الخارجية، اذ تقع إيران في الجزء الغربي من قارة اسيا، وتمتلك مساحة كبيرة تبلغ 1.648.000 كم2، شكلت إيران من خلالها مساحة جغرافية متكاملة، انعكست على سياستها الداخلية والخارجية
ويمتاز موقع إيران الجغرافي، بانه من المواقع المفتوحة نحو الخارج، اذ تمتلك إيران سواحل بحرية طويلة يبلغ طولها حوالي 2524 كم، موزعة على اكثر من منفذ بحري فمن جهة الشمال تمتلك إيران ساحل على بحر قزوين يبلغ طوله 630 كم. ومن جهة الجنوب الغربي تطل إيران على الخليج العربي بساحل يبلغ طوله 1180 كم ويعد هذا
الساحل نافذة إيران الرئيسة على العالم الخارجي، اذ تسيطر إيران من خلاله على مضيق هرمز الحيوي الى جانب سلطنة عمان
وتطل إيران من جهة الجنوب على خليج عمان والبحر العربي، بساحل يبلغ طوله حوالي 700 كم وقد كانت لهذه المنافذ البحرية تأثيرات كبيرة على طبيعة العلاقات الإيرانية مع العالم الخارجي، ولاسيما دول الخليج العربي كما شجعها هذا الموقع على الاتصال المباشر مع البحار المفتوحة، وخصوصا من جهة الجنوب، واضاف الى إيران
قوة بحرية من خلال بناء القواعد العسكرية على تلك السواحل ولاسيما سواحل الخليج العربي.

2- المرتكز التاريخي :
يعد العامل التاريخي من العوامل المهمة في سياسات الدول وفي بناء علاقاتها مع الدول الاخرى، فهو يتلازم مع المرتكز الجغرافي في رسم وصياغة سياسات الدول، ويسهم هذا العامل في فهم وتفسير طبيعة الماضي والاستفادة منه في فهم وتقييم الحاضر وكيفية التعامل معه، وتحديد وصياغة وجهات النظر نحو المستقبل. وتاريخ الدولة الفارسية التي برزت منذ القرن السادس قبل الميلاد يعد عاملا مهما في رسم سياسة الدول الفارسية عبر التاريخ. فقد امتدت السيطرة الفارسية من الهند شرقا وحتى اليونان غربا، وكان العراق ممرا للفرس في طريق سيطرتهم على الكثير من المناطق شرقي البحر المتوسط
واصبح العامل التاريخي بالنسبة للدولة الفارسية، اساساً وقاعدة تعتمده السلطة السياسية في بلاد فارس في مواجهة الازمات الداخلية والخارجية، وقاعدة ايضا في منهجية سياسة التوسع الخارجي.
اعتمدت الدولة الفارسية في الكثير من الاحيان ، على مبدأ التعامل الفوقي مع العرب، منطلقة من العامل التاريخي، الذي كان يدفع السلطة السياسية الحاكمة في الدولة الفارسية الى تحديد موقفها من الدول العربية، وخاصة في منطقة الخليج العربي من هذا المنطلق
كانت سياسة بلاد فارس الخارجية تجاه العرب تتسم بروح التوسع والهيمنة والسيطرة العسكرية.

4- المرتكز الديمغرافي :
للمرتكز الديمغرافي او كما يعرف بالتركيب الاثني للمجتمع الإيراني تأثير ايضا في السياستين الداخلية والخارجية لإيران،
لقد ادركت السلطة السياسية في بلاد فارس ولفترات زمنية طويلة، ان استمرار بقاء الدولة الفارسية واستمرار قوتها يكمن بالسيطرة على تلك القوميات، من خلال اخضاعها لتهديد او تحدي خارجي، واثارة شعور الخوف لدى تلك القوميات من خطر بات يهدد الدولة الفارسية، وكثيرا ما كان ذلك التحدي في نظر الفرس هو التهديد القادم من الغرب والمقصود به العرب. وتجسد رد الفعل الفارسي على هذا التهديد من خلال محاولة التوسع والسيطرة على بعض الاراضي العربية المجاورة، حيث اعتمدت السلطة السياسية في بلاد فارس على مبدأ التوسع الخارجي مسوغاً لسياسة التوسع الداخلي، من خلال الهيمنة والسيطرة على القوميات غير الفارسية.
كما استغلت إيران وجود بعض الجاليات الإيرانية في العراق وبعض مناطق الخليج العربي وبدافع اقتصادي، فاخذت تشجع على الهجرة الى تلك المناطق بشتى الوسائل والاساليب، وتحديدا نحو سواحل الخليج العربي، وقد مارست إيران هذه السياسة منذ القرن التاسع عشر واستمرت عليها الى ما بعد النصف الاول من القرن العشرين